الرئيس الإيراني: الشعب السوري هو من يجب أن يقرر مصيره ونظامه السياسي



أفادت وكالة الأنباء الروسية "إنترفاكس"، اليوم الأحد، نقلاً عن مصدر في "الكرملين"، بأن الرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد وعائلته وصلوا إلى موسكو، حيث منحتهم السلطات الروسية اللجوء لأسباب إنسانية.

أثار سقوط نظام بشار الأسد في سوريا ردود فعل واسعة بين المستخدمين الإيرانيين على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث أشار العديد من الشخصيات السياسية والمحللين إلى أن مصير الأنظمة الديكتاتورية، بما في ذلك النظام الإيراني ومرشده، علي خامنئي، هو الانضمام إلى "مزبلة التاريخ".
وقال الناشط السياسي المعارض للنظام الإيراني، أمير اعتمادي، عبر حسابه على منصة "إكس": "إن بشار الأسد المجرم ونظامه انضما إلى مزبلة التاريخ"، مضيفًا أن "خامنئي ونظامه سيواجهان المصير ذاته".
وأشار الناشط الإيراني البارز في حركة "المطالبة بالعدالة"، حامد إسماعيليون، إلى أن بشار الأسد "ارتكب الجرائم لسنوات طويلة" وقتل "مئات الآلاف من السوريين".
وقال: "إن النظام الإيراني دعّم الأسد ووالده المجرم لعقود طويلة، وأنفق مليارات الدولارات من أموال الشعب الإيراني لإبقائه في السلطة، وشارك في جرائمه بمساعدة شخصيات نافذة، مثل قائد فيلق القدس السابق بالحرس الثوري، قاسم سليماني". وأضاف أن "سقوط الأسد يمثل بداية سلسلة من الأحداث التي ستؤدي إلى سقوط النظام الإيراني"، متمنيًا أن يُحاكم الأسد أمام شعبه يومًا ما.
واستخدم عدد من المستخدمين الفكاهة والسخرية في التعبير عن ردود فعلهم؛ حيث نشر لاعب كرة القدم الإيراني الشهير والمعارض للنظام، علي كريمي، صورة لزينب، ابنة قاسم سليماني، وسخر قائلاً: "العم بشار رحل أيضًا! اذكروا أسماء الأعمام الباقين لزينب".
وعلقت الصحافية الإيرانية، هدية كيميائي، قائلة: إن سقوط الأسد أدى إلى "صدى نداء الحرية في دمشق"، مشيرة إلى أن "حماس وحزب الله وسوريا وروسيا قد انتهوا، ولم يتبقَ سوى علي خامنئي ومن حوله".
كما عبر السجناء السياسيون في إيران عن فرحتهم، ووفقًا لقول سعيد أفكاري، فإن شقيقه المسجون، وحيد أفكاري، كان سعيدًا للغاية بسقوط نظام الأسد لدرجة أن "الابتسامة لم تفارق وجهه طوال اللقاء". يُذكر أن وحيد أفكاري محتجز في الحبس الانفرادي منذ أكثر من 1556 يومًا.
أصغر سهبري، الناشط المدني وشقيق السجينين السياسيين: محمد سهبري وفاطمة سهبري، دعا المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرة توقيف بحق بشار الأسد، مشيرًا إلى أن سقوطه فرصة لتحقيق العدالة.
وأبدت الصحافية مولود حاجي زاده، دهشتها من الصور والأخبار القادمة من السجون السورية، حيث أُطلق سراح سجناء كانوا مفقودين منذ سنوات أو يُعتقد أنهم قُتلوا. وأضافت: "عندما يسقط خامنئي، سنشهد أشياء مروعة من سجون النظام الإيراني".
وأشارت الناشطة الحقوقية، آتنا دائمي، إلى إطلاق سراح "آلاف السجناء" من السجون السورية بعد سقوط الأسد. وقالت إن الأسد "قتل الآلاف، واحتجز معارضيه لسنوات طويلة، وأجبر ملايين السوريين على النزوح، لكنه سقط في النهاية كما سقط غيره من الطغاة".
دائمي، التي قضت سنوات في سجون النظام الإيراني، قالت إنها "شاهدت بفارغ الصبر لحظات فتح أبواب السجون في سوريا"، وأضافت: "بلا شك، سنحتفل قريبًا بسقوط النظام الإيراني ومحاكمة خامنئي وجميع المسؤولين عن جرائم هذا النظام، وسيصبح حلم الحرية حقيقة".
وقال الصحافي والمحلل السياسي الإيراني، نجات بهرامي: "إن الأنظمة القمعية تصبح أكثر هشاشة عند تعرضها للفشل الخارجي"، مشيرًا إلى أن النظام الإيراني الآن "نظام مهزوم ومنهار بلا أي شرعية". ودعا إلى ثورة وطنية تهدف إلى تحقيق الحرية والمساواة لكل المواطنين الإيرانيين، لتجنب السيناريوهات المدمرة، مثلما حدث في سوريا أو ليبيا أو العراق.
وأكد أيضًا: "لا ينبغي أن ننسى أن سقوط الأنظمة وإزالة التماثيل يمكن أن يؤدي إلى الفوضى والحرب الأهلية إذا لم يتم التعامل معه بشكل صحيح. طبيعة إيران تختلف عن سوريا، ويجب على الجميع الحذر من أن المشاريع السياسية والجهات التي تتلقى الدعم المالي من الخارج لا توجه العقول نحو نماذج خطيرة. يجب علينا أن نحارب النظام الإيراني، وفي الوقت ذاته نحمي وحدة بلدنا".
ووصف حسين رونقي، الناشط السياسي الإيراني، بشار الأسد بـ "الديكتاتور الدموي والسفاح" في سوريا، واعتبر سقوطه "درسًا كبيرًا لكل الأنظمة الاستبدادية".
وأضاف: "لقد ضحى نظام طهران، خلال العقود الماضية، بإيران ومواردها المالية تحت ذريعة الدفاع عن الحرم، من أجل دعم هذا الديكتاتور. عشرات المليارات من الدولارات من الثروة الوطنية الإيرانية، التي كان يمكن استخدامها لتطوير البنية التحتية وتحسين الحياة الاقتصادية والاجتماعية للشعب، أُهدرت في بناء التحالفات الطائفية وإشعال الحروب ودعم الجرائم، التي ارتكبها نظام لا علاقة له بالمصالح الوطنية لإيران".
وشدد رونقي على أن: "التاريخ أظهر أن مصير جميع الديكتاتوريين هو السقوط. وكما سقط بشار الأسد، فإن النظام الإيراني أيضًا لن يتمكن من الهرب من هذا المصير المحتوم. لا توجد أي قوة، وخاصة قوة نظام غير شرعي، قادرة على الصمود أمام إرادة ووحدة شعب دما. اليوم الذي يستعيد فيه الشعب الإيراني مجده وحريته أقرب مما يُتصور. هذا الحدث لن يكون فقط نهاية للاستبداد في المنطقة، بل يبشر بالحرية واستعادة السلطة الحقيقية للشعب الإيراني".
واستعاد مغني الراب المعارض للنظام الإيراني، حامد فرد، جزءًا من إحدى أغانيه السابقة، التي يقول فيها: "أقسم بنحيب الأمهات ودموعهن، ستدفع الثمن يا بشار الأسد". وكتب: في عام 2012 عندما كنت أكتب كلمات أغنية "المعركة من أجل حمص" في غرفتي الصغيرة بمنزلنا في رشت، كنت مؤمنًا بأن سقوط الأسد قريب.
وأضاف: "في ذلك الوقت، بقي نظام الأسد شبه الميت على قيد الحياة بتنفس صناعي قدمته طهران وروسيا، لكنه في النهاية اليوم، أُلقي بنظامه الدموي في مزبلة التاريخ".
وعلق المعارض الإيراني، عبدالله موسولجي، الذي نشر مؤخرًا صورة لرفع علم إسرائيل بجانب برج "آزادي" في طهران، على سقوط الأسد، قائلاً: "حماس سقطت خلال عام، حزب الله في شهر، بشار الأسد خلال أسبوع، والنظام الإيراني سيسقط في يوم واحد!".
وأشار الصحافي الإيراني، شهرام رفيع زاده، إلى صورة لعشاء جمع وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في أحد مطاعم دمشق الأسبوع الماضي، وسخر قائلاً: "من زيارة عراقجي وإعلان الدعم الكامل للأسد، وتناول ذلك العشاء المشؤوم في دمشق، إلى سقوط الأسد وتدمير صور نصر الله وسليماني على مدخل السفارة الإيرانية في العاصمة السورية، كل ذلك حدث خلال أسبوع واحد فقط".
والجدير بالذكر أنه في ظل التقدم السريع والسلس لقوات المعارضة السورية المسلحة لنظام بشار الأسد، تمكنت هذه الجماعات، بعد السيطرة على مدن حمص ودير الزور ودرعا، يوم الأحد 8 ديسمبر (كانون الأول)، من دخول العاصمة دمشق، دون أي مقاومة تُذكر من القوات الحكومية.

قال حسين شريعتمداري، ممثل المرشد الإيراني، علي خامنئي، في صحيفة "كيهان"، في أول تعليق على التطورات في سوريا: "يجب ألا ننسى أن الهدف الرئيس لهيئة تحرير الشام هو إيران".

صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأن إسرائيل تراقب التطورات في سوريا عن كثب، وستقوم باتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لحماية حدودها وضمان أمنها، مؤكدًا أن أن سقوط الأسد جاء نتيجة مباشرة للضربات، التي وجهتها إسرائيل إلى إيران وحزب الله.
وأشار نتنياهو إلى سقوط بشار الأسد، واصفًا هذا الحدث بأنه يوم تاريخي ومشهود في الشرق الأوسط، واعتبر أن حكومة الأسد كانت تشكل حلقة رئيسة في ما سماه "محور الشر الإيراني"، والذي انهار الآن.
وأكد أن سقوط الأسد جاء نتيجة مباشرة للضربات، التي وجهتها إسرائيل إلى النظام الإيراني وحزب الله، اللذين يعدّان الداعمين الرئيسين لنظام الأسد.
وأوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي أن هذه التحركات أدت إلى سلسلة من ردود الفعل من قِبل العديد في الشرق الأوسط، الذين كانوا يتطلعون للتخلص من نظام الأسد القمعي والاستبدادي.
وحذّر نتنياهو من أن التطورات في سوريا تقدم فرصًا جديدة ومهمة للغاية لإسرائيل، لكنها في الوقت نفسه تحمل مخاطر بسبب فرار الأسد من سوريا. وأضاف: "لن نسمح لأي قوة معادية بالتمركز على حدودنا".
وأشار إلى أن المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا، التي ظلت تحت سيطرة منطقة آمنة لنحو 50 عامًا وفق اتفاقية فك الاشتباك لعام 1974، قد انهارت الآن، وأن القوات السورية غادرت مواقعها.
وأكد نتنياهو أنه أصدر، بالتنسيق مع وزير الدفاع، تعليمات إلى الجيش الإسرائيلي بالانتشار في المنطقة العازلة مع سوريا.
وأضاف رئيس الوزراء أن إسرائيل ستواصل تطبيق سياسة "حسن الجوار" تجاه سوريا، وستقدم المساعدات الإنسانية للمواطنين السوريين، لكنه شدد على أن إسرائيل ستمتنع عن المشاركة الفعلية في النزاع الداخلي السوري.

أطلق المرشد الإيراني، علي خامنئي، على الرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد، عدة أوصاف، ومنها "المقاتل المقاوم والكبير"، وأشاد به علنًا في مناسبات عديدة، وقد بدأت اللقاءات بين خامنئي وبشار الأسد منذ عام 2000 واستمرت حتى ستة أشهر مضت.
وتغيرت العلاقات بين النظام الإيراني وسوريا، بعد بداية الربيع العربي، عام 2010؛ حيث أصبحت إيران الدرع الواقية لنظام الأسد في معركته ضد معارضيه.
وكشف مسؤولون في إيران مرارًا أن العالم بأسره، حتى حركة حماس، طالب برحيل بشار الأسد عن السلطة، بعد الربيع العربي واندلاع الاحتجاجات في سوريا، لكن خامنئي أصرّ على بقائه.
وأشار وزير الخارجية الإيراني الأسبق، حسين أمير عبد اللهيان، في مقابلة أجريت في مارس (آذار) 2023، إلى أن خامنئي قال للأسد خلال لقاء بينهما: "يجب أن نبذل كل ما في وسعنا واتخاذ الإجراءات اللازمة لإفشال الخطة، التي تحيط بالمنطقة والعالم الإسلامي".
وأكد خامنئي، في عدة مناسبات، أن إيران وسوريا تمثلان "عمقًا استراتيجيًا" لبعضهما البعض.
حسن نصر الله: سوريا "عمود خيمة المقاومة"
تحدث الأمين العام السابق لحزب الله اللبناني، والذي لقي حتفه جراء غارة إسرائيلية، حسن نصر الله، عن دور بشار الأسد في دعم الجماعات التابعة للنظام الإيراني المعروفة باسم "محور المقاومة"، قائلاً: "إن سوريا هي عمود الخيمة".
آخر لقاء بعد وفاة "رئيسي"
كان آخر لقاء بين بشار الأسد وخامنئي بعد مقتل الرئيس الإيراني السابق، إبراهيم رئيسي، ووزير خارجيته، حسين أمير عبد اللهيان، اللذين لقيا مصرعهما في حادث تحطم طائرة في مايو (أيار) الماضي؛ حيث زار الأسد إيران لتقديم التعازي.
وقال خامنئي، خلال هذا اللقاء، إن "الدول الغربية لم تنجح في إسقاط النظام السياسي في سوريا، وإنها تحاول الآن بوسائل أخرى، بما في ذلك الوعود التي لن تُنفذ أبدًا، لإخراج سوريا من معادلات المنطقة". وأكد: "يجب أن يرى الجميع الميزة الخاصة للدولة السورية، وهي المقاومة".
استقالة ظريف بعد زيارة غير معلنة لبشار الأسد
أجرى بشار الأسد عدة زيارات إلى طهران، لكن الأكثر إثارة للجدل كانت زيارته عام 2018، التي أغضبت وزير الخارجية حينها، محمد جواد ظريف، إذ لم يتم إبلاغه بهذه الزيارة، ولم يحضر لقاء خامنئي مع الأسد، مما دفعه لتقديم استقالته.
وكانت تلك أول زيارة لبشار الأسد إلى إيران، منذ بداية الاحتجاجات في سوريا عام 2011؛ حيث أفادت وسائل إعلام إيرانية، لاحقًا، بأن قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني، سافر إلى دمشق وأحضر الأسد إلى طهران على متن طائرة خاصة.
وخلال هذا اللقاء، قال خامنئي: "إن صمود الرئيس بشار الأسد والشعب السوري وإصرارهما على المقاومة هو سر النصر وإفشال مخططات أميركا وعملائها الإقليميين".
العلاقات الإيرانية- السورية منذ عام 2000
تولى بشار الأسد منصب الرئاسة في عام 2000، خلفًا لوالده حافظ الأسد، ووصفه خامنئي خلال لقاءاته بأنه خليفة مناسب لحافظ الأسد.
وفي يناير (كانون الثاني) 2021، وخلال أول لقاء مع بشار الأسد بعد فترة طويلة، تحدث خامنئي عن العلاقات "القوية" بين إيران وسوريا، مشيرًا إلى أن أوضاع المنطقة الآن مختلفة تمامًا عن العقود السابقة.
وخلال لقاء مع بشار الأسد، عقب الغزو الأميركي للعراق، في فبراير (شباط) 2003، رحب خامنئي بالتعاون الوثيق بين إيران وسوريا في جميع المجالات، بما في ذلك قضية العراق.
وقال خامنئي في ذلك الوقت: "قد يتمكن الأميركيون من إلحاق بعض الأضرار قصيرة الأجل بالمنطقة، لكن مقاومة الشعوب ستوجه في النهاية أكبر ضربة لأميركا وستؤدي إلى انهيار هيمنتها كقوة عظمى".
وفي عام 2004، وخلال لقاء مع بشار الأسد، قال خامنئي: "وجودكم كشخصية جديرة وشجاعة في رأس الدولة السورية يعوض غياب المرحوم حافظ الأسد".
وفي عام 2006، وصف خامنئي العلاقات الإيرانية- السورية بأنها من "أقدم وأهم العلاقات" في المنطقة، مشيرًا إلى ضرورة تعزيز هذه العلاقات بشكل أكبر.
خامنئي: الأسد "مقاتل مقاوم وكبير"
تحدث خامنئي مرارًا في خطاباته عن سوريا وحكومة النظام السوري، إلى جانب لقاءاته مع بشار الأسد.
وقال خامنئي، خلال لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادة بإيران، في 21 سبتمبر (أيلول) 2017: "إن المحور الرئيس للمخطط (الأميركي للشرق الأوسط) كان يتمثل في سوريا ولبنان والعراق؛ هذه الدول الثلاث هي المحاور الرئيسة".
وفي لقاء مع وزير الأوقاف السوري، في الأول من مارس 2018، قال خامنئي: "إن الرئيس السوري، بشار الأسد، ظهر في صورة مقاتل ومقاوم كبير؛ لم يشكك في موقفه وصمد بثبات. هذا أمر بالغ الأهمية لأي شعب".
كما صرح خامنئي، أثناء لقاء مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عام 2015، بأن "إصرار الأميركيين على رحيل بشار الأسد، الرئيس الشرعي المنتخب من الشعب السوري، من نقاط الضعف في السياسة المعلنة لواشنطن".
واليوم، تحاول بعض وسائل الإعلام التابعة للنظام الإيراني إعادة نشر تصريحات خامنئي، مع تقديم تحليلات تشير إلى أنه وجه تحذيرات للأسد بشأن محاولات إسقاطه. ومع ذلك، لا توجد إشارات واضحة على هذه التحذيرات في تصريحاته المنشورة.