وبحسب بعض التقارير التي وصلت إلى "إيران إنترناشيونال"، فقد اعتقل محمد مالجو، وبرويز صداقت، وشيرين كريمي، ومهسا أسد الله نجاد، يوم الإثنين 3 نوفمبر (تشرين الثاني) على يد عناصر استخبارات الحرس الثوري. وحتى الآن، لم يصدر المسؤولون الأمنيون والقضائيون في إيران أي تصريح بشأن اعتقال هذه المجموعة من الاقتصاديين وعلماء الاجتماع والباحثين.
وبناءً على ذلك، لا يزال سبب الاعتقال ومكان الاحتجاز مجهولين.
وقالت مهتاب صداقت، ابنة الاقتصادي برويز صداقت، رئيس تحرير مجلة "نقد الاقتصاد السياسي"، لصحيفة "شرق" يوم الاثنين إن عناصر الأمن لم يعلنوا أي تهمة، وإن العائلة لا تعلم سبب الاعتقال أو الجهة التي نفذته.
وأشارت إلى أن عناصر الأمن قالوا إنهم جاءوا من السلطة القضائية.
وفي السياق نفسه، اعتقل رسول قنبري، باحث العلوم الاجتماعية والاقتصادية، على يد عناصر أمنية ثم أُطلق سراحه بعد ساعات.
كما داهمت عناصر أمنية منزل هيمن رحيمي نجاد، المترجم والباحث، وصادرت حاسوبه المحمول وهاتفه المحمول وعدداً من كتبه.
وقالوا لرحيمي نجاد إنه يجب عليه يوم الثلاثاء "الحضور إلى المكان المحدد لمتابعة الموضوع". ولم يصدر حتى الآن أي خبر عنه.
وقد أدانت الجمعية الإسلامية لطلبة كلية العلوم الاجتماعية بجامعة طهران في بيان "اعتقال واستدعاء الباحثين المستقلين" وكتبت: في وقت تتكسر فيه البلاد تحت وطأة أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية متتالية، ومؤسسات السلطة "إما عاجزة أو غير مستعدة للاعتراف بعجزها"، لجأ النظام مجدداً إلى "أداة القمع البالية" بدلاً من تحمّل المسؤولية أمام الشعب.
وأشارت هذه المنظمة الطلابية إلى أن "المفكرين والباحثين المستقلين" هم الهدف المباشر لهذه الموجة الجديدة من الترهيب، ووصفت الاعتقالات بأنها "جزء من نمط مدروس" يهدف إلى "إسكات صوت النقد وإغلاق فضاء الأصوات المحتجة".
وطالبت البيان بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الباحثين والمترجمين والمثقفين الذين تم اعتقالهم أو استدعاؤهم أو تهديدهم بسبب أنشطتهم البحثية أو النقدية.
كما قال علي محمد حاضري، عضو رابطة أساتذة الجامعات، لوكالة "إيلنا": "التعاملات الأخيرة مع أصحاب الرأي والأساتذة دون تقديم شفافية كافية وتوضيح بشأن طبيعة التهم والقضايا الموجودة، تثير قلقاً شديداً في المجتمع الأكاديمي بل وفي المجتمع الإيراني بأكمله، يوحي بأن أساليب التعامل مع الفكر تعود للظهور أو تتصاعد من جديد".
وسبق أن أعربت هيئة إدارة جمعية علم الاجتماع الإيرانية عن قلقها إزاء استدعاء واعتقال عدد من علماء الاجتماع والباحثين في مجال العلوم الاجتماعية.
رسالة الأجهزة الأمنية
كتب حميد آصفي، الناشط المدني في إيران، في قناته على "تلغرام" بشأن رسالة هذه الاعتقالات أن الأجهزة الأمنية تنوي "قطع آخر رابط بين النقد الاجتماعي المستقل والمعرفة الجامعية"، وأضاف أن هذا الاتجاه هو استمرار لمشروع بدأ منذ سنوات؛ مشروع "تطهير هادئ لصوت العقلانية أمام السلطة المطلقة".
وأكد أن المجتمع يجب أن لا يصمت أمام هذا القمع، وكتب: "صمت الأساتذة والصحافيين والمثقفين والطلاب له ثمن باهظ. اليوم، كل من يصمت خوفاً، قد يرى غداً أسماء أصدقائه أو تلاميذه في قائمة المعتقلين".
كما كتب ياسر عزيزي، الناشط السياسي في إيران، في قناته على "تلغرام" أن "قمع القوى والناشطين والمنتقدين اليساريين في بلادنا ليس أمراً غريباً"، وكتب: "استدعاء واعتقال أمثال برويز صداقت ومحمد مالجو وعدد من الشباب النشطين الذين لم يكتبوا سوى من أجل فهم الواقع الاجتماعي ونقد الوضع القائم، أمر مذهل حقاً".
وأشار إلى "استحالة ظهور قوة أو تيار يساري جاد (بسبب القمع السابق والحالي)". وأضاف أن أصحاب السلطة وآذانهم وعيونهم الأمنية، يسعون إلى "معالجة الحدث قبل وقوعه"، خوفاً من الظروف الاجتماعية المحتملة من جهة، واحتمال تبني سياسات اقتصادية تهدف إلى مزيد من الضغط على الطبقات الأدنى من جهة أخرى.
وكتب عزيزي: في ظل انتظار حرب عسكرية واستمرار حرب اقتصادية وضرورة تجنب السلوكيات التي تزيد من التشرذم الاجتماعي، فإن النظام الضيق الأفق الحالي، لم يجد جداراً أقصر من القوى المستقلة والسليمة، بدلاً من معالجة الآلام التي تكمن جذورها الرئيسية في الهيكل الحاكم نفسه.
وسبق أن اعتقل حسين مير بهاري، ناشط حقوق الطفل وعضو جمعية الدفاع عن حقوق الطفل، في 15 أكتوبر (تشرين الأول) للمرة الثانية على يد عناصر أمنية تابعة للنظام الإيراني.
كما اعتقل في 20 أغسطس (آب) كلا من حسن توزنده جاني، الشاعر والناشط الثقافي، وإحسان رستمي، الناشر والمترجم وتاجر الكتب، ومرجان أردشيرزاده، المترجمة، ورامين رستمي، ونيما مهدي زادكان، وكلاهما ناشطان في مجال النشر، في طهران على يد القوات الأمنية.