انتخاب محمد علي موحدي كرماني بعمر 93 عاما رئيسا لمجلس خبراء القيادة الإيراني



انطلقت الدورة السادسة لمجلس خبراء القيادة في إيران بعد يومين من وفاة إبراهيم رئيسي، أحد الأعضاء المهمين في هذا المجلس. ونظرا لسن علي خامنئي وحالته الصحية، تحظى الانتخابات وتشكيل مجلس خبراء القيادة هذا العام بأهمية خاصة.
وفي الاجتماع الأول لمجلس خبراء القيادة الجديد، الذي عقد اليوم الثلاثاء 21 مايو في طهران، تم انتخاب محمد علي موحدي كرماني رئيساً بأغلبية 55 صوتاً من أصل 83 عضواً حاضراً في الاجتماع.
وسيتولى موحدي كرماني رئاسة هذا المجلس لمدة عامين.
وبذلك أصبح موحدي كرماني خليفة لأحمد جنتي، الرئيس السابق لمجلس الخبراء، الذي لم يكن حتى مرشحا لهذه الدورة.
وتبلغ مدة ولاية أعضاء مجلس خبراء القيادة ثماني سنوات وعدد أعضاء هذا المجلس 88 عضواً، لكن قبل يومين قُتل إبراهيم رئيسي ومحمد علي آل هاشم خطيب جمعة تبريز في حادث تحطم مروحية في محافظة أذربيجان الشرقية.
وتظهر الصور التي نشرتها وسائل الإعلام، مشاركة محمود أحمدي نجاد، الرئيس الأسبق، في حفل افتتاح الدورة السادسة لمجلس خبراء القيادة بقميص أبيض.
يأتي ذلك في حين أنه ومع وفاة "رئيسي" وشغور منصبه في هذا البرنامج، كان المسؤولون المشاركون يرتدون اللون الأسود.
وخلال انتخابات الدورة السادسة لمجلس خبراء القيادة التي جرت يوم الجمعة 1 مارس 2024، بالتزامن مع انتخابات الدورة الثانية عشرة للبرلمان الإيراني، تم استبعاد بعض شخصيات وأعضاء الدورة السابقة، مثل حسن روحاني، من قبل مجلس صيانة الدستور.
وقد أثار استبعاد هؤلاء المرشحين في إطار الرقابة التصحيحية غضب روحاني واحتج في رسالة مفتوحة على هذا الإجراء الذي اتخذه مجلس صيانة الدستور.
وأشار خامنئي، في رسالة وجهها إلى الجلسة الجديدة لمجلس الخبراء، الثلاثاء، وتلاها رئيس مكتبه، إلى مقتل اثنين من أعضاء هذا المجلس.
ولفت في هذه الرسالة إلى "انتخاب المرشد" من قبل هذا المجلس، وادعى أن انتخاب المرشد في إيران هو انتخاب "شعبي".
وكتب خامنئي أن "انتخاب المرشد وفقاً للمعايير الإسلامية يقع على عاتق هذا المجلس، والمجلس نفسه منتخب من قبل الشعب. المعايير إسلامية والانتخاب شعبي، وهذه أوضح علامة للتعريف بالجمهورية الإسلامية".
ويتولى مجلس خبراء القيادة مهمة اختيار المرشد والإشراف عليه وإقالته، لكن عمليا كانت مهمة هذا المجلس في السنوات الماضية تقتصر على الثناء على خامنئي.
وفي نهاية العام الماضي، قال عضو مجلس الخبراء، أمان نريماني: "يعتقد البعض أن مجلس الخبراء يجب أن يراقب أيضًا تصرفات المرشد".
وأضاف: "في الحقيقة الأمر ليس كذلك، ولم يرد في الدستور شيء عن ذلك. لقد تم تشكيل مجلس خبراء القيادة فعلياً من أجل بقاء نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية".
كما قال عباس كعبي، العضو الآخر في مجلس الخبراء، عن مهمة المجلس: "كلمة المراقبة لا توجد في الدستور، ولم تذكر في الفقه أيضا".

قال عضو مجلس بلدية طهران، محمد آقاميري، إن "هناك تقارير تتحدث عن احتمالية أن تكون هناك عوامل أخرى غير الطقس هي السبب في سقوط مروحية الرئيس، وعلى الأجهزة الأمنية أن تدرس هذه القضايا بدقة". كما دعا إلى اهتمام أكبر بموت وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان.

تظهر الصور التي نشرتها وسائل الإعلام، مشاركة الرئيس الإيراني الأسبق، محمود أحمدي نجاد، في حفل افتتاح الدورة السادسة لمجلس خبراء القيادة بقميص أبيض. وفي الوقت نفسه، ومع وفاة "رئيسي" وشغور مكانه في هذا الحفل، يرتدي المسؤولون المشاركون اللون الأسود.

كتبت "رويترز" نقلا عن مصدرين مطلعين أنه قبل ستة أشهر، قام مجلس الخبراء بإزالة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي من قائمة الخلفاء المحتملين لعلي خامنئي بسبب تراجع شعبيته.
وقال مصدر إقليمي مطلع على آراء النظام الإيراني إن معارضة خامنئي للحكم الوراثي تقضي على إمكانية خلافة مجتبى خامنئي وعلي خميني، حفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية، والمقيم في النجف بالعراق.
وأكد مسؤول سابق في إيران لـ "رويترز" أيضا أنه من المتوقع الآن أن تكثف الجهات الفاعلة القوية، بما في ذلك الحرس الثوري الإيراني ورجال الدين المؤثرين في "قم"، جهودها لتشكيل عملية اختيار المرشد المقبل.
وقال إن "وفاة "رئيسي" تمثل ضربة للمؤسسة التي ليس لديها الآن مرشح آخر [للقيادة]"، وأضاف: "بينما يعتقد البعض أن رئيسي كان مستعدًا لخلافة خامنئي، لم يكن أحد يعرف على وجه اليقين ما هي نوايا المرشد".

بعد انتشار مقاطع تظهر احتفالات في شوارع إيران عقب الإعلان عن موت الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث سقوط مروحيته، هدد المسؤولون في جهاز القضاء والشرطة في إيران رواد مواقع التواصل الاجتماعي والصحافيين من نشر أي مواد تسبب "الإضرار بالأمن النفسي في المجتمع".
وهدد المدعي العام محمد موحدي آزاد، اليوم الثلاثاء 21 مايو (أيار)، مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بـ"الرد السريع والحاسم" في حال قاموا بـ"الإضرار بالأمن النفسي في المجتمع".
وخاطب موحدي آزاد رؤساء النيابة العامة في جميع أنحاء البلاد، وقال إنه يتعين عليهم التعامل بشدة مع الأشخاص الذين "يسيئون" أو "يخلون بالأمن النفسي للمجتمع ويزعجون الرأي العام" من خلال نشر معلومات عن وفاة رئيسي.
في السياق نفسه قال رئيس الشرطة السيبرانية وحيد مجيد: "إننا نراقب بعناية الفضاء الإلكتروني".
وهددت الشرطة مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، ودعتهم إلى الامتناع عن نشر "أي محتوى يحرض ويزعج المشاعر العامة بأي شكل من الأشكال".
وفي بيان، هدد جهاز الاستخبارات التابع لقيادة الشرطة في إيران مستخدمي وسائل التواصل والصحافيين، وقال: "جميع حسابات نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي تخضع لمراقبة الشرطة".
وجاء في هذا البيان: "سنواجه الأشخاص الذين يحاولون التشويش على الرأي العام من خلال نشر الشائعات".
ويحاول النظام، باستخدام أساليب مختلفة، خنق أصوات المعارضين لسياسته، ومنع نشر مواقف الناس في وسائل الإعلام المحلية.
وبعد وفاة رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، ابتهج العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لدور هذين المسؤولين في القمع وانتهاكات حقوق الإنسان في إيران.
كما أعلن أهالي ضحايا النظام الإيراني عبر رسائلهم ومنشوراتهم عن ابتهاجهم بخبر وفاة رئيسي في تحطم مروحيته بمحافظة آذربيجان الشرقية، شمال غربي إيران.
وكتب الناشط السياسي حسين رونقي، في إشارة إلى تهديد السلطات لمستخدمي وسائل التواصل بعد وفاة رئيسي: "لا تهددوا الناس، فإن رد الفعل الطبيعي جدا لهؤلاء الأشخاص الذين يعانون هو أن يفرحوا بحزنكم".
وأضاف رونقي: "كان الأولى بكم أن تفكروا قبل ذلك بكثير في مثل هذه الأيام".
وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الصحافيون ومستخدمو العالم الافتراضي في إيران للتهديد من قبل الحكومة في بعض المناسبات.
ففي أبريل (نيسان) الماضي وفي استمرار للإجراءات ضد وسائل الإعلام والمواطنين، أعلن الادعاء العام تجريم الناشطين عباس عبدي وحسين دهشباشي بسبب تعليقهما على الهجوم بالطائرات المسيرة والصواريخ الذي شنته إيران على إسرائيل.
وفي الوقت نفسه، تم استدعاء الناشط ياشار سلطاني إلى النيابة العامة، كما تم اعتقال مواطن في أردبيل.
ووصف الباحث الحقوقي محسن برهاني تجريم صحافيين معروفين أمثال عباس عبدي أو صحف ذات سمعة ومكانة في إيران كصحيفة "جهان صنعت" و"اعتماد" بـ"الأمر المستغرب" بعد أن وجه لهم القضاء تهمة "الإخلال بالأمن النفسي للمجتمع" و"تعكير الوضع الاقتصادي".
وقبل ذلك، وبعد نشر ردود الفعل الساخرة من الهجوم على إسرائيل، أصدر جهاز استخبارات الحرس الثوري إخطارا يطالب المواطنين، في حالة رؤيتهم لأي أنشطة في الفضاء الإلكتروني لدعم إسرائيل، بإرسال المعلومات والتفاصيل الخاصة بالصفحات والقائمين عليها باعتبارهم "مجرمين".
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، وبعد الهجمات الانتحارية في كرمان خلال مراسم ذكرى مقتل قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني، بلغت التهديدات والمواجهات الأمنية مع المواطنين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى درجة أن مكتب المدعي العام في طهران رفع دعوى ضد عدد من الأشخاص، بما في ذلك 7 "شخصيات معروفة".
وكتب الصحافي نيك آهنك كوثر في مقال له بقناة "إيران إنترناشيونال" حول ابتهاج الإيرانيين بوفاة رئيسي: "النكت والسخرية الحادة تجاه النظام ورئيسي ومرافقيه ستستمر لفترة قادمة".
وأضاف: "أظهر الساخرون من النظام أنهم يريدون بقوة دفع حدود التنكيت والسخرية إلى أبواب بيت المرشد خامنئي. ربما لن يكون ذلك اليوم بعيدًا".
وقال الأستاذ الجامعي والخبير الاجتماعي، مهرداد درويش بور، لقناة "إيران إنترناشيونال" إن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي كان يلعب دورا محوريا في قمع معارضي النظام، وصناعة الموت، وبث الرعب في البلاد، لهذا تشعر السلطة أن هذه الحادثة، مهما كانت خلفياتها، وجّهت لها ضربة كبيرة.
ولفت درويش بور في حديثه للقناة إلى الاحتفالات الشعبية في إيران بعد سماع موت رئيسي، قائلا: "الأكثرية الساحقة من الشعب الإيراني فرحت بهذا الحدث لا لأنهم يحبون الموت، بل بالعكس من ذلك، إذ إن الإيرانيين يشعرون أن أحد رموز الموت والقتل قد مات".
واعتبر الخبير الاجتماعي أن هذا الابتهاج الشعبي هو مصداق واضح لمدى "نفور الناس وبغضهم للنظام".
وأضاف: "عندما يفرح الناس بهذا الشكل لموت رئيسي، الذي يعد أداة بيد المرشد خامنئي، فإن موت خامنئي بكل تأكيد سيخلق فرحة أكبر بين الإيرانيين، وهي فرحة مبررة وقابلة للفهم".
وكتبت الصحافية المعارضة مسيح علي نجاد على "X" بعد مقتل إبراهيم رئيسي ومرافقيه في حادث تحطم المروحية، مخاطبة الشعب الإيراني: "من حقكم أن تفرحوا لمقتل إبراهيم رئيسي وقتلة أبنائكم".
وأضافت: "أنا سعيدة بسعادتكم.. لا تحزنوا أبدا على هؤلاء القتلة".