الاتحاد الأوروبي يبدأ تنفيذ العقوبات الاقتصادية والعسكرية ضد إيران بعد تفعيل "آلية الزناد"

أعلن مجلس الاتحاد الأوروبي أنه بدأ رسمياً تنفيذ حزمة من العقوبات النووية المعلّقة ضد النظام الإيراني، بعد تفعيل "آلية الزناد".

أعلن مجلس الاتحاد الأوروبي أنه بدأ رسمياً تنفيذ حزمة من العقوبات النووية المعلّقة ضد النظام الإيراني، بعد تفعيل "آلية الزناد".
وأوضح المجلس، يوم الاثنين 29 سبتمبر (أيلول)، في بيان، أنه وافق على إعادة فرض مجموعة من الإجراءات التقييدية المتصلة بالأنشطة النووية للنظام الإيراني، والتي كانت قد عُلّقت بعد تنفيذ الاتفاق النووي.
وشملت هذه القيود التدابير، التي اعتمدها مجلس الأمن الدولي منذ عام 2006 عبر قرارات متتالية، وأُدرجت تلقائياً في قوانين الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى تدابير مستقلة تبناها أيضاً.
وتتضمن العقوبات الاقتصادية قطاعات التجارة والمال والنقل، فضلاً عن حظر سفر بعض الأفراد، وتجميد أصول أشخاص وكيانات، ومنع تقديم الموارد المالية أو الاقتصادية للأفراد والكيانات المدرجة على القوائم.
وكانت دول "الترويكا" الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) قد أعطت إيران مهلة شهراً، في 28 أغسطس (آب) الماضي، قبل تفعيل "آلية الزناد".
وفي النهاية، لم يُقرّ مجلس الأمن الدولي، في 26 سبتمبر الجاري، مشروع القرار الذي تقدمت به الصين وروسيا لتعليق فرض هذه الآلية ضد طهران، لمدة 6 أشهر.
وبناءً على ذلك، أُعيد فرض جميع عقوبات الأمم المتحدة ضد النظام الإيراني فجر الأحد 28 سبتمبر، عند الساعة 3:30 صباحاً، بتوقيت إيران.
ممنوعات قطاع التجارة
أكد مجلس الاتحاد الأوروبي أنّه، عقب تفعيل آلية الزناد، بات تصدير السلاح إلى إيران، وكذلك نقل أي مواد أو سلع أو تقنيات يمكن أن تُستخدم في أنشطة التخصيب أو إعادة المعالجة أو في البرنامج الصاروخي الباليستي للنظام الإيراني، محظوراً بشكل كامل.
وشملت الإجراءات الجديدة أيضاً حظر استيراد وشراء ونقل النفط الخام والغاز الطبيعي والمنتجات البتروكيميائية والمشتقات النفطية من إيران، إضافة إلى حظر الخدمات المرتبطة بها، إلى جانب بيع أو تزويد إيران بالمعدات الأساسية المستخدمة في قطاع الطاقة.
كما تضمّنت القائمة حظر بيع أو تزويد إيران بالذهب والمعادن الثمينة والألماس وبعض المعدات البحرية الخاصة، وكذلك منع توريد بعض البرمجيات.
القطاع المالي والنقل
أعلن الاتحاد الأوروبي إعادة تفعيل قرار تجميد أصول البنك المركزي الإيراني وعدد من البنوك التجارية الكبرى في إيران.
كما أًعيد فرض قيود لمنع وصول الطائرات الإيرانية للشحن إلى مطارات دول الاتحاد الأوروبي. وكذلك فرض الحظر على تقديم خدمات الصيانة والإصلاح للطائرات أو السفن الإيرانية التي تحمل سلعاً أو مواد محظورة.
وكان قد أُعلن سابقاً أن عشرات الأفراد والكيانات المرتبطة بالنظام الإيراني، من بينهم قادة في الحرس الثوري ومسؤولون أمنيون وشركات على صلة ببرامج إيران الصاروخية والتسليحية، أُعيد إدراجهم في قائمة عقوبات مجلس الأمن.

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن بلاده لديها معلومات دقيقة عن أماكن تخزين نحو 450 كيلوغرامًا من اليورانيوم عالي التخصيب داخل إيران، مؤكدًا أنه شارك هذه المعلومات مع الولايات المتحدة.
وقال نتنياهو، في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" الأميركية، يوم الأحد 28 سبتمبر (أيلول): "أنا أعلم تمامًا أين تُخزّن إيران احتياطياتها من اليورانيوم المخصب".
وأضاف أن موضوع اليورانيوم المخصب في إيران لا يزال أحد أبرز نقاط الخلاف بين طهران والقوى العالمية، مشيرًا إلى أن إسرائيل كانت على علم قبل هجمات يونيو (حزيران) الماضي بأن هذه المخزونات لن يتم تدميرها بشكل كامل، وأن الهدف الأساسي من العملية العسكرية كان منع طهران من زيادة قدرتها على تخصيب اليورانيوم والتوجه نحو التسلح النووي.
ووصف نتنياهو إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران بأنها خطوة إيجابية، داعيًا إلى ضرورة استمرار الضغطين الدبلوماسي والاقتصادي على طهران، وقال: "يجب أن يكون واضحًا أننا لن نسمح أبدًا باستئناف جهودهم لصنع قنابل نووية تستهدف تدمير بلادي وبلادكم (الولايات المتحدة)".
وجاءت هذه التصريحات، بعد تقرير لصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، ذكرت فيه أن جهاز الموساد يمتلك معلومات دقيقة عن مواقع تخزين اليورانيوم المخصب في إيران، والتي لم تُستهدف بعد، وأنه قادر على التدخل عند الضرورة.
وخلال الحرب، التي استمرت 12 يومًا، شنّت إسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة هجمات واسعة على المنشآت النووية الإيرانية، وأدت إلى تدمير أجزاء كبيرة من منشآت نطنز وفوردو وأصفهان، إضافة إلى إلحاق أضرار بعدة مواقع نووية أخرى.
ومع ذلك، لا يزال الغموض يحيط بمصير أكثر من 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة، وهي نسبة قريبة جدًا من المستوى المستخدم في صناعة الأسلحة النووية.
موقف إيران
في هذا السياق، قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، يوم السبت 27 سبتمبر، قبيل تفعيل "آلية الزناد": "كانت الدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة تتوقع أن تتخلى طهران عن كامل موادها النووية أو تسلّمها لهم، مقابل تأجيل تفعيل الآلية لثلاثة أو ستة أشهر".
وأضاف عراقجي: "هذا قمة التغطرس معنا، ولن نقبل بمثل هذه الإهانة".
وفي وقت سابق، صرحت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، بأن اليورانيوم المخصب الإيراني "مدفون في مكان ما"، ولا يمكن الوصول إليه.

وصف مسؤولو النظام الإيراني عودة عقوبات الأمم المتحدة ضد البرنامج النووي بأنها "غير قانونية وغير مبررة"، وأصدروا تحذيرًا بأن أي إجراء بناءً على تلك القرارات سيواجه ردًا متبادلاً من طهران.
وفي الوقت نفسه، أكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، يوم الأحد 28 سبتمبر (أيلول)، في بيان، أن جميع عقوبات الاتحاد الأوروبي، التي تم تعليقها بسبب الاتفاق النووي (خطة العمل الشاملة المشتركة 2015) "ستعود فورًا".
وأصبحت هذه العقوبات، التي تشمل تجميد أصول إيران، وتوقف صفقات الأسلحة، والقيود المتعلقة بالبرنامج الصاروخي، سارية المفعول، بعد فشل المحادثات مع الغرب، وتفعيل "آلية الزناد" على يد ثلاث دول أوروبية منذ فجر يوم الأحد 28 سبتمبر.
وردًا على هذا القرار، أكدت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان، أن "إحياء قرارات منتهية الصلاحية يفتقر إلى أساس قانوني"، وأن على الدول ألا تعترف بهذا الوضع.
كما وصف وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في رسالة إلى أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إجراء الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث لإعادة قرارات مجلس الأمن الملغاة ضد طهران بأنها "غير قانونية وبلا أساس".
وطالب بمنع أي محاولة لإحياء آليات العقوبات، بما في ذلك لجنة العقوبات وهيئة الخبراء، وأكد أن أي جزء من موارد الأمم المتحدة لا يجب استخدامه في دعم مثل هذه الإجراءات.
وقال عراقجي إن طهران "ستدافع بحزم عن حقوقها ومصالحها أمام الضغوط".
كما وصف رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، إجراء الدول الأوروبية الثلاث بتفعيل "آلية الزناد"، وعودة عقوبات مجلس الأمن، بأنه "غير قانوني"، وأكد أن إيران لا تعتبر نفسها ملزمة بتنفيذها، بما في ذلك تعليق التخصيب.
وقال: "إذا أرادت أي دولة القيام بإجراء ضد إيران، بناءً على هذه القرارات غير القانونية، فسوف تواجه ردًا متبادلاً وجادًا من إيران، والدول الأوروبية الثلاث التي بدأت هذا الإجراء غير القانوني سترى ردنا".
وأضاف رئيس البرلمان الإيراني أن الغرب يعتبر التفاوض أداةً لـ "الخداع والضغط"، مشيرًا إلى أن شرط تمديد "آلية الزناد" لستة أشهر يتمثل في التفاوض مع أميركا، ومنح الوكالة وصولاً أوسع، وتقييد مدى الصواريخ الإيرانية، وهو ما وصفه بأنه "محاولة مدروسة لانتزاع القدرة الصاروخية الإيرانية". كما دعا قاليباف إلى "تعزيز القوة الدفاعية".
وأقرّ قاليباف، في كلمته يوم الأحد، بأن "الشعب يعاني مشكلات معيشية، خاصة ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وإيجارات المنازل، وقطع الكهرباء والماء".
وفي الوقت نفسه، أعلن عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان، إسماعيل كوثري، دراسة احتمالية خروج إيران من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT).
وأما داخل إيران، فقد تحدث المواطنون في مقابلات مع وكالات الأنباء عن التأثير الفوري لهذا القرار على حياتهم اليومية، بعدما وصل سعر الدولار في السوق الحرة إلى رقم قياسي جديد، وزادت المخاوف بشأن ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانخفاض مستوى المعيشة أكثر.
ردود الفعل العالمية
من جهة أخرى، أعلن وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا، الذين قاموا بتفعيل "آلية الزناد"، أن هدفهم هو منع إيران من الحصول على سلاح نووي، وأن طريق الدبلوماسية لا يزال مفتوحًا.
كما أعربت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، يوم الأحد، في بيان، عن أسفها لعدم نجاح المفاوضات في الأيام الأخيرة، وأكدت أن جميع عقوبات الاتحاد الأوروبي النووية "ستعود فورًا" جنبًا إلى جنب مع عقوبات الأمم المتحدة.
وفي الوقت نفسه، أعلنت كالاس دعمها للجهود السياسية والدبلوماسية بين جميع الأطراف، بما في ذلك إيران.
وقبل ذلك بساعة، دعا وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، إيران إلى قبول "حوار مباشر مصحوب بحسن نية".
وكتب ماركو روبيو في رسالة: "هذه الليلة، قامت الأمم المتحدة بتفعيل عقوبات آلية الزناد ضد إيران. نحن نقدر الحزم والعزم من فرنسا وألمانيا وبريطانيا. تم تنفيذ ستة قرارات للأمم المتحدة مرة أخرى، والتي تحظر التخصيب النووي الإيراني، وتعيد القيود على البرنامج النووي والصاروخي، والصفقات العسكرية الإيرانية".
وأما روسيا والصين، أبرز داعمي إيران في الأمم المتحدة، فقد اعتبرتا هذه العقوبات فاقدة للمصداقية، فيما وصفتها موسكو بأنها تعكس "ابتزازًا وضغطًا" من الغرب ضد إيران.
وبعد الهجمات الجوية الإسرائيلية، التي شاركت فيها الولايات المتحدة بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، في يونيو (حزيران) الماضي، خرجت إيران من رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفي الوقت نفسه، تحافظ إيران على مخزون من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة، والذي يبعد خطوة فنية قصيرة فقط عن مستوى 90 في المائة المستخدم في صناعة السلاح النووي، ويكفي، في حال قررت طهران التقدم بسرعة نحو التسليح، لإنتاج عدة قنابل ذرية.
وقد أكدت إيران دائمًا أن برنامجها النووي سلمي، على الرغم من أن الغرب والوكالة الدولية للطاقة الذرية يقولان إن طهران كان لديها برنامج منظم لإنتاج سلاح نووي حتى عام 2003.

ارتفع سعر الدولار في السوق الحرة بإيران، يوم السبت 27 سبتمبر (أيلول) بعد تفعيل "آلية الزناد"؛ ليصل إلى 113,450 تومان، مقارنةً بـ 103,500 تومان الأسبوع الماضي. كما صعد سعر الغرام الواحد من الذهب إلى 10,260,000 تومان بعد أن كان 9,600,000 تومان يوم الخميس الماضي أيضًا.
وفي صباح يوم السبت 27 سبتمبر، في أول يوم عمل بعد عدم إقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مشروع قرار الصين وروسيا، بتعليق تفعيل "آلية الزناد" ضد طهران لمدة 6 أشهر، افتتح الدولار في السوق الحرة عند 113,435 تومان.
وفيما بعد، انخفض سعر الدولار قليلاً مقارنة بسعر الافتتاح ليصل إلى 111,570 تومان.
وكان سعر الدولار، يوم الخميس 25 سبتمبر الجاري، في السوق الحرة 108,450 تومان، وفي يوم السبت 20 سبتمبر كان 103,500 تومان.
وبناءً على ذلك، فقد ارتفع سعر الدولار بعد تفعيل آلية الزناد نحو 5 في المائة مقارنة بآخر يوم من الأسبوع الماضي، ونحو 10 في المائة مقارنة بأسبوع مضى.
كما ارتفع سعر الغرام الواحد من الذهب عيار 18، الذي كان 9,232,000 تومان يوم السبت من الأسبوع الماضي، بنسبة 11 في المائة ليصل إلى 10,265,000 تومان.
أما سعر قطعة العملة الذهبية "بهار آزادی"، فقد ارتفع بنسبة 12 في المائة، إلى 103,720,000 تومان، بعدما كان 92,500,000 تومان، يوم السبت 20 سبتمبر.
وسجل سعر الجنيه الإسترليني، يوم السبت 27 سبتمبر، أكثر من 150,000 تومان.
وقد نشرت صحيفة يومية تابعة للحرس الثوري الإيراني، في 20 يوليو (تموز) الماضي، تحليلاً توقعت فيه تفعيل آلية الزناد، ودعت إلى "تهيئة المجتمع نفسيًا" لمواجهة الصدمة الاقتصادية الناتجة عن عودة العقوبات.
ومن جانبه، دافع الرئيس الإيراني، مسعود بزشکیان، يوم السبت 27 سبتمبر، عن موقف طهران في برنامجها النووي، وقال إنه إذا اضطُرت طهران للاختيار بين "مطالب الأميركيين غير المنطقية وآلية الزناد"، فإننا ستفضل "آلية الزناد".
وسيتم إعادة تطبيق جميع عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران، يوم السبت 27 سبتمبر، الساعة 8 مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة.
ويأتي إعادة تفعيل عقوبات الأمم المتحدة بعد أن قامت دول "الترويكا الأوروبية" (فرنسا وألمانيا وبريطانيا)، يوم 28 أغسطس (آب) الماضي بإعطاء إيران مهلة شهرًا قبل تفعيل "آلية الزناد" المنصوص عليها في الاتفاق النووي السابق (2015).
وأصدرت غرفة التجارة الإيرانية، في 27 أغسطس الماضي، تقريرًا حول توقعات الاقتصاد الوطني حتى نهاية عام 2025، وقدمت ثلاثة سيناريوهات: متفائل، ومحتمل، ومتشائم.
وفي السيناريو المتشائم، من المتوقع أن يرتفع سعر الصرف بشكل كبير، ود يصل سعر صرف الدولار الواحد إلى 165,000 تومان إيراني، كما يرتفع معدل التضخم إلى 90 في المائة. وبالإضافة إلى ذلك، يتوقع أن يكون النمو الاقتصادي في البلاد سلبيًا في جميع السيناريوهات.

أعلن الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان قبل مغادرته نيويورك متوجهًا إلى طهران، أنه إذا كان لا بد من الاختيار بين "مطالب أميركا غير المنطقية وآلية الزناد"، فإن طهران ستختار "آلية الزناد". يأتي ذلك رغم ارتفاع سعر الدولار في سوق إيران إلى 113 ألف تومان بعد عودة العقوبات الأممية.
وقال بزشکیان، الذي غادر إلى طهران، بعد حضوره اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم السبت 27 سبتمبر (أيلول)، لوسائل الإعلام: "إن الأميركيين يريدون أن نسلمهم كل اليورانيوم المخصّب لدينا، وفي المقابل يمنحوننا ثلاثة أشهر فقط"، ووصف هذا الاقتراح بأنه "غير مقبول"، مشددًا: "إذا كان علينا أن نختار بين مطالب أميركا غير المنطقية وآلية الزناد، فاختيارنا هو آلية الزناد".
وقبل عودته من الولايات المتحدة، أضاف الرئيس الإيراني: "إنهم سيطرحون مطلبًا آخر بعد شهور، ويقولون إننا نريد تفعيل آلية الزناد"، مضيفًا: "نظرًا إلى إيمان أبناء إيران الأكارم بوطنهم وسلامة أراضيهم وكرامتهم، وبالعلاقات التي نملكها مع الجيران وبلدان مجموعة بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون، سنتجاوز هذا الوضع".
وجاءت هذه التصريحات فيما قالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، خلال مؤتمرها الصحافي الأسبوعي، قبل أربعة أيام، في 23 سبتمبر الجاري، إن اليورانيوم الإيراني المخصّب "مدفون في مكان ما" ولا يمكن الوصول إليه.
وعلى الرغم من التغطية الواسعة من قِبل وسائل الإعلام الرسمية حول مفاوضات النظام الإيراني مع الأطراف الأوروبية للتوصل إلى اتفاق يمنع تفعيل "آلية الزناد"، فقد توقعت صحيفة "صبح صادق" الإيرانية، عبر تحليل نشرته في 20 يوليو (تموز) الماضي، أن "آلية الزناد" ستُفعل.
ونشرت هذه الصحيفة اليومية التابعة للحرس الثوري الإيراني، في ذلك الوقت، مقترحًا بأن يتبنّى المسؤولون الحكوميون مهمة "التحضير النفسي للمجتمع" لمواجهة العواقب الاقتصادية الشديدة لتفعيل "آلية الزناد"، مع تجنّب "إثارة الآمال" بشأن ذلك.
ووصلت تداعيات ذلك الوضع إلى سوق العملات والذهب في إيران؛ حيث كان سعر الدولار في السوق الحرة بإيران 99 ألف تومان يوم الخميس 18 سبتمبر الجاري. وبعد يوم واحد من عدم اعتماد مشروع قرار كوريا الجنوبية بشأن تعليق إعادة فرض العقوبات، وصل سعر الدولار، يوم السبت الماضي 20 سبتمبر، إلى نحو 104 آلاف تومان.
وبعد يوم واحد من فشل اعتماد مشروع القرار المقترح من الصين وروسيا في مجلس الأمن لوقف تفعيل "آلية الزناد" لمدة 6 أشهر ضد إيران، تجاوز سعر الدولار في سوق طهران أيضًا 113 ألف تومان، يوم السبت 27 سبتمبر.
وبهذا، ارتفع سعر الدولار في سوق طهران الحرة بنحو 15 ألف تومان خلال نحو أسبوع واحد.
وفي يوليو (تموز) 2024، شجّع التيار الإصلاحي المواطنين الإيرانيين على المشاركة في الانتخابات والتصويت لصالح بزشکیان "لإبعاد شبح العقوبات والحرب عن إيران، في حال فوز المرشح الأصولي، سعيد جليلي، في انتخابات الرئاسة".
ورشح بزشکیان نفسه للانتخابات منتقدًا ما يسميه التيار "المتشدّد"، وواعدًا برفع العقوبات وإعادة إحياء الاتفاق النووي.
ومع أنه الآن يؤكد ضرورة المقاومة في مواجهة الغرب، إلا أن مواقفه كانت مختلفة، حينما كان الإصلاحيون ما زالوا يعلقون آمالاً على المفاوضات.
وقبل نحو 40 يومًا، وتحديدًا في 10 أغسطس (آب) الماضي، وفي انتقاد منه لمعارضي المفاوضات، قال بزشکیان مخاطبًا من يرفض الحوار: "لا أظن أننا سنصل إلى نتيجة بالخصام. ألا تريد أن تتكلم؟ ألا تريد التفاوض؟ ماذا تريد أن تفعل إذًا؟ أن تحارب؟!".

فشل مشروع القرار الذي قدمته روسيا والصين بتأجيل إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران في مجلس الأمن الدولي، وبالتالي ستعود هذه العقوبات إلى التنفيذ مجدداً.
وفي التصويت الذي جرى اليوم الجمعة 26سبتمبر (أيلول) 2025، لم يحصل المشروع إلا على أربعة أصوات مؤيدة من أصل 15 عضواً، وهم: روسيا، الصين، الجزائر، وباكستان.
في المقابل، صوّتت تسع دول، بينها الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، والدنمارك ضده، فيما امتنعت دولتان عن التصويت، من بينهما كوريا الجنوبية التي كانت ترأس الجلسة.
وبناءً على قرار المجلس، ستُعاد جميع عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران اعتباراً من يوم غد السبت27 سبتمبر 2025 الساعة 8 مساءً بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة.
تأتي عودة العقوبات بعد أن فعّلت فرنسا وألمانيا وبريطانيا آلية الزناد المنصوص عليها في الاتفاق النووي الموقع عام 2015.
ردود فعل أعضاء مجلس الأمن
كان مندوب روسيا في مجلس الأمن قد قال: "كنا نأمل أن يسود العقل والمنطق، وأن تتراجع فرنسا وألمانيا وبريطانيا عن ادعاءاتها".
وأضاف أن "واشنطن رفضت الحوار، وإيران أرادت تقديم تنازلات، واتخذت جميع الإجراءات".
فيما صرّح المندوب الصيني بأنه كان على أوروبا وأميركا أن "تختارا خيار التمديد الفني بدلاً من إعادة العقوبات، وأن يسلكا طريق الحوار والتفاوض بدلاً من تعميق الانقسامات".
وأكد أن دول "الترويكا" الأوروبية أصرت على عودة العقوبات.. وهو ما سيبقي الوضع حرجًا للغاية.
أما ممثلة بريطانيا فقد أكدت أن "عقوبات الأمم المتحدة ستعود هذا الأسبوع، وعلى جميع الدول الأعضاء الالتزام بها."
وأضافت: "بريطانيا ما زالت ملتزمة بالسعي إلى حل دبلوماسي. التزامنا بالدبلوماسية لم ينتهِ، ونحن مستعدون لمواصلة المحادثات مع إيران لمعالجة القلق العالمي بشأن برنامجها النووي."
كما أشارت إلى تصريحات علي خامنئي الأخيرة قائلة: "من الواضح أن إيران لا تبدي رغبة في النظر بمفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة. وبالتالي، هذا المجلس لا يرى مساراً واضحاً للوصول سريعاً إلى حل دبلوماسي."
يشار إلى أنه قبل ثلاثة أيام من التصويت، كان علي خامنئي قد جدد رفضه التفاوض مع الولايات المتحدة، معتبراً أن مثل هذه المفاوضات "لا فائدة منها، بل قد تحمل أضراراً لا تعوّض."
كما دافع عن تخصيب اليورانيوم داخل الأراضي الإيرانية، وهو ما أدى إلى تعثر المحادثات بين طهران وواشنطن.
موقف الولايات المتحدة
أما ممثلة الولايات المتحدة فقد شددت على أن "أميركا تدعم الملف الذي قدمته الدول الأوروبية الثلاث. إيران خرقت التزاماتها بشكل متكرر وجسيم. إعادة فرض العقوبات لا تعني التخلي عن الدبلوماسية."
وأضافت: "نحن سعداء بأن المجلس رفض مشروع روسيا والصين، فقد كان مجرد محاولة فارغة للإفلات من محاسبة إيران."
ومن ناحيتها قالت مندوبة الدنمارك: "الجهود الدبلوماسية المكثفة على أعلى مستوى لم تنجح. إقرار المشروع كان سيؤدي فقط إلى تمديد وضع غير مقبول. نحن قلقون بشدة من برنامج إيران النووي وتكديسها لليورانيوم عالي التخصيب."
وفي المقابل، كان عباس عراقجي، وزير الخارجية الإيراني، قد وصف تفعيل آلية "سناب باك" من قبل الدول الأوروبية الثلاث بأنه "يفتقر إلى الشرعية"، محذراً من إنهاء التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا ما أعيد فرض عقوبات مجلس الأمن.
وبعد التصويت على إعادة فرض العقوبات قال وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي إن تحركات إيران البناءة قوبلت من أميركا والمجموعة الأوروبية بالرفض.
وأضاف عراقجي أن الغرب تصرف بسوء نية فيما التزمت إيران بالاتفاق النووي حتى بعد انسحاب واشنطن منه.