عالم اجتماع إيراني: أعداد الناخبين ستنخفض أكثر في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية



أكدت الإحصائيات الرسمية وغير الرسمية أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية الإيرانية انخفضت بشكل أكبر في المحافظات التي شهدت احتجاجات واسعة خلال الانتفاضة الشعبية "المرأة، الحياة، الحرية"، وذلك مقارنة بالانتخابات السابقة.
وأشارت هذه الإحصائيات إلى أن محافظة كردستان، التي كانت أحد المراكز الرئيسة لانتفاضة مهسا جينا أميني عام 2022، بلغت نسبة المشاركة فيها 23 بالمائة، في حين أنها بلغت 37.4 بالمائة خلال الانتخابات الرئاسية السابقة في يونيو (حزيران) 2021.
وقد شهدت كردستان تحت حكم الجمهورية الإسلامية قمع الحريات السياسية، وزيادة التمييز ضد المواطنين الأكراد والسُّنة، والفساد الممنهج للمؤسسات الحكومية والمسؤولين، والمشاكل الاقتصادية، وقتل العتالين، وجميع أنواع الحرمان.
وأوضحت الإحصائيات الرسمية هذه المرة إلى مشاركة 40 في المائة من الناخبين، في محافظة بلوشستان، التي شهدت في انتخابات 2021 مشاركة بنسبة 62.8 في المائة.
وكانت بلوشستان المحافظة الأكثر تهميشًا في العقود الماضية من حيث التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وقد تعرض شعبها، خاصة المواطنين البلوش والسُّنة، لتمييز إضافي في مختلف المجالات، بالإضافة إلى استمرار الأخبار عن مقتل ناقلي الوقود والخسائر في أرواح سكانها؛ بسبب عدم توفر العديد من البنى التحتية الضرورية في هذه المنطقة.
وشهدت بلوشستان أكثر أيام الانتفاضة الشعبية دموية في البلاد، وهو يوم الجمعة الدامي في زاهدان، ومنذ أن قتل عناصر أمن النظام 100 شخص وأصابوا مئات آخرين بوابل من الرصاص في 30 سبتمبر (أيلول) 2022، بدأت أيام الجمعة الاحتجاجية في هذه المدينة واستمرت عدة أشهر.
وفي محافظة كيلان أيضًا، التي كانت أحد مراكز احتجاجات "المرأة، الحياة، الحرية"، أُعلن أن معدل المشاركة في الانتخابات الرئاسية بلغ 32.6 بالمائة، بينما أفادت الإحصائيات الرسمية الخاصة بالانتخابات السابقة عام 2021، بمشاركة 57 بالمائة من سكان هذه المحافظة.
وفي محافظة خوزستان، التي تواجه مشاكل اقتصادية واسعة النطاق وبطالة وأزمات بيئية، على الرغم من موارد الطاقة الهائلة، تظهر بيانات غير رسمية أن 29.6 بالمائة فقط من المواطنين شاركوا في هذه الجولة من الانتخابات، في حين أنه في انتخابات عام 2021 بلغت مشاركة المواطنين 50 بالمائة.
وقد حطمت هذه الانتخابات الرقم القياسي لأدنى نسبة مشاركة في تاريخ نظام الجمهورية الإسلامية، وبحسب الإحصائيات الرسمية للنظام بلغت نسبة المشاركة في هذه الدورة من الانتخابات 39.92 بالمائة، بينما تم كسر الرقم القياسي لأدنى مشاركة بنسبة 48 بالمائة، في الانتخابات الرئاسية السابقة عام 2021.
ويأتي هذا المستوى المتدني غير المسبوق من المشاركة في هذه الانتخابات، على الرغم من الجهود التي بذلها النظام الإيراني لجعل هذه الانتخابات تنافسية وتزكيته لمرشح الحركة الإصلاحية، مسعود بزشكيان، إلا أن العديد من الشخصيات الرئيسة من الإصلاحيين، بمن في ذلك مير حسين موسوي وزهراء رهنورد ومصطفى تاج زاده انضموا إلى حملة مقاطعة هذه الانتخابات.

توجه مسعود بزشكيان وسعيد جليلي إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية، وهما، بحسب نشطاء حقوق الإنسان، لديهما سجل طويل في انتهاك حقوق الإنسان بإيران.
ويسلط هذا التقرير الضوء على علاقة هذين الشخصين بقمع الإيرانيين وسجلهما في مجال انتهاكات حقوق الإنسان.
ومع الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية، صباح اليوم السبت، بلغ إجمالي عدد الأصوات التي تم الإدلاء بها في صناديق الاقتراع 24 مليونًا و535 ألفًا و185 صوتًا، وتوجّه مسعود بزشكيان إلى الجولة الثانية بنحو 10 ملايين و400 ألف صوت، وسعيد جليلي بنحو 9 ملايين و400 ألف صوت، فيما بلغت نسبة المشاركة نحو 40 بالمائة.
إن نظرة في تاريخ هذين الشخصين، اللذين سيتم انتخاب أحدهما رئيسًا قادمًا لإيران، تظهر أن لهما ماضيًا مظلمًا في انتهاك حقوق الإنسان، وقمع المواطنين والشعب الإيراني، وكان الأولى إخضاعهما لمحاكمات ومحاسبة، لا أن يتنافسا لكي يفوز أحدهما بمنصب رئاسة الجمهورية.
مسعود بزشكيان.. المتواطئ مع عمليات القتل والقمع
تولى مسعود بزشكيان مناصب عدة، ومنها تقلده رئيس جامعة تبريز للعلوم الطبية، ونائب وزير الصحة، ثم وزيرًا الصحة، ونائبًا في البرلمان ونائبًا ارئيس البرلمان.
ولعب بزشكيان دورًا في منع توضيح السبب الحقيقي وطريقة قتل المصورة الصحافية، زهرة كاظمي، في مركز للاعتقال، وإخفاء حقيقة مقتلها وتعذيبها، وكان أحد أهم من اجتهدوا لتبييض سمعة النظام، خلال فترة توليه وزارة الصحة.
وحال بزشكيان في هذه القضية دون توضيح الحقيقة، وتحديد الجناة الحقيقيين وراء مقتل هذه الصحافية، التي تحمل الجنسيتين الإيرانية والكندية، من خلال تقديم تقرير كاذب حول السبب الحقيقي لوفاتها.
وذكر بزشكيان دوره في تنفيذ "الثورة الثقافية"، التي تميزت بقمع الأساتذة والطلاب الجامعيين واعتقال الآلاف منهم، في إحدى مقابلاته خلال العقد الأول من الألفية الجديدة، وقال إن الثورة الثقافية بدأت من كلية الطب بجامعة تبريز بعد "طرد اليساريين من الجامعة".
وعارض الاحتجاجات الشعبية، التي اندلعت على خلفية مقتل الشابة الإيرانية، مهسا أميني، على يد شرطة الأخلاق، وهاجم المتظاهرين، قائلًا: "إن ترديدهم شعارات ضد المرشد خامنئي دليل على أنهم أخذوا التعليمات من الخارج وقاموا بهذه الأخطاء".
ووصف هذه الاحتجاجات بأنها "مخطط لها مسبقًا"، و"من عمل العدو"، وحمّل "أميركا وأوروبا" مسؤولية وصول البلاد إلى "مثل هذا الوضع".
وأكد موقع هرانا لحقوق الإنسان أن بزشكيان لديه تاريخ من التمييز بين الجنسين في النظام الطبي الإيراني، وهو انتهاك لحق المرضى في الوصول إلى الرعاية الطبية دون تمييز أو تفريق.
سعيد جليلي والقمع الممنهج للنشطاء السياسيين والمتظاهرين
يعد سعيد جليلي، أحد المقربين من خامنئي، ويعمل في المجلس الأعلى للأمن القومي ومجلس تشخيص مصلحة النظام منذ عشرين عامًا، ويُعرف بأنه أحد المنتهكين الخطيرين لحقوق الإنسان في إيران.
وفي عام 2010، خلال فترة عمله سكرتيرًا للمجلس الأعلى للأمن القومي، تم تنفيذ قرار الإقامة الجبرية بحق مير حسين موسوي وزهرة رهنورد ومهدي كروبي، قادة الحركة الخضراء، الذين قادوا الاحتجاجات الشعبية ضد تزوير انتخابات عام 2009.
وتمت الموافقة على حجب الإنترنت وقطعها من قِبل المجلس الأعلى للأمن القومي في كثير من الحالات، خلال السنوات الأخيرة.
وتطرق موقع "دادكستر" المعروف بموقع "كاشف منتهكي حقوق الإنسان في إيران"، قائمة انتهاكات حرية التعبير والحق في الاحتجاج، ومقتل المدنيين وتعذيب المواطنين المحتجين المعتقلين، إلى دور "جليلي" في قمع الاحتجاجات العامة، وإغلاق وسائل الإعلام، وقتل المدنيين في الشوارع وتعذيبهم على يد قوات الأمن.
كما كان جليلي متورطًا في أحداث القمع، التي شهدتها احتجاجات عام 2009، والتي راح ضحيتها العديد من المواطنين المحتجين على نتائج الانتخابات.
وأعربت منظمة "العدالة من أجل إيران"، في بيان لها، خلال وقت سابق، عن قلقها العميق إزاء الغياب المطلق للمعايير الديمقراطية في عملية الانتخابات الرئاسية في إيران، وأشارت إلى دور سعيد جليلي في قطع الإنترنت خلال احتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2017 كعضو في منظمة المجلس الأعلى للأمن القومي.
وتم حجب تطبيق "تليغرام" خلال الاحتجاجات، التي اندلعت في ديسمبر (كانون الأول) 2017، بأمر من المجلس الأعلى للأمن القومي.
وتحدث جليلي المعروف بانتهاك حقوق الإنسان في إيران، بعد مرور عام على مقتل الشابة الإيرانية مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق، إنها توفيت ولم تُقتل.
وأكد خلال المناظرة التلفزيونية الأخيرة لمرشحي الانتخابات الرئاسية، على حرب الشوارع ضد النساء الرافضات للحجاب الإجباري، مرة أخرى، قائلًا: "طالما أن الحجاب قانون فيجب تنفيذه".

أشار النائب السابق في البرلمان الإيراني، حسين نقوي حسيني، إلى انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية المبكرة، وقال: "كنا نظن أن نسبة المشاركة ستتخطى 50%، لكن لم تتخطَ 40%. المواطنون أصبحوا لا يعترفون بالإصلاحيين والأصوليين".

ذكر تقرير مركز تشاتام هاوس البحثي، أن نتيجة الانتخابات الإيرانية يمكن أن يكون لها تأثير عميق على العلاقات الخارجية للنظام الإيراني، بما فيها مع الدول الأخرى، خاصة علاقته مع روسيا.
وخلق حادث تحطم مروحية "إبراهيم رئيسي" في 19 مايو (أيار) الماضي، والذي أدى إلى مصرع شخصيتين رئيستين في العلاقات بين إيران وروسيا (رئيس الجمهورية ووزير الخارجية)، تغييرًا غير متوقع في المشهد السياسي الإيراني.
وكان الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، من الداعمين الرئيسين للتقارب مع روسيا، وتُوفيّ الاثنان قبل أن يتمكن البلدان من إضفاء الطابع المؤسسي على علاقتهما في شكل اتفاقية شراكة جديدة طويلة الأجل.
وقد أثار هذا الحدث أسئلة مهمة حول مستقبل العلاقات الإيرانية- الروسية. فهل سيسعى الرئيس القادم لإيران إلى تطوير العلاقات مع روسيا بالقوة نفسها، أم أن التغييرات سترسم مساراً جديداً لسياسة إيران الخارجية؟
وأوضح مركز أبحاث تشاتام هاوس، في تقرير له، أنه يبدو أن الاتجاه العام للعلاقات بين طهران وموسكو سيظل دون تغيير.
وأكد كل من الرئيس بالإنابة، محمد مخبر، والقائم بأعمال وزير الخارجية بالإنابة، علي باقري كني، الطبيعة الاستراتيجية طويلة المدى للعلاقات بين إيران وروسيا.
ويظهر هذا الموقف أنه لن يكون هناك تغيير كبير في سياسة طهران الخارجية تجاه روسيا، أقله على المدى القصير، لكن نظرة دقيقة على مواقف المرشحين الرئيسين في السباق الرئاسي تظهر صورة مختلفة.
وركزت الحملات الانتخابية لستة مرشحين، في الأسبوعين الأخيرين، على الأولويات التي ترتبط مباشرة بتحسن الوضع الاقتصادي في إيران ورفع العقوبات.
ويشير هذا النهج إلى أن العلاقة الخاصة مع موسكو، التي سعى إليها "رئيسي"، قد تكون أقل أولوية على جدول أعمال الحكومة المقبلة.
حالة العلاقة بين روسيا وإيران
إن قرار التقارب أكثر من روسيا، في 2020- 2021، اتُخذ على مستوى عالٍ من قِبل المرشد الإيراني علي خامنئي، لكن حتى هذا القرار لا يشكل ضمانة لاستمرار العلاقات مع روسيا في الاتجاه الذي خطط له "رئيسي".
ومن الممكن أن يؤدي تغيير موقف الرئاسة إلى إعادة النظر في هذه الاستراتيجية؛ خاصة إذا كانت مصلحة إيران تقتضي ذلك.
والعلاقات الحالية بين طهران وموسكو واسعة للغاية، وتشمل تنسيق المواقف وتبادل المعلومات حول مختلف القضايا الدولية، بما في ذلك البرنامج النووي الإيراني، والحرب في سوريا، والوضع في منطقة بحر قزوين، والاتجاهات السياسية والأمنية في أفغانستان، وغيرها من الملفات الإقليمية.
وتلعب إيران أيضًا دورًا مهمًا في أسواق النفط والغاز، وقد قامت روسيا ببناء أول محطة للطاقة النووية في الشرق الأوسط في إيران.
وبعد الغزو الروسي لأوكرانيا، أصبحت إيران موردًا مهمًا للأسلحة لروسيا.
كما تلعب إيران دورًا رئيسًا في خطط إنشاء ممر نقل بين الشمال والجنوب للالتفاف على العقوبات الغربية المفروضة على روسيا.
ولم تقم إيران بتعليم روسيا كيفية التحايل على العقوبات فحسب، بل عملت أيضاً كأداة للقيام بذلك.
ويمكن لطهران أن تتحدى المصالح الروسية في إيران من خلال تقليص سرعة التعاون في بعض المجالات، مثل توريد الأسلحة أو تطوير الممر بين الشمال والجنوب.
الأزمة الاقتصادية في إيران
إن الأزمة الاقتصادية والعقوبات هما التحديان الرئيسان اللذان سيواجههما الرئيس الإيراني القادم.
ومع انتهاء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية عام 2024، وصل مسعود بزشكيان وسعيد جليلي إلى الجولة الثانية، لكن في الأسبوعين الأخيرين، وعد جميع المرشحين الرئاسيين، بغض النظر عن آرائهم السياسية، بتحسين الاقتصاد وإنهاء ضغوط العقوبات.
ولم يطالب جليلي بإلغاء العقوبات فحسب، بل طالب أيضًا الدول التي فرضت هذه العقوبات بتقديم اعتذار لإيران.
وفي المقابل، انتقد بزشكيان صراحة استراتيجية "التوجه نحو الشرق" التي تنتهجها إيران، ودعا إلى انفتاح البلاد تجاه الغرب وخفض التوتر مع الولايات المتحدة.
ويظهر هذا الاختلاف في وجهات النظر أن السياسة الخارجية لإيران، بما في ذلك العلاقات مع روسيا، يمكن أن تتأثر بنتائج الانتخابات.
وكما أشار بعض المحللين، فإن سياسة "التوجه نحو الشرق"، التي تنتهجها طهران، لم توفر سوى فرص اقتصادية محدودة لم تكن كافية لتعويض التأثير السلبي للعقوبات، والآن أصبحت هذه الحقيقة واضحة للعديد من السياسيين.
وربما يفرض إلغاء العقوبات وتحسين العلاقات مع الغرب، على طهران، إعادة النظر في علاقاتها مع روسيا، على الرغم من أن هذا التغيير قد لا يكون فوريًا؛ حيث تدرك موسكو ذلك وتتصرف وفقًا له.
وحاول "الكرملين" تأجيل المناقشات حول اتفاق ثنائي طويل الأمد بين طهران وموسكو، بعد وفاة "رئيسي"، مشيرًا إلى الحاجة إلى رؤية نتيجة الانتخابات الرئاسية الإيرانية.
ويمكن تفهم حيطة وحذر "الكرملين"؛ لأنه لم يكن كل المرشحين مهتمين بالعمل بشكل وثيق مع موسكو خلال حملاتهم الانتخابية؛ حيث عارض المرشح الإصلاحي، مسعود بزشكيان، اعتماد طهران الأحادي الجانب على التعاون مع روسيا والصين.
ويعتقد أن السياسات الكاملة للعلاقات الخارجية الإيرانية لن يتم الكشف عنها إلا بعد رفع العقوبات وإنشاء سياسة متعددة الأطراف تتطلب التفاعل مع الغرب.
كما أن العديد من المحافظين أشاروا إلى أن هذه السياسة لم تحقق نتائج ملموسة في تحسين الوضع الاقتصادي بإيران، بل على العكس من ذلك، فإن مساعدة روسيا في حرب أوكرانيا لم تؤدِ إلا إلى زيادة عبء العقوبات على طهران.

انتهت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في إيران، مسجلةً أدنى نسبة مشاركة تاريخيًا، على الرغم من الدعاية المكثفة ومشاركة التيارين الإصلاحي والأصولي، بانتظار جولة جديدة ستُعقد يوم الجمعة المقبل بين مسعود بزشكيان وسعيد جليلي.
وبدأت عملية التصويت في عموم إيران لانتخاب خليفة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، عند الساعة الثامنة من صباح أمس، الجمعة.
وأدلى المرشد علي خامنئي بصوته أمام الصحافيين، في الدقائق الأولى من عملية التصويت، وقال إن "استمرارية واستقرار وكرامة نظام الجمهورية الإسلامية في العالم يعتمد على حضور الناس".
لكن مع الإعلان الرسمي لنتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية صباح اليوم، بلغ إجمالي عدد الأصوات التي تم الإدلاء بها في صناديق الاقتراع 24 مليونًا و535 ألفًا و185 صوتًا، وتوجّه مسعود بزشكيان إلى الجولة الثانية بنحو 10 ملايين و400 ألف صوت، وسعيد جليلي بنحو 9 ملايين و400 ألف صوت، فيما بلغت نسبة المشاركة نحو 40 بالمائة.
وقال المتحدث باسم لجنة الانتخابات في وزارة الداخلية الإيرانية، محسن إسلامي، للصحافيين: "لم يتمكن أي من المرشحين من الحصول على الغالبية المطلقة من الأصوات" في الجولة الأولى، ومِن ثمّ سيتواجه "المرشحان الأول والثاني" في جولة ثانية.
ويشترط القانون الإيراني أن يحصل الفائز على أكثر من 50 بالمائة من مجموع الأصوات المُدلى بها، وإذا لم يحدث ذلك، يخوض أكثر مرشحين اثنين فوزًا بالأصوات في السباق، جولة إعادة بعد أسبوع.
وأعلن المرشح الأصولي، محمد باقر قاليباف، الذي استُبعد من السباق الانتخابي، بعد حصوله على نحو 3 ملايين و383 ألف صوت، في بيان له، دعمه لـ "سعيد جليلي"، في جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة في إيران.
وأثارت نسبة المشاركة المنخفضة، العديد من ردود الفعل الداخلية والخارجية؛ حيث قال أمين عام حزب كوموله الكردستاني، عبدالله مهتدي، تعليقًا على ذلك: "رغم الجهود التي بذلها النظام الإيراني، فإن نسبة المشاركة كانت منخفضة للغاية في مناطق كثيرة من إيران؛ وقد أشارت التقارير في كردستان إلى أن نسبة مشاركة الشعب كانت أقل من 10 بالمائة، وهو ما يشكل فشلًا أخلاقيًا ومعنويًا كبيرًا للنظام".
وكتب السجين السياسي الإيراني السابق، حسين رزاق، على منصة "X"، مشيرًا إلى انخفاض مشاركة الشعب في الانتخابات الرئاسية (40 بالمائة): "كان الفائز المؤكد في هذه الانتخابات هو المقاطعة والمقاومة المدنية للشعب الإيراني بنسبة عالية جدًا من الأصوات (60 بالمائة)".
ونظّم الإيرانيون المقيمون في دول مثل: أستراليا وألمانيا وبريطانيا ونيوزيلندا، في يوم الانتخابات، مسيرات ووقفات احتجاجية أمام قنصليات إيران ومراكز الاقتراع.. واصفين انتخابات النظام بأنها مسرحية، ودعوا المواطنين في الداخل إلى مقاطعتها وعدم الاغترار بالدعاية الحكومية.
ويمثل مسعود بزشكيان التيار الإصلاحي الداعي إلى حل المشاكل بين إيران والدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، وقد شغل مناصب كثيرة، منها تولي وزارة الصحة في حكومة الرئيس الأسبق، محمد خاتمي، ومثّل مدينة تبريز عدة مرات في البرلمان.
أما جليلي فيعتبر من المحافظين المتشددين المعادين للتقارب مع الدول الغربية، وهو واحد من الممثلين للمرشد علي خامنئي في المجلس الأعلى للأمن القومي.
وسبق أن ترشح جليلي للانتخابات الرئاسية في 2013، ومجددًا عام 2017، لكنه انسحب لدعم الرئيس إبراهيم رئيسي، الذي تُوفي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر، الشهر الماضي.