برلماني إيراني: سلمنا سوريا على طبق من ذهب بعد إنفاق المليارات وآلاف القتلى



نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" عن مصدر داخل النظام الإيراني، أن طهران فقدت ثقتها في بشار الأسد منذ وقت طويل. وقال المصدر للصحيفة: "تكلفة تقاعس بشار الأسد كانت باهظة بالنسبة لنا، فقد تحالف مع أطراف في المنطقة وعدته بمستقبل لم يتحقق أبداً".
وبحسب التقرير، فإن طهران كانت قد "فقدت الأمل" في بشار الأسد منذ أكثر من عام، حيث كان البعض يرى أنه "عائق وعبء" على النظام الإيراني، بينما وصفه البعض الآخر بـ"الخائن".
ونقلت الصحيفة البريطانية عن المصدر نفسه، أن بشار الأسد في لقائه الأخير مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قد صرح له بأن انسحاب قواته من حلب كان "تراجعًا تكتيكيًا"، إلا أن وزير الخارجية الإيراني رد عليه قائلًا إن إيران لم تعد في وضع يمكنها من إرسال المزيد من القوات لدعمه.
في الوقت نفسه، قال عباس عراقجي في مقابلة مع التلفزيون الإيراني مساء الأحد 8 ديسمبر (كانون الأول)، إن بشار الأسد لم يطلب من طهران مساعدات عسكرية.
وفي الـ24 ساعة الماضية، وبعيدًا عن سقوط حكومة بشار الأسد، ظهرت انتقادات أكثر وضوحًا له في وسائل الإعلام الإيرانية. ففي أحد البرامج التي بثتها قناة "خبر"، التابعة للتلفزيون الإيراني مساء الأحد، انتقد الخبير أصغر زارعي بشدة بشار الأسد، مشيرًا إلى "المعاناة التي سببها" في العلاقة مع إيران.
وقال زارعي في حديثه مع التلفزيون الإيراني: "إعادة بناء موقع إيران سيكون أمرًا في غاية الصعوبة"، مضيفًا: "يجب أن نتأكد من أن هذا لن يحدث في العراق أو اليمن".
كما وصفت صحيفة "فايننشال تايمز" سقوط الأسد، الذي حكمت عائلته سوريا لأكثر من خمسين عامًا، بأنه "ضربة مدمرة" للسياسة الخارجية الإيرانية.
يشار إلى أن طهران لطالما اعتمدت استراتيجيتها على "محور المقاومة" ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، واستخدمت شبكة من القوات بالوكالة في مختلف أنحاء المنطقة.
وكانت سوريا تمثل حلقة مهمة في هذه السلسلة، حيث عملت كمعبر لتأمين التمويل والأسلحة لحزب الله في لبنان، والمليشيات الشيعية في العراق، والحوثيين في اليمن. الآن، مع سيطرة المعارضة على دمشق، تم قطع هذه الحلقة.
ومع ذلك، أكد مسؤول كبير في إسرائيل في حديث مع "فايننشال تايمز" أن تل أبيب لا تتوقع أن يختفي النفوذ الإيراني في "حديقتها الخلفية" بسهولة.

قائد الجيش الإيراني عبد الرحيم موسوي بعد يوم من سقوط بشار الأسد: "ليطمئن الناس حيال جاهزية القوات المسلحة الإيرانية. من واجب القوات المسلحة مواجهة أي تهديد محتمل".

بعد جلسة غير علنية في البرلمان الإيراني بحضور وزير الخارجية عباس عراقجي، قال أحد أعضاء هيئة رئاسة البرلمان إن وزراء خارجية إيران وسبع دول أخرى في قطر اتخذوا "قرارات جيدة"، لكن سقوط بشار الأسد حدث بسرعة كبيرة لدرجة أن هذه القرارات لم تكن فعّالة.
وذكر محمد رشيدي، عضو هيئة رئاسة البرلمان الإيراني، أن وزراء خارجية إيران وروسيا وتركيا وخمس دول عربية قد اتخذوا "قرارات جيدة" بشأن سوريا في الاجتماع الذي عقد في قطر، إلا أن "سرعة الأحداث كانت عالية لدرجة أن خلاصة الاجتماع لم تكن مؤثرة، وسقطت الحكومة السورية".
وكان عباس عراقجي قد شارك في "اجتماع أستانة" في الدوحة يوم السبت 7 ديسمبر (كانون الأول)، حيث التقى بأمير قطر ومسؤولين آخرين من الدول العربية.
وتعود اجتماعات "أستانة" الخاصة بالسلام في سوريا إلى حوالي ثمانية أعوام، وقد بدأت بناءً على اقتراح الرئيس الروسي وبدعم من تركيا وإيران.
استمرار عملية "أستانة"
وعقب جلسة غير علنية في البرلمان، اليوم الاثنين 9 ديسمبر (كانون الأول)، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بخصوص احتمال مشاركة المعارضة الحاكمة في دمشق في "عملية أستانة"، إن الحكومة السورية لم تشارك أبدًا في هذه الاجتماعات، وأن عملية "أستانة" كانت بين إيران وتركيا وروسيا، وأن استمرارها مرهون بالتطورات المستقبلية.
وفي رده على سقوط حكومة الأسد، قال عراقجي إنه لم يكن الهدف أن تحل القوات الإيرانية محل الجيش السوري أو تنخرط في صراع مع المعارضة.
بدوره، قال أحمد نادري، عضو هيئة رئاسة البرلمان، معلقًا على الجلسة غير العلنية: "النهج الإيراني في المستقبل تجاه دمشق سيتوقف على سلوك أولئك الذين سيحكمون سوريا، وسنقوم بضبط تصرفاتنا بناءً على تصرفاتهم".
وكان عدد من نواب البرلمان قد انتقدوا في الأيام الأخيرة غموض السياسة الإيرانية تجاه التقدم السريع للمعارضة ضد نظام الأسد، وطالبوا بعقد جلسة غير علنية مع وزير الخارجية.
وقبل هذه الجلسة، وفي برنامج تلفزيوني مساء أمس الأحد، قال عراقجي: "أنظمتنا الاستخباراتية في سوريا كانت على دراية كاملة بتحركات إدلب، وتم إبلاغ الحكومة السورية بذلك".
وأضاف أن ما فاجأهم كان "ضعف الجيش السوري وسرعة التطورات غير المتوقعة".
ومن المتوقع أن يلقي المرشد الإيراني، علي خامنئي، خطابًا في يوم الأربعاء 11 ديسمبر (كانون الأول) حول تطورات الوضع في سوريا.
تحذيرات خامنئي وهزيمة روسيا
وفي أعقاب سقوط الأسد، حاولت بعض وسائل الإعلام الحكومية، من خلال إعادة نشر تصريحات خامنئي، تقديم إشارات تشير إلى أن المرشد قد حذر الأسد بشأن الإجراءات المحتملة بشأن سقوطه، لكن التصريحات المنشورة لم تذكر أي إشارة صريحة لهذا الموضوع.
من جهة أخرى، اعتبرت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أن سقوط الأسد يمثل ضعفًا في دعم روسيا وإيران له.
كما اعتبر معهد دراسات الحرب الأميركي أن سقوط الأسد يشكل "هزيمة سياسية استراتيجية كبيرة" لموسكو.
وفي السياق نفسه، أكد أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي، أن "رفض نظام الأسد للمشاركة السياسية واعتماده على دعم إيران وروسيا كان السبب الرئيس في انهياره".

قال رئيس السلطة القضائية الإيرانية غلام حسين محسني إيجه أي: "ما يحدث في سوريا له عبر ودروس بالغة الأهمية ينبغي تناولها من مختلف الاتجاهات والأبعاد".

قال مسؤول إيراني كبير لـ"رويترز" إن طهران أنشأت قنوات مباشرة للتواصل مع بعض الجماعات داخل قيادة المعارضة في دمشق.
وأضاف هذا المسؤول أن إيران مستعدة لإجراء حوار مباشر مع القيادة الجديدة في سوريا لمنع المسار العدائي بين البلدين.
وأشار إلى أن القيادة الإيرانية مستعدة للتعامل مع الزعماء السوريين الجدد نظرا لخسارة حليف مهم في دمشق، وعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) المقبل.
وأضاف المسؤول الإيراني الكبير: "هذه العلاقة مهمة للغاية لتحقيق الاستقرار في العلاقات، ومنع المزيد من التوترات في المنطقة".