وأكّدت "أسوشييتد برس"، في تقريرها يوم الأربعاء 24 سبتمبر (أيلول)، أن إعادة بناء القدرة الصاروخية مسألة حيوية بالنسبة لإيران، لأن طهران تتوقّع احتمال نشوب جولة جديدة من القتال مع إسرائيل في المستقبل القريب.
ونقلت الوكالة عن مسؤولين وخبراء قولهم إن الصواريخ تشكّل إحدى معدّات الردع القليلة المتبقية لدى إيران بعد التدمير الواسع لأنظمة دفاعها الجوية في الحرب الأخيرة. هذه الأنظمة، بحسب تصريحات السلطات الإيرانية، ليست مطروحة للتفاوض مع الغرب.
يقول خبراء الصواريخ إن الحصول على خلاطات لصناعة الوقود الصلب هو الهدف الأساسي لطهران؛ بخاصة مع احتمال عودة عقوبات الأمم المتحدة في نهاية هذا الشهر التي قد تشمل تطوير برنامج الصواريخ أيضاً.
وتُعرف الخلاطات "الكوكبية" (planetary mixers) بأنها تحتوي على شفرات تدور حول محوّر مركزي وتعدّ ضرورية لتحضير خليط وقود صلب متجانس. وسبق لإيران أن اشترت بعض المكوّنات والمواد ذات الصلة من الصين، ويرجّح الخبراء أن تلجأ مجدداً إلى هذا المسار.
وتُظهر صور الأقمار الصناعية الحديثة من موقعي "بارشين" و"شاهْرُود" أعمال بناء واضحة، وقال سم لير، باحث في مركز جيمس مارتن، إن مبانٍ مخصّصة لخلط الوقود قيد الترميم. ويبدو أن الهجمات الإسرائيلية استهدفت تحديداً هذه المباني والمعدات المرتبطة بخلط الوقود.
ولدى إيران قواعد إنتاج صواريخ ذات وقود صلب في "بارشين"، "خَجيِر"، "وشاهرود"، وقد كانت هذه المواقع مستهدفة قبل الحرب الأخيرة.
وتؤشر سرعة إعادة الإعمار إلى أهمية البرنامج الصاروخي لدى طهران، في حين أن المواقع النووية المتضررة لم تُسجَّل فيها أنشطة استئنافية مماثلة على نفس الوتيرة.
وأفادت دراسات أن إيران خلال الحرب ذات الـ12 يوماً أطلقت نحو 574 صاروخًا باليستياً على إسرائيل، إضافةً إلى 330 صاروخًا أخرى في تبادلات نارية سابقة.
وقدّرت تقارير عسكرية أن مخزون إيران قبل الحرب كان يقارب 2,500 صاروخ، أي أن نحو ثلث هذا المخزون استُهلك تقريباً.
وقال كَالْ باركين، باحث في مركز جيمس مارتن، إن إيران كانت تنتج أكثر من 200 صاروخٍ ذي وقود صلب شهرياً قبل الحرب، وإن القدرة على إنتاج خليط الوقود كانت "عنق الزجاجة" في البرنامج. وإذا تغلّبت إيران على هذا القيد، فيمكنها العودة إلى الإنتاج بكميات كبيرة، ما يصعّب على إسرائيل مهمة الإبادة أو الاعتراض الكامل للمخزون.
وأعلن عزير نصير زاده، وزير الدفاع الإيراني، قبل أكثر من شهر أنّ "حرب الـ12 يوماً غيّرت بعض أولوياتنا. الآن نركّز على إنتاج معدات بدقّة أعلى وقدرات تشغيلية أكبر".
ومن المرجّح أن تعتمد إيران في الحصول على خلاطات الوقود وموادَّ كيميائية متخصصة على إمدادات من الصين.
بعض المواد الكيميائية المماثلة ارتبطت سابقاً بانفجار ضخم في ميناء رجَائي في بندر عباس، الحادث الذي أودى بحياة عشرات (ذكرت تقارير سابقة نحو 70 قتيلاً). بعد ذلك الحدث، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركات صينية يُشتبه في بيعها مواد دافعة لإيران.
وتشير تقارير إلى أن الحرس قد نقَل خلاطاً دوّاراً إلى منشأة تحت أرضية لإنتاج الصواريخ في مصياف بسوريا بعد الضربة الإسرائيلية في 2024، وأن صوراً نشرتها إسرائيل أظهرت تشابهاً بين الجهاز الموجود هناك ومنتجات شركات صينية.
في حين صرّحت بكين لـ"أسوشيتد برس" بأنها "مستعدة للعب دور من أجل السلام والاستقرار في الشرق الأوسط" وأنها تؤيّد حق إيران في حماية سيادتها وأمنها القومي، لم تُبدِ أي مؤشر على اتفاق واضح لنقل تجهيزات إلى طهران.
ويعتقد بعض الخبراء أن بكين قادرة، إلى جانب الوقود، على تزويد إيران بأنظمة توجيه ودوائر دقيقة (ميكروبرانشس) اللازمة للصواريخ.
ويرى باحث في معهد هادسون أن استغلال طهران لعلاقتها مع الصين لتعزيز قدراتها العسكرية قد يجعل من "حرب الـ12 يوماً" مجرد فترة توقف مؤقتة لا هزيمة حاسمة.
ويقول سم لير أيضاً: إذا عادت طهران إلى منوال الإنتاج السابق، فإن "كمية الصواريخ المنتَجة ستجعل مهمة إسرائيل في تدميرها أو اعتراضها أصعب بكثير".
ويخلص الباحث إلى أن إيران قامت باستثمارات ضخمة في برنامجها الصاروخي، ومن غير المرجّح أن توافق على التخلي عنه عبر مفاوضات.