برلماني إيراني: مجيد دوستعلي، من يتفاوض لحل المشاكل فلن يحقق هدفه بالتأكيد



بعد يوم واحد من تصريحات المرشد الإيراني، علي خامنئي، بشأن عدم التفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية، أعلن مسؤولو الحكومة الإيرانية أن المفاوضات ستستمر مع أوروبا فقط، ولن يتم إجراء مفاوضات "غير مشرفة".
وكتبت المتحدثة باسم الحكومة، فاطمة مهاجراني، في حسابها على منصة "إكس"، اليوم السبت 8 فبراير (شباط): "استراتيجية الحكومة هي أن يُسمَع صوت واحد من إيران".
وأكدت أن المفاوضات مع الدول الأوروبية ستستمر، وأن "الجميع يعرف جيدًا أن إيران لن تقبل بمفاوضات غير مشرفة".
وكان خامنئي قد جدد معارضته للمفاوضات مع أميركا، خلال لقائه بقادة وموظفي القوات الجوية في الجيش الإيراني، يوم الجمعة 7 فبراير، قائلاً: إن هذه المفاوضات "لن تفيد في حل مشاكل البلاد"، وإن "التفاوض ليس حكيمًا ولا ذكيًا ولا شريفًا".
كما طالب رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، حكومة مسعود بزشكيان بأن تأخذ الاستراتيجية، التي طرحها خامنئي، بعين الاعتبار.
وفي الوقت نفسه، شدد على أنه يجب تجنب وجود قطبين متعارضين في البلاد بين مؤيد ومعارض للمفاوضات.
ووصف قاليباف طبيعة تصريحات المرشد الإيراني بأنها مختلفة عن السابق، وأضاف أن خامنئي استثنى الولايات المتحدة فقط في موضوع المفاوضات، مشيرًا إلى أن حكومة إبراهيم رئيسي كانت قد تفاوضت مع أوروبا، في موضوع الاتفاق النووي.
كما أثنى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في رسالة، على تصريحات خامنئي بشأن "العمل المكثف"، الذي تقوم به وزارة الخارجية.
وجاء في الرسالة أن وزارة الخارجية الإيرانية "استنادًا إلى المبادئ الثلاثة: الكرامة، والحكمة، والمصلحة، ستستخدم جميع الإمكانات لدفع السياسة الخارجية الشاملة والنشطة والفعالة لتلبية مصالح وأمن البلاد، وتعزيز قوة وسمعة إيران من خلال التفاعلات السياسية والدبلوماسية".
وفي رد على استفسار من "إيران إنترناشيونال"، حول المواقف الأخيرة لخامنئي، قالت وزارة الخارجية الأميركية إنه إذا لم ترغب الحكومة الإيرانية في التوصل إلى اتفاق، فسيظل انتهاج سياسة "الضغط الأقصى" من قِبل واشنطن ساريًا.
ووصف خامنئي، خلال لقائه رئيس وأعضاء مجلس قيادة حركة "حماس" في طهران، اليوم، التهديدات الأميركية بأنها غير مؤثرة في عقول المسؤولين الإيرانيين.
وجاءت هذه التصريحات في وقت تشهد فيه سوق العملات والذهب بإيران ارتفاعًا في الأسعار، بعد مراسم تنصيب دونالد ترامب، رئيسًا للولايات المتحدة، في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي؛ حيث وصلت أسعار الدولار والذهب إلى مستويات قياسية.
وقد واصلت أسعار الدولار والذهب ارتفاعها، يوم السبت، بعد إعلان خامنئي معارضته للتفاوض مع أميركا؛ إذ بلغ سعر عملة الذهب الجديدة 74 مليون تومان (نحو 840 دولارا)، مسجلاً رقمًا قياسيًا في تاريخ تداولات الذهب، كما ارتفع سعر الدولار في السوق الحرة إلى 89 ألف تومان.

أفادت تقارير وصور على وسائل التواصل الاجتماعي في إيران بتلوين العديد من لافتات "ممنوع الدخول" في مناطق مختلفة من مدينة طهران بخط أخضر في الوسط، وفقًا لما أرسله بعض المتابعين إلى قناة "إيران إنترناشيونال".
ولم يتضح بعد ما الهدف من هذا الفعل ومن يقف وراء هذه الحملة.
وقال بعض المواطنين إنهم رأوا اللون الأخضر نفسه وسط لافتات " ممنوع الدخول" في مدينتي كرج وهمدان أيضًا.
يشار إلى أن اللون الأخضر الذي يُستخدم في الرموز الثقافية الإسلامية، بما في ذلك في مراسم التعزية لشخصيات بارزة (أولياء مقابل أعداء)، كان قد استُخدم في حملة مير حسين موسوي، أحد قادة الاحتجاجات على الانتخابات عام 2009 والمعروفة باسم "الحركة الخضراء". وبعد هذه الانتخابات، أصبح هذا اللون رمزًا للاحتجاج.
وأشار عدد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى أنه قد يكون لهذا التلوين علاقة بذكرى احتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) 2019؛ حيث نزل الآلاف من المعارضين للنظام الإيراني في مدن عدة، مثل: طهران وأصفهان وشيراز ومشهد ورشت وبابل وكرمانشاه وكرمان، وأسفرت عن مقتل 1500 شخص، في موجة الاضطرابات التي بدأت احتجاجًا على ارتفاع أسعار الوقود، لكنها تحولت سريعًا إلى احتجاجات سياسية، قابلتها قوات الأمن بحملة قمع وُصفت بأنها من بين الأكثر دموية في تاريخ إيران.
وقام أحد المستخدمين بتعريف معنى الألوان، وقال: "اللون الأحمر يمثل الخطر، والمنع، والاحتجاج، بينما الأخضر يرمز للأمل، والحياة، والمثل العليا للحرية. ودمج هذين اللونين قد يعكس الصراع بين القمع والأمل في التغيير".
يذكر أنه في السنوات الماضية، قام المواطنون بتغيير وتلوين لافتات الطرق تعبيرًا عن احتجاجاتهم، وتعد رسوم "الغرافيتي" والرسومات الجدارية وكتابة الشعارات وتعليق اللافتات في الشوارع الرئيسية من أساليب الاحتجاجات الشعبية ضد النظام الإيراني.
وخلال الاحتجاجات، التي أعقبت مقتل الشابة الكردية، مهسا أميني، بعد تعذيبها على يد عناصر أمنية تابعة للنظام الإيراني، في سبتمبر (أيلول) 2022، تم أيضًا تعليق العديد من اللافتات الاحتجاجية على الكباري في بعض المدن مثل طهران، ونُشرت صورها على وسائل التواصل الاجتماعي.

قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، خلال لقائه أعضاء المجلس القيادي لحركة حماس: "تهديدات أميركا لا تؤثر إطلاقًا على ذهنية شعبنا ومسؤولينا، وكذلك على النشطاء والشباب في البلاد". وأضاف: "قضية الدفاع عن فلسطين ودعم الشعب الفلسطيني محسومة وليست محل جدل".

يواجه الرئيس الإيراني، مسعود بزشكیان، هجمات من المتشددين، منذ انتخابه، والآن يحذر حلفاؤه الإصلاحيون من أنه قد يفقد المزيد من الدعم العام، إذا فشل في تخفيف المعاناة الناتجة عن العقوبات الأميركية.
وقد دعت شخصيات إصلاحية، بمن فيهم المحللان السياسيان عباس عبدي، وأحمد زيد آبادي، بشكل متكرر، دعت بزشكیان إلى بدء مفاوضات مع الولايات المتحدة؛ لتخفيف أو رفع العقوبات. وقد ازدادت الدعوات إلى انتهاج الدبلوماسية في وسائل الإعلام الإيرانية، بعد أن صرح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في وقت سابق من هذا الأسبوع، بأنه مستعد للقاء نظيره الإيراني.
ومع ذلك، قد يتغير هذا بعد خطاب خامنئي، الذي ألقاه يوم الجمعة 7 فبراير (شباط)؛ حيث رفض المحادثات مع واشنطن، بشكل قاطع، وحذر من أن إيران سترد على أي تهديدات بالمثل.
وقد أشارت التغطية الإعلامية المحدودة في إيران إلى تغير في المشهد. ومع ذلك، لا تزال التحذيرات الموجهة إلى بزشكیان قائمة.
وحذر المحلل السياسي الإصلاحي، عباس عبدي، عبر مقال له مؤخرًا بصحيفة "اعتماد" الإيرانية، من أن بزشكیان يواجه خطر فقدان ثقة الجمهور، إذا فشل في الوفاء بوعوده، مستشهدًا بعدم الوفاء بوعده برفع القيود على الإنترنت، قائلاً: "قريباً، لن يحتاج الإيرانيون بعد الآن إلى برامج كسر الحجب، بفضل مساعدة إيلون ماسك".
كما أشار إلى أن "الثقة العامة في إدارة بزشكیان كانت منخفضة منذ البداية؛ حيث كان الكثيرون يعتقدون أن التغيير الجاد غير ممكن في ظل الهيكل السياسي الحالي". وهذا الهيكل المقصود به أن خامنئي، باعتباره صاحب القرار النهائي في إيران، يعارض الانفتاح على الغرب، والتخلي عن طموحات إيران النووية.
ودعا عبدي أيضًا إلى أن يكون بزشكیان "صريحًا مع الشعب، لأن الصدق هو العلاج الوحيد لانعدام الثقة".
وكان المحلل الإيراني، أحمد زيد آبادي، قد انتقد، في وقت سابق، عدم تحرك بزشكیان، عندما بدا أن خامنئي أشار إلى الموافقة على المحادثات مع واشنطن. وتساءل زيد آبادي: "ماذا تنتظرون؟ لماذا لا تلتقطون الهاتف وتتكلمون مع ترامب؟".
ولم يكن زيد آبادي وحيدًا؛ حيث دعا العديد من السياسيين المعتدلين والمؤيدين للإصلاح في إيران بزشكیان إلى اتخاذ المبادرة والاتصال بترامب.
ومع موقف خامنئي الصارم ضد المفاوضات، من غير المحتمل أن تستمر الدعوات للتقارب مع واشنطن، على الأقل في الوقت الحالي. ومع ذلك، بما أن خامنئي لا يمكن انتقاده علنًا، فمن المحتمل أن يعود الإعلام والسياسيون في إيران إلى إلقاء اللوم على إدارة بزشكیان؛ بسبب التقاعس وعدم الكفاءة في تحسين حياة الشعب.
وفي خطابه يوم الجمعة، 7 فبراير الجاري، كلف خامنئي بزشكیان بمهمة إصلاح الاقتصاد الإيراني، متجاهلاً أن أي تحسن اقتصادي يبقى بعيد المنال دون حل كبرى القضايا السياسية الخارجية لإيران مع الولايات المتحدة. وهذه الحقيقة كانت واضحة منذ عام 2018، عندما انسحب ترامب من الاتفاق النووي بسبب رفض طهران معالجة المخاوف الأميركية بشأن أنشطتها الإقليمية.
ويبقى التحدي، الذي يواجهه بزشكیان، هو أنه لا يمكنه الاعتراف علنًا للإيرانيين بأن قدرته على إصلاح الاقتصاد محدودة بشكل كبير، أو أن يشير إلى موقف خامنئي الصارم كسبب رئيس للمعاناة، التي يعيشها الشعب.
ووفقًا لصحيفة "اعتماد"، فقد "انخفضت الثقة العامة في بزشكیان بشكل كبير منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، وتأثرت شعبيته بسبب فشله في الوفاء بوعوده". وحذر عبدي من أنه "إذا لم يتمكن بزشكیان من تحقيق تقدم ملموس بحلول السنة الإيرانية الجديدة، في أواخر مارس (آذار) المقبل، فلن يكون لديه وقت لاستعادة ما فقده".
ويجادل عبدي وعدد من المعلقين الآخرين بأن بزشكیان قد رفع التوقعات العامة برفع العقوبات وتحسين الاقتصاد، مما يجعل هذا التحدي الأكبر له، إلى جانب النقص المستمر في الطاقة. وذكرت صحيفة "اعتماد" أن "استطلاعًا للرأي أُجرى في سبتمبر الماضي أظهر أن 59 في المائة من الإيرانيين يعتبرون رفع العقوبات أولويتهم القصوى".
ونظرًا لأنه من غير المحتمل أن تنتقد وسائل الإعلام الإيرانية خطاب خامنئي الصارم، فإن التلفزيون الإيراني الرسمي بدلاً من ذلك قد أشاد به وبتهديداته ضد الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، تجد وسائل الإعلام المطبوعة نفسها أمام خيار واحد فقط، وهو انتقاد إدارة بزشكیان مع تجنب أي ذكر لدور خامنئي في الأزمة الاقتصادية.
يأتي هذا في الوقت الذي قال فيه وزير الداخلية السابق المتشدد، عبدالرضا رحماني فضلي، للصحافة يوم الجمعة: "إن وضع إيران حاليًا أكثر تعقيدًا بكثير مما كان عليه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019"، عندما أسفر واحد من أكبر الاحتجاجات في تاريخ البلاد عن مقتل نحو 1500 شخص، وفقًا لبعض التقارير.

قال رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، خلال مؤتمر خاص لقادة الحرس الثوري: "قال المرشد إننا نتفاوض مع جميع الحكومات، باستثناء أميركا. توقعنا من الحكومة هو أن تواصل هذا النهج". وأضاف: "ترامب هو قاتل قاسم سليماني، وليس من الشرف التفاوض معه".