وقالت وزارة الخارجية الإيرانية، فجر الجمعة 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، في بيان لها، إن القرار الجديد لمجلس المحافظين بشأن برنامج إيران النووي "غير قانوني، وغير مبرّر، ونتيجة لضغوط الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، إسماعيل بقائي، إن "الوكالة الدولية للطاقة الذرية تلقت رسالة رسمية تفيد بأن ما يُعرف باتفاق القاهرة يُعتبر من وجهة نظرنا لاغيًا، وأن هناك إجراءات أخرى قيد النظر".
وأضاف بقائي أن "القرار والبيانات التي أصدرتها الدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة لم تشر ولو بالكاد إلى حقيقة مهمة، وهي أن إسرائيل والولايات المتحدة هاجما المنشآت النووية الإيرانية في شهر يونيو (حزيران) الماضي، وأن سبب توقف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
وكان وزير الخارجية الإيرانية، عباس عراقجي، قد ذكر، في ردّه على تجديد إدانة برنامج طهران النووي في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن الدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة "تسعى إلى التصعيد". وأعلن أن طهران قررت، ردًا على القرار، الانسحاب من اتفاق القاهرة المبرم مع الوكالة.
وكتب عراقجي، في حسابه على منصة "إكس"، أن إيران، ردًا على صدور قرار مجلس المحافظين، انسحبت من الاتفاق الذي جرى التوصل إليه في القاهرة بشأن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأضاف أن "المسؤول عن فشل هذا الاتفاق" هي بريطانيا وألمانيا وفرنسا إلى جانب الولايات المتحدة.
وأشار وزير الخارجية الإيراني أيضًا إلى الهجوم الإسرائيلي خلال المفاوضات بين طهران وواشنطن، وإلى تفعيل "آلية الزناد" من قِبل الدول الأوروبية الثلاث، قائلاً إن "هذا المسار غير المقبول والمخزي أوصلنا إلى هذه المرحلة".
وقد تم توقيع اتفاق القاهرة في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي بين وزير خارجية إيران، عباس عراقجي، والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ورافائيل غروسي، بوساطة مصرية. وكان هذا الاتفاق يسمح للوكالة باستئناف عمليات التفتيش في المنشآت النووية الإيرانية.
وهذه ليست المرة الأولى التي تصف فيها إيران "اتفاق القاهرة" بأنه لاغٍ.
اتهامات ضد الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث
حمّلت إيران، في بيانها، الولايات المتحدة "المسؤولية الرئيسة عن الأزمة النووية"، وتدّعي أن تعليق بعض أنشطة التحقق التابعة للوكالة في إيران كان "نتيجة مباشرة للهجمات العسكرية الأميركية والإسرائيلية" على منشآتها النووية.
كما اتهمت الخارجية الإيرانية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا بأنها، من خلال "الانتهاكات المستمرة للاتفاق النووي" وتأييد "الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية في يونيو (حزيران) الماضي"، تتحمل مسؤولية الوضع الحالي.
وتصف طهران خطوة هذه الدول الأربع في مجلس المحافظين بأنها "تشويه خبيث للحقائق" أدى إلى عرقلة تعاون إيران مع الوكالة.
إنهاء "اتفاق القاهرة" مع الوكالة
ذكرت الخارجية الإيرانية، في بيانها، أن طهران اضطرت، بسبب سلوك الولايات المتحدة والدول الأوروبية، إلى إنهاء "اتفاق القاهرة"، الذي تم توقيعه في التاسع من سبتمبر (أيلول) الماضي، الذي كان، بحسب إيران، يمهّد لاستئناف عمليات التفتيش في بعض المنشآت النووية.
ومع ذلك، تؤكد طهران أنها لا تزال ملتزمة بـ "موقفها المبدئي الرافض لأسلحة الدمار الشامل".
انتقادات ضد إسرائيل
وصفت الخارجية الإيرانية، في بيانها، إسرائيل بأنها "أكبر تهديد للسلام والأمن العالمي" و"الجهة الوحيدة التي تمتلك أسلحة دمار شامل في المنطقة"، متهمة الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث بـ "التواطؤ في جرائم إسرائيل" في فلسطين ولبنان.
وكانت وسائل الإعلام الحكومية في إيران قد ذكرت، يوم الخميس 20 نوفمبر، أن إيران وروسيا وبيلاروسيا والصين وكوبا ونيكاراغوا وفنزويلا وزيمبابوي أصدرت بيانًا مشتركًا خلال اجتماع مجلس المحافظين، أدانت فيه الهجمات الأميركية والإسرائيلية على المواقع النووية الإيرانية في الحرب التي استمرت 12 يومًا.
التأكيد على الحقوق النووية
وفي ختام البيان، شكرت الخارجية الإيرانية الدول التي صوّتت ضد القرار أو امتنعت عن التصويت، مؤكدة أن إيران "لن تتردد في اتخاذ أي خطوة لحماية حقوقها النووية".
وكان مجلس محافظي الوكالة قد صوّت، في جلسته المغلقة الأخيرة، يوم الخميس 20 نوفمبر، على قرار يلزم إيران بأن تقدّم "فورًا" تقارير حول وضع مخزونها من اليورانيوم المخصّب والمواقع النووية التي تعرّضت لأضرار خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا.
ومن أصل 35 عضوًا في المجلس، صوّتت 19 دولة لصالح مشروع القرار الذي قدّمته الولايات المتحدة ودول "الترويكا" الأوروبية، فيما عارضته 3 دول، وامتنعت 12 أخرى عن التصويت. وكانت روسيا والصين والنيجر الدول الوحيدة التي صوّتت ضد القرار.
ذكرت وكالة رويترز، يوم الخميس 20 نوفمبر، نقلًا عن مصادر دبلوماسية، أن الهدف من القرار هو تمديد وإعادة تنظيم مهمة الوكالة في مراقبة والإبلاغ عن جوانب من البرنامج النووي الإيراني.
وينص القرار على ضرورة أن تزوّد طهران مفتشي الوكالة بالمعلومات المطلوبة وإتاحة الوصول إلى المواقع "من دون تأخير".
ومن جهته، كرّر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مرارًا أن الهجمات الأميركية على مواقع نطنز وفوردو وأصفهان، خلال الحرب، استهدفت "تدمير البرنامج النووي الإيراني بالكامل".
ولكن دبلوماسيين غربيين يرون أن الهجمات، رغم الأضرار الكبيرة التي تسببت بها، لم تتمكن من تدمير البنية التحتية النووية بشكل كامل، ولذلك تستمر الشكوك حول مخزون إيران من اليورانيوم المخصّب.
وقال مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، في حديث لـ "إيران إنترناشيونال، يوم الأربعاء 19 نوفمبر الجاري، إن جميع المنشآت النووية الإيرانية لم تُدمَّر؛ بل "تعرّض جزء منها فقط لأضرار شديدة"، مؤكدًا أن تدمير بعض المنشآت لا يمكن أن يكون مبررًا لوقف التفتيش، وأن رقابة الوكالة تبقى ضرورية.