إلى جانب مهسا أميني، الوجه الأكثر شهرة للحركة على المستوى الدولي، ترسخت أسماء مثل نيكا شاكَرَمي، حديث نجفي، سارينا إسماعيل زاده، محسن شكاري، محمد حسيني وغيرهم في الذاكرة الجماعية للإيرانيين. هؤلاء الذين يتذكرهم الشعب الإيراني بأسمائهم الأولى.
كل واحد من هؤلاء الشباب مثّل بُعدًا من المجتمع: نساء طالبن بحق تقرير مصير حياتهن، مراهقون خاطروا بمستقبلهم، أطفال مثل كيّان بيرفلك ذي العشرة أعوام الذي قُتل بالرصاص، وشباب أُعدموا فقط لأنهم وقفوا إلى جانب النساء.
"مهسا، لن تموتي... اسمك سيصبح رمزًا"
اندلعت الاحتجاجات الواسعة في سبتمبر (أيلول) 2022 بعد مقتل مهسا أميني، المرأة الكردية البالغة من العمر 22 عامًا، التي اعتقلتها شرطة الآداب في 14 سبتمبر (أيلول) 2022.
وقد تعرضت مهسا لإصابات خطيرة أثناء احتجازها، وتوفيت في 16 سبتمبر (أيلول) في المستشفى.
وتحول اسمها إلى الشعار الرئيسي للاحتجاجات، وانتشرت صورتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي واللافتات الاحتجاجية داخل إيران وخارجها.
لقد تركت براءتها ووفاتها المأساوية أثرًا عميقًا على الشعب الإيراني، وجعلتها الرمز الأبرز لحركة لم تنهض من أجل الإصلاحات فحسب، بل من أجل مستقبل مختلف تمامًا.
نيكا شاكَرَمي، المراهقة المتمرّدة
نيكا شاكرَمي، البالغة من العمر 16 عامًا، اختفت بعد مشاركتها في احتجاجات طهران في الأيام الأولى من الانتفاضة.
وثّق مقطع فيديو لها وهي واقفة على سلة قمامة، تُشعل حجابها وسط هتافات "الموت للديكتاتور".
وبعد عشرة أيام، سُلِّم جثمانها لعائلتها في ظروف مريبة. السلطات أعلنت أنها "سقطت من مبنى"، لكن عائلتها رفضت هذا الادعاء وأكدت وجود آثار ضرب وتعذيب على جسدها.
وفي مايو (أيار) 2024، أفاد تقرير لـ"بي بي سي وورلد" أن نيكا تعرضت لاعتداء جنسي قبل أن تُقتل.
وكانت شاكرمي معروفة بإبداعها وشغفها بالفن (الشعر، الرسم والموسيقى)، وكانت تحلم بالغناء الاحترافي.
أما حياتها القصيرة والمليئة بالشغف والجرأة فقد جعلتها رمزًا لتحديات جيل الشباب الإيراني في سعيه نحو الحرية.
حديث نجفي.. الصوت الذي أُسكت
حديث نجفي، شابة في الـ22 من عمرها، قُتلت في احتجاجات كرج بعد أن أصيبت بعدة رصاصات في الوجه والرقبة والصدر والبطن واليد. وقد فُرض على عائلتها إعلان أنها "توفيت وفاة طبيعية".
وكانت حديث ناشطة على "تيك توك" و"إنستغرام"، تشارك لحظات حياتها اليومية.
وفي مقطع فيديو قبل موتها، قالت: "أريد حين أنظر بعد سنوات إلى الماضي أن أشعر بالسعادة لأنني شاركت في الاحتجاجات".
وذكرت والدتها في مقابلة مع "إيران إنترناشيونال" أن ابنتها خرجت لتشارك في التظاهرات حدادًا على مهسا أميني ورفضًا للحجاب الإجباري.
وقالت لوالدتها قبل خروجها من المنزل إنها تأمل أن تنظر يومًا ما إلى الوراء بفخر لأنها ساهمت في التغيير.
سارينا إسماعيل زاده.. المراهقة الباحثة عن الحرية
سارينا إسماعيل زاده، فتاة في الـ16 من كرج، كانت مراهقة ذكية وفضولية.
أحبت الطبخ، موسيقى الكي-بوب، وصناعة مقاطع الفيديو المبهجة لقناتها على يوتيوب وتيك توك.
في أحد مقاطعها، تساءلت: "ماذا يريد الناس من بلدهم؟ رفاهية، رفاهية، رفاهية. لا شيء آخر. لماذا لست مثل تلك المراهقة في نيويورك التي لا تقلق بشأن الحجاب الإجباري أو الأزمات الاقتصادية؟"
مزيجها من الفكاهة والموسيقى والوعي السياسي جعل منها رمزًا قويًا لشجاعة وطموحات جيل زد في إيران.
مهرشاد شهيدي.. الشاب المحبوب في أراك
مهرشاد شهيدي، الطاهي الشاب البالغ من العمر 19 عامًا، توفي تحت التعذيب بالهراوات في معتقل تابع للحرس الثوري بمدينة أراك، قبل يوم واحد من عيد ميلاده العشرين. وقد أُجبرت عائلته على إعلان أن سبب الوفاة "سكتة قلبية".
وشارك آلاف الأشخاص في جنازته، مردّدين شعارات مناهضة للنظام.
كان مهرشاد، إلى جانب دراسته في الضيافة وعمله طاهيًا في مطعم محلي، رياضيًا بارعًا حصد ميداليات في الجمباز، الكرة الطائرة والسباحة.
لم يُحاكم قاتلوه، بل هُدِّدت عائلته بأنه في حال أقاموا مراسم عامة سيُدمَّر قبره، وهو قبر لا يزال مقصداً للعديد من المواطنين.
شكاري وحسيني.. الموت عقوبة الصمود
محسن شكاري (23 عامًا) ومحمد حسيني (39 عامًا) كانا من أوائل المعتقلين الذين حُكم عليهم بالإعدام في محاكم الثورة، ونُفذ الحكم بحقهم.
قُتلوا بهدف نشر الرعب، لكن موتهم تحول إلى صيحة احتجاج جديدة.
كان شكاري عامل مقهى وعازف جيتار عصامي، اعتُقل خلال احتجاج في طهران.
أما حسيني، بطل الفنون القتالية والعامل في مزرعة دواجن، فقد اعتُقل بعد مشاركته في مراسم إحياء ذكرى حديث نجفي في كرج، حيث قُتل ثلاثة متظاهرين آخرين برصاص قوات الأمن.
وقد اتهمتهم السلطات بمهاجمة عناصر البسيج، لكنهم أنكروا ذلك. وأكدت منظمات حقوقية أن اعترافاتهم التلفزيونية انتُزعت تحت التعذيب.
وكشف إعدامهما مجددًا الثمن البشري الباهظ لهذه الحركة: أناس عاديون وقفوا في وجه قمع غير مسبوق، ودفعوا حياتهم ثمنًا لذلك.