المعارضة نازنين بنيادي:لماذا الديمقراطيات أصبحت ترعى وحوش النظام الإيراني؟



يبدأ تسجيل أسماء المرشحين لخوض السباق الرئاسي في إيران، بعد أقل من أسبوع، على خلفية مصرع الرئيس، إبراهيم رئيسي، وضرورة اختيار خليفة له، خلال 50 يومًا، وفق ما ينص عليه الدستور.
ومنذ الإعلان عن وفاة "رئيسي"، بدأت التوقعات والتحليلات حول من سيخلفه، لاسيما أن البلاد تشهد انقسامًا غير مسبوق في المشهد السياسي؛ بسبب انفراد التيار الأصولي بالسلطات، وتهميش باقي الأطياف والتيارات من إصلاحيين ومعتدلين ومستقلين.
ووفقًا لما يتم تداوله في هذه الأيام حول المرشحين المحتملين، لا يبدو أن شخصيات التيار الإصلاحي ستكون لها فرصة بالفوز بمنصب الرئاسة؛ إذ إن التيار الحاكم والمقرب من المرشد، علي خامنئي، بدأ يكثف حملته لاختيار خليفة "رئيسي" من التيار نفسه، ويحمل الصفات والخصائص نفسها من موالاة خامنئي وطاعته في كل قرار أو إجراء.
ويمكن للمرشحين إعلان ترشحهم للانتخابات الرئاسية المبكرة، اعتبارًا من يوم الخميس، 30 مايو (أيار) الجاري، وسيستمر تسجيل المرشحين 4 أيام.
وقام بعض الناشطين الأصوليين، الذين كانت لهم علاقات جيدة مع إبراهيم رئيسي، بتقييم هذه التحركات الانتخابية، في وقت مبكر جدًا.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، في تقرير لها، إن سعيد جليلي، كبير المفاوضين الإيرانيين في عهد حكومة أحمدي نجاد، والمقرب من خامنئي، يعد أحد المرشحين البارزين لخلافة "رئيسي" في الانتخابات المقبلة.
ولوّح حسين شريعتمداري، مدير تحرير صحيفة كيهان، وممثل خامنئي فيها، إلى أن النظام حدد ملامح الرئيس القادم، قائلًا: "بكل تأكيد إن الشعب الإيراني لن ينتخب شخصًا كانت لديه علاقة غير جيدة مع رئيسي".
ويُعرف عن شريعتمداري هذا توقعاته الصائبة في تحديد هوية الفائزين بالانتخابات؛ ما يؤكد أنه على صلة وثيقة بمن يديرون العملية السياسية في إيران.
ويعزز ذكر جليلي في صحيفة "نيويورك تايمز"، وإشارات شريعتمداري، فرضية وجود "جليلي" كرئيس لإيران، خاصة أنه تنحى لصالح "رئيسي" في الانتخابات الماضية، ويوجد الآن العديد من معارفه والمقربين منه في حكومة رئيسي.
ويعد محسن منصوري، مساعد الرئيس الراحل، إبراهيم رئيسي، على سبيل المثال، هو أحد الشخصيات المقربة جداً من سعيد جليلي، وعلي باقري كني، الذي كان مساعدًا لـ "جليلي"، أثناء قيادته مفاوضات الوفد الإيراني مع الغرب.
كما يحظى جليلي بدعم ما يُسمى "جبهة الصمود"، وهي جماعة داخل التيار الأصولي تُعرف بتشددها، وقد حققت فوزًا كبيرًا في الانتخابات البرلمانية السابقة، ودخل عدد كبير من مرشحيها إلى البرلمان.
لكن مراقبين يرون أن الصراع قد لا يكون بين التيار الإصلاحي أو الأصولي، وإنما سينحصر هذه المرة بين الأصوليين فيما بينهم؛ إذ إن هناك أكثر من شخصية تطمع في الفوز بمنصب الرئاسة خلفًا لـ "رئيسي".
من هؤلاء الشخصيات الأصولية يمكن ذكر رئيس البرلمان الحالي، محمد باقر قاليباف، ورئيس البرلمان السابق، علي لاريجاني، وأمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي السابق، علي شمخاني، وهؤلاء جميعهم لهم صلات وثيقة ببيت المرشد، علي خامنئي ومكتبه.
ورغم أن مجلس صيانة الدستور قد مهد الطريق إلى "جليلي" للرئاسة، وكما يبدو أن طريقه للرئاسة بات سالكًا، إلا أن ذلك ليس بالأمر النهائي، وأن الأصوليين لديهم تاريخ طويل من الصراع الداخلي، والذي قد حملهم تبعات ثقيلة سابقًا، عندما خسروا الانتخابات أمام الرئيس السابق، حسن روحاني.

قال دبلوماسيون أوروبيون، إن دول الاتحاد الأوروبي اتفقت على فرض عقوبات على كيانات ومسؤولين إيرانيين، من بينهم وزير الدفاع، محمد رضا آشتياني، بسبب إرسال الطائرات المُسيّرة إلى روسيا، وسيتم الإعلان عن هذا القرار، بعد موافقة وزراء خارجية الاتحاد، في اجتماع، يوم الإثنين المقبل.

استمرت حملة الاعتقالات والمضايقات، بحق النشطاء والمواطنين العاديين في إيران؛ بسبب تعليقاتهم حول حادث مصرع الرئيس السابق، إبراهيم رئيسي، ومرافقيه؛ نتيجة تحطم مروحية كانت تقلهم بمحافظة أذربيجان، شمال غربي إيران.
وبدأت التهديدات والمضايقات ضد المواطنين، قبل الإعلان عن وفاة "رئيسي"، ومن معه؛ بسبب ما اعتبرته السلطات "إساءة" و"سخرية" ضد الرئيس ومرافقيه، وكذلك ضد النظام الحاكم، وضعف أدواته في البحث عنهم.
واشتدت هذه الحملة في مدن مثل: طهران وتبريز وكرمان وكركان؛ حيث ذكرت تقارير حقوقية أن السلطات بادرت باعتقال مواطنين، فيما هددت آخرين بسبب منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتلقت "إيران إنترناشيونال"، عدة تقارير، تفيد بأنه تم استدعاء عدد من الطلاب، الذين أعربوا عن سعادتهم بوفاة "رئيسي"، على وسائل التواصل الاجتماعي، أو أعادوا نشر "النكت" الساخرة ذات الصلة حول الحادث.
كما بعثت الجامعات لطلاب آخرين رسائل نصية تحذرهم فيها من نشاطهم، وتؤكد أنهم ينتهكون قوانين الجامعة بهذه المنشورات والتعليقات.
وتوفي الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، بوم الأحد الماضي، بعد تحطم مروحيته، التي كانت تقل على متنها كذلك وزير الخارجية، حسين أمير عبداللهيان، وقائمقام محافظة أذربيجان، بالإضافة إلى إمام جمعة المحافظة مع طاقم الطائرة ومحافظين آخرين.
وأعرب العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، عن فرحتهم وسعادتهم، عقب نشر خبر وفاة "رئيسي" و"عبداللهيان"؛ بسبب دورهما في قمع المواطنين وانتهاكات حقوق الإنسان في إيران، خلال فترة توليهما المسؤولية في إيران منذ 4 عقود.
وحذر المسؤولون في جهاز القضاء والشرطة بإيران، رواد مواقع التواصل الاجتماعي والصحافيين، من نشر أي مواد تسبب "الإضرار بالأمن النفسي في المجتمع"، بعد انتشار مقاطع تظهر احتفالات في شوارع إيران، عقب الإعلان عن موت الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، في حادث سقوط مروحيته.
وهدد المدعي العام، محمد موحدي آزاد، الثلاثاء 21 مايو (أيار) الجاري، مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بـ "الرد السريع والحاسم"، في حال قاموا بـ "الإضرار بالأمن النفسي في المجتمع".
وقال رئيس الشرطة السيبرانية في إيران، وحيد مجيد، في السياق نفسه: "إننا نراقب بعناية الفضاء الإلكتروني".
وهددت الشرطة مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، ودعتهم إلى الامتناع عن نشر "أي محتوى يحرّض ويزعج المشاعر العامة بأي شكل من الأشكال".
وهدد جهاز الاستخبارات التابع لقيادة الشرطة في إيران، مستخدمي وسائل التواصل والصحافيين، في بيان، قائلًا: "جميع حسابات نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي تخضع لمراقبة الشرطة".
وجاء في هذا البيان: "سنواجه الأشخاص الذين يحاولون التشويش على الرأي العام من خلال نشر الشائعات".
ويحاول النظام، باستخدام أساليب مختلفة، خنق أصوات المعارضين لسياساته، ومنع نشر مواقف الناس في وسائل الإعلام المحلية.
وليست هذه المرة الأولى، التي يتعرض فيها الصحافيون ومستخدمو العالم الافتراضي في إيران للتهديد من قِبل الحكومة في بعض المناسبات.
واستمرارًا للإجراءات ضد وسائل الإعلام والمواطنين، أعلن الادعاء العام الإيراني تجريم الناشطين، عباس عبدي وحسين دهشباشي، في أبريل (نيسان) الماضي، بسبب تعليقهما على الهجوم بالطائرات المُسيّرة والصواريخ، الذي شنته إيران على إسرائيل.
وبعد نشر ردود الفعل الساخرة من الهجوم على إسرائيل، قبل ذلك، أصدر جهاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني، إخطارًا يطالب المواطنين، في حالة رؤيتهم لأي أنشطة في الفضاء الإلكتروني لدعم إسرائيل، بإرسال المعلومات والتفاصيل الخاصة بالصفحات والقائمين عليها باعتبارهم "مجرمين".
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، وبعد الهجمات الانتحارية في كرمان، خلال مراسم ذكرى مقتل قائد فيلق القدس الإيراني السابق، قاسم سليماني، وصلت التهديدات والمواجهات الأمنية مع المواطنين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى درجة أن مكتب المدعي العام في طهران رفع دعوى ضد عدد من الأشخاص، بمن في ذلك 7 "شخصيات معروفة".

قال النائب البرلماني الإيراني السابق، غلام علي جعفر زاد، إن غموضًا كبيرًا يحيط بحادث سقوط مروحية الرئيس إبراهيم رئيسي، كما أن هناك ضعفًا ملحوظًا في الجانب الإعلامي، الذي رافق الحادث، مضيفًا أن ثمار حكومة "رئيسي"، حتى الآن، لم تكن جيدة.

دعت الناشطة الإيرانية، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، شيرين عبادي، الأمم المتحدة إلى التراجع عن قرار إقامة حفل تأبين لـ "إبراهيم رئيسي"، واصفةً إياه بأنه "جزار".
وقالت عبادي، مبررةً رفضها لمثل هذا الاقتراح، إن سجل النظام الإيراني أسود ومخزٍ، ومسؤوليه بلا ضمير؛ فلا يصح إقامة مجلس عزاء للتذكير بهؤلاء المسؤولين.
وطالبت المحامية والناشطة الحقوقية الأمم المتحدة بإلغاء هذا الاجتماع وعدم الاستهزاء بالمؤسسات التابعة لها.
ورغم الانتقادات ضد رسائل التعزية من سلطات بعض الدول بوفاة إبراهيم رئيسي، فإن الجمعية العامة للأمم المتحدة تنوي إقامة حفل تأبيني له، في 30 مايو الجاري.
ووفقا للجدول المعلن للجمعية العامة للأمم المتحدة، من المقرر عقد حفل تأبيني للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في الجمعية العامة الـ 78 لهذه المنظمة.
وعلقت عبادي، على هذا الخبر، عبر حسابها على "إنستغرام"، وقالت في منشور لها، بعنوان "حفل تأبيني لجزار طهران في الأمم المتحدة؟!"، إن هذا الحفل يًقام في الوقت الذي أدرجت فيه بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة مؤخرًا أعمال العنف، التي ارتكبتها إيران على أنها "جريمة ضد الإنسانية"، وكان مقرر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان يقدم تقارير منذ سنوات عن الانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان في إيران.
ووصفت هذه المحامية "رئيسي" بأنه "مجرم ضد الإنسانية"، وكتبت أن الادعاء المحتمل للأمم المتحدة بأن الحفل سيُقام، وفقًا للبروتوكول، غير صحيح.
وذكرت عبادي أن أحد البروتوكولات هو إقامة حفل تأبيني لأعلى مسؤول في كل دولة، وشددت على أن "رئيسي" ليس أعلى مسؤول سياسي في إيران.
وكتب: "علي خامنئي هو أعلى مسؤول سياسي وعسكري في إيران".
وأضافت: "عندما يموت خامنئي، يمكن للأمم المتحدة أن تقيم له مراسم تأبين رباعي مع صدام حسين ومعمر القذافي وهتلر".
وقوبل إرسال زعماء بعض الدول الغربية رسائل تعزية بمناسبة وفاة الرئيس الإيراني السابق، إبراهيم رئيسي، ووزير خارجية حكومته، أمير عبداللهيان، بردود فعل وانتقادات لاذعة منذ البداية.