تقرير النظام الإيراني عن انتفاضة 2022 يبرئ النظام ويشجع على مزيد من القمع
قدّمت اللجنة الخاصة التي شكّلها الرئيس الإيراني لمراجعة الاحتجاجات الشعبية عام 2022، تقريرا ثانيا إلى مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، وقد برّأت اللجنة في تقريرها النظام من المسؤولية عن القمع الدموي للاحتجاجات. فيما اتهمت قناة "إيران إنترناشيونال" بـ"تأجيج الاحتجاجات".
في حين لم يتم إصدار قانون الحجاب الإلزامي الجديد، المعروف باسم قانون "العفة والحجاب"، أفادت تقارير إعلامية إيرانية بأن كاميرات "التعرف على الهوية" قد تم تركيبها في بعض شوارع المدن في إيران، ويتم إرسال رسائل نصية للنساء اللواتي لا يلتزمن بالحجاب الإجباري.
وذكر موقع "دیده بان إيران"، اليوم الأربعاء الموافق 26 مارس (آذار)، أن القانون لم يُصدر رسميًا بعد، إذ تم تعليق إصداره وتنفيذه بقرار من المجلس الأعلى للأمن القومي، إلا أنه يُطبّق فعليًا في بعض المدن مثل أصفهان.
وأشار الموقع إلى أنه، رغم عدم الإعلان الرسمي عن تنفيذ القانون، فقد ترددت شائعات عن تطبيقه في بعض المدن مثل أصفهان ومشهد، دون تأكيد أو نفي رسمي. ومع ذلك، يبدو أن هذه التقارير صحيحة.
ووفقًا للتقرير، فقد تم تركيب كاميرات التعرف على الهوية في بعض الشوارع، ويتم إرسال رسائل نصية إلى النساء اللاتي لا يلتزمن بالحجاب الإجباري.
وكان قاسم روانبخش، النائب عن مدينة قم في البرلمان، قد صرّح سابقًا، يوم 16 مارس (آذار)، بأن القانون يُطبق "بصمت" في بعض المدن، وقال: "إذا لم تقم الحكومة بإصداره، فعلى رئيس البرلمان إصداره للتنفيذ وفقًا للقانون".
من ناحية أخرى، خلال الأسابيع الماضية، نظم بعض مؤيدي الحكومة احتجاجات أمام مبنى البرلمان في طهران، مطالبين بتطبيق قانون الحجاب الإجباري.
وأشار "دیده بان إيران" إلى أن بعض الجهات في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ترفض الالتزام بقرارات المجلس الأعلى للأمن القومي، وقد قادت احتجاجات غير قانونية قبل بداية عام 2025 للمطالبة بإصدار قانون الحجاب والعفة.
وذكر التقرير أن المستشار القانوني لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صرح بأن هذه الاحتجاجات لا تمثل الموقف الرسمي للهيئة، بل أدانها، لكن هذه التجمعات استمرت دون أي إجراءات ضد المشاركين فيها.
وفي ختام تقريره، تساءل "دیده بان إيران": "كيف تحصل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على صور كاميرات التعرف على الهوية؟".
وكانت النسخة النهائية من القانون المسمى "العفة والحجاب" قد نُشرت في خريف العام الماضي، متضمنة عقوبات شديدة على من لا يلتزم بالحجاب الإجباري.
وأعلن محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن هذا القانون سيتم إصداره للتنفيذ يوم 13 ديسمبر (كانون الأول) 2024، لكن ذلك لم يتحقق حتى الآن بعد مرور أربعة أشهر.
وفي مارس (آذار) الجاري، وقّع 209 نواب في البرلمان عريضة موجهة إلى قاليباف، مطالبين بإصدار القانون رسميًا.
من جانبه، دعا فولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، في مارس الجاري، إلى الإلغاء الكامل والدائم لقانون الحجاب الإجباري وجميع القوانين التمييزية الأخرى ضد النساء في إيران، قائلاً: "أجدد دعوتي للسلطات الإيرانية لإلغاء قانون "العفة والحجاب" وجميع القوانين والإجراءات التمييزية ضد النساء والفتيات في إيران بشكل كامل ودائم".
وفي تقرير صدر في مارس (آذار) الجاري، أفادت منظمة "هرانا" الحقوقية بأن الحكومة الإيرانية تعاملت مع ما لا يقل عن 30,642 امرأة خلال عام 2024 بسبب عدم التزامهن بالحجاب الإجباري.
وعلى الرغم من محاولات الحكومة لقمع معارضي الحجاب الإجباري، لا يزال العديد من النساء يرفضن ارتداء الحجاب الذي تفرضه الحكومة في الشوارع والأماكن العامة.
أدرجت وزارة التجارة الأميركية 80 كيانًا من دول مختلفة، بما في ذلك إيران والصين والإمارات العربية المتحدة وتايوان وجنوب أفريقيا، في قائمة العقوبات بسبب أنشطتها التي تتعارض مع الأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة.
وأعلنت إدارة الصناعة والأمن بوزارة التجارة الأميركية في بيان أن هذا القرار يهدف إلى "عرقلة جهود إيران في الحصول على الطائرات المسيّرة والمعدات الدفاعية ذات الصلة" و"إضعاف تطوير الأنشطة النووية غير الخاضعة للرقابة وبرنامج الصواريخ البالستية الإيراني".
كما تهدف الحزمة الأخيرة من العقوبات إلى الحد من قدرة الصين على الحصول على تقنيات الحوسبة المتقدمة وتطوير تكنولوجيا الكم لأغراض عسكرية، إضافةً إلى منع تطوير برنامج الأسلحة الأسرع من الصوت في الصين.
وفي الأشهر الأخيرة، كثّفت واشنطن عقوباتها على النظام الإيراني والكيانات التابعة له.
وفي فبراير (شباط) الماضي، وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مرسومًا لاستئناف سياسة "الضغط الأقصى" ضد إيران، بهدف خفض صادراتها النفطية إلى الصفر لإجبارها على وقف برنامجها النووي.
وفي تصريح له يوم أمس، أشار وزير التجارة الأميركي هاوارد لوتنيك إلى حزمة العقوبات الجديدة، قائلاً: "تحت القيادة الحازمة للرئيس دونالد ترامب، تتخذ وزارة التجارة إجراءات صارمة لحماية الولايات المتحدة. لن نسمح لأعدائنا باستغلال التكنولوجيا الأميركية لتعزيز جيوشهم وتهديد حياة المواطنين الأميركيين".
وأضاف لوتنيك: "سنستخدم جميع الأدوات المتاحة لدينا لضمان عدم وصول تقنياتنا المتقدمة إلى الجهات التي تسعى لإلحاق الضرر بأميركا".
عقوبات على كيانات إيرانية وصينية
ووفقًا لبيان وزارة التجارة الأميركية، فإن من بين الكيانات الـ80 المدرجة في قائمة العقوبات، هناك كيانان إيراني وصيني تمت إضافتهما بسبب محاولتهما "شراء معدات أميركية المنشأ لصالح الصناعات الدفاعية وبرامج الطائرات المسيّرة الإيرانية".
وسبق أن فرضت وزارة الخزانة الأميركية، في آخر فبراير 2025، عقوبات على ستة كيانات مقرها في هونغ كونغ والصين بسبب دورها في شراء وإرسال مكونات رئيسية للطائرات المسيّرة إلى إيران.
تحذيرات متكررة لإيران من واشنطن
وفي 25 مارس الحالي، قال جيفري كيسلر، نائب وزير التجارة الأميركي لشؤون الصناعة والأمن: "يجب أن لا تُستخدم التكنولوجيا الأميركية أبدًا ضد الشعب الأميركي. وتبعث إدارة الصناعة والأمن برسالة واضحة مفادها أن إدارة ترامب ستبذل قصارى جهدها لحماية أمننا القومي".
وفي الأيام الأخيرة، وجّه مسؤولو إدارة ترامب عدة تحذيرات إلى الحكومة الإيرانية بشأن تطوير برنامجها النووي ودعمها العسكري للحوثيين في اليمن.
وقبل أيام، صرّح مايك والتز، مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، بأن إدارة ترامب تسعى إلى "تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل". وقبلها حذر ترامب من أن واشنطن ستعتبر إيران مسؤولة عن أي هجوم ينفذه الحوثيون من الآن فصاعدًا.
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إيران بعد مقتل حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، كانت تنوي إرسال قواتها إلى سوريا لكنها تراجعت بعد تهديد مقاتلات إسرائيلية.
وأشار نتنياهو، يوم الأربعاء 26 مارس (آذار) في الكنيست الإسرائيلي، إلى أنه أمر وزير الدفاع بأن تطير مقاتلات الجيش أمام الطائرات الإيرانية.
وبعد بدء الحرب في غزة عقب هجوم حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل، ظهرت تقارير عن منع إسرائيل هبوط طائرات إيرانية في سوريا ولبنان.
ففي سبتمبر (أيلول) الماضي، عادت طائرة تابعة لشركة "فارس إير قشم" التي كانت متجهة من طهران إلى لبنان أو سوريا، إلى الأجواء العراقية.
في الوقت نفسه، قال المرشد علي خامنئي، في خطاب يوم 11 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعد سقوط نظام بشار الأسد: "مسؤولو القوات المسلحة والمنظمات المسلحة يكتبون إليّ أننا لا نتحمل ما يحدث في لبنان، أعطنا الإذن لنذهب".
وأكد: "جاؤوا وقالوا لي إن كل الإمكانات التي يحتاجها السوريون اليوم قد أعددناها. نحن مستعدون للذهاب. لكن السماء كانت مغلقة، والأرض مغلقة".
وقال المرشد الإيراني إن أميركا وإسرائيل أغلقتا الطرق الجوية والبرية إلى سوريا.
وأكد رئيس وزراء إسرائيل اليوم أن بلاده دمرت "أذرع الشر" للنظام الإيراني، وسوف تفعل كل شيء لمنع طهران من الحصول على سلاح نووي.
وعن احتمال اتفاق إيران مع أميركا، قال نتنياهو: "لا أصدق أن إيران ستدمر كل اليورانيوم لديها".
وقبل يوم من هذه التصريحات، حذر دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة، من أن على إيران التفاوض على اتفاق نووي قريبًا وإلا ستواجه عواقب قاسية.
وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي إن إسرائيل ستستمر في الضغط على حماس ما دامت ترفض إطلاق سراح الرهائن.
وحذر من أنه إذا استمرت حماس في معارضة إطلاق سراح الرهائن، فإن رد إسرائيل قد يشمل "السيطرة على أراضٍ أكثر" وإجراءات أخرى.
وفي يوم الاثنين 25 مارس (آذار)، حذر يسرائيل كاتس، وزير دفاع إسرائيل، من أنه إذا لم تستجب حماس لإطلاق سراح الرهائن المتبقين، فإن إسرائيل ستصادر المزيد من الأراضي في غزة، وستقاتل حتى تدمير حماس بالكامل.
قامت الجماعات المسلحة العراقية التابعة للنظام الإيراني بنقل واسع النطاق وتغييرات كبيرة في مقراتها ومستودعات أسلحتها.
وأكدت مصادر مرتبطة بهذه الجماعات هذا الأمر لوسائل الإعلام، مشيرة إلى أنه مع استئناف الحرب في غزة والهجمات الأخيرة في لبنان، بدأت بعض الأطراف السياسية داخل العراق "خوفًا من هجوم إسرائيلي" بـ"ممارسة الضغط على الجماعات المسلحة القريبة من طهران".
وقال عضو بارز في "تنسيقية المقاومة العراقية" لوسائل الإعلام إن رئيس الوزراء العراقي تواصل مؤخرًا مع قادة هذه الجماعات، وطالبهم بالامتناع عن أي "نشاط عسكري ضد إسرائيل".
وفي وقت سابق، في 23 مارس (آذار)، أفادت مصادر مطلعة في بغداد لـ"إيران إنترناشيونال" أن إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، طلب خلال زيارة إلى العراق من الجماعات المسلحة القريبة من طهران الامتناع عن أي عمل ضد الولايات المتحدة وإسرائيل قد يؤدي إلى فقدان السيطرة على الأوضاع.
كما نقلت وكالة "رويترز" في 18 مارس (آذار)، عن مصادر مطلعة، أن إيران طلبت من الحوثيين في اليمن تخفيف التوترات.
وفي 15 مارس، حذر دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة، في رسالة نُشرت باللغة الفارسية أيضًا، من أن أي هجوم من الحوثيين في اليمن سيُعتبر من الآن فصاعدًا هجومًا بأسلحة وتوجيه من إيران.
وبعد أربعة أيام، كتب في منصته الاجتماعية "تروث سوشال" أنه على الرغم من تقليص الدعم العسكري من إيران للحوثيين، فإن طهران لا تزال ترسل كميات كبيرة من المعدات والإمدادات لهذه الجماعة.
تحذير وزارة الخارجية الأميركية
وحذرت وزارة الخارجية الأميركية الحكومة العراقية من نشاط الجماعات المسلحة المدعومة من إيران.
وقال تومي بروس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، في مؤتمر صحافي: "نشاط أي جماعة شبه عسكرية لا تخضع لسيطرة الحكومة العراقية بشكل كامل على حدود العراق غير مقبول".
وأضاف بروس، محذرًا الحكومة العراقية، أن على بغداد ضمان سيطرتها على قيادة وتسليح جميع القوات الأمنية، بما في ذلك الحشد الشعبي.
وقال: "يجب أن تتبع هذه القوات القائد العام للقوات المسلحة العراقية، وليس إيران".
جهود الدمج
وتوصلت القوى السياسية الشيعية في العراق، بعد نقاشات مكثفة بينها وبين قادة الجماعات المسلحة، إلى اتفاق يقضي بـ"إبعاد الحشد الشعبي عن السياسة ودمج جميع الجماعات المسلحة في هذه المؤسسة".
ونشرت "شفق نيوز" مساء الثلاثاء 25 مارس تقريرًا حصريًا جاء فيه: "توصلت قوى الإطار التنسيقي إلى اتفاق مبدئي يقضي بالموافقة على دمج الجماعات المسلحة في الحشد الشعبي، كما أنه لا يحق للجماعات المسلحة مهاجمة المصالح الأميركية في العراق، وعليها وقف العمليات العابرة للحدود".
وأشارت "شفق نيوز" إلى "حساسية الوضع في العراق"، وكتبت: "المرحلة الحالية تتطلب اتخاذ أقصى التدابير لضمان أمن البلاد".
رسالة ترامب للحل
في الوقت نفسه، أفاد معهد دراسات الحرب الأميركي أن رسالة ترامب إلى إيران تضمنت طلب حل قوات الحشد الشعبي في العراق.
وسبق أن كشف عبد الخالق عبد الله، المستشار السابق لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، تفاصيل رسالة أرسلها رئيس الولايات المتحدة إلى المرشد الإيراني، علي خامنئي، وسُلمت إلى طهران عبر الإمارات.
ووفقًا لهذا الدبلوماسي الإماراتي، فإن "وقف الدعم المالي لحزب الله في لبنان وحل الجماعات المسلحة التابعة للحشد الشعبي في العراق" كان أحد مطالب ترامب من إيران.
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إن الهجمات التي شنّتها القوات الأميركية وجّهت ضربة قاسية للحوثيين وأضعفت موقفهم. كما طالب إيران بأن تسارع إلى التفاوض بشأن اتفاق نووي، وإلا فإنها ستواجه عواقب وخيمة.
وفي مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض، الثلاثاء 25 مارس (آذار)، قال ترامب: "الحوثيون يتعرضون لضغط شديد، وأسوأ عناصرهم قد قُتلوا".
وأضاف: "هذه الجماعة ليست ضعيفة أو عديمة الخبرة. إنهم يصنعون الصواريخ بأنفسهم، ويتلقّون الصواريخ من طهران أيضًا. إنهم فرع آخر من إيران، تمامًا مثل الجماعات الأخرى".
وتابع: "هناك حماس، وهناك حزب الله، وهناك الحوثيون. إيران متورطة في كل هذه القضايا. لقد أرسلنا رسالة إلى إيران وقلنا لهم: قريبًا ستضطرون للتفاوض معنا، لأننا لن نسمح لهذا الوضع بالاستمرار".
جدل في واشنطن حول تسريب خطط الهجمات
تأتي تصريحات ترامب في وقت أثار فيه نشر تفاصيل محادثات بين كبار المسؤولين الأميركيين بشأن الضربات العسكرية ضد الحوثيين جدلًا واسعًا في واشنطن. وانتقد معارضو ترامب ذلك بشدة، معتبرين أنه دليل على سوء الإدارة الأمنية في حكومته. كما طالب الديمقراطيون في الكونغرس باستقالة مستشار الأمن القومي ووزير الدفاع الأميركي.
وبعد هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، شنّ الحوثيون هجمات على السفن التجارية والعسكرية في المياه المحيطة باليمن تضامنًا مع فلسطين. وتُزوّد إيران الحوثيين بطائرات مسيّرة وصواريخ متطورة، مما يعزّز قدراتهم الهجومية.
تحذير ترامب لإيران
وكرر ترامب يوم الثلاثاء دعوته لإيران إلى التفاوض مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي، محذرًا من أن البديل سيكون مواجهة عمل عسكري أميركي.
وأضاف أن أي هجوم ينفّذه الحوثيون سيتم اعتباره هجومًا من قبل إيران نفسها، وسيؤدي إلى رد أميركي قوي.
وقد أُرسل إنذار ترامب إلى طهران في رسالة رسمية إلى المرشد الإيراني علي خامنئي الذي رفضها، مؤكدًا مواقفه السابقة بأن الولايات المتحدة وترامب ليسا جديرين بالثقة.
هل تسعى إيران لامتلاك سلاح نووي؟
لطالما أنكرت إيران سعيها لتطوير سلاح نووي. ومع ذلك، قال مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية، يوم الثلاثاء 25 مارس (آذار)، مستندًا إلى التقرير السنوي لوكالات الاستخبارات الأميركية حول التهديدات التي تواجه البلاد، إن واشنطن لا تزال تعتقد أن طهران لم تتخذ قرارًا نهائيًا بشأن تصنيع قنبلة نووية، لكن بعض صناع القرار في النظام الإيراني باتوا يطرحون هذا الخيار بشكل متزايد.
خلافات بين كبار مسؤولي ترامب بشأن إيران
في الأيام الأخيرة، قدّم مسؤولان بارزان في إدارة ترامب مواقف متباينة حول مطالب واشنطن من إيران.
فقد صرّح مايكل والتز، مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، يوم الأحد 23 مارس، بأن الولايات المتحدة تطالب بإنهاء كامل للبرنامج النووي الإيراني. وقال: "يجب وقف هذا البرنامج بالكامل. وإلا، فإن إيران ستواجه عواقب خطيرة".
لكن ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لترامب لشؤون الشرق الأوسط، تبنّى موقفًا أكثر اعتدالًا يوم الجمعة 21 مارس، قائلًا: "علينا التفاوض. علينا إزالة سوء الفهم. علينا إنشاء نظام مراقبة يضمن ألا يقلق أحد بشأن عسكرة البرنامج النووي الإيراني".
رد الخارجية الأميركية على الخلافات الداخلية
وعند سؤاله من قبل قناة "إيران إنترناشيونال" عن التناقض في هذه التصريحات، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن موقف ترامب واضح تمامًا ولا يحتمل أي التباس.
وأضاف: "الرئيس ترامب كرر مرارًا أن الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي".
كما أكد أن "الرئيس مستعد للتفاوض على اتفاق، لكن إذا لم تكن إيران راغبة في ذلك، فقد اتخذ الرئيس قراره؛ سيتّجه إلى خيارات أخرى ستكون سيئة جدًا بالنسبة لطهران".
وفي الوقت نفسه، أنكر التقرير الحكومي حالات تعذيب المتظاهرين، والانتهاكات الجنسية، مشيرا إلى أنه لو تم استخدام الأسلحة النارية في وقت مبكر، لكانت الاحتجاجات قد أُخمدت بشكل أسرع.
هذا التقرير، الذي نُشر علنًا يوم الأربعاء 26 مارس (آذار)، كان قد قُدّم من قِبل رئيس اللجنة، حسين مظفر، إلى الرئيس مسعود بزشكيان يوم 12 مارس، فيما سلّمت البعثة الإيرانية الدائمة لدى الأمم المتحدة نسخة منه إلى مفوضية حقوق الإنسان يوم 21 مارس.
يلقي التقرير باللوم على العقوبات الأميركية والأزمات الاقتصادية في اندلاع الاحتجاجات، دون الإشارة إلى الأسباب الاجتماعية والسياسية، مثل تدخل النظام في نمط حياة المواطنين والانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان.
شكاوى الضحايا والتعامل مع لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة
أعلنت اللجنة الخاصة التابعة للنظام الإيراني أنها تلقت 1,148 شكوى من ضحايا قمع الاحتجاجات، مؤكدة أنها قامت بـ"جهود مكثفة وملحوظة" لتعويض المتضررين ودفع التعويضات لهم.
إلا أنه، وبعد مرور أكثر من عامين على الانتفاضة الشعبية في إيران، لا تزال التقارير تشير إلى استمرار الضغوط على عائلات الضحايا، حيث يُحرم العديد من المصابين من الخدمات الطبية والتعويضات، ويتعرضون بدلاً من ذلك لضغوط من قبل الأجهزة الأمنية.
كما أفادت لجنة التحقيق التابعة للنظام بأنها تواصلت وتعاونت مع لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة حول انتفاضة 2022، مدعية أنها ردّت على أسئلة اللجنة خلال جلستين افتراضيتين، بالإضافة إلى تقديم إجابات مكتوبة عبر المراسلات الرسمية.
هذا بينما أعلنت لجنة تقصي الحقائق المستقلة التابعة للأمم المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) 2024 أن الناجين وضحايا القمع العنيف لحركة "المرأة، الحياة، الحرية" لا يزالون بحاجة ماسة للوصول إلى الحقيقة والعدالة والمساءلة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم ضد الإنسانية التي ارتُكبت بحقهم.
وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد تبنى، في اجتماع خاص يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، قرارًا يقضي بتشكيل لجنة تقصي حقائق دولية للتحقيق في قمع الاحتجاجات في إيران. وقد أوكل المجلس إلى اللجنة مسؤولية إجراء تحقيق كامل ومستقل في انتهاكات حقوق الإنسان، خصوصًا ضد النساء والأطفال، خلال الاحتجاجات، إلى جانب دراسة الشكاوى، وتوثيق الأدلة وتحليلها وحفظها.
إنكار ضلوع النظام في مقتل مهسا أميني
في تقريرها، جددت اللجنة الخاصة للتحقيق التابعة للنظام الإيراني إنكارها مسؤولية النظام عن مقتل مهسا أميني، مؤكدة أن وفاتها لم تكن بسبب إصابة في الرأس أو الأعضاء الحيوية، بل نتيجة حالة مرضية سابقة.
وبحسب التقرير، فإن مهسا أميني كانت قد أصيبت في سن الثامنة بـ"اضطراب في منطقة تحت المهاد– الغدة النخامية والغدد التابعة له"، وكانت تتلقى العلاج منذ ذلك الحين. كما ادعى التقرير أن سبب وفاتها هو فشل متعدد الأعضاء (MOF) ناتج عن نقص الأكسجة الدماغية.
لم تقدم اللجنة أي أدلة أو وثائق تدعم هذا الادعاء، ولم تفسر سبب امتناعها عن مشاركة السجلات الطبية مع عائلتها أو لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة أو وسائل الإعلام.
في المقابل، أظهرت صور الأشعة المقطعية (CT Scan) الخاصة بمهسا أميني، والتي حصلت عليها قناة "إيران إنترناشيونال" عبر مجموعة قرصنة، وجود كسر في الجمجمة من الجهة اليمنى، ناجم عن ضربة مباشرة على الرأس. كما كشفت الصور عن تراكم سوائل ودماء في رئتيها، وهو ما أرجعه الأطباء إلى دخولها في غيبوبة بسبب ضربة قوية على رأسها.
تكرار رواية النظام حول أسباب تصاعد احتجاجات 2022
أعاد التقرير تحميل المسؤولية لعناصر "مخربة" وجهات خارجية عن تحول الاحتجاجات إلى العنف، زاعمًا أن ذلك كان نتيجة نشر "أخبار كاذبة ومحرضة" عبر وسائل الإعلام الأجنبية الناطقة بالفارسية ومنصات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى "تقصير أو خطأ بعض العناصر الأمنية".
كما أعلنت اللجنة أن عدد القتلى في الاحتجاجات بلغ 281 شخصًا، بينهم 90 من "مثيري الشغب"، و54 عنصرًا أمنيًا، بينما ادعت أن 25 شخصًا قُتلوا في "هجمات إرهابية"، وأن 112 شخصًا آخرين قُتلوا دون تحديد الجهة المسؤولة عن مقتلهم، مما يعني أن التقرير لم يُحمّل قوات الأمن أو النظام مسؤولية مقتل أي متظاهر.
يأتي هذا في حين أن أمير علي حاجي زاده، قائد القوات الجوية بالحرس الثوري، اعترف خلال كلمة ألقاها في جامعة رجائي بطهران يوم 28 نوفمبر 2022، أي قبل انتهاء موجة الاحتجاجات، بأن النظام قتل أكثر من 300 شخص خلال قمع المظاهرات.
من جهتها، وثّقت "منظمة حقوق الإنسان الإيرانية"، في تقرير لها، مقتل 551 متظاهرًا، بينهم 68 طفلًا و49 امرأة، مشيرة إلى أن 22 متظاهرًا على الأقل، بينهم 4 أطفال و8 نساء، قضوا في ظروف مشبوهة، سواء منتحرين أو في حالات وفاة غامضة.
أما بشأن عدد المصابين، فقد أعلن النظام الإيراني أن إجمالي الجرحى في الاحتجاجات بلغ 6,308 أشخاص، بينهم 5,681 عنصرًا أمنيًا و627 مدنيًا.
وفي المقابل، تشير التقارير إلى أن القوات الأمنية أطلقت بشكل ممنهج ومتعمد الرصاص المطاطي وطلقات "بينتبول" على المتظاهرين في شوارع إيران، مما أدى إلى إصابة المئات، خاصة في أعينهم، ولا يزال هؤلاء يعانون منذ أكثر من عام من الآلام الحادة ونقص العلاج والأدوية.
كما ركّزت اللجنة على سرد تفاصيل مقتل عناصر الأمن خلال الاحتجاجات، وأعادت التأكيد على التهم الموجهة ضد المتظاهرين الذين حُكم على بعضهم بأحكام قاسية، بما في ذلك الإعدام.
إضافة إلى ذلك، ذكرت اللجنة أن عدد الهجمات على الممتلكات والمنشآت بلغ 2,021 حالة، وقدّرت الخسائر المالية بحوالي 2,000 مليار تومان.
إنكار التقارير للقمع وسوء معاملة المعتقلين
زعمت اللجنة الخاصة التابعة للنظام الإيراني في تقريرها أنها لم تتلقَّ أي بلاغات حول سوء معاملة المعتقلين، مشيرة إلى أن بعض المعتقلين اعترضوا فقط على الأحكام الصادرة بحقهم.
لكن وفقًا لتقارير المنظمات الحقوقية، فقد تعرّض المعتقلون، بمن فيهم الأطفال، خلال الاحتجاجات للتعذيب، والانتهاكات الجنسية، والإخفاء القسري على أيدي قوات الأمن التابعة للنظام.
وأعلنت اللجنة أن عدد المعتقلين خلال الاحتجاجات بلغ 34 ألف شخص، مدعية أنه بعد الإفراج عن 90 في المائة منهم وإصدار خامنئي عفوًا عامًا، لم يتبقَّ سوى 292 قضية قضائية، تم إصدار أحكام قطعية بحق 130 شخصًا منهم.
كما أشار التقرير إلى تلقي 1,148 شكوى ضد عناصر الأمن، موضحًا أن 358 شكوى منها أُثبتت، مما أدى إلى تعويض المتضررين.
وادّعت اللجنة أن جهات حكومية، مثل وزارة العدل، والحرس الثوري، وقوات الشرطة، ووزارة الداخلية، دفعت مجتمعة 73,900 مليار تومان كتعويضات للمتضررين.
لكن هذه الادعاءات تتناقض مع التقارير الموسعة عن أوضاع المعتقلين، والتي كشفت عن الاحتجاز التعسفي، والتعذيب النفسي والجسدي والجنسي، وعمليات الإخفاء القسري، وجرائم القتل داخل السجون، وإصدار أحكام إعدام وعقوبات بالسجن والنفي والغرامات المالية، بالإضافة إلى الفصل من الوظائف وحرمان المحتجين من العمل.
كما لجأ النظام إلى طرد الطلاب والمعلمين وأساتذة الجامعات من وظائفهم ومنعهم من الدراسة والتدريس كجزء من حملة القمع المستمرة خلال العامين الماضيين.
أما طلاب المدارس، فقد واجهوا تهديدات بالفصل والحرمان من الدراسة، بل وحتى حالات تسميم متعمد، في محاولة لإسكات أصوات الاحتجاجات الشبابية.
اتهام الحكومات الأجنبية بالتدخل
اتهمت اللجنة الخاصة التابعة للنظام الإيراني بعض الدول الأجنبية، من بينها الولايات المتحدة، وألمانيا، وفرنسا، والنرويج، وأستراليا، وإيطاليا، وإسبانيا، وكوريا الجنوبية، بلعب "دورٍ بارز" في اندلاع الاحتجاجات واستمرارها وتوسعها.
وكمستند لهذا الدور، أشارت اللجنة إلى أن رئيس البرلمان الفرنسي نشر تغريدة دعم فيها المحتجين، كما استشهدت بلقاء مسؤولين حكوميين من ألمانيا وفرنسا مع بعض الجرحى وعائلات الضحايا. واعتبرت اللجنة أن بيانات وزارتي الخارجية الفرنسية والألمانية التي أدانت قمع المتظاهرين، دليل آخر على هذا التدخل المزعوم.
وحمّلت اللجنة الولايات المتحدة المسؤولية الأكبر، زاعمة أنها "استغلت هذه الاحتجاجات لتعزيز التوترات داخل إيران". كما أشارت إلى عقد مؤتمر أوسلو لحقوق الإنسان، الذي نظمته "منظمة حقوق الإنسان في إيران"، باعتباره أحد "المؤشرات الرئيسية" على هذا الدور، رغم أن تمويل المنظمة لا يأتي من مصادر أميركية.
وقد شهدت الاحتجاجات الثورية في عام 2022 دعمًا دوليًا واسع النطاق، حيث أبدى زعماء دوليون دعمًا غير مسبوق لنضال الشعب الإيراني، ولا سيما النساء، من أجل الحرية والديمقراطية.
وأدى هذا الدعم الدولي المتزايد، منذ الأسابيع الأولى للاحتجاجات، إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية تابعة للأمم المتحدة في ديسمبر من العام نفسه، بالإضافة إلى فرض عقوبات حقوقية واسعة النطاق على مسؤولي النظام الإيراني ومؤسساته القمعية.
تكرار الاتهامات ضد وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي
اتهمت اللجنة الخاصة التابعة للنظام وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية، مثل "إيران إنترناشيونال"، و"بي بي سي فارسي"، و"صوت أميركا"، بمحاولة "زعزعة النظام العام وزيادة التوتر في البلاد".
كما كررت الاتهامات السابقة ضد "إيران إنترناشيونال"، رغم أن النظام الإيراني هدد صحافيي القناة بسبب تغطيتهم لأحداث البلاد، وخطط لاستهداف عدد من العاملين فيها بالاغتيال.
بالإضافة إلى ذلك، حمّلت اللجنة منصات التواصل الاجتماعي، مثل "واتساب" و"إنستغرام"، مسؤولية تصعيد "الاضطرابات"، ووصفتها بأنها "إحدى الأدوات الرئيسية لانتهاك حقوق المواطنين الإيرانيين" خلال الاحتجاجات.
ومع اندلاع مظاهرات 2022، لجأت السلطات الإيرانية إلى قطع الإنترنت بشكل واسع النطاق، تكرارًا لأساليبها القمعية السابقة، لفرض رقابة صارمة على تدفق المعلومات. وأكدت تقارير عدة أن الإنترنت شهد اضطرابات كبيرة بالتزامن مع الاحتجاجات، كما تم تعطيل خدمات الرسائل النصية.
وفي يناير (كانون الثاني) 2024، كشف تقرير صادر عن لجنة الإنترنت والبنية التحتية في جمعية التجارة الإلكترونية بطهران، أن وزارة الاتصالات في حكومة إبراهيم رئيسي قامت، ولأول مرة، بتركيب معدات رقابة الإنترنت حتى داخل الشبكات المحلية.
"الجمعة الدامية" في زاهدان وقمع احتجاجات بلوشستان
كرّر التقرير رواية النظام بشأن "مجزرة الجمعة الدامية" في زاهدان يوم 30 سبتمبر (أيلول) 2022، حيث ادعى أن هجومًا مسلحًا على مركز للشرطة قرب مسجد مكي في زاهدان مركز إقليم بلوشستان إيران كان السبب في اندلاع أعمال العنف. وزعم التقرير أن عناصر جماعة "جيش العدل" هم المسؤولون عن إطلاق النار على المدنيين، دون الإشارة إلى دور قوات الأمن الإيرانية في القمع الدموي.
يذكر أنه في ذلك اليوم، خرج المصلّون في زاهدان في مظاهرة احتجاجية ضد اعتداء قائد في الشرطة الإيرانية على فتاة بلوشية تبلغ من العمر 15 عامًا في تشابهار. وقد ردّت القوات الأمنية والعسكرية باستخدام الرصاص الحي، وقام القناصة المنتشرون على أسطح المباني بإطلاق النار على المتظاهرين والمواطنين العزّل داخل المصلى.
وأسفر الهجوم عن مقتل أكثر من 100 شخص، بينهم 17 طفلًا ومراهقًا، وإصابة ما لا يقل عن 300 شخص آخر بالشلل أو العمى أو بتر لأحد الأطراف. وكان معظم الضحايا قد أصيبوا برصاص مباشر في الرأس أو الوجه أو الرقبة أو القلب أو الصدر، أو توفوا اختناقًا بسبب الغاز المسيل للدموع.
وفي 4 نوفمبر 2022، نفذت القوات الإيرانية مجزرة مماثلة في مدينة خاش، حيث فتحت النار بالذخيرة الحية على المتظاهرين خلال احتجاجات شعبية، ما أسفر عن مقتل 18 شخصًا، وفقًا لمنظمة العفو الدولية.
وبعد مرور أكثر من عامين على هذه المجازر، أصدرت عائلات الضحايا والمصابين بيانات أعربت فيها عن اعتراضها على الأحكام الصادرة بحق منفذي عمليات إطلاق النار، وكذلك على تعويضات الدية التي قدمتها الحكومة، معتبرة ذلك دليلًا على "غياب الإرادة الجدية لتحقيق العدالة". كما دعت هذه العائلات المنظمات الحقوقية الدولية إلى فتح تحقيقات مستقلة.
وفي 13 مايو (أيار) 2024، نشر موقع "نسيم أونلاين" فيديو على قناته في "يوتيوب" ظهر فيه علي رضا كميلي، أحد الشخصيات المقربة من النظام الإيراني، وهو يعترف بأن الرواية الرسمية بشأن الهجوم على مركز الشرطة كانت "كاذبة"، وأن إبراهيم كوجكزايي، قائد الشرطة في تشابهار والمتهم باغتصاب الفتاة البلوشية، لا يزال طليقًا.
إنكار الاعتداءات والانتهاكات الجنسية بحق المحتجّين
زعمت اللجنة الخاصة بالنظام الإيراني أن التقارير الواسعة حول تعرض المعتقلين، بمن فيهم النساء والأطفال، للاغتصاب والانتهاكات الجنسية خلال قمع احتجاجات 2022 "غير صحيحة". وادعت أن من بين 45 حالة وُثّقت بشأنها ادعاءات التعرض للاعتداء الجنسي، لم يتم تقديم معلومات إلا عن 5 حالات، ولم يتقدم هؤلاء المعتقلون بشكاوى خلال فترة احتجازهم.
كما رفضت اللجنة ادعاءات التعذيب والاعتداء الجنسي على آرمیتا عباسي، وزعمت أن ثلاثة من التقارير الأخرى المتعلقة بالاعتداءات لم يكن منفذوها من قوات الأمن الإيرانية.
أما بشأن الحالة الخامسة، فقالت اللجنة إن شخصا انتحل صفة ضابط، وقد تم توقيفه، لكن بعد "عدم وجود أدلة كافية"، صدر قرار بعدم ملاحقته قضائيًا.
وادعت اللجنة أن حالتي اغتصاب فقط تم تأكيدهما، وأن المعتدين كانا "مدنيين" ولا يعملان في أي جهة أمنية. ومع ذلك، كشفت وثائق المحاكم أن المتهمين هما: سيد علي رضا حسيني، وهو ضابط في الحرس الثوري ومسؤول وحدة استخبارات "حسن مجتبى" في طهران، وعلي رضا صادقي، وهو عنصر في قوات الباسيج، وكلاهما ارتكب جرائمه خلال عمليات قمع الاحتجاجات. وأكدت الوثائق أنهما أُدينا وحُكم عليهما.
يأتي إنكار الحكومة الإيرانية رغم عشرات التقارير والشهادات التي وثّقتها منظمات حقوق الإنسان والمعتقلون السابقون حول تعرض المعتقلين للعنف الجنسي والتعذيب الممنهج داخل السجون ومراكز الاحتجاز.
وفي مارس 2023، أكدت منظمة العفو الدولية في تقرير لها أن الأطفال والمراهقين المعتقلين، بمن فيهم من لا تتجاوز أعمارهم 12 عامًا، تعرضوا للتعذيب والاعتداءات الجنسية والعنف الجسدي والنفسي.
ورغم الأدلة المتزايدة، تواصل السلطات الإيرانية رفض أي تحقيق مستقل في الانتهاكات الجنسية والتعذيب الذي تعرّض له المتظاهرون خلال حملة القمع.
اقتراحات اللجنة للحكومة
في جزء من التقرير بعنوان "رأي اللجنة الخاصة بشأن طريقة تعامل عناصر الأمن مع المحتجين"، ذُكر أنه إذا كانت القوات الأمنية قد استخدمت الأسلحة النارية، لتمكنوا من قمع الاحتجاجات بشكل أسرع، وكان هناك عدد أقل من الإصابات في صفوف العناصر الأمنية، كما كانت الأضرار التي لحقت بالممتلكات العامة أقل.
وفي الوقت نفسه، كانت اللجنة قد ذكرت سابقًا أن 112 شخصًا قد قتلوا، لكن لم يتضح من الذي قتلهم.
بينما أنكرت اللجنة الخاصة بالتحقيق التابعة للنظام في إيران مسؤولية الحكومة عن معظم التهم المطروحة، وقدمت اللجنة في نهاية تقريرها مجموعة من الاقتراحات إلى رئيس الجمهورية.
ومن بين الاقتراحات: تطوير منصات الفكر الحر، وضرورة تبني النظام لنهج أكثر دعماً للنساء، وتعزيز تدريب العناصر الأمنية، وتحديد الإجراءات المتعلقة بالتجمعات والمظاهرات، وإنشاء ملفات "الشهداء والجرحى" للقتلى والمصابين، وتحسين أوضاع المعيشة للشعب، واتخاذ تدابير دبلوماسية للحد من الضغط الدولي ضد النظام الإيراني.