اليورانيوم المفقود والأحلام المتبددة.. لماذا أصبح النظام الإيراني أكثر خطورة الآن؟

رغم الضربات الواسعة التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية، حذر محللون أمنيون إسرائيليون من أن دوافع النظام الإيراني لامتلاك سلاح نووي لم تتراجع، بل ازدادت حدة.
رغم الضربات الواسعة التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية، حذر محللون أمنيون إسرائيليون من أن دوافع النظام الإيراني لامتلاك سلاح نووي لم تتراجع، بل ازدادت حدة.
عقب الهجمات المكثفة التي شنتها إسرائيل والولايات المتحدة على ثلاثة مراكز نووية رئيسية في إيران، دخلت التحذيرات بشأن طبيعة التهديد النووي الإيراني مرحلة جديدة.
وفي تقرير تحليلي نشرته صحيفة "إسرائيل هيوم" أفادت أنه رغم الدمار الواسع في منشآت "نطنز" و"فردو" و"أصفهان"، وفقدان البنية التحتية لأجهزة الطرد المركزي، لا يزال مصير أكثر من 400 كغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة مجهولاً، ولم تتمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو أجهزة الاستخبارات من تحديد مكانه.
آفنر فيلان، المسؤول الأمني الإسرائيلي السابق، حذر في التقرير من أن النظام الإيراني، بعد أن فقد قدراته التقليدية للردع مثل الوكلاء الإقليميين وترسانة الصواريخ، بات يعتبر السلاح النووي "الضمانة الوحيدة لبقائه".
وبحسب فيلان، فإن إيران قد تلجأ إلى بنى تحتية أصغر، وتقنيات مخزنة، وفرق سرية موازية، لتسريع مسارها نحو التسلح النووي.
تقديرات متضاربة
ورغم ادعاءات مسؤولين في الإدارة الأميركية حول "تدمير كامل للبرنامج النووي الإيراني"، تشير تقارير صور الأقمار الصناعية الصادرة عن معهد العلوم والأمن الدولي، برئاسة ديفيد ألبرایت، والتي تتوافق مع تقييمات الوكالة الدولية للطاقة الذرية والاستخبارات الإسرائيلية، إلى وقوع أضرار جسيمة في نطنز وفردو.
في منشأة نطنز، التي كانت تضم حوالي 18 ألف جهاز طرد مركزي، تعطلت معظم البنى التحتية السطحية وتحت الأرض. أما في فردو، فالمنشآت المحصنة تحت الأرض يُعتقد أنها تعرضت لأضرار كبيرة، رغم أن وسائل إعلام أميركية شككت في هذا التقييم.
كما أن منشأة معالجة اليورانيوم في أصفهان، والتي تُعد عنصراً أساسياً في دورة الوقود النووي، خاصة فيما يتعلق بإنتاج القنبلة، قد تعرضت لتدمير واسع، بما يشمل مباني تحويل اليورانيوم المعدني وتحويل "الكعكة الصفراء" إلى غاز.
وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها الأخير أن مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة و60 في المائة في هذه المواقع إما دُمّر أو لا يُعرف موقعه.
وفي مقابلة حديثة، حذر رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة، من أن إيران تستطيع خلال بضعة أشهر استئناف إنتاج اليورانيوم المخصب، مشيراً إلى أن طهران لا تزال تحتفظ بالمعرفة والخبرة والكوادر اللازمة لإحياء برنامجها النووي بسرعة.
وبدوره، أشار فيلان إلى أن اغتيال ما لا يقل عن 14 من الخبراء النوويين الإيرانيين في العمليات الأخيرة لا يلغي احتمال وجود فرق شبابية موازية قادرة على إعادة بناء برنامج الأسلحة النووية.
أين اختفى اليورانيوم المخصب؟
تقرير "إسرائيل هيوم" تطرق أيضاً إلى القلق من مكان وجود 400 كغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة. ويقول مسؤولون أميركيون إن جزءاً منها قد دُفن تحت الأنقاض أو لم يُستهدف أصلاً.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحدث عن "معلومات دقيقة" حول أماكن إخفاء هذه المواد، لكن الجيش الإسرائيلي رفض التعليق رسمياً.
في هذا السياق، قال سكوت ريتر، المفتش السابق للأسلحة في الأمم المتحدة، في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك" الروسية، إن الهجوم الإسرائيلي-الأميركي كان عملية منسقة تهدف إلى إلحاق أقصى ضرر بالقدرات النووية والعسكرية الإيرانية، لكنه أضاف أن النتيجة قد تكون تعزيز رغبة طهران في امتلاك السلاح النووي.
السلاح النووي كـ"وثيقة تأمين" للبقاء
ويرى ريتر أن النظام الإيراني، بعد أن فقد وكلاءه الإقليميين وترسانته الصاروخية، بات يرى في الأسلحة النووية "وثيقة التأمين الوحيدة" لبقائه.
وفي ختام التقرير، شدد المحلل الإسرائيلي على أن العملية ضد المنشآت النووية الإيرانية، رغم نجاحاتها، لم تُنهِ التهديد النووي، بل جعلته أكثر تعقيداً، نظراً لوجود دوافع جديدة وبنى تحتية ما زالت قائمة.
وأكد أن إسرائيل الآن بحاجة للاستعداد للمرحلة التالية من هذه المواجهة، والتي قد لا تقتصر على البنية التحتية، بل تشمل أيضاً فرقاً سرية، ومخزونات مخفية، ومعرفة فنية لدى جيل جديد من الخبراء الإيرانيين.