احتجاجات طلابية حاشدة في جامعة طهران ضد الاتجار بـ "الحرم الجامعي" و"الفصل بين الجنسين"
احتشد طلاب كلية العلوم الاجتماعية بجامعة طهران، في مظاهرة احتجاجية ضد سياسات الاتجار بـ "الحرم الجامعي"، و"الفصل بين الجنسين"، والتركيز على المشاهير؛ بهدف إبعاد الطابع السياسي عن الجامعة، ورفع الطلاب في هذه المظاهرة شعارات تدافع عن حقوق العمال وتدعم حركة "المرأة، الحياة، الحرية".
أثار التلفزيون الإيراني الحكومي (IRIB) غضب المواطنين الإيرانيين، بعد تقليله من شأن الضربات الإسرائيلية، التي استهدفت مواقع عسكرية في إيران، صباح السبت الماضي، ومشبهًا إياها بـ "لعبة مفرقعات الأطفال"، وترويجه للتصعيد في الصراع من جهة أخرى.
ويقول المنتقدون إن التلفزيون تجاوز حدوده بتقليله من نطاق وتأثير الضربات الإسرائيلية على المنشآت العسكرية الإيرانية، حتى بمعاييره الخاصة، ما جعل تغطيته لا تزيد على دعاية للتيار المتشدد جدًا.
خلال السنوات القليلة الماضية، كانت هذه المؤسسة الواسعة الممولة من الدولة، والتي يُعين رئيسها من قِبل المرشد الإيراني، علي خامنئي، تحت سيطرة كاملة من حزب بايداري (الصمود) المتشدد للغاية، وحلفاء المفاوض النووي، والمرشح الرئاسي السابق، سعيد جليلي.
ويشغل شقيق جليلي، والعضو المعروف في حزب "بايداري"، وحيد جليلي، حاليًا منصب نائب الشؤون الثقافية وتطوير السياسات في التلفزيون الإيراني.
الأخوان جليلي المتشددان
يطالب المتشددون بشن حرب شاملة ضد إسرائيل، على الرغم من العواقب الوخيمة، التي قد تترتب على تصعيد الصراع مع إسرائيل على إيران والمنطقة، كما يضغطون من أجل تغيير "عقيدة الدفاع" الإيرانية، مما يعني البدء في بناء قنبلة نووية.
وتحدث أحد المذيعين ساخرًا من إسرائيل، في برنامج بُث يوم السبت بالتلفزيون الحكومي الإيراني، لانضمامها إلى احتفالات ليلة النار في إيران، مؤكدًا أن المفرقعات، التي يستخدمها الشباب الإيراني خلال مهرجان "چهارشنبه سوري" السنوي، أعلى صوتًا من الهجوم الإسرائيلي على طهران في ذلك اليوم.
وفي برنامج آخر، استخدم السياسي المتشدد والدبلوماسي السابق، محمد جواد لاريجاني، لغة مماثلة؛ حيث وصف رد إسرائيل على الهجوم الصاروخي الإيراني في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، بأنه "فضيحة"، وعلق قائلاً: "حركتهم كانت أشبه بلعبة مفرقعات"، مشيرًا إلى فشلها في التسبب بتدمير كبير.
وفي برنامج آخر، تحدث مذيع التلفزيون بحماس عن رد إيران على الهجوم الإسرائيلي، كما لو أنه قد تم اتخاذ القرار بالفعل.
وكتب رئيس تحرير موقع "انتخاب" المحافظ، مصطفى فقيهي، في تغريدة: "ألا تمتلك هذه البلاد قيادة عسكرية أو مجلس أمن قومي أعلى؟ لتصعيد التوتر والصراع؛ حيث يدعي عدد من المقدمين الذين يبدون ثوريين والمشاهير المصطنعين تحت قيادة سعيد جليلي أن رد إيران على وقاحة إسرائيل أمر مؤكد". وأضاف فقيهي: "من هم هؤلاء الذين تمكنوا من تحويل التلفزيون الرسمي للبلاد إلى مركز للضغط على القوات المسلحة والمسؤولين؟".
وفي مقال نُشر أمس الأحد، بعنوان: "هجوم إسرائيل على إيران: لماذا لا نضخم ولا نقلل من شأنه"، انتقد موقع "عصر إيران" المحافظ التلفزيون الحكومي؛ بسبب فقرات تناولت الهجمات كأنها أحداث تافهة، وشبهتها بلعب الأطفال، خلال احتفالات ليلة النار.
وذكر المقال أن التقليل من أهمية هجوم إسرائيل يشبه تضخيمه، كما فعل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو. واعتبر المقال أن إسرائيل لم تقم من قبل بعملية بهذا الحجم ضد إيران، وكانت لا تتبنى المسؤولية علنًا عن أي فعل على عكس ما فعلته في الهجوم الأخير.
ومن المعروف أن إسرائيل نفذت عمليات سرية عديدة في إيران، بما في ذلك تفجير منشآت عسكرية ونووية، على مدى السنوات الماضية، واغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران، غالبًا دون الاعتراف رسميًا بالمسؤولية.
وكتب موقع "عصر إيران": "ماذا لو وقع هجوم آخر ردًا على انتقام إيراني، ليصبح الوضع أشبه بلعبة كرة الطاولة؟ أو إذا أصبحت (إسرائيل) أكثر جرأة بعد الانتخابات الأميركية.. إذا فاز ترامب أو حصلوا على ضوء أخضر من هاريس؟ هل لا يزال بإمكاننا وصف (هجوم السبت) بلعبة مفرقعات حينها؟".
وفي أول رد فعل له على الهجوم الإسرائيلي، امتنع المرشد الإيراني، علي خامنئي، يوم الأحد، عن الدعوة الصريحة للانتقام، وفوّض القرار إلى "السلطات".
قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، بشأن رد طهران المحتمل على الهجوم العسكري الإسرائيلي: "إن إيران ستستخدم جميع الأدوات المتاحة لتحقيق رد قوي وفعال"، مضيفًا أن "نوع ردنا سيتحدد وفقًا لطبيعة الهجوم".
وعن الرسالة، التي تلقتها إيران قبل الهجوم الإسرائيلي، أشار إلى أن "إحدى نتائج المشاورات، التي أجراها وزير الخارجية، في الأسابيع القليلة الماضية، والتشاور المستمر مع الدول المجاورة، شملت التوصل إلى قناعة بأن الدول يجب أن تتابع الوضع، وأن تُعلم بعضها البعض بأي تحركات ضرورية".
قال عضو لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني، غلام رضا دهقان ناصر آبادي: "إن زيادة سعر البنزين قد تؤدي إلى توترات سياسية واجتماعية، في ظل الوضع الحالي، الذي يعاني فيه المواطنون، بسبب المشاكل الاقتصادية".
وأضاف: "إذا قررت الحكومة رفع سعر البنزين، فإن البرلمان سيعارض هذا القرار".
وصف قائد الحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، في رسالة إلى قائد الجيش، عبد الرحيم موسوي، الهجوم الإسرائيلي على إيران بأنه "يعكس خطأ في الحسابات ويأسًا"، مضيفًا أن "عواقب هذا الهجوم مريرة وستكون غير متصورة بالنسبة للمحتلين".
قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في محادثة هاتفية مع نظيره العُماني، بشأن الهجوم الإسرائيلي على بعض الأهداف العسكرية في إيران: "إن طهران لن تترك هذا الاعتداء بلا رد".
وكان الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، قد صرّح، في وقت سابق، بأن "طهران ستقوم برد مناسب على هذا الهجوم".
وأشارت المجالس الطلابية، في تقرير نُشر يوم الأحد 27 أكتوبر (تشرين الأول)، إلى أن طلاب جامعة طهران نظموا تجمعهم أمام ملعب كلية العلوم الاجتماعية، مؤكدين حقهم في التعبير عن آرائهم.
وردّد المتظاهرون شعارات مثل: "المرأة، الحياة، الحرية"، و"من يغضّ الطرف متواطئ مع القمع"، و"سياسة التركيز على المشاهير تهدف لإضعاف الفعاليات السياسية الطلابية"، و"العمال مسؤولون عن الدفاع عن حقوقهم"، و"العمل الخيري يعني تنصل الدولة من مسؤولياتها".
كما حمل بعض الطلاب لافتات داعمة لحقوق العمال مكتوبًا عليها: "عمال منجم طبس لا يحتاجون إلى المشاهير، بل إلى نقابات عمالية مستقلة".
ومن الشعارات الأخرى، التي كُتبت على لافتات الطلاب المحتجين: "لا لإقصاء النساء من المجالات العامة"، و"العمال يجب أن يكونوا مسؤولين عن الدفاع عن حقوقهم"، و"لا للمراقبة بالكاميرات في الفضاءات العامة للحرم الجامعي"، و"الجامعة الأمنية والقمعية تخنق صوت الانتقاد".
وكتبت المجالس الطلابية تعليقًا على هذه التظاهرة: "بعد تأخر البرنامج (الذي أثار احتجاج الطلاب)، تبيّن أن بعض الشخصيات المشهورة قررت عدم المشاركة في اللحظات الأخيرة، ليتم إطلاق البرنامج، دون حضورهم".
وبحسب التقرير، فقد حضر أفراد الأمن الجامعي منذ بداية التجمع، مانعين المتظاهرين من توجيه كلماتهم إلى الضيوف أو قراءة بيانهم.
واختتم الطلاب احتجاجهم بقراءة بيانهم وترديد شعارات، ومنها: "المرأة، الحياة، الحرية"، و"لا ثكنة ولا شركة، تحيا الجامعة".
بيان طلاب كلية العلوم الاجتماعية بجامعة طهران
أصدر مجموعة من طلاب كلية العلوم الاجتماعية بجامعة طهران بيانًا يدين تنظيم مباراة كرة قدم بمشاركة بعض الشخصيات المشهورة، واصفين هذا الحدث بـ "العرض الريائي".
ورأى الموقعون على البيان أن إدارة الجامعة نظمت هذه الفعالية لتغيير صورة كلية العلوم الاجتماعية من مكان للاحتجاج والانتحار وتعرض الطلاب للضرب، إلى "فضاء ديناميكي فارغ من السياسة"، في إطار سعيها لإخفاء واقع المكان.
وأكد الطلاب أن قضايا مثل الانتحار تعكس أزمة اجتماعية تتأثر بعوامل مثل "غياب التضامن الاجتماعي، وقمع الفضاء الطلابي، وتجاهل الجامعة للمشكلات النفسية للطلاب والأوضاع السيئة في السكن الجامعي"، معتبرين أن هذه الفعاليات هي جزء من سياسة إخفاء الأبعاد الاجتماعية لهذه الظواهر.
واختتم الطلاب بيانهم بسؤال: "من هم المسؤولون عن قمع الطلاب؟"، مشيرين إلى أن "إعادة تشكيل صورة الكلية بهذه الطريقة تفيد فقط الجهات القمعية؛ حيث يسعى الجناة لإخفاء آثار جرائمهم".
تزايد الضغوط الأمنية على الطلاب والأساتذة
قام النظام الإيراني، منذ وصوله إلى السلطة، باعتقال وسجن أو فصل الطلاب والأساتذة المعارضين للنظام، ومنذ بداية الحراك الشعبي الإيراني قبل عامين، شهدت الجامعات تشديدًا في الإجراءات الأمنية وتأديب الطلاب.
ووفقًا للتقارير، تم اعتقال أو تعليق أو فصل أكثر من 12 ألف طالب في إطار حراك "المرأة، الحياة، الحرية"، مع منع العديد منهم من مواصلة تعليمهم أو الاستفادة من السكن الجامعي.