وجاء البيان الصادر عن نقابة عمال شركة قصب السكر في هفت تبه، ولجنة التنسيق للمساعدة في تأسيس التنظيمات العمالية، وعمال خوزستان المتقاعدين، ومجموعة اتحاد المتقاعدين يوم الثلاثاء 21 أكتوبر، ليؤكد أن "قسوة الظروف الراهنة زادت من دوافع الاحتجاج على الأوضاع القائمة بين مختلف فئات الشعب".
وأشار البيان إلى أن العمال والمعلمين والمتقاعدين "اختاروا الشارع ساحةً للمطالبة بحقوقهم والتعبير عن احتجاجاتهم".
وأضاف البيان: "النساء والشباب، الذين تحولت السياسات الجائرة للنظام ضدهم إلى قوانين مفروضة، وجدوا في الاحتجاجات المدنية والعصيان ضد القوانين القمعية للنظام الإيراني طريقًا للمطالبة بحقهم في الحرية واختيار أسلوب حياتهم ولباسهم".
ورأت هذه التنظيمات أن التركيز على المطالب الاقتصادية "ضروري لتسهيل النضال، وتعزيز تأثيره على سائر الحركات الاحتجاجية، ودفعه نحو عمق واتساع يحقق وحدة تلك الحركات".
لكنها شددت في الوقت نفسه على أن "النضال من أجل المطالب الاقتصادية، رغم ضرورته، غير كافٍ بمفرده، لأن تلبية احتياجات العمال والطبقات الكادحة ترتبط بجوهر النظام الاقتصادي والسياسي القائم وبطبيعة دور الحكومات في تحقيق تلك الاحتياجات".
وأكدت التنظيمات الموقعة أن النظام الحاكم "لا يملك أي إرادة لحل مشكلات الطبقات الشعبية"، مضيفة: "لم يعد مجرد إعلان المطالب ورفع الصوت بالمطالبة بالحقوق كافيًا للتخفيف من الظلم وتحسين معيشة العمال والكادحين".
وشدّدت على ضرورة "اتباع نهج عملي أكثر فاعلية، يقوم على تبنّي سياسة مستقلة من قبل العمال والكادحين في مواجهة النظام الاقتصادي والسياسي الرأسمالي القائم"، داعية إلى "بناء بديل قوي في مواجهة السلطة التي تمثل العدو الطبقي للعمال والكادحين".
وجاء في البيان أيضًا: "يجب ألا يُسدل أي ستار على الطبيعة الخبيثة والمعادية للعمال والاستغلالية للنظام الحاكم، ولا يُسمح للظلم والاستبداد بالتخفي. علينا أن نستعدّ لنضال مستقل، لا يعرف الكلل ولا المصالحة، سياسيًا واقتصاديًا، ضد النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي القائم. لقد بدأ هذا المسار، ونحن نشهد سعي المحتجين إلى تجديد بنية المجتمع".
وبالتزامن مع تفاقم الأزمة المعيشية للعمال وأصحاب الدخل المحدود واستمرار الاحتجاجات المطلبية في مناطق مختلفة من إيران، لم تتخذ وزارة التعاون والعمل والرفاه الاجتماعي ولا المجلس الأعلى للعمل أي خطوة لتحسين أوضاعهم أو لزيادة الأجور.
وأفادت تقارير إعلامية في إيران بأن المجلس الأعلى للعمل عقد جلسة واحدة فقط خلال العام الجاري، في شهر مايو (أيار)، رغم أن التنظيمات العمالية الرسمية طالبت مرارًا بعقد اجتماعات دورية للمجلس لبحث رفع الأجور.
وأشار موقع "خبر أونلاين" يوم الثلاثاء 21 أكتوبر إلى أن المجلس الأعلى للعمل، على الرغم من التزامه القانوني بالنظر شهريًا في مشكلات العمال، لم يلتفت حتى الآن إلى مسألة مواءمة الأجور مع التضخم والأزمة الاقتصادية.
وتساءل الموقع: "هل ستتحمل وزارة العمل مسؤولية هذا التقصير؟"، في إشارة إلى أن أحمد ميدري، وزير التعاون والعمل والرفاه الاجتماعي، عارض في الأشهر الماضية عدة مرات رفع الحد الأدنى للأجور.
ويبلغ الحد الأدنى الشهري لأجور العمال المشمولين بقانون العمل نحو 11 مليون تومان، ومع الإضافات يصل إلى حوالي 15 مليون تومان، ومع ذلك تشير تقارير بعض وسائل الإعلام التابعة للنظام إلى أن هذا الحد الأدنى لا يُدفع حتى لمن لا تشملهم أحكام قانون العمل.
ويفصل بين الحد الأدنى الحالي للأجور وتكاليف المعيشة الشهرية- التي تُقدّر بنحو 50 مليون تومان- فجوة هائلة.
واستنادًا إلى الفقرتين المضافتين إلى المادة 41 من قانون العمل يجب تحديد الحد الأدنى للأجور وفقًا لمعدل التضخم وتكاليف معيشة الأسرة العاملة، لكن النشطاء والتنظيمات العمالية المستقلة انتقدوا مرارًا ما وصفوه بـ"سياسة كبح الأجور" التي ينتهجها النظام، مشيرين إلى أن الحكومات المتعاقبة في إيران تتعمّد تجاهل الفقرة الثانية من المادة المذكورة.
وفي هذا السياق، حذّر موقع "خبر أونلاين" من أن "تجاهل مشكلات العمال قد يخلّف تبعات واسعة في الساحتين الاجتماعية والاقتصادية للبلاد".
من جهتها، أشارت وكالة "تسنيم" إلى الارتفاع غير المسبوق في أسعار السكن والإيجارات بالتوازي مع تدني الأجور، مؤكدة أن العمال يواجهون "أزمة حقيقية في توفير السكن"، وهي أزمة "تلتهم القسم الأكبر من رواتبهم وتقضي على أملهم في امتلاك منزل".
وذكرت الوكالة أنه "في كثير من الحالات، تُنفق ما بين 50 إلى 60 في المائة من دخل الأسرة على إيجار مسكن صغير، بينما تُقرّ مبادئ الرفاه الاجتماعي بألا تتجاوز هذه النسبة 30 في المائة من الدخل، غير أن الإحصاءات غير الرسمية تشير إلى أن هذه النسبة بين العمال أعلى بكثير".