تشييع القادة القتلى.. وطرد الأجانب.. وحرب العدو الناعمة

تصدرت صور مراسم تشييع القادة العسكريين، الذين قُتلوا في الحرب مع إسرائيل، الصفحات الأولى للصحف الإيرانية الصادرة يوم الأحد 29 يونيو (حزيران)، بالإضافة إلى دعوات طرد العمالة الأجنبية، والحديث المتكرر عن غموض مصير المفاوضات النووية، وتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ووصفت صحيفة "آرمان ملي" الإصلاحية المراسم بـ "الوداع التاريخي"، وقالت صحيفة "آبرار" الأصولية: "كل تابوت هو وثيقة على المظلومية، وكل دمعة هى قسم بالانتقام"، كما صوّرت صحيفة "اسكناس" الاقتصادية، التوابيت باعتبارها: "راية العزة الإيرانية على أكتاف الشعب".
ووصفت صحيفة "جهان اقتصاد" الاقتصادية، المراسم بـ "قافلة الشجعان إلى أفق الحرية". وتحت عنوان "النهج العاشورائي من الثورة إلى التحرير" كتبت صحيفة "اقتصاد سر آمد" الاقتصادية: "كانت هناك مشاركة ملحمية من جانب الشعب، وقادة السلطات الثلاث، والمسؤولين، والعسكريين في مراسم تشييع شهداء العزة الوطنية". ووفق صحيفة "ستاره صبح" الإصلاحية: "هتف المشاركون في المراسم بشعارات الموت لأميركا، والموت لإسرائيل، ولا للتفاوض".
وفي الإطار نفسه كتبت صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد الإيراني، علي خامنئي: "إن أمة الإمام الحسين (عليه السلام) تقول لا يجب أن يبقى ترامب ونتانياهو أحياء". ووفق صحيفة "قدس" الأصولية: "فقد حوّل الحضور الكبير من شرائح الشعب المختلفة المراسم إلى مشهد مذهل من تضامن الأمة الإيرانية وثباتها في شهر محرم".
واستخلصت رئيس تحرير صحيفة "جمله" الإصلاحية، مليحة منوري، ثلاث رسائل من المشاركة الملحمية، وهي: "أن الشعب الإيراني لا يخاف تهديدات الأعداء، وتلاحم الشعب مع النظام، وتجديد البيعة لممثل الثورة".
وفي صحيفة "آرمان امروز" الإصلاحية، قال الكاتب الصحافي، علی دارابی: "لقد حملت المشاركة الملحمية للشعب في مراسم الوداع رسائل عديدة؛ حيث أظهرت مدى ترابط الشعب والمسؤولين في الدفاع عن وحدة البلاد وسيادتها واستقلالها".
وذكر الأستاذ الجامعي، جواد بخشی الموتی، في مقال بصحيفة "آكاه" الأصولية، أن "مراسم تشييع شهداء السيادة الوطنية في طهران، تجاوزت كونها مجرد طقس عزاء لتصبح رمزًا لعمق التلاحم الاجتماعي والتماسك الوطني. دماء هؤلاء الشهداء الطاهرة ليست مجرد رمز للتضحية الفردية، بل هي أيضًا تجسيد للهوية الجماعية والقيم الوطنية المشتركة".
وعلى صعيد آخر، أطلقت الصحف الإيرانية المختلفة حملة لفتح ملف ترحيل الأجانب، ودعت صحيفة "آرمان ملي" الإصلاحية إلى "طرد المهاجرين لتعزيز الأمن القومي". وبحسب صحيفة "أفكار" الإصلاحية، "فقد أثار الوجود الواسع وغير المنضبط والواسع لبعض الأجانب غير الشرعيين مخاوف في مجالات التوظيف، والأمن العام، والخدمات العامة. لكن يبدو، مع تدخل المسؤولين بجدية في هذا الملف، أن طريقًا جديدًا قد بدأ لتنظيم ومراقبة أكثر دقة للأجانب غير الشرعيين في العاصمة".
وفي هذا الصدد تناقلت الصحف تصريحات وزير الداخلية الإيراني، اسكندر مؤمني، والنائب العام، محمد موحدي آزاد، ومحافظ طهران، محمد صــادق معتمدیــان.
ونقلت صحيفة "آكاه" الأصولية، عن خبير سوق العمل، حميد نجف، قوله: "يعد تنظيم الأجانب، ومراقبة وجودهم أحد الأولويات المهمة في الحفاظ على الأمن والتنمية الاجتماعية المستدامة، ويتطلب تضافر جهود وزارة العمل والأجهزة المختلفة، بما في ذلك الداخلية، ومنظمة الهجرة الوطنية، والأجهزة الأمنية والشرطية، وغيرها من المؤسسات".
وفي السياق ذاته كتب الخبير الاقتصادي، رحمان سعادت، مقالاً بصحيفة "روزكار" الإصلاحية، وذكر فيه: "ارتكب بعض الأجانب في السنوات الأخيرة جرائم وأعمالاً خبيثة ضد إيران وشعبها، ووقفوا في الحرب الأخيرة في صف العدو ضد مصالح بلادنا. لذلك نحن بحاجة إلى رقابة استخباراتية عليهم. وقد أصبح من الضروري وضع برنامج منظم وجاد لدخولهم وخروجهم وإقامتهم".
والآن نقرأ المزيد من التفاصيل في الصحف التالية:
"كيهان": حرب الـ 12 يومًا كشفت حقائق مهمة
وصف الكاتب الإيراني، جعفر بلوري، في مقاله بصحيفة "كيهان" المقربة من خامنئي، حرب الـ 12 يومًا بين إيران وإسرائيل، بـ "الكاشفة للحقائق وخطوط التمايز السياسية في الداخل". وحذر من محاولات داخلية تهدف إلى إضعاف الوحدة الوطنية تحت غطاء مفاهيم مستوردة مثل ثنائية الشعب- الحكومة.
وأضاف: "تعرض التحشيد الشعبي الكبير والتماسك الوطني خلال الحرب، لمحاولات تشويه من بعض التيارات السياسية في الداخل". ووصف هذه المحاولات بـ "الحرب الناعمة التي يخوضها العدو، بعد فشله في الميدان العسكري".
وانتقد بشدة أصحاب الميول الغربية، متهمًا إياهم بمحاولة فرض سرديات تهدف إلى إضعاف الانتماء الديني، وفتح الباب أمام الانقسام عبر إثارة قضايا جانبية والتشكيك في وسائل الإعلام الرسمية. ودعا إلى محاسبة كل من يحاول شق الصف الداخلي، وتشويش الرأي العام بعد عبور المرحلة الطارئة. وأكد استمرار المواجهة بشقيها الإعلامي والديني حتى بعد توقف العمليات العسكرية.
"آرمان ملی": لا بد من التعامل الجاد مع مشروع الاختراق
في مقابلة مع صحيفة "آرمان ملی" الإصلاحية، دعا رئيس مركز التجارة العالمي الإيراني، محمد رضا سبز علي بور، إلى التعامل الجاد مع ما وصفه بمرحلة ما بعد الحرب، مشيرًا إلى أن التحديات بعد وقف إطلاق النار مع إسرائيل لا تقل أهمية عن أيام القتال نفسها.
وأضاف:" كانت الحرب محاولة مركبة لضرب القدرات النووية والعسكرية والاقتصادية الإيرانية، وشملت أيضًا حروبًا سيبرانية ونفسية وإعلامية".. مطالبًا "بمكافحة عناصر الاختراق الداخلي، إضافة إلى مراجعة أداء بعض الأجهزة التنفيذية والخدمية التي ظهرت ضعيفة خلال الأزمة".
وشدد على أهمية دعم الاقتصاد الوطني، معتبرًا أن "القوة الاقتصادية شرط رئيس لتعزيز نفوذ إيران على الساحة الدولية"، منتقدًا في الوقت ذاته ما وصفه بـ "التوجهات المتشددة لبعض الجهات، التي تستثمر الأزمات لتوجيه الانتقادات بدل المساهمة في الحلول".
"اعتماد": شعب حي.. لكنه جريح
تحدث الكاتب الإيراني، بيزن همدرسي، في مقال له بصحيفة "اعتماد" الإصلاحية، عن أهمية إحياء روح الشعب بعد انتهاء الحرب، وكتب: "عندما يحل الصمت محل الانفجارات، تبدأ تداعيات الحرب النفسية بالظهور".
وأضاف: "مجتمعنا، وإن بدا هادئًا على السطح، إلا أنه في أعماقه يعاني إرهاقًا روحيًا، وقلقًا جماعيًا، ونوعًا من السأم الخفي. هذا ليس ضعفًا، بل هو طبيعة الإنسان بعد مواجهة أزمات شديدة. الاكتئاب ما بعد الحرب ليس مجرد ظاهرة نفسية، بل هو إنذار اجتماعي؛ الناس بحاجة إلى تذوق طعم الحياة مرة أخرى".
وحمّل الفنانين، والشعراء، وصناع الأفلام، والمثقفين مسؤولية إحياء الأمل في نفوس الإيرانيين، وأضاف أن "تعزيز هذه الهوية لا يكون بالشعارات، بل بمنح معنى للمعاناة. حان الوقت لتشرق الروح الإيرانية بأمل مشروع، وإبداع ثقافي، وتيار روحي ينبض بالحياة".
وختم بقوله:" لا يجب أن ننسى: ما زلنا أحياء. ما زلنا نحب. ما زلنا نحب وطننا، وما زلنا نستطيع أن نرفع أيدينا إلى السماء، ليس بدافع اليأس، بل بروح الأمل والرجاء".