وأعلن نائب مدير شركة المياه الإقليمية في طهران، راما حبيبي، يوم السبت 22 نوفمبر (تشرين الثاني)، أن خزانات سدود العاصمة وصلت إلى مستوى يجعل أي سحب إضافي منها يشكّل خطرًا على سلامة السدود وشبكة الإمداد.
وقال: "لا أستطيع القول إن سدود طهران وصلت إلى حجمها الميت، لكنها تقريبًا بلغت مستوى يعتبر دونَه حجمًا استراتيجيًا، وهذا الحجم يجب أن يبقى في السد".
وبحسب قول حبيبي، لم يخرج أي من سدود العاصمة عن الخدمة حتى الآن، لكن بعضها وصل إلى مستوى لا يمكن حتى سحب المياه منه بشكل تقني.
يُطلق مصطلح "الحجم الاستراتيجي" على جزء من مخزون السد يُحتفظ به لإدارة الأزمات خلال فترات الجفاف الشديد أو السيول، ولا يُسمح باستخدامه للاستهلاك اليومي.
ووفقًا للإحصاءات الرسمية، فإن طهران تعيش الآن عامها السادس على التوالي من الجفاف.
ووصل مخزون سد لتيان إلى أدنى مستوى له خلال 60 عامًا، كما لا يحتوي سد كرج سوى على أقل من 10 في المائة من سعته. ونتيجة لذلك، يتم تأمين 70 في المائة من مياه طهران من المصادر الجوفية؛ وهي مصادر تعرضت لضغط شديد على طبقات المياه الجوفية، حتى إن الكثير منها بات على حافة الهبوط الأرضي.
إدارة ضغط المياه في طهران
أعلن المتحدث باسم صناعة المياه في إيران، عيسى بزرك زاده أن "إدارة ضغط المياه لا تزال واحدة من الأدوات الأساسية لدى وزارة الطاقة لتأجيل تفاقم أزمة المياه في العاصمة طهران، وأن انخفاض ضغط المياه في مناطق مختلفة منها مستمر".
وأوضح بزرك زاده أن خفض ضغط المياه يُطبّق من منتصف الليل حتى ساعات الفجر، عندما يكون الاستهلاك أقل، ويستمر هذا الإجراء خلال النهار لكن بشدة أقل.
وحذر من أنه إذا لم يستجب المواطنون لطلب وزارة الطاقة بخفض الاستهلاك بنسبة 10 في المائة، فقد يتوسع نطاق إدارة الضغط ليشمل ساعات أخرى من اليوم.
20 محافظة بلا أمطار
أعلن المدير التنفيذي لشركة إدارة موارد المياه في إيران، محمد جوان بخت، أنه خلال الأيام الخمسين الماضية لم تُسجَّل سوى 3.5 ملليمتر من الأمطار في البلاد؛ وهو رقم لا يمثل سوى 18 في المائة من المعدل الطبيعي لهطول الأمطار.
وأضاف أن 20 محافظة لم تشهد أي أمطار، وأن العام المائي الماضي كان خامس عام جاف على التوالي في إيران.
وقال جوان بخت: "شهدت طهران وبندرعباس العام الماضي أكثر فترات الشح المائي منذ بدء تسجيل البيانات".
وأدى انخفاض الهطولات بنسبة 40 في المائة إلى وصول السدود في البلاد إلى أدنى مستوى من المياه خلال أكثر من عقد.
بدء التقنين ونفاد مخزون السدود في "مشهد"
أعلن رئيس اللجنة الرقابية في البرلمان الإيراني، نصرالله بجمان فر، في 21 نوفمبر الجاري، أن "سد دوستي لم يعد لديه مياه لنقلها، وأن مياه سدود مشهد وصلت إلى الصفر".
وأكد أن هذه المدينة الكبرى تعيش الآن في ظل التقنين.
وعزا بجمان فر نقص المياه إلى "سوء الإدارة وغياب إدارة مستجمعات المياه وإدارة المياه الجوفية"، وقال إن طاقة أحواض المياه السطحية في البلاد تبلغ نحو 400 مليار متر مكعب، لكن جزءًا كبيرًا من هذه المياه يخرج من البلاد بسبب غياب التخطيط.
انهيار القنوات و"الموت البطيء" في كرمان
تعكس التقارير الميدانية من محافظة كرمان صورة لانهيار تدريجي للحياة في هذه المنطقة. فالقنوات التقليدية (القرى) تجف، والمياه الجوفية أصبحت مالحة ومرة، والحدائق والأراضي الزراعية دُمّرت، ومساحات واسعة من الحياة البرية تواجه خطر الفناء.
وفي الكثير من المناطق، لا يتدفق الماء إلا عبر مضخات متهالكة، فيما يستمر الإفراط في الاستهلاك بالمنازل والزراعة.
ويقول الخبراء إن استمرار الري بالغمر، ونمط الزراعة غير المتناسب مع المناخ، والضخ المفرط من الطبقات الجوفية، كلها عوامل أوصلت الوضع إلى مستوى "موت النظام البيئي".
جفاف أم سوء إدارة؟
رغم أن الكثير من المسؤولين يحمّلون الجفاف المسؤولية الرئيسة عن الأزمة، يرى خبراء الموارد المائية أن سوء الإدارة، والتوسع غير المنضبط للمدن، والأعباء الثقيلة على الموارد، وغياب التخطيط لإدارة الاستهلاك، هي عوامل رئيسة في هذا الوضع.
فالاستخراج المفرط للمياه من آلاف الآبار في ضواحي طهران، والهدر الكبير في شبكة التوزيع، وتوسع المجمعات السكنية، وإصدار تراخيص واسعة لبناء المدن، والمشاركة المحدودة للتقنيات الحديثة في إدارة الاستهلاك، كلها من أسباب تفاقم الأزمة.
ويؤكد خبراء المياه أن استمرار الوضع الحالي قد يجعل تأمين المياه لـ 30 إلى 50 في المائة من سكان طهران أمرًا غير ممكن خلال فترة تتراوح بين خمس إلى عشر سنوات.
كما حذر البعض من أنه إذا لم تهطل أمطار مؤثرة في الشتاء المقبل، فقد تدخل البلاد مرحلة أوسع من التقنين، وربما حتى "الإخلاء الموضعي" في بعض المناطق.