نجحت إسرائيل، خلال الأشهر الأخيرة، في استهداف عدد كبير من قادة حزب الله اللبناني وقتلهم، ومن بين هذه العمليات، كان مقتل الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، ونائبه هاشم صفي الدين، مما شكّل تحولاً بارزًا دفع الكثيرين إلى التساؤل حول كيفية تحقيق إسرائيل هذا الاختراق الاستخباراتي.
حصلت "إيران إنترناشيونال" على معلومات حصرية تكشف تفاصيل مثيرة حول هوية رئيس إحدى أبرز مجموعات القرصنة التابعة للنظام الإيراني، وأعضاء في هذه المجموعة، وكيفية تجنيد قراصنة جدد يعملون لصالح نظام طهران وأجهزته الأمنية.
وتشير معلومات "إيران إنترناشيونال" إلى ما يعرف بـ"أكاديمية راوين"، التي تقع في قلب طهران، وهي "جامعة سرية" تابعة لوزارة الاستخبارات الإيرانية، وتعمل كذراع تنفيذية لسياسة الهجمات السيبرانية، تحت إشراف المرشد، علي خامنئي؛ حيث تقوم تلك الأكاديمية بتجنيد الموهوبين تحت ستار تدريبهم على أمن الإنترنت.
وعندما كان الناس يهتفون ضد خامنئي في الشوارع، قبل عامين، كانت بعض المجموعات السيبرانية تعمل كأذرع شيطانية للنظام، تساعده في تحديد هويات المتظاهرين وقمعهم.
وفي أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، فرضت وزارة الخارجية الأميركية عقوبات على "أكاديمية راوین"؛ بسبب تورط موظفيها في عمليات القمع. وبعد بضعة أشهر، أشار فريق تحقيق تابع لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى أن هذه الأكاديمية مشتبه بها في انتهاكات حقوق الإنسان في إيران.
وحصلت "إيران إنترناشيونال"، حاليًا، على معلومات حول هويات العاملين في أكاديمية "راوین" السيبرانية؛ وكشفت أن هذه المجموعة أطلقت جولة جديدة من تجنيد القراصنة لصالح وزارة الاستخبارات الإيرانية، تحت ستار التدريب.
وتتم هذه العملية في إطار ما يُسمى "أولمبياد التكنولوجيا"، وهو حدث تنظمه إدارة العلوم التابعة للرئاسة الإيرانية، ومجمع "الابتكار التكنولوجي" في برديس. وفي الحقيقة، تقوم أكاديمية "راوین" بتجنيد المواهب من خلال مسابقة تشمل هجمات ودفاعات سيبرانية، بهدف تحويل هؤلاء الشباب الموهوبين إلى "قراصنة" يعملون لصالح النظام الإيراني، وينفذون هجمات سيبرانية على أهداف خارجية.
ما هي أكاديمية "راوین" وكيف أصبحت الذراع السيبرانية لوزارة الاستخبارات الإيرانية؟
في يناير (كانون الثاني) 2020، قام شابان من وزارة الاستخبارات الإيرانية، بتسجيل مؤسسة غير تجارية تُسمى "آوای هوشمند راوین"، لاستخدامها في قيادة وإدارة مجموعات القراصنة التابعة للنظام.
وتعرّف أكاديمية راوین نشاطها على أنه "تدريب في أمن الإنترنت"، لكنها تلعب دورًا مهمًا في دائرة المجموعات السيبرانية التابعة للنظام الإيراني.
وقد حصلت "إيران إنترناشيونال" على هويات 16 عضوًا رئيسيا في هذه الأكاديمية، يعملون تحت ستار عدة وظائف، منها: "مدرس"، و"عضو مجلس إدارة"، و"موظف"، وهم مشاركون في عمليات غسيل أموال لصالح مجموعات القرصنة ويجندون شبابًا للأنشطة السيبرانية لصالح وزارة الاستخبارات.
ويقع مقر أكاديمية راوین في قلب طهران، بشارع مطهري، شارع سليمان خاطر، بين زقاق المسجد وزقاق غروس، في مبنى رقم 105.
الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة فرضت عقوبات على تلك الأكاديمية، في السنوات الأخيرة.
أعضاء أكاديمية "راوین"
تم تغيير أعضاء مجلس إدارة الأكاديمية آخر مرة، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ويشغل مجيد مصطفوي منصب المدير التنفيذي الحالي لهذه الأكاديمية، وهو أحد مؤسسيها، وكان سابقًا أحد المديرين التنفيذيين لشركة "أبرآروان"، الذراع الإلكترونية للنظام في فرض الفلترة على الإنترنت، ونفذت أكاديمية راوین، تحت إدارته، هجمات سيبرانية على وزارتي الخارجية والدفاع في تركيا.
كما أن للأكاديمية مؤسسًا آخر هو فرزین كريمي مزلقانجاي، الذي كان رئيس مجلس الإدارة سابقًا، ويعمل الآن مدرسًا بها، ويظل أحد العناصر الأساسية في المجموعة.
هجمات سيبرانية بارزة
كان فرزین كريمي العقل المدبر وراء الهجوم السيبراني على منشآت النفط السعودية "أرامكو". وهناك عضو آخر غامض في الأكاديمية هو بارسا صرافيان، الذي لم تُنشر له أي صورة حتى الآن، لكنه يُعرف بصوته فقط من خلال الدورات التدريبية، التي يقدمها عبر الإنترنت، واسمه الحقيقي هو حسين فرد سياه بوش، وهو حاليًا عضو مجلس إدارة "آوای هوشمند راوین" ورئيس مجموعة القراصنة "دارك- بيت".
هذه المجموعة هاجمت في يناير 2023 جامعة تخنيون الحكومية في حيفا بإسرائيل، باستخدام برمجية "الفدية". وفي العام الماضي، أعلنت مجموعة "دارك- بيت" أنها هاجمت بلدية تل أبيب، ونظام الأمن السيبراني الوطني، وقسم الأمراض النفسية بوزارة الصحة الإسرائيلية، لكنها لم تقدم أدلة على هذه الهجمات حتى الآن.
الهجمات السيبرانية في الخارج
هاجمت المجموعات السيبرانية التابعة لأكاديمية "راوین"، التي تعمل لصالح وزارة الاستخبارات الإيرانية، أنظمة معلومات في إيطاليا والجزائر والأردن وتركيا والسعودية والعراق وباكستان.
التجنيد لصالح النظام
ينظم محمد مهدي سلطاني، عضو مجلس إدارة شركة "آوای هوشمند راوین"، وأحد الشخصيات الرئيسة في الأكاديمية، برامج في مختلف الجامعات داخل إيران، مدعومًا من وزارة الاستخبارات، بهدف تجنيد قراصنة جدد للنظام عن طريق تقديم وعود مغرية.
وتسعى هذه الأكاديمية الآن، من خلال "أولمبياد التكنولوجيا"، لجذب مواهب جديدة قد لا يدركون حتى الآن أنهم يقعون في شباك الأجهزة الأمنية للنظام الإيراني، كما لم يكن الكثيرون يدركون حتى قبل عامين أن مجتبي مصطفوي وفرزین كريمي، المولودين في عامي 1987 و1992، ضابطان رسميان في وزارة الاستخبارات، ويخضعان الآن لعقوبات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
والمسؤولون عن هذه الأكاديمية هم ضباط "أنيقون"، يعملون تحت غطاء نظام برمجيات "ويندوز"، لكنهم في الواقع قراصنة يسعون إلى تجنيد قراصنة جدد للنظام الإيراني. وهؤلاء الأشخاص لم يعودوا مجهولين أو يستخدمون أسماء مستعارة، بل باتوا شخصيات سيئة السمعة تعمل في الأكاديمية، التي أصبحت مكشوفة كإحدى أدوات وزارة الاستخبارات في خدمة أحلام المرشد الإيراني، علي خامنئي.
وكان خامنئي قد صرح سابقًا بأنه لو لم يكن المرشد، لأصبح "رئيس المجلس الأعلى للفضاء السيبراني". وهو عاشق الفلترة، وعدو الحرية، ويسعى إلى بناء جيش من القراصنة لخدمة أهدافه في الفضاء الرقمي، مرتدين "كوفيته" الشهيرة.
حذّر رئيس مركز مكافحة الأمراض المعدية بوزارة الصحة الإيرانية، قباد مرادي، من انتشار حمى الضنك في البلاد. وقال إنه منذ بداية العام حتى الآن، بلغ عدد المصابين بهذه الحمى 226 حالة. وأكد مرادي أن إيران الآن معرضة تمامًا لانتشار هذا المرض وانتقاله إلى أفراد آخرين.
وفي تصريحاته اليوم السبت 12 أكتوبر (تشرين الأول)، أشار مرادي إلى ارتفاع عدد حالات الإصابة بحمى الضنك في إيران، حيث بلغ عدد المصابين بهذا المرض منذ عام 2016 حتى نهاية 2023، 75 حالة فقط، ولكن العدد ازداد منذ نهاية العام الماضي.
وأفاد مرادي بأن العديد من المصابين قدموا من دول مختلفة مثل الإمارات العربية المتحدة، وباكستان، وعمان وغيرها. وأضاف أن الإشارة إلى هذه الدول تأتي بسبب انتشار حمى الضنك فيها، حيث تم تسجيل 76 حالة انتقال محلي في إيران حتى الآن.
وفي مدينة تشابهار، تم تسجيل أكثر من 90 إصابة بحمى الضنك، كما تم الإبلاغ عن حالات أخرى في محافظات فارس، وهرمزكان، وقزوين، وجيلان وأصفهان، وقد تكون بعض الحالات ناتجة عن عدوى وافدة.
من جانبه، ذكر شهنام عرشي، رئيس مركز مكافحة الأمراض المعدية بوزارة الصحة، في شهر سبتمبر (أيلول) من هذا العام، أنه تم تسجيل 184 حالة إصابة بحمى الضنك في البلاد منذ بداية العام حتى 8 سبتمبر الماضي.
وأضاف عرشي حينها أن معظم المصابين بحمى الضنك في إيران لديهم سجل سفر إلى الخارج.
خطر الانتقال المحلي لحمى الضنك في شمال وجنوب البلاد
أكد قباد مرادي أن القلق بشأن انتشار حمى الضنك في المناطق الشمالية والجنوبية للبلاد يتزايد، نظرًا لاحتمال انتقال المرض محليًا، مضيفًا: "حمى الضنك من الأمراض المستجدة، وهي لا تقتصر على بلدنا فقط."
وقال مرادي إنه تم تسجيل سبعة ملايين إصابة بحمى الضنك على مستوى العالم، وأن 140 دولة حول العالم تتعامل مع هذا المرض. وشدد على ضرورة توخي جميع الأجهزة الحكومية الحذر بشأن انتشار حمى الضنك، داعيًا المواطنين والدولة إلى تنظيف البيئات التي يمكن أن تنمو فيها يرقات البعوض، مثل برك المياه، والمجاري المكشوفة، وحتى أواني النباتات.
وأوضح مرادي أن نحو 100 شخص أصيبوا بحمى الضنك في تشابهار، وأن هناك انتقال محلي للمرض. وأشار إلى أن أكثر من 700 منطقة موبوءة بهذا المرض قد تم تحديدها حتى الآن.
وفي تصريح سابق يوم 5 أغسطس (آب) الماضي، قال عرشي إنه يشعر بالقلق إزاء انتشار حمى الضنك في شهري سبتمبر وأكتوبر.
كما حذّر حسين فرشيدي، نائب وزير الصحة، في 30 يوليو من زيادة حالات الإصابة في الخريف، مشيرًا إلى أن انخفاض درجات الحرارة المصحوبة بأمطار الخريف قد يؤدي إلى زيادة كثافة بعوضة "الآيدس" المسببة للمرض.
حمى الضنك: "حمى تكسير العظام"
حمى الضنك، المعروفة أيضًا بـ"حمى تكسير العظام"، هي مرض فيروسي ينتقل إلى الإنسان عن طريق لدغة بعوضة تُدعى "آيدس". نسبة الوفيات الناتجة عن حمى الضنك منخفضة، لكن المصابين بها يعانون من آلام شديدة في العظام والمفاصل والعضلات.
وبحسب التقارير، بدأ نظام مراقبة هذا المرض في إيران عام 2016، وتم اكتشاف بعوضة الآيدس في عام 2019.
وفي تقرير نشرته قناة "إيران إنترناشيونال" يوم 2 أغسطس 2024، أشير إلى أن جزءًا من إدارة أزمة تفشي حمى الضنك في إيران قد تم تسليمه إلى الجيش، في ظل تزايد المخاوف من انتشار المرض.
كيف يمكن الوقاية من الإصابة بحمى الضنك؟
ينصح الخبراء بأن أفضل وسيلة للوقاية من حمى الضنك هي حماية الجسم من لدغات البعوض.
وقد أوصى مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة المواطنين باتباع إرشادات لحماية أنفسهم من الإصابة بحمى الضنك، من خلال البقاء في أماكن مكيفة الهواء واستخدام طارد الحشرات وارتداء الملابس الطويلة لتجنب لدغات البعوض.
كما توصي وزارة الصحة الإيرانية المواطنين بارتداء ملابس طويلة واستخدام طارد الحشرات للوقاية من هذا المرض.
أفادت منظمات حقوقية، في تقارير إحصائية جديدة، بأن السلطات الإيرانية نفذت 6756 عملية إعدام خلال السنوات الـ13 الماضية، وذكر التقرير أن 781 من هؤلاء الذين تم إعدامهم كانوا من المواطنين الأكراد.
ووفقًا لتقرير نشرته منظمة "كردبا" الحقوقية، فقد جاءت أحكام الجرائم المتعلقة بالمخدرات في المرتبة الأولى بنسبة تزيد على 48 في المائة، تلتها جرائم القتل بنسبة تفوق 33 في المائة، ثم جرائم الاغتصاب بنسبة تزيد على 4 في المائة. كما أشار التقرير إلى أن 287 عملية إعدام جرت علنًا، ومن بين جميع من أعدموا، تم إعدام 44 طفلاً مجرمًا، باستثناء عامي 2012 و2016.
وأضاف التقرير أن 183 امرأة أُعدمن خلال هذه الفترة، بالإضافة إلى إعدام 195 سجينًا سياسيًا ودينيًا، وسجناء متهمين بجرائم "أمنية".
وأصدر عدد من خبراء الأمم المتحدة بيانًا، يوم أمس الجمعة، 11 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، أعربوا فيه عن قلقهم من تزايد عمليات الإعدام في إيران، وطالبوا بوقف فوري لهذه الممارسات، وذلك تزامنًا مع اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام.
وأشاروا، في بيانهم، إلى أن إيران نفذت أكثر من 400 عملية إعدام خلال العام الجاري وحده، وأكدوا أن إصدار عقوبات الإعدام بسبب جرائم تتعلق بالمخدرات، والزنا، والجرائم السياسية والدينية، يعكس الطابع التعسفي لهذه العقوبات في النظام الإيراني.
كما أعلنت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية، أول من أمس الخميس، 10 أكتوبر (تشرين الأول)، بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة الإعدام، أن السلطات الإيرانية أعدمت 11 شخصًا في سجن قزل حصار، وشخصًا آخر في السجن المركزي بمدينة زاهدان.
وأكدت المنظمة أنه لا يجب الصمت أمام الإحصائيات التي تشير إلى تنفيذ إعدام واحد كل خمس ساعات في إيران، وأوضحت أن عدد الإعدامات منذ بداية العام الجاري بلغ 531 حالة حتى الآن.
وفي هذا السياق، صرحت شيرين عبادي، رئيسة "مركز المدافعين عن حقوق الإنسان" والحائزة على جائزة نوبل للسلام، بأنه "لا فرق من يكون الرئيس أو رئيس السلطة القضائية أو نواب البرلمان"، مضيفة: "إن النظام الإيراني يتعامل مع جميع التحديات والمشكلات من خلال القمع والتمييز الجنسي، ومع مرور السنين ترتفع معدلات الإعدام، لأن الموت هو هوية هذا النظام".
يُذكر أن يوم 10 أكتوبر هو اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، وقد تم اعتماده لأول مرة في عام 2003 من قِبل "التحالف العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام"؛ لتعزيز جهود إلغاء العقوبة وزيادة الوعي بأوضاع السجناء المحكوم عليهم بالإعدام.
قد تكون التقارير عن وفاته مبالغًا فيها. فبعد أيام من تداول وسائل الإعلام تقارير تفيد بمقتل قائد إيراني بارز في غارة جوية إسرائيلية على بيروت، نقلت تقارير جديدة عن مصادر إقليمية أمس الخميس بأن إسماعيل قاآني على قيد الحياة، لكنه محتجز لدى السلطات للاشتباه في تورطه بالتجسس.
التقارير المتضاربة جعلت مراقبي الشأن الإيراني في حالة حيرة بشأن المصير الغامض لقائد "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني، فكتب البعض عبر مواقع التواصل: "هل يمكن أن يكون رمز قوة إيران الخارجية قد تحول إلى عميل إسرائيلي؟".
وأفاد موقع "ميدل إيست آي" الإخباري المستقل بأن قاآني تم احتجازه ويخضع للاستجواب، فيما يحاول النظام الإيراني فهم كيفية تمكن إسرائيل من اختراق حليفها اللبناني حزب الله واغتيال قادته البارزين.
من جهتها، ذكرت “سكاي نيوز عربية” نقلاً عن مصادر إيرانية أن قاآني تعرض لأزمة قلبية أثناء استجوابه، وأن التحقيقات الإيرانية تركز على مدير مكتبه، إحسان شفيقي، واحتمال وجود اتصالات بينه وبين إسرائيل.
لم يظهر قاآني علنًا منذ غارة جوية إسرائيلية كبيرة على بيروت أدت إلى مقتل زعيم حزب الله حسن نصرالله في 27 سبتمبر.
وأشارت بعض التقارير الإعلامية إلى أنه ربما كان يحضر اجتماعًا مع خليفته هاشم صفي الدين عندما استهدف هو الآخر في قصف بتاريخ 3 أكتوبر. لكن مستشارًا لقائد الحرس الثوري الإيراني أكد يوم الأربعاء أن قاآني "بصحة جيدة تمامًا" وسيتلقى وسام شرف عسكريًا من المرشد الأعلى علي خامنئي "خلال الأيام القليلة المقبلة".
هذه المعلومات المتضاربة أثارت تحليلات ومحاولات للفهم، وبالطبع سخرية بين الناشطين الإيرانيين.
فقد علّق أحد مستخدمي منصة "إكس" في إيران قائلاً: "إنقاذ الرهائن والمواطنين هو واجب حكومة أي بلد، والآن أصبح من الواجب الأخلاقي لإسرائيل الذهاب وإنقاذ قاآني".
وآخر صوّر قاآني وهو يرفع التحية للمرشد الأعلى علي خامنئي وهو يقول له بالعبرية: "شالوم".
أما الصحافي الإيراني بهرنغ رهبري فقد رأى أنه "سواء كان قاآني جاسوسًا أم لا، فإن شيئًا واحدًا مؤكدًا، وهو أن انهيار البنية الأمنية للنظام يعني انهيار النظام".
وبأسلوب فكاهي، نشر مستخدم آخر صورة معدلة لقاآني وهو يرتدي زي الجيش الإسرائيلي الكامل مع قبعة (كيباه) اليهودية الدينية، متهكمًا: "من سليماني إلى هنية ونصرالله، كل ذلك كان من عملك؟! سامحني يا صديقي".
وبالمثل، صور الناشط الإيراني أمين بوريا قاآني بجانب قادة إسرائيليين وأميركيين بزيهم الرسمي، محولًا اسمه إلى العبرية "إسماعيل كاهاني".
استمرت الضغوط التي يمارسها النظام الإيراني ضد الصحافيين والناشطين السياسيين، فبعد التقارير التي تحدثت عن قطع خطوط الهاتف المحمول الخاصة بهم، تم إجبارهم من قبل الجهات الأمنية على حذف منشوراتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، ونشر محتويات تتعارض مع آرائهم.
وحسب المعلومات الواردة إلى قناة "إيران إنترناشيونال"، فإن عددًا من الصحافيين والناشطين المدنيين والسياسيين في الأسابيع الماضية، وبعد قطع خطوطهم الهاتفية، تلقوا استدعاءات من الجهات الأمنية والنيابات العامة وتم استجوابهم.
وتفيد المعلومات بأن بعض هؤلاء الأشخاص، بناءً على أوامر عناصر الأمن ومحققي النيابات، وخاصة في نيابة "إيفين"، اضطروا لحذف منشوراتهم ونشر مواد تتعارض مع معتقداتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأفاد عدد من هؤلاء الأفراد في حديثهم مع "إيران إنترناشيونال" أنهم واجهوا تهمًا بسبب رفضهم تنفيذ أوامر عناصر النظام الإيراني، حيث تم إخبارهم أنهم سيستدعون إلى النيابة لمتابعة إجراءات التقاضي.
وقد ذكر ثلاثة أشخاص على الأقل، بينهم صحافي وناشطتان في حقوق النساء، هويتهم محفوظة لدى "إيران إنترناشيونال" حفاظًا على سلامتهم، أنهم يواجهون اتهامات تتعلق بـ"القيام بأنشطة دعاية ضد النظام، ونشر الأكاذيب بقصد تضليل الرأي العام، وتدمير سمعة مسؤولي النظام بهدف إضعاف النظام الإيراني"، وقد أدلوا بدفاعاتهم عن التهم الموجهة إليهم في النيابة.
وفي 4 أكتوبر (تشرين الأول)، أفادت وكالة أنباء "ميزان"، التابعة للسلطة القضائية الإيرانية، بأنه قد تم رفع دعاوى ضد بعض الأشخاص بناءً على مراقبة الفضاء الإلكتروني.
وذكرت "ميزان" في تقريرها أن هؤلاء الأشخاص قاموا بنشر "أخبار كاذبة" أو "خلق الرعب لإلحاق الضرر بالأمن النفسي للمجتمع"، وتم تشكيل ملفات قضائية للأشخاص الذين تمت مقاضاتهم.
حذف المنشورات
وفي 9 أكتوبر (تشرين الأول)، قامت صدف فاطمي، الصحافية في مجال الشؤون الاجتماعية، بحذف جميع منشوراتها على منصتي التواصل الاجتماعي "إكس" و"إنستغرام"، ونشرت صورة بعنوان: "لا يمكن الوصول إلى الموقع المطلوب".
وكانت فاطمي قد أفادت في 24 سبتمبر (أيلول) الماضي بأنها تعرضت لقيود جديدة من قبل الجهات الأمنية، حيث كتبت: "تم قطع خط هاتفي منذ الأسبوع الماضي، ولا يزال غير واضح من الذي أصدر هذا الأمر ومن أي جهة أو منظمة، ووفقًا لأي قانون".
وفي سياق متصل، أشار مهدی أميربور، الصحافي الرياضي وزوج فاطمي، إلى هذا الأسلوب باعتباره طريقة جديدة لقمع الصحافيين، حيث كتب على حسابه في "إكس": "بعد حوالي شهر من قطع الاتصال المفاجئ، تم إجبار صدف على حذف جميع منشوراتها على "إكس" و"إنستغرام"، ونشر هذا المنشور بناءً على أوامر الجهات الأمنية".
وكتب السجين السياسي السابق، مهدي محمودیان، معلقًا على الصورة التي نشرتها صدف فاطمي، أن "هذه الطريقة الجديدة للقمع هي نسخة تم تقديمها لبعض الناس في حزمة أنيقة تحت اسم جديد هو الوفاق".
قطع خدمات الهواتف المحمولة
وفي 19 سبتمبر، أفادت قناة "إيران إنترناشيونال" في تقرير لها بأن عددًا من الصحافيين والناشطين السياسيين في إيران أبلغوا عن قطع خدمات خطوط هواتفهم المحمولة بناءً على أوامر من الجهات الأمنية.
وفي نفس اليوم، أشار المحامي بیام درفشان، في حديثه مع صحيفة "شرق" إلى أنه كان هناك أيضًا مثل هذه القيود المفروضة في قضايا مشابهة سابقًا.
كما نشرت "إيران إنترناشيونال" تقريرا في 15 سبتمبر بعنوان "تشديد الأجواء الأمنية وحبس عائلة أميني في ذكرى قتل مهسا"، حيث تم التأكيد على أن عددًا من خطوط هواتف الناشطين المدنيين والسياسيين في مختلف المدن الإيرانية تم قطعها بناءً على أوامر من الجهات الأمنية.
ومنذ بداية مجيء النظام الإيراني الحالي، تعرض الصحافيون والناشطون الطلابيون والمدنيون والسياسيون الذين ينتقدون النظام لضغوطات مختلفة، وتم اعتقالهم وتعذيبهم، وفي بعض الحالات أُعدموا.
ومنذ بدء الانتفاضة الشعبية الشاملة ضد النظام في سبتمبر 2022، ازدادت وتيرة قمع الناشطين والمتظاهرين من قبل النظام، ولا تزال هذه الحملة مستمرة. وفي 3 أكتوبر (تشرين الأول)، ذكرت منظمة الدفاع عن حرية المعلومات في تقريرها الأخير عن قمع الإعلام والصحافيين في إيران، أن العمليات القضائية والأمنية ضد الصحافيين زادت بنسبة 30 في المائة مقارنة بالشهر السابق.
كما وصفت هذه المنظمة شهر سبتمبر بأنه كان شهرًا صعبًا للمدافعين عن حرية التعبير، وأشارت إلى أنه خلال الفترة من 1 إلى 30 سبتمبر، تعرض ما لا يقل عن 24 صحافيًا ووسيلة إعلامية لـ28 قضية مختلفة من التدخلات القضائية والأمنية من قبل النظام الإيراني.
والسؤال الرئيس هو: هل حققت إسرائيل هذا النجاح من خلال اختراق شبكات استخبارات حزب الله، أم أن هذه المعلومات جاءت من خلال الشبكات الأمنية والاستخباراتية التابعة للنظام الإيراني؟
وتشير الأدلة والقرائن العديدة إلى أن الخيار الثاني هو الأرجح.
وكشف المستشار السابق لقاسم سليماني، وأحد المطلعين على هيكليات قيادة فيلق القدس، مسعود أسد اللهي، عن نقطة مهمة؛ حيث أفاد بأن أجهزة "البيجر"، التي استخدمها حزب الله، وانفجرت لاحقًا بشكل مريب، تم شراؤها عبر إيران وتسليمها لحزب الله دون إجراء الفحوصات الأمنية اللازمة. هذا الكشف أثار ردود فعل واسعة، وسعى بعض المصادر إلى نفيه؛ ومع ذلك، لم يتراجع أسد اللهي عن تصريحاته وأكد صحة معلوماته.
ونظرًا لتاريخه في التعاون الوثيق مع قاسم سليماني في سوريا ومعرفته العميقة بهياكل استخبارات الحرس الثوري وحزب الله، يُعتبر أسد اللهي مصدرًا موثوقًا في هذا المجال.
وتكشف تصريحاته عن وجود اختراق إسرائيلي طويل الأمد وعميق في أجهزة الاستخبارات الإيرانية، مما أتاح لإسرائيل الوصول إلى معلومات حساسة والتخطيط لعمليات معقدة ضد قادة حزب الله؛ فقد نجا حسن نصر الله من محاولات الاغتيال الإسرائيلية لأكثر من ثلاثة عقود، لكن في النهاية تم اكتشافه واغتياله خلال اجتماع مع نائب قائد العمليات في الحرس الثوري، عباس نيلفروشان. هذا الحادث يمثل دليلاً إضافيًا على الاختراق الإسرائيلي العميق للمستويات العليا من المؤسسات الأمنية الإيرانية.
ولم يكن الاختراق الإسرائيلي لهياكل الأمن في إيران أمرًا جديدًا، ففي عام 2020، تمكنت إسرائيل من تتبع قاسم سليماني في دمشق. وعلى الرغم من أنه غيّر شريحة هاتفه المحمول عدة مرات في يوم واحد، فقد نجحت إسرائيل في تحديد موقعه وإبلاغ الولايات المتحدة، مما أدى إلى استهدافه سليماني في هجوم أدى إلى مقتله وقائد الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، في مطار بغداد.
وبعد ذلك بوقت قصير، اُغتيل المسؤول الرئيس عن البرنامج النووي الإيراني، محسن فخري زاده، باستخدام مدفع رشاش آلي على طريق آبسرد دماوند في طهران، كما قُتل المسؤول اللوجستي للحرس الثوري في سوريا ولبنان، رضي موسوي، وقائد الحرس الثوري في لبنان، محمد رضا زاهدي، في عمليات إسرائيلية أخرى.
هذه السلسلة من العمليات تُظهر أن إسرائيل، قبل اختراقها حزب الله، تمكنت من التسلل بعمق إلى الهياكل الاستخباراتية للنظام الإيراني.
وإلى جانب تصريحات مسعود أسد اللهي، اعترف كل من وزير الاستخبارات الإيراني السابق، علي يونسي، والرئيس الإيراني الأسبق، محمود أحمدي نجاد، بالاختراق العميق لإسرائيل داخل إيران؛ حيث حذر يونسي من أن مستوى هذا الاختراق بات خطيراً، لدرجة أن جميع مسؤولي النظام الإيراني يجب أن يخشوا على حياتهم.
ومن جهته، تحدث أحمدي نجاد عن أمثلة عديدة تؤكد أن إسرائيل تمكنت من الوصول إلى وثائق نووية إيرانية وتهريبها خارج البلاد، كما أشار إلى سرقة وثائق من وكالة الفضاء الإيرانية واختراق مؤسسات حساسة، من بينها زعمه أن رئيس قسم مكافحة التجسس الإسرائيلي في وزارة الاستخبارات كان نفسه جاسوسًا لإسرائيل.
وتشير الأدلة إلى أن التفوق الاستخباراتي الإسرائيلي إما ناتج عن تكنولوجيا تجسس متقدمة، أو بسبب التجنيد البشري واختراق شخصيات بارزة في الأجهزة الأمنية الإيرانية، وقد تجلى هذا التفوق ليس فقط في اغتيال قادة حزب الله، بل أيضًا في اغتيال شخصيات، مثل سليماني وفخري زاده وموسوي.
إن اختراق إسرائيل لهياكل الأمن الإيرانية ليس حادثة عرضية، بل هو عملية طويلة الأمد وعميقة لا تزال مستمرة. هذه الاختراقات وجهت ضربات قاسية لحزب الله وأدت إلى مقتل قادة كبار، مثل حسن نصر الله وهاشم صفي الدين.
وتعكس هذه التطورات ضعف البنية الأمنية للنظام الإيراني وقوة الاستخبارات الإسرائيلية، التي تمكنت بوضوح من التغلغل في عمق الهياكل الاستخباراتية الإيرانية، والحصول على معلومات دقيقة في الوقت المناسب للقضاء على أهداف رئيسة.