وتداولت الصحف رسائل الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، في لقائه مديرين ومسؤولين إعلاميين، بمناسبة ذكرى "يوم الصحافي" في إيران، والتي أثارت ردود أفعال واسعة داخل الأوساط السياسية الإيرانية، ومنها حديثه عن "عدم فرض الحجاب بالقوة" وأن "التفاوض مع الغرب وأميركا لا يعني الاستسلام" و"التنسيق مع المرشد علي خامنئي".
ورأى حسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد على خامنئي، أن تصوير التفاوض مع أميركا باعتباره الخيار الوحيد لتجنّب الحرب، هو تبسيط مضلّل يُفضي إلى الاستسلام، وليس إلى مقاومة حقيقية. داعيًا بزشكيان للاعتماد على مستشارين أكثر وعيًا ودراية في القضايا الحساسة.
وبحسب غلام رضا صادقيان، رئيس تحرير صحيفة "جوان"، المقربة من الحرس الثوري الإيراني، فقد سعى الرئيس بالحديث عن التنسيق مع المرشد، إلى "الاحتماء بشرعية القيادة لتجنب النقد"، رغم أن الدستور لا يمنح مثل هذه الحصانة. والتنسيق مع خامنئي مطلوب، لكن لا يجب أن يمنع النقد البنّاء. الحل الحقيقي، هو فتح حوار صادق مع الشعب، فالتواصل معهم يمنح الحكومة شرعية وقوة أكبر من أي تفاوض خارجي.
وقال الكاتب بصحيفة "سياست روز" الأصولية، محمد صفري، أن تصريحات بزشكيان، محاولة للتنصل من المسؤولية التنفيذية، عبر تحميل القيادة تبعات قرارات الحكومة. لكن التجارب السابقة، مثل رفع أسعار البنزين أو الاتفاق النووي، أظهرت أن القيادة تدعم ما يتم الاتفاق عليه من السلطات، دون أن تكون هي صاحبة القرار التنفيذي المباشر، لذا، يجب على الرئيس تحمل مسؤولياته بوضوح.
وعلى الصعيد الاقتصادي، نقلت صحيفة "ابرار اقتصادي" الأصولية، عن أستاذ الاقتصاد في جامعة العلامة طباطبائي، فرشاد مؤمنی، قوله: "وقع هيكل صنع القرار الاقتصادي في البلاد، في دائرة من اللاعقلانية، والفساد، والجهل البنيوي، ومعاداة الإنتاج، مما وضع البلاد على طريق الانهيار من الداخل، بتكرار أخطاء الماضي وعدم الاستفادة من النظريات المؤسسية".
واتفق معه في الرأي الخبير الاقتصادي، مهدي بازوكي، الذي نقلت عنه صحيفة "كار وكاركر" الناطقة باسم حزب العمال الإيراني اليساري، قوله: "المشكلة التي يعانيها اقتصاد إيران هي الجهل الاقتصادي. نحن نعيش أزمة جهل. بعض المتشددين، نتيجة جهلهم بما يجري في العالم، يصفون تقارير البنك الدولي حول إيران بالاستكبار العالمي، رغم أن هذه التقارير تُعد بناءً على معلومات ترسلها وزارة الاقتصاد الإيرانية نفسها".
ودعت صحيفة "كيهان" المقربة من المرشد على خامنئي، إلى تبني سياسة الاكتفاء الذاتي في إنتاج السلع الأساسية، محذّرة من أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يُضعف الإنتاج المحلي ويُخرجها من متناول ذوي الدخل المحدود. كما نبهت إلى أزمة خطيرة في قطاع الثروة الحيوانية قد تؤدي إلى إفلاس واسع، وارتفاع حاد في الأسعار.
وذكرت صحيفة "اقتصاد بويا" أنه "مع تراجع حصة الطاقة المتجددة في إيران إلى أقل من 1 في المائة، تواجه البلاد أزمة بيئية واقتصادية حادة تهدد مواردها، وزراعتها، وأمنها الغذائي، وحتى بقاء السكان في مناطق واسعة. ويتسبب نقص المياه والطاقة في إضعاف إنتاج صناعات رئيسة مثل الأسمنت والصلب، كما أن سياسة التسعير الإداري للغاز والكهرباء تعوق الاستثمار في هذا القطاع، وتتطلب مراجعة عاجلة لتفادي تفاقم الأزمة.
والآن يمكننا قراءة المزيد من التفاصيل في الصحف التالية:
"آرمان امروز": ربع الشباب الإيراني لا يعملون ولا يدرسون
أعدت صحيفة "آرمان ملي" الإصلاحية، تقريرًا عن ظاهرة تفشي حالة غير عامل، غير طالب، وغير ملتحق بأي تدريب المعروفة إعلاميًا باسم (NEET) بين الشباب الإيراني، خاصة الفتيات، وجاء فيه: "تعكس هذه الظاهرة أزمة عميقة في الانتقال إلى مرحلة النضج؛ حيث تفشل الدولة والمجتمع في إدماج الشباب بسوق العمل والتعليم. وتشمل الأسباب الفجوة بين توقعات الشباب والواقع الاقتصادي، وضعف سياسات التعليم، وغياب بيئة العمل الجاذبة".
ونقل التقرير عن عالم الاجتماع التطبيقي، حميد مستخدمين حسيني، قوله: "إن هذه الظاهرة ليست فقط أزمة اقتصادية، بل اجتماعية وثقافية أيضًا، تعززها الحماية المفرطة من الأهل، وضعف استقلالية الشباب، وعدم توافق قيم الجيل الجديد مع سياسات الأجيال السابقة. وهذه الأزمة تعكس فشل النظام التعليمي والاقتصادي في استيعاب جيل تأثر بالعولمة، ولديه نمط حياة وتطلعات مختلفة".
وأضاف أن "استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى تداعيات، منها تآكل رأس المال البشري، وتراجع الإنتاجية، وارتفاع معدلات الانحراف الاجتماعي، في ظل غياب التخطيط القائم على بيانات دقيقة. ولا بد من تبني رؤية جديدة لفهم هذا الجيل من الداخل، والتخطيط بمشاركتهم، خاصة الإناث".
"جوان": انعكاس الأزمة الاقتصادية على الحياة الزوجية
حاول حسين فصيحي، رئيس قسم الحوادث بصحيفة "جوان"، المقربة من الحرس الثوري، تفسير أسباب انتشار ظاهرة قتل الأزواج، وكتب: "تعد جرائم قتل الأزواج من أكثر الجرائم الجنائية تعقيدًا وانتشارًا داخل الأسرة، إلا أن غياب الإحصاءات الدقيقة يعوق الفهم الكامل لهذه الظاهرة. لكن عوامل مثل تفكك البنية الأسرية وارتفاع معدلات الطلاق والعزوف عن الزواج ساهمت في تحويل الأسرة إلى بيئة هشة، تفقد دورها كمصدر للأمان والدعم، وتتحول أحيانًا إلى ساحة صراعات قد تنتهي بعنف دموي".
وأضاف: "إن الضغوط المعيشية والاقتصادية، مثل البطالة وغلاء المعيشة، إلى جانب الإدمان والخيانة الزوجية، تعد عوامل رئيسة في تصعيد التوتر داخل الأسرة. وفي ظل غياب ثقافة الطلاق السلمي والدعم النفسي الكافي، يختار بعض الأزواج الحل المأساوي بقتل الطرف الآخر، ما يكشف عن أزمات نفسية واجتماعية عميقة وغياب منظومة حماية فعالة".
وحول أساليب المواجهة أضاف:" لابد من تبني حلول شاملة تشمل تحسين الوضع الاقتصادي، ونشر ثقافة الحوار وحل النزاعات، وتعزيز خدمات الدعم الأسري والإرشاد النفسي، إضافة إلى تطوير الأطر القانونية لحماية الأسرة. فاستمرار هذا النمط من الجرائم يُنذر بانهيار أوسع في بنية المجتمع ما لم يُتخذ إجراء عاجل".
"اسكناس": أرباح خيالية.. وأضرار واقعية
أوضحت صحيفة "اسكناس" الاقتصادية أن الأرقام والبيانات الحديثة تشير إلى تفاقم ظاهرة الديون الحكومية في إيران؛ حيث يثير هذا الوضع التساؤلات حول ما إذا كان الاقتصاد الإيراني قد دخل في دوامة الاقتراض الجديد لسداد التزامات قديمة، دون أي استثمار إنتاجي حقيقي.
ويضيف التقرير:" التحليل التفصيلي يكشف أن معظم ديون الدولة تتركز لدى القطاع الخاص والبنوك، مع تزايد الاعتماد على أدوات الدّين السائلة (أوراق مالية قابلة للتداول) بدلاً من الدين غير السائل، وفي ظل غياب الإصلاحات المالية وزيادة الاعتماد على الدين لتغطية النفقات الجارية، يبدو أن الدولة قد دخلت في دائرة مغلقة من الاقتراض المتواصل دون تحقيق عوائد إنتاجية".
وخلص التقرير إلى:" هذا الوضع لا يهدد فقط استدامة الدين العام، بل يؤدي أيضًا إلى تراجع الاستثمار ونقل عبء الدّين إلى الأجيال القادمة، في غياب استراتيجية واضحة لإعادة هيكلة الموازنة وتحسين الإيرادات غير النفطية".