الخارجية الإيرانية تؤكد السعي لاتفاق مع أميركا "رغم انعدام الثقة"

قال نائب وزير الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، إن الولايات المتحدة ترسل إلى طهران رسائل متناقضة بشأن المفاوضات النووية، عبر دول وسيطة.

قال نائب وزير الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، إن الولايات المتحدة ترسل إلى طهران رسائل متناقضة بشأن المفاوضات النووية، عبر دول وسيطة.
وأوضح خطيب زاده، الثلاثاء 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، خلال زيارة إلى أبوظبي، أن إيران تسعى إلى "اتفاق نووي سلمي"، لكنها "لن تساوم على أمنها القومي".
وتتهم الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون وإسرائيل، طهران بأنها تستخدم برنامجها النووي كغطاء لمحاولات تطوير قدرات إنتاج سلاح نووي، فيما تؤكد إيران أن برنامجها النووي مخصص فقط لأغراض سلمية.
وأشار التقرير إلى أن طهران وواشنطن عقدتا قبل اندلاع الحرب التي استمرت 12 يومًا بين إيران وإسرائيل في يونيو (حزيران) الماضي، خمس جولات من المفاوضات النووية، لكن الولايات المتحدة انضمت إلى الحرب عبر قصف مواقع نووية إيرانية رئيسية.
واتّهم خطيب زاده واشنطن مجددًا بأنها "خانَت الدبلوماسية"، مؤكدًا أن بلاده لم تتخلَّ عن المسار التفاوضي، "لكن ليس نحن من يجب أن يثبت حسن نيّته".
ونقلت وسائل إعلام إيرانية يوم 10 نوفمبر عن خطيب زاده، خلال زيارته إلى اليابان، قوله: "في ظل غياب الثقة الحالي، رسمَ علي خامنئي الخطوط العريضة، ونحن سنواصل السير ضمن هذا الإطار".
ووصف نائب وزير الخارجية الإيراني تفعيل الدول الأوروبية الثلاث لآلية الزناد بأنه "خطأ جسيم" و"غير قانوني".
وفي سياق متصل، صرّح وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في وقت سابق من هذا الشهر، بأنّ المسؤولين في طهران لا يرون حاليًا "أي إمكانية" للتفاوض مع الولايات المتحدة، مرجعًا ذلك إلى "غياب أي نهج إيجابي أو بنّاء من واشنطن".
وأضاف عراقجي: "في حال استعداد الجانب الأميركي لمفاوضات على أساس المساواة، من أجل اتفاق يعود بالنفع على الطرفين، فإن إيران يمكن أن تنظر في ذلك".
وكان علي خامنئي، قد وصف في تصريحات سابقة الحوار مع الولايات المتحدة بأنه "عديم الفائدة وضار"، وأعلن حظر أي مفاوضات مع واشنطن.
وفي المقابل، قال دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة، يوم 6 نوفمبر، خلال لقائه بزعماء آسيا الوسطى، إن إيران خاطبت البيت الأبيض لمعرفة ما إذا كانت العقوبات يمكن رفعها، مضيفًا أنه منفتح على هذه المطالب، وهناك "إمكانية حقيقية لرفع العقوبات".
وكان ترامب قد صرّح في وقت سابق بأنه على استعداد لرفع العقوبات عن طهران إذا "أظهرت سلوكًا سلميًا وتخلّت عن أنشطتها المهدِّدة".
وفي مطلع هذا الشهر، نشر الحساب الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية باللغة الفارسية على منصة "إكس" أن "الولايات المتحدة ما تزال ملتزمة بتعزيز الدبلوماسية والمساءلة ودعم تطلعات الشعب الإيراني نحو مستقبل أكثر إشراقًا".

وصف جون هيرلي، معاون وزير الخزانة الأميركي لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، النظام الإيراني بأنه "وحش ذو أذرع متعددة" ومصدر عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، داعيًا المجتمع الدولي إلى زيادة الضغط على طهران.
وفي مقابلة مع صحيفة "ذا ناشيونال"، قال هيرلي: "رأس هذا الوحش في طهران، وأذرعه هي وكلاؤها الذين ينشرون الفوضى والإرهاب في المنطقة".
وقد وصل هيرلي اليوم الثلاثاء 4 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، في أول جولة رسمية له بالشرق الأوسط بعد تسلّمه منصبه الجديد، إلى الإمارات العربية المتحدة، على أن تشمل جولته كذلك إسرائيل وتركيا ولبنان.
وقال إن الهدف من الجولة هو تعزيز مسار خطة السلام التي يقودها الرئيس دونالد ترامب بشأن غزة، والتعاون مع دول الشرق الأوسط من أجل زيادة الضغط على النظام الإيراني وقطع مصادر تمويل الميليشيات التابعة له.
وأضاف هيرلي، الذي يشرف على تطبيق العقوبات في وزارة الخزانة، أن "تحت قيادة الرئيس ترامب، تتاح فرصة حقيقية للسلام والازدهار، إذا ركّزنا على جذر المشكلة في المنطقة، أي النظام الإيراني".
وزير خارجية عمان: إسرائيل هي مصدر التوتر وليس إيران
في المقابل، كان بدر البوسعيدي، وزير الخارجية العماني، قد صرّح في 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2025 بأن إسرائيل هي مصدر الاضطراب الأساسي في المنطقة، داعيًا الدول الخليجية إلى التعامل مع طهران بدل عزلها.
ورغم هذه المواقف، شدّد هيرلي على ضرورة التزام الدول بعقوبات الأمم المتحدة ضد إيران، للضغط على النظام الإيراني من أجل نزع سلاحه النووي والمضي نحو مستقبل سلمي.
ومع تفعيل آلية الزناد من قبل بريطانيا وفرنسا وألمانيا في 27 سبتمبر (أيلول) 2025، أعيد فرض جميع العقوبات الشاملة للأمم المتحدة على النظام الإيراني.
وقال هيرلي: "العديد من الدول لا تعترف بالعقوبات الأميركية الأحادية، لكنها تلتزم بعقوبات الأمم المتحدة، وبالتالي فإن تفعيل الآلية يمنحنا فرصة لمضاعفة الضغط على إيران".
وأكد أن إدارة ترامب بعد عودتها إلى الحكم أصبحت أكثر جدية في تطبيق سياسة "الضغط الأقصى" على إيران.
الهجمات على المنشآت الإيرانية والمفاوضات المعلّقة
وأشار هيرلي إلى أن ترامب، الذي كان قد انسحب من الاتفاق النووي خلال ولايته الأولى، أجرى خمس جولات تفاوضية مع طهران بوساطة عمان بعد عودته إلى البيت الأبيض.
لكن قبل الجولة السادسة من المحادثات، نفذت إسرائيل هجومًا مفاجئًا استهدف منشآت نووية وعسكرية داخل إيران، بينما هاجمت القوات الأميركية ثلاثة مواقع نووية إيرانية خلال حرب استمرت 12 يومًا.
ورغم أن ترامب أعلن أن الهجمات دمّرت البرنامج النووي الإيراني بالكامل، فإن حجم الأضرار الفعلية ما يزال غير واضح.
وقال هيرلي في تصريحاته: "عندما تتعامل مع أنظمة عدوانية مثل طهران أو موسكو، فإن استراتيجية الرئيس ترامب تقوم على الاستمرار في الضغط حتى يتغير السلوك".
وأوضح أن النفط يمثل نقطة الضغط المشتركة على كل من إيران وروسيا، مشيرًا إلى أن العقوبات أثرت على أسعار النفط وصادراته الإيرانية، مضيفًا: "المؤشر الأساسي هو حجم صادرات النفط الإيرانية وسعر بيعها، وقد شهدنا انخفاضًا ملموسًا في الكميات".
وذكرت وكالة "رويترز" الأسبوع الماضي أن الخصومات التي تقدمها إيران للصين في أسعار النفط بلغت أعلى مستوى منذ أكثر من عام، إذ عُرض النفط الإيراني الخفيف بخصم يتجاوز 8 دولارات للبرميل، مقارنة بـ6 دولارات في سبتمبر و3 دولارات في مارس.
كما انخفضت صادرات النفط الإيراني إلى الصين في سبتمبر إلى نحو 1.2 مليون برميل يوميًا، وهو أدنى مستوى منذ مايو الماضي، لتشكّل نحو 14 في المائة من واردات الصين.
وقال هيرلي إن إحدى أولويات إدارة ترامب هي تجفيف منابع التمويل عن الجماعات التابعة لإيران، مثل حماس، حزب الله، الحوثيين، والميليشيات العراقية.
وأوضح أن زيارته إلى إسرائيل في 3 نوفمبر 2025 ركزت على سبل الحفاظ على سياسة الضغط الأقصى على إيران وحثّها على اتباع نهج أكثر سلمية تجاه المنطقة.
كما أعرب عن أمله في أن يتخذ العراق ولبنان خطوات أكثر جدية لوقف النفوذ الأجنبي في أراضيهما.

أفاد "راديو إسرائيل" بأن النظام الإيراني يقوم بتسليح ميليشيات شيعية في العراق وتجهيزها لمواجهة محتملة مع إسرائيل.
ونقل التقرير عن مصادر عراقية مطّلعة أن طهران، بعد الضربات التي تلقّاها ما يُعرف بـ"محور المقاومة" المدعوم من إيران في لبنان وسوريا وغزة، تسعى إلى نقل مركز ثقل نفوذها العسكري نحو الميليشيات العراقية.
وبحسب التقرير، فقد ازداد دعم النظام الإيراني لهذه المجموعات في الآونة الأخيرة، مع تركيز خاص على تزويدها بأسلحة أكثر تطورًا.
وقالت المصادر إن إيران تُدرّب حاليًا قواتها الوكيلة في العراق للتحرك ضد إسرائيل في حال تجددت المواجهات.
وكان موقع "والا" الإسرائيلي قد ذكر في 31 أكتوبر (تشرين الأول) أن الجيش الإسرائيلي وجهاز الموساد يستعدان لمواجهة تهديد متصاعد من الميليشيات المدعومة من إيران في العراق.
كما أشارت صحيفة "جيروزالِيم بوست" في الوقت نفسه إلى أن طهران خصصت موارد كبيرة لتعزيز الميليشيات التابعة لها، و"بناء بنى تحتية إرهابية" في العراق تمكّنها من شن هجمات جوية وبرية ضد إسرائيل "عندما يصدر الأمر".
ولم تتدخل الميليشيات العراقية في الحرب التي استمرت 12 يومًا، نتيجة ضغط الحكومة المركزية في بغداد والتهديدات الأميركية والإسرائيلية.
ونقلت المصادر العراقية لراديو إسرائيل أن تلك الميليشيات تخشى بشدة من الضربات الإسرائيلية والأميركية، لكنها في المقابل أصبحت أقوى من الجيش العراقي نفسه.
وأضافت المصادر أن هذه المجموعات تلتزم بأوامر "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني، الذي يسلّحها ويدرّبها، ولا تعير اهتمامًا يُذكر لتوجيهات رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.
وفي 3 نوفمبر (تشرين الثاني)، قال السوداني ردًا على سؤال حول تصاعد الدعوات الدولية لنزع سلاح القوى التابعة لإيران في المنطقة، ومن ضمنها حزب الله، إن وضع العراق يختلف عن لبنان، مؤكدًا أنه "لا يمكن لأي طرف أن يجرّ بغداد إلى الحرب أو المواجهة".
أما الانتخابات البرلمانية العراقية المقررة في 11 نوفمبر، فقد تحوّلت إلى ساحة تنافس محتدم بين السوداني والميليشيات وحلفائهم في طهران.
وكانت صحيفة "المدى" العراقية قد ذكرت في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أن عشرين حزبًا وقائمة انتخابية تمثل "جماعات مسلحة" أو قوى سياسية تمتلك "أذرعًا عسكرية" مدعومة من إيران، ستشارك في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وختم "راديو إسرائيل" تقريره بالقول إن هناك شكوكًا كبيرة في أن تفضي نتائج الانتخابات إلى تطبيق حقيقي لقانون حصر السلاح بيد الدولة.

حذّرت منظمة "جي ستريت"، وهي منظمة ليبرالية مؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة، في تقرير جديد من أن اندلاع حرب ثانية بين النظام الإيراني وإسرائيل ليس احتمالاً فحسب، بل من المرجّح أن تكون أشدّ عنفاً، نظراً إلى استعدادات الطرفين للمواجهة المقبلة.
وجاء في التقرير، الذي نُشر يوم الاثنين 3 نوفمبر (تشرين الثاني)، أنه "في ظل غياب اتفاق مكتوب أو وقف إطلاق نار رسمي، فإن استمرار الهدوء يعتمد إلى حدّ كبير على قدرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على ثني رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن شنّ عمل عسكري؛ وهو نهج قد يكون فعّالاً فقط على المدى القصير".
وبحسب التقرير، "يشير مسؤولون إسرائيليون في جلسات خاصة إلى الحرب التي استمرت 12 يوماً بوصفها الحرب الأولى مع إيران، ويعتقدون أن الجولة المقبلة ستركّز على استهداف البرنامج الصاروخي والبنية الحاكمة في إيران بشكل أكثر هجومية. ومن الجهة المقابلة، من غير المرجّح أن تُفاجأ طهران مرة أخرى".
وقال سعيد خطيب زاده، مساعد وزير الخارجية الإيراني، في الثاني من نوفمبر، إن طهران تسعى لتجنّب اندلاع حرب جديدة في المنطقة، لكن احتمال نشوب حرب جديدة بين النظام الإيراني وإسرائيل "مرتفع جداً".
وفي اليوم نفسه، وصف "معهد الدراسات والتحليلات الدفاعية" في الهند، في تقرير له، وقف إطلاق النار في الحرب التي استمرت 12 يوماً بأنه "هشّ ويتداعى".
كما كان علي لاريجاني قد أعلن في 22 أغسطس (آب) أن الحرب بين النظام الإيراني وإسرائيل "لم تنته بعد"، وأن مسؤولي النظام الإيراني "يجب أن يبقوا في حالة استعداد دائم".
وأوصت "جي ستريت" في تقريرها بأن يوجّه أنصار الدبلوماسية تحذيراً لإيران بشأن استمرار تصعيدها النووي وردّها المفرط على آلية الزناد (آلية إعادة فرض العقوبات)، مع التذكير بالمخاطر الطويلة الأمد المترتبة على إبقاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعيدة عن إيران.
ويرى معدّو التقرير أن تصعيد إيران النووي الانتقامي هو أحد الأسباب الرئيسة التي تجعل العودة إلى اتفاق 2015 النووي مستحيلة، وأن التقدّم الذي أحرزته طهران في مجال البحث والتطوير النووي أفرغ جزءاً كبيراً من القيمة الأصلية لذلك الاتفاق بالنسبة للغرب. لذلك فإن أي محاولة لاستخدام البرنامج النووي الإيراني كورقة ضغط لن تؤدي إلا إلى زيادة التوتر وإضعاف الدبلوماسية.
ووفقاً لما جاء في التقرير، فإن دعم اتفاق جديد مع إيران ما زال ممكناً، لكن لا بد من الإقرار بأن هذا الاتفاق يجب أن يختلف عن الاتفاق النووي السابق، وأن أي اتفاق مستقبلي ينبغي أن يُبنى على العناصر والدروس المستفادة من تجربة الاتفاق النووي المبرم عام 2015، بحيث يتضمّن التزامات نووية إيرانية مقابل تخفيف العقوبات.
وتوضح المنظمة أن أي اتفاق جديد يجب أن يأخذ في الحسبان التطوّر النووي الإيراني، بما في ذلك في المجال العسكري المحتمل، وأن يشمل كذلك القضايا المرتبطة بالصراع بين إيران وإسرائيل، مثل البرنامج الصاروخي الإيراني والفصائل الموالية للنظام الإيراني.
وأكدت "جي ستريت" أن على دول جديدة، مثل دول مجلس التعاون الخليجي، أن تُضمّ إلى هذه العملية، بما يمهّد الطريق نحو اتفاق أكثر شمولاً.

قال وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، إن حزب الله اللبناني يواصل جهوده لإعادة بناء وتجديد تسليحه، بدعم من النظام الإيراني. وأضاف أن إسرائيل "لا يمكنها أن تدفن رأسها في الرمال" إزاء مساعي حزب الله لإعادة بناء قدراته العسكرية.
وأوضح ساعر: "نؤكد عزمنا على توسيع دائرة السلام في الشرق الأوسط".
وفي أعقاب هذه التحذيرات، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اجتماعًا أمنيًا مصغرًا بشأن لبنان، مساء الخميس 30 أكتوبر (تشرين الأول).
وذكرت مصادر حكومية أن الاجتماع ركّز على تقييم تحركات حزب الله الأخيرة، وبحث خيارات الردّ الإسرائيلية على عملية إعادة بناء قدرات الحزب العسكرية.
وقال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى لشبكة "كان نيوز": "حزب الله يحاول- ونجح إلى حدّ ما- في إعادة بناء قدراته الهجومية والدفاعية".
ووفقًا لهذا المسؤول، فإن عملية إعادة تأهيل ترسانة حزب الله تجري بدعم مباشر من إيران، من خلال خطوط نقل الأسلحة عبر الأراضي السورية.
وفي الوقت نفسه، قال السيناتور الجمهوري الأميركي البارز، ليندسي غراهام، تعليقًا على هذه التقارير: "إذا جرى نزع سلاح حزب الله، فستتوقف العمليات الإسرائيلية".
لبنان بين خيارين
بحسب تقرير سابق لوكالة "رويترز"، أكّدت أربعة مصادر أميركية وإسرائيلية مطّلعة أن حزب الله بدأ، حتى في خضمّ الحملة العسكرية الإسرائيلية، تجنيد مقاتلين جدد والبحث عن مصادر تسليح جديدة، تشمل الإنتاج المحلي وعمليات التهريب عبر سوريا.
وأشارت تلك المصادر إلى أن أجهزة الاستخبارات الأميركية قدّرت أن الحزب فقد أكثر من نصف مخزونه من الأسلحة وآلاف المقاتلين، لكنه لا يزال يحتفظ بآلاف الصواريخ القصيرة المدى داخل لبنان.
وقال مصدران من "رويترز" إنه من غير الواضح ما إذا كانت عملية إعادة التسلّح هذه ما زالت مستمرة بالوتيرة نفسها، بعد وقف إطلاق النار الهشّ بين إسرائيل وحزب الله. وأوضح أحد المشرّعين الأميركيين أن الحزب أُضعف على المدى القصير، لكنه يتميّز ببنية مرنة وقابلة للتكيّف، ما يمنحه قدرة على التعافي.
كما ذكرت "رويترز" أن إسرائيل، في سعيها لوقف هذا المسار، استهدفت منصّات إطلاق الصواريخ التابعة لحزب الله، وقصفت المعابر الحدودية مع سوريا، ووجّهت تحذيرًا لطائرة إيرانية يُشتبه بأنها كانت تنقل أسلحة، ما اضطرّها إلى العودة إلى طهران.
وفي الوقت نفسه، أفاد مركز أبحاث "ألما" الإسرائيلي، في تقرير له، أن إيران أرسلت إلى لبنان عناصر من وزارة الاستخبارات ومن فيلق القدس التابع للحرس الثوري، تحت غطاء منظمة الهلال الأحمر، بهدف تقييم وضع حزب الله الميداني.
تدخل إيراني بعد اغتيال حسن نصر الله
ذكرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، عبر تقرير نشرته، في 19 أكتوبر الجاري، أنه بعد اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام السابق لحزب الله، دخل الحزب في حالة من الصمت والفراغ القيادي لمدة عشرة أيام، إلى أن وصلت وحدات من فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، بقيادة إسماعيل قاآني، إلى لبنان، حيث أعادوا بناء الهيكل العسكري للحزب خلال عشرة أيام فقط.
وأضافت "لوفيغارو" أن الهيكل الجديد للحزب يعتمد على جيل أصغر سنًا، ويعمل بدرجة عالية من السرّية، بحيث حتى نواب البرلمان المقرّبين من حزب الله لا يملكون معلومات تفصيلية عن هذا التنظيم الجديد.
كما أفادت الصحيفة الفرنسية بأن حزب الله ما زال يحتفظ بمخازن أسلحة في وادي البقاع وشمال نهر الليطاني، لكنه اتخذ قرارًا بعدم التدخّل عسكريًا في حال وقوع هجوم محتمل على إيران.
ورغم تسجيل أكثر من 1500 انتهاك لوقف إطلاق النار ووقوع نحو 300 قتيل في لبنان، فإن حزب الله لم يردّ عسكريًا على الهجمات الإسرائيلية، واقتصر ردّه على تقديم مساعدات مالية تصل إلى 12 ألف دولار لإعادة بناء المنازل المدمّرة.
إيران تسعى لإحياء محور نفوذها
كانت صحيفة "ذا صن" البريطانية، قد ذكرت خلال تقريرها الصادر في 19 أكتوبر الجاري أيضًا، نقلًا عن خبراء استخبارات إسرائيليين، أن إيران تسعى لإحياء محور نفوذها الإقليمي من خلال إعادة تسليح حزب الله وحركة حماس.
وقال الضابط السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، راز زيمت، إن إيران، رغم الخسائر الكبيرة التي لحقت بوكلائها الإقليميين، لا تزال متمسكة بهدفها النهائي المتمثّل في تدمير إسرائيل والسعي لامتلاك سلاح نووي.
ورغم أن وزارة الخارجية الإيرانية أعلنت دعمها لوقف إطلاق النار الأخير في غزة، فإن الخبراء يحذّرون من أن طهران ما زالت تستخدم الجماعات المسلّحة في المنطقة، مثل حزب الله وحماس، للحفاظ على نفوذها الإقليمي.
وفي ظلّ هذا الوضع، أكّدت أجهزة الاستخبارات الغربية أن إضعاف حزب الله مؤخرًا لا يعني زوال خطره. وقال أحد المصادر الاستخباراتية الغربية: "إنهم يزحفون في الظلام مثل الأفعى، لم يختفوا.. إنهم فقط ينتظرون الفرصة".

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، ردًا على تصريحات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن تحركات حول المنشآت النووية في إيران، إن رافائيل غروسي يجب أن يتجنب "إبداء آراء غير موثوقة" حول البرنامج النووي الإيراني.
وقال بقائي إن غروسي على دراية تامة بـ"الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني".
وأضاف: "تصريحات غروسي الكارثية مهدت الطريق لهجوم إسرائيل وأميركا على المنشآت النووية الإيرانية".
من جهته، قال عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، يوم الخميس 30 أكتوبر: "رفع العقوبات هو المهمة الحصرية لوزارة الخارجية، وتتم متابعتها مع الحفاظ على الكرامة والمصالح الوطنية".
وأضاف: "راية المفاوضات لم تسقط أبدًا من يد إيران، لكن المفاوضات تختلف عن كتابة الإملاءات، وتلقي الأوامر، والتنمر. نحن نقبل المفاوضات العادلة القائمة على المصالح المتبادلة".
كما أكد عراقجي في 29 أكتوبر، خلال ندوة في جامعة تبريز، أن "الحوار والمفاوضات" يختلفان عن "التنمر والتسلط وفرض الإملاءات وإعطاء الأوامر"، وقال: "إيران لا تفاوض عدوًا غادرًا ومعتديًا يخرج عن مسار الحوار أثناء المفاوضات ويلجأ إلى التهديد والعدوان".
من جانبه، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في 29 أكتوبر، خلال مؤتمر صحافي في نيويورك، إنه على الرغم من ملاحظة بعض التحركات في المواقع النووية في إيران، فإن الوكالة لم ترَ أي دليل على نشاط ملحوظ أو مرتبط بتخصيب اليورانيوم في البلاد.
وأوضح غروسي أن الوكالة تجري تفتيشات في إيران، لكن ليس في المواقع الثلاثة التي استهدفتها الولايات المتحدة في يونيو: "نحن نجري تفتيشات في إيران - ليس في جميع المواقع التي يجب أن نكون فيها - لكننا نعود تدريجيًا".
وفي رده على مراسل وكالة "إرنا" الذي قال إن تقرير الوكالة عن البرنامج النووي الإيراني أدى إلى هجوم إسرائيلي، نفى غروسي هذا الأمر.
بدأت المواجهة بين إسرائيل وإيران بسلسلة من الهجمات المفاجئة التي شنتها إسرائيل على مواقع النظام الإيراني في 13 يونيو، وبعد 12 يومًا، وافق الطرفان على وقف إطلاق النار.
في 22 يونيو، استهدفت القوات الأميركية، ضمن عملية أُطلق عليها "مطرقة منتصف الليل"، ثلاثة مجمعات من المنشآت النووية في إيران (فوردو، نطنز، ومنشأة إصفهان النووية) خلال هذه الحرب التي استمرت 12 يومًا.
تأتي التطورات الأخيرة في الملف النووي الإيراني في سياق من انعدام الثقة المتبادل وأجواء ما بعد حرب الـ12 يومًا، وتسعى وزارة الخارجية الإيرانية إلى تقديم صورة "مقاومة وقابلة للتفاوض" في مواجهة هذه التفسيرات.
بينما تستمر طهران في التأكيد على "الطابع السلمي" لبرنامجها النووي، فإن ظلال الحرب الأخيرة والتهديدات المتبادلة قد ألقت بظلالها على مسار الدبلوماسية، مما جعله مظلمًا ومتوترًا.