لكن ترامب أوضح أنه لن يعارض أي هجمات إسرائيلية في حال سعت طهران لصنع قنبلة نووية.
ونقلت الصحيفة عن ترامب خلال لقائه مع نتنياهو يوم الاثنين الماضي في البيت الأبيض قوله: "آمل أن لا نضطر إلى قصف إيران مجددًا. لا أستطيع تخيّل أنني سأفعل ذلك مرة أخرى".
ومع ذلك، حذّر نتنياهو من أنه إذا تحرك النظام الإيراني مجددًا نحو إنتاج قنبلة، فستستأنف إسرائيل هجماتها، ولم يعارض ترامب ذلك الموقف.
وبحسب "وول ستريت جورنال"، تكشف هذه التصريحات عن الهوة العميقة في الحسابات الاستراتيجية بين طهران وتل أبيب وواشنطن بعد الضربات الأخيرة. ترامب يحاول استخدام التهديد بمزيد من الهجمات لإجبار طهران على قبول اتفاق بشأن وقف برنامجها النووي، بينما ترى إسرائيل أن النظام الإيراني قد يواصل برنامجه بسرية، وطهران بدورها تشترط ضمانات بعدم تكرار الهجمات قبل العودة إلى طاولة المفاوضات.
وأكد مسؤولون إسرائيليون كبار أنه إذا استأنفت إيران برنامجها النووي بشكل جدي، فقد تستأنف إسرائيل هجماتها دون انتظار إذن من أميركا، رغم احتمال ممارسة ترامب لضغوط على نتنياهو للحفاظ على المسار الدبلوماسي.
يواجه قادة النظام الإيراني خياراً مصيرياً: إما قبول وقف تخصيب اليورانيوم، وإما مواصلة البرنامج النووي مع خطر تعرضهم لهجمات جديدة.
وقد صرح الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، بأن طهران مستعدة لاستئناف المفاوضات مع واشنطن بشرط ضمان عدم تكرار الضربات العسكرية، مؤكدًا أن إيران تتمسك بحقها في التخصيب.
مخاوف إسرائيل من اليورانيوم المتبقي
وقد ذكرت الصحيفة أن الهجمات التي وقعت الشهر الماضي أخّرت قدرة النظام الإيراني على إنتاج سلاح نووي لمدة عامين على الأقل، لكن بعض مخزونات اليورانيوم لا تزال موجودة في أصفهان، وهو ما يثير قلق إسرائيل التي تخشى أن تسعى طهران إلى استعادتها.
وفي المقابل، فإن منشآت نطنز وفوردو قد تعرضت لأضرار جسيمة، ولا يمكن إعادة تشغيلها في المستقبل القريب، بحسب التقرير.
ويرى الخبراء أنه في حال قررت إيران استئناف نشاطها النووي، فستعتمد على منشآت سرية تحت الأرض. ومع أن لدى إسرائيل معلومات استخباراتية عن بعض المواقع المحتملة، فإنها لا تمتلك قنابل خارقة للتحصينات قادرة على تدمير تلك المواقع العميقة.
لم يُعلن عن أي موعد رسمي لمفاوضات جديدة، فيما أشارت الصحيفة إلى أن طهران لا تزال تُراجع استراتيجيتها بعد الهجمات.
لكن تلك الهجمات جعلت شرط ترامب بوقف التخصيب بالكامل مطلباً أساسياً، وقد تسعى واشنطن أيضًا إلى فرض قيود على برنامج الصواريخ الإيراني وعلاقات طهران الإقليمية.
وفي السياق، قال دان شابيرو، السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل: "التوصل إلى اتفاق بات الآن أكثر صعوبة من أي وقت مضى. ترامب لا يستطيع التراجع عن شرطه بتصفير التخصيب، وطهران، بعد الضربات الأخيرة، لن تقدم مثل هذا التنازل".
عودة التعاون مع الوكالة الذرية… شرط أوروبي
أصبحت عودة إيران للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمرًا ضروريًا لأي اتفاق، ويجب كذلك تحديد مصير المخزونات الحالية من اليورانيوم المخصب.
ورغم أن إيران تلقت ضربات موجعة، فإن هجماتها الصاروخية على إسرائيل بعد الضربات أثبتت أنها لا تزال تشكل تهديدًا إقليميًا.
وبحسب علي واعظ، كبير المحللين في مجموعة الأزمات الدولية، فإن عدد المسؤولين الإيرانيين المؤيدين للتفاوض مع أميركا انخفض بعد الهجمات، كما أن الشكوك تجاه ترامب ازدادت بشكل كبير.
في الأثناء، حذرت الدول الأوروبية من أنه في حال رفض إيران التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فقد تُعيد فرض العقوبات التي تم تعليقها في إطار اتفاق 2015.
ومن المقرر أن يُتخذ القرار النهائي بشأن هذا الملف بحلول أكتوبر المقبل، بينما لوّحت طهران بأنه في حال إعادة فرض العقوبات، فقد تنسحب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
وفي ظل هذه المعادلة المعقدة، يبدو أن النظام الإيراني أمام لحظة حاسمة بين القبول باتفاق نووي جديد بشروط مشددة، أو المخاطرة بانزلاق جديد نحو صراع عسكري مفتوح مع إسرائيل وربما الولايات المتحدة.