اليورانيوم المفقود والأحلام المتبددة.. لماذا أصبح النظام الإيراني أكثر خطورة الآن؟

رغم الضربات الواسعة التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية، حذر محللون أمنيون إسرائيليون من أن دوافع النظام الإيراني لامتلاك سلاح نووي لم تتراجع، بل ازدادت حدة.

رغم الضربات الواسعة التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية، حذر محللون أمنيون إسرائيليون من أن دوافع النظام الإيراني لامتلاك سلاح نووي لم تتراجع، بل ازدادت حدة.
عقب الهجمات المكثفة التي شنتها إسرائيل والولايات المتحدة على ثلاثة مراكز نووية رئيسية في إيران، دخلت التحذيرات بشأن طبيعة التهديد النووي الإيراني مرحلة جديدة.
وفي تقرير تحليلي نشرته صحيفة "إسرائيل هيوم" أفادت أنه رغم الدمار الواسع في منشآت "نطنز" و"فردو" و"أصفهان"، وفقدان البنية التحتية لأجهزة الطرد المركزي، لا يزال مصير أكثر من 400 كغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة مجهولاً، ولم تتمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو أجهزة الاستخبارات من تحديد مكانه.
آفنر فيلان، المسؤول الأمني الإسرائيلي السابق، حذر في التقرير من أن النظام الإيراني، بعد أن فقد قدراته التقليدية للردع مثل الوكلاء الإقليميين وترسانة الصواريخ، بات يعتبر السلاح النووي "الضمانة الوحيدة لبقائه".
وبحسب فيلان، فإن إيران قد تلجأ إلى بنى تحتية أصغر، وتقنيات مخزنة، وفرق سرية موازية، لتسريع مسارها نحو التسلح النووي.
تقديرات متضاربة
ورغم ادعاءات مسؤولين في الإدارة الأميركية حول "تدمير كامل للبرنامج النووي الإيراني"، تشير تقارير صور الأقمار الصناعية الصادرة عن معهد العلوم والأمن الدولي، برئاسة ديفيد ألبرایت، والتي تتوافق مع تقييمات الوكالة الدولية للطاقة الذرية والاستخبارات الإسرائيلية، إلى وقوع أضرار جسيمة في نطنز وفردو.
في منشأة نطنز، التي كانت تضم حوالي 18 ألف جهاز طرد مركزي، تعطلت معظم البنى التحتية السطحية وتحت الأرض. أما في فردو، فالمنشآت المحصنة تحت الأرض يُعتقد أنها تعرضت لأضرار كبيرة، رغم أن وسائل إعلام أميركية شككت في هذا التقييم.
كما أن منشأة معالجة اليورانيوم في أصفهان، والتي تُعد عنصراً أساسياً في دورة الوقود النووي، خاصة فيما يتعلق بإنتاج القنبلة، قد تعرضت لتدمير واسع، بما يشمل مباني تحويل اليورانيوم المعدني وتحويل "الكعكة الصفراء" إلى غاز.
وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها الأخير أن مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المائة و60 في المائة في هذه المواقع إما دُمّر أو لا يُعرف موقعه.
وفي مقابلة حديثة، حذر رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة، من أن إيران تستطيع خلال بضعة أشهر استئناف إنتاج اليورانيوم المخصب، مشيراً إلى أن طهران لا تزال تحتفظ بالمعرفة والخبرة والكوادر اللازمة لإحياء برنامجها النووي بسرعة.
وبدوره، أشار فيلان إلى أن اغتيال ما لا يقل عن 14 من الخبراء النوويين الإيرانيين في العمليات الأخيرة لا يلغي احتمال وجود فرق شبابية موازية قادرة على إعادة بناء برنامج الأسلحة النووية.
أين اختفى اليورانيوم المخصب؟
تقرير "إسرائيل هيوم" تطرق أيضاً إلى القلق من مكان وجود 400 كغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة. ويقول مسؤولون أميركيون إن جزءاً منها قد دُفن تحت الأنقاض أو لم يُستهدف أصلاً.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحدث عن "معلومات دقيقة" حول أماكن إخفاء هذه المواد، لكن الجيش الإسرائيلي رفض التعليق رسمياً.
في هذا السياق، قال سكوت ريتر، المفتش السابق للأسلحة في الأمم المتحدة، في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك" الروسية، إن الهجوم الإسرائيلي-الأميركي كان عملية منسقة تهدف إلى إلحاق أقصى ضرر بالقدرات النووية والعسكرية الإيرانية، لكنه أضاف أن النتيجة قد تكون تعزيز رغبة طهران في امتلاك السلاح النووي.
السلاح النووي كـ"وثيقة تأمين" للبقاء
ويرى ريتر أن النظام الإيراني، بعد أن فقد وكلاءه الإقليميين وترسانته الصاروخية، بات يرى في الأسلحة النووية "وثيقة التأمين الوحيدة" لبقائه.
وفي ختام التقرير، شدد المحلل الإسرائيلي على أن العملية ضد المنشآت النووية الإيرانية، رغم نجاحاتها، لم تُنهِ التهديد النووي، بل جعلته أكثر تعقيداً، نظراً لوجود دوافع جديدة وبنى تحتية ما زالت قائمة.
وأكد أن إسرائيل الآن بحاجة للاستعداد للمرحلة التالية من هذه المواجهة، والتي قد لا تقتصر على البنية التحتية، بل تشمل أيضاً فرقاً سرية، ومخزونات مخفية، ومعرفة فنية لدى جيل جديد من الخبراء الإيرانيين.

أطلق النظام الإيراني حملة واسعة من الاعتقالات بحق المواطنين، منذ بداية الحرب مع إسرائيل، من بينهم نشطاء مدنيون، ومواطنون يهود وبهائيون، وكذلك عدد من الأجانب داخل إيران.
وقد أفاد موقع "هرانا"، المعني بحقوق الإنسان في إيران، بأن ما لا يقل عن 1596 شخصًا قد اُعتُقلوا، خلال الأسبوعين الماضيين، على يد قوات الأمن في مدن إيرانية مختلفة.
وذكر الموقع في تقريره الصادر يوم الجمعة 27 يونيو (حزيران)، أن ما لا يقل عن 301 شخص قد اُعتقلوا من قِبل قوات الأمن التابعة للنظام الإيراني في مختلف المحافظات، بتهم سياسية، وبسبب نشاطهم على شبكات التواصل الاجتماعي. كما تم اعتقال 1295 شخصًا آخرين خلال هذه الفترة بتهم مثل "الإخلال بالأمن القومي".
وأشار إلى أن تفاصيل معظم التهم لا تزال غير معلنة، إلا أن تحليل الملفات المتوفرة يُظهر أن نحو 5 في المائة من الاعتقالات تمت بتهمة "دعم إسرائيل" من خلال نشر المحتوى، ونحو 3 في المائة بسبب "تضليل الرأي العام".
ومن بين التهم التي وُجهت إلى المعتقلين: "تضليل الرأي العام"، و"التعاون مع الموساد"، و"إعادة نشر صور للهجمات"، و"التعبير عن الأمل في إنهاء النزاع"، و"التجسس لصالح إسرائيل"، و"توجيه طائرات مُسيّرة صغيرة"، و"تهريب أسلحة"، و"الإخلال بالأمن القومي".
ويرى بعض النشطاء المدنيين أن هذه الحملة الواسعة من الاعتقالات ليست سوى تكرار للسياسة الفاشلة ذاتها، التي يعتمدها النظام الإيراني بعد كل فشل أمني.
وفي هذا السياق، قال الصحافي والناشط في مجال حقوق الإنسان، رضا أكوانيان، لقناة "إيران إنترناشيونال": "عندما يتعرض النظام الإيراني لضربة ما، ولا يتمكن من الرد عليها، ينتقم من الأبرياء المنتقدين. حياة آلاف السجناء السياسيين في خطر. يجب أن نُحذّر من خطر تنفيذ إعدامات جماعية يومية".
ومن ناحية أخرى، بلغ عدد الأجانب المعتقلين- من الأوروبيين إلى الأفغان- ما لا يقل عن 98 شخصًا، اعتُقلوا بتهم مثل "العبور غير القانوني" و"الانتماء إلى شبكات استخباراتية".
وشدد "هرانا" على أن العدد الكبير من الاعتقالات، وسرعة إصدار الأحكام المؤقتة، والتهديدات العلنية من قِبل السلطة القضائية في إيران، قد أثارت قلقًا كبيرًا بشأن احترام الحق في محاكمة عادلة. كما ذكرت عائلات عديدة أن المتهمين محتجزون في أماكن مجهولة، ودون السماح لهم بالحصول على محامٍ.
الاعتقالات الواسعة للمواطنين اليهود
أفادت معلومات حصلت عليها "إيران إنترناشيونال"، ببدء موجة جديدة وواسعة من اعتقال المواطنين اليهود في إيران، بتهمة "التعاون" مع إسرائيل.
ووفقًا لهذه التقارير، فقد داهمت قوات الأمن منازل اليهود في مدن، مثل طهران وشيراز وأصفهان، وقامت بتفتيش المنازل ومصادرة الهواتف المحمولة والمعدات الإلكترونية الخاصة بهم.
كما اُعتقل عدد كبير من هؤلاء المواطنين من قِبل قوات الأمن التابعة للنظام الإيراني؛ بسبب اتصالاتهم بأقاربهم في إسرائيل، ونُقلوا إلى السجون أو مراكز الاعتقال الأمنية.
وعلى الرغم من أن العدد الدقيق للمعتقلين لا يزال غير معروف، فإن أسماء عشرات المواطنين اليهود وردت ضمن قوائم المحتجزين.
البهائيون تحت القمع
أكدت تقارير، حصلت عليها "إيران إنترناشيونال"، أن القوات الأمنية التابعة للنظام الإيراني شنت مداهمات على منازل عدد من المواطنين البهائيين دون تقديم أوامر قضائية، خلال الأسبوعين الماضيين، واعتقلت عددًا منهم، ونقلتهم إلى أماكن مجهولة.
ومن بين البهائيين، الذين تعرّضت منازلهم للتفتيش أو تعرضوا للاعتقال: نازنين عابديني في قائم شهر، نويان حجازي في جويبار، آرمان نيك آيين وإيمان رحمت بناه في شيراز، كلريز نوراني في قزوين، وفريدة جابري في بوشهر.
وفي إحدى هذه الحالات، اقتحمت قوات الأمن منزل نازنين عابديني، وهي مدرّبة موسيقى للأطفال في قائم شهر، دون إذن قضائي، وبعد كسر باب المنزل، قامت باعتقالها ومصادرة أجهزتها الإلكترونية.
كما أفادت المعلومات بأن عناصر من وزارة الاستخبارات داهموا منزل كلريز نوراني في قزوين، وصادروا جميع كتبه العقائدية البهائية وأجهزته الإلكترونية.
وفي حديث لـ "إيران إنترناشيونال"، اعتبر مدير مركز توثيق حقوق الإنسان في إيران، شاهين ميلاني، أن اعتقال البهائيين بتهم من قبيل "التجسس لصالح إسرائيل" يُعدّ دليلاً على عجز النظام عن تحديد الجواسيس الحقيقيين.
وفي الوقت ذاته، وردت تقارير تفيد بأن عناصر وزارة الاستخبارات في أصفهان طلبوا من بعض المواطنين، تحت التهديد وباستخدام العنف، تقديم شهادات زور ضد البهائيين وتقديم شكاوى بحقهم.
وقال مصدر مطّلع مقرّب من البهائيين لـ "إيران إنترناشيونال": "تم استدعاء أكثر من 130 عائلة غير بهائية في مدن مختلفة إلى مقرات وزارة الاستخبارات، خلال هذه الفترة، ".
وبحسب هذا المصدر، فإن عناصر الاستخبارات أجبروا هؤلاء الأفراد، تحت تهديد شديد، ودون تقديم أي مستند قضائي، على الإدلاء باعترافات قسرية، وتقديم شكاوى كيدية ضد البهائيين.
اعتقال الأكراد
تعرض عدد من المواطنين الأكراد في مدن إيرانية مختلفة للاعتقال، خلال الأسبوعين الماضيين، وتم نقلهم إلى مراكز احتجاز أمنية أو إلى السجون.
وأفادت موقع "هرانا" الحقوقي، يوم الجمعة 27 يونيو، بأن ما لا يقل عن 17 مواطنًا من مدينة مهاباد اُعتقلوا في الأيام الأخيرة من قِبل القوات الأمنية للنظام الإيراني، دون تقديم أوامر قضائية وبأسباب غير معلنة، ونُقلوا إلى أماكن مجهولة.
وفي تقرير آخر، ذكر الموقع أن كيانوش جراغي، المواطن المعتقل في إيلام، بدأ إضرابًا عن الطعام منذ ثلاثة أيام؛ احتجاجًا على إصدار قرار احتجاز لمدة شهر دون توجيه تهمة أو إجراء تحقيق.
وأعربت المنظمة الحقوقية، يوم الخميس 26 يونيو، عن قلقها العميق إزاء موجة القمع الجديدة التي تلت إعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، وأشارت إلى أن "الأدلة الموثوقة تظهر تزايدًا حادًا في الاعتقالات التعسفية، والمحاكمات السرية، والتعذيب، وإصدار أحكام الإعدام".
وفي الأيام الأخيرة، اعتقلت القوات الأمنية عددًا من النشطاء الأكراد في مدينة نقده، من بينهم كاوه قادري، وأمين باشوكي، ورحمان خلخالي، وفرهاد كانادا، وسامان كاكة ممي، وسامان سيد محمودان، وتم نقلهم إلى أماكن مجهولة.
كما أفاد موقع "هنغاو" الحقوقي، يوم الجمعة 27 يونيو، بأن أربعة مواطنين أكراد، هم: ناصر إلياسي من مهاباد، وأيوب خسرو زاده من بوكان، وأميد عبدي خواه من سقز، وهيمن رنجبر من مريوان، اُعتقلوا من قِبل عناصر وزارة الاستخبارات ونُقلوا إلى أماكن غير معروفة.
ومن بين المعتقلين الآخرين: ميلاد رحيمي وهادي رحيمي (شقيقان من سقز)، وجلال خدا مرادي (ناشط بيئي في سنندج)، ورحمان مام إسماعيل ومحمد لطفي فر من مهاباد، وأيوب دار برزين من مريوان.
ووفقًا لتقرير "هنغاو" ونقلاً عن مصادر مطلعة، فقد تم استدعاء أيوب داربرزين هاتفيًا من قِبل قوات استخبارات الحرس الثوري بعد بضع ساعات من نشره "ستوري" على "إنستغرام" حول الحرب بين إيران وإسرائيل، وتم اعتقاله لاحقًا.
تفتيش هواتف الأفغان في إيران بحجة التعاون مع إسرائيل
أفادت مصادر من مدن مختلفة لـ "إيران إنترناشيونال" بأن القوات النظامية في إيران بدأت بعد وقف إطلاق النار بين النظام الإيراني وإسرائيل، حملة لمصادرة هواتف المهاجرين الأفغان بحجة "الاشتباه بالتعاون مع إسرائيل".
وبحسب هذه المصادر، تقوم القوات النظامية بمصادرة هواتف الأفغان في الأماكن العامة، وأيضًا تداهم أماكن عملهم، سواء بلباس رسمي أو مدني.
ويُمنح هؤلاء المهاجرون وصلًا باستلام الهاتف، ويُقال لهم إن بإمكانهم استرجاع أجهزتهم من مركز الشرطة المعني بعد عدة أسابيع.
وفي الفترة نفسها، تم استدعاء أو اعتقال عدد من النشطاء المدنيين والسياسيين من قِبل السلطات القضائية أو الأجهزة الأمنية للنظام الإيراني.
ومن بين المعتقلين: الناشطة الطلابية والمعتقلة السياسية السابقة، مطهره غونه ای، وعالم الاجتماع، مصطفى مهر آيين، واللذان اعتقلا بعد نشرهما انتقادات للحرب بين النظام الإيراني وإسرائيل.
وكتب مهرآيين، في رسالة موجهة إلى المرشد الإيراني، علي خامنئي ومسؤولين آخرين في النظام: "من الذي أعطاكم الحق أو الشرعية لتقودوا بلدنا، الذي هو إرث الأجداد والشهداء من أبناء هذه الأرض، نحو الهلاك؟".
العواقب القانونية وخطر إصدار أحكام قاسية
حذّر موقع "هرانا" الحقوقي، في جزء من تقريره، من العواقب القانونية لعمليات الاعتقال الواسعة والجهل بمصير عدد كبير من المعتقلين، مشيرًا إلى أن التقارير المتوفرة تؤكد أن العديد من "المتهمين المجهولين" يُحتجزون في أماكن غير معروفة.
وأشار الموقع إلى أن البرلمان الإيراني صادق مؤخرًا على مشروع قانون عاجل؛ لتشديد عقوبات "التجسس"، حيث صرّح مسؤولو النظام الإيراني بأن أقسى العقوبات ستُفرض على هذه الفئة من المتهمين.
كما نبّه "هرانا" إلى أن المحامين المستقلين فقدوا إمكانية الوصول إلى موكليهم، بسبب انقطاع الإنترنت وسرية الملفات، وهو ما زاد من المخاوف بشأن انتهاك الحق في المحاكمة العادلة.
وفي الأيام الماضية، أقرّ نواب البرلمان الإيراني مشروع قانون عاجلاً يهدف إلى تشديد عقوبة المواطنين المعتقلين بتهمة "التجسس".
وقال المتحدث باسم السلطة القضائية للنظام الإيراني، علي أصغر جهانغير: "لو أردنا محاكمة كثير من المعتقلين خلال الحرب مع إسرائيل وفقًا للقانون الحالي للتجسس، لكنا واجهنا قيودًا وموانع، لكن البرلمان منحنا حرية التحرك".
من جهة أخرى، وخلال الأسبوعين الماضيين، تم إعدام عدد من السجناء السياسيين في سجون النظام الإيراني، من بينهم إدريس عالي، وآزاد شجاعي، ورسول أحمد، ومجيد مسيبي، ومحمد أمين مهدوي شايسته،و إسماعيل فكري، ومجاهد كوركور.
كما ازدادت المخاوف بشأن تنفيذ أحكام الإعدام بحق سجناء سياسيين آخرين حُكم عليهم بالموت، من بينهم أحمد رضا جلالي، الطبيب والباحث الإيراني-السويدي، والذي نُقل مؤخرًا إلى مكان غير معروف بعد خروجه من سجن إيفين.
وقد قوبلت هذه التطورات بردود فعل واسعة واعتراضات من نشطاء مدنيين وحقوقيين، الذين حذروا من موجة إعدامات جديدة بحق مواطنين بتهم سياسية وأمنية في إيران.
ومن ناحيتها، حذّرت منظمة العفو الدولية من تصاعد خطر الإعدامات والتعذيب عقب حملة الاعتقالات الواسعة بحق المواطنين بتهمة "التعاون مع إسرائيل".
كما ذكرت المقررة الخاصة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في إيران، ماي ساتو، عبر منصة "إكس"، أنه "منذ بداية الهجمات الإسرائيلية، ترد تقارير مقلقة بشأن الاعتقالات التعسفية، وإعدامات بحق ناشطين وصحافيين ومستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي ومواطنين أفغان، إلى جانب محاكمات عاجلة ومجحفة تنتهك قواعد العدالة".
وفي السياق ذاته، علّقت المحامية الإيرانية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، شيرين عبادي، على الاعتقالات الواسعة بحق المواطنين بتهم مثل "التجسس، ودعم إسرائيل، وتضليل الرأي العام، والتعاون مع الموساد"، قائلة: "هل هؤلاء حقًا جواسيس؟".
وأكدت عبادي أنه يمكن الجزم بأن أيًا من هؤلاء ليس جاسوسًا، مضيفة: "الجاسوس الحقيقي هو من سلّم لإسرائيل مواقع ملاجئ قادة الحرس الثوري ومخابئ علي خامنئي.. هؤلاء ليسوا في الشوارع ولا على شبكات التواصل، بل داخل بنية السلطة ذاتها".
وفي خضم هذه التطورات، طالبت "الاتحاد الدولي للصحافيين" بالضغط على إيران لإيقاف ممارساتها القمعية ضد الصحافيين، وعمليات الاعتقال والاستدعاء التي تصاعدت منذ اندلاع الحرب بين النظام الإيراني وإسرائيل.
وختم موقع "هرانا" تقريره بالتأكيد على أن موجة الاعتقالات الأمنية الحالية وقيود الاتصال المفروضة تزيد من خطر انتهاك الحق في محاكمة عادلة.

بلغت عقود من التوتر الخفي بين إسرائيل وإيران ذروتها خلال حرب استمرت 12 يوماً، وهي حرب قد تغيّر وجه الشرق الأوسط جذرياً. فما عدد الهجمات التي نفذتها إسرائيل خلالها، وما الأضرار التي لحقت بإيران؟
مكاسب كبيرة
في أقل من أسبوعين، حققت إسرائيل مكاسب عملياتية كبيرة، من بينها:
* اغتيال العشرات من كبار المسؤولين الإيرانيين
* استهداف ثمانية منشآت نووية
* إلحاق أضرار جسيمة بمنظومة الصواريخ الإيرانية
وبحسب تقرير لقناة 12 الإسرائيلية، فقد استعرض التقرير العمليات الإسرائيلية داخل إيران وتفاصيلها:

ضرب منظومة الصواريخ
خلال هذه الأيام الـ12، شنت إسرائيل 1,480 هجمة على أهداف عسكرية داخل إيران، كما حلّقت طائراتها 1,500 مرة في الأجواء الإيرانية.
وأسقطت القوات الإسرائيلية ما يقرب من 3,500 شحنة من الذخائر والقنابل على الأراضي الإيرانية، وتركزت غالبية الضربات في العاصمة طهران، إلى جانب أهداف في غرب إيران، وبعضها في الشرق مثل مطار مشهد. كما نفذت إسرائيل 600 عملية تزويد بالوقود جويًا خلال هذه الفترة.
من أبرز أهداف إسرائيل، بحسب تصريحات بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء، تدمير منظومة الصواريخ الإيرانية، والتي وصفها بأنها "تهديد وجودي لإسرائيل".
ووفقاً للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، فقد تم تدمير نحو 260 منصة إطلاق صواريخ، أي ما يعادل أكثر من نصف عدد المنصات التي كانت بحوزة إيران.
كما شنت إسرائيل هجمات على 80 نظاماً للدفاع الجوي الإيراني.
الضربات على البرنامج النووي الإيراني
كان الهدف المحوري للحرب، شلّ برنامج إيران النووي، ومنعها من الاقتراب من القنبلة النووية.
وفقًا لمركز بيانات معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، فقد تم في الموجات الأولى من الهجمات استهداف المنشآت النووية الرئيسية في نطنز وأصفهان، بالإضافة إلى منشآت في أراك، بارجين، طهران، كرج وبناب.
ويعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن الضربة الأميركية كانت الضربة القاضية لبرنامج إيران النووي.
في تلك الضربة، ألقت قاذفات "بي-2" الأميركية 12 قنبلة خارقة للتحصينات من طراز "MOP" على منشآت "فردو" النووية، وقنبلتين مماثلتين على منشآت "نطنز".
وتُعتبر "فردو" و"نطنز" من أهم مراكز تخصيب اليورانيوم في إيران.
بحسب مصادر إسرائيلية، تعرضت منشآت فردو لأضرار جسيمة، فيما تم تدمير منشأة نطنز بالكامل.
كما أطلقت الولايات المتحدة عشرات من صواريخ كروز "توماهوك" على منشآت أصفهان النووية.
وصرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب قائلاً: "تم تدمير البرنامج النووي الإيراني بالكامل".
اغتيال شخصيات رئيسية في النظام الأمني
إلى جانب استهداف البرنامج النووي والصاروخي، شنت إسرائيل في اليوم الأول من الحرب (23 يونيو/حزيران)، ضربات أودت بحياة عدد كبير من كبار قادة الأمن والعلماء النوويين في إيران.
من بين القتلى:
* حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري
* محمد باقري، رئيس هيئة الأركان
* غلام علي رشيد، قائد مقر "خاتم الأنبياء"
* أمير علي حاجي زاده، قائد قوات الجو-فضاء بالحرس الثوري
وأفادت "دیده بان ایران" في 26 يونيو (حزيران) أن 30 قائداً رفيع المستوى في الحرس الثوري قُتلوا خلال الحرب، ومنهم:
1. مهدي رباني – نائب عمليات هيئة الأركان
2. میثم رضوان بور – نائب الشؤون الاجتماعية للبسيج
3. مجتبی معين بور – مساعد قائد في إقليم البرز
4. علي محمد مدد اللهی – مستشار في قوات الجو-فضاء
5. عباس نوري – نائب دعم القوات البرية
6. غلام رضا محرابي – معاون استخبارات الأركان
7. أمير مظفري نیا – قائد مركز الأسلحة الخاصة بوزارة الدفاع
8. محمد کاظمي – قائد استخبارات الحرس
9. محسن باقري – نائب استخبارات الحرس
10. محمد جعفر أسدي – نائب التفتيش في "خاتم الأنبياء"
11. محمد رضا نصیر باغبان – ممثل الاستخبارات
12. داوود شیخیان – قائد دفاع جوي
13. محمد باقر طاهر بور – قائد وحدة الطائرات المسيرة
14. مسعود شنعي – مدير مكتب القائد العام السابق
15. خسرو حسني – معاون استخبارات الجو-فضاء
16. منصور صفر بور – قائد قوات الجو-فضاء في طهران
17. أمیر بور جودکی – نائب قائد وحدة الطائرات المسيرة
18. مسعود طیب – أحد قادة الجو-فضاء
19. جواد جرسرا – أحد قادة الجو-فضاء
20. حسن محقق – نائب ثانٍ لاستخبارات الحرس
21. محمد سعيد ایزدي – قائد لواء فلسطين
22. محمد تقي يوسف وند – قائد حماية البسيج
23. مجتبی کرمی – نائب قائد الحرس في البرز
24. أکبر عنایتی – معاون اجتماعي في البرز
25. علي رضا لطفی – نائب رئيس استخبارات فراجا
26. بهنام شهریاری – قائد وحدة نقل السلاح بقوة القدس
كما قُتل أكثر من 10 من العلماء النوويين الكبار مثل فريدون عباسي ومحمد مهدي طهرانجي في الضربة الأولى.
لكن رغم هذا، لم تُصب القيادة السياسية العليا للنظام، إذ نقلت "القناة 12" أن إسرائيل كانت قادرة على استهداف علي خامنئي، إلا أن الرئيس ترامب عارض ذلك بشدة.
الهجمات الإيرانية على إسرائيل
رغم الإنجازات الإسرائيلية، دفعت إسرائيل ثمناً باهظاً، بحسب تقرير "القناة 12":
• 28 إسرائيلياً قُتلوا جراء القصف الإيراني، إضافة إلى امرأة توفيت بنوبة قلبية خلال إنذار جوي.
• 17 جريحاً بحالة خطرة، و29 إصابة متوسطة، و872 إصابة خفيفة.
• القتلى سقطوا في مدن منها: طمرة، ريشون لتسيون، رمات غان، بات يام، بتاح تكفا، بني براك، حيفا، كريات موتسكين، كريات آتا، بئر السبع.
أطلقت إيران 591 صاروخاً باليستياً على إسرائيل، معظمها في الأيام الثلاثة الأولى، وفق بيانات معهد الأمن القومي الإسرائيلي. وقد تم إطلاقها ضمن 38 موجة، و67 صاروخاً فقط وصل إلى الأراضي الإسرائيلية.
منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية أسقطت حوالي 90% من هذه الصواريخ.
وأُطلقت أيضاً أكثر من 1,050 طائرة مسيرة نحو شمال إسرائيل، تم إسقاط 99% منها.
25 منزلاً على الأقل باتت مهددة بالانهيار الكامل، وسُجل نحو 4,000 ملف تعويض للسيارات و4,000 أخرى للممتلكات.

بعد الغارات الجوية الأميركية على منشآت "فوردو" و"نطنز" وأصفهان النووية، يعبّر خبراء عن قلقهم من احتمال نقل إيران موادها النووية إلى مجمع "كوه كلنغ غزاله" شديد السرية، الذي يُقال إنه يقع على عمق يتجاوز مدى اختراق القنابل الأميركية.
وعندما سُئل رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، عن الأنشطة الجوفية في "كوه كلنغ غزاله"، تلقى ردًا قصيرًا وحادًا من الجانب الإيراني: "هذا الأمر لا يعنيكم".
ومع وجود منشأة غير قابلة للاختراق مثل "كوه كلنغ غزاله"، يُطرح التساؤل: هل يمكن بالفعل الاعتماد على تصريح دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة، بأن البرنامج النووي الإيراني قد تم "تدميره بالكامل" عقب الضربات التي شنتها القاذفات من طراز "B-2" بقنابل زنة 14 طناً على "فوردو" و"نطنز"؟ أم أن خطر حصول إيران على سلاح نووي لا يزال قائماً بقوة؟
نقل سري للمواد النووية
قبل الضربات الجوية الأميركية على منشأة "فوردو"، تم رصد 16 شاحنة خارج المنشأة النووية.
وقالت سيما شاين، الخبيرة في البرنامج النووي الإيراني والتي عملت لثلاثة عقود في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، لصحيفة "تلجراف"، إن النظام الإيراني نقل جزءاً كبيراً من اليورانيوم المخصب قبل قصف الولايات المتحدة إلى موقع سري.
وأضافت أن لدى إيران مواقع سرية تحتوي على "مئات وربما آلاف" من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة القادرة على تخصيب اليورانيوم إلى مستويات تسليحية.
وبحسب "تلجراف"، قد يكون "كوه كلنغ غزاله" هو أفضل ملاذ لهذه الأنشطة.
ويقع هذا المجمع الضخم على بُعد 145 كيلومترًا جنوب "فوردو" وعلى مسافة قصيرة من منشأة "نطنز" النووية في محافظة أصفهان.
عمق لا يمكن اختراقه
المنشأة المعنية، والتي لا تزال قيد الإنشاء، تم تعزيزها وتوسعتها سراً خلال السنوات الأربع الماضية.
وفي أبريل (نيسان)، صرّح غروسي بأنه "لا يمكن استبعاد" استخدام هذه الأنفاق لتخزين مواد نووية غير معلنة.
وتتميز قمة "كوه كلنغ غزاله" بارتفاع يبلغ 1608 أمتار، أي أعلى بنسبة تفوق 50 في المائة من قمة جبل فوردو (960 متراً). هذا الارتفاع يوفر حماية أفضل ومساحة أكبر للأنشطة النووية تحت الأرض.
في حين أن منشأة "فوردو" تحتوي على مدخلي نفق، فإن "كوه كلنغ غزاله" يتضمن أربعة مداخل، اثنان في الجهة الشرقية للجبل واثنان في الجهة الغربية.
الأهم من ذلك أن الغرف تحت الأرض في هذا المجمع تقع على عمق يزيد على 100 متر تحت سطح الأرض، مقارنة بعمق يتراوح بين 60 إلى 90 متراً في فوردو، ما يمنحه حماية أكبر بكثير.
محدودية القنابل الأميركية
لضرب مواقع تحت الأرض مثل "فوردو"، تستخدم الولايات المتحدة القنبلة GBU-57 التي تخترق حتى 60 متراً. ومع أن القنابل الضخمة زنة 14 طناً استُخدمت ضد "فوردو"، إلا أن بلوغ الأهداف المدفونة في عمق "كوه كلنغ غزاله" سيكون تحدياً كبيراً.
وقال راؤول مارك جرِخت، الباحث البارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، لصحيفة "تلجراف": "المجمع الجوفي في "كوه كلنغ غزاله" هو على الأرجح موقع الأسلحة النووية الخاص بنظام رجال الدين، والذي قد لا تتمكن حتى القوة الجوية الأميركية من تدميره، حتى باستخدام أكبر قنابلها".
استراتيجية التوزيع والتشتت
تشير تقييمات استخباراتية إلى أن إيران اعتمدت استراتيجية التشتت، حيث وزعت قدراتها النووية بين عدة مواقع لتأمين استمرار البرنامج في حال وقوع هجوم.
وقد قامت طهران خلال السنوات الأخيرة بتثبيت نحو ستة آلاف جهاز طرد مركزي متطور في منشآت متعددة، كثير منها خارج نطاق وصول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وترى "مؤسسة العلوم والأمن الدولي" أن إيران قد تخبئ آلاف أجهزة الطرد المركزي المتقدمة داخل المجمع النَفَقي الجديد في "كوه كلنغ غزاله"، مما يتيح لها مواصلة التخصيب سراً حتى في حال تدمير المنشآت المعروفة.
احتمال التوجه نحو إنتاج قنبلة نووية
يحذّر محللون من أنه إذا واجهت إيران تهديداً وجودياً مباشراً، فقد تتخلى عن التزاماتها المعلنة بالاستخدام السلمي للطاقة النووية وتتجه بسرعة نحو إنتاج سلاح نووي.
ووفقًا لتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حتى السابع من مايو (أيار) 2025، كانت إيران قد راكمت 408.6 كغم من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 في المائة، وهو ما يمثل زيادة بمقدار 133.8 كغم عن تقرير شهر مارس (آذار).
وكان بعض النواب المتشددين في البرلمان الإيراني قد دعوا مسبقًا إلى صنع قنبلة نووية.
وقال النائب أحمد نادري: "أنا أعتقد أنه علينا إجراء اختبار لقنبلة نووية. لا يوجد خيار آخر أمامنا".

كشفت المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران عن الفجوة بين الطموحات المعلنة للصين وقدرتها الفعلية على التأثير في تطورات الشرق الأوسط.
فرغم أن بكين تُعد أكبر مشترٍ للنفط الإيراني الخاضع للعقوبات، وتصف علاقاتها مع طهران بأنها "شراكة استراتيجية شاملة"، فإنها اكتفت حتى الآن ببيانات إدانة للهجمات الإسرائيلية على إيران، دون اتخاذ خطوات ملموسة.
ووفقًا لتقرير مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، فقد حمّلت بكين المسؤولية لإسرائيل، متجاهلة في الوقت ذاته انتهاكات إيران لالتزاماتها في مجال عدم الانتشار النووي، والتهديدات المتكررة التي توجهها طهران ضد وجود تل أبيب.
أصابع الاتهام نحو إسرائيل
دعّمت الصين، خلال السنوات الأخيرة، البرنامج الصاروخي الإيراني وقدمت الدعم العسكري والمعلوماتي لجماعة الحوثي في اليمن، أحد أبرز وكلاء إيران في المنطقة، لكنها في تصريحاتها العلنية حمّلت إسرائيل وحدها مسؤولية التصعيد الحالي.
فقد وصف سفير الصين لدى الأمم المتحدة، فو كونغ، الهجمات الإسرائيلية الأولى بأنها "انتهاك لسيادة إيران وأمنها وسلامة أراضيها".
وفي السياق ذاته، كتبت صحيفة "تشاينا ديلي"، المقربة من الحزب الشيوعي الخاكم في الصين، أن جذور النزاع الحالي تعود إلى رفض إسرائيل "كبح جماح آلة الحرب لديها" بعد هجوم حركة "حماس" في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
وطالبت بكين مرارًا، الولايات المتحدة الأميركية بالتدخل لاحتواء التوتر في المنطقة، مما يعكس عجز الصين عن لعب دور مباشر في النزاع بين إيران وإسرائيل.
وبعد مرور ثلاثة أيام على بدء الهجمات، دعت وزارة الخارجية الصينية الدول التي "لها نفوذ خاص على إسرائيل" إلى اتخاذ خطوات للتهدئة.
وصف البرنامج النووي الإيراني بـ "السلمي"
منذ اندلاع الأزمة، وصفت الصين البرنامج النووي الإيراني بأنه "سلمي"، رغم أن تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية تشير إلى انتهاكات عديدة من قِبل طهران لالتزاماتها الدولية في مجال منع انتشار الأسلحة النووية.
وأكد فو كونغ رفض بلاده أي عمل عسكري يستهدف "منشآت نووية سلمية"، مشددًا على ضرورة احترام حقوق إيران بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT).
أما مندوب الصين لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لي سونغ، فقد جدد دعم بلاده لمنطقة "خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط".
وفي المقابل، أكدت الوكالة الدولية أن إيران تمتلك حاليًا كمية من اليورانيوم المخصب تكفي لصنع نحو تسع قنابل نووية، مع الإشارة إلى ضعف التعاون من جانب طهران.
الحديث عن الوساطة دون خطوات عملية
تسعى الصين إلى نزع الشرعية عن الهجمات الإسرائيلية، من خلال وصفها البرنامج النووي الإيراني بأنه سلمي.
وأدانت منظمة شنغهاي للتعاون، المدعومة من الصين، الهجوم الإسرائيلي على "أهداف مدنية" في إيران، واعتبرته "انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي".
وبهذا الموقف، سعت الصين إلى إظهار إدانتها لإسرائيل على أنها جزء من إجماع دولي أوسع.
كما حمّل المسؤولون الصينيون الهيكل الأمني الأميركي مسؤولية تفاقم الأزمة، واعتبروا أن الحل الوحيد يكمن في الدبلوماسية، التي تقودها بكين.
ومع ذلك، فإن الرئيس الصيني شي جين بينغ اكتفى بتصريح عام دعا فيه إلى التهدئة من قِبل جميع الأطراف، دون تقديم أي مبادرة ملموسة لحل الأزمة، مما يعكس الهوة الكبيرة بين طموحات الصين السياسية وقدرتها الفعلية على الأرض.
الامتناع عن استخدام النفوذ الاقتصادي ضد طهران
تستورد الصين نحو 90 قي المائة من صادرات النفط الإيرانية، ما يعني أنها تموّل قرابة 20 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الإيراني، وهو ما يمنحها ورقة ضغط مهمة.
ورغم ذلك، امتنعت بكين عن استخدام هذا النفوذ، سواء عبر خفض واردات النفط أو تعليق المشاريع المشتركة، تجنبًا لتحمل أي تكلفة اقتصادية مباشرة.
ونتيجة لذلك، يبقى نفوذ الصين العملي محدوداً للغاية؛ فلم تستجب لا إسرائيل ولا إيران لدعوات الصين للعب دور فعال في التوصل إلى وقف إطلاق النار.
ويُظهر هذا الوضع أن بكين، في لحظات الأزمات، تفتقر إلى أدوات فعالة للتأثير في مجريات الصراع.

مع اتساع نطاق انقطاع الإنترنت في إيران، حذّر عدد من نشطاء التواصل الاجتماعي من أن قمع النظام لا يقتصر على حجب المعلومات فحسب، بل يعوق أيضًا تلقي التحذيرات الأمنية من الجيش الإسرائيلي بشأن إخلاء المناطق المستهدفة، ما يُعرّض حياة المدنيين للخطر الشديد.
وكتب أحد المستخدمين على منصة "إكس": "يعني الآن قطعتم الإنترنت، هل هذا منع إسرائيل من القصف؟ أو هل تمكنتم من إسقاط طائراتها الدفاعية؟ فقط قوتكم على شعبكم، حتى بنك فشلتم في إدارته".. في إشارة إلى الهجوم السيبراني الأخير من قِبل مجموعة "العصفور المفترس"، الذي أدى إلى تعطيل بنك "سبه"، إضافة إلى مشاكل في عمل بنوك أخرى.
وذكر مستخدم آخر: "قطعتم الإنترنت حتى لا يرى الناس أخبار الإخلاء التي ينشرها الجيش الإسرائيلي. أغلقتم الإنترنت على شعبكم حتى يكونوا لحمًا للمَدافع من أجل خامنئي".
وأضافت مستخدمة تُدعى "ماريا": "قطعتم الإنترنت حتى لا يعرف الناس متى وأين يُخلى المكان، وليرتفع عدد القتلى.. من يملك الطائرات المُسيّرة متصل بالإنترنت الفضائي، ولا يحتاج شبكتكم أصلاً".
وغرّد مستخدم يُسمى "بنجامين" قائلاً: "أليس من المثير أن خامنئي يقطع الإنترنت كلما اقترب من السقوط؟ ما الذي يخيف (الحكومة الشعبية) من شعبها؟".
وفي المقابل، دافعت صحيفة "همشهري"، التابعة لبلدية طهران، عن قطع الإنترنت، وذكرت أن هذا الإجراء أدى إلى تقليل رؤية "قنوات مناهضة للثورة"، وتقييد إرسال الصور إلى الخارج، و"تعطيل أنشطة الأعداء".
انتقادات لـ "امتياز الإنترنت" ووجود "الجيش السيبراني" التابع للنظام
أعرب عدد من المستخدمين عن استيائهم من "امتيازات الإنترنت" في إيران، مشيرين إلى أن الشخصيات المرتبطة بالنظام وأعضاء "الجيش السيبراني" ما زالوا يتمتعون بوصول غير منقطع إلى الإنترنت، وزادت أنشطتهم بشكل ملحوظ.
وكتبت مستخدمة تُدعى "مريم" على "إكس": "حجم الرسائل الداعمة للنظام زاد بعد قطع الإنترنت، وهذا يُظهر أن النظام لا يهدف من القيود إلا إلى إسكات المعارضين والمنتقدين".
وقال مستخدم آخر يُدعى "سهيل": "الناس ليس لديهم إنترنت، لا بد من قطع الإنترنت عن السيبرانيين أيضًا؛ حتى لا يزعجونا أكثر".
وتساءل آخر يُدعى "مسعود": "كيف يمكن لشخصيات، مثل محمد جواد ظريف (مستشار الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية السابق ووزير الخارجية الأسبق)، ومحمد جواد آذري جهرمي (وزير الاتصالات السابق)، ورضا رشيد بور (منتج فني إيراني)، أن يواصلوا نشاطهم على "إكس" في ظل قطع الإنترنت العام".
وكان ظريف قد صرّح، يوم الأربعاء 18 يونيو (حزيران)، بأن حسابه على "إكس" تم تقييده، وكتب مخاطبًا مالك المنصة، إيلون ماسك: "لماذا حُذفت العلامة الزرقاء من حسابي وتم تقييده؟ تحديدًا في وقت يحتاج فيه العالم لمعرفة الحقيقة أكثر من أي وقت مضى؟".
وقد أثار نشر هذا التصريح بالتزامن مع انقطاع شامل للإنترنت في البلاد موجة من الانتقادات من قِبل المستخدمين؛ حيث كتب أحدهم: "من قطع الإنترنت عن 90 مليون إيراني للمرة الثانية، يبكي الآن؛ لأنه فقد العلامة الزرقاء!".