رفض المرشد الإيراني علي خامنئي مرة أخرى اقتراح التفاوض مع الولايات المتحدة، واتهم دونالد ترامب بالاستبداد. في حين أكد الرئيس الأميركي خلال الأيام الماضية أنه سيمنع طهران من الوصول إلى السلاح النووي، إما عبر اتفاق أو من خلال إجراء عسكري.
تبدو الصور التي أراها من شوارع بلدي، خاصة أسلوب ملابس المواطنين، لاسيما النساء الإيرانيات بعد حركة "المرأة، الحياة، الحرية"، مذهلة وجذابة، وقد أجبرت كباحثة في المنفى على تغطية تطورات إيران خلف جدار عالٍ من المسافة وبشكل غير مباشر.
وتكتظ منصات التواصل الاجتماعي مثل "إكس" (تويتر سابقًا) و"إنستغرام" بمقاطع الفيديو والصور للنساء والفتيات الشابات اللاتي، رغم القمع اليومي والمضايقات من قبل النظام في شكل دوريات "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" و"حرس الحجاب" والقوات "المفوضة بحرية التصرف"، يرتدين سترات قصيرة ومعاطف، بشعرٍ مُسدل أو بقبعات، وحتى بملابس داخلية تحت المعاطف في الأماكن العامة.
تتشابه تسريحات الشعر ومساحيق التجميل وأسلوب الملابس والإكسسوارات لدى العديد من الفتيات الشابات من جيل "زد" مع ما هو سائد في الغرب من موضة واتجاهات.
الموضة كرمز للنضال
لم ينتشر هذا النمط من الملبس والموضة بين ليلة وضحاها، بل كانت هناك عوامل، مثل تغيير جيل الآباء إلى مواليد الثمانينيات، الذين يتمتعون بنظرة وثقافة مختلفة عن الأجيال السابقة، وانتشار الوصول إلى الإنترنت حتى في المدن الصغيرة والقرى، وانتشار تعليم اللغات الأجنبية بين الأطفال والمراهقين، مما جعلهم على دراية بالثقافة والموسيقى، ومِن ثمّ بالحريات الفردية والديمقراطية الغربية. كل هذا كان يحدث تحت سطح المجتمع الإيراني.
ومع ذلك، فإن حركة "المرأة، الحياة، الحرية"، التي ركزت على حقوق المرأة والحريات المدنية والسياسية، كانت عاملاً محفزًا، وعجّلت بظهور هذا التغيير في الموضة وأسلوب الملبس بين الشباب والنساء.
والنظام الإيراني، الذي طوال أكثر من أربعة عقود من استيلائه على السلطة، نظر دائمًا إلى جسد المرأة كأداة وحاول استخدامه كساحة لعرض أيديولوجيته الدينية من خلال فرض الحجاب الإجباري، وتعريف دور الأمومة بأنها "الوظيفة والقيمة الأساسية للمرأة"، أظهر مقاومة شديدة لهذا التغيير في أسلوب الملبس ولم يتراجع عن القمع.
وتُظهر الصور ومقاطع الفيديو، التي تخترق رقابة وسائل الإعلام الحكومية، وتُنشر يوميًا من مدن إيران على منصات التواصل الاجتماعي، أن العديد من النساء، خاصة مواليد التسعينيات والعقد الأول من القرن الحالي، أصبحن غريبات عن مفهوم "المعطف"، وغالبًا ما يرتدين "التيشيرتات" والسراويل في الأجواء الحارة، والسترات القصيرة في الأوقات الباردة، دون ارتداء الحجاب.
وتحدثت عدة نساء يعشن في مدن إيرانية، مثل طهران وأصفهان ورشت، عن التغيير في أسلوب ملبسهن، بعد بدء حركة "المرأة، الحياة، الحرية"، وقلن إنهن أصبحن أكثر جرأة في اختيار ملابسهن واتباع الموضة التي يفضلنها.
وقالت "مينا"، وهي صحافية تعيش في طهران، تحدثت إلى "إيران إنترناشيونال" تحت اسم مستعار لحماية هويتها، إنها تخلت تمامًا عن الحجاب والمعطف بعد هذه الحركة، ووفقًا لملاحظاتها الشخصية، فإن النساء، باستثناء العاملات في المؤسسات الحكومية، لا يرتدين الحجاب في الأماكن العامة أو في أماكن العمل.
ومع ذلك، فهي لا تعتبر هذا "زيًا اختياريًا"، وتقول: "اللبس الاختياري يعني أن يكون لدى المرأة خيار ارتداء الملابس القصيرة في الصيف، لكن النساء الإيرانيات محرومات عمليًا من هذه الخيارات؛ رغم أنهن دفعن حدود الإلزام الحكومي إلى الوراء بشكل جدي".
وهذه الصحافية، التي تتابع عن كثب موضوع الموضة والاتجاهات اليومية، تصف قضية الموضة ولبس النساء بأنها "قضية معقدة ومرتبطة بحق الملكية على الجسد"، وهي تتغير مع الحركات الاجتماعية.
"شادي"، امرأة تبلغ من العمر 23 عامًا وتعيش في أصفهان، قالت لـ"إيران إنترناشيونال" إن أسلوب لبسها شهد "تغييرًا ملحوظًا" بعد احتجاجات 2022، وإن هذه الاحتجاجات جعلت من السهل عليها تحدي قانون الحجاب الإجباري.
وفي عام 2024، شاركت مجموعة من النساء الإيرانيات في حملات تلقائية على منصة "إكس"؛ حيث نشرن صورًا لأنفسهن وهن يرتدين "البيكيني" أو بدون حجاب في شوارع إيران، ووصفن هذا الإجراء بأنه خطوة لاستعادة أصواتهن وحضورهن الجسدي كشكل من أشكال النضال في المجتمع.
وأكدت "شادي" أن عدم ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، وحتى عند مواجهة عناصر الأمن، الذين يمنعون دخول المترو من دون حجاب، يشعرها الآن بالقوة ولا تشعر بالخوف، مضيفة: "في العام الماضي، عندما ذهبت إلى جامعتي في طهران لإكمال إجراءات التخرج، وعندما رفضت الالتزام بقيود اللبس، رأيت هذا التحدي للحجاب الإجباري، ودخول الجامعة باللباس الذي أريده كجزء من هويتي التي تميزني عن الآخرين".
هذه الشابة ترى أن اختيار الموضة والأزياء في إيران يتجاوز تقديم صورة خارجية، بل هو قضية سياسية "تُظهر اتجاه الفرد في النضال ضد الديكتاتورية".
كيف تغيّر تصميم الأزياء في إيران؟
ظهرت التغييرات الاجتماعية، التي حدثت في إيران، خاصة بعد حركة "المرأة، الحياة، الحرية"، أيضًا على مستوى تصميم الأزياء.
ويتمتع جيل الشباب في إيران، المعروف بجيل "زد"، بمعلومات أوسع بكثير عن أنماط الموضة، مقارنة بالأجيال السابقة، ويعبرون عن آرائهم الشخصية من خلال أسلوب لبسهم، رغم ضغوط النظام لقمع فردية النساء ونظرتهن المختلفة لأيديولوجية الثورة الإيرانية.
وكان هذا الوعي المختلف عن الموضة والأزياء واضحًا في أسلوب النساء والفتيات المشاركات في احتجاجات 2022؛ من النساء اللاتي كنّ يظهرن بشعر مصبوغ بالأخضر والأحمر والأزرق، وأظافر مطلية باللون الداكن، وأحذية ضخمة، ووشوم وثقوب في الشفاه والأنف والحاجبين والأذنين، إلى الفتيات اللواتي كنّ يرتدين "الكروب توب" والتنانير القصيرة جدًا مع الأحذية الطويلة في الشوارع.
لكن هذا التغيير ليس مقتصرًا على جيل الشباب من مواليد التسعينيات والعقد الأول من القرن الحالي.
وقالت "بيتا"، التي تعمل في مجال حياكة الملابس وتعيش في مدينة رشت، لـ"إيران إنترناشيونال"، إنها لاحظت تغييرًا في الطلبات، التي تتلقاها خلال العامين الماضيين، حيث لم تعد النساء يطلبن خياطة "المعطف"، بل ارتفعت طلبات السترات القصيرة مع التنانير أو السراويل بشكل كبير.
وهي ترى هذا التغيير أيضًا في أسلوب العملاء، الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و60 عامًا.
"نادية آيدان"، خريجة تصميم الأزياء والناشطة في مجال حقوق المرأة، لديها ملاحظات مشابهة لـ"بيتا"، تقول إن العملاء وحتى المقربين منها أصبحوا أكثر جرأة في اختيار الملابس، وإن العديد من النساء بدأن بتجربة أنماط جديدة لم يجربنها من قبل؛ لأنها لم تكن متوافقة مع معايير الحجاب الإجباري التي يفرضها النظام.
صورة المرأة الإيرانية عام 2024
بالنسبة لي، ونظرًا لأنني أعيش بعيدًا عن بلدي، فإن متابعة مقاطع الفيديو والصور للنساء على منصات التواصل الاجتماعي ترسم هذه الصورة: نساء أنيقات ومهتمات باتباع أحدث صيحات الموضة، ولم يعدن يخضعن لقيود الملبس، التي تفرضها أيديولوجية النظام الإيراني، ولم يعدن يرتبطن بها بأي شكل.
تؤكد "مينا" هذه الصورة وتقول إن النساء الإيرانيات، برغبتهن في الأناقة، يرتدين ملابس تتعارض تمامًا مع قيم النظام.
وتضيف، في إشارة إلى العنف الذي تتعرض له النساء بسبب أسلوب لبسهن: "النساء الإيرانيات لا يستحققن أبدًا تحمل هذا الضغط اليومي لمجرد المشي في شوارع بلادهن، ولا ينبغي أن يصبح هذا الشعور طبيعيًا".
وتؤكد "نادية آيدان"، وهي مواطنة إيرانية أيضًا، أن "ارتداء الملابس ليس مجرد اختيار بسيط، بل يمكن أن يكون بيانًا واحتجاجًا وتذكيرًا بشيء سُلب منا كنساء ونحن الآن نستعيده".
وكما تقول، فإن المرأة الإيرانية في عام 2024، بعد كل الأثمان الباهظة التي تحملتها من أرواح وأموال، لم تعد تسعى للاندماج في الأطر التي يفرضها النظام والمجتمع، بل أصبحت النساء الإيرانيات يفكرن أكثر في أن تحمل ملابسهن رسالة، وتعبر عن هويتهن الشخصية، وليس فقط عن جمالهن الخارجي.
أعلنت وزيرة الخارجية الكندية، ميلاني جولي، أن بلادها فرضت عقوبات على 3 أفراد و4 شركات على صلة بشبكات توريد أسلحة للحرس الثوري الإيراني، لارتكابهم انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان داخل إيران، وقيامهم بأنشطة مزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط والعالم.
وأشارت جولي إلى أن العقوبات الجديدة فُرضت بموجب اللوائح الخاصة بالإجراءات الاقتصادية ضد الأفراد والكيانات الإيرانية، قائلة: "إن إيران تواصل تجاهل حقوق الإنسان بشكل صارخ، وقمع شعبها بشكل منهجي، ونشر عدم الاستقرار خارج حدودها".
وأضافت وزيرة الخارجية الكندية أن سلطات النظام الإيراني "تواصل إسكات أصوات الحرية بالعنف والترهيب، من خلال القمع الوحشي للمتظاهرين السلميين، والاعتقالات والإعدامات التعسفية للمعارضين".
وشددت جولي على الأبعاد الدولية لإجراءات النظام الإيراني، مضيفةً: "هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لا تقتصر على الشعب الإيراني، فنظام إيران يهدد الأمن الإقليمي والعالمي من خلال دعمه للجماعات الإرهابية".
الأفراد والكيانات المستهدفون بالعقوبات
يلعب الأفراد والكيانات المستهدفون بالعقوبات، أدوارًا في شبكات توريد وتوفير التقنيات المتقدمة التي تدعم إنتاج وبيع أسلحة الحرس الثوري الإيراني، وتشمل هذه المعدات أسلحة زودت بها إيران روسيا لاستخدامها في حربها ضد أوكرانيا.
والأفراد الثلاثة، الذين تم فرض العقوبات عليهم، هم: حسين هاتفي أردكاني، ومهدي كوكردجيان، وحسين بور فرزانه.
أما الكيانات الأربعة فهي: شركة كاوان إلكترونيك بهراد، وشركة بسامد إلكترونيك بويا، وشركة مهندسي طيف تدبير، ومكتب تصميم أنظمة الدفع فرزانكان.
ويشار إلى أن حسين هاتفي أردكاني هو رئيس شبكة توريد دولية تشمل شركات كاوان إلكترونيك بهراد، وبسامد إلكترونيك بويا، وطيف تدبير آريا.
أما مهدي كوكردجيان فهو المدير التنفيذي وعضو مجلس إدارة شركة "هسا" لصناعات الطيران الإيرانية. كما أن حسين بور فرزانه هو كبير المهندسين في مكتب تصميم أنظمة الدفع فرزانكان.
أما الشركات المستهدفة فهي شركات توريد معدات، بينما مكتب تصميم أنظمة الدفع فرزانكان هو شركة تكنولوجيا تعمل مع الحرس الثوري الإيراني.
دور طهران المزعزع للاستقرار في المنطقة والعالم
وفقًا لوزارة الخارجية الكندية، تم اتخاذ هذه العقوبات بالتنسيق مع حلفاء كندا، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وأكدت أنه على الرغم من الجهود المستمرة للمجتمع الدولي على مدى العقود الماضية لمواجهة الإجراءات، التي تشكل تهديدًا خطيرًا للسلام والأمن الدوليين، "فإن نظام إيران ما زال لاعبًا مزعزعًا للاستقرار في الشرق الأوسط، ويواصل أنشطته التخريبية من خلال عملياته العسكرية ودعمه لشبكة من الميليشيات غير الحكومية والجماعات الإرهابية المتحالفة".
وأضافت أن "إيران ووكلاءها زادوا من خطر تصعيد العنف غير القابل للسيطرة في المنطقة، وهجماتهم المستمرة على الدول المجاورة، وإسرائيل، والقوات الأميركية وحلفائها في المنطقة، زادت من حدة التوترات".
وأوضح بيان وزارة الخارجية الكندية، أن "إيران تواصل تطوير شبكاتها لتوريد وتبادل التكنولوجيا التسليحية، وزيادة التنسيق العملياتي بين وكلائها".
موقف كندا من إجراءات إيران
شددت وزارة الخارجية الكندية على أن إيران، سواء من خلال قواتها المسلحة أو دعمها للحلفاء والوكلاء، تشكل تهديدًا للسلام والأمن الدوليين، قائلة: "سترد كندا بحزم على إجراءات إيران وستقف إلى جانب أولئك الذين يقاومون بشجاعة قمع النظام الإيراني ويناضلون من أجل حقوق الإنسان والعدالة".
وأضافت وزيرة الخارجية الكندية، ميلاني جولي: "إجراءات حكومة إيران تتحدث عن نفسها. لقد شهد العالم لسنوات كيف تدفع إيران أجندتها القائمة على العنف والخوف والدعاية الكاذبة. كندا تتخذ إجراءات ضد نظام لا يهتم بالسلام والأمن الإقليمي ويساهم في تصعيد التوترات والعنف".
عقوبات كندا السابقة ضد النظام الإيراني
فرضت كندا حتى الآن عقوبات على 208 أفراد إيرانيين و254 كيانًا إيرانيًا، مع احتساب العقوبات الجديدة.
وفي عام 2012، صنّفت كندا بموجب قانون الحصانة السيادية، إيران كـ"داعم حكومي للإرهاب". وهذا الإجراء، إلى جانب قانون العدالة لضحايا الإرهاب، يسمح للضحايا بمقاضاة إيران في المحاكم الكندية بسبب الأضرار الناجمة عن الأعمال الإرهابية المرتبطة بطهران.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، وصفت كندا النظام الإيراني بأنه نظام متورط في الإرهاب وانتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الإنسان. وأدى هذا الإجراء إلى منع عشرات الآلاف من كبار مسؤولي النظام الإيراني، بمن في ذلك العديد من أعضاء الحرس الثوري، من دخول كندا بشكل دائم.
وفي يونيو (حزيران) 2024، أدرجت كندا الحرس الثوري الإيراني ككيان إرهابي بموجب "القانون الجنائي". واتخذت هذا الإجراء "ردًا على الأعمال الإرهابية للحرس الثوري، سواء بشكل مستقل أو بالتعاون الواعي مع جماعات إرهابية أخرى مثل حزب الله وحماس".
تقول الكاتبة الأميركية، جامايكا كينكيد، في رواية "لوسي": "من تصور أن العالم الذي كنت أعيش فيه يمكن أن يكون رقيقًا ومريحًا وهادئًا كان خارج قدرتي، لذا وقفت هناك وبكيت".
ويعد اليوم العالمي للمرأة، الذي يوافق 8 مارس (آذار) من كل عام، يومًا بارزًا للنساء اللواتي عبرن الحدود، ووجدن في الأراضي الجديدة فرصة لإحياء هويتهن وحريتهن من خلال الكتابة.
والكاتبات المهاجرات هن راويات لقصصهن الشخصية ومرآة لعرض مصير باقي النساء، في تقاطع الجنسانية والهوية والهجرة. وفي عالم غالبًا ما يتم تجاهل طبيعة هذه الطبقات فيه على مر العصور، فالكتابة بالنسبة لهن ليست فقط خيارًا، بل ضرورة للبقاء والمقاومة.
التقاطع والهوية النسائية للكاتبة المهاجرة: ثلاث هويات متشابكة
يوضح مفهوم "التقاطع" كيف أن الهويات المختلفة يمكن أن تخلق تحديات خاصة. وفي هذا السياق، يتداخل كون الشخص امرأة، وكاتبة، ومهاجرة. وبالنسبة للكاتبة الإيرانية تتشكل هذه التداخلات في فضاءين مختلفين: إيران؛ حيث ترتبط كينونة المرأة بالتمييز والرقابة الأدبية، والهجرة إلى بلد جديد؛ إذ يواجه الكاتب المهاجر تحديات جديدة.
وفي إيران، تعتبر الكتابة بحد ذاتها تحديًا، لكن كون الشخص امرأة يزيد من هذه التحديات. في صناعة الطباعة والنشر الإيرانية، كانت الكلمات النسائية دائمًا تحت السيطرة والقيود؛ ليس فقط بسبب المحتوى، بل بسبب الهيكل الذي لا يزال يخضع لسيطرة الآراء الذكورية. وتواجه الكاتبات الإيرانيات، خصوصًا أولئك اللواتي يكتبن عن حياة النساء، والحريات الشخصية، والهوية النسائية، الرقابة المشددة دائمًا.
ومع ذلك، فإن الهجرة، على عكس المتوقع، لا تعني نهاية القيود. وككاتبة إيرانية في السويد، أدركت أن المهاجرة في هذا البلد، أو ربما في بلدان مضيفة أخرى، تترتب عليها تحديات من نوع آخر.
وفي حين أنه لا توجد رقابة حكومية هنا، فإن الخفاء وصعوبة الوصول إلى سوق النشر قد حلَّت محلها. الكُتاب المهاجرون، خاصة إذا لم يكتبوا بلغة البلد المضيف، يُهمشون غالبًا ويشعرون كأنهم يعانون نوعًا من "التيه اللغوي". كما أن الناشرين وسوق الكتب يعيرون اهتمامًا ضئيلاً بأعمال الكُتّاب غير الغربيين، إلا إذا كانت القصص المقدمة تتماشى مع الصور النمطية السائدة حول الهجرة، والقمع، والمعاناة.
وبالنسبة للكاتبات الإيرانيات، فإن الهجرة ليست مجرد انتقال جغرافي، بل هي عبور مجموعة من القيود إلى مجموعة أخرى. ويجب على الكاتبات، في إيران، أن يكافحن لإثبات أنفسهن وتجاوز الرقابة والقمع. في الغرب، غالبًا ما يجدن أنفسهن في سوق نشر مهمش بوصفهن "أقلاما" غير معروفة، وتحدد الحدود غير المرئية أي الكلمات التي تستحق أن تُقرأ. وعلى الرغم من أنهن قد يحظين بالاهتمام في بعض الأحيان، ولكن عندما تتماشى رواياتهن مع توقعات الجمهور الغربي.
انتشار آثار في المنفى: قيود جديدة في البلد المضيف
بالنسبة للكاتبات المهاجرات، الكتابة في الحرية ليست دائمًا تعني الظهور أو الانتشار. على الرغم من عدم وجود رقابة رسمية، فإن نشر الأعمال في البلد المضيف يواجه تحديات جديدة، بدءًا من قلة الناشرين المتخصصين وصولاً إلى قلة الجمهور.
وتقول رامش صفوي، الكاتبة المقيمة في السويد، عن هذه التجربة لـ"إيران إنترناشيونال": "أنا، ككاتبة كتبت في كل من إيران والمنفى، أعتقد أن الكتابة في المنفى، رغم أنها توفر حرية أكبر وتكون محصنة ضد الرقابة، فإن لها عيوبها الخاصة أيضًا. الكتاب المهاجرون يواجهون تراجعًا كبيرًا في عدد القُرّاء".
وتضيف صفوي أن بعض الناشرين الإيرانيين في المنفى، مقارنة بالناشرين ذوي الخبرة داخل إيران، ليس لديهم معرفة أو فهم عميق لاختيار ونشر الأعمال الفارسية، وأحيانًا يظهرون تحيزًا شخصيًا في التعامل مع الأعمال. وتكمل قائلة: "بالإضافة إلى ذلك، يتركز اهتمام الناشرين في الخارج بشكل أساسي على الحصول على الدعم الحكومي بدلاً من نشر أعمال ذات جودة عالية، مما يؤدي إلى نشر الكتب مع أخطاء فادحة".
الرقابة والهجرة وتحديات الكتابة في الغرب
هاجر العديد من الكاتبات الإيرانيات؛ بسبب الرقابة والقمع في إيران، ولكن الهجرة لا تعني دائمًا الحرية الكاملة. القيود على الكتابة في المنفى قد تكون غير مرئية، لكنها لا تزال حقيقية. الكاتبات يكتبن بين الحدود والتوقعات؛ بين ماضٍ جعلهن مغيبات ومستقبل لم يقبل حضورهن بالكامل بعد.
وتضيف ماندانا حيدريان، الكاتبة المقيمة في السويد، في هذا الصدد: "بعد الهجرة، عندما أمسكت بالقلم لأول مرة، كنت أعتقد أنه نظرًا للموقع الجغرافي، ستتدفق الكلمات بلا خوف من الرقابة على الورق، ويمكن للقراء أن يتقابلوا مباشرة مع أفكار الكاتب. ولكنني سرعان ما اكتشفت أن حرية الكتابة هنا في هذا الجانب من العالم أيضًا لها طبقات معقدة؛ طبقات غير مرئية يمكن أن تكون مقيدة بقدر ما كنت أعرفه قبل الهجرة، خاصة للمرأة التي لديها رغبة في قول الحقيقة".
وتؤمن حيدريان بأن الكتابة دائمًا ما تواجه عقبات، وهي عقبات تختلف بين الشرق والغرب، ولدى النساء والرجال أشكال مختلفة. لكنها تضيف قائلة: "لكن جوهر الحرية الكتابية هو الوقوف الثابت ضد القيود والإصرار على رواية الحقيقة. الحقيقة التي قد تكون غير مريحة للآخرين، لكن من الضروري أن يرويها الكاتب، وهذا أمر لا يمكن إنكاره".
فرص ومستقبل الكتابة للإيرانيات المهاجرات
على الرغم من التحديات العديدة، فإن الهجرة قد وفرت لبعض الكاتبات الإيرانيات فرصة للانتشار والتأثير بشكل أكبر؛ فقد تمكّن بعضهن من ترجمة أعمالهن إلى لغات أخرى ومِن ثمّ الوصول إلى جمهور أوسع. كما أن وسائل الإعلام الدولية، رغم توجهاتها الانتقائية، قد قدمت في بعض الحالات دعمًا وتقديمًا للكتّاب المهاجرين.
لكن هل توفر الهجرة صوتًا أعلى؟ أم إنها تجعل الصوت أقل وضوحًا وسط أصوات أخرى؟ الإجابة عن هذا السؤال تعتمد على العديد من العوامل؛ بما في ذلك قدرة الكاتبات على إنشاء شبكات دعم، والوصول إلى فرص النشر، والإصرار على رواية قصصهن الأصلية، حتى في مواجهة ضغوطات السوق.
8 مارس: يوم الكتابة دون خوف
كتبت النساء الإيرانيات في ظلام الرقابة، في ظل الصمت القسري. ولم يتركن القلم في المنفى الذي كان بالنسبة للكثيرات نهاية الكتابة. الكتابة بالنسبة لهن لم تكن مجرد خيار، بل كانت وسيلة للبقاء والصراخ في عالم لا يريد أن يسمع أحيانًا.
8 مارس ليس مجرد مناسبة للاحتفال بالنساء؛ بل هو يوم لتذكير قلم النساء اللاتي يكتبن بين الحدود واللغات والعوالم التي إما قمعتهن أو تجاهلتهن.
ماذا سيكون المستقبل؟ ربما يأتي يوم تستطيع فيه النساء الكتابة بحرية، دون خوف، دون قيود، ودون الحاجة لعبور الحدود، في أي مكان يكنّ. لكن حتى ذلك اليوم، ستظل الكتابة شكلاً من أشكال المقاومة، ولن تنطفئ شعلة هذه المقاومة أبدًا.
أكد مستشارو الكرملين أن روسيا تتوسط حاليًا بين إيران والولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه، يقترب ترامب من التوصل إلى اتفاقات مع بوتين بشأن قضية أوكرانيا. لكن، ما التنازلات التي يتم تقديمها مقابل هذا التقدم؟
يبدو أن الهدف الأساسي لترامب هو تأمين أمن إسرائيل على المدى الطويل؛ أمن تحقق جزء منه بسقوط الأسد دون رد فعل جدي من روسيا، وقد يكتمل جزء آخر بتفكيك البرنامج النووي الإيراني وتغيير الهيكل السياسي والديموغرافي لقطاع غزة.
إن خامنئي يجد نفسه الآن في موقف صعب. فهو الذي كان يؤكد دائمًا على تعزيز العلاقات مع روسيا، وهو يواجه الآن وضعًا قد تطعنه فيه موسكو من الخلف وتجعله ضحية صفقة بين ترامب وبوتين. السؤال الأساسي هو: هل سيقاوم خامنئي هذا السيناريو ويتحمل مخاطر الحرب، أم إنه سيضطر إلى التراجع وقبول الشروط الجديدة؟
في قضية أوكرانيا، أخذ ترامب آراء بوتين بعين الاعتبار، وعمليًا اعترف بسيطرة روسيا على حوالي 20 في المائة من أراضي أوكرانيا. كما تمارس أوكرانيا ضغوطًا للتنازل عن الانضمام إلى حلف الناتو، وفي هذا السياق، قلصت الحكومة الأميركية مساعداتها العسكرية لأوكرانيا واتخذت موقفًا باردًا تجاه زيلينسكي.
من ناحية أخرى، أشاد ترامب ببوتين ويدرس تقليص العقوبات الأميركية على روسيا. لكن مقابل هذه التنازلات، ماذا يريد ترامب من بوتين؟
الهدف الرئيسي لترامب في الشرق الأوسط هو ضمان أمن إسرائيل. هناك دلائل متعددة تشير إلى أن روسيا في سوريا، بتجاهلها سقوط الأسد، مهدت الطريق لإسرائيل لإقامة حكومة درزية محلية في جنوب سوريا.
علاوة على ذلك، تعمل الولايات المتحدة على تغيير التركيبة السياسية والديموغرافية والأمنية لقطاع غزة لصالح إسرائيل. لكن القضية الأكثر أهمية تظل تهديد البرنامج النووي الإيراني.
بوتين، الذي توصل إلى تفاهم مع ترامب في سوريا، قد يتبنى نهجًا مشابهًا في قضية إيران ويتفق مع ترامب على وقف البرنامج النووي للنظام الإيراني.
ولا شك في أن زيارة سيرغي لافروف إلى طهران تُقيَّم في هذا السياق. فبعد لقاء وزير الخارجية الروسي مع ماركو روبيو، وزير الخارجية الأميركي في الرياض، توجه إلى طهران لنقل آراء ترامب وفريقه إلى مسؤولي النظام الإيراني. وتشير التقارير إلى أن لافروف نصح طهران بفتح باب المفاوضات مع ترامب عبر موسكو وبوساطة الكرملين.
فهل سيضطر خامنئي في النهاية إلى التفاوض؟ لقد نفى خامنئي رسميًا التفاوض مع أميركا، بل قال إن مثل هذه المفاوضات تتعارض مع العقل والشرف. ومع ذلك، أظهرت التجارب السابقة أن إيران، في ظل أزمات وضغوط خارجية شديدة، مستعدة للتراجع.
وعلى الرغم من أنه لا توجد حاليًا أي علامة على استعداد خامنئي للتفاوض المباشر مع ترامب، فإن احتمال تغيير موقفه ليس مستبعدًا في حال تصاعد الضغوط وظهور خطر حقيقي لسقوط النظام. لكن بشكل عام، ما يبدو حاليًا هو أن خامنئي لا ينوي تفكيك برنامجه النووي ويتجه نحو المواجهة، بل وقبول مخاطر الاشتباك وحتى الحرب مع أميركا.
الأسبوع الماضي، اصطحبت ابنة أختي المراهقة إلى حفل موسيقي في قاعة "وحدت" الشهيرة في طهران، حيث تتدلى صورتان كبيرتان على جدران المسرح، تراقبان الجمهور من الأعلى. "ما الذي يفعله النظام هنا؟"، مازحتني ابنة أختي.
الصورتان، للتوضيح، هما للمرشد الأعلى الحالي والسابق لإيران. أتجنب ذكر اسميهما لأنهما بالنسبة لابنة أختي واحد ونفس الشيء. ليس فقط هما، بل جميع الرجال ذوي العمائم. وليس فقط بالنسبة لها، بل لمعظم جيلها.
نحن، الذين يُطلق علينا جيل الألفية، قاتلنا نظام طهران. أما جيل زد (Generation Z) في إيران فقد انفصل عنه. ليس لديه وقت له، يعيش في واقع موازٍ تقريبًا، منفصل عن كل ما تمثله الدولة وتروج له.
قبل بضعة أسابيع، انتشر مقطع فيديو قصير بشكل واسع يظهر فتيات صغيرات يكافحن لتسمية قادة النظام المتوفين والأحياء من خلال صورهم.
تم اقتطاع الفيديو من فيلم وثائقي يبدو أنه بتكليف من الدولة، يهدف إلى إظهار الآثار الفاسدة لما يسمى بالغزو الثقافي وحشد أولئك الذين يهتمون بالقيم الثورية. لكنه حقق العكس تمامًا.
صورة المراهقين وهم يضحكون بينما يفشلون في التعرف على القادة عززت الفكرة، التي كثيرًا ما تُرفض كخطاب طوباوي، بأن إيران المتقادمة لن تصمد أمام جرأة وحيوية "جيل زد".
الفجوة العميقة بين حكام إيران وشبابها
الفيلم الوثائقي، مهما كان هدفه، أظهر الفجوة العميقة بين حكام إيران وشبابها. كما أظهر أيضًا كيف يتعامل الشباب مع الأمر برباطة جأش مذهلة.
"لا يمكننا أن نهتم "، بدا أن لغة جسد الفتيات تقول ذلك. "حقًا لا نهتم"، تؤكد ابنة أختي هذا عندما طرحت الفكرة عليها.
بالنسبة لنا، الذين نشأنا في السنوات الأولى للنظام الإيراني، التباين مذهل. لم نكن نعرف حكامنا ونخشاهم فحسب، بل كنا نهتف وندعو لصحتهم كل صباح في المدرسة.
كنا مغمورين بالدعاية، مع تعرض ضئيل للعالم الخارجي. كانت القناة الحكومية هي العرض الوحيد في المدينة. اليوم، تمتلك معظم المنازل قنوات فضائية، رغم أنها غير قانونية. ومعظم المراهقين موجودون على وسائل التواصل الاجتماعي، رغم حظر العديد من المنصات.
هذا الوصول إلى كل ما هو موجود هناك قد غير إيران من الداخل والقاعدة، حتى لو بقيت القشرة والقمة كما هي. في موقفها من الدين والسلطة، تشترك ابنة أختي مع مراهق في الولايات المتحدة أكثر مما تشترك مع والدتها.
لدي فيديو منزلي لحفل عيد ميلاد أخي الأكبر من منتصف الثمانينيات، تم العثور عليه أثناء الانتقال وتحويله إلى نسخة رقمية قبل بضع سنوات. الأعمام والعمات وأبناء العم يرقصون على أغنية بوب إيرانية.
بينما يتحركون، تظهر صورة في برواز على رف من الطرف الآخر من الغرفة وتختفي خلفهم؛ طباعة بحجم A4 لمرشد إيران آنذاك، روح الله الخميني.
التباين يحير العقل اليوم. لكن في ذلك الوقت كان أمرًا عاديًا تمامًا. وقت كان فيه الملايين يمتلكون صورة لهذا الرجل الديني أو ذاك في منازلهم، عندما كان الاحترام والمودة للرجال ذوي العمائم لا يزالان موجودين، لكنهما يتلاشيان، بالطبع، مع اقتحام الرجال بالزي العسكري للمنازل واعتقال العمات والأعمام المحتفلين.
على مر السنين، قوّض الظلم والقمع المودة ومحا كل تلك العروض الفردية للاحترام. لا تزال صور القادة منتشرة، لكن فقط في الأماكن العامة وبدعم من الدولة فقط.
لم تنظر ابنة أختي وأصدقاؤها حقًا إلى هذه الصور. لا يفحصون وجه خميني على الأوراق النقدية كما كنا نفعل، محاولين العثور على الثعلب الذي قيل إنه مخفي في لحيته بواسطة المصمم الجريء.
"لا بد أنك تمزحين"، قالت لي ابنة أختي عندما ضبطتني أشاهد مناظرة رئاسية على التلفزيون الحكومي الصيف الماضي. "من يهتم بالانتخابات؟".
بعد بضع كلمات، علمت أنها لا تعرف حتى عدد المرشحين، ناهيك عن أسمائهم.
الاهتمام بالذات وتجاهل الواقع
على عكس جيلي، الذي آمن بالتغيير عبر صناديق الاقتراع، والذي كانت أولويته السياسة والجماعة، فإن جيل ابنة أختي يهتم بالفرد: شعري، حقوقي، طموحاتي.
اللامبالاة بالسياسة والتركيز على الذات يمتدان أعمق وأوسع من مجرد المراهقين، بالطبع. لكنّ لديهم شيئا طبيعيا، غير متكلف، عضويا ربما. ويمكن لجيلنا أن يأخذ بعض الفضل في ذلك.
أختي ليست أمي. ابنتها، ابنة أختي، كانت تسمعها تشتم مسؤولي إيران منذ أن كانت جنينًا. لم تجبرها أختي على "الحذر والتصرف". لم تُوبخها لأنها حصلت على درجة منخفضة في مادة الدين في المدرسة.
أنا وأختي كنا مضطهدين من الدولة ومن خوف والدينا من الدولة. لقد نشأت ابنة أختي مع والدين ليسا فقط محبطين من الدولة بل صريحين ضدها. لا عجب إذن أنها أكثر جرأة إلى حد الوقاحة تقريبًا.
"ما علاقة ذلك بأمي أو أمها أو معتقداتهما؟"، تقول ابنة أختي عندما أقترح بخجل أن أختي قد تشعر بعدم الارتياح تجاه ملابسها. "ليس الأمر كما لو أنني أطلب منها أن ترتدي مثل هذا، أليس كذلك؟".
الجرأة شبه الفطرية في المنزل تركت أثرها في الشوارع أيضًا. انظر فقط إلى الدور القيادي الذي لعبه المراهقون في انتفاضة إيران عام 2022. قاتلوا بقوة أكبر من آبائهم، ليس بسبب الرقابة أو تزوير الانتخابات، بل من أجل حقهم في الحياة.
كان ذلك تجمعًا لنضالات من أجل الفرد. وقد انتصر بمعنى أنه جعل الشعر المكشوف أمرًا طبيعيًا، وهو الشيء نفسه الذي قُتلت بسببه امرأة شابة، مما أشعل الاحتجاج الواسع الذي يُطلق عليه بحق حركة "المرأة، الحياة، الحرية".
لذا قد يظل قادتنا ذوو العمائم يراقبون ابنة أختي. لكنهم ذوو صلة بحياتها بقدر ما هي صورهم البارزة بالموسيقى التي تملأ قاعة الحفل التي دخلتها لأول مرة معي.
ما زلت أخبرها عن معارك جيلي، حملتنا، على سبيل المثال، لجمع مليون توقيع تطالب بإنهاء التمييز ضد النساء في إيران. إنها تومئ برأسها موافقة، لكن يمكنك أن ترى أنها غير متأثرة.
"لماذا تتعبين بصياح (اتركيني وشأني) بينما يمكنك فقط أن تمشي بعيدًا؟"، تعظني. مثل الكثيرين من أقرانها، يبدو أنها توقفت عن القلق بشأن الحرية، وتعيشها فحسب.
وبالتالي، أصبح البلدان أقرب من أي وقت مضى إلى صراع عسكري محتمل.
وأوضح خامنئي، يوم السبت 8 مارس (آذار) خلال لقائه مع كبار مسؤولي النظام الإيراني، أن سبب امتناعه عن التفاوض مع الولايات المتحدة هو محاولة واشنطن فرض رؤيتها حول البرنامج النووي، والقدرات العسكرية، والنفوذ الإقليمي للنظام الإيراني.
وبعبارة أخرى، أعلن خامنئي أن إيران لن تتفاوض مع ترامب حول برنامجها النووي، والصواريخ، ومجموعاتها الوكيلة.
ويبدو أن الولايات المتحدة وإيران قد دخلتا في مسار صراع عسكري محتمل أسرع مما كان متوقعًا.
في بداية فترة رئاسة ترامب، كان من المتوقع أن يقدم أولاً اقتراح اتفاق لإيران، وفي حالة رفضه، يتحرك نحو الخيار العسكري.
ومنذ البداية، كان واضحًا أن فرص التوافق بين خامنئي وترامب ليست كبيرة، حيث كان ترامب يسعى لاتفاق يؤدي إلى تفكيك كامل للبرنامج النووي الإيراني، وهو ما يرفض خامنئي قبوله.
وعلى عكس أوباما وبايدن اللذين كانا يسعيان لاتفاق لا يزيل التهديد النووي والصاروخي الإيراني بشكل كامل، أعلن ترامب ووزير خارجيته ماركو روبيو أنهما يسعيان للقضاء التام على هذا التهديد، ولن يسمحا لإيران باستخدام مسار التفاوض لشراء الوقت.
يذكر أن خامنئي، الذي أدرك أن هدف ترامب من التفاوض هو التوصل لاتفاق سريع لتفكيك البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل، رفض هذا الاقتراح مرتين في فترة زمنية قصيرة.
وهذا الأمر يُظهر أن المرشد الإيراني قد اتخذ قراره، بل إنه يستعد حتى لصراع محتمل.
يشار إلى أنه في خطاب خامنئي أول من أمس السبت، تم تثبيت آية من القرآن في مكان إلقاء الخطاب تؤكد على التوكل على الله بعد اتخاذ القرار.
كما أنه، وعلى عكس الإجراء المعتاد الذي يجلس فيه قادة الفروع، وأمين عام مجلس صيانة الدستور، ورئيس مجلس خبراء القيادة، ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام على جانبيه، قام هذه المرة بوضع جميع المسؤولين السياسيين على جانب واحد، والقادة العسكريين الكبار على الجانب الآخر، وهو إجراء غير معتاد.
ومع انخفاض احتمال التوافق بين طهران وواشنطن بشكل كبير، يبدو أن أوروبا ستتحرك نحو تفعيل "آلية الزناد" وإعادة عقوبات الأمم المتحدة.
وكانت الدول الأوروبية تنتظر حتى الآن نتيجة للمفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، ولكن مع عدم وجود أفق واضح للتوافق، من المحتمل أن تبدأ في دراسة استخدام "آلية الزناد" أسرع مما كان متوقعًا.
و"آلية الزناد"، التي هي جزء من الاتفاق النووي، تعني أنه إذا طلبت واحدة من الدول الثلاث ألمانيا أو فرنسا أو بريطانيا تفعيل الآلية، فإن جميع عقوبات الأمم المتحدة ضد طهران ستعود. وفي هذه الحالة، حتى روسيا والصين لن تكونا قادرتين على منع عودة هذه العقوبات.
التصعيد بين إيران والغرب: سيناريوهات المواجهة المحتملة
تصريحات خامنئي الأخيرة ضد أوروبا، بالتزامن مع تصريحاته ضد الولايات المتحدة، زادت من احتمال تحرك أوروبا نحو خيار المواجهة.
في ظل الظروف الحالية، يبدو أن الولايات المتحدة والدبلوماسية العالمية تستعدان لمرحلة مواجهة محتملة.
أحد الفرص القليلة المتبقية للدبلوماسية هو ضغط الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على خامنئي لقبول اتفاق قبل الدخول في مرحلة الصراع. ومع ذلك، تشير الأدلة إلى أن خامنئي غير مكترث حتى بالوساطة الروسية، وقد اتخذ قراره بعدم التفاوض والاستعداد للمواجهة.
إذا تطورت الأمور إلى مواجهة عسكرية، فإن الأهداف الرئيسية المحتملة لأي هجوم إسرائيلي أو مشترك بين إسرائيل والولايات المتحدة ستكون المنشآت النووية الإيرانية.
وفي مقدمة هذه الأهداف تأتي ثلاثة مواقع نووية رئيسية: فردو، ونطنز، ومفاعل الماء الثقيل في أراك.
• منشأة فردو: أهم مركز لتخصيب اليورانيوم في إيران، ويُعرف رسميًا باسم "مجمع التخصيب مسعود علي محمدي". يقع على طريق طهران-قم ويضم أجهزة طرد مركزي متقدمة.
• منشأة نطنز: تُعرف رسميًا باسم "مجمع التخصيب مصطفى أحمدي روشن"، وتقع بين كاشان وأصفهان. تعرضت في السابق لانفجارات بسبب عمليات تخريبية.
• مفاعل الماء الثقيل في أراك: كان موضع جدل داخلي في إيران خلال الاتفاق النووي بشأن ملئه بالخرسانة. يعد أحد المنشآت الحيوية في البرنامج النووي الإيراني.
وعلى الرغم من أن هذه المواقع الثلاثة تُعتبر الأهداف الأساسية للهجوم المحتمل، فإن نطاق الضربة قد يكون أوسع ليشمل منشآت أخرى مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني.
إذا استمر المسار الحالي وابتعدت إيران والولايات المتحدة عن الدبلوماسية وتحركتا نحو الصراع، فإن هناك سيناريوهين رئيسيين لهجوم على المنشآت النووية الإيرانية:؛ هجوم إسرائيلي بضوء أخضر من الولايات المتحدة، أو مشاركة الولايات المتحدة مباشرة في الهجوم.
نظرًا لأن منشآت "فردو" و"نطنز" تقعان تحت الأرض، وانتشار المواقع النووية في أنحاء البلاد، يشكك بعض الخبراء العسكريين في قدرة إسرائيل على تدمير هذه المنشآت بمفردها.
ووفقًا للتقارير، حصلت إسرائيل على حوالي 1800 قنبلة من طراز "MK-84" أو "BLU-117" من الولايات المتحدة. ومع ذلك، يرى بعض المحللين أن تدمير هذه المنشآت بشكل كامل يتطلب مشاركة أميركية واستخدام قنابل أقوى، مثل "GBU-57" والطائرات الشبحية "B-2".
وتتميز قنابل"GBU-57"، التي تزن 30 ألف رطل (نحو 14 طنًا)، بقدرتها على اختراق 60 مترًا من الخرسانة قبل الانفجار.
وفي ظل هذه التطورات، إذا ظل المسار الدبلوماسي مغلقًا، فقد تكون المنطقة على أعتاب واحدة من أخطر المواجهات العسكرية في العقود الأخيرة.