وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، قد قال في مؤتمر صحافي، يوم الاثنين 14 يوليو (تموز)، مشيرًا إلى تهديد الدول الأوروبية بتفعيل آلية الزناد: "إن استخدام آلية الزناد هو عمل سياسي ويتماشى مع التصعيد ضد إيران".
وأضاف: "إيران لا تزال تعتبر نفسها عضوًا في الاتفاق النووي، وخفّضت التزاماتها ردًا على الانتهاك الصارخ لأحكام الاتفاق من قِبل الولايات المتحدة والأطراف الأخرى".
وحذر بقائي من أن "تهديد العودة السريعة للعقوبات سيقابل برد مناسب من إيران".
كما صرح وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في 12 يوليو (تموز) الجاري، خلال اجتماع مع رؤساء البعثات الدبلوماسية في طهران، بأن الأوروبيين ألمحوا في الأشهر القليلة الماضية، وخاصة في الآونة الأخيرة، إلى إمكانية استخدام آلية الزناد لإلغاء العقوبات ضد إيران تلقائيًا، لكن هذا "هو أكبر خطأ يمكن أن يرتكبوه".
ما الاتفاق النووي الشامل؟
منذ نشر أول خبر عن البرنامج النووي السري الإيراني، أبدت العديد من الدول شكوكها بشأن مساعي النظام الإيراني للحصول على الأسلحة النووية، ورأت أن سرية البرنامج جزء من ذلك.
وقد نفى المسؤولون الإيرانيون مراراً هذا الاتهام، قائلين إنهم لا يسعون إلى إنتاج قنبلة نووية، ولكنهم لم يتمكنوا بعد من إزالة بعض الغموض الذي أثارته الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي يعزز الشكوك حول النوايا العسكرية للبرنامج النووي الإيراني.
في 14 يوليو (تموز) 2015، وقّعت إيران اتفاقًا مع بريطانيا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا والصين، يُعرف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (جاكوب)، في فيينا. رفع الاتفاق عقوبات الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي المفروضة على إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
وقد وافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على هذا الاتفاق في يوليو 2015.
ماذا عن آلية "سناب باك" أو "العودة التلقائية للعقوبات"؟
يحدد الاتفاق النووي الإيراني آلية تسمى "المحفز"، والتي يمكن من خلالها إعادة فرض العقوبات من قبل الأمم المتحدة على إيران دون الحاجة إلى تصويت جديد في مجلس الأمن.
وبموجب أحكام هذه الآلية، إذا لم تتمكن الدول الخمس الأعضاء من التوصل إلى اتفاق بشأن "عدم امتثال إيران الخطير" للاتفاق النووي خلال فترة تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة الممتدة لعشر سنوات، فإن أيًا من هذه الدول الأعضاء الخمس يمكنها تفعيل هذه الآلية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المكون من 15 عضوًا.
وبعد تفعيل هذه الآلية وبدء عملية المراجعة، يتعين على مجلس الأمن التصويت خلال 30 يومًا على ما إذا كان سيستمر في رفع العقوبات عن إيران.
ويحتاج اعتماد قرار مواصلة رفع العقوبات عن إيران إلى تسعة أصوات مؤيدة وعدم استخدام حق النقض (الفيتو) من قبل الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، بريطانيا، وفرنسا).
إذا لم يتم تمرير هذا القرار، فإن جميع العقوبات الأممية المفروضة على إيران ستعود تلقائيا، ما لم يتخذ مجلس الأمن إجراء آخر.
ما احتمالات تفعيل آلية الزناد؟
ورغم أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، انسحاب بلاده من الاتفاق النووي، في فترة ولايته الأولى، وقيامه بتفعيل آلية الزناد، حيث ظل اسم الولايات المتحدة مذكورًا كأحد الأطراف في الاتفاق النووي في قرار عام 2015.
لكن جميع الأطراف المتبقية في الاتفاق، وهي إيران وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين، أبلغت مجلس الأمن أنها لا تعترف بالخطوة الأميركية.
وكان جميع الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن في ذلك الوقت تقريبًا يعارضون القرار، ولم يتم تفعيل آلية الزناد رسميًا في ذلك الوقت.
وفي الوقت الحالي، تدرس بريطانيا وفرنسا وألمانيا بشكل جدي تفعيل آلية الزناد.
ماذا يحدث الآن؟
وبانتهاء صلاحية قرار مجلس الأمن في 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2025، فإن فرصة تفعيل آلية الزناد ستضيع أيضًا.
وأمر ترامب المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة بالعمل مع حلفاء بلاده لإعادة فرض العقوبات على إيران.
وأبلغت بريطانيا وفرنسا وألمانيا مجلس الأمن أنها مستعدة للسعي إلى تفعيل آلية الزناد.
وكانت هذه الدول الثلاث أبلغت الحكومة الإيرانية في وقت سابق أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد، فإنها ستفعّل آلية الزناد.
ودعوا أيضًا الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى نشر تقرير شامل عن الأنشطة النووية الإيرانية لتوفير أساس قانوني متين لإعادة فرض العقوبات.
ولبدء هذه العملية، يجب أولاً تفعيل آلية فض النزاعات في الاتفاق النووي، وهي آلية أطلقتها بريطانيا وفرنسا وألمانيا في يناير (كانون الثاني) 2020. وقد عارضت روسيا هذه الآلية.
ومن المرجح أن تأخذ هذه الدول في الاعتبار، عند تخطيطها لتفعيل آلية الزناد في مجلس الأمن، أن روسيا ستتولى رئاسة مجلس الأمن في سبتمبر (أيلول) المقبل.
لندن تحذر طهران من تفعيل "آلية الزناد"
حذر وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، في الثامن من يوليو الجاري، من أنه إذا لم تتراجع إيران عن طموحاتها النووية، فإن بريطانيا، إلى جانب فرنسا وألمانيا، قد تقوم بتفعيل آلية الزناد لإعادة فرض العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على طهران.
وقال إن الضغوط على إيران ستزداد بشكل كبير خلال الأسابيع المقبلة، وسيتم فرض المزيد من العقوبات عليها.
ولن تستهدف عودة عقوبات مجلس الأمن فقط صادرات النفط الإيرانية، بل ستخضع أيضًا التعاون التجاري والمالي مع أي دولة تتفاعل مع إيران للعقوبات.
ومن جهة أخرى، حذر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في التاسع من يوليو الجاري، من أنه إذا استمرت التهديدات الإيرانية فإن الجيش الإسرائيلي سيهاجم إيران مرة أخرى، وهذه المرة لن يكون هناك مكان آمن.
ما العقوبات الأممية المعلقة؟
في حال تفعيل آلية الزناد، سيُعاد فرض العقوبات المفروضة سابقًا على إيران بموجب ستة قرارات لمجلس الأمن بين عامي 2006 و2010. وتشمل هذه العقوبات ما يلي:
- حظر الأسلحة.
- حظر تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجته.
- حظر إطلاق وتنفيذ الأنشطة المتعلقة بالصواريخ الباليستية القادرة على حمل الرؤوس النووية، فضلاً عن حظر نقل التكنولوجيا وتقديم المساعدة التقنية في هذا المجال.
- تجميد الأصول وحظر السفر على عدد من الأفراد والكيانات الإيرانية.
- السماح للدول الأعضاء في الأمم المتحدة بتفتيش الشحنات القادمة من الخطوط الجوية للجمهورية الإسلامية الإيرانية وخطوط الشحن الإيرانية لمنع نقل السلع المحظورة.