بعد الجفاف في طهران وكرج.. مخزون سدود "مشهد" يتراجع إلى أقل من 3 في المائة

علن المدير العام لشركة المياه والصرف الصحي في مدينة مشهد، ثاني أكبر مدن إيران من حيث عدد السكان، أن مخزون مياه السدود التي تغذي المدينة تراجع إلى أقل من ثلاثة في المائة.

علن المدير العام لشركة المياه والصرف الصحي في مدينة مشهد، ثاني أكبر مدن إيران من حيث عدد السكان، أن مخزون مياه السدود التي تغذي المدينة تراجع إلى أقل من ثلاثة في المائة.
وقال حسين إسماعيليان، في مقابلة مع وكالة "مهر" التابعة لمنظمة الدعاية الإسلامية، يوم الأحد 9 نوفمبر (تشرين الثاني): "إن مخزون مياه سدود مشهد انخفض حاليًا إلى أقل من ثلاثة في المائة، ورغم أن استهلاك المياه ينخفض نسبيًا في فصل الشتاء، فإن الوضع الراهن يُظهر أن ترشيد الاستهلاك لم يعد مجرد توصية، بل أصبحت ضرورة ملحّة".
وأشار إلى الانخفاض الحاد في كميات الأمطار مضيفًا أن "إجمالي الهطول المسجل في مدينة مشهد حتى الآن بلغ 0.4 ملليمتر فقط، في حين كان هذا الرقم العام الماضي نحو 27 إلى 28 ملليمترًا، بينما يبلغ المعدل طويل الأمد في الفترة نفسها نحو 14 ملليمترًا".
وأضاف أن "قلة الهطول هذه تعكس الوضع المقلق لموارد المياه في شمال شرق البلاد".
وخلال الأسابيع الماضية، ومع تفاقم أزمة المياه وعجز الحكومة البنيوي عن إدارة الموارد، حاول عدد من مسؤولي النظام الإيراني تحميل المواطنين مسؤولية الأزمة من خلال الإشارة إلى "نمط استهلاكهم"، فيما لجأ آخرون إلى الدعوة لإقامة "صلاة الاستسقاء" وتوجيه "نصائح أخلاقية".
وكان وزير الطاقة الإيراني، عباس عليآبادي، قد أعلن يوم الأحد 9 نوفمبر، انقطاع المياه ليلًا في أنحاء مختلفة من البلاد، داعيًا المواطنين إلى تركيب خزانات منزلية لتخزين المياه.
غير أن توفير تكلفة شراء وتركيب هذه الخزانات ليس ممكنًا لجميع المواطنين، كما كانت تقارير سابقة قد أشارت إلى ارتفاع أسعار هذه المعدات بسبب توصيات الحكومة بشرائها.
تحميل المسؤولية للمواطنين
أكد المدير العام لشركة المياه والصرف الصحي في "مشهد"، في تصريحاته، أن الأولوية القصوى في الظروف الحالية هي "الترشيد وإدارة الاستهلاك من قِبل السكان، حتى يمكن تجاوز الشهر أو الشهرين المقبلين دون انقطاع في إمدادات المياه، ريثما تُرجى هطولات محتملة في نهاية العام".
وأوضح إسماعيليان أن "الاستهلاك اليومي للمياه في مشهد يبلغ حاليًا نحو ثمانية آلاف لتر في الثانية، ولا يُؤمَّن منها سوى ما بين ألف وألف وخمسمائة لتر في الثانية من السدود".
وأضاف أنه "إذا تمكن المواطنون من خفض استهلاكهم بنسبة نحو 20 في المائة، فسيكون بالإمكان إدارة الوضع من دون الحاجة إلى التقنين أو قطع المياه".
ومن جانبه، قال حسن حسيني، مساعد محافظ "مشهد": "إن خطة تقنين المياه قيد الدراسة، وإذا استمر انعدام الهطول، فسيبدأ تطبيق التقنين الإقليمي قبل نهاية فصل الخريف".
ورغم التحذيرات المتكررة من الخبراء على مدى سنوات طويلة، فإن المسؤولين الإيرانيين بدلاً من الاستثمار في البنى التحتية وتنميتها، انشغلت ببناء السدود وحفر الآبار العميقة، مختزلة الأزمة في مسألة انخفاض معدلات الهطول.
كما ذهب بعض المسؤولين ذوي التوجهات الأيديولوجية والخرافية إلى ربط الجفاف ومشكلات المياه بـ "مقاومة المواطنين للحجاب الإجباري".

قال نائب رئيس لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني، فرهاد شهرَكي، في حديث لوسائل الإعلام المحلية، إن الميزانية المخصّصة لاستيراد البنزين لهذا العام قد نفدت خلال الأشهر الأولى، مضيفًا أن الحكومة لم يعد لديها أي عملات أجنبية لشراء البنزين.
وأوضح شهرَكي، يوم السبت 8 نوفمبر (تشرين الثاني)، أن هذا الوضع دفع الحكومة إلى التفكير في رفع سعر البنزين، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن "هذا الموضوع لم يُطرح في البرلمان، ولم تُستشر فيه لجنة الطاقة حتى الآن".
وأضاف أنه "من المحتمل أن تشهد بطاقات الوقود الحرة في محطات البنزين تعديلًا في الأسعار بهدف ترشيد الاستهلاك"، مؤكّدًا أن "الحكومة لا تحتاج إلى إذن من البرلمان لرفع سعر البنزين".
ولكنّ المتحدثة باسم الحكومة، فاطمة مهاجراني، أعلنت يوم الثلاثاء 4 نوفمبر الجاري، أن الحكومة لم تتخذ بعدُ أي قرار بشأن رفع سعر البنزين المدعوم، وسيستمر بيعه بالأسعار الحالية.
وكان الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، قد صرّح في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بأنه "لا يوجد أي تردّد في مسألة رفع سعر البنزين".
وخلال الأسابيع الماضية، ظهرت تقارير عن خطط الحكومة لرفع أسعار الوقود. وأكّد عضو لجنة الاقتصاد في البرلمان الإيراني، حسين صمصامي، يوم الجمعة 7 نوفمبر، أن نظام التسعير الثلاثي للبنزين قد أُقرّ في اجتماع رؤساء السلطات الثلاث.
وبحسب قوله، سيُباع البنزين وفق الخطة الجديدة على النحو التالي: 60 لترًا الأولى بسعر 1500 تومان للّتر، و100 لتر الثانية بسعر 3000 تومان، وما زاد على ذلك حتى 160 لترًا بسعر 5000 تومان للّتر الواحد.
وكان النائب في البرلمان الإيراني، إبراهيم رضائي، قد حذّر في وقت سابق من أن "الحديث المتزايد عن رفع سعر البنزين قد يكون بالغ الخطورة"، مؤكدًا أنه "يجب توخّي الحذر حتى لا تتكرر كوارث الماضي".
وجدير بالذكر أن رفع أسعار البنزين، في نوفمبر 2019، أدّى إلى اندلاع احتجاجات واسعة في أنحاء البلاد، واجهتها قوات الأمن بقمع دموي، ما أسفر- وفق التقارير- عن مقتل ما لا يقل عن 1500 شخص واعتقال آلاف آخرين.
وفي سياق تبرير الزيادة الجديدة، قال محمد جعفر قائم بناه، المساعد التنفيذي للرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، إن "كل لتر من البنزين يكلّف الحكومة 34 ألف تومان، في حين تبيعه بـ 1500 أو 3000 تومان فقط".
لكنّ تحقيقات "إيران إنترناشيونال"، في بيانات المصافي، أظهرت أن التكلفة الحقيقية تبلغ 25 ألف تومان فقط، منها نحو 3500 تومان تكلفة إنتاج البنزين، دون احتساب سعر المواد الخام، أي أقلّ بنحو 90 في المائة من الرقم الذي أعلنته الحكومة.

ذكرت مصادر أنه تم إطلاق سراح 6 طلاب معتقلين من جامعة بوعلي سينا في مدينة همدان، شمال غرب إيران، بكفالة مالية، كانوا قد اعتُقلوا في 11 أكتوبر الماضي، خلال تجمع احتجاجي ضد وجود عناصر من ميليشيا "الحشد الشعبي" العراقية في الجامعة، بعد شهر من احتجازهم في سجن الوند بالمدينة.
وذكرت نشرة طلابية تابعة لجامعة "أمير كبير"، يوم السبت 8 نوفمبر (تشرين الثاني)، أن الطلاب المُفرج عنهم هم: مهرداد سيفي، أميد كرمي، مهرداد طهماسبي، عباس حسيني، محمد رسول حيدري، ومرتضى باصره بين.
وأضافت النشرة أن قيمة الكفالة لكل طالب من هؤلاء الستة بلغت مليار تومان (ما يعادل تقريباً 10 آلاف دولار أميركي).
ونقل التقرير، عن "مصدر مطّلع"، أن بعض عائلات الطلاب رفضت دفع الكفالات المطلوبة، ما أدى إلى الإفراج عن بعضهم مقابل تقديم كشوفات رواتب بدلاً من الكفالة المالية.
كما أفادت النشرة بأن التحقيق في قضايا هؤلاء الطلاب لا يزال جاريًا في الفرع الخامس من النيابة العامة ومحكمة الثورة في همدان.
وكان قد أُفيد سابقًا بأن تينا درويشي، وبكاه بابي، وعلي رضا قربي، وهم ثلاثة طلاب آخرين من الجامعة نفسها، قد اعتُقلوا أيضًا خلال تلك الاحتجاجات، لكنهم أُفرج عنهم لاحقاً بكفالة. وبحسب أحد المقربين من المعتقلين، فإن معظم الطلاب اعتقلتهم شرطة الأمن، بينما تم اعتقال علي رضا قربي في منزله على يد قوات استخبارات الحرس الثوري.
وقد نُظّم احتجاج يوم 11 أكتوبر الماضي اعتراضًا على "التحرش بطالبة إيرانية من قِبل طالب عراقي"، وكذلك على قرارات الجامعة بقبول طلاب من الجنسية العراقية. وأعرب المحتجون عن قلقهم مما وصفوه بـ "التهديد الأمني الناتج عن وجود بعض الطلاب المرتبطين بجماعات عسكرية أجنبية"، وطالبوا إدارة الجامعة بتوضيحات.
وأشارت النشرة إلى أن الطلاب يرون أن عددًا كبيرًا من هؤلاء الطلاب الأجانب ينتمون إلى ميليشيا الحشد الشعبي العراقية.
وقبل أحداث 11 أكتوبر الماضي، كان قد نُظم احتجاج آخر في 6 أكتوبر من قِبل طلاب الجامعة أنفسهم؛ حيث أظهرت مقاطع فيديو حصلت عليها "إيران إنترناشيونال" أن الطلاب شاركوا إلى جانب بعض المواطنين في تظاهرة ضد "وجود طلاب عراقيين من الحشد الشعبي، ومضايقاتهم للفتيات الطالبات"، مطالبين بطردهم من الجامعة.
وفي السنوات الأخيرة، ارتفع عدد الطلاب العراقيين في إيران إلى عشرات الآلاف. وتشير التقارير إلى أن ما بين خمسة وعشرة آلاف منهم قد حصلوا على منح دراسية من مؤسسات عسكرية وشبه عسكرية مثل الحرس الثوري الإيراني وميليشيا الحشد الشعبي، بهدف تعزيز الروابط الأيديولوجية مع النظام الإيراني.

أكد رئيس اتحاد صناعة المياه في إيران، رضا حاجي كريم، أن الوضع المائي في طهران يتدهور بشكل متسارع، محذرًا من أن الأزمة في العاصمة "أخطر" مما أعلنه الرئيس مسعود بزشكيان، و"أشد رعبًا" من الإحصاءات الرسمية.
وقال حاجي كريم، في مقابلة مع موقع "ديده بان إيران" نُشرت يوم السبت 8 نوفمبر (تشرين الثاني): "الواقع أن وضع المياه في طهران يبعث على القلق بقدر ما حذّر منه الرئيس بزشكيان، وربما أكثر"، مضيفًا أن "هذا التحذير جاء متأخرًا للغاية".
وكان الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، قد حذّر، يوم الخميس 6 نوفمبر الجاري، من أنه في حال لم تهطل الأمطار خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، فسيتم تقنين المياه في طهران، وإن استمر الجفاف "فسيكون من الضروري إخلاء العاصمة".
وأشار حاجي كريم إلى "الانخفاض الحاد في منسوب المياه الجوفية في العاصمة"، موضحًا أن "62 في المائة من مياه طهران تُستمد من مصادر جوفية و38 في المائة من مصادر سطحية، وهذه الأخيرة إما نفدت أو على وشك النفاد".
كما شكّك في صحة الإحصاءات الرسمية المتعلقة بمخزون سدود طهران قائلًا: "القول إن متوسط المخزون في سدود العاصمة يبلغ خمسة في المائة فقط غير دقيق، والواقع أكثر رعبًا مما تعلنه الأرقام الرسمية".
وفيما تحدّثت بعض وسائل الإعلام الإيرانية عن بدء تقنين غير رسمي للمياه في طهران، قال حاجي كريم: "كان ينبغي البدء بهذا الإجراء منذ وقت طويل. طالبنا مرارًا في اجتماعاتنا مع مسؤولي قطاع المياه ببدء تقنين مياه طهران في وقت أبكر، رغم أن لذلك تبعاته الخاصة".
وأوضح أن المقصود بالتقنين هو "قطع المياه، على غرار الكهرباء، في ساعات محددة من اليوم وبحسب المناطق".
وبالتزامن مع تفاقم أزمة المياه في العديد من المحافظات الإيرانية، أعلن المدير العام لشركة مياه طهران، محسن أردكاني، أن وضع المياه في العاصمة "أحمر ومقلق".
حلول قصيرة الأمد غير ممكنة التطبيق
تُطرح حاليًا مجموعة من الحلول لمعالجة أزمة المياه، مثل استخدام أنظمة إعادة تدوير المياه، وتغيير أنماط الاستهلاك، وتطبيق أدوات ترشيد الاستخدام، والتعليم العام، وتقليل استهلاك المياه في الزراعة.
وقال رئيس اتحاد صناعة المياه: "إن هذه الحلول غير قابلة للتنفيذ على المدى القصير، لكن بعضها يمكن أن يعطي نتائج خلال بضعة أشهر"، موضحًا أنه "يمكن مثلًا إعادة تدوير مياه الصرف في المناطق المزدحمة لاستخدامها في المساحات الخضراء أو أبراج التبريد أو المراحيض، كما يمكن في المدى المتوسط مراجعة السياسات الزراعية للحد من استهلاك المياه في هذا القطاع".
وأضاف أن "الحل النهائي يتمثل في منع استخدام 30 مليون متر مكعب من مياه طهران في البناء أو الاستعمالات غير الضرورية. مياه الشرب لا ينبغي أن تُستخدم في المراحيض، ولا يجوز أن يُستهلك 1.8 مليار متر مكعب من المياه في الزراعة داخل محافظة طهران".
فشل سياسة نقل المياه
أعلنت الحكومة الإيرانية، في الأشهر الأخيرة، نيتها نقل المياه من مناطق أخرى إلى طهران، غير أن حاجي كريم أكد أن "سياسة نقل المياه فاشلة في الأساس".
وأوضح قائلًا: "للأسف، يظن بعض المسؤولين أن هذا المشروع سينقذ طهران، لكن منطقة طالقان نفسها تعتمد على الأمطار. فعندما لا تهطل الأمطار في طالقان، لن يكون هناك ما يملأ السد، وقد بات سد طالقان اليوم مهددًا بالجفاف الكامل".
انتقادات للبنية التحتية المتهالكة للمياه في طهران
أثار تحذير بزشكيان بشأن تقنين المياه في طهران، وإخلاء العاصمة، في حال عدم هطول الأمطار في ديسمبر المقبل، موجة انتقادات في وسائل الإعلام، بما فيها تلك المحسوبة على معارضي الحكومة.
وفي أحدث رد، وجّه مؤسس "مجمع الناشطين الاقتصاديين" في إيران، حامد باك طينت، انتقادًا إلى بزشكيان عبر منشور على "إنستغرام"، جاء فيه: "بدلاً من عقد اجتماعات عقيمة مع هيئة الأرصاد والاعتماد على المطر، ابحثوا عن 200 مليون دولار من تحت الأرض، خذوها من ميزانية أحد هذه المراكز الثقافية عديمة الفائدة، وأنفقوها على تجديد شبكة الأنابيب المتهالكة في طهران".
وفي أغسطس (آب) الماضي، قال مدير قسم الزلازل في مركز أبحاث الطرق والإسكان والتنمية الحضرية، علي بيت اللهي: "إن نحو 40 في المائة من شبكة مياه الشرب في البلاد قديمة ومتهالكة فعليًا". وأضاف أن "30 في المائة من الانهيارات الأرضية الكبرى ناجمة عن انفجار أنابيب المياه وتسرب كميات كبيرة منها".
ووفقًا لتقرير صادر عن وزارة الطاقة الإيرانية، العام الماضي، فإن حجم تسرب المياه والمياه غير المحصلة في البلاد يبلغ نحو 1.9 مليار متر مكعب سنويًا، وهو ما يعادل استهلاك نحو 26 مليون إيراني من سكان المدن.
ويُقدّر حجم المياه المهدورة في طهران، جراء تسرب الشبكات، بنحو 130 مليون متر مكعب، أي ما يعادل تقريبًا ضعفي حجم مياه بحيرة "تشيتغَر" الصناعية.
وعلى مدى عقود، انشغل النظام الإيراني ببناء السدود وحفر الآبار العميقة بدلاً من الاستثمار في البنى التحتية، متجاهلاً تحذيرات الخبراء، ومُرجعًا أزمة المياه إلى قلة الأمطار.
وفي المقابل، عمد بعض المسؤولين إلى تبرير الجفاف ومشكلات المياه بخطابات خرافية وأيديولوجية، معتبرين أن "تفشي ظاهرة السفور وخلع الحجاب" هو السبب وراء شحّ الأمطار.

شهدت العاصمة الإيرانية طهران إقامة احتفال حكومي للكشف عن تمثال جديد، وكان من اللافت للنظر غياب شرطة الأخلاق وانعدام القيود على ملابس النساء المشاركات، إذ لم يُفرض الحجاب الإجباري على الحاضرات، في مشهدٍ يعكس تناقضًا مع التشدد المتزايد للنظام الإيراني.
وأُقيم الحفل الحكومي، مساء الجمعة 7 نوفمبر (تشرين الثاني)؛ للكشف عن التمثال الجديد في ساحة "انقلاب" بطهران تحت عنوان "ستركعون مجددًا أمام الإيرانيين"، دون فرض أي قيود تتعلق بالملبس أو الحجاب الإجباري على المشاركين والداعمين للفعالية.
وهذه ليست المرة الأولى التي تُقام فيها فعاليات حكومية، دون الالتزام بالقيود التي يفرضها النظام الإيراني، خصوصًا ما يتعلق بالحجاب الإجباري.
ففي السنوات الأخيرة، لجأ النظام مرارًا إلى هذا الأسلوب في مناسبات كبرى، مثل تشييع جنازة القائد السابق لفيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، أو مسيرات 11 فبراير (شباط) في المدن الكبرى، لإظهار صورة مختلفة عن ممارساته القمعية في الشوارع والأحياء.
وقبل يومين فقط من هذا الحفل، وصف رئيس القضاء في محافظة أصفهان، أسد الله جعفري، الحجاب الاختياري للنساء بأنه "سلوك مخالف للمعايير"، مشددًا على "ضرورة الوقاية من الظواهر الاجتماعية غير السليمة".
وطالب بالتعامل مع النساء اللواتي يرفضن الالتزام بالحجاب الإجباري.
وقال جعفري، يوم الخميس 6 نوفمبر: "بعض الأشخاص يقومون بسلوكيات مخالفة للمعايير ويتظاهرون بها، ما يخدش الحياء العام، وبما أن هذه الأفعال مخالفة للقانون، فهي جريمة مشهودة، وعلى القضاء أداء واجبه القانوني تجاهها".
وأكد هذا المسؤول القضائي الإيراني: "في مسار الوقاية من الأضرار والظواهر الاجتماعية غير السليمة، يجب أن تُعرّف السلوكيات والإجراءات ضمن إطار الشرع والقانون، ومن أبرز مظاهر ذلك الالتزام بالعفة في المجتمع، ولا ينبغي لأحد استغلال هذا الموضوع لأغراض نفعية".
وفي الوقت نفسه، تحدث عبد الله جوادي آملي، أحد المراجع الدينية الشيعية في إيران، عن "الحجاب الإجباري" قائلاً: "في زمن الجاهلية، لم تكن بعض النساء في القرى قادرات على الالتزام الكامل بالحجاب؛ بسبب القيود والظروف الاجتماعية. الحوزة والجامعة مكلفتان بالتعليم، لكن مهمتهما الأساسية هي إزالة الجهل. كذلك المساجد والحسينيات ملزمة بالتعليم إلى جانب التبليغ، لكن مهمتها الجوهرية أيضًا هي محو الجهل".
ممثل خامنئي: المشاكل المعيشية وعدم الالتزام بالحجاب الإجباري "منبعهما واحد"
كان حسين شريعتمداري، ممثل المرشد الإيراني، علي خامنئي، بصحيفة "كيهان"، قد ذكر يوم الأربعاء 5 نوفمبر، أن المشاكل المعيشية وعدم الاكتراث بالحجاب الإجباري "ينبعان من منبع واحد"، مؤكدًا: "من خلال نظرة عابرة لما يجري في الساحة الاقتصادية في البلاد، يمكن بوضوح رؤية أن مروّجي كشف الحجاب- وليس المغرر بهم- وكذلك الذين يفرضون الصعوبات المعيشية على الناس، يشربون من نبع واحد، وكلاهما يحملان حقدًا وعداءً للشعب والنظام".
وفي الأول من نوفمبر الجاري، أعرب شريعتمداري عن قلقه من اتساع ظاهرة رفض النساء للحجاب الإجباري، وكتب أن "ظاهرة كشف الحجاب المدمّرة والمضيّعة للعفة وصلت إلى مرحلة شبه العري".
وأضاف: "المثير للقلق أن بعض هؤلاء حين يتحدثون عن ضرورة مواجهة ظاهرة شبه العري لا يشيرون إلى حظر كشف الحجاب، وكأن كشف الحجاب لم يعد محرّمًا دينيًا أو قانونيًا أو إنسانيًا، وأصبح أمرًا مقبولاً، وكل ما يجب فعله هو الحيلولة دون وصوله إلى العري الكامل أو شبه العري".
رأي لجنة الثقافة في البرلمان الإيراني
قال المتحدث باسم لجنة الثقافة في البرلمان الإيراني، أحمد راستينة، في الأول من نوفمبر الجاري، لوكالة "إيلنا"، إن معارضي تنفيذ الحجاب الإجباري يسعون إلى "نشر الانحلال نفسه الذي دمّر الأسرة في الغرب" في المجتمع الإيراني، وبذلك يدفعون نحو "تفكك الأسرة باعتبارها الركن الأهم في الثقافة الإيرانية- الإسلامية".
وأضاف: "يجب على جميع المسؤولين أن يدركوا أن أهمية مسألة الحجاب تعود إلى ارتباطها بالأسرة وحمايتها".
تصريح تم نفيه لاحقًا
صرح عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني، محمد رضا باهنر، في 3 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خلال اجتماع مع وسائل الإعلام: "بعض الأشخاص أرادوا أن يكون الحجاب إجباريًا، أما أنا فلم أكن أؤمن يومًا بالحجاب الإجباري ولا أؤمن به الآن".
وأضاف أن "مشروع قانون الحجاب لم يعد قابلاً للمتابعة من الناحية القانونية والحقوقية، ولا توجد أي عقوبة مالية أو جزائية تتعلق بالحجاب".
وبعد هذه التصريحات، كتب المتحدث باسم مجلس تشخيص مصلحة النظام، محسن دهنوي، في 11 أكتوبر الماضي على حسابه في منصة "إكس": "مواقف باهنر لا تمثل المواقف الرسمية للمجمع أو مكانته القانونية".
وبعد أيام، تراجع باهنر عن تصريحاته السابقة، واعتبر الحجاب "ضرورة اجتماعية"، ودعا إلى معاقبة من يعارضون الحجاب الإجباري.
وفي الأسابيع الماضية، نُشرت تقارير عديدة عن إغلاق محال تجارية، من بينها مقاهٍ ومطاعم في مدن مختلفة، بسبب عدم الالتزام بالحجاب الإجباري.
وأكدت قيادة قوى الأمن التابعة للنظام الإيراني أن جميع المحال التجارية والأماكن العامة في إيران ملزمة بتطبيق الحجاب، مهددةً بإغلاقها أو ختمها بالشمع الأحمر، في حال مخالفة ذلك.

أعلنت منظمة حقوق الإنسان في إيران أن السلطات الإيرانية أعدمت خلال الشهر الماضي ما لا يقل عن 217 شخصًا، ووصفت هذا العدد بأنه "أعلى معدل للإعدامات الشهرية خلال ما لا يقل عن 25 عامًا"، مؤكدة أن طهران نفّذت، خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حكم إعدام واحد كل ثلاث ساعات.
وفي تقرير صدر يوم الجمعة 7 نوفمبر (تشرين الثاني)، أوضحت المنظمة أن من بين 217 حالة إعدام موثقة، لم يُعلن رسميًا سوى عن 24 حالة فقط (أي 11 في المائة) عبر وسائل الإعلام الحكومية.
وأشار التقرير إلى أن 99 سجينًا (45 في المائة) أُعدموا بتهم تتعلق بالمخدرات، في حين أُعدم 104 أشخاص (48 في المائة) بتهمة القتل العمد، إضافة إلى: ستة سجناء سياسيين عرب بتهمة "البغي"، وشخص واحد بتهمة "التجسس لصالح إسرائيل"، وثلاثة أشخاص بتهمة "المحاربة عبر السرقة المسلحة"، وسجين كردي واحد بتهمة "المحاربة من خلال التواصل مع جماعات سلفية".
كما ذكرت المنظمة أن ست نساء أُعدمن خلال الشهر الماضي، مشيرة إلى أن من بين المعدومين ثمانية من البلوش، وثمانية من الأكراد، وأحد عشر عربيًا، فضلاً عن إعدام 11 مواطنًا أفغانيًا.
وأضاف التقرير أن عدد الإعدامات منذ بداية العام الجاري بلغ 1271 حالة على الأقل، أي ما يقرب من الضعف مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، التي سُجل فيها 685 حالة إعدام.
ودعت منظمة حقوق الإنسان في إيران المجتمع الدولي إلى استخدام نفوذه الدبلوماسي لوقف "آلة الإعدام التابعة للنظام الإيراني"، محذّرةً من أن "جرائم ضد الإنسانية تُرتكب من قِبل السلطات الإيرانية" ويجب التحقيق فيها بجدّية.
وقال مدير المنظمة، محمود أميري مقدم: "نحن نشهد عملية قتل جماعي ومنهجي لأشخاص حُكم عليهم بالإعدام من قِبل نظام قضائي يفتقر إلى العدالة".
وأكد أنه على المجتمع الدولي والدول التي تحتفظ بعلاقات دبلوماسية مع طهران أن تجعل وقف الإعدامات أولوية فورية.
وفي السياق نفسه، قالت المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في إيران، ماي ساتو، خلال اجتماع اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في 30 أكتوبر الماضي، إن النظام الإيراني، من خلال تنفيذ الإعدامات الجماعية، يسلك مسار "الجرائم ضد الإنسانية".
كما صرحت رئيسة لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، سارا حسين، في الجلسة نفسها، بأن النظام الإيراني يواصل قمع مواطنيه وتنفيذ الإعدامات بحقهم، مما يضيّق بشدة على الفضاء المدني.
ويشير التقرير إلى أن نحو 70 سجينًا سياسيًا في سجون إيران يواجهون خطر تنفيذ أحكام الإعدام أو المصادقة عليها قريبًا، بينما يُواجه أكثر من 100 شخص آخرين خطر صدور أحكام إعدام بحقهم.
وفي هذا الإطار، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في أحدث تقاريره المقدمة إلى الجمعية العامة، في 21 أكتوبر الماضي، عن قلقه العميق إزاء الارتفاع الكبير في عدد الإعدامات في إيران.