السلطات الإيرانية تعتقل صحافية إيطالية وتضعها في زنزانة انفرادية



أصدرت منظمة حقوقية مقرها الولايات المتحدة الأميركية خريطة تفاعلية تسلط الضوء على 45 عاماً من العنف الذي مارسته إيران داخلياً وخارجياً، متضمنةً توثيق 862 عملية إعدام خارج نطاق القانون و124 حالة من التهديدات بالقتل، ومحاولات الاختطاف والاغتيال.
وتحت عنوان "إيران: العنف الحكومي خارج الحدود"، يُفصّل تقرير صادر عن "مؤسسة عبد الرحمن برومند لحقوق الإنسان في إيران" العنف الذي مارسه النظام الإيراني في بلدان مختلفة عبر الشرق الأوسط، وأوروبا، وأميركا الشمالية، وأفريقيا.
وأشارت المؤسسة إلى أن ما لا يقل عن 452 حالة وقعت خارج إيران في دول مثل ألمانيا، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وباكستان، وتركيا، والعراق، وفرنسا، وكندا.
وغالباً ما كان المسؤولون الإيرانيون والدبلوماسيون والوكلاء متورطين في هذه الحالات، وقد أفلتوا في الغالب من المساءلة.
وقالت رويا برومند، المديرة التنفيذية للمؤسسة: "تمثل هذه الخريطة التفاعلية أداة أساسية لدعم الجهود الرامية إلى توثيق وكشف أحداث العنف خارج نطاق القانون التي نفذها النظام الإيراني".
وأضافت: "نأمل أن يدفع هذا المشروع المجتمع الدولي إلى مراقبة هذه الانتهاكات والتحقيق فيها بشكل منهجي، مع إعطاء الأولوية للشفافية والعدالة للضحايا الذين تُركوا في الظلام لفترة طويلة جداً".
وهناك حالات بارزة تشمل محاولات اختطاف متعددة استهدفت الصحافية مسيح علي نجاد، ومحاولات اغتيال مزعومة ضد دونالد ترامب، ومايك بومبيو، وجون بولتون، وجهوداً لمراقبة المعارضين الإيرانيين في الخارج.
كما تُبرز الخريطة الحوادث والتهديدات الموثقة في لندن، بما في ذلك تلك التي استهدفت مذيعي قناة "إيران إنترناشيونال" فرداد فرهزاد وسيماء ثابت، ومغني الراب المعارض هيجكاس، والناشطة في حقوق المرأة فاريبا بلوج.
وقالت آن أبلباوم، المؤرخة الحائزة على جائزة "بوليتزر": "تُظهر خريطة مركز عبد الرحمن برومند، لأول مرة، مدى الاغتيالات العالمية التي نفذتها إيران وعمليات الاختطاف وأخذ الرهائن. لقد حول النظام الإيراني العالم إلى رقعة شطرنج للعبته المميتة المتمثلة في إسكات المعارضين".
وذكرت المؤسسة أن الجناة غالباً ما يفلتون من العدالة بسبب ضعف استجابات الحكومات المستضيفة. وفي بعض الحالات، تم السماح للمشتبه بهم بالفرار، أو حصلوا على إطلاق سراح مبكر، أو واجهوا تهماً مخففة غير مرتبطة بالطبيعة السياسية لجرائمهم.
وحذرت المؤسسة من أن هذه الإخفاقات تشجع السلطات الإيرانية على الاستمرار.
وقالت الممثلة والناشطة في حقوق الإنسان نازنين بنيادي: "لا يمكن السماح للجناة وراء هذه الجرائم بالاستمرار في الاستفادة من الإفلات من العقاب، ويجب على الحكومات والمؤسسات الدولية أن تضمن بشكل عاجل توفير العلاجات الفعالة وتعويض الضحايا".
وفي الأسبوع الماضي، أدانت وزارة الخارجية الأميركية، في تقريرها السنوي حول الإرهاب، إيران لتنظيمها أو دعمها مخططات ضد المعارضين وأعدائها المزعومين في الخارج.
وتضمن التقرير تهديدات موجهة لقناة "إيران إنترناشيونال"، مع الإشارة إلى إدانة محكمة بريطانية في عام 2023 لرجل حاول جمع معلومات لأغراض "إرهابية".

يومًا بعد يوم تزداد الأصوات المعارضة لعلي خامنئي والنظام الإيراني؛ ففي صفوف الملايين الذين يسعون للإطاحة بهذا النظام، تظهر جماعات متنوعة تشمل الجمهوريين، الملكيين، والأحزاب المختلفة، بل وأفراد مستقلون يمتلكون تأثيرًا يفوق أحيانًا تأثير الأحزاب.
وتنتشر هذه الأصوات المعارضة بين جميع فئات المجتمع، سواء داخل إيران أو خارجها. وعلى الرغم من أهمية الاحتجاجات والنشاطات المعارضة في الخارج، والتي تشكل جزءًا مهماً من الحركة العامة للشعب الإيراني للتخلص من النظام، فإن أصوات المعارضة داخل إيران أصبحت أعلى وأكثر جرأة من أي وقت مضى.
وتتحدث هذه الأصوات بصراحة عن النظام وشخص خامنئي، وتحمّله المسؤولية المباشرة عن الوضع الحالي في البلاد، على الرغم من إدراكها للتكاليف الباهظة التي قد تترتب على مواقفها.
أصوات من جميع الفئات
تشمل هذه الأصوات شخصيات بارزة مثل نرجس محمدي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، وبهارة هدايت، ومجيد توكلي، بالإضافة إلى ناشطين سياسيين ومدنيين آخرين. ومن بين هؤلاء أيضًا أساتذة جامعيون مثل حاتم قادري، الذي ينتقد النظام في خطابات وتحليلات مستندة إلى أسس علمية وسياسية. مثال على ذلك، تعليقاته حول الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي وصفها بأنها "مسرحية سياسية" بقوله: "حفنة من الحبوب لا تستحق كل هذا الجدل".
كما أن فاطمة سبهري، وهي امرأة محجبة تنتمي لعائلة شهيد، تقف علنًا ضد خامنئي و"جمهوريته الإسلامية". وتُظهر مواقفها فشل النظام في استخدام الحجاب وعائلات الشهداء كأدوات دعائية لقمع الشعب.
معارضة من الداخل
من اللافت أيضا أن بعض الشخصيات التي كانت سابقًا جزءًا من النظام أصبحت اليوم من أشد معارضيه. وأبرز هذه الشخصيات أبوالفضل قدیاني، الذي كان يومًا مؤيدًا للنظام، ولكنه الآن يصف خامنئي بالدكتاتور ويدعو صراحة إلى إسقاط النظام. كذلك مهدي نصيري، رئيس التحرير السابق لصحيفة "كيهان" وأحد المقرّبين من خامنئي في المجال الإعلامي، أصبح معارضًا صريحًا للنظام.
هذه الأصوات التي تنتقد المرشد والنظام بشكل مباشر، تُسهم بشكل كبير في إضعاف شرعية النظام. ومع ذلك، هناك من يشكك في دوافع بعض هذه الشخصيات، معتبرًا أن انتقاداتهم قد تكون جزءًا من مشروع حكومي يهدف إلى تشتيت المعارضة، ولكن لا توجد أدلة قاطعة تدعم هذه الادعاءات.
مصداقية المعارضة
لا يمكن افتراض أن كل من ينتقد النظام علنًا هو جزء من مشروع حكومي دون أدلة. مثل هذا الافتراض ينطلق أحيانًا من رؤية مبالغ فيها لقوة النظام وسيطرته المطلقة، بينما الواقع يُظهر ضعفًا متزايدًا للنظام وقائده.
جدير بالذكر أن النظام الإيراني لديه سجل طويل في محاولة خلق معارضين مزيفين أو التسلل إلى صفوف المعارضة لإحداث انقسامات. ولكن هذا لا يعني أن كل صوت معارض هو بالضرورة جزء من هذه المحاولات. خصوصًا عندما يتعلق الأمر بشخصيات تطالب صراحة بإسقاط النظام وتصف خامنئي بالدكتاتور.
أمثلة على الشجاعة
من الأمثلة البارزة التي أثارت الجدل مؤخرًا، "حفلة افتراضية" أقامتها الفنانة برستو أحمدي. وفي هذه الحفلة، تحدّت الفنانة الحجاب الإجباري وأكدت على حق النساء في الغناء. وعلى الرغم من جرأتها، اعتبرها البعض مؤامرة من النظام دون تقديم أي دليل.
إن مثل هذه المواقف لا تُضعف فقط قيمة العمل الشجاع الذي قامت به أحمدي، بل تعكس ذهنية تعتبر النظام قويا والمعارضين ضعفاء.
كما أن شخصية مثل محمد نوري زاد، الذي كان في الماضي من أنصار النظام، أصبح اليوم ناقدًا صريحًا يدعو لإسقاطه. ورغم أنه يقبع الآن في السجن في ظروف قاسية. ومع ذلك، هناك من يشكك في نواياه.
من هو "المعارض الحقيقي"؟
السؤال المطروح هنا: من الذي يحدد "المعارض الحقيقي" للنظام؟ هل يجب أن يكون هناك جهة تصدر شهادات بهذا الشأن؟ مثل هذه النظرة ليست فقط غير عادلة، بل تضر بالحراك المعارض.
يجب أن تكون التقييمات مبنية على أدلة وشواهد. التشكيك غير المبرر في مصداقية الأصوات المعارضة قد يؤدي إلى تقويض جهودها وتعزيز حالة عدم الثقة في الحراك المناهض للنظام.
وعلى المجتمع المعارض أن يدعم انتشار الأصوات الناقدة للنظام، بغض النظر عن خلفياتهم. فكلما زادت هذه الأصوات، وقلّت أعداد المؤيدين للنظام، اقتربت إيران من التغيير المنشود.
كما أن ازدياد صراحة وتنوع الأصوات المعارضة داخل إيران يُظهر ضعف النظام وتراجع سيطرته على الأوضاع الداخلية. وهذه التحولات تمثل خطوة مهمة نحو انتقال البلاد إلى نظام سياسي جديد يُلبي تطلعات الشعب.

بعد انتقادات واسعة، أعلن المتحدث باسم مجلس بلدية العاصمة الإيرانية طهران عن إلغاء قرار تغيير اسم شارع "بيستون" إلى "يحيى السنوار"، مشيراً إلى أنه ستتم دراسة مواقع أخرى لتسمية الشوارع بهذا الاسم.
وقال علي رضا ناد علي، إن أعضاء المجلس يولون أهمية للمفاهيم والتراث التاريخي والإيراني، بالإضافة إلى ما وصفه بـ"رموز المقاومة".
وأوضح ناد علي أن القرار السابق بتغيير اسم الشارع أعيد إلى لجنة التسمية لإجراء مراجعة جديدة واقتراح شارع آخر لتقديمه إلى المجلس.
وجاء هذا التراجع بعد موجة انتقادات واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر العديد من المستخدمين أن هذا القرار يندرج ضمن محاولات النظام "لطمس الأسماء الإيرانية".
نرجس سليماني، عضو مجلس بلدية طهران وابنة قاسم سليماني، وصفت ردود الفعل السلبية تجاه تغيير اسم الشارع بأنها "متوقعة تماماً"، مشيرة في مقال عبر موقع "انتخاب" إلى أنها سبق أن حذرت من تداعيات هذا القرار.
ورغم ذلك، أوضح أعضاء المجلس أن التسمية باسم يحيى السنوار لم تُلغَ بالكامل، بل تم إلغاء تغيير اسم شارع "بيستون" فقط، وسيتم اختيار شارع آخر لهذا الغرض.
وأشار محمد آخوندي، عضو آخر في المجلس، إلى أن مراجعة هذا القرار تمت بعد التشاور مع مهدي جمران، رئيس مجلس بلدية طهران، مضيفاً: "لم يكن من المناسب تخصيص جزء من الشارع لاسم السنوار".
وفي جلسة سابقة للمجلس، طُرح مقترح لتغيير أسماء أجزاء من "طريق لشكري السريع" و"طريق مهدوي كني السريع" لتسميتها باسم حسن نصرالله، الأمين العام السابق لحزب الله اللبناني، لكن المقترح لم يُعتمد.
ويُعتبر يحيى السنوار العقل المدبر لهجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الذي شنته حركة حماس على إسرائيل، ما أشعل حرب غزة الأخيرة وأدى إلى تصعيد بين حزب الله وإسرائيل.
وبعد مقتل إسماعيل هنية في طهران، تم تعيين السنوار رئيساً للمكتب السياسي لحماس، لكنه قُتل في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2024 على يد القوات الإسرائيلية. وتُصنّف الولايات المتحدة وأوروبا حماس كـ"منظمة إرهابية".
وشهدت إيران عدة محاولات لتسمية شوارع بأسماء شخصيات تُعتبر مثيرة للجدل في المجتمع الدولي.
ففي طهران، تم تغيير اسم شارع "وزراء" إلى "خالد الإسلامبولي"، الذي اغتال الرئيس المصري أنور السادات. ومع ذلك، لا يزال السكان المحليون يستخدمون الاسم القديم في حياتهم اليومية.
كما تمت تسمية شارع آخر باسم "سليمان خاطر"، وهو جندي مصري قتل 7 سياح إسرائيليين بإطلاق النار عليهم.
وجاء إلغاء تسمية شارع "بيستون" بعد قرارات أخرى أثارت جدلاً وتم إلغاؤها بعد احتجاجات من السكان.
على سبيل المثال، ألغيت خطط لبناء مسجد في حديقة "قيطرية" بعد تجمع احتجاجي وقيام حملة جمعت 165 ألف توقيع. وأعلن عضو مجلس المدينة ناصر أماني أن المشروع أُلغي بسبب انسحاب الممول.
كما تم إلغاء مشروع بناء مصلى ومركز ثقافي في محيط حديقة "لاله" بعد احتجاجات ضد قطع الأشجار في المنطقة.

صرّح إمام جمعة طهران، كاظم صديقي، قائلاً: "العدو يسعى لإثارة الخوف بين الناس وإضعاف جبهة الحق". وأضاف: "العدو يستخدم الشائعات لزعزعة الأسواق وإحداث غلاء مصطنع، مما يؤدي إلى تشويه صورة النظام أمام الشعب".

حذر أحد قادة الحرس الثوري الإيراني المواطنين من الانحياز إلى الولايات المتحدة، حيث اتهم بعضهم بـ"مساعدة الأميركيين" ضد النظام في ظل مواجهة طهران تحديات اقتصادية متزايدة ونكسات إقليمية.
وقال الجنرال مجتبى فدا، أمس الخميس: "في الوضع الحالي، من المرجح أن يحاول الأميركيون تضخيم بعض القضايا الداخلية"، مشيرًا إلى مجموعة من المشاكل المحلية، أبرزها التدهور الاقتصادي.
وقد تراجعت العملة الإيرانية بنسبة تزيد على 30 في المائة منذ أغسطس (آب)، ومع قدوم الطقس البارد، عجزت الحكومة عن توفير الكهرباء بشكل منتظم. وارتفع سعر الدولار من 60 ألف تومان إلى نحو 80 ألفا، بينما تجاوز الجنيه الإسترليني حاجز المائة ألف تومان.
وفيما يتعلق بالطاقة، تشير التقديرات الحالية إلى عجز يومي بنسبة 30 في المائة، مما يؤدي إلى انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي وتعطل العديد من الصناعات.
وأضاف فدا: “قضية اختلالات الطاقة ليست مقتصرة على الإدارة الحالية؛ بل كانت موجودة أيضًا في حكومة السيد رئيسي والإدارات السابقة. لذلك، ينبغي لبعض الأشخاص داخل البلاد تجنب إرسال إشارات للأميركيين من خلال تحليلاتهم"، في إشارة إلى موجة من الانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك وسائل الإعلام المطبوعة الخاضعة للدولة التي أصبحت أكثر جرأة في تناول موضوع إغلاق مئات المصانع وارتفاع تكاليف المعيشة.
وتعتمد إيران بشكل كبير على الواردات لتوفير القمح والأرز وغيرها من السلع الأساسية. ومع استمرار تدهور قيمة العملة المحلية أمام العملات الرئيسية، ارتفعت تكلفة الواردات بشكل حاد، مما زاد من الأعباء على المواطنين العاديين. وتراجعت رواتب العمال الشهرية، عند احتسابها بالدولار الأميركي، من 200 دولار الصيف الماضي إلى حوالي 130 دولارا هذا الشتاء.
وتعكس وسائل التواصل الاجتماعي الإيرانية شعورًا متزايدًا بالأزمة في البلاد واحتمالية حدوث اضطرابات سياسية، حيث يُنظر إلى النظام على أنه مهزوم في الإقليم وضعيف داخليًا.
وقال الجنرال فدا، أمس الخميس: "على جميع المواطنين والمسؤولين واجب الدفاع عن الحكومة الإسلامية في الوضع الحالي. لقد صمدنا لمدة 45 عامًا من أجل الثورة الإسلامية في إيران، وعلينا الاستمرار في تحمل الصعاب، وقبول النقد، وتحمل الألم في سبيلها".