أجهزة الطرد المركزي الإيرانية تُعقّد مسار المفاوضات النووية مع واشنطن

ماردو سُقُم
ماردو سُقُم

مدير تحرير القسم الإنجليزي لـ"إيران إنترناشيونال"

أفادت مصادر دبلوماسية لـ "إيران إنترناشيونال" بأن مبعوث دونالد ترامب في المفاوضات بين طهران وواشنطن، ستيف ويتكوف، رحب بـ"الاقتراح الثلاثي المراحل"، الذي قدمته إيران خلال الجولة الأولى من المحادثات، التي أُجريت في عُمان، يوم 12 أبريل (نيسان) الجاري.

ووفقًا لتقرير حصري، نشرته "إيران إنترناشيونال"، يوم الخميس الماضي 17 أبريل، اقترحت طهران في المرحلة الأولى خفض مستوى تخصيب اليورانيوم مؤقتًا، مقابل تخفيف كبير في العقوبات، بما يشمل السماح بتصدير النفط.

وفي المراحل اللاحقة، تلتزم إيران بالامتناع الدائم عن التخصيب بما يتجاوز 3.67 في المائة، وهو الحد الذي حدده اتفاق البرنامج النووي في عهد الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما. كما يُفترض نقل مخزون اليورانيوم عالي التخصيب إلى دولة ثالثة، مقابل رفع المزيد من العقوبات، بما في ذلك بعض العقوبات الأميركية القديمة.

وأشارت مصادر مطلعة لـ "إيران إنترناشيونال" إلى أن رد فعل ويتكوف الإيجابي فاجأ الوفد الإيراني في مسقط.

مع ذلك، لا يزال مصير نحو 17 ألف جهاز طرد مركزي، والتي تشكّل العمود الفقري للبنية التحتية لتخصيب اليورانيوم في إيران، غير واضح. هذه الأجهزة قادرة على رفع مستوى التخصيب إلى 90 في المائة (درجة التسليح).

وبموجب الاتفاق النووي السابق، كان يُسمح لإيران بتشغيل 5 آلاف جهاز طرد مركزي فقط لمدة 10 سنوات، مع تخزين نحو 7.500 جهاز آخر. لكن إيران انتهكت هذا القيد منذ فترة طويلة، ومن المقرر أن تنتهي هذه القيود في 2025، بموجب الاتفاق الأصلي.

ومنذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، عام 2018، زادت إيران عدد أجهزة الطرد المركزي النشطة، بل وأدخلت نماذج أكثر تقدمًا إلى الخدمة. إذا تمكنت إيران من الاحتفاظ بجزء كبير من هذه المعدات، فستظل قادرة على العودة بسرعة إلى التخصيب عالي المستوى.

ووفقًا لـ "رابطة التحكم في الأسلحة" في عام 2022، أدت بعض "الانتهاكات التقنية" لإيران في مجال التخصيب إلى اكتساب معارف ومهارات "لا يمكن التراجع عنها".

وفي الوقت نفسه، يعاني الاقتصاد الإيراني أزمة حادة؛ حيث خسرت العُملة الإيرانية ما يقرب من نصف قيمتها، منذ سبتمبر (أيلول) الماضي.

وفي مثل هذه الظروف، إذا رفعت الولايات المتحدة بعض العقوبات أو أفرجت عن أصول مجمدة، بينما تكتفي إيران بخفض مؤقت لمستوى التخصيب، فقد لا تكون طهران في عجلة من أمرها للمضي قدمًا في المراحل الأخرى من الاتفاق.

وهذا السيناريو قد يمنح إيران فرصة للمماطلة، كما حدث في عهد الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، وربما يستمر حتى نهاية ولاية ترامب الرئاسية وبداية السباق الانتخابي لعام 2028. لهذا السبب، جعلت إيران رفع العقوبات النفطية أولوية في اقتراحها الأولي.

ودائمًا ما أكدت إيران أن على الولايات المتحدة إظهار "حُسن النية"، وهو ما يعني عادةً رفع بعض العقوبات، التي أعاد ترامب فرضها في 2018.

كما تطالب طهران بإنهاء الضغوط الأميركية، وهو طلب إذا تم تنفيذه مبكرًا قد يضعف أدوات الضغط، التي تملكها واشنطن في المفاوضات طويلة الأمد.

ومنذ نحو خمس سنوات، وبقرار من البرلمان الإيراني، رفعت إيران مستوى التخصيب إلى 60 في المائة بدءًا من 2021. ومع ذلك، خلال الولاية الأولى لترامب، انتظرت إيران أكثر من عامين، وبعد انتخاب بايدن، بدأت في زيادة مستوى التخصيب. قبل ذلك، كان مستوى التخصيب أقل من 5 في المائة.

وإذا حافظت إيران على هيكلية أجهزة الطرد المركزي، فستظل قادرة على استئناف التخصيب عالي المستوى في أي وقت، كما فعلت منذ 2021.

وأحد الانتقادات الرئيسة للاتفاق النووي هو أنه لم يحظر التخصيب بشكل كامل، وأن العديد من قيوده على وشك الانتهاء.

وعلى الصعيدين الدبلوماسي والاقتصادي، يمكن أن يتيح أي اتفاق جزئي أو مرحلي لإيران توسيع علاقاتها التجارية مع دول مثل الهند وزيادة تعاملاتها مع الصين وأوروبا.

وقد يقلل هذا من حاجة طهران الملحة للتقدم السريع في المفاوضات، مما يجعل جهود الولايات المتحدة لدفع اتفاق مرحلي أكثر صعوبة.