بعد قمعهم بعنف في طهران.. اعتقال عدد من مؤيدي مطرب إيراني معارض

قامت قوات الأمن الإيرانية باعتقال عدد من مؤيدي المغني الإيراني أمير حسين مقصودلو، المعروف بـ"تتلو"، عقب تجمعهم في ساحة آزادي وسط العاصمة طهران، ظهر اليوم الجمعة 16 مايو (أيار)؛ دعمًا له، وذلك بعد تعرضهم للقمع العنيف أيضًا.
وأظهرت مقاطع الفيديو المنشورة أن عناصر الأمن اعتدوا بالضرب والإهانات اللفظية على المتظاهرين، الذين يطلقون على أنفسهم اسم "تتليتي". كما أرغموا بعضهم على إعلان الندم أمام الكاميرات.
ووفقًا لشهود عيان، فقد قامت القوات الأمنية باعتقال عدد من المتظاهرين، كما أجبرت بعضهم على حذف محتويات هواتفهم المحمولة.
وفي أحد هذه المقاطع، قال أحد المتظاهرين: "طلبنا الوحيد يتعلق بالمطرب الذي نحبه"، وأضاف منتقدًا اعتقال "تتلو": "لقد عاد إلى البلاد طواعية، ماذا فعل؟".
وجدير بالذكر أن تتلو، يبلغ من العمر 38 عامًا، وهو مغنٍ وكاتب أغانٍ في أنماط الراب والبوب وموسيقى الإيقاع والبلوز، المعرفة اختصارًا باسم الـ"R&B" ، ويُعد من رواد الموسيقى الجديدة في إيران، وذاع صيته منذ عام 2003 عبر الإنترنت.
تتلو وشبكة الدعم داخل النظام الإيراني
قبل مغادرته إلى تركيا عام 2018، واجه تتلو مشكلات متكررة مع النظام القضائي الإيراني؛ بسبب نشاطه الفني ومحتوى أعماله.
وفي عام 2009، دعم مرشح المعارضة مير حسين موسوي بأغنية، لكنه سرعان ما غيّر مواقفه لاحقًا، وأصبح من داعمي التيار المحافظ، وخاصة خلال انتخابات 2017، حيث دعّم المرشحين حينها: الرئيس السابق إبراهيم رئيسي، ورئيس البرلمان الحالي، محمد باقر قاليباف.
وحصل تتلو على دعم عدد من شخصيات التيار الأصولي؛ حيث ظهر إلى جانب "رئيسي"، كما أصدر فيديو كليب على متن سفينة "دماوند" التابعة للبحرية الإيرانية، ونال دعمًا علنيًا من شخصيات، مثل المنظّر الأصولي الإيراني، علي أكبر رائفي بور.
وكان ميثم محمد حسني، شقيق إحسان محمد حسني مدير مؤسسة "أوج" التابعة للحرس الثوري، من أبرز داعمي "تتلو"، ونظّم لقاءاته مع المسؤولين المحافظين، ولا يزال يحظى بدعم بعض الأوساط المحافظة.
وفي 14 مايو الجاري، صرّحت محاميته، عاطفة حاذق، بأن تتلو عقد زواجًا مؤقتًا مع إحدى معجباته داخل السجن، مشيرة إلى أن الهدف هو أن يُعقد الزواج الدائم لاحقًا بصيغة دينية يقرؤها المرشد الإيراني، علي خامنئي، شخصيًا، وهو "أمنية طالما تمناها تتلو ويعتبرها شرفًا كبيرًا في حياته".
تتلو بعد خروجه من إيران
في عام 2018، انتقل تتلو إلى تركيا؛ حيث أسس منصة اجتماعية رقمية من معجبيه باسم "تتليتي"، وتصرف كقائد طائفة شبه دينية، لكن تصريحاته وسلوكياته، ومنها إهانة النساء والدعوة إلى العنف، أثارت انتقادات واسعة.
واعتُقل في فبراير (شباط) 2020 بإسطنبول، بسبب مخالفات تتعلق بالتأشيرة واتهامات تتعلق بالمخدرات، وصدر بحقه إشعار أحمر من "الإنتربول".
وواجه أيضًا اتهامات خطيرة، منها استغلال جنسي لفتيات قاصرات، وتشجيع على الانتحار، وتكوين بيئة لاستغلال المعجبين. وقالت الممثلة الإيرانية، سحر قريشي، في عام 2022 إن تتلو اعتدى عليها جسديًا.
وخلال احتجاجات 2022 في إيران، هاجم تتلو معارضي للنظام ودافع عن قوانين مثل "الحجاب الإجباري".
العودة إلى إيران والاعتقال
في ديسمبر (كانون الأول) 2023، أعلن تتلو نيته العودة إلى إيران، بسبب صعوبات المعيشة في تركيا. ورأت بعض وسائل الإعلام الإيرانية، مثل موقع "خبر آنلاين" وصحيفة "هفت صبح"، أن هذه الخطوة كانت استعراضية لجذب الانتباه.
وبعد مشادة مع موظفي القنصلية الإيرانية بإسطنبول، في 3 ديسمبر من العام ذاته، تم توقيفه، وفي السادس من الشهر نفسه سُلم للسلطات الإيرانية عبر معبر بازرغان الحدودي.
وعند عودته، اعتُقل في طهران وبدأت محاكمته في فبراير 2024 في الفرع 26 من محكمة الثورة.
وشملت التهم الموجهة إليه: "تشجيع على الفساد والفحشاء"، و"الدعاية ضد النظام"، و"إدارة موقع مراهنات"، و"نشر محتوى إباحي"، و"تعاطي المخدرات"، و"ممارسة أنشطة مخالفة للشريعة".
وفي 9 مايو الجاري، أكدت السلطات القضائية الإيرانية أحكام السجن الصادرة بحقه، ومنها 10 سنوات بتهمة "تشجيع على الفساد"، و3 سنوات بتهمة "إهانة المقدسات".
ورغم ذلك، صدرت تصريحات متضاربة من مقربين منه بشأن الأحكام ومسار القضية.
كما انتشرت تقارير عن صدور حكم الإعدام بحقه بسبب "إهانة المقدسات".
إلا أن وسائل إعلام إيرانية أفادت، في 12 مايو الجاري، نقلاً عن محاميته، بإلغاء حكم الإعدام.
ولا توجد إحصاءات رسمية حول عدد معجبيه، لكن "تتلو" يحظى بقاعدة جماهيرية ضخمة على مواقع التواصل، خاصة بين المراهقين، ويتابع بثه المباشر على "يوتيوب" عشرات الآلاف من المشاهدين.