رغم مناشدات وقف الحكم.. السلطات الإيرانية تعدم سجينا سياسيا بتهمة "التجسس لإسرائيل"

أعلنت السلطة القضائية في إيران تنفيذ حكم الإعدام بحق السجين السياسي بدرام مدني. وقد نُفذ الحكم في صباح اليوم الأربعاء 28 مايو (أيار).

أعلنت السلطة القضائية في إيران تنفيذ حكم الإعدام بحق السجين السياسي بدرام مدني. وقد نُفذ الحكم في صباح اليوم الأربعاء 28 مايو (أيار).
مدني، البالغ من العمر 41 عامًا وأب لطفل، أُلقي القبض عليه في عام 2019 بتهمة "التجسس لصالح إسرائيل"، وحُكم عليه بالإعدام لاحقًا من قبل محكمة الثورة.
وتم نقض حكم الإعدام الصادر بحقه ثلاث مرات من قبل المحكمة العليا في البلاد، لكن في كل مرة، وبعد إعادة النظر في القضية من قبل فرع مماثل، صدر حكم الإعدام مجددًا.
في الأيام الأخيرة، حذّر عدد من نشطاء حقوق الإنسان، بعد نقل مدني إلى سجن "قزل حصار" وتزايد مخاطر إعدامه، من خلال نشر تدوينات على وسائل التواصل الاجتماعي، من أن هذا السجين حُرم خلال جميع مراحل الاعتقال والاستجواب والمحاكمة من حقه في محاكمة عادلة والوصول إلى محامٍ من اختياره.
كما طالبت كل من والدة مدني، ونرجس محمدي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، وهانا نيومان، عضوة البرلمان الأوروبي، في رسائل منفصلة، بوقف تنفيذ حكم الإعدام بحق هذا السجين السياسي.
كذلك، حذّر أوليفييه غروندو، المواطن الفرنسي وأحد الرهائن السابقين في سجون إيران، في 27 مايو (أيار)، من خلال مقطع فيديو، من احتمال إعدام مدني، وطالب متابعيه بالإعلان عن دعمهم لحملة "لا للإعدام" لهذا السجين وغيره من السجناء في إيران.
وقال محمود أميري مقدم، مدير منظمة حقوق الإنسان في إيران، سابقًا: "إن أحكام الإعدام في إيران، خاصة تلك المتعلقة بتهم مثل التجسس، تُصدر وتُنفذ دون مراعاة أي مبادئ للمحاكمة العادلة. هذه الإعدامات هي عمليات قتل خارج إطار القضاء، ولا ينبغي للمجتمع الدولي أن يظل غير مبالٍ تجاهها".
كما حذّر أوليفييه غروندو، الذي كان زميلًا سابقًا لبدرام مدني في السجن، في مقطع فيديو من احتمال إعدام مدني، وطالب بوقف فوري لأحكام الإعدام في إيران، قائلًا: "في هذا العالم، حتى القتل القانوني يجب ألا يكون موجودًا..."
في وقت سابق، في 30 أبريل (نيسان) الماضي، تم إعدام محسن لنكرنشين، سجين سياسي آخر، بتهمة مشابهة لتهمة مدني، في سجن "قزل حصار" في كرج.
وأثارت الزيادة في إعدام السجناء السياسيين خلال الأشهر الأخيرة موجة من الاحتجاجات الداخلية لدولية، وطالبت منظمات حقوق الإنسان مرارًا بوقف هذه الإعدامات ومراعاة مبادئ المحاكمة العادلة.
وفي إحدى هذه الاحتجاجات، تجمع عدد من عائلات السجناء السياسيين المحكومين بالإعدام في 20 مايو (أيار) في ساحة الحرية بطهران.
من ناحية أخرى، صدر العدد الأول من النشرة الإلكترونية "بامداد بيدار" في 20 مايو بهدف زيادة الوعي حول السجناء الذين تم إعدامهم والسجناء المحكومين بالإعدام في إيران.
ويتم إنتاج وإدارة محتوى هذه النشرة، التي تعد جزءًا من حملة "ثلاثاء لا للإعدام"، من قبل مجموعة من السجناء السياسيين في إيران.

في إطار استمرار ضغوط النظام الإيراني على البهائيين في إيران، واجه العشرات من التجار البهائيين المقيمين في شيراز استدعاءات وتحقيقات وتشكيل ملفات قضائية.
وفي الوقت نفسه، قامت السلطات الأمنية بتفتيش منازل 6 مواطنين في يزد ومواطن بهائي في شيراز، ومصادرة بعض ممتلكاتهم الشخصية.
ووفقًا للمعلومات التي وصلت إلى "إيران إنترناشيونال"، في مايو (أيار)، تم استدعاء ما لا يقل عن 20 تاجرًا بهائيًا إلى إدارة الأماكن العامة في شيراز للتحقيق، وتم فتح ملفات قضائية ضدهم بتهمة "الدعاية ضد النظام" بسبب إغلاق متاجرهم خلال الأعياد البهائية.
وقال مصدر مطلع لـ"إيران إنترناشيونال" بهذا الخصوص: "خلال الأسابيع الماضية، زار أشخاص قدموا أنفسهم كممثلين عن إدارة الأماكن العامة الوحدات التجارية المملوكة لمواطنين بهائيين في شيراز، وسألوهم عن معتقداتهم الدينية، وفي 18 مايو، تم استدعاؤهم إلى هذه الإدارة".
وأضاف المصدر أنه خلال جلسات التحقيق، أُبلغ هؤلاء المواطنون أن تهمتهم هي "الدعاية ضد النظام من خلال الترويج للبهائية"، وكان السبب المذكور هو إغلاق متاجرهم خلال أحد الأعياد الدينية البهائية.
قائمة تضم 400 شخص للاستدعاء
ووفقًا للمعلومات التي وصلت إلى "إيران إنترناشيونال"، تم استدعاء هؤلاء المواطنين لاحقًا إلى نيابة محكمة الثورة في شيراز، وتم تحديد كفالة بقيمة 400 مليون تومان لإطلاق سراحهم المؤقت حتى موعد المحاكمة.
وقال مصدر مطلع إنه في الأيام الماضية، تم تشكيل ملفات قضائية لنحو 20 مواطنًا بهائيًا في شيراز بهذه الطريقة؛ "قال المحقق إن هناك قائمة تضم أسماء حوالي 400 شخص، تم استدعاء عدد منهم حتى الآن، وهناك آخرون سيتم استدعاؤهم في المستقبل".
ووفقًا للتقويم البهائي، هناك تسعة أيام كل عام تُعرف باسم "الأيام المحرمة"، حيث يتوقف المواطنون البهائيون خلالها عن أعمالهم الإدارية والمالية والتجارية.
إن إغلاق وتعليق الوحدات التجارية البهائية وتشكيل ملفات قضائية ضدهم يتم في حين تنص المادة 28 من قانون النظام المهني في إيران على أن أصحاب الوحدات التجارية يمكنهم إغلاق متاجرهم أو وحداتهم التجارية لمدة تصل إلى 15 يومًا في السنة لأسباب دينية.
وقال مصدر مقرب من عائلات المواطنين البهائيين المقيمين في شيراز لـ"إيران إنترناشيونال": "في ظل الأزمة الاقتصادية الواسعة التي تواجهها البلاد، فإن الإجراءات الأمنية ضد التجار البهائيين تضيف ضغطًا إضافيًا عليهم. هذه الإجراءات جزء من سياسات التمييز المنظمة التي ينتهجها نظام الجمهورية الإسلامية ضد الأقليات الدينية، وخاصة البهائيين".
تفتيش منازل سبعة مواطنين بهائيين
ووفقًا للمعلومات التي وصلت إلى "إيران إنترناشيونال"، في يوم الأحد 25 مايو، دخل خمسة عناصر أمنيين بأمر قضائي منزل مهران دهقان منشادي، مواطن بهائي مقيم في شيراز، لتفتيشه. وبعد تفتيش المنزل بالكامل، صادر رجال الأمن جهاز لاب توب، وتابلت، وهارد (القرص الصلب)، وهواتف محمولة لأفراد العائلة، وجميع الكتب، والصور الدينية، والقلادات الذهبية التي تحمل رموزًا بهائية.
وأعلن رجال الأمن في النهاية أن هذا المواطن البهائي سيتم استدعاؤه إلى النيابة في الأيام القادمة.
كما ذكر موقع "هرانا" الحقوقي أنه في مساء 22 مايو، تم تفتيش منازل ستة مواطنين بهائيين مقيمين في يزد، وهم: رامين جيوه، وجمال قدير زاده، وقدرت ميرزايي، ومنوتشهر سبحاني، وفرخ شادبور، وطراز أميري، على يد عناصر وزارة الاستخبارات.
ووفقًا لهذا التقرير، قام رجال الأمن خلال تفتيش منازل هؤلاء المواطنين البهائيين بمصادرة بعض ممتلكاتهم الشخصية، بما في ذلك الكتب المتعلقة بالبهائية، والهواتف المحمولة، وأجهزة اللاب توب.
سكتة قلبية لسجين بهائي يبلغ من العمر 82 عامًا
وكتب مهدي محموديان، ناشط مدني وسجين سياسي، في رسالة من سجن إيفين، عن إصابة عطاء الله ظفر، سجين بهائي يبلغ من العمر 82 عامًا، بسكتة قلبية بعد تجاهل متكرر لاحتياجاته الطبية في السجن.
وأشار محموديان إلى أن ظفر، في 24 مايو، أصيب بسكتة قلبية بعد عدة زيارات إلى عيادة السجن، وتم نقله إلى المستشفى، وكتب: "حدث هذا الحادث في حين تم الإبلاغ عن حالته الصحية الوخيمة مرات عديدة من قبل محاميه، وزملائه في السجن، وحتى الأطباء، إلى المسؤولين القضائيين، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء فعال لعلاجه أو إيقاف تنفيذ الحكم".
وأضاف أن ظفر، في المرحلة الأولى من اعتقاله، تم إطلاق سراحه من السجن بعد تأكيد الطب الشرعي أنه غير قادر على تحمل العقوبة، لكنه بعد فترة قصيرة، وبضغط من الأجهزة الأمنية، أُعيد محاكمته وأعيد إلى السجن.
وفي حكم غريب، وعلى الرغم من تقدمه في السن وتدهور حالته الصحية، أعلن الطب الشرعي هذه المرة، تحت ضغط وزارة الاستخبارات، أنه قادر على تحمل العقوبة.
والبهائيون هم أكبر أقلية دينية غير مسلمة في إيران، وقد تعرضوا بشكل منهجي للاضطهاد والمضايقات منذ ثورة عام 1979.
وتكثفت ضغوط النظام على البهائيين في إيران خلال العام الماضي.
وتقول مصادر غير رسمية إن أكثر من 300 ألف مواطن بهائي يعيشون في إيران.
يذكر أن دستور الجمهورية الإسلامية يعترف فقط بالإسلام، والمسيحية، واليهودية، والزرادشتية كأديان رسمية.

يواصل سائقو الشاحنات والمركبات الثقيلة في عدد من المدن الإيرانية إضرابهم لليوم السادس على التوالي، احتجاجًا على الأوضاع المعيشية والمطالب النقابية غير المحققة.
ووفقًا للتقارير الواردة، لا يزال الإضراب مستمرًا في مدن مختلفة، من بينها كرمانشاه، فَريمان، وغيلانغرب، حيث عبّر السائقون عن احتجاجهم على مشكلات معيشية ومهنية مزمنة.
وقال أحد المواطنين، يوم الثلاثاء 27 مايو (أيار)، في مقطع فيديو أرسله إلى "إيران إنترناشيونال": "في الطريق الدولي بين بندر عباس ومدينة شيراز، لا تُرى أي شاحنات على الإطلاق".
وفي مقطع آخر، أرسله مواطن آخر من الطريق الدائري في أصفهان في اليوم ذاته، قال: "لا توجد أي مركبة ثقيلة على الطريق".
يُذكر أن الإضراب بدأ في 22 مايو (أيار)، ويأتي في إطار تحرك نقابي واسع من قبل السائقين للمطالبة بحقوقهم.
وأظهر مقطع فيديو آخر نُشر في 27 مايو، لافتةً نُصبت على أحد الجسور المخصصة للمشاة في طهران، تعبيرًا عن التضامن مع السائقين المضربين. وقد كُتب على اللافتة: "أيها السائقون الشجعان والمتحدون، إضراباتكم قد أنارت أملًا جديدًا لبداية احتجاجات شعبية واسعة. نحن معكم حتى النصر".
وفي بيان صدر مساء الاثنين 26 مايو، أعرب اتحاد نقابات سائقي الشاحنات في إيران عن تقديره لما وصفه بـ"التضامن اللافت" خلال اليوم الخامس من الإضراب، وأعلن انضمام آلاف السائقين إلى الإضرابات على مستوى البلاد.
وأضاف الاتحاد أن الإضراب شمل 125 مدينة، ومن المتوقع استمراره في يومه السادس.
وقد أثار هذا الإضراب موجة من الدعم الواسع في أوساط النشطاء السياسيين والمدنيين والفنانين.
وفي أحدث موقف داعم، أعربت كتايون رياحي، الممثلة الإيرانية التي سبق أن اعتُقلت ومُنعت من العمل بسبب دعمها لحركة "امرأة، حياة، حرية"، عن دعمها الكامل لإضراب السائقين، وكتبت على إنستغرام: "شرف إيران يُحمَل اليوم على أكتاف سائقي الشاحنات".
السائقون المضربون أكدوا أن احتجاجهم يأتي اعتراضًا على خفض حصة وقود الديزل، وارتفاع تكاليف التأمين، وانخفاض أجور الشحن، إلى جانب مطالب مهنية أخرى لم يتم تلبيتها.
وقد ردّت الأجهزة الأمنية الإيرانية على هذه الاحتجاجات بعنف واعتقالات، حيث تم توقيف عدد من السائقين.
وفي هذا السياق، أعلن مدعي عام محافظة أردبيل، الثلاثاء 27 مايو (أيار)، عن اعتقال شخص اتُّهم بـ"تهديد سائق شاحنة لأنه قام بنقل حمولة خلال الإضراب".
وفي وقت سابق، علّق رضا أكبرى، رئيس منظمة الطرق والنقل البري، على الإضراب قائلًا: "هناك قلة من السائقين تسعى إلى خلق توتر، وهذه الأفعال نتيجة تحريض من وسائل الإعلام المعادية من الخارج، والهدف هو تصوير الطرق الإيرانية كأنها غير آمنة".
وفي السياق ذاته، أصدرت نقابة عمال شركة حافلات طهران وضواحيها بيانًا يوم 26 مايو، أعربت فيه عن دعمها لإضراب سائقي الشاحنات، وأكدت أن "الإضراب والاحتجاج حق قانوني لجميع العمال، بما في ذلك السائقون".
وسلّط البيان الضوء على أبرز مطالب السائقين، مثل: توضيح أوضاع التأمين الصحي، تنفيذ التزامات الحكومة بدفع حصة التأمين للسائقين المستقلين، خفض عمولات مكاتب الشحن، وضع حد للفساد والتمييز في توزيع الشحنات.
وكان رضا بهلوي، ولي عهد إيران السابق، قد أعلن يوم 23 مايو دعمه للإضراب، واصفًا سائقي الشاحنات بأنهم: "أحد الأعمدة الحيوية للاقتصاد الإيراني".
وأضاف أن "احتجاجهم يعكس الألم المشترك لملايين الإيرانيين الذين عانوا طويلًا تحت وطأة الفساد وسوء الإدارة في إيران".

أفادت مصادر حقوقية بأن بدرام مدني، السجين السياسي المحكوم بالإعدام، قد نُقل من سجن إيفين في طهران إلى سجن قزل حصار بمدينة كرج، ويواجه خطر الإعدام الوشيك.
وأكد مهدي محموديان، الناشط المدني والسجين السياسي المحتجز حاليًا في سجن إيفين، أن مدني تم نقله يوم الأحد، 25 مايو (أيار)، دون إشعار مسبق، بذريعة نقله إلى الجناح 209 التابع لوزارة الاستخبارات، وذلك من قاعة رقم 1 في الجناح الرابع من سجن إيفين إلى سجن "قزل حصار".
وأشار حساب محموديان على "إنستغرام" إلى أن نقل مدني رافقته مؤشرات واضحة على اقتراب تنفيذ حكم الإعدام، مضيفًا: "والدة بدرام تلقت اتصالًا من السلطة القضائية طُلب منها فيه الذهاب إلى السجن للقاء الوداع الأخير".
وأوضح محموديان أن مدني قضى نحو خمس سنوات في السجن، وكان قد تلقى مرارًا وعودًا كاذبة من وزارة الاستخبارات ومنظمة استخبارات الحرس الثوري بشأن العفو أو إلغاء الحكم. حتى قبل أيام فقط، كان هو ومقربوه يعتقدون أن حكم الإعدام قد نُقض.
وأضاف محموديان أن مدني هو ثالث سجين يُنقل من قاعة رقم 1 في الجناح الرابع من سجن إيفين خلال شهر واحد لتنفيذ حكم الإعدام، معتبرًا ذلك مؤشرًا مرعبًا على تصاعد دائرة الإعدامات في صمت تام.
من جهتها، ذكرت منظمة حقوق الإنسان في إيران في تقرير لها يوم 25 مايو (أيار)، أن تنفيذ حكم الإعدام بحق مدني بات وشيكًا، ودعت مجددًا المجتمع الدولي إلى التعامل بجدية مع أزمة الإعدامات في إيران.
خلفية القضية
وتم اعتقال بدرام مدني في عام 2019 بتهمة "التجسس لصالح إسرائيل"، وصدر بحقه حكم بالإعدام بعد فترة قصيرة.
وبحسب منظمة حقوق الإنسان في إيران، فإن حكم الإعدام بحقه قد نُقض ثلاث مرات من قبل المحكمة العليا، ولكن في كل مرة كانت المحكمة المعادلة تصدر مجددًا نفس الحكم.
وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن السلطة القضائية تسعى هذه المرة إلى تنفيذ الحكم دون تأخير.
وقال محمود أميري مقدم، مدير المنظمة: "أحكام الإعدام في إيران، خاصة في القضايا المتعلقة بتهم مثل التجسس، تصدر وتُنفذ دون أدنى مراعاة لمعايير المحاكمة العادلة. هذه الإعدامات هي بمثابة عمليات قتل خارج نطاق القضاء، ولا ينبغي للمجتمع الدولي أن يلتزم الصمت إزاءها".
وكان محسن لنكرنشين، السجين السياسي الآخر، قد أُعدم في 30 أبريل (نيسان) 2025 في سجن "قزل حصار" بتهمة مماثلة لتلك الموجهة إلى بدرام مدني.
وبعد تنفيذ الحكم، أفادت وكالة ميزان، التابعة للسلطة القضائية الإيرانية، أن لنكرنشين كان متهمًا بـ"التعاون الاستخباراتي والتجسس لصالح إسرائيل"، وهو ما اعتبرته المحكمة بمثابة "محاربة الله وإفساد في الأرض".
تزايد الإعدامات والاحتجاجات
وشهدت الأشهر الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في تنفيذ أحكام الإعدام بحق سجناء سياسيين، ما أثار موجة من الاحتجاجات الداخلية والدولية، ودعت منظمات حقوق الإنسان مرارًا إلى وقف هذه الإعدامات وضمان محاكمات عادلة.
وفي أحد هذه التحركات الاحتجاجية، نظم عدد من عائلات السجناء السياسيين المحكومين بالإعدام وقفة احتجاجية في ميدان الحرية وسط طهران يوم الثلاثاء، 20 مايو (أيار).
من جهة أخرى، صدر العدد الأول من النشرة الإلكترونية "بامداد بيدار"، والتي تهدف إلى نشر التوعية حول السجناء الذين أُعدموا أو الذين يواجهون خطر الإعدام في إيران.
وتُدار هذه النشرة من قِبل مجموعة من السجناء السياسيين أنفسهم، في إطار حملة "ثلاثاء لا للإعدام" المستمرة.

في الأيام الأخيرة، تناولت وسائل الإعلام في إيران خبر اختفاء عدد من السجاجيد في متحف "مقدم"، كحلقة جديدة من سلسلة الأخبار المتعلقة باختفاء أو سرقة ممتلكات من التراث الثقافي القيّم، ما يسلّط الضوء مجددًا على استمرار هذا النمط المقلق.
ورغم إعلان مدير المتحف أن هذه السجادات لا تحمل قيمة تُذكَر لهواة الاقتناء، وأنها خُزّنت في مكان ما، فإن العدد الكبير من الحوادث المماثلة خلال العام الماضي وحده أدى إلى تشكيك النشطاء الإعلاميين في مجال التراث الثقافي بمصداقية هذا التبرير.
بداية السرقات بعد الثورة
يمكن تتبع القائمة الطويلة من المفقودات في المتاحف والمواقع التاريخية إلى الأيام الأولى التي أعقبت الثورة الإسلامية في عام 1979، حين قام الثوار بنهب ما رأوه ذا قيمة من قصور "سعد آباد" و"نياوران"، وتركوا ما لم يعتبرونه مهمًا مرميًا على الأرصفة.
ومنذ تلك الأيام وحتى السنوات الأخيرة، كان زوار قصر "سعد آباد" يفاجؤون عاما بعد عام بغرف تزداد فراغًا، لم يتبقَّ فيها سوى الجدران وبعض الكراسي، كشهود صامتين على سرقات متواصلة.
وخلال هذه الفترة، سُرِقت عشرات السجادات الثمينة من قصر سعد آباد، واختفت بعض القطع من متحف فرشجیان، وفُقِدت 21 قطعة من متحف الزجاج والسيراميك، وسرق أحد موظفي متحف "تخت جمشيد" لوحًا ذهبيًا من الحقبة الأخمينية وقام بصهره.
كما قامت بلدية طهران، دون أي إعلان، بنقل 30 لوحة فنية من متحف الإمام علي إلى دبي وبيعها هناك.
هذه الحوادث زعزعت ثقة الإعلاميين والكثير من المواطنين بالمؤسسات الحكومية التي يُفترض أنها الحارس الأمين لتراث إيران الثقافي.
تآكل الثقة في الأمانة العامة
هذا الانعدام في الثقة لا يبدو مستغرَبًا، فمع تزايد أخبار الفساد واختلاس مليارات التومانات، يصعب أن يثق الناس بمديرين تم تعيينهم ضمن منظومة الحكم ذاتها، حتى وإن كانت مسؤولياتهم لا تشمل إدارة المؤسسات المالية، بل الحفاظ على المتاحف والمعالم التاريخية.
لكن الفارق الجوهري بين اختلاس المال العام وسرقة الآثار التاريخية هو أن المال قد يُعوَّض مستقبلًا عبر إصلاحات سياسية أو نهضة اقتصادية، أما آثار كلوح ذهبي لخشایارشا أو قطع متحف الزجاج فهي وثائق فريدة لا يمكن تعويضها، كما يوضح ناصر تكمیل همایون، عالم الاجتماع والمؤرخ الإيراني.
الآثار التاريخية في إيران لا تواجه فقط خطر السرقة، بل ربما يتهددها خطر أكبر هو الإهمال في الحفظ أو حتى التدمير المتعمد، والذي غالبًا ما يتم بإشراف أو توجيه من مسؤولين كبار وصغار في الحكومة.
فمعظم المتاحف الإيرانية، بما في ذلك المتحف الوطني في طهران، تفتقر إلى الإمكانيات الأساسية لحفظ وحماية المقتنيات، حيث تُخزَّن العديد من القطع في مخازن رطبة وتُغلف بمواد غير مطابقة للمعايير.
نُشرت مؤخرًا تقارير عن تعرض بعض مقتنيات المتحف الوطني لمياه الأمطار التي تسربت إلى مخازنه.
كما أن العديد من القطع في المتاحف لا يُعيَّن لها أمناء خاصون، ما يجعلها عرضة للسرقة. هذه المشكلات، التي لا يتطلب حلّها سوى تخصيص مساحات مناسبة وتوظيف خبراء مختصين، تُظهِر بوضوح أن الحكومة تفضل تخصيص ميزانيات ضخمة لعشرات المؤسسات الأيديولوجية بدلاً من حماية إرث يمثل الهوية الثقافية للأمة.
ومن المشكلات الهيكلية في مجال المتاحف أيضًا طريقة تعيين المديرين، إذ يأتي كل مدير جديد ومعه فريق كامل من معاونيه، الذين يسعون لفرض سياسات جديدة، مما يقطع استمرارية عمليات الأرشفة والتوثيق والتصنيف الضرورية في المتاحف.
ويعلم خبراء المتاحف جيدًا أن غياب التوثيق المنهجي يُغري بعض الأشخاص للتلاعب بالسجلات وسرقة القطع من الأرشيف دون إثارة الشبهات.
النظرة الأيديولوجية تضر بالتراث
أحد الأسباب الرئيسية لعدم اهتمام السلطات في إيران بالتراث الثقافي والتاريخي هو النظرة الأيديولوجية لهذا الموضوع.
فمثلاً، أحد أكبر المشاريع التي دمّرت التراث العمراني كان خطة توسيع حرمي مشهد وشيراز وربطهما بشبكة شوارع حديثة، ما أدى إلى تدمير أجزاء من النسيج التاريخي لمدينة شيراز، وهو نسيج كان من الممكن ترميمه وتحويله إلى متحف مفتوح يعكس عمق تاريخ المدينة.
لكن السلطات السياسية والأمنية والدينية واصلت المشروع، رغم اعتراض نشطاء حماية التراث، غير آبهة بالخسائر الثقافية.
إضافة إلى ذلك، يتعامل بعض المسؤولين مع آثار ما قبل الإسلام على أنها أقل أهمية، في حين يفضلون التركيز على آثار ما بعد الإسلام، باعتبارها تعزز هوية النظام.
هذه الرؤية تُرسل رسالة واضحة إلى المجتمع مفادها أن سرقة الآثار أو إتلافها لا تثير اهتمام الحكومة، ما شجّع حتى على سرقة تماثيل الأسود الحجرية في المقابر أو نقرات الأبواب في القرى.
هوية بديلة للحكومة
بالنسبة للحكومة الإيرانية، الهوية الثقافية ليست تلك الممتدة عبر آلاف السنين من الحضارة، بل تلك التي تُعبّر عنها خطب الجمعة وتصريحات المسؤولين الدينيين، أما التراث العريق لإيران، فيُنظر إليه ككنز مركون في الزوايا، يمكن بيعه في أول فرصة.

أفادت وسائل إعلام إيرانية بأن إحسان باقري، قاضي المحكمة الجنائية في شيراز، قُتل صباح اليوم الثلاثاء 26 مايو (أيار) إثر تعرضه لهجوم نفذه شخصان مجهولان.
ووفق التقارير، كان باقري، الذي يشغل منصب رئيس الشعبة 102 للمحكمة الجنائية الثانية في شيراز، متجهاً إلى مقر عمله عندما تعرض للهجوم باستخدام سلاح أبيض أمام منزله.
وقال صدرالله رجايي نسب، رئيس السلطة القضائية في محافظة فارس، إن هذا الهجوم "عمل إرهابي"، مشيراً إلى أن شخصين اعترضا طريق القاضي وأقدما على "اغتياله بالسلاح الأبيض".
وأعلنت السلطة القضائية الإيرانية بدء "تحقيقات خاصة" حول مقتل القاضي البالغ من العمر 38 عاماً، مشيرة إلى أن باقري التحق بسلك القضاء عام 2011 كمتدرب، ثم عمل في مدينة دنا، وبعدها باشر مهامه كمحقق في نيابة شيراز منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 حتى مايو 2025، قبل أن يتولى رئاسة إحدى المحاكم الجنائية.
روايات متضاربة حول الهجوم
في وقت سابق من صباح اليوم، كانت وكالة "فارس" التابعة للحرس الثوري قد نقلت عن مصدر مطلع أن الهجوم تم "بإطلاق النار" من قبل "شخص مجهول" أثناء خروج القاضي من منزله.
لكن بعد ساعات، تغيرت الرواية، وذكرت وسائل إعلام أخرى أن الهجوم نُفّذ بسلاح أبيض وبمشاركة شخصين.
وفي تعليقه على الحادث، أمر غلام حسين محسني إيجه اي، رئيس السلطة القضائية، مسؤولي القضاء في محافظة فارس بـ"التحقيق في جميع أبعاد القضية"، والعمل على "توقيف ومحاسبة الفاعلين بأقصى سرعة".
يشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها قضاة في إيران لهجمات قاتلة؛ ففي يناير (كانون الثاني) 2025، قُتل القاضيان علي رازيني ومحمد مقيسه، من أعضاء المحكمة العليا، بإطلاق نار داخل قصر العدالة في طهران.