فخلال أكثر من أسبوعين، شهدت مناطق متفرقة من إيران انفجارات وحرائق غامضة، طالت مجمعات سكنية، ومصافي نفط، وحتى طرقًا قرب مطارات ومصانع أحذية، جميعها اندلعت فيها النيران في ظروف مريبة.
وعلى الرغم من أن كثيرًا من المواطنين الإيرانيين ينسبون هذه الحوادث إلى هجمات إسرائيلية، فإن المسؤولين في النظام الإيراني أصرّوا على تفسيرها بأنها مجرد حوادث عرضية بسبب تسرب غاز، أو حرق نفايات، أو اشتعال أعشاب، أو تهالك البنية التحتية.
لكن خلف الأبواب المغلقة، قال ثلاثة مسؤولين من النظام- أحدهم من الحرس الثوري- للصحيفة الأميركية، إنهم يعتقدون أن العديد من تلك الحوادث كانت نتيجة "تخريب متعمد".
ووفقًا للتقرير، رغم أن للنظام الإيراني "أعداءً كثر"، فإن المصادر الحكومية اعتبرت إسرائيل المشتبه به الأول، مشيرة إلى سجلها المعروف في تنفيذ عمليات سرّية داخل إيران، مثل التفجيرات والاغتيالات.
وتزايدت هذه الشكوك بشكل خاص بعد تعهد أحد كبار المسؤولين في الاستخبارات الإسرائيلية بمواصلة العمليات في إيران حتى بعد نهاية الحرب التي استمرت 12 يومًا.
وأكد مسؤول أوروبي مطّلع على الملف الإيراني أن الهجمات تحمل طابعًا تخريبيًا، وعزاها إلى إسرائيل بناءً على سجل عملياتها السابقة داخل الأراضي الإيرانية.
وقال إن إسرائيل قد تنفّذ هذه الهجمات إما في إطار "حرب نفسية" أو "لاستهداف شخصيات بعينها".
ولم تقدّم سلطات النظام حتى الآن تفسيرًا مقنعًا علنيًا للحرائق المتزايدة، التي يُرجعها الخطاب الرسمي إلى تسربات غاز. وقد وصلت وتيرة هذه الحوادث المشبوهة إلى واحدة أو اثنتين يوميًا في أنحاء إيران.
بعض الحوادث وقعت في مواقع بنى تحتية حساسة؛ مثل الحريق الذي اندلع يوم 19 يوليو (تموز) في مصفاة نفط كبرى بمدينة عبادان، وأسفر عن مقتل شخص، وإصابة عدد آخر، وتعطيل أحد خطوط الإنتاج.
كما وقعت انفجارات في مجمعات سكنية ومصانع، ما زاد من أجواء الفوضى وعدم الاستقرار.
كانت بعض التفجيرات شديدة القوة إلى حد أنها خلفت أعمدة دخان كثيفة، وتسببت بانهيار جدران وأسقف.
في مدينة قم، لحقت أضرار جسيمة بأحد المباني وكأن قنبلة انفجرت فيه؛ جدران الطابق الأرضي انهارت، والنوافذ تحطمت، وسيارة أجرة صفراء كانت مركونة في الشارع سُحقت تحت الأنقاض.
وغطّت قوة الانفجار- الذي أدى إلى إصابة سبعة أشخاص- الحي المحيط بأكمله بالحطام.
وكشف اثنان من المسؤولين الإيرانيين للصحيفة أن المبنى المنفجر على الأرجح استُخدم من قِبل "عملاء ميدانيين تم استئجاره من قِبل جهة ما"، حيث قاموا بفتح صمامات غاز الموقد والفرن قبل مغادرة الموقع، وكأن الهدف إشعال حريق.
وفي حادثة مشابهة محتملة، وقع انفجار في مجمع سكني شاهق بمنطقة جيتكر في طهران، وهو مخصص لسكن موظفي السلطة القضائية للنظام.
وقد تسبب الانفجار في تدمير الجدران والنوافذ، وقال ثلاثة من مسؤولي النظام إنهم يعتقدون أن الهدف من الهجوم "نشر الرعب في صفوف القضاة والمدعين العامين"، وشبهوه بالهجمات الإسرائيلية السابقة على خبراء البرنامج النووي الإيراني.
وصرّح أحد أعضاء الحرس الثوري لـ "نيويورك تايمز" أن "عدد وشدة هذه الانفجارات شبه اليومية، حتى وإن كانت بعض الحالات حوادث فعلية، تؤدي إلى تنامي مشاعر القلق لدى المسؤولين وكذلك بين عامة الناس".
وبحسب هذه المصادر، يتجنّب النظام الإيراني الحديث العلني عن احتمال ضلوع إسرائيل، لأنه "لا يريد أن يُجبر على الردّ عليها".
تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل تنفّذ منذ سنوات عمليات سرّية داخل إيران، من تفجيرات وهجمات بالطائرات المسيّرة، إلى اغتيالات استهدفت أفرادًا ومنشآت نووية وعسكرية.
بالمقابل، ردّت طهران بمهاجمة سفن إسرائيلية في الخليج، وقصفت منشآت في العراق مرتبطة بإسرائيل، ودعمت فصائل مسلّحة كحماس في غزة ماليًا وعسكريًا.
ورفض المسؤولون الإسرائيليون التعليق على التقرير، لكن جهاز الاستخبارات "الموساد" أعلن بوضوح أنه سيواصل العمليات داخل إيران حتى بعد إعلان وقف إطلاق النار.
وفي بياناته العلنية، يحاول النظام الإيراني أن ينسب أسباب هذه الحرائق إلى عوامل غير أمنية.