خامنئي: استخباراتنا أرسلت تقارير "مثيرة للقلق" إلى النظام السوري قبل أشهر



بدأت وسائل الإعلام الإيرانية، الخاضعة لرقابة السلطات، بتوجيه "انتقادات حذرة" لبشار الأسد عقب انتشار صور الانتهاكات الوحشية في السجون السورية بعد سقوط نظام دمشق، مشيرة إلى احتمال تعرض إيران لـ"مصير مشابه" إذا استمرت حالة الاستياء الشعبي.
وقال ناصر إيماني، السياسي والصحافي المحافظ، لموقع "رويداد نيوز": "الدرس الذي يجب أن نستخلصه هو التأكد من أن شعبنا لا يفقد الأمل في المستقبل ولا يملّ من ظروف البلاد".
ورغم تأكيده على أن "وضع إيران يختلف تمامًا عن سوريا"، فإن إيماني شدد "على أهمية مراعاة الرأي العام".
جدير بالذكر أنه لطالما أشاد المرشد علي خامنئي ببشار الأسد باعتباره شخصية رئيسية في "محور المقاومة"، وظل يدعمه بلا تردد. ولذلك فإن أي انتقاد علني للأسد أو دعم إيران له قد يُعتبر تحديًا لمواقف خامنئي، ما يعرّض وسائل الإعلام والشخصيات العامة لعواقب وخيمة.
وقد تجلّت هذه الحساسية عندما حذف عدد من الشخصيات العامة والمعلقين الإيرانيين منشوراتهم النقدية بعد وقت قصير من سقوط الأسد، في خطوة يُعتقد أنها جاءت تحت ضغط من الأجهزة الأمنية الإيرانية.
وفي تعليق نشره الموقع المحافظ المعتدل "عصر إيران"، أُرجع سقوط الأسد جزئيًا إلى مؤامرات خارجية، لكنه أشار أيضًا إلى فشله في كسب دعم شعبه. وحذر المقال من تجاهل الرأي العام، قائلاً: "أخطر وأفدح خطأ يمكن أن ترتكبه حكومة هو إغفال مطالب الشعب وآرائهم".
إيران تواجه أزمات داخلية وخارجية
وتتعامل طهران مع العديد من التحديات، بما في ذلك الانهيار الاقتصادي الناتج عن العقوبات الدولية، والهجمات الإسرائيلية على حلفائها، وتدهور العلاقات مع أوروبا، وازدياد السخط الداخلي بسبب الفساد والانتهاكات الحقوقية.
في الوقت ذاته، تتزايد المطالب بالحريات السياسية والاجتماعية، بينما يدفع المتشددون في البرلمان نحو قوانين مثيرة للجدل، مثل تشديد قانون الحجاب، الذي يراه حتى بعض المحافظين والمرجعيات الدينية خطوة ضارة في ظل الظروف الحالية.
مقارنات من المواطنين
على الرغم من الرقابة، تعكس التعليقات المنشورة على المواقع المحافظة شعورًا متزايدًا لدى الإيرانيين بالتشابه بين سقوط الأسد والأوضاع الراهنة في بلادهم. فقد أظهرت تعليقات على موقع "ألف" شكوكًا حول الاعتماد فقط على القوة العسكرية والقدرات النووية.
وقال أحد المعلقين، في رأي نال تأييدًا واسعًا: "قوة أي دولة تكمن في شعبها، وليس في قدرتها العسكرية أو أسلحتها النووية". وكتب آخر أن الحرب الأهلية في سوريا وما نتج عنها من دمار كان يمكن تجنبهما لو أن الأسد تبنى إصلاحات سياسية وشمل جميع الأطراف السياسية في الحكومة قبل عشرة أو خمسة عشر عامًا.
وقد نال هذا التعليق دعمًا كبيرًا، ما يعكس اتفاقًا واسعًا بين القراء.
ويبدو أن الرسالة واضحة أن تجاهل إرادة الشعب قد يؤدي إلى عواقب لا رجعة فيها، وهي رسالة تحمل أهمية خاصة لإيران في هذه المرحلة الدقيقة.

المرشد الإيراني علي خامنئي: كلما زاد الضغط على جبهة المقاومة أصبحت أقوى، وكلما تم محاربتها، توسعت أكثر، وأقول لكم إن نطاق المقاومة سيتوسع أكثر من أي وقت مضى ليشمل كامل المنطقة.

مساعد الرئيس الإيراني، محمد جواد ظريف: سبب سقوط الأسد كان غروره بعد انتصاره على المسلحين وإهماله تحويل الانتصار العسكري إلى اتفاق سياسي وتشكيل حكومة شاملة. وأضاف: لم يكن بإمكان أحد التنبؤ بسرعة سقوط نظام الأسد بهذا الشكل.

قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، في أول تعليق له على سقوط نظام بشار الأسد: لا ينبغي الشك في أن ما حدث في سوريا هو نتاج مخطط مشترك أميركي-إسرائيلي. وأضاف مشيرا إلى تركيا دون تسميتها: نعم إن إحدى الدول المجاورة لسوريا أيضا لعبت ولا تزال تلعب دورا واضحا في هذا الشأن.

رفض المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، البيان المشترك للترويكا الأوروبية (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) بشأن زيادة الأنشطة النووية الإيرانية.
وفي تصريح له يوم الثلاثاء 10 ديسمبر (كانون الأول)، بعد ساعات من صدور البيان الأوروبي، رفض بقائي النقاط الواردة في البيان، وقال: "من المؤسف أن الدول الأوروبية الثلاث، دون الالتفات إلى نتائج زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى طهران، التي كان من الممكن أن تكون أساسًا لتعزيز التعاون في المستقبل، أصرت على نهجها غير البنّاء وأصدرت قرارًا ضد إيران".
وأوضح أن قرار تفعيل عدد أكبر من أجهزة الطرد المركزي المتطورة اتُّخذ في إطار حقوق الأعضاء المنصوص عليها في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT) وبالتنسيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأشار بقائي إلى الاجتماع الأخير لنائبي وزراء خارجية إيران والدول الأوروبية الثلاث قائلا: "لا تزال طهران تؤمن بالتفاعل البنّاء القائم على الاحترام المتبادل، لكنها سترد على أي سلوك عدائي وغير قانوني ضمن إطار حقوقها القانونية وبالشكل المناسب".
وتابع: "ما أدى إلى الوضع الحالي فيما يتعلق بتنفيذ الاتفاق النووي ليس الأنشطة النووية السلمية أو الخطوات التعويضية التي اتخذتها إيران، بل الانسحاب الأحادي لأحد الأطراف وفشل الأطراف الأوروبية الثلاثة في الوفاء بالتزاماتها".
الترويكا الأوروبية: خطوات إيران النووية مثيرة للقلق الشديد
في وقت سابق يوم الثلاثاء 10 ديسمبر (كانون الأول)، عبّرت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا عن "قلقها الشديد" إزاء زيادة قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم، مطالبة طهران بوقف هذه الأنشطة.
وأدانت هذه الدول الخطوات الأخيرة التي اتخذتها إيران، والتي تهدف إلى زيادة إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمائة في منشأة فوردو تحت الأرض.
وكان رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، قد صرّح يوم الجمعة 6 ديسمبر (كانون الأول) لوكالة "رويترز" بأن إيران تزيد بشكل كبير قدرتها على إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب، مقتربة من العتبة اللازمة لصنع قنبلة نووية.
وأشار غروسي إلى أن كمية اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمائة التي تملكها إيران، إذا ما وصلت إلى نسبة نقاء 90 بالمائة ستكون كافية لصنع أربع قنابل نووية.
وفي بيانها المشترك الجديد، قالت الدول الأوروبية الثلاث: "نحن قلقون للغاية من زيادة إيران لقدراتها في التخصيب وزيادة عدد أجهزة الطرد المركزي المستخدمة".
وأكدت هذه الدول، الموقعة على الاتفاق النووي المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، أن خطوات طهران أبطلت هذا الاتفاق، وأن مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب "ليس له أي مبرر مدني مشروع".
ودعت حكومات لندن وباريس وبرلين طهران إلى التراجع عن هذه الخطوات وإنهاء تصعيدها النووي فورًا.
وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية قد أعلن مؤخرًا أن إيران رفعت كمية إنتاجها الشهري من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمائة، التي كانت سابقًا تتراوح بين 5 إلى 7 كيلوجرامات شهريًّا، إلى مستويات أعلى بشكل ملحوظ.
وردا على سؤال حول الزيادة، قال غروسي: "ربما تكون الزيادة سبعة أو ثمانية أضعاف، أو حتى أكثر".
يُذكر أن تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 بالمائة تقنيًّا قريب جدًا من نسبة 90 بالمائة اللازمة لصنع القنبلة النووية.
وفي نوفمبر الماضي (تشرين الثاني)، خلال زيارة غروسي إلى طهران، وعندما كانت تقارير عن هجمات إسرائيلية محتملة على المنشآت النووية الإيرانية متداولة، قال في مؤتمر صحفي مع محمد إسلامي، رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية: "الهجوم على المنشآت النووية غير قانوني ويجب ألا يحدث".
ووفقًا لأحدث تقرير سري للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أبلغت إيران الوكالة بأنها تعتزم تركيب مزيد من أجهزة الطرد المركزي في منشأتي فردو ونطنز.
وكان مجلس محافظي الوكالة قد أقر يوم 1 ديسمبر (كانون الأول) قرارًا اقترحته بريطانيا وفرنسا وألمانيا ضد البرنامج النووي الإيراني، ما أثار غضب المسؤولين الإيرانيين.
وأكد القرار على ضرورة تعاون طهران الفوري مع الوكالة، داعيًا غروسي إلى إعداد تقرير شامل حول تطورات البرنامج النووي الإيراني.
ورغم نفي طهران سعيها لامتلاك قنبلة نووية، فإنها هدّدت مؤخرًا، عقب الهجوم الإسرائيلي، بإمكانية مراجعة عقيدتها النووية.
من جهته، وصف وزير الخارجية الإسرائيلي، غدعون ساعر، 5 ديسمبر (كانون الأول)، احتمال حصول إيران على سلاح نووي بـ"الرهيب"، معتبرًا أن هذا يمثل الفرصة الأخيرة للمجتمع الدولي لمنع حدوث ذلك.
ومنذ تولي مسعود بزشكيان، المحسوب على التيار الإصلاحي، منصب رئيس الجمهورية، أبدت إيران استعدادها لاستئناف المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي.