قائد الحرس الثوري الإيراني: عواقب هجوم إسرائيل ستكون مريرة ومفاجئة لهم



قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في محادثة هاتفية مع نظيره العُماني، بشأن الهجوم الإسرائيلي على بعض الأهداف العسكرية في إيران: "إن طهران لن تترك هذا الاعتداء بلا رد". وكان الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، قد صرّح، في وقت سابق، بأن "طهران ستقوم برد مناسب على هذا الهجوم".

صرح وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، بأن طهران تلقت "رسائل وإشارات" قبل ساعات من هجوم إسرائيل على بعض الأهداف العسكرية في إيران. وأوضح قائلاً: "قبل ساعات من الهجوم الإسرائيلي، تبادلنا رسائل مع عدة أطراف، وتابعنا الإجراءات اللازمة حتى وقت الهجوم".
وأكد عراقجي أيضًا: "لدينا الحق في الرد على التحرك الإسرائيلي، وسنقوم بذلك في الوقت المناسب".

أظهرت الصور الفضائية المنشورة لمواقع استهدفتها إسرائيل، في هجومها الأخير على إيران، مدى الأهمية الاستراتيجية لهذه المراكز والأضرار الجسيمة التي لحقت بها؛ حيث تضمنت هذه الأهداف مواقع لإنتاج الصواريخ، ومنشآت لتجميع وقودها، فضلاً عن أماكن تطوير الأسلحة النووية.
ونشرت شركة "بلانت لابز" (Planet Labs) التجارية للصور الفضائية، إلى جانب شركة أخرى مجهولة، صورًا لأماكن في إيران استهدفتها إسرائيل، وقد خضعت هذه الصور لتحليلات من قِبل خبراء عسكريين.
وكان نفذ الجيش الإسرائيلي سلسلة من الغارات الجوية، تحت اسم "أيام الرد" ضد مواقع إيرانية، بما فيها قلب العاصمة طهران، في الساعات الأولى من صباح السبت، 26 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، وبعد انتهاء العملية، تبين أن نحو 140 مقاتلة إسرائيلية شنت الهجمات على 20 موقعًا في ثلاث محافظات إيرانية على ثلاث موجات.
ولم تقدم إسرائيل بعد تفاصيل دقيقة عن المواقع المستهدفة وعددها، إلا أن الجيش الإسرائيلي أعلن أنه استهدف مصانع لإنتاج الصواريخ ومنشآت عسكرية أخرى بالقرب من طهران وغرب إيران.
وفي تصريح خاص لـ "إيران إنترناشيونال"، أفاد مصدر إسرائيلي مطلع بأن مقاتلات إف-35 الإسرائيلية اخترقت لأول مرة الأجواء الإيرانية، ولم تعترف السلطات الإيرانية باستهداف مواقعها العسكرية ومنشآت الصواريخ، غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، صرح، اليوم الأحد، بأن "إسرائيل استهدفت بدقة القدرة الصاروخية الإيرانية"، مؤكدًا تحقيق أهداف الهجوم بالكامل.
وبحسب تقرير لوكالة "أسوشيتد برس" استنادًا إلى صور "بلانت لابز" الفضائية، ظهرت حقول محترقة قرب موقع إنتاج الغاز الطبيعي في "تنك بيجار" بمحافظة إيلام، يوم أمس السبت، وعلى الرغم من عدم التأكد من ارتباط ذلك بالهجوم الإسرائيلي، فإن الصور الفضائية المنشورة تظهر أضرارًا واضحة في موقعي "بارتشين" و"خجير"، قرب طهران.
موقع طالقان النووي لإنتاج محركات الصواريخ
تظهر الصور الفضائية التجارية تدمير منشآت نووية في "طالقان"، الواقعة على بعد 15 كيلو مترًا من سد "جاجرود"، بالإضافة إلى ثلاثة مبانٍ مرتبطة بإنتاج محركات الصواريخ.
وأشار تقرير صادر عن منظمة "إيران بريفينغ" الحقوقية غير الربحية، يوم الأحد، إلى أن منشأة طالقان النووية تعتبر موقعًا استراتيجيًا ضمن مشروع "آماد" السري الإيراني، الذي يهدف إلى تطوير أسلحة نووية، وكان يركز على تقنيات التفجيرات متعددة المراحل في أوائل ثمانينيات القرن العشرين.
ووفقًا لتحليل "إيران بريفينغ"، يُعد موقع طالقان أيضًا موقعًا لاختبار رؤوس حربية تحمل قنابل نووية، وأكد المفتش السابق للأمم المتحدة ورئيس معهد العلوم والأمن الدولي، ديفيد أولبرايت، أن إسرائيل استهدفت منشأة "طالقان 2" في موقع "بارتشين" ضمن الهجمات الأخيرة.
وأفادت وكالات استخبارات أميركية والوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران أوقفت برنامج "آماد" عام 2003، فيما تستمر طهران في إنكار أي نية لتطوير أسلحة نووية. لكن تقريرًا صدر يوم 14 سبتمبر (أيلول) عن معهد العلوم والأمن الدولي، نقلاً عن مصادر استخباراتية غربية، أشار إلى تصاعد النشاط في موقعين سابقين لبرنامج "آماد" على مدى عام ونصف العام.
وفي منشور له على منصة "إكس"، أشار أولبرايت إلى أن طهران كانت تحتفظ بمعدات مختبرية مهمة في "طالقان 2"، كما أضاف أنه من المحتمل أن تكون طهران قد أزالت بعض المواد الأساسية قبل الهجوم الجوي، وأنه حتى لو لم يبقَ أي معدات داخل الموقع، فإن المبنى لا يزال يحمل "قيمة جوهرية" للأبحاث المستقبلية المرتبطة بالأسلحة النووية.
"بارتشين" و"خجير".. مراكز تجميع وقود الصواريخ الباليستية
بحسب الصور الفضائية، التي حصلت عليها وكالة "رويترز"، فقد استهدفت إسرائيل ثلاثة مواقع في مجمع "بارتشين" العسكري الكبير قرب طهران؛ حيث يتم تجميع وقود صواريخ باليستية صلبة. كما أفاد الباحث في مركز أبحاث القوات البحرية الأميركية، ديكر أولث، بأن الهجوم الإسرائيلي دمر ثلاثة مبانٍ لتجميع وقود الصواريخ الباليستية ومنشأة تخزين في "بارتشين".
وأشار أولث أيضًا إلى تدمير مبنيين في مجمع "خجير" قرب طهران؛ حيث يتم تجميع الوقود الصلب للصواريخ الباليستية. ووفقًا لتقرير "رويترز"، فقد كانت المباني المستهدفة محاطة بحواجز ترابية عالية لمنع انتقال الانفجارات إلى المباني المجاورة، في إشارة إلى ارتباطها بإنتاج الصواريخ.
وأفاد تقرير "أسوشيتد برس" عن صور مجمع "خجير"، بأنه كانت هناك شبكة أنفاق تحت الأرض ومنشآت لإنتاج الصواريخ. وأوضح أولث أن إسرائيل استهدفت مباني تحتوي على معدات لتجميع الوقود الصلب، مؤكدًا أن تلك المعدات باهظة التكلفة واستبدالها قد يكون تحديًا كبيرًا لإيران. وأشار إلى أن الهجوم أدى إلى إعاقة القدرة الإنتاجية الصاروخية الإيرانية بشكل كبير.
ونقل موقع "أكسيوس"، يوم السبت، عن مصادر إسرائيلية مجهولة أن إسرائيل دمرت 12 "مُخلطًا كوكبيًا" تستخدمها إيران لتجميع وقود صواريخ باليستية طويلة المدى، مما أضعف بشدة قدرة طهران على تجديد مخزوناتها الصاروخية، وقد يمنعها من شن هجمات صاروخية واسعة ضد إسرائيل في المستقبل.
أهداف إضافية وأضرار محدودة
انتشرت فيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي من قِبل المواطنين الإيرانيين تُظهر تدمير عدة منشآت عسكرية، ومن بينها "شمس آباد" قرب طهران. وتداولت تقارير عن تدمير منشآت مرتبطة بشركة "تایکو" التابعة لمؤسسة "جهاد البحوث" الإيرانية، بينما أشارت تقارير غير مؤكدة إلى استهداف أنظمة الدفاع الجوي، جنوب طهران.
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤول إسرائيلي أن إيران كانت تمتلك أربع منظومات دفاع جوي متطورة من طراز "إس-300"، دُمرت جميعها في الهجوم الإسرائيلي.
وفي بيان صدر عن هيئة الأركان الإيرانية، يوم السبت، أعلنت أن صواريخ بعيدة المدى من طراز خفيف ضربت بعض الرادارات الحدودية في محافظتي إيلام وخوزستان وحول العاصمة طهران، مع تأكيدها اعتراض "عدد كبير" من الصواريخ، واصفة الأضرار بالـ "محدودة".
وتأتي هذه الهجمات الإسرائيلية ردًا على إطلاق إيران لأكثر من 200 صاروخ باليستي نحو إسرائيل في الأول من أكتوبر الجاري.

في أول رد فعل له على الهجوم الجوي الإسرائيلي على إيران، قال المرشد علي خامنئي: "إن المسؤولين يجب أن يحددوا كيفية إيصال قوة وإرادة إيران إلى إسرائيل"، مشددًا على أن ما هو "صالح" يجب أن يُنفذ، واصفًا الهجوم الإسرائيلي بـ "الشر"، مؤكدًا أنه يجب عدم تضخيمه أو تقليله.
ولم يوضح خامنئي بشكل شفاف كيفية الرد على هذا الهجوم، تاركًا تقدير أبعاده إلى المسؤولين.
وكانت إسرائيل قد شنت سلسلة من الهجمات الجوية على مواقع عسكرية في إيران، فجر أمس السبت، 26 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.
وحاول بعض المسؤولين الإيرانيين التقليل من أهمية هذا الهجوم، في أعقاب وقوعه.
كما أعلنت الدفاعات الجوية الإيرانية، يوم أمس، عن اعتراض "ناجح" لهجمات إسرائيل "المحدودة"، التي استهدفت قواعد عسكرية ذات أهمية، في ثلاث محافظات، بما فيها العاصمة طهران.
وعلى الرغم من تأكيد إيران اعتراض جميع المقاتلات الإسرائيلية، فإنها عادت سالمة إلى بلدها، بعد تنفيذ الهجوم.
ومن ناحية أخرى، أفادت البيانات الرسمية بمقتل أربعة عناصر من الجيش الإيراني خلال هذا الهجوم.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أمس، نقلاً عن أربعة مسؤولين إيرانيين، أن خامنئی قد أعطى أوامر للحرس الثوري والجيش بإعداد عدة خطط عسكرية للرد على الهجوم الإسرائيلي.
تهديدات المسؤولين الإيرانيين بالرد الحازم
تحدث عدد من المسؤولين الإيرانيين، منذ يوم أمس السبت، عن "حق الرد" على إسرائيل.
وقال رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، اليوم الأحد: "إن إيران لديها الحق في الدفاع عن نفسها في إطار الدفاع المشروع وميثاق الأمم المتحدة"، مضيفًا: "إن الرد على هذه الاعتداءات سيكون حازمًا وفقًا للاعتبارات".
كما أرسل وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، رسالة إلى مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة، قال فيها إن "إيران تحتفظ بحقها الذاتي في الرد قانونيًا ومشروعيًا".
وذكر عراقجي أيضًا، في اتصال هاتفي مع وزراء خارجية سوريا وقطر ومصر، أن إيران لن تتردد في "الرد الحازم والمتناسب" في الوقت المناسب.
وفي حديث آخر، اتهم عراقجي الولايات المتحدة بالمشاركة في الهجوم الإسرائيلي، قائلاً: "إن أميركا وفرت ممرًا جويًا لسلاح الجو الإسرائيلي".
أظهر الرئيس الإيراني، مسعود بزشکیان، موقفًا غير مباشر؛ حيث كتب على منصة "إكس" صباح الأحد: "يجب أن يعرف أعداء إيران أن هذا الشعب الشجاع يقف بلا خوف دفاعًا عن أرضه، وسيرد على أي حماقة بحكمة وذكاء".
وكان بزشکیان، قد هدد قبل أربعة أيام، في اجتماع مع رئيس وزراء إثيوبيا، إسرائيل بأنه إذا "خطت خطوة خاطئة" وارتكبت أي اعتداء على إيران، فستتلقى ردًا "حازمًا وغير قابل للتصديق".
ووصف نائب الرئيس الإيراني، محمد رضا عارف، الهجوم الإسرائيلي بـ "الخسة"، مؤكدًا أن طهران سترد في الوقت والظروف "المناسبة" بناءً على هذا الهجوم.
وقلل عارف من أهمية الهجوم الإسرائيلي، قائلًا: "هذا التحرك البائس، رغم كل الشعارات التي أطلقوها والمهل التي حددوها، تم القيام به لتلبية الواجب فقط".
كما كتب ممثل خامنئی في صحيفة "كيهان"، حسين شريعتمداري، في افتتاحية الصحيفة، اليوم الأحد: "يُسمع من بعض المصادر أنه الآن بعد أن لم يُحقق الهجوم الإسرائيلي نجاحًا ملحوظًا، فمن الأفضل أن نتجنب الرد أو الرد القوي".
ووجه شريعتمداري رسالة لهؤلاء الأفراد، قائلاً: "إن أي تقصير في الرد الحازم والرادع هو بمثابة دعوة لأميركا وقواعدها الإقليمية، أي إسرائيل، لشن هجمات مدمرة على إيران وإبادة شعبها".
ووصف عدد من المؤيدين للحكومة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، منذ صباح السبت، هجمات إسرائيل بأنها ليست ذات قيمة وغير ناجحة.
مع ذلك، طلبت طهران من رئيس مجلس الأمن الدولي عقد جلسة طارئة لمناقشة الهجوم الإسرائيلي على المراكز العسكرية الإيرانية.
وبعد انتهاء عمليات "أيام الرد" للجيش الإسرائيلي، تبين أن نحو 140 طائرة مقاتلة إسرائيلية قد استهدفت 20 نقطة في ثلاث محافظات إيرانية على ثلاث موجات؛ حيث قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: "إن إسرائيل الآن تتمتع بحرية حركة أكبر في سماء إيران".
ويُعتبر هذا الهجوم أول هجوم خارجي واسع النطاق على الأراضي الإيرانية، منذ نهاية حرب إيران والعراق عام 1988.
وحتى الآن، لم تعترف إسرائيل بوضوح بمسؤوليتها عن أي عمليات على أراضي إيران.
ونُشرت صور جديدة على جدارية ميدان "وليعصر" وميدان فلسطين في طهران، مخصصة لتهديد إسرائيل، اليوم الأحد.
ويستخدم النظام الإيراني هذه الجداريات بشكل رئيس للتعبير عن رسائله السياسية والإيديولوجية.
ويظهر الرئيس الإيراني، مسعود بزشکیان، ورئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، محمد باقري، في صورة الجدارية بميدان "وليعصر"، تحت عنوان "خبراء الحرب"، وفي الجهة الأخرى الرئيس الأميركي، جو بايدن، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بعنوان "المثیرون للحرب".
وكتب باللغة العبرية على الجدارية الحمراء في ميدان فلسطين: "عاصفة أخرى في الطريق".
وصرح مسؤولان في الحرس الثوري الإيراني، لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، يوم أمس، بأن "الهجمات الإسرائيلية على إيران ستقابل بخيارات من قبيل إطلاق ما يصل إلى ألف صاروخ باليستي، وتصعيد هجمات الميليشيات التابعة لإيران في المنطقة، وتعطيل تدفق الطاقة العالمية والنقل عبر الخليج العربي ومضيق هرمز".
كما أعرب مسؤول بإدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، يوم السبت، في حديثه مع الصحافيين، عن اعتقاده بأن الهجوم الإسرائيلي يجب أن ينهي المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، لكن إذا ردت طهران على هذا الهجوم، فإن الولايات المتحدة ستدعم إسرائيل مرة أخرى.

تحدث البرلمان الإيراني، محمد رضا صباغيان، عن الهجمات الإسرائيلية على بعض الأهداف العسكرية في إيران، قائلاً: "يجب أن نفكر في تلك الأسلحة الدفاعية، التي تمتلكها إسرائيل وأميركا، ردًا على هؤلاء المعتدين والمتغطرسين". وأضاف: "لا بد من مراجعة عقيدتنا الدفاعية والنووية".