وزير الخارجية التركي: أنقرة لا تريد أن تشهد أي هجوم على جارتها إيران
قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، لـ"رويترز" اليوم الجمعة 4 أبريل (نيسان)، ردا على تحذيرات دونالد ترامب بشأن هجوم عسكري أميركي على إيران، إن حل هذا الخلاف يتطلب الدبلوماسية، وإن أنقرة لا تريد أن تشهد أي هجوم على جارتها إيران.
وأضاف فيدان أن بلاده لا تريد أي صراع مع إسرائيل في سوريا، حيث أدت الهجمات الإسرائيلية المتكررة على مواقع عسكرية في ذلك البلد إلى إضعاف قدرة الحكومة السورية الجديدة على ردع التهديدات.
وفي جزء آخر من المقابلة، أضاف فيدان عن تصرفات إسرائيل في سوريا أن الهجمات الإسرائيلية تمهد الطريق لمزيد من عدم الاستقرار في المنطقة. وأنه "إذا كانت الحكومة الجديدة في دمشق تريد التوصل إلى تفاهم مع إسرائيل- التي هي مثل تركيا جارة لسوريا- فهذا الأمر يعود لها".
يأتي ذلك في ظل تواصل الهجمات الإسرائيلية على المواقع العسكرية في سوريا. وتُعدّ حكومة أحمد الشرع، الرئيس المؤقت لسوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، من الحلفاء المقربين لتركيا.
ومنذ سقوط نظام الأسد، استهدفت إسرائيل بشكل متكرر مواقع عسكرية داخل سوريا، ما أضعف قدرة الحكومة الجديدة في دمشق على ردع التهديدات الأمنية.
وفي حديثه مع وكالة "رويترز"، يوم الجمعة 4 إبريل (نيسان)، على هامش اجتماع وزراء خارجية حلف الناتو في بروكسل، قال هاكان فيدان: "إن تحركات إسرائيل في سوريا تمهّد الطريق لعدم استقرار مستقبلي في المنطقة".
وفيما يخص العلاقات المستقبلية المحتملة بين دمشق وتل أبيب، أضاف وزير الخارجية التركي: "إذا رغبت الحكومة السورية الجديدة في التوصل إلى تفاهمات مع إسرائيل، وهي جارة مثل تركيا، فذلك شأن يخصها وحدها".
إسرائيل: تركيا تسعى لفرض وصايتها على سوريا
من جانبه، اتّهم وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، تركيا بالسعي لتحويل سوريا إلى "دولة تحت وصايتها".
وقال ساعر، خلال مؤتمر صحافي في باريس، يوم الخميس 3 إبريل: "إنهم يفعلون كل ما في وسعهم لجعل سوريا منطقة خاضعة للوصاية التركية، وهذا واضح تمامًا".
وأضاف: "لا نعتقد أن سوريا، في وضعها كوكيل لإيران، كانت في حالة جيدة، كما أننا نعتقد أنها يجب ألا تخضع للوصاية التركية".
وردًا على هذه التصريحات، أصدرت وزارة الخارجية التركية بيانًا، اتّهمت فيه إسرائيل بـ "تقويض الجهود الرامية إلى استقرار سوريا".
وجاء في البيان: "من خلال هجماتها، التي تستهدف وحدة الأراضي والسيادة الوطنية لدول المنطقة، أصبحت إسرائيل التهديد الأكبر لأمن واستقرار الشرق الأوسط".
تصاعد التوتر بين تركيا وإسرائيل
ازدادت وتيرة التوتر بين تركيا وإسرائيل، في الأيام الأخيرة، تزامنًا مع اندلاع احتجاجات واسعة في تركيا، على خلفية اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو.
وأصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية، يوم السبت 29 مارس (آذار) الماضي، بيانًا جاء فيه: "لا وجود للعدالة أو القانون أو الحرية في تركيا، تحت حكم أردوغان".
كما اتّهمت الخارجية الإسرائيلية، الرئيس التركي بـ "قمع المواطنين بعنف واعتقال المعارضين السياسيين بالجملة".
ويُعتبر اعتقال أكرم إمام أوغلو من قِبل السلطات التركية، الشرارة الكبرى لأكبر موجة احتجاجية تشهدها البلاد منذ أكثر من عقد.
وفي رد فعلها، قامت حكومة أردوغان باعتقال نحو ألفي شخص على خلفية هذه الاحتجاجات.
وكانت العلاقات بين تركيا وإسرائيل متوترة، حتى قبل اندلاع حرب غزة، لكنها ازدادت توترًا مؤخرًا، حيث وجّه أردوغان مرارًا انتقادات حادة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
وفي عام 2017، وصف نتنياهو الرئيس التركي بـ "الديكتاتور الوحشي" واتّهمه بدعم "التنظيمات الفلسطينية الإرهابية".
استمرار الغارات الإسرائيلية على سوريا
أفادت وكالة "أسوشيتد برس"، يوم الجمعة 4 أبريل، بأن الغارات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 9 أشخاص في جنوب غرب البلاد.
فيما ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أن الضحايا من المدنيين، دون تقديم تفاصيل إضافية.
لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره بريطانيا، أفاد بأن القتلى هم من المسلحين المحليين في محافظة درعا.
وأفادت تقارير أخرى بأن إسرائيل شنّت يوم الأربعاء الماضي، 2 إبريل الجاري، أكثر من 12 غارة جوية على خمس مدن سورية، بينها مواقع قريبة من قاعدة جوية استراتيجية في مدينة حماة.
وتسعى تركيا، التي تعتبر من الحلفاء الأساسيين للرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع، إلى إقامة وجود عسكري في هذه القاعدة، بحسب التقارير.
وأعلنت وزارة الخارجية السورية، في بيان رسمي، أن الهجمات الإسرائيلية "أدت إلى تدمير شبه كامل لمطار حماة العسكري، وإصابة عشرات المدنيين والعسكريين بجروح".
تنتشر القواعد العسكرية الأميركية بشكل واسع في الشرق الأوسط والمحيط الهندي، والمجهزة بأحدث المعدات التكنولوجية في العالم، وتم تصميمها لتكون قوة استباقية، تهدف إلى الردع السريع، وتنفيذ ضربات دقيقة، فضلاً عن بسط النفوذ الإقليمي للولايات المتحدة.
وبالنسبة للمراقبين، فإن فهم هذه الشبكة من القوة الأميركية هو مفتاح لفهم التهديدات الحالية والتموضعات الاستراتيجية، التي تشكل الوضع الإقليمي الحالي.
ويتناول هذا التقرير مدى انتشار البنية العسكرية الأميركية وهيكلها وتأثيرها، في سياق التوتر القائم بين الولايات المتحدة وإيران:
"دييغو غارسيا".. حاملة طائرات غير قابلة للغرق في المحيط الهندي
تُعد جزيرة "دييغو غارسيا" واحدة من أهم عناصر الانتشار العالمي للجيش الأميركي. تقع هذه الجزيرة، التي تبعد أكثر من 1600 كيلومتر عن السواحل الجنوبية للهند، تحت السيادة البريطانية، وتم تأجيرها للولايات المتحدة منذ الحرب الباردة. تُوصف بأنها "حاملة طائرات غير قابلة للغرق" لأنها تستضيف قاذفات بعيدة المدى، وسفنًا موضوعة مسبقًا، ومحطات أرضية للأقمار الصناعية، ومرافق دعم للبحرية الأميركية.
وفي عام 2024، أكدت صور الأقمار الصناعية تمركز قاذفات الشبح "B-2 Spirit" في "دييغو غارسيا"، وهو مؤشر على تموضع استراتيجي للولايات المتحدة كرد فعل على التوترات الإقليمية.
وتضم القاعدة مدرجًا بطول 12 ألف قدم، مما يتيح لها استقبال أي طائرة عسكرية أميركية بما في ذلك الطائرات النووية تقريبًا.
وقد كانت "دييغو غارسيا" في السابق نقطة انطلاق لعمليات عسكرية في العراق وأفغانستان، ويمكن أن تلعب دورًا مماثلاً في حال وقوع نزاع مع إيران.
قاعدة العِديد الجوية في قطر: قيادة مركزية في قلب الصحراء
تم بناء قاعدة "العديد الجوية" في التسعينيات، وتم توسيعها بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول). وتُعد أكبر قاعدة أميركية في الشرق الأوسط، وتضم أكثر من 10 آلاف جندي، وهي مقر القيادة الجوية المشتركة (CAOC) التي تُنسق العمليات الجوية في 21 دولة تحت قيادة القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم).
وتحتوي القاعدة على ملاجئ محصّنة، ومدرج بطول 15 ألف قدم، وبنية تحتية تدعم القاذفات، وطائرات التزود بالوقود، والطائرات المُسيّرة.
وتؤدي القاعدة دورًا لوجستيًا حاسمًا، كما تُعد عنصرًا أساسيًا في الحفاظ على التفوق الجوي الأميركي، وقد كانت سابقًا نقطة انطلاق لعمليات في سوريا والعراق وأفغانستان، ولا تزال مركزًا للمهام الاستخباراتية والاستطلاعية في المنطقة.
قاعدة الدعم البحري في البحرين: مركز للعمليات البحرية
تقع قاعدة "NSA" في البحرين، التي تُعد مقرًا للأسطول الخامس الأميركي، في صميم العمليات البحرية للولايات المتحدة في المنطقة، ونظرًا لأهمية مضيق هرمز- الذي يمر من خلاله نحو 20 في المائة من النفط العالمي يوميًا- تمثل القاعدة مركز الردع البحري الأساسي.
ويتولى الأسطول الخامس مسؤولية المراقبة على واحد من أكثر المسارات الملاحية ازدحامًا في العالم، ويشمل حاملات طائرات، وغواصات، ومدمرات، وسفن كاسحة ألغام.
ويتيح الحضور الأميركي في هذه المنطقة استجابة سريعة للتهديدات البحرية المحتملة من جانب إيران.
إسرائيل والأردن والإمارات: شبكة من القواعد الصغيرة المتخصصة
إلى جانب القواعد الكبرى، تمتلك الولايات المتحدة قواعد صغيرة أو مشتركة في أنحاء المنطقة، ومنها:
- قاعدة موفق السلطي الجوية (الأردن): تُستخدم لإطلاق طائرات بدون طيار من طراز MQ-9" ريبر".
- صحراء النقب (إسرائيل): تضم رادارات وبنية تحتية للدفاع الصاروخي تحت إشراف أميركي.
- قاعدة الظفرة الجوية (الإمارات): تستضيف مقاتلات شبح من طراز "F-35" وطائرات استطلاع متقدمة.
وتلعب هذه المواقع أدوارًا متخصصة من جمع المعلومات الاستخباراتية إلى الاستعداد لتنفيذ عمليات فورية.
القوة البحرية الأميركية وحاملات الطائرات الهجومية
عندما تدخل حاملات الطائرات الأميركية المياه الخليجية أو بحر عمان، فإن ذلك عادة ما يتم ضمن إطار مجموعات حاملة الطائرات الهجومية (Carrier Strike Groups)، وهي وحدات بحرية تتمركز حول حاملة طائرات نووية وعدد من السفن المرافقة.
وفي أواخر عام 2023، تم إرسال حاملتي الطائرات "جيرالد فورد"، و"آيزنهارو" إلى المنطقة، كرد مباشر على الهجمات، التي استهدفت السفن التجارية في المنطقة.
وتتضمن هذه المجموعات مدمرات مزوّدة بنظام "Aegis" الدفاعي وصواريخ "SM-3" القادرة على اعتراض الصواريخ الباليستية.
ويمثل هذا الانتشار العسكري قرب السواحل الجنوبية لإيران ردعًا دفاعيًا وقدرة على توجيه ضربة هجومية، إذا لزم الأمر.
أنظمة الدفاع الجوي
تعتمد الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة على أنظمة دفاع جوي متعددة الطبقات؛ لمواجهة تهديدات الصواريخ الإيرانية أو وكلائها، ومنها: - منظومة ثاد، وصواريخ باتريوت.
تم دمج هذه الأنظمة مع شبكات رادارية وأقمار صناعية، ما يتيح للقادة الأميركيين رصد التهديدات الجوية واعتراضها لحظة إطلاقها.
الشبكات اللوجستية والاستخباراتية
لا تقتصر القوة العسكرية الأميركية فقط على القواعد أو السفن الحربية المرئية؛ حيث إن العمود الفقري لهذا الانتشار هو اللوجستيات، التي تشمل: مستودعات مملوءة بالوقود والغذاء والذخيرة، وقطع الغيار المنتشرة في أنحاء المنطقة.
كما تقوم طائرات استطلاع مثل "RC-135" والطائرات المُسيّرة بجمع بيانات لحظية.
ويتم تنسيق العمليات عبر القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، ومقرها الرئيسي في تامبا بولاية فلوريدا، ولها مراكز إقليمية نشطة في قطر والبحرين والكويت.
ما الذي يعنيه هذا الانتشار العسكري لإيران؟
من وجهة نظر طهران، قد يُنظر إلى شبكة القواعد الأميركية المحيطة بها كنوع من الحصار.
وتستطيع القاذفات الأميركية الإقلاع من "دييغو غارسيا" دون اكتشافها، كما يمكن إطلاق صواريخ "كروز" من غواصات في بحر العرب، مما يُجبر إيران على النظر إلى التهديدات من كل الاتجاهات، وفي الوقت نفسه، فإن هذا الوجود العسكري يُعتبر وسيلة ردع أيضًا.
ويؤكد القادة الأميركيون أنهم مستعدون للرد، لكن ليس بالضرورة شن هجوم، والرسالة واضحة، وهي أن أي هجوم على القوات الأميركية أو حلفائها سيُقابل برد سريع وحاسم.
القدرات العسكرية الإيرانية والتوازن غير المتكافئ في المنطقة
رد إيران غالبًا لا يكون من خلال مواجهة مباشرة، بل عبر أدوات غير متكافئة: مثل قواعد الصواريخ تحت الأرض، والطائرات الانتحارية المُسيّرة، وتسليح الجماعات الحليفة والميليشيات الوكيلة في المنطقة.
مع ذلك، فإن العديد من التقديرات حول القوة العسكرية الإيرانية- خاصة فيما يتعلق بدقة الصواريخ، والحرب الإلكترونية، والعمق الاستراتيجي- لا يمكن تأكيدها بدقة، وتعتمد غالبًا على المصادر الرسمية أو الإعلام المحلي.
وبينما تملك إيران قدرات ردع مؤثرة في بعض المجالات، فإن ميزان القوى الحقيقي بين إيران والبنية العسكرية الواسعة والمتقدمة للولايات المتحدة يبقى غير متوازن بشكل كبير.
ويرى كثير من المحللين أن إيران تستطيع إلحاق أضرار وخسائر بالقوات الأميركية وحلفائها، لكنها غير قادرة على توجيه ضربة قاصمة أو خوض حرب طويلة الأمد مع قوة مماثلة لها عسكريًا.
إن الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط والمحيط الهندي عميق، ومجهز، ومرن للغاية من الناحية العملياتية. ومن القواعد الجوية في "دييغو غارسيا" إلى السفن الحربية في المياه الخليجية، ومن أنظمة الدفاع الجوي إلى الشبكات اللوجستية، فإن البنية العسكرية الأميركية تحمل رسالة ردع واضحة لإيران.
حذّر المدير السابق لشؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي، مايكل سينغ، في مقابلة مع وكالة "بلومبرغ"، من أن القصف أو التفاوض مع نظام طهران لن يحققا سوى "نجاح نسبي"، إذ يمكنهما فقط تأجيل البرنامج النووي الإيراني، دون أن يتمكنا من وقفه نهائيًا.
وفي مقال تحليلي نشرته الوكالة بعنوان: "قصف إيران أم عدم قصفها.. هذا هو السؤال الآن"، كتب الصحافي مارك شامبيون أن النظام الإيراني لم يكن يومًا بهذا القدر من الضعف، وفي الوقت نفسه، لم يكن بهذا القرب من امتلاك ترسانة نووية كما هو اليوم. وتابع: "بناءً على هذين العاملين، يُطرح اليوم سؤال جوهري: هل حان وقت القصف أخيرًا؟".
ونقل شامبيون عن مايكل سينغ، الذي شغل منصبه في عهد الرئيس الأميركي الأسبق، جورج دبليو بوش (2000-2008م)، قوله: "سواء القصف أو التفاوض، كلاهما قد يحقق نجاحًا نسبيًا فقط، عبر تأجيل البرنامج النووي الإيراني، دون القدرة على إيقافه نهائيًا".
وأشار شامبيون إلى تصريحات علي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني، الذي قال إن الهجوم العسكري سيدفع إيران للتعجيل بامتلاك ترسانة نووية.
وأشار شامبيون إلى أن التهديد النووي الإيراني لن يزول، إلا إذا قرر نظام طهران نفسه التخلي عن طموحاته النووية.
موقف ترامب والتحركات العسكرية
بحسب شامبيون، فإن موقف دونالد ترامب واضح: يريد اتفاقًا، وإن فشل في تحقيقه، فهو مستعد للحرب. ومن أجل إعطاء التهديد طابعًا جديًا والاستعداد لحالة الطوارئ، بدأ "البنتاغون" بتحركات عسكرية كبيرة في المنطقة، شملت إرسال حاملة طائرات ثانية وقاذفات الشبح " B-2" أما إسرائيل، فهي تنتظر الإشارة، و"إصبعها على الزناد".
وأشار المقال إلى أن طريق الحرب أقصر وأسهل بكثير من طريق الوصول إلى اتفاق مرضٍ لترامب، خصوصًا في ظل التصعيد الإسرائيلي الجديد في غزة.
هشاشة التهديدات الإيرانية
أضاف المقال أنه رغم تهديدات إيران بضرب المصالح الأميركية والانتقام من حلفائها، والتي قد تبدو جوفاء كالهجمات الصاروخية على إسرائيل، فإنه "ليست كل السفارات والقواعد الأميركية محمية بأنظمة الدفاع الجوي المتطورة مثل إسرائيل".
نافذة للمفاوضات مع حكومة بزشكیان
يرى الكاتب أن حكومة مسعود بزشكیان قد تفتح الباب أمام مفاوضات حقيقية، خصوصًا مع تصاعد الضغوط الاقتصادية الناتجة عن العقوبات، والتي قد تؤدي إلى تفكك القاعدة الشعبية للنظام.
وأضاف أن النقاش حول صواب أو خطأ قرار ترامب في ولايته الأولى بالانسحاب من الاتفاق النووي (برجام) لم يعد مجديًا، بل الأهم الآن هو إبرام اتفاق جديد يُصلح ثغرات الاتفاق السابق، وهو ما سيكون أفضل بكثير من خيار الحرب.
لكن هذا يتطلب من ترامب القيام بأشياء لا يميل إليها عادة، مثل الاعتماد على حلفائه الأوروبيين، حتى في ظل النزاعات التجارية معهم.
دور أوروبا والدول الخليجية
أشار التقرير إلى أن بريطانيا وفرنسا وألمانيا تعمل على الملف النووي الإيراني منذ بداية العقد الأول من الألفية، ولديها، إلى جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، فهم تقني دقيق للموضوع.
وبخلاف الولايات المتحدة، لم تنسحب هذه الدول من الاتفاق النووي، ومِن ثمّ ما زال بوسعها تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات "آلية الزناد". ومن المتوقع أن تبدأ هذه العملية بحلول يونيو (حزيران) 2025، كي تكتمل قبل المهلة النهائية في أكتوبر (تشرين الأول) 2025.
كما أشار المقال إلى الوسطاء الخليجيين، الذين باتوا فاعلين أكثر من أي وقت مضى، حيث دخلوا في تواصل مباشر مع طهران منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق.
وبحسب التقرير، فإن الاتفاق النووي الجديد يجب أن يكون أوسع وأشمل بكثير من الاتفاق السابق.
شروط كل طرف لاتفاق جديد
أضاف شامبيون في مقاله أنه بالنسبة لواشنطن وإسرائيل: يجب أن يتضمن الاتفاق نظام تفتيش صارمًا وطويل الأمد، ويشمل البرنامج النووي والصواريخ الباليستية، واستخدام إيران لوكلائها الإقليميين (مثل حماس وحزب الله والحوثيين).
وبالنسبة للدول الخليجية: يجب إشراكها فعليًا في العملية، بعكس الاتفاق السابق.
وبالنسبة لإيران: يجب توفير ضمانات واضحة لرفع العقوبات، بالإضافة إلى ترتيبات أمنية إقليمية تجعل خيار امتلاك السلاح النووي أقل جذبًا من الناحية الاستراتيجية.
اختتم شامبيون مقاله بالتأكيد أن الخيار العسكري يحمل عواقب غير متوقعة أكثر بكثير من المفاوضات، وأن بدء المفاوضات في أقرب وقت وبشكل جاد سيكون الأفضل للجميع.
تعليق الجنرال دن كين
قال دن كين، الجنرال المتقاعد من سلاح الجو والذي رشحه ترامب لرئاسة هيئة الأركان المشتركة، في جلسة استماع بمجلس الشيوخ الأميركي، في الأول من إبريل (نيسان) الجاري، إن "القوة العسكرية وحدها لن تكون كافية لإجبار إيران على قبول اتفاق نووي جديد أكثر صرامة".
وأكد أن الأمر يتطلب استراتيجية شاملة تشمل الدبلوماسية والحوافز الاقتصادية.
أصدر معهد الأمن القومي اليهودي الأميركي تقريرًا تحليليًا جديدًا يؤكد أن المهلة الحقيقية لتفعيل "آلية الزناد" وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم 2231 تنتهي بحلول نهاية مايو (أيار) 2025، مشددًا على أن الوقت يوشك على النفاد.
يُذكر أن "آلية الزناد" (Snapback) تتيح، لأي من الدول الموقعة على الاتفاق النووي، إعادة تفعيل العقوبات الأممية تلقائيًا دون الحاجة إلى تصويت جديد، في حال خرق إيران لالتزاماتها.
ويأتي تقرير معهد الأمن القومي اليهودي الأميركي في وقت يقترب فيه موعد انتهاء العمل بقرار مجلس الأمن 2231، الذي صدر بعد التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران عام 2015، والمقرر أن ينتهي في 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2025.
وقد كانت فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا قد حذّرت في وقت سابق من أنها قد تلجأ إلى تفعيل "آلية الزناد" وإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران، إذا ما واصلت طهران أنشطتها النووية المخالفة.
لكن معهد معهد الأمن القومي اليهودي الأميركي يرى أن الفرصة الفعلية لتنفيذ هذه الخطوة بطريقة ناجحة ومؤثرة هي حتى نهاية مايو، بحسب التقرير الصادر أمس الخميس 3 أبريل (نيسان) 2025 بعنوان: "عقوبات إيران.. وقرار مجلس الأمن 2231.. ومسار تفعيل آلية الزناد."
ضرورة التنسيق مع أوروبا
في التقرير، شدد المعهد على أن الولايات المتحدة يجب أن تقنع الدول الأوروبية الثلاث- فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا- بتفعيل "آلية الزناد" قبل نهاية مايو 2025، لضمان نجاح العملية في الإطار الزمني المناسب.
وقال غابرييل نورونها، عضو المعهد ومعد التقرير: "لا يجب أن يسمح الغرب بانتهاء صلاحية العقوبات الأممية المفروضة على إيران في أكتوبر المقبل."
وأضاف: "كلما بادرت أوروبا بشكل أسرع في تفعيل آلية الزناد، كلما زادت القدرة على فرض ضغوط قانونية واقتصادية على إيران، ومن ثم تحميلها كلفة دعمها للحرب الروسية في أوكرانيا."
لماذا الآن؟ الأسباب الملحة
وفق التقرير، هناك عدة أسباب ملحة تستدعي تنفيذ الخطوة في أقرب وقت:
- الوقت اللازم لاستكمال الإجراءات داخل الأمم المتحدة. - ضرورة تفعيل الآلية خلال فترة رئاسة إحدى الدول الغربية لمجلس الأمن. - أهمية استخدام هذه الآلية كأداة ضغط حاسمة في أي مفاوضات محتملة مع إيران.
وأكد بليز ميجتال، نائب مدير السياسات في المعهد أن "النافذة الزمنية لاستخدام آلية الزناد أصبحت ضيقة جدًا، وأضيق بكثير مما يظنه صناع القرار. هذا يعكس واقعًا صعبًا: لم يعد هناك متسع حقيقي للدبلوماسية مع إيران."
وتابع: "الدور المحوري لكل من بريطانيا وألمانيا وفرنسا يُظهر مدى أهمية التنسيق الأميركي الأوروبي الوثيق حول هذه المسألة الحساسة."
العقوبات... أداة التفاوض الحاسمة
وفق ما ورد في التقرير، فإن أي مفاوضات مستقبلية ناجحة مع طهران تتطلب أولًا أن يكون الاقتصاد الإيراني تحت ضغط خانق، وأن تكون الميليشيات التابعة له في أضعف حالاتها.
ويرى المعهد أن عدة أشهر ستحتاجها حملة "الضغط الأقصى" التي تنتهجها إدارة ترامب لتؤتي أُكُلها على الاقتصاد الإيراني وميزانية الدولة. ولهذا، فإن أي اتفاق شامل قبل صيف 2025 سيكون صعب التحقيق.
ومن هنا، يؤكد المعهد أن إعادة فرض العقوبات الدولية من خلال "آلية الزناد" يمثل أداة ضغط جوهرية لا بد منها.
بعد مرور ما يقارب نصف قرن، كشفت قناة "إيران إنترناشيونال" عن تفاصيل مهمة أميركية سرية وحاسمة جرت في طهران، بأمر مباشر من جيمي كارتر، رئيس الولايات المتحدة آنذاك، بهدف تقييم ما إذا كان محمد رضا شاه بهلوي قادرًا على الوقوف في وجه الثورة الإيرانية عام 1979.
وقد أدت نتائج هذه المهمة، التي شملت مواجهة مع نيران الثوار ولقاء مشوّش مع شاه مرتبك ومصدوم، إلى استنتاج الإدارة الأميركية بأنها لم تعد قادرة على دعم حليفها القديم في طهران.
ولا تزال تبعات تلك اللحظة المصيرية تؤثر على السياسة العالمية حتى اليوم.
مهمة سرية في طهران
كان جون كريغ، الدبلوماسي الأميركي- يبلغ اليوم 80 عامًا- كان وقتها شابًا ضمن فريق خاص أُرسل إلى إيران برفقة السيناتور روبرت بيرد، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، للقاء الشاه وتقييم الوضع ميدانيًا.
وكانت المهمة على درجة من السرية لدرجة أن ويليام سوليفان، السفير الأميركي لدى إيران آنذاك، لم يكن على علم بها.
وفي مقابلة مع "إيران إنترناشيونال" أُجريت في مدينة إليزابيث تاون بولاية بنسلفانيا، حيث يعمل كريغ حاليًا محاضرًا في إحدى الجامعات المحلية، روى تفاصيل تلك المهمة المصيرية.
وقال كريغ، الذي عمل لاحقًا سفيرًا للولايات المتحدة في كل من مصر وعُمان: "الرئيس كارتر طلب من السيناتور بيرد القيام برحلة خاصة إلى طهران لتقييم مدى قدرة الشاه على البقاء في السلطة. كانت هناك مخاوف جدّية في واشنطن."
وأضاف: "هل الشاه قادر على المقاومة؟ هل يستطيع قمع الثورة؟".
كان الهدف من الزيارة تقديم تقييم واضح للرئيس كارتر وسط الانقسامات الحاصلة في واشنطن بشأن مستقبل الحكم في إيران.
وتابع: "البعض كان يعتقد أن الشاه قادر على الصمود، فيما رأى آخرون العكس. أحد المحاور الأساسية للنقاش كان حول استخدام العنف: هل يجب أن يقمع الثورة بالقوة أم يواجهها بالإصلاح؟".
طهران على حافة الانهيار
لإخفاء الهدف الحقيقي من الرحلة، مرّ الوفد الأميركي على عدة دول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قبل التوجّه إلى طهران في ديسمبر (كانون الأول) 1978، أي قبل أيام من سقوط الشاه.
كانت البلاد حينها في قبضة الاضطرابات والعنف، وتفرض حالة طوارئ، في وقت كانت المظاهرات المسلحة تهتف بسقوط الشاه في شوارع العاصمة.
ونتيجة للمخاطر الأمنية، لم يكن من الممكن استخدام السيارات للوصول إلى قصر نياوران، واضطر الفريق إلى استخدام طائرة مروحية.
قال كريغ: "بينما كنا نطير فوق طهران، رأينا من النوافذ إطلاق نار من الأرض باتجاهنا."
لكن ما صدمه أكثر هو أن جدران قصر نياوران كانت فارغة تمامًا: "لم يكن هناك لوحات، لا تحف، لا ديكورات… أدركت فورًا أن الشاه وعائلته كانوا يستعدون للمغادرة. قلت لنفسي: هذا غريب… إنهم يجهزون للرحيل فعلاً."
الملك في حالة جمود
في قاعة المرايا داخل القصر، كان الشاه وفرح ديبا واقفين لاستقبال الوفد الأميركي.
قال كريغ: "كان الشاه في حالة ذهول. واقفًا بلا حراك، ينظر إلى الأمام دون أي تعبير. لم يُحرّك عينيه أو يده. وعندما صافحه أحدهم، لم يضغط على اليد. لم يتحدث مطلقًا أثناء الغداء، لم يأكل، ولم يتحرك."
في المقابل، تولّت فرح ديبا قيادة المحادثات بالكامل، مما دفع كريغ للاستنتاج أن الملكة كانت هي من يدير شؤون البلاد فعليًا في أيام النظام الأخيرة.
وبعد هذا اللقاء، توصّل كريغ والسيناتور بيرد إلى قناعة بأن الشاه لم يعد مؤهلاً للحكم.
صدام في مقر السفارة الأميركية
بعد اللقاء، توجه الوفد الأميركي إلى مقر إقامة السفير ويليام سوليفان لإبلاغه بنتائج الزيارة.
قال كريغ إنه لم يشارك مباشرة في النقاش، لكنه سمع المشادة العالية بين سوليفان وبيرد: "كانا يصرخان على بعضهما. النقاش كان حادًا بشأن سياسة أميركا المستقبلية تجاه إيران."
كان سوليفان يدافع عن استمرار دعم الشاه، بينما أصر بيرد على أن الشاه انتهى سياسيًا ولا يمكنه حكم شعب ثائر ضده.
تقرير مصيري لكارتر
في رحلة العودة إلى واشنطن، كتب السيناتور بيرد تقريره النهائي للرئيس كارتر.
قال كريغ: "كنا فريقًا صغيرًا، وسمعنا ما كتبه بيرد بوضوح: (هذا الوضع لم يعد قابلًا للاستمرار. الشاه لا يستطيع مواصلة الحكم)".
وبمجرد وصوله إلى واشنطن، توجّه بيرد إلى البيت الأبيض وأبلغ الرئيس كارتر مباشرة باستنتاجه.
وقد اعتُبر هذا التقرير منعطفًا مفصليًا في تغيير السياسة الأميركية تجاه إيران، حيث بدأ العدّ التنازلي لانسحاب الدعم عن نظام الشاه.
قدّم عضوان في الكونغرس الأميركي مشروع قانون تحت عنوان “قانون تحرير العراق من إيران”، يهدف إلى تقليص نفوذ طهران في العراق ودعم استقلال هذا البلد.
النائب الجمهوري في الكونغرس، جو ويلسون، كتب على منصة إكس أن المشروع قد تم تقديمه بالشراكة مع نائب ديمقراطي، ويهدف إلى مواجهة نفوذ طهران في بغداد وتعزيز السيادة العراقية.
وبموجب هذا المشروع، تُلزم وزارة الخارجية ووزارة الخزانة والوكالة الأميركية للإعلام العالمي بوضع استراتيجية شاملة خلال 180 يومًا لتقليص نفوذ إيران في العراق.
وتنص تفاصيل المشروع على أن تتركز الاستراتيجية الأميركية على النقاط التالية: أولا: حلّ الميليشيات التابعة لإيران، وعلى رأسها الحشد الشعبي؛ ثانيا: وقف المساعدات الأمنية الأمريكية للعراق إلى حين إقصاء الميليشيات الموالية لطهران من مؤسسات الدولة؛ ثالثا: دعم المجتمع المدني العراقي ومواجهة القمع والدعاية الإيرانية، وتعزيز نشاط الإعلام الأمريكي لكشف جرائم الميليشيات؛ رابعا: تقديم خطة تنفيذية للكونغرس خلال 60 يومًا.
مشاريع مكملة لتصعيد الضغوط على إيران
يأتي هذا المشروع ضمن حزمة شاملة من القوانين المناهضة لإيران، قدّمتها هذا الأسبوع “لجنة الدراسات الجمهورية” (RSC)، التي تُعد أكبر تجمع للنواب الجمهوريين في الكونغرس الأميركي.
وبحسب ما نُشر على الموقع الإلكتروني للجنة، تشمل المشاريع المرتبطة الأخرى ما يلي: • قانون “لا لحزب الله في نصف كرتنا الأرضية”، الذي يُلزم الحكومة الأمريكية بوضع استراتيجية شاملة لمواجهة حزب الله في أميركا اللاتينية، ويفرض عقوبات محتملة على مسؤولي تلك الدول الداعمين له؛ • قانون “الضغط الأقصى”، لتقنين وتعزيز سياسة العقوبات القصوى التي اتبعتها إدارة ترامب؛ • قانون “إلغاء الإعفاءات من العقوبات”، لحظر رفع العقوبات أو منح استثناءات اقتصادية لإيران؛ • قانون “منع الطاقة الإيرانية”، لفرض عقوبات على صادرات الطاقة الإيرانية إلى العراق؛ • قانون “مكافحة الإرهاب الإيراني”، لفرض عقوبات إضافية على الحوثيين والفصائل الموالية لطهران؛ • قانون “عدم رفع العقوبات عن الإرهابيين”، الذي يشترط إنهاء دعم إيران للإرهاب كشرط نهائي لرفع العقوبات؛ • قانون “وقف فساد الأوليغارشية والكيانات المرتبطة بها”، الذي يُلزم الحكومة الأمريكية بإجراء تحقيق شامل في أصول مسؤولي الجمهورية الإسلامية؛ • القرار رقم 139 لمجلس النواب، الذي يدعو الدول الأوروبية الثلاث (E3) إلى تفعيل آلية الزناد لإعادة فرض جميع عقوبات مجلس الأمن الدولي على إيران.