المعارضون الإيرانيون خارج وطنهم.. بين ملاحقات النظام ورفض طلبات اللجوء



انتقدت آلیس جيل إدواردز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بقضايا التعذيب، اعتقال الشخصيات المدنية والمواطنين مزدوجي الجنسية في إيران لأسباب سياسية، مشيرة في تقرير لها إلى أن “إيران نفذت ما لا يقل عن 66 حالة احتجاز رهائن منذ عام 2010.”
وجاء في التقرير أن “الصحفيين، وعمال الإغاثة، والأكاديميين، ورجال الأعمال، والمدافعين عن حقوق الإنسان معرضون بشكل خاص للخطر. كما يتم استهداف مزدوجي الجنسية بشكل متعمد، وفي بعض الحالات يُحرمون من المساعدات القنصلية التي توفرها دولهم الأخرى.”

أعلن دن جارفيس، نائب وزير الأمن في وزارة الداخلية البريطانية، عن معاقبة أي شخص بالسجن يعمل لصالح حكومة إيران داخل المملكة المتحدة دون أن يعلن عن ذلك أو يسجل بياناته. وحذرت بريطانيا من أن الإجراءات العدائية من جانب طهران لن تبقى دون رد.
وقال جارفيس إن الحكومة البريطانية تعتزم إدراج حكومة إيران، بما في ذلك أجهزة الاستخبارات والحرس الثوري، في مستوى المراقبة المتقدمة في خطة تسجيل التدخلات الأجنبية. وأكد أن هذه الخطة ستدخل حيز التنفيذ في الصيف.
وتعتبر إيران من أوائل الجهات الأجنبية التي تُدرج في المستوى المتقدم لخطة التدخلات الأجنبية البريطانية.
ويعتبر المستوى الأول من التدخل في هذه الخطة هو التدخل السياسي، الذي يشمل التواصل مع صانعي القرار البارزين مثل الوزراء البريطانيين وأعضاء البرلمان والمسؤولين الحكوميين الرفيعين. كانت الصين وروسيا قد تم إدراجهما سابقًا في هذه الخطة.
في الوقت نفسه، حذرت وزارة الداخلية البريطانية، في منشور على "فيسبوك"، طهران من أن الإجراءات العدائية لن تمر دون رد.
وجاء في المنشور: "إيران على خطأ إذا كانت تعتقد أنها تستطيع القيام بإجراءات عدائية داخل المملكة المتحدة دون عواقب".
وفي خطوة غير مسبوقة وبموجب خطة تسجيل التدخلات الأجنبية الجديدة، يتعين على الأفراد الذين يعملون لصالح إيران داخل المملكة المتحدة أن يعلنوا عن أنشطتهم؛ وإلا فإنهم سيواجهون الملاحقة القانونية.
وخطة تسجيل التدخلات الأجنبية هي آلية من مرحلتين تهدف إلى تعزيز صمود النظام السياسي في المملكة المتحدة في مواجهة التدخلات الأجنبية الخفية، وزيادة الشفافية حول الأنشطة التي تقوم بها القوى والهيئات الأجنبية التي تشكل تهديدًا للأمن القومي.
وقال نائب وزير الأمن ووزير الداخلية البريطاني إن حكومة إيران استهدفت اليهود والإسرائيليين ووسائل الإعلام الناطقة بالفارسية الذين يعملون في المملكة المتحدة وينتقدون النظام الإيراني. وأضاف أن النظام الإيراني يستهدف المعارضين على أرضنا.
وأكد أن النظام الإيراني يسعى إلى إسكات أصوات المعارضين من خلال الترهيب وإثارة الخوف.
وجاءت هذه التصريحات في إطار القلق الأمني الذي أعربت عنه السلطات البريطانية بشأن الأنشطة الخفية والتهديدات التي تشكلها العناصر المرتبطة بإيران داخل المملكة المتحدة.
وبعد زيادة الأنشطة الأمنية من قبل الأجهزة الأمنية لإيران في المملكة المتحدة في شهر يناير (كانون الثاني) 2023، تم في يوليو (تموز) 2023 تحويل مشروع قانون الأمن الوطني البريطاني إلى قانون بعد موافقة الملكية في البرلمان.
وأعلنت وزارة الداخلية البريطانية في ذلك الوقت "أن الجهود الأخيرة من إيران لاختطاف أو قتل أفراد مقيمين في المملكة المتحدة تتجاوز مجرد الإهانة وتنتهك بشكل أساسي سيادتنا".
بالإضافة إلى إيران، تعد أنشطة الصين أيضًا من بين المخاوف الأمنية لبريطانيا.
وبعد الكشف عن ارتباط تاجر صيني متهم بالتجسس بالأمير أندرو، تعرضت الحكومة البريطانية لضغوط لتفعيل خطة "تسجيل التدخلات الأجنبية" وإدراج الصين في قائمة التهديدات المتقدمة إلى جانب روسيا وإيران.
وقال كين مكالوم، رئيس جهاز الأمن البريطاني "MI5"، في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، إن جهازه أفشل خلال العامين الماضيين 20 مؤامرة محتملة مميتة كانت تدعمها إيران.
وأضاف أن طهران قد كثفت من مؤامرات الاغتيال والتخريب ضد المعارضين في المملكة المتحدة عبر وسطاء وجماعات إجرامية.
وأعلن جارفيس نائب وزير الأمن في وزارة الداخلية البريطانية أنه تم تكليف جوناثان هول، المستشار القانوني الأول في المملكة المتحدة والمفتش المستقل للقوانين المتعلقة بالتهديدات الحكومية والإرهاب، بمراجعة أجزاء من إطار مكافحة الإرهاب البريطاني التي يمكن أن تُستخدم لمواجهة التهديدات الحكومية الحديثة، مثل التهديدات الناشئة عن إيران.
كما أعلن نائب وزير الأمن في وزارة الداخلية البريطانية أنه سيتم تقديم تدريبات وإرشادات لجميع أفراد الشرطة البريطانية، حول الأنشطة التهديدية التي تمارسها الدول من قبل وحدة مكافحة الإرهاب، ليعرفوا الإجراءات التي يجب اتباعها وما يجب مراقبته من علامات.

طالب مدير حملة المعاقين في إيران، بهروز مروتي، بتعديل الإجراءات القضائية، التي تجعل بعض القضاة يجبرون المجرمين المتهمين في قضايا جنسية على العمل الإجباري في مراكز رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة كعقوبة لهم، مؤكدًا أن مثل هذه الأحكام تعرض أمن الأشخاص ذوي الإعاقة للخطر الشديد.
يشار إلى أنه في فبراير (شباط) الماضي، حكمت محكمة في طهران على سائق قام بالتحرش الجنسي بامرأة بالجلد وخمسة أشهر من العمل الإجباري المجاني في مراكز رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة التابعة لوزارة الرعاية الاجتماعية.
ووصفت صحيفة "شرق"، في تقرير لها يوم الثلاثاء 4 مارس (آذار)، هذا الحكم بأنه يعكس نظرة قضائية عقابية تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة، وكتبت أنهم يعتبرون رعاية المعاقين "وسيلة لمعاقبة المجرمين"، دون التفكير في تعريض أمنهم للخطر.
وأكد مدير حملة المعاقين لصحيفة "شرق" أن إصدار مثل هذا الحكم يعرض أمن الأشخاص ذوي الإعاقة لخطر جدي، ويمكن أن تكون له عواقب خطيرة عليهم، خاصة النساء والأطفال المقيمين في مراكز الرعاية.
وقال مروتي إن هذا الإجراء يزيد بشكل مباشر من خطر إساءة المعاملة والتحرش بالأشخاص ذوي الإعاقة.
في السنوات الماضية، تم نشر العديد من التقارير عن حالات عنف وإساءة وتحرش واعتداءات جنسية ضد مواطنين من ذوي الإعاقة، والذين يتم رعايتهم غالبًا في مراكز حكومية.
وكانت إحدى أكثر هذه الأخبار إثارة للجدل حدثت في مارس (آذار) الماضي، حيث تم الإبلاغ عن حالات متعددة من الاعتداءات الجنسية والضرب وجمع رسوم غير قانونية في مركز رعاية مرضى الأعصاب والطب النفسي للرجال "مهر آفرين كرج"، التابع لوزارة الرعاية الاجتماعية.
وقال مروتي، الذي كان قد أبلغ عن قضية مركز "مهر آفرين كرج" العام الماضي، لصحيفة "شرق" إن عقوبات الجرائم الجنسية يجب أن تشمل برامج العلاج النفسي وإعادة التأهيل واستخدام عقوبات بديلة في مجالات مثل البيئة أو الخدمات البلدية التي لا ترتبط بالفئات الضعيفة.
واعتبر أن وضع المجرمين المتهمين في قضايا جنسية، الذين يتم ملاحقتهم قانونيًا بسبب جرائم خطيرة، في بيئة يعيش فيها أكثر الأشخاص عجزًا وضعفًا في المجتمع، أمر غير منطقي، وطالب بتعديل اللوائح القضائية ووضع معايير تمنع تنفيذ مثل هذه الأحكام.
من جانبه، وصف محمد شريعت، محامٍ، في حديثه لصحيفة "شرق"، إدانة مجرم في تهمة جنسية بالعمل في مركز رعاية المعاقين بسبب احتمال تكرار الجريمة بأنه "غير عقلاني وقابل للاستئناف".
كما طالب مروتي بتعزيز الرقابة على مراكز رعاية المعاقين ومنع دخول الأشخاص الذين لديهم سوابق جنسية إلى هذه المراكز.
في يوليو (تموز) 2023، تم الإبلاغ عن إساءة معاملة المعاقين في مركز إعادة تأهيل "فاطمة الزهراء" في جهرم من قبل الموظفين، وفي أغسطس (آب) من نفس العام، تم نشر فيديو يظهر تعاملًا عنيفًا مع أشخاص ذوي إعاقة ذهنية في مركز رعاية في بوشهر.
وفي وقت سابق، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال رئيس معهد البحوث السكانية في إيران إنه في عام 2023، تعرض واحد من كل ستة أشخاص تبلغ أعمارهم 60 عامًا أو أكثر لشكل من أشكال الإساءة في البيئات الاجتماعية.

أعلنت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، أن استجواب وإقالة عبد الناصر همتي، وزير الشؤون الاقتصادية والمالية، أدى إلى انخفاض مؤشرات سوق البورصة.
وقالت مهاجراني، خلال مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء 4 مارس (آذار): "نأمل أن يؤدي الإجراء الذي اتخذه البرلمان إلى استقرار السوق، على الرغم من أن استجواب همتي أظهر تأثيره على مؤشرات البورصة، وهو ما كان متوقعًا".
وردًا على الانتقادات الموجهة لأداء حكومة الرئيس مسعود بزشكيان في مواجهة تدهور الأوضاع الاقتصادية، قالت: "تراكم المشكلات على مدى أربعين عامًا لا يمكن حله في ستة أشهر، وهذه المشكلات لم تظهر خلال ستة أشهر فقط".
ونشرت وكالة "إرنا" الرسمية في 3 مارس (آذار) مقالاً بعنوان: "رد فعل البورصة الحاد على عزل همتي"، وأفادت فيه بانخفاض مؤشر البورصة بمقدار 57 ألف نقطة بعد إقالة وزير الاقتصاد.
كما وصف موقع "اقتصاد أون لاين"، اليوم الثلاثاء 4 مارس (آذار)، همتي بأنه "الداعم الرئيسي" لسوق رأس المال"، وكتب أن نمو البورصة خلال فترة ولايته التي استمرت ستة أشهر، كان أكبر من فترة الـ36 شهرًا التي قضاها إحسان خاندوزي، وزير الاقتصاد في حكومة إبراهيم رئيسي.
وتم استجواب همتي وإقالته من منصبه في 2 مارس من قبل البرلمان الإيراني.
ومن بين 273 نائبًا حاضرًا في الجلسة، وافق 182 نائبًا على إقالة همتي، بينما عارض 89 نائبًا القرار، وتم إبطال صوتي نائبين.
وفي الأسابيع الأخيرة، وبعد معارضة مسؤولي النظام الإيراني للمفاوضات مع الولايات المتحدة، شهد سعر الصرف في إيران ارتفاعًا حادًا، مما أثر بشدة على حياة المواطنين، خاصة ذوي الدخل المحدود، وارتفعت أسعار السلع الأساسية بشكل غير مسبوق.
وفي فبراير (شباط) الماضي، وصف بزشكيان مشروع استجواب وزير الاقتصاد بأنه أحد عوامل عدم استقرار السوق، قائلاً: "تغيير الأشخاص لن يحل المشكلة".
مهاجراني: لا نضمر أي ضغينة تجاه البرلمان
وأعلنت المتحدثة باسم الحكومة خلال المؤتمر الصحافي أن الحكومة لا تعتبر نفسها متضررة من البرلمان بسبب استجواب وإقالة وزير الاقتصاد، وأنها ستواصل جهودها لتحقيق "الوفاق" في البلاد.
وقالت مهاجراني: "بالنسبة لأي حكومة، فقدان فرد من الوزراء ليس أمرًا مرغوبًا فيه، ولكن هذا حق للبرلمان، ولا أحد يضمر أي ضغينة تجاه هذا الأمر".
وأشارت إلى أن "الوفاق" هو "استراتيجية" حكومة بزشكيان، ومع الإشارة إلى إقالة همتي واستقالة محمد جواد ظريف، أضافت: "استجواب فرد واستقالة فرد لن يبعدانا عن الوفاق، وننوي من خلال الوفاق الوصول إلى حل للمشكلات".
وكان ظريف، مساعد الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، قد أعلن في 3 مارس (آذار) أنه قدم استقالته بناءً على توصية من غلام حسين محسني إيجه إي، رئيس السلطة القضائية.
وكتب حسام الدين آشنا، مستشار الرئيس الإيراني الأسبق، حسن روحاني، في هذا الصدد أن ظريف "تمت إقالته".
وكتبت صحيفة "هم ميهن" في 3 مارس أنه مع تجربة أول استجواب في الحكومة الرابعة عشرة، يجب أن "نطوي صفحة الوفاق".

أعترف غلام حسين محسني إيجه إي، رئيس السلطة القضائية الإيرانية، بالوضع الاقتصادي والمعيشي السيئ للغاية للشعب، مؤكدًا أن هذه الظروف يمكن أن تؤدي إلى "مشكلات أمنية في إيران".
وأشار إيجه إي، خلال اجتماع عُقد يوم الثلاثاء 4 مارس (آذار)، إلى الوضع المعيشي الصعب للناس، وقال: "الوضع المعيشي للناس ليس جيدًا بل سيئ".
وأضاف أن جميع السلطات والمؤسسات يجب أن تبذل جهودًا لتحسين الوضع المعيشي للناس، قائلًا: "نحن جميعًا نتفق على أن الوضع المعيشي والاقتصادي للناس سيئ للغاية. ومن هذا الوضع الاقتصادي، تنشأ أيضًا مشكلات أمنية موجودة بالفعل وقد تتفاقم".
وفي الأسابيع الأخيرة، ومع تدهور الأوضاع الاقتصادية في إيران، نظم تجار سوق طهران عدة تجمعات وإضرابات احتجاجًا على تفاقم المشكلات الاقتصادية والركود الحاد في أعمالهم.
وشملت هذه الاحتجاجات تجمعات وإضرابات لتجار المواد الغذائية والبقالة، وتجمعات لتجار الجملة للمواد الغذائية، وتجمعات لبعض تجار طهران في شهور ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني) وفبراير(شباط) الماضية.
وقال إبراهيم عزيزي، رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، خلال اجتماع إيجه إي مع أعضاء اللجنة اليوم الثلاثاء: "يجب على جميع السلطات الثلاث أن تستعد لمواجهة الحرب الهجينة التي يشنها العدو، والتي يمثل الاقتصاد أحد أبعادها فقط".
وفي فبراير (شباط) الماضي، ومع تصاعد الاحتجاجات من مختلف فئات المجتمع وإبداء مسؤولي النظام الإيراني قلقهم، أعلن ولي الله بياني، المتحدث باسم لجنة الشؤون الداخلية والمجالس في البرلمان، عن إقرار حظر تنظيم التجمعات والمسيرات في "الأماكن الحساسة والأمنية".
وأظهرت مقاطع فيديو وصلت إلى "إيران إنترناشيونال" أن تجار المواد الغذائية والبقالة في طهران أضربوا في فبراير (شباط) احتجاجًا على تفاقم المشكلات الاقتصادية والركود الحاد في الأعمال.
فيما عقد المسؤولون الحكوميون اجتماعًا طارئًا في فبراير بحضور رؤساء السلطات الثلاث في مكتب الرئاسة.
وأدى ارتفاع عدد التجمعات الاحتجاجية للعمال والمتقاعدين والمستفيدين من المعاشات إلى زيادة مخاوف النظام من تفاقم الاحتجاجات واحتمال سقوط النظام الإيراني.
وذكر موقع "هرانا" الحقوقي في تقريره الشهري الأخير عن حالة حقوق الإنسان في إيران أن فبراير (شباط) الماضي شهد 134 تجمعًا و22 إضرابًا للعمال في إيران.
كما كتبت الكونفدرالية العمالية الإيرانية بالخارج، في يناير (كانون الثاني) الماضي، في تقرير لها أن عام 2024 شهد على الأقل 2396 تجمعًا احتجاجيًا و169 إضرابًا في مختلف القطاعات وفي 31 محافظة و70 مدينة إيرانية.
وتظهر هذه الأرقام أنه رغم وعود النظام، فإن الوضع المعيشي للمتقاعدين والعمال في إيران يزداد سوءًا يومًا بعد يوم، وأن خامنئي والحرس الثوري يبدون قلقًا من احتمال حدوث احتجاجات شعبية ومناهضة للنظام مرة أخرى.