المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية: "الحمد لله.. دمشق آمنة"



قال مساعد الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف إن سياسة "الضغط الأقصى" ضد النظام الإيراني لن تنجح، وإن دونالد ترامب، الرئيس المنتخب للولايات المتحدة، يجب أن يسعى إلى التوصل إلى اتفاق يعود بالنفع على كلا الطرفين.
وفي مقال نشرته مجلة "فورين أفيرز" يوم الاثنين 2 ديسمبر (كانون الأول)، أكد ظريف أن الغرب يجب أن يركز بدلاً من زيادة الضغط على طهران، على إيجاد حلول تحقق فائدة للطرفين.
واعتبر مساعد الرئيس الإيراني الاتفاق النووي الإيراني بمثابة "مثال فريد"، وأضاف أن "الغرب يجب أن يتخذ خطوات لإحيائه".
يذكر أنه خلال فترة رئاسته في البيت الأبيض بين عامي 2017 و2021، تبنى ترامب سياسة "الضغط الأقصى" ضد النظام الإيراني، وانسحب من الاتفاق النووي.
وكانت هذه السياسة مصحوبة بتقليص كبير في صادرات النفط الإيرانية، مما أثر بشكل كبير على اقتصاد طهران.
ويعتقد بعض المراقبين، بالنظر إلى تشكيل أعضاء حكومة ترامب المقبلة، أن واشنطن ستتبنى مجددًا سياسة "الضغط الأقصى" ضد طهران.
في مقاله في "فورين أفيرز"، طالب ظريف باتخاذ خطوات "ملموسة وعملية" من الغرب لإحياء الاتفاق النووي، وقال إن "الخطوات السياسية، والقانونية، والاستثمار المتبادل والمفيد" يمكن أن تهيئ الأرضية لـ"استفادة إيران اقتصاديًا من هذا الاتفاق".
وأضاف مساعد الرئيس الإيراني أن ترامب وحلفاءه الأوروبيين يجب أن يتحملوا مسؤولية "التقدم المستمر" في البرنامج النووي الإيراني، لأن "عدد أجهزة الطرد المركزي في إيران قد زاد بشكل ملحوظ" بعد انسحاب ترامب من الاتفاق، كما ارتفع مستوى تخصيب اليورانيوم بشكل كبير من 3.5% إلى أكثر من 60%.
وفي 29 نوفمبر (تشرين الثاني)، أفادت وكالة "رويترز" أن مفاوضات جنيف بين إيران وثلاث دول أوروبية حول بعض القضايا الخلافية، بما في ذلك البرنامج النووي الإيراني، قد شهدت "تقدمًا ضئيلاً".
وتم عقد اجتماع جنيف بعد أن اعتمد مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، بناءً على اقتراح من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، قرارًا ضد البرنامج النووي الإيراني.
انتقادات "اتفاق إبراهيم"
في مقاله، انتقد ظريف الجهود الرامية إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية في إطار "اتفاق إبراهيم"، وقال إن مثل هذه الاستراتيجيات التي تضع إيران والدول العربية في مواجهة بعضهما البعض كانت "عديمة التأثير" حتى الآن، ولن تحقق أي نتائج إيجابية في المستقبل.
وأضاف أن الغرب يجب أن يتبنى نهجًا "بناءً" في هذا الصدد، "ويقبل إيران كجزء لا يتجزأ من الاستقرار الإقليمي"، وأن "يسعى إلى حلول قائمة على التعاون لمواجهة التحديات المشتركة".
وكانت إسرائيل قد أقامت علاقات سياسية ودبلوماسية في سبتمبر (أيلول) 2020 مع دولتين عربيتين، الإمارات العربية المتحدة والبحرين، في إطار "اتفاق إبراهيم"، ثم وقعت في أكتوبر (تشرين الأول) من نفس العام مع المغرب، وفي ديسمبر (كانون الأول) 2022 وقعت مع السودان اتفاقيات لتطبيع العلاقات.
ولطالما كانت طهران من أشد المعارضين لتطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول المنطقة.
وقد شبه المرشد الإيراني، علي خامنئي، في 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول المنطقة بـ"المراهنة على حصان خاسر"، واعتبره مقامرة "محكومًا عليها بالفشل".

ذكرت "القناة 12" الإسرائيلية أن إسرائيل حذرت قبل يومين طائرة إيرانية من الهبوط في دمشق، وأن الطائرة عادت إلى طهران. وبحسب هذا التقرير، يشتبه في أن هذه الطائرة كانت تقوم بنقل أسلحة إلى سوريا، ومنها إلى لبنان.

قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بعد لقائه بشار الأسد في دمشق: "لقد نقلت إليه رسالة دعم إيران لسوريا وشعبها وشخص بشار الأسد نفسه". وأضاف: "من الطبيعي أن يكون الوضع صعبا، لكن شجاعة الرئيس السوري ومعنوياته كانت مثيرة للإعجاب".

نقلت وكالة "رويترز"، الإثنين 2 ديسمبر (كانون الأول)، عن مصدرين في الجيش السوري أن قوات مدعومة من إيران دخلت الأراضي السورية ليلاً عبر العراق. وتهدف هذه الخطوة إلى تعزيز مواقع الجيش السوري في مواجهة قوات المعارضة لنظام بشار الأسد في شمال سوريا.
ووفقاً لـ"رويترز"، عبر عشرات من عناصر الحشد الشعبي، أحد الفصائل التابعة لإيران، إلى سوريا عبر "مسار عسكري" بالقرب من معبر البوكمال الحدودي.
وقال مصدر رفيع المستوى في الجيش السوري: "هذه القوات الجديدة أُرسلت لدعم رفقائنا على خطوط المواجهة في شمال [سوريا]". وأضاف أن من بين القوات المرسلة من العراق إلى سوريا، شوهدت عناصر من "كتائب حزب الله" و"فاطميون".
وخلال الأيام الماضية، تمكنت قوات المعارضة من التقدم في شمال سوريا، والسيطرة على مناطق عدة في حلب وإدلب.
تطورات سوريا وتراجع النفوذ الإقليمي لإيران
وفي تحليل للموقف، وصف "مجلس العلاقات الخارجية" في الولايات المتحدة عمليات المعارضة الأخيرة بأنها "مفاجئة"، مشيرا إلى أن هذا التطور قد يؤدي إلى مزيد من تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة.
وأضاف المجلس أن إسرائيل ألحقت خلال الأشهر الأخيرة "أضراراً كبيرة بمحور المقاومة" التابع لإيران، خاصة حزب الله اللبناني، ما دفع المعارضة في سوريا لاستغلال هذا الوضع وبدء عملياتها، إذ إن "حزب الله ضعيف للغاية وروسيا منشغلة بحربها في أوكرانيا، ما جعل الدفاع عن نظام الأسد أصعب من السابق".
وأوضح التحليل أن حزب الله وروسيا استثمرا بشكل كبير في سوريا، ما يعني أن كليهما سيتدخل في الصراع الحالي، لكنه استدرك قائلاً: "المهم هو أن قدراتهما العسكرية قد تراجعت مقارنة بحجم القوات التي شاركت في قمع المعارضة خلال عامي 2015 و2016".
والحرب الداخلية في سوريا التي بدأت بتظاهرات سلمية ضد حكومة الأسد في عام 2011، أسفرت عن مقتل أكثر من 500 ألف شخص وتشريد ملايين آخرين.
ودخل تنظيم داعش من جهة، وقوات داعمة لحكومة الأسد مثل الحرس الثوري الإيراني وحزب الله من جهة أخرى، إلى الصراع السوري، مما أدى إلى زيادة أعداد القتلى، وأدى إلى دمار اقتصادي واسع، كما تم تدمير البنية التحتية السورية بشكل كبير.
وذكر "مجلس العلاقات الخارجية" في الولايات المتحدة أن سوريا تلعب دورًا "حيويًا" في دعم إيران لحزب الله، ولذلك يوجد لطهران وجود عسكري واسع في سوريا، بما في ذلك عشرات القواعد العسكرية والمنشآت الأخرى.
وقالت هذه المؤسسة إن سوريا تُعتبر بالنسبة لإيران "ممرًا لنقل الأسلحة، ومكانًا لإنتاج الأسلحة، وقاعدة قيادة لقادة الحرس الثوري الإيراني"، حيث يتم التنسيق بين إيران وحزب الله من خلال هذه القواعد.
وأوضحت هذه المؤسسة أن الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة قد تدهورت في الأشهر الأخيرة، وأن ظهور المعارضة السورية مجددًا يشكل تهديدًا إضافيًا للنفوذ الإيراني في المنطقة.
وفي 28 نوفمبر (تشرين الثاني)، أفادت وسائل الإعلام الإيرانية بأن كيومرث بورهاشمي، المعروف بـ"حاج هاشم"، وهو من القيادات البارزة في الحرس الثوري الإيراني، قُتل خلال الهجمات التي شنتها المعارضة في مدينة حلب.
وفي 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، أفادت صحيفة "كيهان" التي تُديرها مؤسسة المرشد علي خامنئي بأن الهدف الرئيسي لـ"الحرب الجديدة" في سوريا، التي بدأت الأسبوع الماضي، هو النظام الإيراني، مشيرة إلى مقتل عدد من الإيرانيين في تلك المعارك.
هل يستطيع المعارضون تثبيت مواقعهم؟
وذكر "مجلس العلاقات الخارجية" أن العمليات العسكرية الأخيرة في سوريا تنفذها جماعات "متطرفة"، أبرزها هيئة تحرير الشام. كما أن المعارضة المسلحة الأخرى تضم الأكراد والقوات المدعومة من تركيا.
وأضافت المؤسسة أن المعارضة تمكنت من السيطرة على مدينة حلب وتواصل تقدمها نحو حماه، ولكن لم يتم بعد التوصل إلى استنتاج نهائي بشأن نتائج هذه العمليات أو مصير حكومة الأسد، مضيفة: "يجب أن نكون حذرين في هذا الصدد".
وأشار إلى أنه لا يمكن الجزم بما إذا كانت الجماعات المتمردة ستتمكن من تثبيت مكاسبها أم لا، لأن ذلك يعتمد على رد فعل النظام السوري، والروس، وحزب الله، والجماعات الأخرى التي قد ترسلها إيران لدعم الأسد.
وبينما نشرت تقارير عن شن الطيران الروسي غارات على مواقع المعارضة في سوريا، إلا أنه لم يُعرف بعد ما إذا كان الأسد وحلفاؤه قادرين على تنظيم دفاع فعال ضد هذه الجماعات.
ما سيكون موقف روسيا من النزاع في سوريا؟
وأشار "مجلس العلاقات الخارجية" أيضًا إلى أن القوات التابعة لحكومة الأسد في الوقت الحالي لا يمكنها أو لا ترغب في التصدي للمقاتلين المعارضين، في حين أن حزب الله لا يزال غير قادر على تعبئة قواته لدعم الأسد كما كان في السابق.
هذا الوضع الصعب قد جعل روسيا تواجه تحديات كبيرة في سوريا، حيث أكدت المؤسسة أنه "لا شك في أن موسكو ترغب في الدفاع عن مواقفها في سوريا، ولكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا يشمل الدفاع عن الأسد أيضًا".

قال السجين السياسي الإيراني مصطفى تاج زاده، في رسالة من سجنه موجهة للمرشد على خامنئي: "ما يهدد استقرار إيران وأمنها المستدام هو نهجك وليس قلمي.. لا يسعني إلا أن أقول إن مشكلة إيران الأولى هي ولي الفقيه ونهجه القائم على نشر الفقر والفساد".