أبناء المرشد الإيراني يزورون مكتب حزب الله في طهران لتقديم العزاء بمقتل نصر الله



نصبت بلدية طهران لافتة كبيرة في ميدان "الثورة "، وسط العاصمة، بعد هجوم إيران الصاروخي على إسرائيل، وعليها كتابة بالفارسية والعبرية تقول: "إذا أردتم الحرب فنحن أساتذتها".

تخطط إسرائيل لشن "انتقام واسع" ضد إيران، خلال الأيام المقبلة، يستهدف منشآت نفطية ونووية وأهدافًا استراتيجية أخرى، وذلك ردًا على الهجوم الصاروخي، الذي شنته طهران، يوم أمس الثلاثاء، وفقًا لمسؤولين إسرائيليين تحدثوا لموقع "أكسيوس"، وسط تصاعد المخاوف من اندلاع حرب إقليمية شاملة.
وذكر الصحافي بموقع "أكسيوس" الأميركي، باراك راويد، أن إسرائيل وإيران لم تكونا قريبتين من فتح جبهة جديدة وخطيرة في الصراع، الذي يعصف بالشرق الأوسط، كما هما الآن.
وقد أطلقت إيران، مساء أمس الثلاثاء، الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، ما يقارب 200 صاروخ باليستي نحو إسرائيل، وتمكنت أنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية والأميركية من اعتراض عدد كبير منها. أما الصواريخ، التي لم يتم اعتراضها، فقد سقطت في مناطق خالية قرب قاعدة جوية جنوب إسرائيل، وبالقرب من مقر الموساد وقاعدة استخبارات عسكرية شمال تل أبيب.
وأوضح مسؤول عسكري إسرائيلي لـ "أكسيـوس"، أن عشرات الصواريخ الإيرانية استهدفت مقر الموساد، إلا أن أيًا منها لم يصب الهدف مباشرة.
وفي تهديد واضح، أعلنت إيران أنها ستشن هجمات جديدة، في حال ردت إسرائيل على هذه العمليات الصاروخية.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن جميع الخيارات مفتوحة، إذا استمرت إيران في هجماتها، بما في ذلك "ضرب المنشآت النووية الإيرانية".
إسرائيل تدرس خيارات الرد
ونقل تقرير "أكسيوس"، عن مسؤول إسرائيلي، قوله: "لا نعلم بالضبط كيف سترد إيران على هجومنا، ولكننا نتوقع احتمال رد شامل، وهذا سيؤدي إلى وضع مختلف تماماً".
وأشار التقرير إلى أن من بين الخيارات المطروحة أمام إسرائيل استهداف المنشآت النفطية الإيرانية، بالإضافة إلى احتمالية تنفيذ اغتيالات مستهدفة، وتدمير أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية.
ومن بين الخيارات المتاحة، قد يشمل الرد الإسرائيلي هجمات جوية بواسطة الطائرات المقاتلة، بالإضافة إلى عمليات سرية تشبه تلك التي استهدفت إسماعيل هنية، زعيم حماس، خلال زيارته إلى طهران.
ارتفاع أسعار النفط وتداعيات اقتصادية
في غضون ذلك، أفادت وكالة "رويترز" بارتفاع أسعار النفط الخام، في ظل التوقعات بهجوم إسرائيلي على منشآت النفط الإيرانية. وتشير التقارير إلى أن استهداف هذه المنشآت سيوجه ضربة قاسية للاقتصاد الإيراني المتدهور بفعل العقوبات.
وكانت إسرائيل قد ردت، في إبريل (نيسان) الماضي، على هجوم صاروخي ومُسيّرات إيرانية محدودة، بهجوم استهدف نظام الدفاع الجوي "إس-300" داخل إيران، مما أنهى موجة الهجمات المتبادلة آنذاك.
إلا أن مسؤولين إسرائيليين يؤكدون أن الرد هذه المرة سيكون "أكبر وأخطر بكثير".
التنسيق مع الولايات المتحدة
اجتمع مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي في الوقت ذاته، الذي شنت فيه إيران الهجوم الصاروخي، يوم الثلاثاء، إلا أن الاجتماع انتهى دون اتخاذ قرار نهائي بشأن تفاصيل "الرد العسكري".
وأكد مسؤول إسرائيلي رفيع لـ "أكسيوس" أن إسرائيل تسعى للتنسيق مع إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قبل اتخاذ قرار نهائي، قائلاً: "إسرائيل تعتزم الرد بشكل مستقل، ولكنها ترغب في التنسيق مع الولايات المتحدة بسبب العواقب الاستراتيجية المحتملة".
وأضاف أن التعاون الدفاعي مع القيادة المركزية الأميركية سيكون ضروريًا، في حال وقوع هجوم إيراني آخر، بما في ذلك توفير ذخائر إضافية لسلاح الجو الإسرائيلي، وربما أشكال أخرى من الدعم العملياتي.
وأعلن بايدن، يوم أمس الثلاثاء، أن الولايات المتحدة وإسرائيل تناقشان كيفية الرد على الهجوم الإيراني، قائلاً: "علينا أن ننتظر لنرى ما سيحدث".
وأكد مسؤول أميركي أن واشنطن تدعم رد إسرائيل، لكنها تشدد على أن يكون "محسوبًا ومدروسًا".
ومن المتوقع أن يجري بايدن محادثة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اليوم الأربعاء، قبل بدء عطلة رأس السنة اليهودية "روش هاشانا".

أفادت تقارير إعلامية بأن صواريخ الحرس الثوري، التي أطلقها على إسرائيل، خلفت قتيلاً واحدًا، وهو مواطن فلسطيني من أهل غزة، يُدعى سامح الأصلي، كان يعمل في الضفة الغربية قبل أن تقتله صواريخ إيران، مساء أمس الثلاثاء.

أثار الهجوم الصاروخي، الذي شنته إيران على إسرائيل، إلى جانب تأكيد تل أبيب قيامها برد انتقامي، ردود فعل واسعة بين الخبراء والنشطاء السياسيين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، الذين أكدوا لا توجد عقلانية استراتيجية في الهجوم الإيراني على إسرائيل.
وتحدث بعض المحللين والخبراء، في مقابلات مع "إيران إنترناشيونال"، حول عواقب الهجوم الإيراني على إسرائيل، واحتمالية اندلاع مواجهة عسكرية شاملة بين البلدين، مؤكدين أن "النظام الإيراني اختار تحويل الحرب بالوكالة إلى مواجهة عسكرية مباشرة".
مجيد محمدي: لا توجد عقلانية استراتيجية في هجوم إيران على إسرائيل
قال عالم الاجتماع الإيراني، مجيد محمدي، في مقابلة مع "إيران إنترناشيونال": "اختارت إيران التصعيد العسكري؛ خوفًا من فقدان مصداقيتها بين وكلائها".
وأضاف: "الهجوم الإيراني على إسرائيل جاء نتيجة لليأس والضغط من الطبقة الحاكمة والارتباك الذي نتج عن الضربات الإسرائيلية المتكررة لأذرع إيران في المنطقة، ولا توجد عقلانية استراتيجية في هذا القرار".
وأضاف محمدي: "لن تتمكن طهران من تحقيق هدفها بتدمير إسرائيل عبر الهجمات الصاروخية، ولذلك نرى بعض الخبراء في وسائل الإعلام الإيرانية يتحدثون عن الحاجة لاستخدام القنبلة النووية ضد إسرائيل".
مئير جاودانفر: قرار خاطئ من إيران قد يقودها إلى الحرب
قال مئير جاودانفر، المحلل في شؤون إسرائيل، في مقابلة مع "إيران إنترناشيونال": "نحن على أعتاب حرب بين إيران وإسرائيل، وهناك احتمال أن تقوم إسرائيل برد انتقامي بمهاجمة أهداف داخل الأراضي الإيرانية". وأضاف: "إذا هاجمت إسرائيل، فستستهدف منشآت حكومية إيرانية".
وأشار جاودانفر إلى ضعف أنظمة الدفاع الإيرانية، والاقتصاد المتهاوي، وانخفاض شرعية النظام الإيراني، قائلاً: "إن قادة إيران ارتكبوا خطأً كبيرًا بإدخال البلاد في مواجهة عسكرية. وأكد أن إسرائيل لا تشترك في حدود مع إيران، لكن النظام الإيراني اختار تحويل الحرب بالوكالة إلى مواجهة عسكرية مباشرة".
مهرداد فرهمند: هجوم إيران على إسرائيل مغامرة خطيرة
قال مهرداد فرهمند، المحلل في شؤون الشرق الأوسط: "لم يكن بإمكان إيران تجاهل الأحداث الأخيرة، التي أثرت على حزب الله، وكان يجب عليها اتخاذ إجراء". وأضاف: "لو لم ترد إيران على مقتل نصر الله، لفقدت مصداقيتها، ولكان حلفاؤها شعروا بخيبة الأمل، ولن يعتمد أحد على النظام الإيراني بعد ذلك".
وأكد فرهمند أن "الهجوم الصاروخي من إيران على إسرائيل كان بمثابة اللعب بالنار، حيث إن إيران وإسرائيل ليستا في وضع متكافئ من الناحية العسكرية".
محسن سازكارا: هذه الحرب ليست حرب الشعب الإيراني
أشار محسن سازكارا، المحلل السياسي وعضو "مجلس إدارة التحول"، إلى أن المرشد علي خامنئي، زجّ بإيران في الحرب بعد مقتل حسن نصر الله، مما يعرّض حياة 90 مليون إيراني للخطر.
وأضاف سازكارا: "شعارات خامنئي المناهضة للولايات المتحدة والداعية لتدمير إسرائيل هي التي دفعت إيران إلى هذه الأزمة، لكن الشعب الإيراني لا يريد هذه الحرب، لأنها ليست حربه".
وتوقع أن إسرائيل، في حال شنت هجومًا على إيران، ستستهدف أولاً أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية.
فرزين نديمي: إيران استخدمت صواريخ متطورة في هجومها على إسرائيل
قال فرزين نديمي، المحلل في الشؤون الدفاعية والأمنية، في مقابلة مع "إيران إنترناشيونال": "وفقًا للتقديرات، فإن 200 إلى 250 صاروخًا أطلقتها إيران وصلت إلى إسرائيل، وكان هناك نحو 10 قواعد صاروخية في جميع أنحاء إيران متورطة في هذا الهجوم".
وأضاف نديمي أن "العدد الحقيقي للصواريخ التي أُطلقت قد يكون أكبر، وربما قامت القوات الأميركية المتمركزة في المنطقة بإسقاط بعضها قبل وصولها إلى إسرائيل". وأوضح أن إيران استخدمت في هذا الهجوم صواريخ جديدة وأكثر تطورًا، مثل الصواريخ ذات الوقود الصلب والصواريخ الفرط صوتية من طراز "خيبرشكن" و"فتاح".
وأشار إلى أن "عددًا من هذه الصواريخ، على عكس التقديرات السابقة، تمكنت من تجاوز الدفاعات الجوية الإسرائيلية".. ومضيفًا أن بعض الصواريخ الإيرانية ربما أصابت مواقع قريبة من مقار جهاز الأمن الإسرائيلي "شين بيت"، و"الموساد" وهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي.
وكانت إيران قد أطلقت، في وقت سابق من هذا العام، وتحديًا ليلة 13 إبريل (نيسان) الماضي، أكثر من 300 صاروخ كروز، وصواريخ باليستية وطائرات مُسيّرة على إسرائيل، وهو أول هجوم مباشر لإيران على الأراضي الإسرائيلية.

ارتفعت أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية بنحو 3 بالمائة، عقب الهجوم الصاروخي، الذي نفذته قوات الحرس الثوري الإيراني على إسرائيل، واحتمال قيام إسرائيل بهجوم على مصادر ومنشآت النفط الإيرانية.
ووفقًا لتقرير وكالة "رويترز"، فقد ارتفع سعر خام برنت مساء الثلاثاء بمقدار 1.86 دولار، أي بنسبة 2.6 بالمائة، ليصل إلى 73.56 دولار للبرميل.
بينما ارتفع سعر الخام الأميركي من نوع "وست تكساس إنترميديت" بمقدار 1.66 دولار، أي بنسبة 2.4 بالمائة، ليصل إلى 69.83 دولار للبرميل، وكان كلا المؤشرين قد سجلا في وقت سابق من اليوم ارتفاعًا تجاوز 5 بالمائة.
وصرحت كيلي سيجل، المحللة السياسية، لوكالة "رويترز" بأن إسرائيل "لن تتردد في توسيع هجماتها العسكرية لضرب إيران بشكل مباشر، ومن المرجح أن تكون المنشآت النفطية الإيرانية ضمن قائمة الأهداف".
وأضافت سيجل أن أي هجوم إسرائيلي على منشآت إنتاج أو تصدير النفط في إيران قد يؤدي إلى اضطرابات في الإنتاج، الذي قد يتجاوز مليون برميل يوميًا.
وجاء هذا الارتفاع في أسعار النفط، في ظل الأوضاع المتوترة بالبحر الأحمر؛ حيث تبنت جماعة الحوثيين، المدعومة من إيران، مسؤولية الهجوم على إحدى السفينتين المتضررتين في ميناء الحديدة.
وقد بدأت جماعة الحوثيين منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بتنفيذ هجمات على السفن الدولية قرب اليمن، تضامنًا مع الفلسطينيين في الصراع بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة.
ونقلت "رويترز" عن المحلل الآخر، توماس فارغا، قوله: "في حال تصاعدت التوترات، قد تشن الميليشيات المدعومة من إيران، مثل الحوثيين والمسلحين العراقيين، هجمات على منتجي النفط في الشرق الأوسط، بما في ذلك السعودية".
وأضاف فارغا: "هناك مخاوف حقيقية الآن من تأثر إمدادات النفط، ومن المتوقع أن تكون التداولات متوترة ومتقلبة حتى تتضح الصورة بشكل أكبر".
وكانت أسعار النفط قد ارتفعت بنحو 4 بالمائة فور إعلان الولايات المتحدة استعداد إيران لشن هجوم صاروخي وشيك على إسرائيل.
ووفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، فإن إيران تعد تاسع أكبر منتج للنفط الخام في العالم لعام 2023، كما أنها تمتلك ثالث أكبر احتياطيات نفطية بعد فنزويلا والمملكة العربية السعودية.
وفي حال استهداف منشآت النفط الإيرانية، فإن الاقتصاد الإيراني، الذي يعاني بفعل العقوبات، سيتلقى ضربة قاسية.
ورغم هذه التوترات، لا يزال المستثمرون يأملون في ألا تتطور هذه الأحداث إلى حرب شاملة بين إسرائيل وإيران، في حين من المتوقع أن تستأنف ليبيا قريبًا صادراتها من النفط الخام.