صحيفة إسرائيلية تتساءل: لماذا تلتزم سوريا الصمت تجاه الحرب بين طهران وتل أبيب؟

أفادت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية بأنه في الوقت، الذي تحوّل فيه التوتر بين إيران وإسرائيل إلى حرب علنية، لم تتخذ الحكومة السورية حتى الآن موقفًا رسميًا، وفضلت الصمت تجاه التطورات الأخيرة.
وذكرت الصحيفة أن الاشتباك بين إيران وإسرائيل سرعان ما تحوّل إلى مواجهة شاملة ترافقت مع تبادل صواريخ بعيدة المدى. ومع عبور الصواريخ المتكرر من كلا الطرفين عبر الأجواء السورية وبالقرب من دمشق، أثار صمت الحكومة السورية تكهنات بشأن حساباتها السياسية والعسكرية.
وأضافت "جيروزاليم بوست" أن دمشق لم تُصدر حتى الآن أي بيان رسمي بشأن هذا النزاع. كما أن وسائل الإعلام الحكومية السورية، من خلال تصريحات مبهمة، شددت فقط على "أهمية السيادة السورية"، دون أن توضّح موقفًا صريحًا لدمشق تجاه الحرب بين إيران وإسرائيل.
وكان الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع، قد انتقد سياسات طهران تجاه نظام بشار الأسد، في 5 فبراير (شباط) الماضي، وقال إن وجود الميليشيات التابعة لإيران في سوريا يشكّل تهديدًا للمنطقة بأسرها.
كما صرّح سابقًا في 21 ديسمبر (كانون الأول) الماضي أيضًا بأن المعارضة، من خلال إسقاط الأسد، أعادت المشروع الإيراني في المنطقة 20 عامًا إلى الوراء.
الصمت المفروض على سوريا
أوضحت "جيروزاليم بوست" أن بعض المراقبين يعتقدون أن صمت سوريا ليس نتيجة استراتيجية سياسية مدروسة، بل ناجم عن ظروف مفروضة وقسرية.
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق، سمير عبد الله: "إن الاقتصاد الهش والقدرات العسكرية المتدهورة في سوريا بعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية، لا يسمحان لهذا البلد بالدخول في أي مغامرة سياسية أو عسكرية جديدة، حتى لو تعرض لضغوط من حلفائه".
ووصف عبد الله الوضع الحالي في سوريا بأنه "كالسير على حافة السكين"، مضيفًا: "من جهة، لا تستطيع سوريا التخلي عن تحالفها التقليدي مع إيران، ومن جهة أخرى، تدرك جيدًا أن الدخول المباشر، أو حتى إصدار موقف شفهي في هذا الصراع، يمكن أن يعرّض البلاد لهجمات أوسع من قِبل إسرائيل".
قلق الحكومة السورية من اشتعال السخط الشعبي
يرى بعض المراقبين أن الحكومة السورية تتجنب الدخول في النزاع بين الحكومة الإيرانية وإسرائيل خشية ردود الفعل الداخلية.
وفي ظل تضرر الاقتصاد السوري بشكل شديد، فإن حتى الدعم الرمزي من دمشق لأحد الطرفين قد يُؤجّج السخط الشعبي، خاصة في المناطق الجنوبية والغربية، التي شهدت احتجاجات في السابق.
وعلقت "جيروزاليم بوست" بأن "هذا الموقف يُظهر أن دمشق تحاول سلوك مسار دبلوماسي حذر؛ دون إدانة إيران أو استفزاز إسرائيل، تؤكد على مبدأ السيادة الوطنية، وفي الوقت نفسه تبتعد عن أي انخراط مباشر في النزاع".
احتمال وجود تفاهم بين سوريا وإسرائيل
وفي ختام تقريرها، كتبت "جيروزاليم بوست" أن بعض وسائل الإعلام الغربية طرحت احتمال وجود نوع من التفاهم بين سوريا وإسرائيل بوساطة روسية، لاحتواء نطاق الصراع. ومع ذلك، لم يتم تأكيد هذه التقارير رسميًا حتى الآن.
وأضافت الصحيفة أن "دمشق تدرك جيدًا أن هذه الحرب ليست حربها، وأي خطأ في الحسابات قد يجرّ، في ظل الوضع الاقتصادي والسياسي الهش في البلاد، عواقب كارثية".
وقال مسؤول سابق في وزارة الدفاع السورية بهذا الشأن: "هذه ليست حربنا.. لكنها تمر فوق رؤوسنا كل ليلة".
الضغط الروسي على دمشق لاعتماد موقف حيادي
ذكر مصدر دبلوماسي غربي في بيروت، في مقابلة مع موقع "ميديا لاين"، أن روسيا تمارس ضغطًا على سوريا كي تلتزم الحياد في المواجهة بين إيران وإسرائيل.
وأضاف هذا المصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته: "أن موسكو حذّرت دمشق من الانخراط العلني في هذا النزاع أو من إتاحة استخدام أراضيها علنًا ضد إسرائيل، لأن مثل هذا التصرف قد يؤدي إلى تصعيد لا يمكن احتواؤه، كما قد يُعرّض الوجود العسكري الروسي في سوريا للخطر".
وتحتفظ روسيا حتى الآن بوجود عسكري كبير في قاعدة "حميميم" الجوية في محافظة اللاذقية السورية.