وذكرت الوكالة، يوم الجمعة الأول من أغسطس (آب)، نقلاً عن مصادر مطلعة، أن المجلس الجديد تم تأسيسه "بمهمات استراتيجية في مجال السياسات الدفاعية للبلاد"، وإن هيكليته "ستُستكمل قريبًا"، مشيرة إلى أنه يُعد جزءًا من "الترتيب الجديد في الحوكمة بمجالي الدفاع والأمن".
وكان موقع "نور نيوز"، المقرب من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، قد ذكر يوم 27 يوليو (تموز) الماضي، أن تغييرات وشيكة قد تطرأ على هيكلة المؤسسات العليا الأمنية في إيران، دون الكشف عن تفاصيل أو أسماء محددة.
محللون: المجلس لحماية النظام لا الشعب
علّق المحلل السياسي في قناة "إيران إنترناشيونال"، مراد ويّسي، على هذا التشكيل قائلاً: "إن تشكيل مجلس الدفاع الجديد لا يهدف إلى حماية الشعب بل إلى حماية النظام ومنع سقوطه؛ حيث إن صدمة النظام في الحرب الأخيرة، التي استمرت 12 يومًا مع إسرائيل، قللت من ثقة خامنئي بقادة الجيش والحرس، وهو الآن يسعى إلى إنشاء هياكل جديدة فوق رؤوسهم".
وأضاف ويّسي: "لا يمكن حل مشكلة ضعف إيران أمام أميركا وإسرائيل بمجرد تشكيل مجلس دفاع. المشكلة تكمن في عدم توازن القوى، وتفوق الولايات المتحدة وإسرائيل في المجالات العسكرية والاستخباراتية لن يُعالج بهيئات جديدة".
وأشار أيضًا إلى احتمال "عودة العقوبات الأممية"، وتشكيل "تحالف بحري بقيادة الولايات المتحدة" لتنفيذ تلك العقوبات، محذرًا من أن تدخل البحرية التابعة للحرس الثوري قد يُعرضها لهجمات كبيرة. وأضاف أن "أي حرب جديدة قد تؤدي إلى سقوط النظام".
تشكيك في جدوى التغييرات
من جهته، قال الصحافي والمحلل، جمشيد برزكر، إن "مشكلة النظام الإيراني لم تكن في غياب مجلس الدفاع أو في غياب تعديلات في هيكل المجلس الأعلى للأمن القومي"، مؤكدًا أن النظام يعاني "أزمات جوهرية مثل الفساد، والمحسوبيات، وتغلغل أجهزة استخبارات أجنبية- خاصة الإسرائيلية- إلى أعمق المستويات القيادية"، مضيفًا أن "أي تغييرات تنظيمية لن تمكن النظام من الدفاع عن قادته أو منشآته النووية والعسكرية في حال هجوم جديد".
وأضاف أن "النظام الإيراني يفتقر إلى القدرات التسليحية والتقنية اللازمة، ولا يستطيع كشف أو تفكيك شبكات التجسس المتغلغلة حتى في قمة قيادته. أضف إلى ذلك أزمة الثقة وانعدام البدائل لقادة قُتلوا. لذلك فإن إنشاء مجلس جديد لن يحل تلك الأزمات".
علي لاريجاني يعود للأمن القومي
وفقًا لوكالة أنباء"فارس"، فإنه يُتوقع أن يُعيَّن علي لاريجاني، مستشار المرشد علي خامنئي، قريبًا أمينًا للمجلس الأعلى للأمن القومي، وهو منصب شغله سابقًا.
وتأتي عودة لاريجاني إلى هذا الدور بعد سنوات من التهميش السياسي، لكن حضوره برز مجددًا مؤخرًا، خصوصًا عقب الصراع العسكري الأخير بين النظام الإيراني وإسرائيل.
أما الأمين الحالي، علي أكبر أحمديان، فبحسب التقرير سيُكلَّف بمهام "خاصة واستراتيجية" أخرى.
تعزيز الاستخبارات ردًا على الهجمات الإسرائيلية
شهدت الهجمات الإسرائيلية الأخيرة اغتيال عدد من كبار قادة الحرس الثوري، والعناصر الرئيسة في البرنامج النووي الإيراني.
ووصفت صحيفة "لوموند" الفرنسية اغتيال عناصر البرنامج النووي بأنه "الجزء الأكثر فاعلية من العمليات الإسرائيلية".
وكانت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية قد كشفت أن إسرائيل نفذت، خلال العام الماضي، سلسلة عمليات معقدة اخترقت من خلالها البنية الأمنية والعسكرية والنووية الإيرانية، ما وجّه ضربات غير مسبوقة للنظام الإيراني.
وفي هذا السياق، قال علي سعيدي، رئيس المكتب العقائدي السياسي لخامنئي، اليوم الجمعة: "بعد الأحداث الأخيرة، يجب علينا إعادة النظر في منظومتنا الدفاعية والأمنية، وتعزيز إشرافنا الاستخباراتي".
وأضاف: "يجب أن نكون قادرين على مواجهة أقوى الأنظمة الدفاعية والأمنية. هذا أمر بالغ الأهمية".
موجة اعتقالات جديدة بحجة "الاختراق والتجسس"
في الأسابيع الأخيرة، كثّفت أجهزة الأمن الإيرانية اعتقال المواطنين وحتى الأجانب بتهم تتعلق بـ"الاختراق والتجسس".
وفي 4 يوليو الماضي، أعربت مجموعة من خبراء الأمم المتحدة المستقلين عن قلقهم البالغ إزاء موجة جديدة من الإعدامات والقمع في إيران، عقب اندلاع الحرب بين إسرائيل والنظام الإيراني، وإعلان وقف إطلاق النار.
وحذّر هؤلاء من أن "المرحلة التالية للحرب لا يجب أن تتحول إلى ذريعة للقمع الداخلي".
كما وجّهت عشرات المنظمات والنشطاء المدنيين، في 16 يوليو الماضي أيضًا، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومسؤولين حقوقيين، حذّروا فيها من أن النظام الإيراني يستغل أجواء الحرب بتصعيد غير مسبوق في القمع، وأن تجاهل المجتمع الدولي لذلك "سيمهّد لمزيد من الجرائم".