وكشف كوهين في مذكراته أنه بعد زيارة إلى موسكو، وتوضيحه "ضرورة هذه الضربات"، حصل على موافقة بوتين مباشرة، وكتب يقول: "ذهبت إلى الكرملين لأشرح بالتفصيل لماذا علينا استهداف ذلك المسار، لأن تلك الأسلحة كانت تصل إلى الحرس الثوري في سوريا وحزب الله في لبنان".
وأضاف أن بوتين اقتنع بمنطق إسرائيل، واقترح إنشاء قناة اتصال مباشرة بين الجيشين لتجنب أي سوء تفاهم.. موضحًا: "بوتين اقتنع بحجتي، واقترح أن يفتح مساعدو رئاسة الأركان لدى الجانبين خطًا مباشرًا في كل مرة نخطط فيها لهجوم، وأعطى موافقته على ذلك".
أهمية التنسيق مع موسكو
أكد كوهين أن دعم موسكو لم يكن مجرد أمر رمزي، بل كان أساسيًا لضمان حرية عمل إسرائيل في سوريا.. مضيفًا: "ذلك التفويض كان ضروريًا؛ لأن الروس يمتلكون أنظمة دفاع جوي إس-300 وإس-400 القادرة على إسقاط الطائرات على ارتفاع 30 كيلومترًا (نحو 98 ألف قدم). لم يكن بإمكاننا المخاطرة بتعريض مقاتلات إف-35 الثمينة، التي منحنا إياها الأميركيون، للخطر. لذلك لم يكن مسموحًا لنا بالتراجع عن حماية مصالحنا".
منذ عام 2011، ومع اندلاع الحرب الأهلية السورية، نفذت إسرائيل مئات الغارات الجوية داخل سوريا لمنع الحرس الثوري الإيراني من إيصال أسلحة متطورة إلى حزب الله وفصائل أخرى موالية لطهران.
وفي ذلك الوقت، تساءل مراقبون في إيران عن سبب امتناع الحليف الروسي، الذي كان يسيطر على جزء كبير من المجال الجوي السوري، عن التدخل لحماية القوات الإيرانية ووكلائها.
دخول روسيا الحرب وتوازن القوى
تدخلت روسيا عسكريًا في سوريا عام 2015 لدعم نظام بشار الأسد، ووقفت إلى جانب إيران وحزب الله وميليشيات شيعية أخرى ضد تنظيم "داعش" والفصائل المعارضة السُّنية.
وتكثفت الضربات الإسرائيلية في الوقت الذي كان نظام الأسد في وضع حرج، معتمدًا بشدة على طهران وحلفائها للبقاء في السلطة. وفي تلك المرحلة، نشرت روسيا منظومات إس-300 وإس-400 وبسطت سيطرة واسعة على الأجواء السورية، ما جعل موافقتها أمرًا حيويًا للعمليات الإسرائيلية.
ما بعد الأسد
بعد أن أُطيح ببشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول) 2024 على يد المعارضة، بقيادة أحمد الجولاني، تقلص نفوذ كلٍّ من إيران وروسيا بشكل حاد في سوريا؛ حيث انهارت تقريبًا الاستثمارات الإيرانية الكبيرة في الميليشيات والبنى التحتية، كما تراجعت قبضة موسكو على دمشق.
وواجهت القاعدة البحرية الروسية في طرطوس ضغوطًا، بعدما ألغت السلطات السورية عقد الإيجار، واضطرت موسكو إلى تقليص نشاطها وسحب عدة سفن حربية. في الوقت ذاته، تم نقل معدات من قاعدة حميميم الجوية، التي بات الوصول إليها مقيدًا بسبب سيطرة جماعات معارضة مسلحة على المنطقة.
وخلال الأشهر الأخيرة، تعمقت حالة الاضطراب أكثر؛ حيث اندلعت مواجهات بين الحكام الجدد لسوريا والأقلية الدرزية المدعومة من إسرائيل في محافظة السويداء جنوبًا، إلى جانب غارات إسرائيلية على القوات الحكومية السورية، ما دفع دمشق إلى إعادة تقييم علاقاتها مع موسكو.
وفي مطلع عام 2025، سعت السلطات السورية بجدية إلى تقليص اعتمادها على روسيا، لكن تهديدات إسرائيل جعلتها تفكر مجددًا في تعزيز الحضور العسكري الروسي كعامل توازن.
ومع ذلك، أشارت تقارير حديثة إلى أن مسؤولين رفيعين من سوريا وإسرائيل باتوا على وشك إبرام اتفاق يهدف إلى خفض التوترات بين البلدين.