طالبان معتقلان: على الشعب الإيراني عدم انتظار التحولات الدولية



قال سهيل كريمي، أحد عناصر الأمن الإيراني الذي ظهر على التلفزيون الرسمي بصفته "خبيرًا" في الشأن السوري، قائلاً: "إذا فقدنا سوريا، فلن يكون لدينا حزب الله بعد الآن."
وأضاف: "منذ الآن سيصبح حزب الله مجرد حزب سياسي في لبنان وفلسطين، ولن يكون قوة دفاعية عن قضية فلسطين. سوريا بالنسبة لنا ذات أهمية حيوية. نحن نأمل أن يُسمح لنا بالتدخل في سوريا".

ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن إيران بدأت إجلاء قادتها العسكريين وقواتها من سوريا، في خطوة اعتبرها مسؤولون إقليميون وثلاثة مسؤولين إيرانيين علامة على عجز النظام الإيراني عن مساعدة بشار الأسد في مواجهة الهجوم الواسع الذي شنه المسلحون المعارضون للأسد.
يتزامن هذا الانسحاب مع الهجوم الكبير الذي شنته مجددًا جماعات المعارضة السورية المسلحة ضد قوات الأسد. ومن بين الذين تم نقلهم إلى العراق ولبنان، شوهد قادة بارزون في فيلق القدس، الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني.
وبحسب ثلاثة مسؤولين إيرانيين، اثنان منهم أعضاء في الحرس الثوري، فإن أفراد الحرس، وبعض الدبلوماسيين الإيرانيين وعائلاتهم، إضافة إلى مواطنين إيرانيين آخرين، يجري حاليًا إجلاؤهم من سوريا.
وقد صرحت مصادر "نيويورك تايمز"، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، بأن أوامر الإجلاء شملت السفارة الإيرانية والقواعد التابعة للحرس الثوري في سوريا، وبدأت عملية الإجلاء، بما في ذلك عدد كبير من موظفي السفارة، صباح يوم أمس الجمعة.
وتتضمن عمليات الإجلاء نقل جزء من هؤلاء عبر رحلات جوية إلى طهران، بينما يتم نقل آخرين عبر الطرق البرية إلى لبنان والعراق وميناء اللاذقية السوري.
وقال مهدي رحمتي، وهو محلل استراتيجي يقدم المشورة للمسؤولين الإيرانيين بشأن قضايا المنطقة، في مقابلة هاتفية مع الصحيفة، إن انسحاب إيران من سوريا يأتي لأن "الجيش السوري نفسه لا يرغب في القتال، وبالتالي فإن إيران لا يمكنها تقديم المشورة أو الدعم العسكري لسوريا."
ووصفت الصحيفة أوامر إجلاء القوات الإيرانية بأنها مؤشر هام على تغيّر الظروف بالنسبة للأسد وإيران، التي دعمت نظام الأسد طوال الحرب الأهلية السورية التي استمرت 13 عامًا، واستخدمت الأراضي السورية كطريق رئيس لنقل الأسلحة إلى حزب الله اللبناني.
وكانت إيران، إلى جانب روسيا، أبرز داعم لنظام الأسد، حيث أرسلت قواتها وقادتها إلى الجبهات الأمامية وقدمت الدعم للميليشيات المسلحة الموالية لها.
وخلال تلك الفترة، أرسلت إيران عشرات الآلاف من مقاتلي فيلق القدس والمقاتلين بالوكالة، بما في ذلك أفغان وباكستانيون شيعة، بالإضافة إلى قوات الحشد الشعبي وحزب الله اللبناني، للدفاع عن نظام الأسد ضد الجيش السوري الحر والجماعات الإسلامية المتطرفة.
وبحسب التقرير، تم نقل لواء "فاطميون" الأفغاني، الذي ظل في قواعد الحرس الثوري الإيراني في سوريا، يوم الجمعة إلى دمشق واللاذقية. ونشرت حسابات مرتبطة بالحرس الثوري مقاطع فيديو تظهر مقاتلي "فاطميون" وهم يرتدون زيًا عسكريًا ويلجأون إلى مرقد السيدة زينب قرب دمشق.
وقد أدى الهجوم المفاجئ الذي شنّه تحالف المسلحين إلى تغييرات كبيرة في مسار الحرب الأهلية، حيث تمكنوا خلال أسبوع واحد من السيطرة على مدن هامة مثل حلب وحماة، وأصبحوا يسيطرون على مساحات واسعة من أربع محافظات.
وبحسب المصادر الإيرانية لـ"نيويورك تايمز"، فقد فرّ اثنان من قادة فيلق القدس الذين كانوا يقودون القوات الإيرانية في سوريا إلى العراق يوم أمس الجمعة، بعد سيطرة "هيئة تحرير الشام" على حمص وسيطرة قوات سوريا الديمقراطية على دير الزور.
ردود فعل المسؤولين الإيرانيين
وفي الأثناء، انتقد أحمد نادري، النائب عن طهران في البرلمان الإيراني، التقاعس الإيراني تجاه التطورات في سوريا، وكتب: "سوريا على وشك السقوط ونحن نشاهد بدم بارد. إذا سقطت دمشق، سنفقد لبنان والعراق أيضًا، وسنضطر إلى مواجهة العدو عند حدودنا. قدمنا الكثير من الدماء للحفاظ على سوريا، ولا أفهم هذا الصمت، لكنه ليس في صالح البلاد. يجب التحرك قبل فوات الأوان."
ومن جانبه، قال عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، في مقابلة تلفزيونية مع قناة "الشرقية" أمس الجمعة، تعليقًا على الوضع في سوريا: "الأمور تعتمد على القضاء والقدر"، مضيفًا: "نحن لسنا عرافين ولا يمكننا التنبؤ بما سيحدث. فقط ما يقدّره الله سيحدث. المقاومة تؤدي واجبها."

صرّح مصدر دبلوماسي لـ"إيران إنترناشيونال" بأن بشار الأسد يسعى للابتعاد عن محور "إيران- روسيا" والتقرب من الولايات المتحدة، بهدف إنهاء الوجود الإيراني في سوريا بشكل كامل.
وأكد المصدر الدبلوماسي، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن الأسد توصّل إلى قناعة بعد التطورات الأخيرة بأن روسيا وإيران لم تعودا قادرتين على إبقائه في السلطة، ولذلك يسعى إلى التقرب من الولايات المتحدة مع محاولة الاحتفاظ بدعم روسيا عبر الحفاظ على قواعدها في سوريا، بينما يعتزم إنهاء النفوذ الإيراني بالكامل.
وأضاف المصدر أن الولايات المتحدة طلبت من الأسد، خلال الأيام الأخيرة، إنهاء وجود روسيا وإيران في سوريا. كما أشار إلى أن تقارير سابقة ذكرت أن واشنطن عرضت على الأسد الابتعاد عن إيران، بما في ذلك تقارير لوكالة "رويترز" حول اتصالات بين الولايات المتحدة والإمارات مع دمشق، بهدف تأكيد قطع الطرق المستخدمة لنقل الأسلحة إلى حزب الله اللبناني عبر سوريا.
وكانت إسرائيل قد طالبت أيضاً بوقف شحنات الأسلحة الموجهة إلى حزب الله من الأراضي السورية. وفي ظل عجز القوات الإيرانية عن مواجهة الهجوم الواسع من قبل المسلحين المعارضين للأسد، ظهرت تقارير عن انسحاب تلك القوات من سوريا.
ووفقاً لتقرير صحيفة "نيويورك تايمز"، بدأت إيران يوم أمس الجمعة سحب قادتها العسكريين وقواتها من سوريا، بالإضافة إلى طاقم سفارتها في دمشق. وكانت الولايات المتحدة قد دعت سابقاً إلى انسحاب إيران من سوريا، حيث صرّح وزير الخارجية الأميركي الأسبق مايك بومبيو عام 2020 قائلاً: "لقد أوضحنا بشكل جلي للنظام السوري والروس أن على الإيرانيين المغادرة."
وفي سياق متصل، قُتل محمد رضا زاهدي، قائد القوات الإيرانية في سوريا ولبنان، يوم 2 أبريل (نيسان) الماضي، إلى جانب عدد من أفراد فيلق القدس وأحد أعضاء حزب الله، في هجوم إسرائيلي على مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق.
ووفقاً للمصدر، فقد قرر الأسد عدم التدخل في المناطق الكردية، مما يعني بقاء السيطرة على هذه المناطق في يد الأكراد. حيث تسيطر "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) على منطقة واسعة تمتد بين الحدود التركية والعراقية ونهر الفرات في شمال شرقي سوريا، وهي منطقة تثير حفيظة تركيا.
وفي مكالمة هاتفية مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، شدد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على ضرورة أن يبدأ الأسد حواراً مع المعارضة وإطلاق عملية سياسية لتحقيق التغيير.
وأضاف: "يجب على جميع الأطراف الإقليمية أن تلعب دوراً بنّاءً في هذا المسار."
وفي الوقت نفسه، قال عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، خلال اجتماع ثلاثي ضم وزراء خارجية العراق وسوريا وإيران في بغداد أمس الجمعة، إن الوضع في سوريا "حساس للغاية"، مؤكداً استعداد طهران الكامل لدعم "الحكومة والشعب والجيش السوري".
من جهة أخرى، أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن أمله في أن تتقدم المعارضة السورية نحو دمشق "بأمان ودون وقوع حوادث". وأضاف أنه طلب من الأسد التعاون لتحديد مستقبل سوريا معاً، لكنه لم يتلقَّ رداً إيجابياً.

أشارت صحيفة "فرهيختكان"، المقربة من الحرس الثوري الإيراني، إلى التطورات في سوريا، وكتبت: "أصبحت مشكلة النظام الإيراني أكثر تعقيدا، وحدثت مفاجأة كبيرة، حيث تجاوزت سرعة التطورات وتيرة اتخاذ القرارات في إيران".
وأضافت الصحيفة: "أصبح المسؤولون الإيرانيون يشكون في أجهزة الاستخبارات وتحليلاتها".

قال الخبير الإيراني في الشؤون السورية، والمقرب للحرس الثوري، سهیل كريمي، خلال مقابلة مع التلفزيون الرسمي: "حاليا، قواتنا ليست في الميدان. لم يُسمح لقواتنا بالقتال في سوريا. لماذا يحدث هذا؟" وأضاف: "أيام مشرقة تنتظرنا، لكن يجب ألا ندفع تكاليف غير ضرورية".