نزلاء السجون في إيران: النظام أعدم 140 سجينا الشهر الماضي لبث الرعب بين الإيرانيين



أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، أن الولايات المتحدة لن تشارك في المفاوضات المرتقبة بين إيران ودول "الترويكا الأوروبية" الثلاث: فرنسا وبريطانيا وألمانيا، محملاً طهران مسؤولية التصعيد.
وأكد ميلر، مساء أمس الاثنين، 25 نوفمبر (تشرين الثاني)، أن واشنطن لن تشارك في هذه المفاوضات، مجددًا دعوتها إيران إلى التعاون الفوري مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأشار ميلر إلى أن الولايات المتحدة ستواصل اتصالاتها وتنسيقها مع الدول الأوروبية الثلاث الأطراف في الاتفاق النووي؛ بهدف ضمان التزام إيران الكامل بتعهداتها النووية وتحميلها مسؤولية إخفاقها في الوفاء بتلك التعهدات.
وأكدت كل من طهران ولندن أن المفاوضات بين مساعدي وزراء خارجية إيران والدول الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) ستُعقد يوم الجمعة المقبل، 29 نوفمبر الجاري.
ووفقًا للتقارير، ستُجرى هذه المفاوضات في جنيف بمشاركة ممثل الاتحاد الأوروبي، إنريكي مورا، ونائب وزير الخارجية للشؤون السياسية، مجيد تخت روانجي، عن إيران.
وتأتي هذه المحادثات بعد نحو عشرة أيام من إصدار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارًا يدين إيران، ويدعوها إلى التعاون الفوري مع الوكالة.
وأعرب ماثيو ميلر، في مؤتمره الصحافي، عن قلقه من قرار إيران "مواصلة تصعيد التوتر بدلاً من التعاون مع الوكالة". وأضاف: "لا يوجد أي مبرر غير عسكري معقول لاستمرار إنتاج وتخزين اليورانيوم المخصب بنسبة 60%".
كما انتقد ميلر تصريحات المرشد الإيراني، علي خامنئي، التي وصف فيها أمر القبض على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بـ "غير الكافي"، داعيًا إلى "إصدار حكم إعدام بحقه"، وقال: "للأسف، هذه التصريحات هي ما نتوقعه من قائد دولة راعية للإرهاب".

أقرّ وزير الاستخبارات الإيراني السابق، محمود علوي، في تصريحات غير مسبوقة، بالهزائم الاستخباراتية المتعددة للنظام الإيراني في مواجهة إسرائيل؛ حيث أعلن صراحة أن وزارته فشلت في التعرف على منفذي اغتيال العلماء النوويين، ولم تستطع حتى اكتشاف الطريقة، التي نُفذت بها هذه الاغتيالات.
وأكد علوي، الذي كان وزيرًا للاستخبارات الإيرانية بين عامي 2013 و2021، أن الأجهزة الأمنية فشلت في اعتقال منفذي عملية اغتيال العالم النووي الإيراني، محسن فخري زاده، على الرغم من أن تصريحات متناقضة لاحقًا أشارت إلى صدور أحكام بالإعدام بحق أربعة من المتورطين في الحادث.
وفي حديثه بمركز وثائق الثورة الإيرانية، أقر علوي بعدم قدرة وزارة الاستخبارات على مواجهة الاختراق الإسرائيلي، قائلاً: "كنا متأخرين بنصف ساعة عن الفريق الإسرائيلي".
وتكشف هذه الاعترافات من علوي، الذي كان من أعلى المسؤولين الأمنيين في نظام طهران، عن العمق والاتساع الذي بلغه النفوذ الاستخباراتي الإسرائيلي داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية في إيران.
سرقة الأرشيف النووي
ومن الهزائم الاستخباراتية الأخرى، التي أشار إليها علوي، سرقة إسرائيل الأرشيف النووي الإيراني.
ووقعت هذه السرقة في فبراير (شباط) 2018 من مستودع في شورآباد، جنوب طهران. وبعد ثلاثة أشهر، كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن العملية، زاعمًا أن الوثائق تثبت أن إيران كذبت على المجتمع الدولي بشأن برنامجها النووي.
وتضمنت هذه السرقة، التي نُفذت في عملية استخباراتية معقدة، نقل 55 ألف وثيقة و55 ألف ملف رقمي و183 قرصًا مدمجًا إلى إسرائيل.
وتشير التقارير إلى أن إسرائيل خططت لهذه العملية لمدة عامين، وأنها صنعت نموذجًا مشابهًا للمستودع الإيراني لتدريب الفريق، الذي نفذ العملية.
وفي البداية، أنكر المسؤولون الإيرانيون هذه السرقة، لكن القائد السابق للحرس الثوري، محسن رضائي، اعترف لاحقًا بأن الوثائق قد سُرقت، واصفًا الحادثة بأنها "إشارة إلى نفوذ استخباراتي عميق". ورغم ذلك، تراجع رضائي عن تصريحاته تحت الضغط، لكن بعد شهرين كشف رئيس الموساد الإسرائيلي آنذاك، يوسي كوهين، عن تفاصيل أكثر، قائلاً: "إن 20 شخصًا شاركوا في هذه العملية، ولم يكن أي منهم إسرائيليًا".
اعترافات أخرى بالنفوذ الإسرائيلي
اعترف كل من علي يونسي، وزير الاستخبارات في حكومة محمد خاتمي، ومحمود علوي، وزير الاستخبارات في حكومة حسن روحاني، بعمق النفوذ الإسرائيلي في إيران.
وصرح يونسي، في مقابلة، بأن "أرواح المسؤولين الإيرانيين في خطر"، وعزا هذا الاختراق إلى انعدام التنسيق بين وزارة الاستخبارات ومنظمة استخبارات الحرس الثوري.
لكن حتى بعد التغييرات الإدارية في المؤسستين، مثل عزل رئيس دائرة الاستخبارات في الحرس الثوري، حسين طائب، وقائد وحدة الحراسة الخاصة للمرشد الإيراني، إبراهيم جباري، لم يتراجع هذا النفوذ الإسرائيلي، بل تصاعد في الفترات اللاحقة.
اغتيالات جديدة
يعد اغتيال زعيم حركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران أحد أبرز الأمثلة الحديثة على هذه الإخفاقات، وهو الذي كان في واحد من أكثر المواقع أمانًا في العاصمة، وذلك مباشرة بعد ادعاء وزير الاستخبارات الإيراني، إسماعيل خطيب، بأن شبكة التجسس الإسرائيلية قد تم تدميرها.

يواصل المتشددون في إيران مهاجمتهم لحكومة مسعود بزشكيان، بسبب إدراج وزير الخارجية الأسبق، محمد جواد ظريف، في الحكومة، رغم المؤشرات التي تفيد بعدم معارضة المرشد علي خامنئي لهذا القرار، فيما وصفت المتحدثة باسم الحكومة معارضة المتشددين بأنها شكل من أشكال "الاغتيال السياسي".
وأكد نائب الرئيس الإيراني للشؤون القانونية، مجيد أنصاري، إلى جانب مقربين آخرين للحكومة، مثل النائب أحمد فاطمي، أن خامنئي قد صادق على مشروع قانون حكومي جديد لتعديل تشريع صدر عام 2022، والذي يُستخدم من قِبل المتشددين لمنع تعيين ظريف نائبًا للرئيس للشؤون الاستراتيجية.
ويحظر القانون الصادر عام 2022 تعيين مزدوجي الجنسية أو من لديهم أفراد من عائلاتهم يحملون جنسية مزدوجة في "المناصب الحساسة" بالحكومة، وهو قيد يصر المتشددون على تطبيقه على ظريف، الذي يحمل ابنه الجنسية الأميركية؛ بسبب ولادته على أراضي الولايات المتحدة.
واتهم المتشددون أنصاري بالكذب، لكن مهدي فضائلي، أحد أعضاء مكتب خامنئي، صرّح عبر "تويتر" بأنه أبلغ بزشكيان قبل شهرين أن مكتب خامنئي وافق على تعديل التشريع. ومع ذلك، رفض المتشددون هذه التصريحات، مطالبين بسماعها مباشرة من خامنئي.
وبحسب فضائلي، أكد خامنئي أن الجنسية المزدوجة المكتسبة تلقائيًا؛ بسبب الولادة على أراضٍ أجنبية لا ينبغي أن تكون عائقًا أمام خدمة المسؤولين في الحكومة.
ومن جانبها، وصفت المتحدثة باسم الحكومة، فاطمة مهاجراني، معارضة المتشددين بأنها شكل من أشكال "الاغتيال السياسي". وأكدت أن قرارات حساسة مثل تلك المتعلقة بظريف تُتخذ دائمًا، بالتنسيق مع خامنئي وموافقته.
وعُيّن ظريف، الذي لعب دورًا محوريًا في حملة بزشكيان الانتخابية، نائبًا للرئيس للشؤون الاستراتيجية، لكن المتشددين، الذين لم يغفروا له دوره في اتفاق 2015 النووي، سعوا منذ البداية لإخراجه من الحكومة. ودفع ذلك ظريف إلى إعلان استقالته عبر منشور على "إنستغرام"، بعد أيام من تعيينه في أغسطس (آب) الماضي، لكنه عاد لاحقًا وأعلن عبر منصة "إكس" عودته إلى الحكومة، بعد ظهوره في اجتماع خامنئي مع حكومة بزشكيان في 27 أغسطس.
ورغم أن منصب نائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية يُعد غير تنفيذي، فإن تعليقًا نُشر على موقع "رويداد 24"، يوم السبت الماضي، أشار إلى أن المنصب أقل من مكانة ظريف، مشددًا على أنه كان من الأفضل تعيينه نائبًا أول للرئيس.
وانتقد التعليق المتشددين لانشغالهم بقضية ظريف، بينما تواجه البلاد أزمات كبرى، مثل قرار جديد من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد إيران، وعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، والعداء المتزايد من الاتحاد الأوروبي. كما شكك في إعلان بزشكيان خططه لتوظيف خبراء دوليين لتطوير موانئ السواحل الخليجية وبحر عمان وبحر قزوين، مشيرًا إلى أن المتشددين سيعارضون هذه الخطط بشدة.

واصلت السلطات الإيرانية تنفيذ عمليات الإعدام على نطاق واسع رغم الانتقادات الحقوقية والدولية، حيث أفادت مصادر حقوقية، الاثنين 25 نوفمبر (تشرين الثاني)، بقيام السلطات القضائية بتنفيذ حكم الإعدام بحق ما لا يقل عن 10 سجناء، بينهم امرأة، في عدة مدن مختلفة.
وبحسب إعلان من مجموعة نشطاء حقوق الإنسان في إيران، تم إعدام ثلاثة سجناء، وهم: أشكان مرادي، جلال حاج بابايي، وداود حيدري، الذين أدينوا سابقًا بتهم تتعلق بالمخدرات، فجر الاثنين 25 فبراير (تشرين الثاني)، في السجن المركزي بمدينة كرج.
كما أفادت مصادر حقوقية، يوم الاثنين، بأن سجينين أُعدما في جيرفت، وسجين واحد في كرمانشاه، وثلاثة سجناء في كرج، وسجين واحد في خرم آباد، وثلاثة سجناء آخرين في همدان.
ووفقًا لتقرير منظمة حقوق الإنسان الإيرانية، أُعدم سجينان في جيرفت هما نادر غني زاده، المتهم بـ"القتل العمد"، وناصر سلماني، البالغ من العمر 62 عامًا، في قضية مرتبطة بالمخدرات.
كما أفادت حملة نشطاء البلوش بأن 58 سجينًا آخرين متهمين بهاتين التهمتين يواجهون خطر الإعدام في هذا السجن بمحافظة كرمان.
وبحسب إعلان منظمة حقوق الإنسان الإيرانية، أُعدم ثلاثة سجناء في السجن المركزي في همدان بتهم تتعلق بالمخدرات.
وقد تم الكشف عن هوية اثنين منهم، وهما ميثم نوري، البالغ من العمر 42 عامًا، وأرسلان حبيبي.
وحدثت عمليات الإعدام لهؤلاء السجناء يوم الخميس في قضايا منفصلة.
وذكرت هذه المؤسسة الحقوقية أيضًا أنه في الأيام الماضية، أُعدم سجين يُدعى مصطفى سوري، وهو من سكان كنغاور، في السجن المركزي بمدينة كرمانشاه بتهمة "القتل العمد".
علاوة على ذلك، أفادت مجموعة نشطاء حقوق الإنسان في إيران بأن السلطات القضائية أعدمت سجينة تُدعى فريبا ملكي، متهمة بارتكاب "جريمة قتل"، في سجن بارسيلون بمدينة خرم آباد، الأحد 24 نوفمبر (تشرين الثاني).
ووفقًا لتقرير سابق صادر عن مجموعة نشطاء حقوق الإنسان في إيران، تم تسجيل ما لا يقل عن 133 عملية إعدام منذ بداية نوفمبر فقط، شملت حالة إعدام واحدة علنًا، بالإضافة إلى 24 حكمًا بالإعدام، و7 أحكام تم تأكيدها.
في الأيام الماضية، أكدت رها بحريني، الباحثة في شؤون إيران لدى منظمة العفو الدولية، أن طهران تستخدم عقوبة الإعدام لـ"إرهاب المجتمع".
وأضافت في حديثها مع "صوت أمريكا": "وضع الإعدامات في إيران كان دائمًا مرعبًا، ومنذ بدء حركة المرأة، الحياة، الحرية، دخلنا في مرحلة أكثر ظلامًا".

في إطار تصعيد الضغوط الأمنية والقضائية التي يمارسها النظام الإيراني ضد المجتمع السني؛ قضت المحكمة الخاصة برجال الدين في مدينة "مشهد" بالسجن 5 سنوات على مولوي فتحي محمد نقشبندي، خطيب الجمعة لأهل السنة في مدينة "راسك". وقد تم تأييد الحكم من قبل المحكمة العليا.
وأعلن نجل مولوي نقشبندي، مولوي عبد الغفار نقشبندي، عبر قناته على تطبيق "تلغرام" الاثنين 25 نوفمبر (تشرين الثاني)، أن المحكمة الخاصة برجال الدين أصدرت الحكم على والده، وتم تأييده لاحقًا من قِبل المحكمة العليا.
وتم اعتقال مولوي فتحي محمد نقشبندي في 20 أغسطس (آب) 2023 أثناء سفره بين مدينتي "راسك" و"تشابهار" من قبل قوات الأمن الإيرانية. وبعد انتهاء فترة الاستجواب، تم نقله إلى سجن "وكيل آباد" في مشهد.
كانت السلطة القضائية في محافظة بلوشستان قد صرّحت عند اعتقاله بأنه يواجه اتهامات تتعلق بـ"إلقاء خطب كاذبة، وإطلاق تهم وافتراءات ضد النظام الإيراني"، و"القيام بأعمال ضد الأمن القومي".
وأثار هذا الاعتقال موجة من الاحتجاجات في عدة مدن بمحافظة بلوشستان، بما في ذلك زاهدان، وسرباز، وراسك، ودشتياري.
وخرج المواطنون في تجمعات غاضبة للتنديد باعتقال مولوي نقشبندي، ورددوا شعارات ضد النظام الإيراني.
كما أقدم المتظاهرون على إشعال الإطارات وإغلاق الطرق في المناطق التي تجمعوا فيها، مطالبين بالإفراج الفوري عنه.
وفي تقرير لها، أشارت منصة "حال وش"، التي تغطي أخبار محافظة بلوشستان، إلى أن "هذا العالم السني البارز معتقل بسبب مواقفه المعارضة للنظام الإيراني. ورغم تقدمه في السن ومعاناته من أمراض، لا يزال محتجزًا في السجن".
ومنذ تأسيسه، لجأ نظام الجمهورية الإسلامية في إيران إلى اعتقال وسجن معارضيه ومنتقدي سياساته. وتصاعدت هذه الضغوط بشكل خاص منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضد النظام في أنحاء البلاد عام 2022، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص في "الجمعة الدامية" بمدينة زاهدان.
وفي هذا السياق، عبّر مولوي عبد الحميد إسماعيل زهی، خطيب جمعة أهل السنة في زاهدان، خلال خطبة الجمعة في الثالث من أغسطس (آب)، عن أمله بأن تفي الحكومة الجديدة، بقيادة مسعود بزشكيان، بوعودها لإنهاء التمييز وتحقيق العدالة.
وأكد أن التمييز يترك آثارًا طويلة الأمد وخطيرة، داعيًا إلى توفير الحرية والشعور بالأمان لأهل السنة لممارسة شعائرهم الدينية، بما في ذلك إقامة صلاة الجماعة دون قيود.
الخلفية والتداعيات
وتعكس قضية مولوي فتحي محمد نقشبندي استمرار النهج القمعي للنظام الإيراني ضد الأقليات والمجتمعات التي ترفع صوتها ضد التمييز. ويعد اعتقال رجال الدين السنة جزءًا من سياسة أوسع تهدف إلى السيطرة على المعارضة وقمع أي تعبير عن الاستياء من سياسات النظام.
مع استمرار هذه السياسات، يواجه المجتمع السني في إيران ظروفًا متزايدة الصعوبة، حيث يعاني من التمييز في الحقوق الدينية، والتعليم، والوظائف العامة.
وتعزز مثل هذه القضايا مطالبات المجتمع الدولي بضرورة التدخل للضغط على النظام الإيراني لاحترام حقوق الإنسان وضمان حرية المعتقد والتعبير لجميع المواطنين.