بعد وقت قصير من بدء تركيا تصدير الكهرباء إلى العراق، هذا الأسبوع، قامت إيران بوقف إمداداتها لجارتها؛ بسبب تفاقم العجز في إنتاج الطاقة المحلية بشكل متزايد؛ حيث تواجه طهران هذا العام عجزًا يصل إلى 25 بالمائة من إجمالي الطلب على الكهرباء في البلاد.
كان المركز الإسلامي في هامبورغ بألمانيا محط اهتمام الصحافة في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، وقد أُثير حوله الكثير من الجدل، منذ تشكيل مجلس إدارته بحضور جد وزير الخارجية الإيراني الأسبق، محمد جواد ظريف. واتهم ممثلو "مجلس الشورى الوطني" مؤسسيه بالتسول. فكيف تم بناء هذا المسجد؟
وعلى الرغم من أن مركز هامبورغ الإسلامي قد حظي باهتمام في السنوات الأخيرة، باعتباره جوهر الدعاية للنظام الإيراني في أوروبا الغربية، فإن بناءه المثير للجدل في عام 1953 حتى افتتاحه في عام 1965 اتخذ مسارًا طويلًا ومعقدًا.
الجدير بالذكر أن الحكومة الألمانية، قد حظرت أنشطة المركز الإسلامي في هامبورغ في 24 يوليو (تموز) الجاري، وذلك في بيان رسمي؛ حيث اتُهم هذا المركز بنشر أيديولوجية نظام الجمهورية الإسلامية، ودعم حزب الله اللبناني، والعمل ضد الدستور الألماني.
دور جد ظريف
قبل 70 عاماً، وتحديداً في يوليو 1953، وافق حسين طباطبائي بروجردي، أهم مرجعية لدى الشيعة في عصره، على بناء مسجد في هامبورغ، وكانت فكرة بناء هذا المسجد قد طرحتها عليه مجموعة من الأثرياء الإيرانيين الذين يعيشون في أوروبا.
وعين بروجردي مجلس إدارة مكونًا من تسعة أعضاء لبناء المسجد، وكان أول عضو في مجلس الإدارة، هو الحاج علينقي كاشاني، جد محمد جواد ظريف، وزير خارجية الرئيس الإيراني الأسبق، حسن روحاني (جده لأمه)، والأشخاص الثمانية الآخرون كانوا من التجار ورجال الأعمال في عصرهم.
وفي مقال بعنوان "الدكتور سيد حسين فاطمي نجم في سماء المناضلين المناهضين للاستعمار والاستبداد" ذكر عضو الجبهة الوطنية، ناصر تكميل همايون، أن حسين فاطمي، وزير خارجية حكومة محمد مصدق، من سبتمبر (أيلول) 1952 حتى أغسطس (آب) 1953، كان أحد الرواد والداعمين لبناء هذا المسجد في هامبورغ؛ لأن فاطمي كان يرى أن "الحضارة والمعارف الإسلامية المزدهرة" يجب أن تُستخدم كمعقل لمواجهة الأعداء.
وقام مجلس إدارة بناء المسجد في هامبورغ بشراء أرض بقيمة 250 ألف مارك ألماني، في أكتوبر (تشرين الأول) 1957، وبدأ البناء في فبراير (شباط) من العام نفسه.
واستمر بناء المسجد في هامبورغ، مع بعض الانقطاعات الطويلة، ومع وفاة بروجردي في مارس (آذار) 1961، أصبحت الانقطاعات أطول.
المسجد الإيراني أم مركز هامبورغ الإسلامي؟
وبوفاة بروجردي، الذي أدار تمويل بناء المسجد، غيّر القائمون على البناء مسمى مسجد هامبورغ إلى "مسجد هامبورغ الإيراني"، وحولوها من قضية دينية إلى قضية سياسية، وبدأ مجلس الإدارة عمله الإعلامي تدريجيًا، في سبتمبر (أيلول) 1961، بعد ستة أشهر من وفاة بروجردي.
وفي رسالة مفتوحة إلى الداعية الإيراني الشهير، محمد تقي فلسفي، تناول مجلس الإدارة مسألة بناء المسجد الإيراني في هامبورغ من قِبل وسائل الإعلام الأجنبية، وكتبوا في هذه الرسالة: "إن تعليق بناء المسجد هو هزيمة لا تُعوض أمام الأجانب وضربة قاصمة للكرامة الدينية والوطنية لشعب إيران الكريم".
وبالإضافة إلى ذلك، أشار أعضاء مجلس الإدارة إلى إمكانية توقف أعمال البناء بسبب الديون، وأعلنوا رقم حساب في إيران مطالبين بالمساعدة العامة. وفي رد إيجابي على هذه الرسالة، دعا فلسفي الناس لمساعدتهم.
وأكمل مجلس الإدارة أخيرًا هيكل المسجد، في ديسمبر (كانون الأول) 1962. وفي حفل غريب، قام أولاً محمد حسن سالمي، حفيد أبوالقاسم كاشاني، أحد رموز حركة تأميم النفط، والذي كان طالباً في كلية الطب آنذاك، بقراءة القرآن الكريم. ومن بعده، قام محمد محققي، الممثل الذي عيّنه بروجردي في مسجد هامبورغ، بوصف بناء المسجد وهندسته.
وقال محققي في هذا الحفل: "نحن إيرانيون، وأردنا أن يكون مسجدنا في هامبورغ مثالاً لمساجد بلادنا حتى نظل نتذكر وطننا الحبيب". وفي هذا الحفل تم تركيب تاج من الزهور على شكل "الله" على القبة وشرب الحضور أكوابًا من عصير الكرز بدلاً من النبيذ.
مزيد من الضغط للحصول على المال
وعلى الرغم من اكتمال هيكل المبنى، فإن مجلس إدارة المسجد ظل يطلب من خلال الصحافة المزيد من المساعدة لإكمال بنائه.
وفي هذا السياق، نشرت مجلة "سبيد وسياه" تقارير متكررة عن المساجد الإيرانية في الدول الأوروبية، وكتب مجلس إدارة مسجد هامبورغ، في منشور له، أنه من العار على إيران ألا يتم الانتهاء من بناء المسجد.
ونشرت المجلة المذكورة رسالة من مجلس إدارة المسجد، في عددها 593 الصادر بتاريخ 15 يناير (كانون الأول) 1965، موضحًا فيها أنه بعد وفاة بروجردي، ومن أجل تجنب الكثير من الأضرار، حصلوا على قرض من بنك برينكمان فيرثس في هامبورغ، وبهذا أكملوا أعمال هيكل للمسجد.
وأكد مجلس الإدارة كذلك أن المسجد مدين للبنك بمبلغ 172 ألف مارك، و27 ألف مارك لشركات المقاولات، وطالب بـ 720 ألف مارك للمضي قدماً في تنفيذ المشروع.
أشار المجلس، في هذه الرسالة أيضًا، إلى تقرير صحيفة "همبرغر آباند بلات" بعنوان "المسجد المهجور"، وقال إن سلطات هامبورغ تضغط عليه لإنهاء البناء، وإن كرامة إيران وسمعتها في ألمانيا قد تتضرر، وفي نهاية هذه الرسالة، طلب من إيران، حكومة وشعبًا المساعدة في استكمال أعمال "المسجد الإيراني".
200 ألف تومان من الموازنة السنوية
ومن المثير للاهتمام أن مجلس إدارة المبنى والصحافة نشرا هذه المواد في وقت مراجعة الموازنة السنوية في المجلس الوطني الإيراني، وبعد عشرين يومًا من نشر رسالة مجلس الإدارة في مجلة "سبيد وسياه"، انشغل المجلس الوطني بمراجعة مشروع قانون موازنة 1965 في جلسته المنعقدة بتاريخ 4 فبراير 1965، وجاء في المادة الثانية ما يلي: "يجوز للمجلس الوطني تخصيص مبلغ مليوني ريال من فائض موازنة المجلس عام 1965 للمساعدة في استكمال بناء المسجد الإيراني في هامبورغ...".
وكان مبلغ المليوني ريال في ذلك الوقت يعادل نحو 100 ألف مارك ألماني، بينما المبلغ الذي طلبه مجلس إدارة المسجد في رسالته 720 ألف مارك ألماني، ومن الواضح أن المبلغ المخصص كان قليلاً جدًا ولا يلبي احتياجاتهم.
ومع ذلك، عارض البرلمانيون هذا الرقم، وفي هذا الاجتماع عارض عضو المجلس الوطني في ذلك الوقت، حسن مصطفوي نائيني، المادة الثانية، قائلاً: "إن المباني الخيرية، مثل المساجد وخزانات المياه، التي بُنيت في الماضي كانت بجهود المحسنين، وفي زمن آبائنا لم تكن هناك حكومة ولا ميزانية".
وأكد مصطفوي كذلك أن رجال الأعمال الإيرانيين في هامبورغ لديهم إمكانات مالية كثيرة، مضيفًا: "لا أدري ماذا يعني أن الأموال تُرسل من ميزانية المجلس الوطني إلى مسجد يريدون استخدامه وأداء فرائضهم الدينية فيه".
وقال عضو المجلس الوطني، محمد إسماعيل معيني زند، ردًا على مصطفوي، إن حالة المسجد مزرية للغاية ويجب مساعدته.
وأضاف عضو لجنة الحسابات بالمجلس الوطني، عباس أسدي سميع، ردًا على مصطفوي أيضًا: "تنص قواعد وأنظمة البلديات الألمانية على أنه إذا لم يتم بناء المبنى خلال فترة معينة ولم يكتمل، فإن المبنى سيتم بيعه بالمزاد، وهناك دول أخرى اقترحت شراء هذا المسجد غير المكتمل وإكماله باسمها، وبالإضافة إلى كونه نقطة تجمع للمسلمين الإيرانيين في هذا الجزء من ألمانيا، فإن هذا المسجد يعد مثالاً للذوق والفن المعماري الإيراني الذي يمثل خصائص الإيرانيين في بلد أجنبي".
وبعد ذلك، ذكر أسدي سميع الأنشطة الخيرية للابن الأكبر لشاه إيران، محمد رضا بهلوي، وقال إن الشاه ساهم أيضًا بمبلغ في هذا المسجد، ولهذا السبب قرروا المساعدة من ميزانية البرلمان مثل العديد من المنظمات الأخرى التي مولت هذا المسجد. وتم التصويت حول هذه المادة والموافقة على تخصيص مائتي ألف تومان للمسجد من موازنة المجلس الوطني.
هروب محمد بهشتي
وبعد مرور عام على أحداث 1964، تم افتتاح المسجد الإيراني في هامبورغ عام 1965، وتزامن افتتاح المسجد مع رحلة رجل الدين والسياسي الإيراني، محمد بهشتي، إلى ألمانيا.
وقال بهشتي، في مقابلة إنه نظرًا لذكر اسمه في ملف اغتيال السياسي الإيراني البارز، حسن علي منصور، على يد مجموعة "فدائيان إسلام" تم توفير جواز سفر له من قِبل المرجع الديني، أحمد خونساري، وتوجه إلى ألمانيا في مارس 1965 لإدارة المسجد الإيراني في هامبورغ.
وكان أحد الإجراءات الأولى التي اتخذها بهشتي بعد وصوله إلى هامبورغ هو تغيير اسم المسجد؛ حيث قام بتغيير اسمه من "مسجد هامبورغ الإيراني" إلى "مركز هامبورغ الإسلامي"، وبقي الاسم حتى يوم إغلاقه يوم الأربعاء الماضي من قِبل السلطات الألمانية.
وكان بهشتي منخرطًا في تطوير الأنشطة الأيديولوجية والدينية في هذا المركز حتى يونيو (حزيران) 1970، وبحسب قوله: "نعمل على إنشاء منظمات إسلامية للطلاب".
بعد بهشتي، ترأس محمد مجتهد شبستري المركز الإسلامي في هامبورغ حتى ثورة 1979.
وتغيرت وظيفة المسجد الإيراني الكبير في هامبورغ، منذ أن غيّر بهشتي اسمه، وحتى صيف عام 2024، عندما أغلقت الحكومة الألمانية المركز رسميًا؛ حيث كان مكانًا لنشر أيديولوجية نظام الجمهورية الإسلامية.
ذكرت مصادر لـ"إيران إنترناشيونال" أن الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد تعرض في 15 يوليو (تموز) الجاري لمحاولة اغتيال فاشلة من خلال عمل تخريبي داخل السيارة التي كانت تستخدم في تحركاته.
وفي مساء يوم الاثنين 15 يوليو (تموز)، كان أحمدي نجاد يستعد ومرافقيه للمغادرة إلى مدينة زنجان للمشاركة في مراسم عزاء في يوم التاسع من محرم. وقبل مغادرته، جلس فريقه الأمني كالعادة في السيارة الرئيسية للرئيس الإيراني الأسبق -التي كانت من طراز تويوتا لاند كروزر- لفحص السيارة.
وبعد فحص السيارة، طلب رئيس الفريق الأمني من أحمدي نجاد ركوب سيارة أخرى، واشتكى من عدم إصلاح مكيف السيارة.
ووفقا للمعلومات التي تلقتها "إيران إنترناشيونال"، فإنه على طول طريق كرج - قزوين السريع، وبعد أن قطعوا ربع الطريق، خرج جهاز التحكم في التوجيه والمكابح في السيارة (لاند كروز) التي كان من المفترض أن يستقلها أحمدي نجاد، عن سيطرة السائق بشكل مفاجئ.
وانعطفت هذه السيارة، التي خرجت عن سيطرة السائق، ثلاث مرات في المسار الذي كانت تسير فيه سيارات أخرى عابرة بسرعة عالية، وبعد أن انحرفت مرتين إلى اليمين واليسار اصطدمت بالجدار الخرساني في منتصف الطريق السريع، ثم اصطدمت بسيارة أخرى من السيارات التي كانت ضمن فريق أحمدي نجاد الأمني، ثم بعد ذلك اصطدمت بسيارة من نوع بيجو قبل أن تتوقف على الجانب الأيمن من الطريق السريع.
وبحسب المعلومات فإن أحد ركاب السيارة البيجو أصيب بجروح طفيفة وتم نقله إلى المستشفى.
عملية تخريبية داخل السيارة
وقبل يوم واحد من هذه الرحلة، قام الفريق الأمني لأحمدي نجاد بتسليم سيارة النقل الرئيسية الخاصة به، أي سيارة تويوتا لاند كروزر، إلى الوحدة المعنية في المؤسسة الرئاسية لإصلاحها بسبب خلل في المكيف.
وبحسب المعلومات التي تلقتها "إيران إنترناشيونال"، فإنه بعد تسليمها إلى المؤسسة الرئاسية، خلافاً للإجراءات المعتادة، بدلاً من نقلها إلى ورشة التصليح المعنية بتصليح سيارات هذه المؤسسة، تدخل "عناصر الأمن الخاص"، من الوحدة المختصة في هذه المؤسسة، ونقلت السيارة إلى جهة مجهولة.
وقالت مصادر "إيران إنترناشيونال" إن عملية تخريب تمت على سيارة لاند كروزر في هذا المكان المجهول، ومن ثم أعيدت السيارة إلى فريق حماية أحمدي نجاد تحت عنوان أنه "تم إصلاح مكيف السيارة".
ولم تحدد مصادر "إيران إنترناشيونال" المؤسسة التي ينتسب إليها "عملاء الأمن الخاص" المشار إليهم، لكن بحسب موقعهم التنظيمي، فإن القوات رفيعة المستوى التابعة لإحدى الفئات الثلاث للحرس الثوري الإيراني - منظمة استخبارات الحرس الثوري، ومنظمة حماية الاستخبارات التابعة للحرس الثوري الإيراني وفيلق "ولي الأمر" - لديها القدرة على مثل هذه التصرفات، وأخذ سيارة أحمدي نجاد إلى وحدة الإصلاح الرئاسية دون التنسيق ودون خلق حساسية أمنية، والقيام بعملية تخريب ثم إعادتها إلى الورشة المذكورة.
وقد سجل محمود أحمدي نجاد نفسه للترشح للانتخابات الرئاسية هذا العام، ولكن تم استبعاده من قبل مجلس صيانة الدستور. ولم يدعم أيًا من المرشحين الأصوليين، ولم يصوت في الانتخابات البرلمانية والرئاسية. وتقول مصادر "إيران إنترناشيونال" إن التكاليف التي جلبتها تصرفات أحمدي نجاد هذه على النظام دفعت عملاء النظام إلى محاولة قتله.
وبحسب مصادر "إيران إنترناشيونال"، بعد خمسة أيام من محاولة الاغتيال الفاشلة وفي 20 يوليو (تموز)، أرسل مكتب أحمدي نجاد رسالة لإخطار "السلطات المسؤولة" عن عملية الاغتيال، واشتكى من وجود حالات عديدة لهجمات ومحاولات اغتياله.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أفادت قناة على تطبيق "تلغرام" تابعة لأحمدي نجاد أن مكتبه بعث برسالة إلى القادة وكبار المسؤولين العسكريين والأمنيين المسؤولين "يحذرهم فيها من بعض التحركات والتصرفات المقلقة للغاية ضده، وطالبهم باتخاذ التدابير الوقائية اللازمة، والتعامل مع الأطراف المتورطة في هذه الأحداث".
وبعد أيام من تلك الحادثة أكد علي رضا بيغي، النائب البرلماني السابق وأحد الشخصيات المقربة من أحمدي نجاد، خبر قناة "بهار" التلغرامية، وقال لموقع "مرصد إيران": "منذ شهر أو شهرين، ازدادت محاولات اغتيال أحمدي نجاد، وتم تسليم وثائق هذه المحاولات إلى المؤسسات الأمنية".
وفي وقت سابق، وتحديدا عام 2018 ، أفادت وسائل إعلام محلية أن أحمدي نجاد قال: "قضية اغتيالي خطيرة، فهم يقتلون الشخص، وينظمون أيضًا مراسم عزاء له، ثم يتهمون الآخرين. لقد قمت بتسجيل هذه الملفات التي أعرفها ووضعتها في بعض الأماكن الآمنة".
ويعتبر بعض المراقبين أن ما نشره محمود أحمدي نجاد يوم 14 يوليو (تموز) على منصة "إكس"، والذي أدان فيه محاولة اغتياله، بعد محاولة الاغتيال الفاشلة ضد دونالد ترامب، واعتبر ذلك أحد أسباب قلقه من خطط النظام المحتملة لقتله.
وبحسب هؤلاء المراقبين، فإن الشكوك التي تحيط بسقوط المروحية التي كانت تقل إبراهيم رئيسي، والاشتباه في أنه قد يكون الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ضحية لصراع على السلطة داخل النظام، يمكن أن يكون أحد الأسباب التي دفعت محمود أحمدي نجاد إلى كتابة هذا المقال.
عززت محاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، الفاشلة، فرصه في الفوز بانتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2024؛ وقبل أربعة أشهر من انتخابات الرئاسة الأميركية، أيقنت السلطات الإيرانية تقريبًا بعودته. ومع تلك الإمكانية القوية ما الذي ينتظر النظام الإيراني؟
كان ترامب رئيسًا للولايات المتحدة من شتاء 2018 إلى شتاء 2020. وفي الوقت نفسه كان الإصلاحيون في إيران على رأس السلطة، برئاسة حسن روحاني.
وفي تلك الفترة، كان الإصلاحيون في ذروة السلطة، بالتعاون مع "كوادر البناء" والمعتدلين (تيار هاشمي رفسنجاني)، وتمكنوا من نقل قيادة المفاوضات النووية، التي كانت في المجلس الأعلى للأمن القومي، وتحت إشراف المرشد علي خامنئي، حتى رئاسة محمود أحمدي نجاد لإيران، إلى وزارة الخارجية.
وفي حكومة حسن روحاني، نجح مثلث محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني الأسبق، وعباس عراقجي، كبير المفاوضين الإيرانيين في محادثات فيينا، وعلي أكبر صالحي، الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية ووزير الخارجية الأسبق أيضًا، في إنهاء التوتر النووي القديم للنظام الإيراني من خلال الاتفاق النووي.
كان كل شيء يسير على ما يرام حتى أصبح ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، وانسحب من الاتفاق النووي في مايو (أيار) 2018، وعلى الرغم من أن الأوروبيين مازالوا ملتزمين بالاتفاق، فإن فرض عقوبات جديدة والسعي إلى ممارسة أقصى ضغط من قِبل الولايات المتحدة أدى عمليًا إلى دخول الاتفاق في غيبوبة.
ولسوء حظ الإصلاحيين، بعد ذلك انتشر فيروس كورونا (كوفيد- 19) في هذه الفترة، أي من عام 2018 إلى عام 2021، وشهد الوضع الاقتصادي في إيران أزمة غير مسبوقة، والتي كانت لها عواقب سياسية واجتماعية؛ وكان أبرز مثال على هذه التبعات هو الاحتجاجات الواسعة النطاق التي اندلعت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.
معدلات عالية من التضخم
بلغ معدل التضخم في نهاية عام 2017 نحو 9.6 في المائة، وفي نهاية عام 2018، وهو العام الأول الذي انسحب فيه ترامب من الاتفاق النووي، وصل معدل التضخم إلى 26.9 في المائة. وفي عام 2019، بلغ معدل التضخم 34.8 في المائة؛ وفي هذا العام قامت حكومة حسن روحاني برفع سعر البنزين ثلاث مرات، وبلغت نسبة التضخم في العام الأخير لحكومة روحاني، أي 2020، 36.4 في المائة.
وفي نهاية العام الإيراني الماضي (انتهي في 20 مارس/ آذار 2024)، بلغ معدل التضخم في إيران 52.3 في المائة، بحسب البنك المركزي.
وإذا تكررت العملية نفسها مع عودة ترامب، فإن معدل التضخم في نهاية العام الإيراني الحالي (مارس 2025) سيرتفع إلى 69.6 في المائة بزيادة 17.3 نقطة مئوية، وفي (مارس 2026) سيصل إلى 77.5 في المائة بزيادة 7.9 نقطة مئوية، وفي (مارس 2027) سيصل إلى 79.1 في المائة.
وبطبيعة الحال، إذا فقدت العملة الإيرانية قوتها في هذا الوضع، وإذا توقف بيع النفط الإيراني، فإن التضخم المفرط ليس مستبعدًا.
سعر الدولار يرتفع لمستويات قياسية
بلغ سعر الدولار خلال مارس 2018 في السوق الحرة نحو 4 آلاف و800 تومان، وفي مارس 2019، وصل إلى 12.9 ألف تومان، وفي مارس 2020، تم تداول الدولار بنحو 15.4 ألف تومان، وفي مارس 2021، تم تداوله بـ 25.2 ألف تومان تقريبًا.
وإذا تكررت النسبة نفسها بعد وصول ترامب، فمن المتوقع أن يصل الدولار إلى نحو 154 ألفًا، في مارس 2025، وفي مارس 2026 إلى 184 ألفًا تقريبًا، وفي مارس 2027 سيصل إلى نحو 301 ألف تومان.
تذبذب مبيعات النفط
تعتمد إيران على عائدات النفط، وقبل انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، في عام 2017، باعت إيران متوسط 2.14 مليون برميل من النفط يوميًا. وفي عام 2018 انخفض الرقم إلى 1.54 مليون برميل يوميًا. وكان عام 2019 من أسوأ الأعوام التي مرت بها إيران؛ حيث انخفضت مبيعات النفط إلى 420 ألف برميل يوميًا. وفي عام 2020، وبالتزامن مع نهاية إدارة ترامب الأولى وبداية رئاسة بايدن، تضاعفت مبيعات النفط الإيرانية إلى 900 ألف برميل يوميًا.
وقد نُشرت أرقام متناقضة لصادرات إيران من النفط، ولكن في المتوسط تمكنت إيران، عام 2023، من بيع 1.4 مليون برميل من النفط يوميًا. وإذا تكررت ظروف 2018 إلى 2021 مرة أخرى، ستبلغ مبيعات إيران من النفط هذا العام نحو مليون و270 ألف برميل يوميًا عام 2025، و587 ألف برميل يوميًا عام 2026.
ما الذي تغيّر؟
كان من الممكن أن تؤدي عودة ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة بالتزامن مع حكومة الرئيس السابق، إبراهيم رئيسي، إلى خلق وضع مضطرب، لكن وفاة "رئيسي" في حادث تحطم طائرة هليكوبتر، وانتخاب مسعود بزشكيان رئيسًا للجمهورية الإسلامية قد فتح بصيص أمل للنظام الإيراني.
وفي هذا السياق، ليس من المستغرب أن نجد ظريف نفسه مشغولًا بترتيب الحكومة المقبلة، في حين نشهد مسلسل حضور بزشكيان في فرق العزاء (بمناسبة عاشوراء)، وعلى الرغم من أن ظريف كان له دور في التعامل مع الغرب خلال فترة حكم روحاني، فإن الأوضاع اليوم تختلف تمامًا عما كانت عليه في ذلك الوقت.
وخلال إدارة ترامب الأولى، لم يؤثر انتشار "كورونا" على إيران فحسب، بل على جميع دول العالم؛ اليوم لا يوجد المزيد من الأخبار عن "كورونا". لكن حدث شيء آخر: "هجمات 7 أكتوبر" وعملية "الوعد الصادق".
ففي 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، شنت حماس هجومًا غير مسبوق على إسرائيل، وبعد نحو ستة أشهر، هاجمت إيران إسرائيل لأول مرة من داخل إيران في 13 إبريل (نيسان) 2024.
وسيواجه الرئيس الإيراني المنتخب، مسعود بزشكيان، هذا الوضع الصعب والمعقد، ورغم أن بزشكيان اعترف بأن اسمه خرج من صناديق الاقتراع فائزًا بمنصب الرئاسة بمساعدة المرشد، على خامنئي، فإنه ليس حسن روحاني، الشيخ الدبلوماسي، الذي كان يتمتع بخبرة سنوات في منصب أمين سر المجلس الأعلى للأمن القومي والمفاوضات.
وليس فقط ترامب، لكن هناك جي دي فانس، الذي اختاره ترامب لمنصب النائب الأول لرئيس الولايات المتحدة الأميركية، وشخصيات مشهورة في الحزب الجمهوري، تحدثوا صراحة عن الحاجة إلى التعامل بشكل أكثر حزمًا مع النظام الإيراني. ولكن أيضًا، كما قال عدد من المسؤولين رفيعي المستوى في حكومة جو بايدن- على الأقل بالكلام- إنهم تبنّوا موقفًا أكثر تصلبًا تجاه النظام الحاكم في إيران.
إن مجمل هذه الظروف، والاحتمال المتزايد لاصطفاف أوروبا مع ترامب إذا فاز في الانتخابات، سيجعل الوضع أكثر صعوبة بالنسبة للنظام الإيراني مما كان عليه، عندما كان جو بايدن في البيت الأبيض، والذي حاول التوصل إلى اتفاق مع طهران من خلال تقديم تنازلات، بما في ذلك غض الطرف عن صادرات وبيع النفط الإيراني، أو الإفراج عن الموارد المالية الإيرانية المُجمدة.
تواجه إيران تحديات كبيرة في حقولها المشتركة للنفط والغاز البالغ عددها 28 حقلا مع الدول المجاورة، حيث تتخلف باستمرار في الإنتاج مقارنة بجيرانها.
ويعزو الخبراء، كما نقلت وكالة أنباء "إيلنا" في طهران مؤخرًا، التحدي الرئيس الذي تواجهه طهران في هذه الحقول المشتركة إلى "نقص الاستثمار".
إن أهم الحقول المشتركة بالنسبة لإيران هي مع العراق وقطر والمملكة العربية السعودية، وهي الدول المجاورة التي قامت بزيادة إنتاجها من النفط والغاز بشكل كبير بمساعدة الشركات الدولية، وخاصة الغربية. ولدى هذه الدول خطط طموحة لزيادة استخراج احتياطاتها.
وفي المقابل، وبسبب الاستثمار الأجنبي المحدود وضعف القطاع الخاص، تعتمد وزارة النفط الإيرانية فقط على حصة قدرها 14.5% من عائدات النفط للاستثمارات (ما يزيد قليلاً عن 5 مليارات دولار في العام الماضي).
وتشير إحصاءات مركز الأبحاث التابع للبرلمان الإيراني إلى انخفاض كبير في الاستثمار السنوي في مشاريع النفط والغاز في البلاد، حيث انخفض من حوالي 18 مليار دولار في التسعينيات إلى حوالي 7 مليارات دولار في أوائل عام 2010، ثم انخفض إلى 3 مليارات دولار منذ عام 2017.
ولم يقتصر الأمر على العقوبات الدولية والأميركية التي أدت إلى خفض عائدات تصدير النفط الإيراني في العقد الماضي، لكن البيئة المعاكسة التي خلقتها هذه العقوبات جعلت الاستثمار الأجنبي أو الاقتراض مستحيلاً بالنسبة لطهران.
وتمثل الحقول المشتركة 20% من النفط الإيراني القابل للاستخراج و30% من احتياطيات الغاز. وعلى الرغم من امتلاكها ثاني أكبر احتياطي للغاز ورابع أكبر احتياطي للنفط في العالم، بواقع 33 تريليون متر مكعب و157 مليار برميل على التوالي، تواجه إيران تحديات في استغلال هذه الموارد بشكل كامل بالتعاون مع جيرانها.
إيران والمملكة العربية السعودية
وتشترك إيران في العديد من حقول النفط والغاز مع المملكة العربية السعودية، وتنتج حوالي 35 ألف برميل يوميا فقط من حقل مرجان (المعروف باسم فروزان في إيران). في المقابل تنتج السعودية من النفط 14 ضعفا، وتستهدف زيادة الإنتاج اليومي بنسبة 60% إلى 800 ألف برميل، وإنتاج الغاز بمقدار 70 مليون متر مكعب بموجب عقد بقيمة 12 مليار دولار مع شركات عالمية.
وتشترك طهران في حقل غاز كبير آخر، وهو الحصبة (يُسمى فرزاد في إيران)، حيث لم تسفر المفاوضات مع الشركات الهندية التي اكتشفت الحقل عن نتائج منذ أكثر من عقدين من الزمن.
وتفتقر إيران نفسها إلى القدرة الاستثمارية المطلوبة لتطوير هذا الحقل البالغة 5 مليارات دولار، في حين طورت المملكة العربية السعودية وبدأت إنتاج الغاز من هذا الحقل المشترك منذ عام 2013، وتنتج حاليًا أكثر من 30 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا، مع خطة "أرامكو" المستمرة لزيادة الإنتاج اليومي بسرعة إلى 75 مليون متر مكعب.
وتشترك المملكة العربية السعودية والكويت أيضًا في حقلين للنفط والغاز، هما اللولو (إسفنديار) والدرة (آرش)، مع إيران، حيث قامتا بتطوير حقل "اللولو" لسنوات وتخططان لتطوير الأخير قريبًا.
لكن هاتين الدولتين ترفضان حصة إيران في حقل الدرة (آرش)، وتطالبان بحقوق حصرية في استخراج الغاز، وهو موقف لا تقبله طهران. ولم تبدأ إيران أي تطوير في هذه المجالات.
حقول النفط مع العراق
وتقع أكبر حقول النفط الإيرانية المشتركة مع العراق، حيث يستخرج العراق من هذه الحقول ما يزيد بأربعة أضعاف عن ما تنتجه إيران. وقد أبرمت بغداد عقوداً كبيرة مع شركات صينية وروسية وغربية لتعزيز جهود الاستخراج.
في عام 2013، أنتجت إيران 90 ألف برميل من النفط يوميًا من هذه الحقول، وتهدف إلى زيادة الإنتاج إلى 1.2 مليون برميل يوميًا بمساعدة صينية، مع التركيز على حقول مثل ياداوران، وأزادكان، وآذر، وجنكوله، وأبان، وبيدار.
ومع ذلك، لم تف الشركات الصينية إلا بجزء بسيط من التزاماتها، مما دفع إيران إلى تحقيق "طاقة اسمية" لإنتاج النفط، تصل إلى 350 ألف برميل يوميا من حقول غرب كارون المشتركة مع العراق.
وفي المقابل، ارتفع إنتاج النفط العراقي بمقدار 1.4 مليون برميل يوميا منذ عام 2013، مدفوعا في المقام الأول بالتطورات في حقول النفط المشتركة مع إيران.
وتشير تقديرات طهران إلى أنها تحتاج إلى استثمارات بقيمة 11 مليار دولار لتطوير خمسة حقول نفط رئيسية مشتركة مع العراق، وهو مبلغ يعادل شهرين فقط من عائدات البلاد النفطية قبل العقوبات.
ومع ذلك، فإن الهيكل المعقد ونوع النفط الثقيل السائد في هذه الحقول يعني أن التكنولوجيا الحالية في إيران لا يمكنها سوى استخراج 5 إلى 10% من الاحتياطيات الموجودة في الموقع البالغة 64 مليار برميل.
وبالتالي فإن إشراك الشركات الغربية المتقدمة في تطوير هذه المجالات يبدو أمراً لا مفر منه.
الجيران الجنوبيين
وتشترك إيران في حقلين نفطيين مع الإمارات هما "سلمان" و"نصرت". ويستخرج البلدان 50 ألف برميل من النفط يوميا من حقل "سلمان". ومع ذلك، تواجه إيران تحديات بسبب عدم وجود مرافق لتجميع الغاز، مما أدى إلى حرق 11 مليون متر مكعب من الغاز المصاحب يوميًا.
وفي المقابل تنتج الإمارات الغاز بكفاءة من طبقات هذا الحقل. وبالإضافة إلى ذلك، تنتج الإمارات 65 ألف برميل من النفط يومياً من حقل "نصرت"، وهو ما يزيد 20 مرة عن إنتاج طهران من نفس الحقل.
وتشترك إيران أيضًا في حقل نفط "هنكام" مع عمان، حيث ينتج كلا البلدين 10 آلاف برميل يوميًا. وأكبر حقل للغاز في إيران هو "بارس جنوبي" (القبة الشمالية)، وهو مشترك مع قطر التي بدأت استخراج الغاز قبل عقد من إيران، وقد أنتجت ضعف كمية الغاز.
وفي حين دخل الجانب الإيراني من حقل غاز "بارس جنوبي" نصف عمره الثاني في عام 2023، ويشهد انخفاضات سنوية في الإنتاج قدرها 10 مليارات متر مكعب، فقد وقعت قطر مؤخرا عقودا بقيمة 29 مليار دولار مع شركات عالمية لزيادة الإنتاج بنسبة 40% بحلول عام 2027. و60% بحلول عام 2030. وحالياً، تنتج كل من إيران وقطر 180 مليار متر مكعب سنوياً من حقل "بارس جنوبي".
وتكمن خيارات إيران لزيادة الإنتاج في تركيب منصات سعة 20 ألف طن مجهزة بضواغط كبيرة، وهي تكنولوجيا تهيمن عليها الشركات الغربية. وجميع المراحل الـ24 من الجانب الإيراني من حقل "بارس جنوبي" تعمل حاليًا، مما يترك مجالًا محدودًا لإدخال مراحل جديدة لتعزيز الإنتاج أو تعويض انخفاض الإنتاج من المراحل الحالية.
كما تستخرج قطر 450 ألف برميل من النفط الخام من الطبقة النفطية لحقل غاز "بارس جنوبي"، وهو ما يزيد 13 مرة عن إنتاج إيران من نفس الطبقة.
بالإضافة إلى ذلك، تشترك إيران وقطر في حقل "الرشادات" النفطي، حيث تنتج كل دولة ما بين 10000 إلى 15000 برميل يوميًا.
والخيار الوحيد أمام إيران هو التوصل إلى اتفاق مع الغرب بشأن برنامجها النووي، الذي يُنظر إليه على أنه يؤدي إلى اكتساب القدرة على صنع الأسلحة.
كما تحتاج طهران إلى تغيير سياسة الهيمنة في المنطقة. وبدون حدوث تحول كبير في سياستها الخارجية، فإن الطاقة والقطاعات الأخرى في اقتصادها المنهك سوف تعاني.
أثارت مزاعم الرشوة، وضعف الأداء، وخيانة الأمانة الانتخابية، ضد عمدة طهران المتشدد، علي رضا زاكاني، اضطرابات في مجلس مدينة العاصمة الإيرانية، وأدت إلى مطالبات بإقالته.
ويريد عشرة من أصل أربعة وعشرين عضوًا في المجلس إقالة زاكاني، ويُقال إنهم يضغطون مع الآخرين للحصول على الأغلبية المطلوبة لإطاحته.
وأصبح خطاب نرجس سليماني، ابنة قائد فيلق القدس الراحل في الحرس الثوري، قاسم سليماني، في جلسة المجلس يوم الأحد، محور الخلافات.
وشككت "سليماني"، التي تترأس لجنة المراقبة في المجلس، أثناء كلمتها، في أداء زاكاني، خلال السنوات الثلاث الماضية، وفي إشارة إلى ترشحه في الانتخابات الرئاسية المبكرة الأخيرة، قالت إن العاصمة بحاجة إلى رئيس بلدية "لا يُتوق باستمرار إلى البقاء في مكان آخر".
وأصبح الصراع بين أعضاء بلدية طهران متجذرًا بعمق، نظرًا للتنافس السياسي بين رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، والمرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، سعيد جليلي، الذي يتمتع بعلاقات وثيقة مع جبهة الصمود (بايداري) المتشددة، وحليفتها جبهة "صبح إيران".
سحب زاكاني ترشيحه لصالح جليلي قبل الانتخابات؛ مما تسبب في توجيه اتهامات له بأنه أصبح مرشحًا فقط لمساعدة جليلي؛ باعتباره "كلبه المهاجم" ضد المرشحين الآخرين في المناظرات.
وادعى زاكاني مرارًا وتكرارًا، قبل الانتخابات وأثناء المناظرات، أنه أنهى الفساد المستشري في بلدية طهران، والذي ازدهر خلال فترة ولاية أسلافه.
ومع ذلك، ظهرت مزاعم جديدة حول الفساد المستشري في إدارة زاكاني؛ حيث قالت سليماني، مشيرة إلى مزاعم الرشوة، إن "رئيس البلدية فشل بشكل خطير في معالجة الفساد المتجذر في المجلس". وكانت قد صرحت في وقت سابق لصحيفة "هم ميهن" الإصلاحية بأن هناك تقارير عديدة عن رشوة وأن المجلس فتح تحقيقًا في الأمر.
وفي الأسبوع الماضي، نشر صحفي مؤيد لرئيس البرلمان الإيراني، قاليباف، مقطع فيديو، اتهم فيه مدير البلدية، والذي عُرف باسمه الأخير فقط، أفسوني، مستشار زاكاني، سعيد صدر زاده، بالمطالبة بـ 400 عملة ذهبية و450 ألف دولار لتأمين منصب نائب التنمية له. المنطقة الأولى من طهران، وهي الأكثر ثراءً في المدينة.
وأثار هذا الادعاء، الذي لم ينكره أي مسؤول في البلدية حتى الآن، موجة جديدة من الدعم الشعبي لعريضة أُطلقت في مارس (آذار) الماضي تطالب بإقالة زاكاني، وعريضة مضادة من أنصاره تحثه على "عدم الاستسلام" لضغوط المنافسين السياسيين.
وقد ابتُليت فترة ولاية زاكاني رئيسًا لبلدية العاصمة، بالعديد من الخلافات الكبرى في الأشهر القليلة الماضية، بما في ذلك الغضب بشأن خططه لبناء مساجد في الحدائق العامة، واتفاق تم إبرامه سرًا بقيمة ملياري دولار مع شركة صينية لاستيراد معدات مراقبة النقل والمرور، وكان سليماني من بين أعضاء المجلس، الذين انتقدوا الصفقة بشدة.
وزعم بعض المنتقدين أن هذه المساجد تهدف إلى أن تكون بمثابة قواعد لميليشيات "الباسيج" وتسهيل قمعها للمتظاهرين في جميع أنحاء العاصمة. ويصر زاكاني على أنه لا يمكن نشر تفاصيل الصفقة الصينية لأسباب تتعلق بالأمن القومي.
وتعرضت نرجس سليماني، المتزوجة من رئيس التحرير السابق لصحيفة "طهران إمروز"، المملوكة لبلدية طهران، أبو ذر خزائي، الحليف المقرب من قاليباف، لانتقادات شديدة من أنصار زاكاني، واتهمها البعض بـ "خيانة" والدها، بعد وقوفها إلى جانب قاليباف.
وترشحت سليماني، التي لم تكن سياسية، لانتخابات المجلس عام 2020، على الرغم من الاعتراض الشديد على ما يبدو من بعض أفراد الأسرة، بمن في ذلك أختها وشقيقها وعمها، واحتلت المركز الثالث بنحو 350 ألف صوت.
ومنذ عام 2012، أصبحت "سليماني" عضوًا في مؤسسة خيرية، أسستها زوجة قاليباف، زهرة مشيروليستخاره، وكانت تلك المؤسسة الخيرية المثيرة للجدل، والتي يشغل زوج "سليماني" منصب الرئيس التنفيذي لها، هي نفسها في قلب قضية الاستيلاء على الأراضي والفساد عام 2021.
وأفادت وكالة الأنباء العراقية الوطنية، في 23 يوليو (تموز) الجاري، بأن محافظة ديالى شهدت انقطاعًا كبيرًا في التيار الكهربائي؛ نتيجة توقف إمدادات الكهرباء الإيرانية من خطي النقل، وذلك لأسباب غير معروفة.
وأشار تقرير الوكالة العراقية إلى أن إيران أوقفت تصدير 250 ميغاوات من الكهرباء، في حين تحتاج المنطقة إلى 900 ميغاوات؛ بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
وتبلغ سعة نقل خطي النقل من إيران إلى ديالى العراقية 550 ميغاوات، ومع ذلك، لم تقدم إيران سوى 250 ميغاواط إلى ديالى، حتى 20 يوليو الجاري، نتيجة العجز المحلي الكبير.
ووفقًا لإحصائيات وزارة الطاقة الإيرانية، فقد انخفضت صادرات الكهرباء الصافية للبلاد بشكل كبير من عام 2012 إلى عام 2022، مما يشير إلى نقص متزايد في فائض الكهرباء المتاحة للتصدير؛ حيث استوردت طهران نحو ثلاثة تيراوات ساعة من الكهرباء من تركمانستان وأذربيجان، بينما صدّرت 4 تيراوات ساعة في عام 2022، حيث ذهبت الأغلبية إلى العراق، وهذا يضع صافي صادرات الكهرباء الإيرانية عند 1 تيراوات ساعة، وهو أقل ثماني مرات من مستوى عام 2012.
وأوقفت وزارة الطاقة الإيرانية الوصول العام إلى إحصائياتها في يونيو (حزيران) 2023. ومع ذلك، صرح بعض المسؤولين الإيرانيين بأن ميزان تجارة الكهرباء في البلاد كان صفرًا منذ الصيف الماضي، مما يعني أن إيران كانت تصدّر الكهرباء بما يعادل وارداتها، لكن يبدو الآن أن عجز الكهرباء في إيران خلال الصيف قد وصل إلى نقطة؛ حيث لم يعد بوسعها الحفاظ على صادراتها بنفس مستوى وارداتها.
وفي الوقت نفسه، أعلن وزير الطاقة التركي، ألب أرسلان بيرقدار، في 22 يوليو الجاري أيضًا، بدء تصدير 300 ميغاوات من الكهرباء إلى العراق، وبالإضافة إلى ذلك، بدأت بغداد منذ مارس (آذار) 2024 في استيراد الكهرباء من الأردن، كما تتفاوض الحكومة العراقية على صفقات مع المملكة العربية السعودية وعمان لاستيراد الكهرباء، رغم أن هذه الاتفاقيات لم يتم الانتهاء منها بعد.
وفي عام 2023، أطلقت تركيا 2800 ميغاواط من محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. ووفقًا لأحدث الإحصائيات الصادرة عن هيئة تنظيم سوق الطاقة في تركيا، فقد أضافت 3500 ميغاوات من مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الجديدة، بالإضافة إلى 600 ميغاوات من القدرة الكهرومائية، إلى توليد الطاقة خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى مايو (أيار) 2024.
ويتجاوز نمو تركيا في قدرة توليد الكهرباء المتجددة خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024 أكثر من ضعف إجمالي نمو توليد الكهرباء في إيران من جميع أنواع محطات الطاقة خلال العام الماضي، وتخطط أنقرة لإضافة 7000 ميغاواط من الطاقة المتجددة هذا العام.
وفي المقابل، استهدفت الحكومة الإيرانية إطلاق 2850 ميغاوات من محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح العام الماضي، لكنها لم تحقق سوى 2 بالمائة من هذا الهدف. وكانت معظم محطات الطاقة التي أطلقتها إيران حديثًا العام الماضي تعمل بالبخار والغاز، وبكفاءة تتراوح بين 29 بالمائة و33 بالمائة فقط.
وتواجه إيران هذا العام عجزًا في الكهرباء هذا الصيف يتراوح بين 14 ألفًا و18 ألف ميغاوات، أي ما يعادل 20 بالمائة إلى 25 بالمائة من الطلب على الكهرباء في البلاد.
كما تعتمد محطات الطاقة العراقية بشكل كبير على واردات الغاز الإيراني، ومع ذلك، تواجه إيران عجزًا كبيرًا في الغاز خلال فصل الشتاء، وتوقف تسليم الغاز إلى جارتها الغربية، ونتيجة لذلك، يفقد العراق 4000 إلى 5000 ميغاوات من قدرته على توليد الكهرباء في الشتاء بسبب انقطاع الإمدادات الإيرانية.
ورغم أن العراق مدد مؤخرًا اتفاقية استيراد الغاز مع إيران لمدة خمس سنوات مقبلة، فإنه يسعى إلى تنويع مصادر استيراد الطاقة، بما في ذلك استيراد الغاز من تركمانستان عبر إيران.
وحدد العراق هدفًا لوقف حرق الغاز بحلول عام 2028 وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة بحلول عام 2030، وتعمل بغداد على تقليل اعتمادها الشديد على إمدادات الطاقة الإيرانية، التي تخضع لعقوبات تلزم الولايات المتحدة بإصدار إعفاءات كل أربعة أشهر.