ولا شك أن تصريحات روحاني الأخيرة، التي ألقاها أمام وزراء حكومته السابقين، بمثابة تأكيد جديد لمواقفه السابقة. فقد حذر سابقًا من أن خطأً في الحسابات قد يؤدي إلى انهيار النظام.
وخلال هذا الخطاب، انتقد روحاني معظم السياسات الكلية للبلاد، واستهدف بشكل غير مباشر قرارات خامنئي. وانتقاداته موجهة بشكل مباشر إلى خامنئي، حيث إن جميع السياسات التي ينتقدها الآن تم تنفيذها بموافقة وتوجيه مباشر من مرشد النظام الإيراني.
جدير بالذكر أن من أهم القضايا المطروحة اليوم موضوع التفاوض مع الولايات المتحدة. ففي حين أن خامنئي أعلن بوضوح معارضته لأي مفاوضات، قال حسن روحاني في تصريحاته الأخيرة إنه قد تظهر ظروف في المستقبل القريب تجعل التفاوض مع الولايات المتحدة ضرورة. وهذا الموقف يتعارض تمامًا مع موقف المرشد الإيراني.
إن موقف روحاني من التفاوض مع الولايات المتحدة كان دائمًا واضحًا؛ فقد أكد دائمًا على ضرورة التفاعل مع واشنطن، تمامًا كما كان أكبر هاشمي رفسنجاني يؤمن بضرورة حل الخلافات بين إيران وأميركا.
وفي المقابل، استخدم خامنئي العداء لأميركا كأداة لتبرير المشاكل الداخلية، ورأى في هذه السياسة جزءًا من الاستراتيجية العامة للنظام.
ولهذا السبب، حذر روحاني بشكل غير مباشر من أن أي مواجهة مع إسرائيل ستجلب الولايات المتحدة إلى الساحة. وأكد على ضرورة إجراء حسابات دقيقة، لأن أميركا ستقف بكل قوتها إلى جانب إسرائيل في أي مواجهة عسكرية.
هذا التحذير من روحاني هو محاولة لإقناع خامنئي بعدم الانسياق وراء قادة الحرس الثوري في قراراته. فهو يعتقد أن قادة الحرس يبالغون في تقدير القدرات العسكرية لإيران، كما حدث في حرب إيران والعراق، حيث لم تكن تحليلاتهم عن قدراتهم وقوات صدام متوافقة مع الواقع. وكان سقوط الفاو عام 1988 مثالًا على التقديرات الخاطئة للحرس، ما أدى إلى استمرار الحرب لصالح العراق.
والآن، يحذر روحاني من أن أي مواجهة مع إسرائيل قد تكون مكلفة جدًا للنظام.
إلى جانب ذلك، أشار روحاني إلى العواقب الاقتصادية لانسحاب أميركا من الاتفاق النووي، قائلًا إن إيران تخسر على الأقل 100 مليار دولار سنويًا منذ عام 2018. وتساءل عما إذا كان من الممكن تعويض هذه الخسائر وحل المشاكل الاقتصادية.
تجدر الإشارة إلى أن هذه التصريحات هي في الواقع هجوم مباشر على السياسة الخارجية التي يهيمن عليها الحرس الثوري، والتي أبعدت إيران عن مسار التفاعل الدولي.
وفي هذا السياق، أكد مسؤولون آخرون في النظام الإيراني تأثير سياسات أميركا على الاقتصاد الإيراني. فقد قال أحد مستشاري رئيس البرلمان مؤخرًا إن وصول ترامب إلى السلطة أثر بشكل كبير على الاقتصاد الإيراني وأدى إلى اضطراب سوق الصرف.