شيرين عبادي تكشف انتهاكات بحق السجناء في "إيفين" أثناء الهجوم الإسرائيلي

نشرت الناشطة الإيرانية والمحامية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، شيرين عبادي، تقريرًا حول ما جرى يوم الهجوم الإسرائيلي على سجن "إيفين" بطهران.

نشرت الناشطة الإيرانية والمحامية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، شيرين عبادي، تقريرًا حول ما جرى يوم الهجوم الإسرائيلي على سجن "إيفين" بطهران.
وذكرت، استنادًا إلى مصادر مطلعة وموثوقة، أن وحدات من القوات الخاصة الإيرانية كانت موجودة في محيط السجن، لمنع فرار المعتقلين.
وأضافت عبادي: "في يوم الهجوم الصاروخي على سجن إيفين، دخل المئات من عناصر الحرس الخاص المسلح إلى جناحي الرجال الرابع والثامن فقط، ووجّهوا أسلحتهم نحو السجناء".
وتابعت: "بينما كان السجناء في حالة صدمة من القصف، واجهوا في الوقت نفسه تعاملاً عنيفًا جدًا من قوات الحرس الخاص. طُلب منهم جمع أغراضهم، دون أي توضيح، وتحت تهديد السلاح، تمهيدًا لنقلهم إلى مكان آخر".
ووفقًا لتقرير عبادي، فقد قام عناصر الحرس الخاص بتكبيل أيدي وأرجل السجناء جماعيًا، وربطوا كل شخصين معًا بالأغلال والسلاسل.
وأضافت الناشطة الحقوقية: "بينما كانت أصوات الدفاعات الجوية والقصف مستمرة، أُخرج السجناء إلى ساحة السجن، وتم شحنهم في حافلات، وخلال عملية النقل، لم تُقابل احتجاجاتهم وتساؤلاتهم إلا بالشتائم والتهديد بالسلاح".
وأشارت إلى أنه في الليلة نفسها، التي شهدت فيها طهران أعنف الهجمات، جرى نقل السجناء وتركهم لساعات تحت القصف.
واختتمت عبادي بالقول: "إن مستوى الضغط والعنف أثناء النقل كان كبيرًا، لدرجة أن بعض السجناء قالوا: ليتنا متنا نتيجة القصف الصاروخي ولم نرَ هذا القدر من العنف".

أفادت وسائل إعلام إيرانية بأن نوّاب البرلمان الإيراني صوّتوا، يوم 23 يونيو (حزيران) الجاري، على مشروع قانون يقضي بـ "تشديد عقوبة التجسس والتعاون مع إسرائيل و(الدول المعادية لأمن ومصالح البلاد)"، يتكون من تسع مواد، وقد أُعلِن عن تفاصيله يوم الأحد 29 من الشهر ذاته.
وبموجب القانون الجديد، فإن أي نوع من "الأنشطة الاستخباراتية والتجسسية أو العمليات الميدانية" لصالح إسرائيل وأميركا، أو "سائر الأنظمة والجماعات المعادية، أو لأي من عملائهم التابعين لهم، بما يخالف أمن البلاد أو مصالحها الوطنية"، يُعدّ إفسادًا في الأرض ويُعاقب عليه بالإعدام.
كما يقضي القانون بإعدام كل شخص يقوم بـ "عمل أمني أو عسكري أو اقتصادي أو مالي أو تكنولوجي، أو أي مساعدة مباشرة أو غير مباشرة تُقدّم بعلم ووعي، وتؤدي إلى تأييد أو تقوية أو ترسيخ أو إضفاء الشرعية" على إسرائيل.
وتنص المادة الثالثة من القانون الجديد على مصاديق مختلفة لأي "تعاون أو مساعدة بعلم ووعي بقصد التعاون" مع إسرائيل وسائر الدول "المعادية"، وتكون عقوبتها الإعدام.
وتشمل هذه المصاديق: تصنيع، وتجميع، وتوفير، ونقل، وبيع، وحمل، وتخزين أو استيراد طائرات مُسيّرة إلى داخل إيران، إذا كانت لها "استخدامات عسكرية أو تجسسية أو تخريبية أو اغتيالية أو معطّلة للأنظمة الحيوية والبُنى التحتية للبلاد".
كما تنص هذه المادة على أن الهجمات السيبرانية، أو التخريب في شبكات الاتصال، أو الأنظمة المعلوماتية أو البنى التحتية الحيوية، أو التخريب في المنشآت أو الأماكن العامة أو الخاصة، أو "أي نوع من المساعدة في مثل هذه الأعمال"، يُعاقب عليه بالإعدام.
ومن بين المصاديق الأخرى، التي وردت في هذه المادة: "تلقي أي مبلغ مالي أو ممتلكات من جواسيس أو من المنتسبين إلى أجهزة استخباراتية، مع العلم بانتمائهم، سواء قام المُتلقي بعمل مؤثر أم لم يقم".
سجن طويل لممارسة النشاط عبر الإنترنت أو المشاركة في احتجاجات
تنص المادة الرابعة من القانون الجديد على أن أي عمل أو تعاون في "أنشطة سياسية أو ثقافية أو إعلامية أو دعائية، أو إحداث أضرار وهمية أو إعداد أو نشر أخبار كاذبة أو أي نوع من المحتوى، الذي يُسبب عادةً الرعب والخوف العام، أو يُثير الانقسام أو يُسيء إلى الأمن القومي"، يُعاقب عليه بالسجن من 10 إلى 15 عامًا.
وتنص المادة نفسها على أن إرسال صور أو فيديوهات إلى "القنوات المعادية أو الأجنبية" إذا أدى إلى "إضعاف الروح المعنوية العامة أو خلق انقسام أو الإضرار بالأمن القومي"، يُعاقب بالسجن من سنتين إلى خمس سنوات.
كما ينص القانون على أن المشاركة في مظاهرات أو تجمعات "غير قانونية" في زمن الحرب، تُعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات.
السجن بسبب استخدام أو بيع "ستارلينك"
تنص المادة الخامسة من القانون على أن استخدام أو حمل أو شراء أو بيع أو استيراد أو توفير أدوات الاتصال الإلكتروني بالإنترنت غير المرخصة، مثل "ستارلينك"، يُعاقب عليه بالسجن من ستة أشهر إلى سنتين.
كما أن توفير أو إنتاج أو توزيع أو استيراد أكثر من عشرة أجهزة "ستارلينك"، أو ارتكاب مثل هذه الأفعال بـ "نية مواجهة النظام"، يُعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات.
وفي المادة التاسعة من القانون الجديد، ورد أن العقوبات المنصوص عليها تُطبّق أيضًا على الجرائم، التي ارتُكبت قبل إقرار هذا القانون.
وهذا البند يتعارض مع المادة 169 من الدستور الإيراني وقانون العقوبات بشأن عدم تطبيق القوانين بأثر رجعي.
وفي القوانين السابقة للنظام الإيراني، كانت عقوبة "التجسس والتعاون مع حكومات أجنبية معادية ضد أمن ومصالح البلاد" تتراوح بين سنة وعشر سنوات سجنًا.
كما أن القوانين السابقة لم تكن تُجرّم رسميًا التعاون مع الحكومة الأميركية باعتبارها "دولة معادية".
ويُذكر أن مشروع قانون "تشديد عقوبة التعاون مع الدول الأجنبية"، الذي أقره البرلمان الإيراني، كان قد أُعلن عنه لأول مرة خلال جلسة عُقدت في مايو (أيار) 2021، لكنه لم يُطرح رسميًا إلا بعد وقوع الهجمات الإسرائيلية.
وجدير بالذكر أنه حتى قبل إقرار هذا القانون، حُكم بالإعدام على بعض السجناء السياسيين في إيران، مثل إسماعيل فكري، ومحسن لنكرنشين، وبدرام مدني، بتهمة التجسس.

أكدت السلطات القضائية والأمنية الإيرانية، خلال الأيام الأخيرة، ضرورة ترحيل الأجانب، الذين لا يحملون وثائق قانونية، خاصة الأفغان، من الأراضي الإيرانية، في أعقاب الهجمات الإسرائيلية.
وذكرت منظمات دولية، بما في ذلك المنظمة الدولية للهجرة، أن عدد الأفغان الذين تم ترحيلهم من إيران خلال الأسبوع الماضي بلغ أكثر من 88 ألف شخص.
وقال النائب العام الإيراني، محمد موحدي آزاد، يوم السبت 28 يونيو (حزيران): "يجب على المقيمين غير القانونيين في إيران، خاصة الأفغان، مغادرة البلاد في أسرع وقت ممكن، لأننا سنتعامل مع الأجانب غير القانونيين وفقًا للقانون".
وأضاف: "على الأجانب الحاصلين على إقامة قانونية أن يكونوا حذرين؛ حتى لا يتم تشويه سمعتهم من قِبل الآخرين. إذا كان هناك أشخاص مخدوعون وقعوا في فخ الأعداء والصهيونية (التجسس لصالح إسرائيل)، فعليهم تقديم أنفسهم".
وبعد الهجمات الإسرائيلية على الأراضي الإيرانية وبدء الحرب التي استمرت 12 يومًا بين البلدين، انتشرت أنباء على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام الإيرانية عن وجود "عناصر تابعين لجهاز الموساد الإسرائيلي يحملون الجنسية الأفغانية" في البلاد.
ومن جانبه، قال وزير الداخلية الإيراني، إسكندر مؤمني، يوم الجمعة 27 يونيوالجاري، على التلفزيون الرسمي: "إن بعض الأجانب الذين دخلوا البلاد، خاصة في العامين أو الثلاثة الماضية، جاءوا بغرض التخريب خلال هذه الحرب"، وذلك دون أن يقدم أي دليل على صحة مزاعمه.
ودعا مؤمني البرلمان الإيراني إلى "وضع كل أعماله جانبًا، والتصويت سريعًا على مشروع قانون تنظيم الهجرة وإدارة شؤون الأجانب".
وبعد هذه التصريحات، أصبح الخطاب الموجه ضد المهاجرين الأفغان أكثر عدائية، واشتدت القيود عليهم. حتى أن قائد حرس الحدود الإيراني، أحمد علي غودرزي، صرح قائلاً: "بموجب الأمر الصادر، أي عقد إيجار أو بيع ممتلكات للأفغان يُعتبر لاغيًا، ويتم ختم العقار المعني بالشمع الأحمر ومصادرته".
وأكد غودرزي أن "تنظيم أوضاع الأجانب غير القانونيين هو مطلب شعبي"، مدعيًا أن سياسة الترحيل القسري تتماشى مع رغبة العامة.
وتشير التقديرات إلى أن ملايين الأفغان يعيشون في إيران، كثيرون منهم دون تصاريح إقامة قانونية، ويعمل معظم هؤلاء اللاجئين في وظائف منخفضة الأجر، مثل مواقع البناء أو المتاجر الصغيرة.
وانتقد الصحافي الإيراني، أحمد زيد آبادي، سياسات بلاده الحالية ضد اللاجئين الأفغان، وكتب على قناته في "تليغرام": "على الحكومة أن تقدم سياسة واضحة ومنظمة لتنظيم أوضاع المهاجرين الأفغان، وتنفيذها، وفقًا للمعايير الإنسانية".
وأضاف: "من المخجل أن يستخدم البعض خطابًا عنصريًا ضد جيراننا التاريخيين في كل مرة تواجه البلاد أزمة".
وذكرت وكالة "طلوع نيوز" الأفغانية، يوم السبت 28 يونيو، أن ما يقرب من 100 ألف أفغاني اجتازوا الحدود من إيران إلى أفغانستان، عبر معبر "إسلام قلعة"، خلال الأيام الثلاثة الماضية.
وفي سياق متصل، أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يوم أمس السبت، أن ما لا يقل عن 1.2 مليون أفغاني أُجبروا على العودة من إيران وباكستان إلى بلادهم هذا العام، محذرة من أن العودة الجماعية للاجئين قد تؤدي إلى تفاقم عدم الاستقرار في أفغانستان الهشة أصلاً.
ووفقًا للمفوضية، فإن أكثر من نصف هؤلاء تم ترحيلهم قسرًا من إيران بعد انتهاء المهلة، التي منحها النظام الإيراني في 20 مارس (آذار) الماضي، لمغادرة طوعية أو مواجهة الترحيل الإجباري.
كما أشارت المنظمة إلى أن إيران قامت بترحيل أكثر من 366 ألف أفغاني هذا العام، بمن في ذلك لاجئون وأشخاص في وضع مشابه.
وقد أدت الحرب بين إيران وإسرائيل إلى زيادة عمليات الترحيل؛ حيث سجلت أعلى معدل في 26 يونيو الجاري، عندما عبر 36 ألفًا و100 أفغاني الحدود، في يوم واحد.

طوال الحرب، التي استمرت 12 يومًا بين إسرائيل وإيران، نفذت تل أبيب ضربات ضد أجهزة نظام طهران الأساسية المكلّفة بالرقابة الداخلية، وقمع الاحتجاجات، والاعتقال، والدعاية، مستهدفة ما وصفته بـ"بُنى القمع".
وتركزت الضربات على وكالات الاستخبارات والأمن، والهيئات القضائية ومرافق الاحتجاز، والمسؤولين المشرفين على ضبط الأمن الداخلي.
وصوّرت إسرائيل هذه الهجمات على أنها تعبير عن التضامن مع المحتجّين الإيرانيين، ومحاولة لتعطيل قدرة النظام الإيراني على القمع.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه "شن هجمات غير مسبوقة على أهداف للنظام وأجهزة قمع حكومية في قلب طهران".
المؤسسات المستهدفة شملت ما يلي:
منظمة استخبارات الحرس الثوري
أُسّست عام 2009، وتعمل جنبًا إلى جنب مع وزارة الاستخبارات، وترفع تقاريرها مباشرة إلى المرشد الإيراني، علي خامنئي.
وتُعرف هذه المنظمة بتشدّدها الأيديولوجي، وتضطلع بقمع المعارضة، خاصة من خلال مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي. وهي تسيطر على العنبر 2 أ في سجن "إيفين" بطهران، بالإضافة إلى مواقع احتجاز سرية أخرى في أنحاء البلاد.
واستهدفت إسرائيل مقر منظمة استخبارات الحرس الثوري في طهران في 15 يونيو (حزيران) الجاري، وأسفر القصف عن مقتل: رئيس المنظمة، العميد محمد كاظمي، ونائبه حسن موحد (أو محقّق)، واللواء محسن باقري وهو ضابط رفيع المستوى بالمنظمة.
وسبقتها ضربة منفصلة في 13 يونيو أسفرت عن تدمير واسع في مبنى مكتب الأمن الداخلي بطهران، ولم يُعلَن عن عدد الضحايا.
مقر ثارالله
يُعتبر هذا المقر قاعدة رئيسة للحرس الثوري، ويشرف على الأمن في طهران وينسق انتشار قوات "الباسيج" خلال فترات الاضطراب.
وقصفت إسرائيل مقر ثارالله في 23 يونيو الجاري، أي قبل يوم من إعلان وقف إطلاق النار. وتفيد تقارير انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأن المنشأة دُمّرت بالكامل.
ويُعتقد أن عددًا من الضباط والعناصر قُتلوا، لكن لم تُنشَر أسماؤهم.
مقر "الباسيج" في طهران
تعرض أحد مباني "الباسيج" المركزية في طهران لأضرار جسيمة نتيجة ضربة إسرائيلية في 13 يونيو الجاري.
كما استهدفت إسرائيل قواعد "الباسيج" في مدن: زرندیه، وبهبهان، وكرج.
ولم يُعلَن عدد الضحايا حتى الآن.
وزارة الاستخبارات
تُعرف بـ "واجا"، وهي تقود العمليات الاستخباراتية الداخلية والخارجية للنظام، وتشمل مهامها القمع السياسي. وتُشرف على العنبرين 209 و220 في سجن "إيفين".
وقصفت إسرائيل مبنى الوزارة في طهران بتاريخ 15 يونيو الجاري. ومن المرجّح سقوط ضحايا، لكن لم تُنشر أسماؤهم.
مكتب الأمن الداخلي لقوات الشرطة "فراجا"
هذه الوحدة تابعة لقوات الشرطة الوطنية، وتتولّى مهام الرقابة، ومكافحة الشغب، والاعتقالات، وقد تعرض مقرّها في طهران لقصف يومي 22 و23 يونيو.
وقُتل القائم بأعمال رئاسة المكتب، العميد علي رضا لطفی، في قصف يوم 22 يونيو.
هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية
وصفتها إسرائيل بأنها "أداة دعائية أساسية" للنظام الإيراني، وتعرض مقرها في طهران لقصف في 16 يونيو، بعد نحو ساعة من صدور إنذارات إخلاء للمدنيين.
وسقط عدد من القتلى المؤكدين حتى الآن، وهم: نیما رجب بور، ومعصومة عظیمی (من الكادر)، بالإضافة إلى أحد المدنيين العابرين.
سجن "إيفين" في طهران
يضمّ سجن "إيفين" في طهران معتقلين سياسيين، ومواطنين مزدوجي الجنسية، وأشخاصًا يعتبرهم النظام تهديدًا للأمن القومي، إضافة إلى آخرين محكومين بجرائم مالية.
واستُهدف السجن في 23 يونيو، ما تسبب في دمار واسع عند البوابة الرئيسة، والمكاتب الإدارية، والمكتبة، والعيادة، وعنبري 2 و4، وعنبر النساء.
وقد تأكد- حتى الآن- مقتل كل من: روح الله تفضّلی ووحید حیدر بور (من موظفي السجن)، وعلی قناعتکار (مسؤول قضائي)، وعدد من الجنود، وطبيبين، وأخصائية اجتماعية، وطفلها البالغ من العمر 5 سنوات، وفرد زائر لأحد المعتقلين، ومدني عابر، وقد نُقل جميع السجناء إلى منشآت أخرى لاحقًا.

شهدت الأيام الأخيرة موجة جديدة من الاعتقالات في صفوف الأقليات الدينية في إيران، حيث وُجّهت للمعتقلين اتهامات أمنية، من بينها "التجسس" لصالح إسرائيل. ويعتقد محللون أن هذه الاعتقالات لا تستند إلى أي أساس قانوني، بل تخدم أهدافًا أيديولوجية ودعائية واضحة.
وقد حذّرت الباحثة الحقوقية البارزة، بكاه بني هاشمي، في مقابلة مع "إيران إنترناشيونال"، من أن النظام الإيراني يسعى، من خلال اتهام الأقليات الدينية بـ "التجسس"، وشنّ حملات اعتقال واسعة بحق مواطنين يهود وبهائيين، إلى تأجيج الصراعات الدينية داخل البلاد.
وأكدت بني هاشمي أن هذه الاتهامات الأمنية "خالية من الحقيقة"، وتنتهك الدستور الإيراني، مشيرة إلى أن الأقليات الدينية "غالبًا لا تشارك في الاحتجاجات ضد النظام، ولا تلعب دورًا نشطًا، بل تحاول بحكم ظروفها أن تبقى بعيدة عن الضوضاء السياسية".
وشدّدت بني هاشمي على أن محاولة النظام خلق فوارق وانقسامات اجتماعية بين الإيرانيين "لن تؤدي إلى نتيجة".
محاولة لإرضاء مؤيدي النظام بعد الحرب
من جانبه، وصف مدير "مركز توثيق حقوق الإنسان في إيران"، شاهين ميلاني، الاعتقالات الواسعة، التي طالت المواطنين البهائيين وغيرهم بتهمة "التجسس"، بأنها "سخيفة ولا أساس لها"، مضيفًا أن النظام الإيراني "يبحث في المكان الخطأ لمواجهة الاختراقات الأمنية داخل بنيته".
وأضاف ميلاني: "المواطنون البهائيون تحت رقابة أمنية دائمة، لا ينشطون سياسيًا، ولا يقتربون من مؤسسات الدولة، ومِن ثمّ ليست لديهم أي إمكانية للوصول إلى معلومات سرية".
وتابع قائلاً: "اتهام البهائيين بالتجسس لصالح إسرائيل، يعكس عجز النظام عن كشف الجواسيس الحقيقيين".
وحذّر ميلاني من أن النظام الإيراني يستخدم هذه الاعتقالات والقمع بذريعة "التجسس" و"التعاون مع إسرائيل" من أجل "إبراز القوة" و"إرضاء مؤيديه" في الداخل.
أما الصحافي المستقل، راني عمراني، فقال في مقابلة مع "إيران إنترناشيونال": "إن بعض المواطنين اليهود في إيران اعتُقلوا فقط بسبب علاقاتهم العائلية المحدودة مع أقاربهم في إسرائيل".
وأضاف عمراني: "اليهود في إيران كانوا دائمًا حريصين على عدم إقامة أي علاقة مع إسرائيل. وهم لا يتدخلون في السياسة الإيرانية. بعضهم فقط له صلات عائلية، لا أكثر.. والتعاليم الدينية اليهودية توصي اليهود بالوفاء للبلد الذي يعيشون فيه".
وأوضح أن الكثير من اليهود في الولايات المتحدة وحتى في إسرائيل يعارضون سياسات الحكومة الإسرائيلية، مؤكدًا أن "توجيه الاتهام لليهود في إيران فقط بسبب ديانتهم ليس له أي أساس قانوني أو أخلاقي".
وختم عمراني بالقول: "النظام الإيراني يسعى للانتقام من إسرائيل، لكنه عاجز عن الوصول إليها، ولهذا فإنه يصب غضبه على اليهود الأبرياء داخل البلاد".

أفادت مصادر مختلفة لـ "إيران إنترناشيونال"، بأن السلطات الأمنية الإيرانية شنت حملة لمصادرة هواتف المهاجرين الأفغان، بزعم الاشتباه بـ"تعاونهم مع إسرائيل"، وذلك عقب إعلان وقف إطلاق النار بعد الحرب، التي استمرت 12 يومًا بين البلدين.
ووفقًا لهذه المصادر، فإن القوات الأمنية، سواء بالزي الرسمي أو بملابس مدنية، تقوم بمصادرة هواتف الأفغان في الأماكن العامة وأماكن عملهم، كما تقتحم غرف سكنهم.
وبحسب ما أفاد به مهاجر من محافظة البرز لـ "إيران إنترناشيونال"، يوم الجمعة 27 يونيو (حزيران)، فإن عمليات طرد المهاجرين الأفغان ازدادت في الأيام الأخيرة، إلى جانب مصادرة هواتفهم.
وأضاف المصدر أن القوات الأمنية تصادر الهواتف البسيطة والذكية، سواء كانت بحوزة أفغان لديهم إقامة قانونية أو من دونها، وتعدهم بإعادة الهواتف بعد شهر من خلال مخافر الشرطة.
وأشار إلى أن الاقتحامات تستهدف فقط مساكن العمال، الذين يعيشون بصورة فردية، دون التعرض للعائلات حتى الآن.
وفي الوقت نفسه، أعلنت وسائل إعلام رسمية في إيران أن جميع المهاجرين غير النظاميين يجب أن يغادروا البلاد بموجب سياسات جديدة صادرة لقائد الشرطة الوطنية الإيرانية (فراجا).
وقال قائد شرطة الحدود في "فراجا"، أحمد علي كودرزي، يوم الجمعة 27 يونيو: "إن تنظيم أوضاع الأجانب غير النظاميين مطلب شعبي، ووفقًا للتعليمات، فإن أي منزل أو عقار يتم تأجيره للأفغان يُعد عقده باطلاً، ويُغلق العقار بالشمع الأحمر ويُصادر".
ومن جانبه، أعلن محافظ طهران، محمد صادق معتمديان، أن عمليات اعتقال وترحيل المهاجرين الأفغان تضاعفت ثلاث إلى أربع مرات مؤخرًا.
وأفادت السلطات المحلية التابعة لحركة "طالبان" الحاكمة في مدينة هرات الأفغانية بأن عشرات الآلاف من المهاجرين الأفغان عادوا من إيران، خلال الأيام الأخيرة.
وقال رئيس إدارة الإعلام والثقافة في بهرات، أحمد الله متقي، إن أكثر من 30 ألف مهاجر أفغاني عادوا من إيران إلى المدينة يوم الأربعاء 25 يونيو الجاري.
وحذّرت سلطات "طالبان" من خطر حدوث أزمة إنسانية في هرات، في حين دعا وزير خارجية طالبان، أمير خان متقي، السفير الإيراني في كابل، إلى ترحيل المهاجرين بشكل تدريجي.
يصادرون دون توضيح الأسباب
أشارت مصادر مطلعة داخل إيران إلى أن قوات الأمن الإيرانية لا توضح أسباب مصادرة الهواتف، لكن العديد من المهاجرين يعتقدون أن هذا الإجراء يأتي في إطار الجهود لتعقب "جواسيس إسرائيل"، على حد تعبيره.
وأكد مصدر آخر لـ "إيران إنترناشيونال"، يوم الجمعة 27 يونيو، أنه "بعد انتهاء الحرب بين إيران وإسرائيل، ازدادت نقاط التفتيش بشكل كبير في جميع المدن والمناطق".
وأضاف أن التوقيفات تطال فقط الأفغان، سواء كانوا يحملون وثائق إقامة أم لا، مما يعرقل ذهابهم إلى أماكن عملهم.
وتابع: "الأفغان ليسوا مسؤولين عن الوضع الحالي (هجوم إسرائيل)، لكن بسبب غياب المحاسبة، يتم تحميلهم تبعات هذه الأحداث بشكل ظالم".
يحصلون على إيصال بالمصادرة
صرّح مصدر مجهول الهوية، يوم الخميس 26 يونيو، بأن قوات الأمن في مترو طهران تصادر هواتف المهاجرين وتمنحهم إيصالاً بالمصادرة.
وأكد مواطن أفغاني آخر من طهران أن عناصر الأمن، سواء بزي رسمي أو مدني، يداهمون أماكن سكنهم ليلاً وأماكن عملهم نهارًا لمصادرة الهواتف.
وقال آخر إن طفلة وُلدت لعائلته ليلة أمس الخميس، لكنهم لم يستطيعوا نقل الأم إلى المستشفى خوفًا من الاعتقال، مضيفًا: "للأسف، لا يتمتع الأفغان حاليًا بأي حقوق في بلد جار يتحدث لغتهم ويشترك معهم في الدين، ولا يوجد من ينصفهم".
نشر الذعر بين الأفغان في إيران
أوضحت هذه المصادر أن الوضع الحالي أثار حالة من الرعب والهلع بين المهاجرين، نظرًا لانتهاك خصوصيتهم، وعدم وضوح ما إذا كان بإمكانهم استعادة أجهزتهم.
ومع تصاعد عمليات طرد الأفغان، فإن استعادة الهواتف تبدو أمرًا غير مرجّح في نظر الغالبية.
ويأتي تصعيد هذه الإجراءات في وقت تشن فيه قوات الأمن الإيرانية عمليات موسعة لـ "كشف جواسيس إسرائيل"، حيث تم حتى الآن اعتقال مئات الأشخاص.
وقد أصدر القضاء الإيراني أحكامًا بإعدام عدد من المعتقلين مؤخرًا من قِبل بتهم "التجسس لصالح إسرائيل".
في الوقت ذاته، ظهرت تقارير تفيد باعتقال عدد من المهاجرين الأفغان بتهمة "التعاون مع إسرائيل".
وكانت وسائل الإعلام الإيرانية قد بثت مؤخرًا تسجيلات تظهر أفرادًا يعترفون بالتعاون مع إسرائيل، بينهم اثنان من بدخشان في أفغانستان، دون أن يتضح ما إذا كانت هذه الاعترافات انتُزعت بالإكراه، وهو أمر له سابقة طويلة في سجل النظام الإيراني.