مسؤولون إسرائيليون: هذا أفضل وقت لمهاجمة منشآت إيران النووية



التحرش الجنسي تجربة مشتركة لملايين النساء حول العالم، تتم تغطيته بالصمت، الذي تفرضه المجتمعات، ولكن بفضل جهد وشجاعة النساء اللاتي تقدمن لمشاركة تجاربهن على وسائل التواصل الاجتماعي، تم كسر هذا الصمت الآن.
وبعد بدء حركة "المرأة، الحياة، الحرية"، أصبحت النساء الإيرانيات أكثر من أي وقت مضى يروين تجاربهن مع التحرش والعنف الجنسي. هذه العملية التي توسعت بشكل كبير في الفضاء العام ووسائل التواصل الاجتماعي لم تتحدى المحرمات الاجتماعية فحسب، بل خلقت خطابًا جديدًا في مجال حقوق المرأة.
أهمية رواية النساء عن التحرش الجنسي
تعد رواية النساء عن تجاربهن مع التحرش الجنسي واحدة من أكثر الأدوات فاعلية لمكافحة هذه الجريمة، التي لا تؤثر فقط على النساء الضحايا، بل على المجتمع بأسره والنظم الاجتماعية أيضًا، كما أن التعبير عن معاناة التحرش الجنسي يمنح النساء الفرصة للخروج من ظل الصمت والخوف، والتغلب على شعور العار والذنب الذي فرضه المجتمع عليهن.
ومن ناحية أخرى، تُظهر هذه الروايات للمجتمع أن التحرش الجنسي ليس قضية فردية، بل هو أزمة اجتماعية تنبع من هياكل السلطة غير المتكافئة والتمييز الجنسي ذي الجذور العميقة.
كسر الصمت والمحرمات
في العديد من المجتمعات، بما في ذلك إيران، لا يزال الحديث عن التحرش الجنسي مصحوبًا بالعلامات الاجتماعية السلبية. تخشى العديد من النساء، حتى بعد سنوات، سرد تجاربهن؛ لأنهن قد يتعرضن للوم، ويمكن للروايات الشخصية أن تكسر هذه المحرمات وتحوّل قضية التحرش الجنسي إلى خطاب عام.
وتقول ليلى، إحدى النساء اللاتي شاركن تجاربهن عن التحرش الجنسي على وسائل التواصل الاجتماعي: "كنت أعتقد لفترة طويلة أنني كنت السبب فيما مررت به. لكن عندما رأيت أن العديد من النساء لديهن تجارب مشابهة لتجربتي، فهمت أن المشكلة ليست فردية، بل هي ظاهرة هيكلية مجتمعية".
زيادة الوعي العام
الكثير من الناس لا يدركون مدى انتشار التحرش الجنسي في المجتمع. وتجعل رواية النساء لتجاربهن المجتمع، خاصة الرجال، أكثر حساسية لهذا الموضوع، مما يدفعهم إلى إعادة النظر في سلوكياتهم. فعندما تشارك النساء تجاربهن، يزداد الوعي العام حول قضية التحرش الجنسي، وفي النهاية يزيد الضغط الاجتماعي على المؤسسات القانونية لإحداث تغييرات أكبر.
وتساعد هذه الروايات الضحايا الأخريات في أن لا يشعرن بأنهن وحيدات، ويعلمهن أنه يمكنهن إيصال أصواتهن إلى الآخرين.
إحداث تغييرات اجتماعية وقانونية
في البلدان التي انتشرت فيها رواية تجارب التحرش الجنسي، تم فرض قوانين أكثر صرامة ضد المعتدين. أظهرت تجربة حركة «#MeToo» في البلدان الغربية أن مثل هذه الروايات يمكن أن تؤدي إلى إصلاحات جدية.
وفي إيران أيضًا، مع تزايد هذه الروايات، أصبح المجتمع أكثر وعيًا بضرورة إصلاح القوانين الحالية. من خلال رواية تجاربهن، تطالب النساء بتغيير القوانين وإنشاء أنظمة دعم أفضل للضحايا.
تأثير رواية التجارب على الرأي العام
قبل حركة "المرأة، الحياة، الحرية" في إيران، كانت النساء يستفدن من وسائل التواصل الاجتماعي لمشاركة معاناتهن بسبب التحرش الجنسي والنضال ضد العنف الجنسي. أتاح هذا الفضاء للنساء التعبير عن تجاربهن بدون وسيط أو رقابة، مما ساعد في زيادة الوعي العام.
وفي سياق انتفاضة "المرأة، الحياة، الحرية"، التي اندلعت عام 2022، نُشرت تقارير عن استخدام قوات الأمن الإيرانية الاغتصاب الجنسي وأشكالاً أخرى من العنف الجنسي كوسيلة لتهديد وعقاب وإذلال المتظاهرين.
وقالت إحدى الضحايا لمنظمة "العفو الدولية": "اغتصبني ضابطان، بما في ذلك عبر فتحة الشرج باستخدام زجاجة. حتى الحيوانات لا تفعل هذا. كنت صغيرة جدًا مقارنةً بهم، وبعد ذلك فقدت الوعي".
وتركت هذه التسريبات تأثيرًا عميقًا على الرأي العام، مما غيّر تصورات المجتمع. فالعديد من النساء اللواتي كُنَّ قد صمتن خوفًا من حكم المجتمع، وجدن الشجاعة للتعبير عن تجاربهن بعد رؤية تجارب مشابهة لنساء أخريات؛ حيث يظهر هذا الاتجاه تكوين تضامن بين النساء وزيادة الوعي حول العنف الجنسي في المجتمع الإيراني.
وكشفت إحدى النتائج المهمة لهذه الروايات عن استغلال جنسي من قِبل الأشخاص المشهورين والمتمتعين بالنفوذ. هذه التسريبات، التي تشبه الأمثلة الدولية في حركة "MeToo"، دفعت العديد من الأفراد إلى الكشف عن تلك القضايا. ونتيجة لذلك، أصبح المجتمع الإيراني، الذي كان يميل في السابق إلى إنكار أو إلقاء اللوم على الضحايا، أكثر انتباهًا لهذه القضية، بل بدأ في تشكيل قضايا في المحاكم حول هذا الموضوع.
واضطرت العديد من المنظمات والمؤسسات الاجتماعية أيضًا، إلى اتخاذ مواقف واضحة ضد العنف الجنسي. وقد ساعدت رواية النساء في تبرئة ممثلتين إيرانيتين كانتا قد واجهتا تهمة التشهير بسبب موقفهما.
وفي هذا السياق، تقول نسترن، البالغة من العمر 29 عامًا، عن معاناتها مع التحرش الجنسي: "عندما تحدثت عن المعتدي، تم تهديدي بأنهم سيقدمون شكوى ضدي. لكنني لم أصمت، لأنني أؤمن بأن الصمت يجعل المعتدين أكثر قوة".
تحديات وعوائق تواجه الإيرانيات في رواية تجاربهن
على الرغم من التأثيرات الإيجابية للرواية، فإن النساء الإيرانيات ما زلن يواجهن العديد من العوائق التي تمنعهن من التعبير بحرية عن تجاربهن.
ويعد الخوف من اللوم والعار، أحد أكبر تلك العوائق؛ حيث تخشى العديد من النساء أن يتم لومهن من قبل المجتمع وحتى من أسرهن. في الثقافة التقليدية، غالبًا ما تُعتبر الضحية هي المسؤولة بدلاً من الجاني، ويطلب بعض أفراد الأسرة من النساء أن يصمتن بدلاً من تقديم الدعم لهن. هذا الوضع يجعل النساء يعشن في خوف وقلق دائمين، ويشعرن كأن لا أحد يفهمهن.
وتقول سارة، وهي امرأة تبلغ من العمر 35 عامًا، والتي جمعت الشجاعة للحديث علنًا بعد سنوات من تعرضها للتحرش الجنسي: "بعد أن شاركت تجربتي، اتهمني الكثير ممن حولي بالكذب. لكن العديد من النساء أرسلن لي رسائل وقلن إنهن تعرضن لتجربة مشابهة".
غياب الدعم القانوني
يمثل غياب الدعم القانوني أحد التحديات الرئيسية الأخرى، التي تواجه النساء في رواية تجاربهن. فالقوانين الإيرانية المتعلقة بالتحرش الجنسي غير مكتملة، وفي العديد من الحالات، لا تستطيع النساء الحصول على الدعم القانوني الذي يحتجن إليه، كما أن بعض النساء، بعد الكشف عن تجاربهن، تعرضن للملاحقة بتهمة "إثارة الذعر العام" أو "نشر الأكاذيب". هذه الظروف تجعل العديد من النساء يتراجعن عن متابعة حقوقهن القانونية.
ومن التحديات الأخرى، التي تواجه النساء في سرد تجاربهن، الهجمات الإلكترونية والتهديدات التي يتعرضن لها عادة؛ إذ يواجه العديد من النساء، اللاتي شاركن تجاربهن، موجات من الهجمات الإلكترونية، والرسائل المهددة، بل وحتى التهديدات بالقتل.
وهذه التهديدات في بعض الأحيان تجعل النساء يتراجعن عن مواصلة سرد تجاربهن. بالإضافة إلى ذلك، لا تميل وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية إلى تغطية هذه الروايات، ومِن ثمّ تلجأ النساء غالبًا إلى وسائل التواصل الاجتماعي التي تحمل بدورها مخاطر خاصة.
ومع كل هذه الصعوبات، أصبح من الواضح الآن تأثير سرد النساء لتجاربهن من التحرش الجنسي على المجتمع الإيراني. لم تكسر هذه الروايات فقط بعض المحظورات الاجتماعية إلى حد ما، بل ساهمت أيضًا في تغيير الاتجاه العام للمجتمع وزيادة مطالبة النساء بتعديل القوانين، وهي الآن تغير التصورات الاجتماعية وتخلق مطالبة بإجراء تغييرات قانونية.
ومن أهم الخطوات التي يمكن للمجتمع الإيراني اتخاذها في المستقبل هي دعم النساء الساردات، وتعزيز الأطر القانونية والثقافية لمكافحة التحرش الجنسي، وتغيير تصورات المجتمع. كما تقول زهرا، البالغة من العمر 24 عامًا: "نشر قصصنا كان مخيفًا، لكن رؤية دعم الناس أعطتني الأمل. نحن لسنا وحدنا".

لسنوات طويلة، كانت النساء في إيران يلتزمن الصمت، خوفًا من الأحكام والقيود المجتمعية، والخطوط الحمراء، التي قد تفرض عليهن ثمنًا باهظًا إذا تجاوزنها. لكن المعادلة تغيرت في العالم الرقمي، ليكسرن حاجز هذا الصمت، وتحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى ساحة قتال للإيرانيات من أجل حقوقهن.
ولم تعد النساء في إيران يختبئن خلف جدران منازلهن العالية، بل أصبحن اليوم، يقدمن رواياتهن ويقُلن كلماتهن؛ أحيانًا حتى من خلال تغريدة أو فيديو يصل إلى آذان وأبصار العالم في بضع ثوانٍ.
وتعد وسائل التواصل الاجتماعي، بالنسبة للعديد من النساء الإيرانيات، أكثر من مجرد أداة تواصل بسيطة للترفيه. ربما لهذا السبب تأقلمن معها بسرعة. هذا الفضاء هو ساحة معركتهن ومكانهن للظهور، للتعبير عن هويتهن، ولكسر القيود التي كانت تكبلهن لسنوات.
وتقف النساء، اللاتي كن يخشين من نشر صورهن الخاصة أو الظهور دون حجاب، اليوم، أمام الكاميرا ليتحدثن عن تجاربهن ومطالبهن. لقد منحهن العالم الرقمي فرصة كان من الصعب تخيلها من قبل؛ من النضال ضد الحجاب الإجباري إلى بدء الأعمال التجارية المستقلة أو الكشف عن التحرش الجنسي. لقد خلق لهن الفضاء الافتراضي عالمًا جديدًا في الواقع.
عبور المحرمات في العالم الرقمي
تحدثت النساء الإيرانيات، في السنوات الأخيرة، على وسائل التواصل الاجتماعي عن العديد من المحرمات، التي كان الحديث عنها سابقًا في البيئة الأسرية بإيران أمرًا صعبًا أو مكلفًا. كانت هذه المحرمات تتعلق بالجسم وصحة النساء، والحريات الاجتماعية وأسلوب الحياة، والتحرش الجنسي وأمن النساء.
وعبرت الإيرانيات، من خلال "إنستغرام" و"تويتر"، عن احتياجاتهن خلال فترة الحيض؛ مثل التغيرات الخاصة بها، وحتى كيفية التعامل المناسب من الرجال مع هذا الموضوع. نتيجة لذلك، تم كسر هذا المحرم أيضًا بالنسبة للمدونين الرجال ليتحدثوا عن كيفية دعم نسائهم وفتياتهم في هذه الفترة.
وشاركت النساء تجاربهن بشأن "وصمة الجسم" (الخجل من الجسم) والمعايير الجمالية غير الواقعية، وشاركن في حملات مثل "#جسمي_أنا"، من خلال نشر صور لأجسامهن بدون فلاتر، لمواجهة الصور النمطية الجمالية من أجل بناء ثقة أكبر بالنفس.
وكان غشاء واختبار البكارة من المحرمات الأخرى التي كُسرت، عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ فكثير من النساء لم يكنّ يعرفن أن هذا الاختبار غير علمي، لكنهن الآن في وسائل الإعلام الاجتماعية أصبح لديهن وعي حول هذا الموضوع.
حركة "#MeToo" في الفضاء الرقمي الإيراني
تحولت حركة "#MeToo" في الفضاء الرقمي الإيراني إلى قنبلة. للمرة الأولى، أصبح الحديث عن التحرش الجنسي علنيًا في إيران؛ حيث كتبت الفتيات والنساء على "تويتر" و"إنستغرام" عن تجاربهن مع التحرش الجنسي، التي قد لا يعرفها حتى أقرب الأشخاص إليهن. وكشفن عن أسماء المتحرشين وتحدثن عن بيئات العمل، والجامعات والعلاقات الشخصية، وكسّرن هذا القيد أيضًا.
وقبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، في مجتمع كانت فيه القوانين والثقافة الذكورية تقيّد حريات النساء، كان الاعتراض على هذه القيود لا يتم قمعه فقط من قِبل الحكومة الإيرانية، ولكن أيضًا من طرف العائلة والمحيطين. ومع توسع الفضاء الرقمي، تمكنت النساء من الحديث عن حقوقهن.
وكانت حملة "الحرية الخفية" واحدة من أولى الشرارات، التي ساهمت في كسر حرمة الاعتراض على الحجاب الإجباري. بعد ذلك، استمرت الحملات الأخرى مثل "فتيات شارع الثورة" وحق ركوب الدراجات للنساء في مسار الاعتراضات؛ حيث بدأت النساء في إيران بالتحدث ليس فقط عن حرية اللباس، ولكن عن حقوقهن في العمل، والأسرة والقوانين الاجتماعية.
ولم تقتصر هذه الاعتراضات على الشوارع فقط؛ فقد قدمت وسائل التواصل الاجتماعي للنساء فرصة لرفع أصواتهن بطرق مختلفة. الرقص أمام الكاميرا، غناء الأغاني، نشر مقاطع الفيديو التي تتناول القضايا الاجتماعية وحتى أبسط الأنشطة مثل تسجيل التجارب اليومية، أصبحت جزءًا من هذه المقاومة.
وكانت حديثة نجفي واحدة من هؤلاء الفتيات، اللاتي كنّ ينشرن مقاطع على "إنستغرام" ويتحدثن عن حياتهن اليومية. أما سارينا إسماعيل زاده، اليوتيوبر المراهقة، فقد كانت تتحدث في مقاطع الفيديو الخاصة بها عن القضايا الاجتماعية؛ حيث استخدمتا وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن نفسيهما، لكنهما في النهاية قُتلتا على يد قوات النظام أثناء احتجاجات "المرأة، الحياة، الحرية".
التجارة الرقمية والاستقلال المالي للنساء في إيران
تحولت وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة "إنستغرام"، إلى منصة إلكترونية للكثير من النساء في إيران، مما يتيح لهن تأسيس أعمالهن التجارية دون الحاجة لاستئجار محل تجاري أو رأسمال كبير. فمن بيع الملابس والمجوهرات والأعمال الفنية إلى صناعة الحلويات، والمخللات وتجفيف الأعشاب، واستخدمت الإيرانيات هذه الفضاءات لخلق فرص العمل.
حتى في المناطق النائية، هناك فتيات يبعن منتجات بساتين آبائهن عبر الإنترنت، أو نساء يعرضن منتجات صيد أزواجهن من الأسماك عبر "إنستغرام". لم توفر هذه الفضاءات فرص دخل فحسب، بل منحت النساء استقلالية مالية أيضًا.
وعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة عن عدد النساء اللاتي يحققن دخلاً من خلال هذه الطرق، وفقًا لتقرير مركز الإحصاء الإيراني، فإن 11 مليون وظيفة في البلاد تعتمد على الشبكات الاجتماعية، وأن 83 في المائة من دخل التجارة الإلكترونية يتم من خلال "إنستغرام".
ومن ناحية أخرى، فإن نحو 47 في المائة من مستخدمي الإنترنت في إيران هم من النساء. هذا الرقم يوضح أن "إنستغرام" أصبح المصدر الرئيس للدخل لكثير من الإيرانيات. ومع ذلك، فإن حجب العديد من هذه الأعمال الصغيرة قد واجهته مشاكل؛ بسبب القيود المفروضة على الإنترنت.
وفي عالم أصبح فيه الإنترنت جزءًا من الحياة اليومية، لا تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي للنساء الإيرانيات مجرد تطبيق على هواتفهن، بل هي المكان الذي يقاتلن فيه من أجل حقوقهن. ومع ذلك، لا يزال هذا النضال مستمرًا، وقد أظهر التاريخ أنه حتى في ظل أشد الأنظمة قمعًا، لا يمكن إسكات صوت النساء.

منذ بداية النظام الإيراني الحالي، كانت النساء وما زالت في طليعة الثورة ضد القمع؛ وما هتافات "لم نثُر لكي نعود إلى الوراء"، وحملة "مليون توقيع" وحركة "المرأة، الحياة، الحرية"، والاحتجاجات النسائية داخل سجن إيفين، إلا أمثلة لنضال الإيرانيات المستمر طوال 46 عامًا.
وحاولت السلطات الإيرانية قمع هذه الاحتجاجات من قبل بطرق متنوعة، في مناسبات مختلفة، ومنها "اليوم العالمي للمرأة"، الذي يوافق 8 مارس (آذار) من كل عام، أو عبر الأجهزة الأمنية والقضائية التابعة للنظام.
وخلال هذه الفترة، تعرضت النساء، اللاتي قاومن الشمولية ومعاداة المرأة في القوانين الرسمية للنظام الإيراني، لعقوبات قاسية، حيث واجهن السجن، والجلد، والإعدام، بالإضافة إلى الإقصاء الاجتماعي والسياسي والثقافي.
وتواصل النساء نضالهن من أجل تحقيق مطالبهن، على الرغم من تزايد القمع، واعتقال المئات من الناشطات السياسيات والمدنيّات، وإصدار أحكام بالإعدام ضد ثلاث سجينات منهن، وهن: وریشه مرادی، وبخشان عزیزی، وشریفة محمدی.
وفي هذا السياق، أصبح قسم النساء في سجن إيفين بطهران، الذي يحتجز نحو 80 سجينة سياسية، رمزًا من رموز مقاومة النساء ضد الاستبداد الحاكم في إيران.
صوت عالٍ من أجل الحرية
يعد قسم النساء في سجن إيفين هو المكان، الذي تُحتجز فيه السجينات اللاتي انتهت فترات التحقيق معهن في مراكز الاحتجاز الأمنية، أو يتم نقلهن لقضاء فترة عقوبتهن بعد الحكم عليهن.
وقد شهد هذا القسم في مناسبات مختلفة العديد من الحركات الاحتجاجية، وكان دائمًا في قلب حركة النضال الشعبي ضد النظام الإيراني، وفي بعض الحالات كان رائدًا في تلك الاحتجاجات.
وتواصل النساء المحتجزات في هذا القسم، واللاتي يطلقن عليه منذ سنوات اسم "خط الجبهة للمرأة، الحياة، الحرية"، محاولاتهن لمتابعة نضالهن داخل السجن بطرق مختلفة، ويطلقن صرخاتهن بصوت عالٍ من أجل الحرية.
وتروي إحدى النساء، التي أمضت أكثر من عام في هذا القسم، تجربتها، مشيرةً إلى أنها لا ترغب في الكشف عن هويتها حفاظًا على أمنها، قائلة: "على عكس ما يعتقد الكثيرون، الذين لم يعايشوا تجربة السجن، فإن السجينات بعد انتهاء التحقيقات والتعذيب في مراكز الاحتجاز الأمنية غير الآمنة في إيران، عندما يتم نقلهن إلى القسم العام، يبذلن قصارى جهدهن للحفاظ على روح النضال في جميع أوقات سجنهن".
وأضافت هذه السجينة السياسية السابقة أن النساء يمارسن الرياضة بانتظام. وبعضهن يتناوبن على تنظيف القسم، بينما تتناوب أخريات على تحضير وجبة الإفطار، ويتم تنظيم جلسات عرض ونقد للأفلام، بالإضافة إلى قراءات جماعية للكتب والمقالات.
وتابعت قائلةً: "يجب تصور هذه الأنشطة إلى جانب مقاومة السجينات في لحظات الفرح والحزن، من خلال الهتافات، والإضرابات الاحتجاجية، والرقص في وجه الاستبداد. النساء في السجون كانت نضالاتهن مستمرة في الخارج، وفي قسم النساء بسجن إيفين، فإن الحياة والنضال مستمران بالفعل".
وما كتابة الرسائل والبيانات الاحتجاجية، والاعتصام والإضراب عن الطعام الجماعي، والاعتراض على إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام، والهتاف ضد المسؤولين خلال زياراتهم للسجون؛ إلا بعض من أشكال الاحتجاجات التي قامت بها النساء السجينات في سجن إيفين، خلال الأشهر الماضية.
وقالت إحدى السجينات السياسيات، التي قضت فترة قصيرة في قسم النساء بسجن إيفين، عن إحدى الاحتجاجات التي جرت في السجن، لـ"إيران إنترناشيونال": "في العام الماضي، عندما اقترب المسؤولون القضائيون من قسم النساء في السجن لزيارته، رددنا نحن والسجينات السياسيات الأخريات الأناشيد الثورية، ووقفنا أمامهم وجهًا لوجه، وهتفنا بشعارات مثل: المرأة، الحياة، الحرية والموت للديكتاتور".
وأضافت سجينة سياسية سابقة، طلبت عدم الكشف عن هويتها: "بين نضال السجينات، والدراسات، والنقاشات، والتعلم، رأيت بأم عيني كيف فرّ القضاة والمسؤولون المجرمون أمام قوة الاحتجاجات، أدركت جوهر النضال. في تلك اللحظات، كان السجن هو المكان الذي عشت فيه النضال الحقيقي بكل معانيه".
وفي ديسمبر (كانون الأول) 2023، وصفت الناشطة السياسية الإيرانية، نرجس محمدي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، في رسالة من محبسها، زيارة المسؤولين القضائيين من النظام الإيراني إلى قسم النساء في سجن إيفين بتشكيل محكمة شعبية من قِبل السجينات ضد المسؤولين القضائيين المتورطين في الجرائم.
لا للإعدام
تقبع شريفة محمدي في قسم النساء بسجن لاكان في رشت، بينما توجد وريشه مرادي وبخشان عزيزي في قسم النساء بسجن إيفين في طهران، وهن ثلاث سجينات سياسيات حكمت عليهن السلطات القضائية التابعة للنظام بالإعدام.
ومن جهة أخرى، ظل التأكيد على شعار "لا للإعدام"، أحد الأهداف، الذي ظلت النساء السجينات في "إيفين" يناضلن من أجله طوال الوقت؛ بهدف إلغاء أحكام الإعدام لجميع السجناء، بغض النظر عن التهم الموجهة إليهم.
وتعتبر النساء السجينات في إيفين من أولى المجموعات، التي انضمت إلى الحملة الاحتجاجية "كل ثلاثاء لا للإعدام"، التي بدأت في فبراير (شباط) 2024 من قِبل السجناء السياسيين في سجن قزل حصار بمدينة كرج.
وقد حظيت هذه الحملة، التي مضى عليها أكثر من عام، بدعم من المنظمات الحقوقية ونشطاء حقوق الإنسان والمنظمات الدولية، وتعتبر واحدة من كبرى الحركات الاحتجاجية، التي تهدف إلى وقف إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام في إيران، كما يظهر الدور البارز للسجينات في استمراريتها بوضوح.
ومن بين الشعارات، التي تم ترديدها مرارًا في ساحة قسم النساء بسجن إيفين، خلال الأشهر الماضية: "قسم النساء في إيفين صوت واحد حتى إلغاء حكم الإعدام، سنظل صامدات حتى النهاية"، و"لا تهديد، لا قمع، لا إعدام، لم يعد هناك تأثير، جمهورية الإعدام لا تحلم براحة"، وغيرها من الشعارات.
وقد طلبت النساء السجينات في إيفين مرارًا من الإيرانيين أن ينضموا إليهن في الاحتجاجات ضد الإعدام، عبر هتاف "لا للإعدام" و"حرية السجين السياسي" من داخل السجن.
وفي استجابة لهذه المطالب، نظم عدد من الناشطين المدنيين وأسر السجناء المحكومين بالإعدام تجمعات أمام سجن إيفين، خلال الأسابيع الماضية، بالتزامن مع حملة "كل ثلاثاء لا للإعدام".
محاولات النظام لتفريق السجينات
حاولت الأجهزة الأمنية الإيرانية في الأشهر الأخيرة مرارًا، وبطرق مختلفة خلق فجوة بين النساء السجينات السياسيات، اللواتي تم سجنهن لأسباب فكرية واعتقادية متنوعة، بهدف تفريقهن والقضاء على اتحادهن.
واستخدمت تلك الأجهزة عناصر أمنية، ومسؤولين في السجون، ووكالات الأنباء الحكومية، ووسائل الإعلام التابعة للأجهزة الأمنية لتشويه صورة النساء السجينات والتشكيك في نضالهن الفعّال ضد الاستبداد.
غُلرخ إيرائي، وهي سجينة سياسية ظلت في السجون الإيرانية لأكثر من عقد من الزمن، وصفت في رسالة من محبسها، في سبتمبر (أيلول) 2024، السجن بأنه "نموذج مصغر للمجتمع الأكبر وراء الجدار"، وذلك ردًا على تصريحات فائزة هاشمي رفسنجاني عن أوضاع قسم النساء في سجن إيفين.
وجاء في جزء من رسالتها: "في المناسبات نجتمع معًا. من ذكرى مجزرة 1988 إلى يوم 8 مارس. ومن الأول من مايو/أيار حتى ذكرى الانتفاضة الثورية في 2022. تُعقد جلسات نقاش وتحليل ودروس تعليمية، ومراجعة أحكام الإعدام، ومشاهدة الأفلام الاجتماعية بشكل جماعي وفردي، وتعلم اللغات، وتحليل الأحداث الجارية في المجتمع والعالم، وتنظيم أمسيات شعرية وجلسات أدبية، وتقديم وتحليل الكتب، وكذلك الرياضة الجماعية".
وكتبت الناشطة الحقوقية والسجينة السياسية السابقة، آتنا دائمي، في الوقت نفسه حول هذا الموضوع أيضًا: "قسم النساء في سجن إيفين هو بلا شك واحد من أبرز معاقل مقاومة حركة الشعب الإيراني".
الرأس يذهب.. الروح تذهب.. لكن الحرية لن تذهب أبدًا
النساء السجينات في إيفين، مثل باقي النساء اللاتي يناضلن من أجل الحرية في إيران، رددن مرارًا في احتجاجاتهن شعارات، مثل: "الرأس يذهب، الروح تذهب، لكن الحرية لن تذهب أبدًا"، وأكدن مقاومتهن وصمودهن حتى الوصول إلى الحرية والمساواة.
وتواصل النساء، اللاتي تم سجنهن بسبب معتقداتهن وآرائهن ونشاطاتهن الاجتماعية والسياسية أو مطالبتهن بالعدالة، مسيرتهن بشجاعة نحو تحقيق الحرية والمساواة والوصول إلى العدالة.
وتقضي زينب جلاليان، أقدم سجينة سياسية في إيران، عامها الثامن عشر في السجن المؤبد، ومثلها مريم أكبري منفرد تقضي عامها السادس عشر في السجن أيضًا. وهناك فاطمة سبهري وناهيد شيربيشه، كل هؤلاء رموز للمقاومة ضد القمع، وهن محتجزات في سجون أخرى بإيران.
وفي المقابل، لم يتحمل النظام الإيراني وأجهزته القمعية احتجاجات النساء السجينات في أي مرحلة، وفي كل مرة يحاول قمع أصواتهن ووقف احتجاجاتهن بطرق مختلفة.
وعلى مدار أكثر من عقد من الزمن، ردّت الأجهزة الأمنية والقضائية على احتجاجاتهن بالقمع، وتلفيق القضايا، وإصدار أحكام جديدة، والنقل إلى السجون التأديبية، والحبس في الزنازين الانفرادية، والضرب، ومنعهن من التواصل الهاتفي أو زيارة عائلاتهن ومحاميهن، بالإضافة إلى عقوبات أخرى.
وفي الأشهر الأخيرة، زاد المسؤولون القضائيون والأمنيون ومسؤولو السجون من محاولاتهم لإغلاق قسم النساء في سجن "إيفين"، أو نقل السجينات السياسيات إلى سجون أخرى في إيران.
وعلى الرغم من هذه المحاولات، تواصل السجينات المحتجزات في سجن "إيفين"، جنبًا إلى جنب مع باقي النساء والرجال المقاومين، تزامنًا مع يوم المرأة العالمي، الذي يوافق الثامن من مارس من كل عام، نضالهن لمقاومة ظلم واستبداد النظام الإيراني.

قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، على هامش اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، إن "البرنامج النووي الإيراني لا يمكن تدميره من خلال العمليات العسكرية".
وأضاف لوكالة "فرانس برس": "هذه هي التكنولوجيا التي حققناها، التكنولوجيا موجودة في العقول ولا يمكن قصفها".
وأضاف عباس عراقجي: "المنشآت النووية الإيرانية منتشرة في أجزاء مختلفة من البلاد وهي محمية بشكل كامل، ونحن على يقين من أنها لا يمكن تدميرها".
وأكد عباس عراقجي أن إيران لديها القدرة على الرد "بقوة كبيرة وبشكل متناسب ومتوازن" في حال تعرضت منشآتها النووية لهجوم، وأن إسرائيل ودول المنطقة تعلم أن أي إجراء يتخذ ضد إيران سيتبعه إجراء مماثل ضد إسرائيل.

أفادت وسائل إعلام إيرانية بمصرع مصطفى عبداللهي، أحد قادة القوات البحرية بالحرس الثوري، إثر حريق بمنشأة عسكرية في طهران، أمس الخميس 6 مارس (آذار).
يُذكر أن مصطفى عبداللهي كان أحد قادة القوات البحرية، خلال الحرب، التي استمرت ثماني سنوات بين إيران والعراق.
ولم تذكر القوات البحرية في الحرس الثوري، في بيانها اليوم الجمعة 7 مارس، مكان وقوع الحادث، لكن المتحدث باسم منظمة الإطفاء في طهران، جلال ملكي، أشار إلى وقوع حريق في كرفان بمساحة 50 مترًا في منشأة عسكرية بطهران.
وقال: "نظرًا لإغلاق جميع مداخل ومخارج الكرفان وإغلاق الأبواب والنوافذ، حدث انفجار نتيجة الاحتباس الحراري، وتراكم الأبخرة القابلة للاشتعال والانفجار الناتج عن الحريق".
وذكر البيان أن سبب مقتل مصطفى عبداللهي هو الحريق، وأضافت أنه بجانب مصرع هذا القائد، أصيب "عدد من رجال الإطفاء خلال محاولات إخماد الحريق".
وأضاف ملكي أيضًا أن الحادث أسفر عن إصابة 10 من رجال الإطفاء، لكن حالتهم مستقرة الآن.
وقدّم رئيس البرلمان الإيراني والقائد السابق في الحرس الثوري، محمد باقر قاليباف، تعازيه في مصرع عبداللهي.
الحوادث في المنشآت العسكرية والأمنية الإيرانية
تجدر الإشارة إلى أنه في السنوات الأخيرة، وقعت حوادث تخريبية في بعض المنشآت العسكرية الإيرانية؛ ففي مايو (أيار) 2022، أفادت وسائل الإعلام الإيرانية بوقوع "حادث" في أحد المصانع بمنشأة بارشين العسكرية.
وفي يونيو (حزيران) 2020، وقع انفجار في منشأتي "بارشين" و"خجير" العسكريتين، وأعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الإيرانية حينها، داود عبدي، أن السبب كان "انفجارًا ناتجًا عن تسرب الغاز"، مضيفًا أن الحادث لم يسفر عن أي ضحايا، وتم إخماد الحريق بسرعة. وقد فسر العديد من المحللين هذا التصريح بأنه محاولة لتقليل آثار الانفجار.
وأظهرت صور الأقمار الصناعية، التي تم إعدادها بواسطة "إيران إنترناشيونال"، أن الانفجار خلف آثارًا بامتداد نصف كيلومتر.
وفي عام 2018، بعد نشر تقارير حول محاولات فاشلة لإطلاق قمرين صناعيين من قِبل إيران، تحدث وزير الخارجية الإيراني آنذاك، محمد جواد ظريف، عن احتمال وجود تخريب أميركي في إطلاق هذه الأقمار. وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، في تقرير لها، أن الولايات المتحدة كانت قد بدأت منذ سنوات، ومنذ عهد الرئيس الأسبق، باراك أوباما، برنامجًا سريًا للتخريب في أهداف إيران الصاروخية.
يشار إلى أن مرتضى عبداللهي، نجل مصطفى عبداللهي، كان قد قتل في سوريا عام 2017؛ حيث أُرسل إلى دمشق لأول مرة، في أبريل (نيسان) 2016 لمدة 40 يومًا، ثم ذهب مرة أخرى في أكتوبر (تشرين الأول) 2017.
ويُقال إنه قُتل في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، بمحافظة دير الزور شرق سوريا خلال "عملية استكشافية".
وتم نشر كتاب عن مرتضى عبداللهي، وكتب خامنئي في مقدمته: "هذه أيضًا واحدة من مظاهر الازدهار في الثورة: شاب شجاع بعقلانية عقد التسعينيات ومشاعر عقد الستينيات".
وقال مصطفى عبداللهي، القائد بالحرس الثوري الذي لقي مصرعه أمس، عن ابنه إنه "كان متقنًا لشبكات التواصل الاجتماعي"، و"كان نشطًا في هذه الشبكات".