لتصدير أيديولوجية النظام.. منشد ديني مقرب من خامنئي يسافر إلى تايلاند في "مهمة دعائية"
سافر المنشد الديني الإيراني ميثم مطيعي، المقرب من المرشد علي خامنئي، إلى تايلاند في محاولة لتصدير أيديولوجية النظام إلى الخارج. وأثارت هذه الرحلة، مثل العديد من المبادرات الأخرى التي قام بها الملالي، الجدل والانتقادات المتجددة لمحاولات نظام طهران في توسيع نفوذه الأيديولوجي.
قُتلت ياسمين رحمتي، وهي موسيقية معروفة وأستاذة السنطور (آلة موسيقية تشبه القانون، أَوتارُها من نحاس يُضرَب عليها)، في جامعة طهران، برصاصة في الرأس بمدينة رشت، شمالي إيران.
وبحسب تقارير إعلامية إيرانية، قُتل رجل آخر أيضًا خلال عملية القتل هذه، التي وقعت صباح الأربعاء، 4 سبتمبر (أيلول) في منطقة بيربازار في رشت.
يُذكر أن رحمتي هي مؤلفة العديد من الألبومات الموسيقية، وأهدت مقطوعة موسيقية إلى كيان بيرفلك، وهو طفل قُتل في الانتفاضة الشعبية عام 2022.
وذكر موقع "ركنا" الإخباري الإيراني، عن مقتل رحمتي، أنها كانت تعيش في منزل بمنطقة بيربازار في رشت لمواصلة دراستها، و"التقت الرجل المقتول قبل بضعة أشهر، ويبدو أنهما كانا يخططان للزواج".
وبحسب هذا التقرير فإن الرجل القتيل من مدينة قم.
ولم يتم الإعلان بعد عن الدافع الرئيس وراء جريمة القتل هذه، وليس من الواضح ما إذا كانت تندرج ضمن ما يسمى "جرائم الشرف" أم لا.
وفي منتصف يوليو (تموز) الماضي، أعربت صحيفة "اعتماد"، في تقرير لها، عن قلقها من ارتفاع عدد النساء المقتولات؛ بسبب "الشرف أو خلافات عائلية"، وأشارت إلى أنه في الربع الأول من أعوام 2022 وو2023 و2024، قُتل ما لا يقل عن 85 امرأة على يد رجال من عائلاتهن، وكانت طهران على رأس القائمة.
وبحسب هذا التقرير، الذي نُشر في 21 يوليو، قُتلت 22 امرأة في الربع الأول من عام 2022 على يد "رجال مقربين منهن"، بمن فيهم أزواجهن وآباؤهن وإخوانهن.
وقد ارتفعت هذه الإحصائية في الفترة نفسها من عامي 2023 و2024 لتصل إلى 28 و35 امرأة مقتولة على التوالي.
وفي وقت سابق، ذكرت صحيفة "شرق"، وتحديدًا في يوليو من العام الماضي، أنه في الفترة من يونيو (حزيران) 2021 إلى يونيو 2023، حدثت في إيران حالة قتل واحدة في المتوسط كل أربعة أيام.
وبحسب "شرق"، فإن العدد الحقيقي قد يكون أكثر من ذلك؛ لأنه في أجزاء كثيرة من البلاد "توجد العديد من جرائم قتل النساء التي لا يتم الإبلاغ عنها عمدًا".
ال مساعد قائد مقر خاتم الأنبياء التابع للحرس الثوري الإيراني، محمد جعفر أسدي: "إن الشعب الفلسطيني أصبح أقوى من ذي قبل بعد مقتل هنية".
وأضاف: "ردنا القوي على إراقة دم هنية، وانتقامنا يجب أن يكون موجعًا لإسرائيل، وسيتم تنفيذه بدقة وفي التوقيت المناسب".
قال ممثل المرشد في مدينة يزد، محمد رضا ناصري، خلال لقائه وزير الثقافة الإيراني: "يجب على مسؤولي الملحقات الثقافية الإيرانية في البلدان الأخرى أن يعطوا المزيد من الاهتمام لتعريف شعوب العالم بحقيقة إيران الإسلامية ومُثُل الثورة".
وأضاف: "عرّف الخميني شعوب العالم بأهداف الثورة، في باريس، رغم كل العوائق والرقابة".
ذكرت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية، نقلاً عن أشخاص مطلعين، أن منظمة إيرانية دفعت ما لا يقل عن ثلاثة ملايين دولار للقراصنة لإثنائهم عن نشر تفاصيل الحسابات المصرفية لعملاء أكثر من 20 بنكًا مخترقًا في إيران.
ويأتي ذلك بعد الأخبار، التي نشرتها "إيران إنترناشيونال"، الشهر الماضي، حول اختراق النظام الرئيس للبنك المركزي الإيراني، والعديد من المصارف الأخرى، فضلاً عن سرقة بعض معلوماتها.
وأضافت صحيفة "بوليتيكو" أن هجوم القرصنة هذا يهدد استقرار النظام المصرفي الإيراني، ويبدو أنه "أسوأ هجوم إلكتروني" في تاريخ الجمهورية الإسلامية.
ونقلت صحيفة "بوليتيكو"، عن مسؤولين في هذا الصدد، أن مجموعة "آي آر ليكس"، التي لها تاريخ في اختراق الشركات الإيرانية، ربما كانت وراء هذا الهجوم الإلكتروني.
وأضافت الصحيفة أن مجموعة "آي آر ليكس" دخلت إلى خوادم البنوك من خلال شركة تُدعى "توسن"، التي توفر البيانات والخدمات الرقمية الأخرى للقطاع المالي الإيراني.
وتضم قائمة البنوك التي تم اختراقها، كلاً من "صنعت ومعدن"، ومهر، وبوست بنك، وإيران زمين، وكابيتال، والبنك المشترك لإيران وفنزويلا، ودي وشهر، واقتصاد نوفين، وسامان.
وكانت قد أفادت معلومات تلقتها "إيران إنترناشيونال"، في الرابع عشر من أغسطس الماضي بأنه تم اختراق النظام الرئيسي للبنك المركزي الإيراني والعديد من البنوك الأخرى. وقد تسبب هذا الاختراق في حدوث اضطرابات في النظام المصرفي. وتظهر التقييمات الأولية أن هذا الاختراق هو واحد من أكبر الهجمات ضد الأنظمة الحكومية في إيران.
ولم يصدر بعد أي رد من السلطات الإيرانية على هذا التقرير.
وبحسب موقع بوليتيكو، ورغم هذه المخاوف، لا يزال الإيرانيون يحتفظون بأموالهم في البنوك ويعتمدون عليها في تنفيذ معاملاتهم اليومية. ومع معدل تضخم يقارب 40%، يتجنب الإيرانيون الدفع النقدي ويستخدمون المدفوعات الرقمية.
قال قائد الحرس الثوري في محافظة خوزستان حسن شاهوار بور: "وسائل الإعلام المعارضة تضخ اليأس والتشاؤم في المجتمع الإيراني، ويجب أن نسلب الأمن منها قبل أن تسلبه منا".
ويحتفي خامنئي بمطيعي، الذي يبدو أنه حاصل على درجة الدكتوراه ومنشد ديني، باعتباره أحد "معجزات" النظام، و"رمزًا لكيفية اختراق الثورة للعالم الأكاديمي"، كما يقول المرشد الإيراني.
وقد حولته علاقاته الوثيقة بمكتب المرشد الأعلى إلى أحد أبرز الشخصيات التي يستخدمها النظام الإيراني لعرض مواقفه، محليًا ودوليًا.
وفي حين تروج وسائل الإعلام التابعة للنظام الإيراني لرحلة مطيعي إلى تايلاند باعتبارها "مهمة ثقافية ودينية"، يرى الكثيرون أنها مثال آخر على استراتيجية النظام الأوسع نطاقًا لتصدير أيديولوجيته تحت ستار التواصل الديني.
وأرسلت إيران باستمرار آلاف الدعاة والعملاء إلى مختلف دول العالم، في جهد مستمر للترويج للمذهب الشيعي، وتعزيز النفوذ السياسي لطهران في الخارج.
يذكر أن المسلمين هم أكبر أقلية في تايلاند، ويشكلون حوالي 12 في المائة من سكان البلاد البالغ عددهم 62.5 مليون نسمة، على الرغم من أن واحدا في المائة فقط منهم من المسلمين الشيعة.
وفقًا لـ"إيران واير"، اكتسب مطيعي شهرته في عام 2017، عندما ألقى قصيدة انتقد فيها بشدة الاتفاق النووي وإدارة الرئيس حسن روحاني، خلال صلاة عيد الفطر التي أمّها خامنئي في طهران.
وعلى الرغم من ردود الفعل العنيفة من أنصار روحاني، دافع خامنئي نفسه علناً عن مطيعي، الأمر الذي عزز مكانته داخل النظام السياسي في إيران.
لكن نفوذ مطيعي يمتد إلى ما هو أبعد من حدود إيران. فقد كانت خطاباته تتماشى في كثير من الأحيان مع الرسائل السياسية لطهران، وخاصة في دعم "محور المقاومة"، الشبكة المدعومة من طهران من الميليشيات والجماعات السياسية في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وقد أعرب مراراً عن معارضته لإسرائيل والمملكة العربية السعودية، وهو ما يعكس مواقف السياسة الخارجية العدوانية للنظام.
وتحت قيادة خامنئي، أصبح المنشدون الدينيون، الذين كانوا يكسبون رزقهم ذات يوم من خلال أداء المراثي على المتوفى في المقابر أو تلاوة القصص المأساوية خلال شهر محرم، شخصيات سياسية رئيسية في الجمهورية الإسلامية.
كما يتمتعون بنفوذ كبير في الدوائر السياسية والمكاتب الحكومية، مستخدمين علاقاتهم الوثيقة بخامنئي لتسريع مختلف الأمور التجارية، غالباً مقابل رسوم.
وخلال مواسم الانتخابات، تشارك جمعيات الإنشاد الديني في الدعاية السياسية نيابة عن المرشحين، وتستلم مبالغ كبيرة. وكلما اقترب المنشد من خامنئي، زادت أتعابه وزاد نفوذه.
ففي عام 2005، أيدت مجموعة من 100 منشد محمود أحمدي نجاد للرئاسة.
إن رحلة مطيعي إلى تايلاند ليست فريدة من نوعها. لطالما استخدمت إيران الدين كأداة لنشر نفوذها على مستوى العالم. ومن أهم مؤسساتها في هذا المسعى "جامعة المصطفى الدولية"، وهي مركز ديني وتعليمي مقره في "قم".
وتأسست "جامعة المصطفى" بأمر من خامنئي في عام 2008، وتعمل كأداة في التوسع الإيديولوجي. وتعمل في أكثر من 60 دولة، وتتلقى تمويلًا كبيرًا من الميزانية الإيرانية، أكثر من 23 مليون دولار في عام 2024 وحده.
وعلى الرغم من ادعائها بأنها مؤسسة أكاديمية، فقد اتُهمت "جامعة المصطفى" بالعمل كقاعدة لقوة فيلق القدس، الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني.
ومع ما يقرب من 40 ألف طالب أجنبي، كثير منهم ينحدرون من مناطق مزقتها الصراعات مثل أفغانستان وباكستان، لعبت هذه المؤسسة دورًا رئيسيًا في تجنيد المقاتلين لحروب طهران بالوكالة.
وقد فرضت الحكومة الأميركية عقوبات على "جامعة المصطفى" لارتباطاتها بالعمليات العسكرية الإيرانية، ومع ذلك فهي تواصل العمل على مستوى العالم، وتجتذب الطلاب من أكثر من 130 دولة، ويعود الكثير منهم إلى ديارهم كأتباع مخلصين للمشروع الأيديولوجي لطهران.
في السنوات الأخيرة، أظهر رجال الدين في إيران، على الرغم من خطابهم المناهض للغرب، تفضيلاً واضحاً للسفر الدولي، غالبًا تحت ستار التواصل الديني.
وقام شخصيات مثل حامد رسائي، رجل الدين المتشدد والنائب المقرب من النظام، ورجل الدين الراحل والمنظر السياسي الشيعي تقي مصباح يزدي برحلات مماثلة إلى أوروبا وحتى الولايات المتحدة.
إن المفارقة في هذه الرحلات الخارجية ليست خافية على الشعب الإيراني المحاصر. ففي حين يواصل النظام ترديد الشعارات المناهضة للغرب وتعزيز السياسات الانعزالية، يسافر مسؤولوه بحرية، وغالباً إلى الدول الغربية تحت دعوى الترويج للمذهب الشيعي.
وفي الوقت نفسه، يتحمل الشعب الإيراني تكاليف هذه البعثات الخارجية، وهو الشعب الذي تضرر بشكل كبير بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعيشها إيران، والتي جعلت العديد من أفراده تحت خط الفقر.