مسؤول أمني بريطاني يحذّر من تهديد "استثنائي" من جانب إيران وروسيا

حذّر مستشار الحكومة البريطانية لشؤون التهديدات الحكومية من أن إيران وروسيا تستخدمان شبكات إجرامية محلية داخل الأراضي البريطانية لتنفيذ أعمال ترهيب وعنف وتجسس، مشيراً إلى أن هذه التهديدات في تزايد مستمر.

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" اليوم الجمعة 6 يونيو (حزيران) 2025 عن جوناثان هال، مستشار الحكومة البريطانية لشؤون التهديدات الحكومية والإرهاب، قوله إن التهديد الناجم عن "الأعمال العدائية" من قبل طهران وموسكو في بريطانيا بلغ مستوى "استثنائيًا".

وأوضح هال أن التهديدات الحكومية، خلافاً للإرهاب الذي يلفت الانتباه من خلال الموت والدمار، ليست سهلة التصور بالنسبة للرأي العام.

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن هذه التحذيرات تتعارض مع موقف الحكومة الأميركية، حيث يُظهر دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة، ميلاً للتركيز على الجهود الدبلوماسية مع طهران وموسكو.

ورغم أن هال لا يستطيع التعليق على القضايا الجارية بسبب قوانين النشر الصارمة في بريطانيا، فقد جرى في محكمة "أولد بيلي" في لندن محاكمة ستة أشخاص بتهمة إحراق شركة كانت ترسل معدات أقمار صناعية إلى أوكرانيا.

وفي موقع قريب من نفس المحكمة، عُقدت جلسة أخرى بشأن استخدام العنف ضد صحافيين إيرانيين مقيمين في بريطانيا.

وكانت إيفت كوبر، وزيرة الداخلية البريطانية، قد أعلنت في بيان رسمي أمام مجلس العموم يوم 18 مايو 2025 أن الجمهورية الإسلامية تمثّل تهديدًا أمنيًا، وكشفت عن اعتقال وتوجيه اتهامات إلى ثلاثة مواطنين إيرانيين بموجب قانون الأمن القومي البريطاني لعام 2023.

ومن بين أنشطة هؤلاء الأشخاص، كانت عمليات رصد ومراقبة تهدف إلى تعقب صحافيين مرتبطين بقناة "إيران إنترناشيونال".

وفي الشهر الماضي، حُكم على ستة مواطنين بلغاريين بالسجن بتهمة الانتماء إلى شبكة تجسس لصالح روسيا كانت تعمل من نُزُل في شرق إنجلترا.

وتُظهر هذه القضايا أن بريطانيا أصبحت ساحة لعمليات تجسس أجنبية. بعض هذه القضايا مرتبطة بشخصيات سياسية بارزة.

ومن المقرر أن يمثل يوم الجمعة المقبل ثلاثة أشخاص أمام المحكمة في قضايا تتعلق بإضرام النار في عقارين ومركبة تعود لرئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، وسط تقارير إعلامية تفيد بأن الأجهزة الأمنية تحقق في احتمال تورط روسي في هذه الحوادث، وهو أمر تنفيه موسكو.

وفي حديثه عن قضية الجواسيس البلغاريين، قال هال إن هؤلاء الأشخاص "رغم مظهرهم المضحك"، كانوا يخططون لعمليات اغتيال واقتربوا كثيرًا من تحقيق أهدافهم.

وأوضح أن أعضاء الشبكة راقبوا صحافيين ومعارضين روسًا وشخصيات سياسية، وقد تحدث أحدهم عن خطة لاختطاف وقتل صحافي استقصائي.

وأعلنت النيابة أن هذه المجموعة كانت تعمل بأوامر من يان مارسالك، رجل الأعمال النمساوي الهارب وعميل الاستخبارات الروسية.

وفي قضية أخرى، كُشف عن هوية دانيال خليفة، الجندي الشاب في الجيش البريطاني الذي كان يتجسس لصالح إيران، بعدما اتصل بجهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني (MI5) مقترحًا العمل كعميل مزدوج.

وبعدما فرّ من السجن عن طريق التعلّق أسفل شاحنة طعام، أُعيد اعتقاله وحُكم عليه في شتاء 2024 بالسجن لمدة 14 عامًا.

وقال هال إن دولًا مثل روسيا وإيران لا تُعير أهمية كبيرة لافتقار بعض عملائها للخبرة أو فشلهم، لأن "تجنيد أعداد كبيرة" يفضي بطبيعته إلى العثور على عناصر ناجحة.

ويعمل هال، وهو محامٍ عام سابق في قضايا الجرائم الدولية والأمنية، كمراقب لقوانين مكافحة الإرهاب منذ عام 2019، وعُيّن مستشارًا للحكومة البريطانية لشؤون التهديدات الحكومية منذ عام 2024.

وفي تقرير رسمي، دعا هال إلى منح صلاحيات قانونية جديدة تشمل مصادرة جوازات سفر المشتبه بهم، وتحذير المواطنين من نشاطات أجهزة الاستخبارات الأجنبية، وملاحقة الأفراد الذين يراقبون أهدافًا أجنبية قضائيًا.

وأعلن جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني (MI5) في تقييمه السنوي أن روسيا وإيران والصين هي أكبر التهديدات الحكومية التي تواجه أمن بريطانيا، وتنفذ مهام تجسس وتخريب لزعزعة استقرار البلاد.

وكان كين ماك كالوم، رئيس جهاز "MI5"، قد صرّح في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 أن عملاء المخابرات الروسية يسعون لنشر الفوضى في شوارع بريطانيا وأوروبا.

من جهته، قال ريتشارد مور، رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني (MI6)، إن أجهزة الاستخبارات الروسية باتت "شرسة في سلوكها".

ورفضت السفارتان الروسية والإيرانية في لندن التعليق على هذه القضايا عندما تواصلت معهما صحيفة "نيويورك تايمز".

ومن أبرز العمليات الخارجية في بريطانيا خلال السنوات الأخيرة، كانت محاولة اغتيال العميل الروسي المزدوج السابق سيرغي سكريبال باستخدام غاز الأعصاب في عام 2018، والتي أدت إلى سنّ قوانين أمنية جديدة في عام 2023 تُجرّم التجسس والتخريب والتدخل الأجنبي.

وأكد هال أن روسيا وإيران تدفعان لمجرمين محليين لارتكاب أعمال عنف وتجسس وترهيب في بريطانيا.

وأشار إلى أن محاولات تجنيد أفراد من خلال الإنترنت، خصوصًا من بين الساخطين سياسيًا، باتت تتزايد، وأن خوارزميات التخصيص في شبكات التواصل الاجتماعي تجعل التصدي لهذه الظاهرة أكثر صعوبة.

وقال هذا المسؤول الحكومي: "كل شخص يرى محتوى مختلفًا، ونحن لا نعلم ما الذي يراه الآخرون."

وختم هال حديثه بالقول: "إذا كنت عميلًا استخباراتيًا، فلماذا لا تستغل الانقسامات الثقافية في الغرب وتخلق نوعًا من التماهي الثقافي بينك وبين هدفك؟".