جون بولتون:التهديدات الإيرانية ضد ترامب "حقيقية"



"نسعى لكي نقتل ترامب وبومبيو إن شاء الله".. هذه كلمات قالها قائد القوات الجوية بالحرس الثوري الإيراني أمير حاجي زاده في 24 فبراير (شباط) 2023 في برامج تلفزيوني على الهواء. لكن بعد محاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب تراجعت طهران، وادعت أنها لم تكن تنوي يوما اغتياله.
المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، قال اليوم الأربعاء 17 تموز (يوليو): إن الجمهورية الإسلامية تسعى إلى محاكمة دونالد ترامب، لكنها تنفي بشدة أي دور لها في الهجوم المسلح الأخير ضده أو الادعاءات حول نية إيران القيام بمثل هذا الهجوم، وتعتبر أن مثل هذه الادعاءات لها أهداف ودوافع سياسية مغرضة.
لكن هل سعت إيران فقط إلى محاكمة ترامب؟ دعونا نعود إلى الوراء قليلا.
بدأت القصة في 3 يناير (كانون الثاني) 2020 عندما قامت الولايات المتحدة الأميركية بقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني من خلال عملية أميركية في بغداد، وتوعدت السلطات الإيرانية بالانتقام والثأر لسليماني، وتحولت عبارة "الانتقام الصعب" إلى عنوان مألوف في الإعلام الإيراني.
وفي 8 يناير (كانون الثاني) من العام نفسه، استهدف الحرس الثوري الإيراني قاعدة "عين الأسد" الأميركية في العراق، وهي عملية لم يسقط فيها أي من الجنود والضباط الأميركيين، إذ إنها استهدفت أراض فارغة، وجاءت بعد تنسيقيات بين إيران والولايات المتحدة الأميركية.
ومنذ ذلك الحين، توعدت سلطات الجمهورية الإسلامية دائمًا بالانتقام ممن قتلوا سليماني في مناسبات مختلفة.
خامنئي: الانتقام حتمي
وفي ديسمبر (كانون الأول) 2020، في نهاية رئاسة ترامب، توعد المرشد الإيراني علي خامنئي، في خطاب ألقاه، بأن "الانتقام ممن أمر ونفذ عملية قتل سلماني حتمي".
وبعد هذه التصريحات، قام حساب خامنئي على "تويتر" بإعداد ونشر ملصق يظهر فيه ترامب في ملعب الغولف، تحت ظل طائرة مسيرة، في إشارة ضمنية إلى اغتياله. وتم حذف هذا المنشور الآن من منصة إكس (تويتر سابقا).
كما نشر الموقع الرسمي لخامنئي رسوما متحركة بنفس الموضوع، تظهر قيام القوات التي ترتدي زي الحرس الثوري باغتيال ترامب بواسطة روبوت، مشيرة إلى وعد المرشد الإيراني.
وفي الذكرى الأول لمقتل سليماني توعد خليفته إسماعيل قاآني باغتيال ترامب، في كلمة ألقاها أمام نواب البرلمان عام 2021.
في هذا الخطاب هدد قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني ترامب مرة أخرى متوعدا باغتياله، وقال: "على المسؤولين الأميركيين المتورطين في اغتيال سليماني أن يتعلموا أسلوب الحياة السرية لسلمان رشدي، لأن الجمهورية الإسلامية ستنتقم لدماء سليماني التي سفكت ظلما".
وسلمان رشدي هو كاتب بريطاني من أصول هندية، وقد صدرت فتوى بقتله من المرشد الإيراني السابق روح الله الخميني، وخصص النظام جائزة لمن يقوم بقتله، وهو ما أجبر الكاتب على العيش بشكل سري وبعيدا عن الأنظار.
وأعلن البرلماني الإيراني الإصلاحي أحمد حمزه إي عن مكافأة قدرها ثلاثة ملايين دولار لمن يقتل ترامب، في خطاب ألقاه بالبرلمان عام 2020.
وعاد قاآني مرة أخرى بتهديد الرئيس الأميركي السابق بالقتل قائلا بأن "ترامب سيكون تحت مجهر الأحرار في العالم، وأنه سيرصد في كل تحركاته"، وذلك في عام 2021.
وقال قاآني في هذا السياق: "ظن العدو أنه انتهى من الجريمة التي ارتكبها، لكن ترامب وغيره ممن كانوا معه، كلهم معروفون لنا. من مايك بومبيو المجرم الذي لم يذله أحد أكثر من سليماني، إلى شخص رئيس الولايات المتحدة نفسه، إلى كل من شارك في هذه الجريمة، فهم تحت المجهر ليس من قبل المسلمين فحسب، بل أيضًا من قبل جميع أحرار العالم".
وفي مارس (آذار) عام 2022، قال أمير علي حاجي زاده، قائد القوات الجوية للحرس الثوري، في برنامج تلفزيوني: "إن قتل هؤلاء (الجنود الأميركيين) لم يكن هدفنا. إن شاء الله نستطيع قتل ترامب وبومبيو وفرانك ماكنزي والقادة العسكريين الذين أصدروا الأمر بقتل قاسم سليماني. لكن في النهاية، فعلوا شيئًا عسكريًا وكان علينا الرد عسكريًا".
لكن الآن وبعد كل هذه التهديدات والوعيد المستمر يتراجع المسؤولون في إيران فجأة بعد حادث محاولة اغتيال ترامب، مدعين أن طهران لم تكن تنوي يوما من الأيام اغتيال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
وفي هذا السياق كشفت صحيفة "بوليتيكو" في تقرير عن أدلة تظهر أن إيران ربما تحاول اغتيال ترامب في الأسابيع المقبلة.
لكن عندما سأل فريد زكريا، الصحافي والمحلل الأميركي الشهير، وزير الخارجية الإيراني بالإنابة علي باقري كني، عن دور طهران المحتمل في هذا الاغتيال، قال: "إن الجمهورية الإسلامية تتبع فقط الإجراءات القانونية والقضائية في هذا الصدد".

أفادت منظمة الدفاع عن التدفق الحر للمعلومات (DeFFI) أنه خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، تعرض 181 صحافيًا وإعلاميًا في إيران لإجراءات قانونية وأمنية، وأنه تم اعتقال أو إرسال ما لا يقل عن 34 صحافياً وناشطاً إعلامياً إلى السجن لقضاء أحكام ضدهم خلال هذه الفترة.
وراجعت منظمة الدفاع عن التدفق الحر للمعلومات، في تقريرها الجديد، الملفات الصحافية في الفترة ما بين 1 يناير (كانون الثاني) 2024 حتى 30 يونيو (حزيران) من نفس العام، وسجلت 236 إجراءً قضائيا وأمنيا بحق وسائل الإعلام والصحافيين و الناشطين الإعلاميين.
وقد شهد الصحافيون ووسائل الإعلام الإيرانية "أربع موجات من القمع" خلال هذه الأشهر الستة.
ثلاث موجات منها تمت في كل من أحداث استهداف حفل الذكرى السنوية لقاسم سليماني في 3 يناير (كانون الثاني) 2024، والصراع العسكري غير المسبوق بين إيران وإسرائيل في نهاية مارس (آذار) من هذا العام، ونشر تقرير "بي بي سي" عن كيفية مقتل نيكا شاكرمي في 30 أبريل (نيسان).
وبحسب منظمة التدفق الحر للدفاع عن المعلومات، فإن سقوط مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومقتله هو ورفاقه في 19 مايو (أيار) هذا العام، كان نقطة البداية لأكبر عملية قمع للإعلاميين والصحافيين في عام 2024.
واستمرت هذه العملية 45 يوما بعد هذا الحدث، وحتى يوم إجراء الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 5 يوليو (تموز).
ونشرت خلال الأسابيع الماضية تقارير عديدة عن ضغوطات أمنية وقضائية على المواطنين الذين فرحوا بسماع نبأ وفاة رئيسي، والذين تفاعلوا مع وفاته ورفاقه.
وبالتزامن مع الإعلان عن وفاة الرئيس الإيراني، وسعادة الناس في الشوارع والفضاء الإلكتروني، هددت السلطات الأمنية في إيران مستخدمي الفضاء الإلكتروني والصحافيين بعدم الإخلال بـ"الأمن النفسي للمجتمع".
وفي خضم الحملات الانتخابية، تم اعتقال وسجن ما لا يقل عن 4 صحافيين.
وبحسب تقرير منظمة التدفق الحر للدفاع عن المعلومات، فإن عام 2024 في إيران بدأ مع استمرار حبس ما لا يقل عن 9 صحافيين وناشطين إعلاميين في سجون ومراكز الاعتقال في البلاد.
وهؤلاء الصحافيون التسعة هم: نيلوفر حامدي، وإلهة محمدي، ونسيم سلطان بيكي، وفيدا رباني، وسعيدة شفيعي، في عنبر النساء بسجن إيفين، وسلطان علي عابدي، وأبو بكر توحيدي في سجن زاهدان، وإبراهيم رشيدي في مركز الاعتقال التابع لإدارة استخبارات أردبيل، وكاميار فكور في سجن إيفين.
وبحسب هذا التقرير، فقد تم خلال الأشهر الستة الماضية اعتقال ما لا يقل عن 34 صحافياً وناشطاً إعلامياً أو تنفيذ أحكام السجن الصادرة بحقهم.
وخلال هذه الفترة، حكم القضاء في إيران على 26 صحافيًا وناشطًا إعلاميًا، من بينهم 7 نساء و19 رجلاً، بالسجن لمدة 31 عامًا و6 أشهر ويومين، والسجن 10 سنوات في المنفى، وغرامة قدرها 93 مليون تومان، و4 سنوات من النفي و4 سنوات من الحرمان من مزاولة مهنة الصحافة.
وكان "نشر الأكاذيب بهدف تضليل الرأي العام" أكثر الاتهامات المنسوبة للصحافيين خلال هذه الفترة.
وبناء على وثائق هذا التقرير، انتهكت المؤسسات الأمنية والقضائية في إيران الحقوق القانونية للصحافيين الملاحقين قضائيا في ما لا يقل عن 225 قضية خلال ستة أشهر.
وفي 44 حالة، عُقدت محاكم الصحافة بشكل غير معلن، ومُنع ما لا يقل عن 44 صحافيًا مسجونًا أو معتقلًا من الاتصال بأسرهم، كما مُنع 19 منهم من الاتصال بمحام.
ومن بين حالات انتهاك حقوق الصحافيين الأخرى 31 حالة اعتقال تعسفي دون مراعاة المعايير القانونية، وعقد محاكم صحافية دون حضور هيئة محلفين في 22 حالة، و10 حالات مصادرة غير قانونية لمعدات الصحافيين الشخصية والمهنية.
وتحدث هذا التقرير عن 8 حالات "لحبس الصحافيين في ظروف غير إنسانية في مراكز الاحتجاز" و"التعذيب النفسي" ضد 6 صحافيين اعتقلوا خلال الأشهر الستة الماضية.
ومنذ بداية عام 2024 وحتى 1 يوليو (تموز)، تمت ملاحقة 61 إعلاميا في 69 قضية منفصلة، ورفع قضايا قانونية ضد 13 صحيفة أو موقع إخباري أو وكالة أنباء، وقد قامت المؤسسات القضائية والأمنية باستدعاء أو تهديد أو "إنذار" رؤساء التحرير في 23 حالة.
وخلال هذه الفترة، تمت أيضاً "إدانة" 21 وسيلة إعلامية أو صدور أحكام ضدها.
وفي 25 مارس (آذار) الماضي، نشر الاتحاد الدولي للصحافيين تقريره السنوي حول حالة القمع والضغوط التي تعرض لها الصحافيون الإيرانيون عام 2023، والذي تضمن اعتقال ما لا يقل عن 27 شخصا، واستدعاء 27 آخرين، والحكم على 21 صحافيا بعقوبات مثل السجن.

في رسالة من السجن بعنوان "لماذا لم أصوت لكن التزمت الصمت؟"، كتب المعارض مصطفى تاج زاده أن "الأزمات الحالية متجذرة في البنية السياسية والقانونية المعيبة للنظام الإيراني وسياسات المرشد الفاسدة والمعرقلة".
وأكد: التزمت الصمت لأنني لم أرد أن أخيب ظن أصدقائي الذين ينتظرون المرونة البطولية لخامنئي، وقبوله بترشيح بزشكيان الذي يصب في هذا الاتجاه.

استهدفت مجموعة قرصنة تابعة للنظام الإيراني منظمات حكومية وخاصة نشطة في قطاعات متعددة بمختلف دول الشرق الأوسط، بما في ذلك إسرائيل، في حملة سطو إلكتروني جديدة.
وذكرت شركة الأمن السيبراني "Check Point"، في بحث لها، أن مجموعة القرصنة المعروفة باسم "مادي ووتر"، هاجمت دول أذربيجان والبرتغال وتركيا والمملكة العربية السعودية والهند، بالإضافة إلى إسرائيل، باستخدام برامج ضارة جديدة خاصة بها.
وتسمح البرامج الضارة المذكورة للقراصنة بتنفيذ الأوامر عن بُعد على الأنظمة ونقل الملفات بين الأجهزة والخوادم المصابة.
أوضح باحثون سيبرانيون، أنه على الرغم من أن البرامج الضارة الخاصة بـ "مادي ووتر" ليست ذات جودة تقنية عالية، فإنه يتم تطويرها وتحسينها باستمرار بواسطة القراصنة.
وقد أرسل القراصنة هذه البرامج الضارة إلى ضحاياهم عن طريق رسائل بريد إلكتروني تصيدية.
وحدد خبراء "Check Point" المنظمات الحكومية والبلديات ووسائل الإعلام ووكالات السفر باعتبارها المجالات المستهدفة لهذه الهجمات.
ومنذ اكتشاف الحملة الأخيرة في فبراير (شباط) 2024، تم إرسال أكثر من 50 رسالة بريد إلكتروني تصيدية إلى مئات المستلمين.
وفي الوقت نفسه، أعلنت شركة "سيكويا" للأمن السيبراني أيضًا، في تقرير مماثل، زيادة الهجمات التي تشنها مجموعة "مادي ووتر" على مؤسسات مختلفة.
وتظهر تحقيقات هذه الشركة أن قراصنة النظام الإيراني استهدفوا دول أذربيجان وإسرائيل والأردن وتركيا والمملكة العربية السعودية في هجماتهم السيبرانية في الأشهر الماضية.
ومن النتائج الأخرى لهذه الدراسة تغيير طريقة إرسال الروابط المصابة إلى ضحايا الهجمات.
ووضع القراصنة، في حملتهم الأخيرة، روابط مصابة في ملفات PDF)) مرفقة برسائل البريد الإلكتروني، بدلاً من إدراجها مباشرة في نص رسائل البريد الإلكتروني التصيدية.
وتنسب المؤسسات الدولية، بما في ذلك وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية الأميركية، مجموعة "مادي ووتر" إلى وزارة الاستخبارات في إيران.
وتُعرف هذه المجموعة أيضًا بأسماء أخرى، مثل: "APT34" و"Oilrig".
وانخرطت مجموعة "مادي ووتر"، خلال السنوات الماضية، في التجسس الإلكتروني على جهات خاصة وحكومية، مع التركيز على أهداف نشطة في الشرق الأوسط والدول الغربية.
وتعرضت مجموعتان إسرائيليتان لهجوم من قِبل هذه المجموعة، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وبعد أسابيع قليلة فقط من بدء الحرب بين حماس وإسرائيل.
وفي هذا الهجوم، خدع قراصنة النظام الإيراني الضحايا عن طريق إرسال رسائل بريد إلكتروني تصيدية وتقنيات الهندسة الاجتماعية.

تم القبض على هومن طاهري وسارة جهاني وياسمين حشدري، ثلاثة نشطاء بمجال حقوق المرأة بكيلان، شمال إيران، أثناء مراجعة إدارة إصدار الأحكام، ونقلوا لسجن لاكان في رشت. وحكم على جهاني وحشدري بالسجن 6 سنوات بتهمة "الاجتماع والتواطؤ" وعلى طاهري بالسجن سنة بتهمة "الدعاية ضد النظام".