"حجاب النساء"... سلاح ثوري للإطاحة بالنظام الإيراني

"إیرانإنترناشيونال"


في وقتٍ بدأت فيه أصوات الاعتراض على نمط حكم المرشد علي خامنئي تُسمع أعلى من أي وقت مضى، حتى من داخل النظام الإيراني، صرّح عيسى كلانتري، وزير الزراعة الأسبق وأحد أقدم المسؤولين في حكومات إيران، قائلاً: "خلال هذه الـ46 سنة، دمّرنا إيران".
وفي حوار صريح مع موقع "انتخاب"، أشار كلانتري إلى الانتشار غير المسبوق للفقر في إيران، وقال: "حوالي ثلاثة أرباع الشعب الإيراني – أي ما بين 70 إلى 75% – يعيشون تحت خط الفقر".
هذه الأرقام تُظهر فجوة واضحة مع الإحصاءات الرسمية، التي تتحدث غالبًا عن نسبة تتراوح بين 30 إلى 40% من السكان تحت خط الفقر.
كما حذّر كلانتري من الاستغلال المفرط للمياه الجوفية في البلاد، والذي أدى إلى هبوط حاد في التربة ببعض المناطق، مشيرًا إلى أن أجزاء من مدينة أصفهان باتت فعليًا "تقع فوق ستة أمتار من الهواء"، في إشارة إلى التصدع والانهيار الأرضي.
التحذير من ظاهرة الهبوط الأرضي وتبعاتها ليس جديدًا، إذ سبق لكل من الخبراء البيئيين، مثل محمد درويش، أن حذروا مرارًا من السياسات البيئية الكارثية لإيران.
لكن ما يجعل تصريحات كلانتري مميزة هو منصبه السابق الرفيع داخل هيكل السلطة الرسمي؛ إذ إنه مسؤول سابق يتحدث الآن بصراحة عن "دمار البلاد" نتيجة حكم نظام الجمهورية الإسلامية.
وتترافق تصريحاته مع انتقادات مشابهة من قبل مسؤولين آخرين، مثل مسعود روغني زنجاني، الرئيس الأسبق لمنظمة التخطيط والميزانية، الذي قال إن خامنئي يعارض رفاه الشعب، لأنه يعتقد أن الرفاهية تُفسد التدين.
اللافت في هذه التصريحات أنها تأتي من داخل النظام ومن أشخاص شاركوا في صناعة الوضع الحالي، وهو ما يُكسبها أهمية خاصة، لأنها تُشير إلى أن الأصوات المنتقدة تزداد علوًا، وتستهدف مباشرة سياسات المرشد وقادة الحرس الثوري.
رغم أن كلانتري لم يذكر خامنئي أو الحرس الثوري بالاسم، إلا أن نقده الواضح موجه إليهما، خاصة حين يصف السياسات الاقتصادية الكبرى بأنها "مناهضة للتنمية"، ويؤكد أن "لا يمكن إدارة بلد عبر الفقر"، وهي عبارة تتكرر بشكل متزايد بين المسؤولين الناقدين.
تصريحات كلانتري حول نسبة 75% من السكان تحت خط الفقر تنسف الرواية الرسمية للنظام، رغم أنه نفسه كان جزءًا من النظام لعقود، ولا يمكن إنكار مسؤوليته في إيصال البلاد إلى هذا الحال.
ومع ذلك، فإن ما يقوله يعكس أزمة أعمق بكثير: صوت الاعتراض لم يعد مقتصرًا على الناس في الشارع، بل أصبح يُسمع من داخل بنية الحكم. وهو الشرخ الذي تفاقم في السنوات الأخيرة بفعل الانتفاضات الشعبية، ليُهدد تماسك النظام.
في هذا السياق، أصبحت قضايا مثل الفساد البنيوي في الحرس الثوري فيما يتعلق بالعقوبات، تهريب النفط، والرفض المتعمد للانضمام إلى مجموعة العمل المالي، والاستفادة المالية من العداء لأميركا وإسرائيل، محور النقاش داخل النظام نفسه.
ويقول منتقدون إن الحرس الثوري، باعتباره البائع الرئيسي للنفط، يستفيد ماديًا من العقوبات تحت ذريعة التحايل عليها، فيما يدفع الشعب الثمن فقراً وبطالة.
قادة الحرس، الذين حلّوا محل الشركة الوطنية للنفط والبنك المركزي، يبيعون النفط بخصومات للصين، وتُحجز الأموال بعملة اليوان في البنوك الصينية، ما يُجبر إيران على استيراد سلع صينية باهظة الثمن ورديئة الجودة. وأحد الأمثلة على ذلك، شراء ثلاث طائرات مستعملة من نوع إيرباص من الصين بثلاثة أضعاف قيمتها الحقيقية، في نموذج فاضح للنهب تحت غطاء العقوبات.
هذا النموذج من الحكم، الذي يركّز على الشعارات مثل "الموت لأميركا" بدلاً من التفاعل العالمي البناء، لم يُعِق الاقتصاد فحسب، بل تحول إلى وسيلة للثراء الشخصي لبعض الفئات داخل النظام.
وفي طليعة هؤلاء "تجار العقوبات"، يقف قادة الحرس الثوري. وبحسب قول محمد حسين عادلي، المحافظ الأسبق للبنك المركزي، فإن حجم هذه الصفقات والفساد الناتج عن العقوبات يصل إلى أكثر من 50 مليار دولار.
لكن الأمر لا ينتهي هنا. أحد العوائق الكبرى أمام تحسين الوضع الاقتصادي هو رفض خامنئي والحرس الثوري المصادقة الكاملة على "FATF" والسبب الأساسي هو منع كشف التحويلات المالية التي تُستخدم في تمويل الجماعات الوكيلة كحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي والحوثيين. لأن القبول بالشفافية المالية يعني نهاية قدرتهم على غسل الأموال والقيام بتحويلات مالية سرية. وبالنسبة لهياكل متهمة بدعم الجماعات الإرهابية، فإن الشفافية لا تعني إلا الخطر والتهديد.
لهذا السبب، بقيت إيران أكثر من ثماني سنوات على القائمة السوداء لـ"FATF"، وهو ما أدى إلى عزلة مالية شديدة، غياب الاستثمارات الأجنبية، وتفاقم الأزمة الاقتصادية.
في ظل هذه الأوضاع، أصبحت الشقاقات داخل الحكم، مثل الخلاف بين روحاني وخامنئي، وهجمات روحاني غير المباشرة على سياسات المرشد، رغم كونها جزءًا من صراعات السلطة، فرصة أمام الرأي العام لكشف الحقائق المخفية.
أصبح الآن كل من حسن روحاني، وعيسى كلانتري، وعباس آخوندي، وعدد آخر من المسؤولين السابقين في إيران يعلنون صراحة أن البلاد تسير في المسار الخاطئ.
مسارٌ قائم على ما يسمى "الاقتصاد المقاوم"، والعداء الدائم للعالم، والفساد الممنهج. وهذا الشرخ في الحكم، إلى جانب الانتفاضات الشعبية المتكررة، قد يُفضي إلى تآكل تدريجي في أسس النظام ويُهدد بقاءه.

أعلن مركز البحوث التابع للبرلمان الإيراني، استنادًا إلى تقييمات وزارة الصحة، أن تلوث الهواء كان السبب في الوفاة المبكرة لأكثر من 30 ألف شخص في 57 مدينة، يبلغ عدد سكانها نحو 48 مليون نسمة، خلال عام 2023.
كما قُدرت الخسائر الاقتصادية الناجمة عن تلوث الهواء في إيران بحوالي 23 مليار دولار.
ووفقًا لهذا التقرير، الذي نُشر في وسائل الإعلام الإيرانية يوم الثلاثاء 27 مايو (أيار)، فإن متوسط الوفيات المنسوبة إلى تلوث الهواء في المدن المختارة من البلاد بلغ 64 حالة لكل 100 ألف نسمة في عام 2023.
وفي مدينة طهران وحدها، نُسبت وفاة 70 شخصًا من كل 100 ألف نسمة خلال هذا العام إلى التعرض طويل الأمد لتلوث الهواء.
وأشار التقرير كذلك إلى أن أعلى معدل للوفيات الناجمة عن تلوث الهواء سُجل في إحدى مدن الأقاليم الشرقية، حيث بلغ 141 وفاة لكل 100 ألف نسمة.
في المقابل، سجلت مدينتا شاهرود وسنندج أقل معدل للوفيات المرتبطة بتلوث الهواء، بمعدل 30 وفاة لكل 100 ألف نسمة.
وكان محمد صادق حسنوند، رئيس مركز أبحاث تلوث الهواء بجامعة العلوم الطبية في طهران، قد أعلن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أن حوالي 450 ألف حالة وفاة سنويًا تحدث في إيران لأسباب مختلفة، وأن 50 ألف حالة من هذه الوفيات تُنسب إلى تلوث الهواء.
ووصف تلوث الهواء بأنه "أهم ملوث بيئي"، مؤكدًا أن هذه الظاهرة تشكل تهديدًا جديًا لصحة الشعب الإيراني.
التداعيات الاقتصادية والبيئية لتلوث الهواء
وفي استكمال تقريره، قدر مركز البحوث التابع للبرلمان خسائر تلوث الهواء في إيران بنحو 12 مليار دولار، مضيفًا أن بعض الدراسات الأخرى قدّرت الرقم بنحو 23 مليار دولار، أي ما يعادل حوالي 5% من الناتج المحلي الإجمالي، عند احتساب التكاليف المرتبطة بالأمراض.
وأوضح التقرير أن تلوث الهواء يؤثر بشكل مباشر على الإنتاجية الاقتصادية، وجودة الحياة، والبيئة، مشيرًا إلى أن من أبرز الآثار الاقتصادية لهذه الأزمة: انخفاض إنتاجية القوى العاملة، وتعطيل الأنشطة الاقتصادية والتجارية والتعليمية والخدمية، والإضرار بالبنى التحتية، وتراجع السياحة.
وحذّر المركز من أن تلوث الهواء لا يقلل فقط من جودة حياة الناس، بل يؤدي أيضًا إلى تفاقم الفوارق الاجتماعية، وتغيير أنماط الهجرة، وتحولات في الرأي العام.
كما شدد التقرير على أن تلوث الهواء يضر بالنظم البيئية، ويهدد التنوع البيولوجي، ويتسبب في اضطرابات في الحياة البرية.
وقد تحول تلوث الهواء في طهران وغيرها من المدن الكبرى في إيران خلال السنوات الأخيرة إلى أزمة دائمة وشاملة، غير أن النظام الإيراني لم يجد بعد حلًا لها.
وأظهرت نتائج دراسة أن سبع دول فقط في عام 2024 التزمت بمعايير جودة الهواء التي حددتها منظمة الصحة العالمية.
ووفقًا لهذه النتائج، فإن جميع دول العالم تقريبا تعاني من مستويات تلوث هواء تتجاوز الحد الموصي به طبيًا.
وغالبًا ما يستخدم مسؤولو النظام الإيراني وجود تلوث الهواء في بعض الدول الأخرى لتبرير فشلهم في التصدي لهذه الظاهرة.
وفي أعقاب استمرار أزمة تلوث الهواء وما تبعها من تعطيلات متكررة في يناير (كانون الثاني) الماضي، صرّح عباس شاهسوني، رئيس مجموعة الصحة البيئية في وزارة الصحة، بأن تلوث الهواء "قضية قديمة"، ليست حكرًا على إيران، بل "تعود إلى زمن اكتشاف النار". وأضاف: "يجب ألا يُنظر إلى تلوث الهواء كعامل يتسبب في عدة أمراض فقط".

كتب ريتشارد نيفيو، الذي شغل سابقاً منصب نائب المبعوث الخاص لإيران في وزارة الخارجية الأميركية، مقالا في مجلة "فورين أفيرز"، تناول فيه ما تحتاجه الولايات المتحدة في مفاوضاتها النووية مع طهران، وعمّا إذا كان التوصل إلى اتفاق "جيد" مع طهران ممكنًا في الأساس.
في مستهلّ مقاله، كتب نيفيو: "من بين جميع قرارات السياسة الخارجية المثيرة للجدل التي اتخذها دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة، فإن استئناف الحوار النووي مع إيران كان من بين أكثرها إدهاشًا. فترامب كان قد سحب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي لعام 2015، المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" (JCPOA)، في عام 2018. ومع مرور أربع سنوات على محاولات إدارة بايدن غير المثمرة لإعادة إحياء هذا الاتفاق، بدا أن احتمال التوصل إلى اتفاق جديد أمر بعيد المنال. خلال هذه السنوات، نجحت طهران في إنتاج كميات كبيرة من اليورانيوم المخصب بمستويات تقترب من المستوى المستخدم في تصنيع الأسلحة، بكميات تكفي لإنتاج عدة رؤوس نووية".
ويضيف نيفيو: "ومع ذلك، ومن المدهش، فإن طهران وواشنطن أبدتا، منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، اهتمامًا متبادلًا بالوصول إلى اتفاق. وقد رُسمت، خلال عدة جولات من المحادثات، أطر عامة لاتفاق محتمل. لدى الطرفين أسباب واضحة للسعي نحو اتفاق؛ إدارة ترامب تسعى إلى إعادة الاستقرار الاستراتيجي إلى الشرق الأوسط، ويريد ترامب شخصيًا تعزيز صورته كـ"صفقة كبرى". أما إيران، التي لا تزال تحت ضغط العقوبات الأميركية، فهي تسعى إلى خفض التوترات وتحقيق انفراجة اقتصادية دائمة، خاصة بعد ضعف العديد من وكلائها الإقليميين".
ويتابع نيفيو قائلاً: "رغم إبداء ترامب رغبته في حل سريع للمسألة النووية وثقته في قرب التوصل إلى اتفاق، فإن المشكلات القديمة والعميقة لا تزال تعقّد المفاوضات. فما زالت مخاوف واشنطن بشأن برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني ودعم طهران للجماعات الوكيلة قائمة، بينما ترفض إيران التراجع عن برنامجها النووي، خاصة في ظل انعدام الثقة في التزام واشنطن باتفاقاتها بعد انسحاب ترامب من الاتفاق السابق. طهران لا ترغب في تقديم تنازلات تمثل تراجعًا عن خطوطها الحمراء، كما أن الولايات المتحدة تريد اتفاقًا ذا قيمة حقيقية".
ويؤكد هذا الدبلوماسي الأميركي السابق: "حتى وإن تم التوصل إلى اتفاق بشروط مرضية لواشنطن، فإن هناك مخاطر قائمة، وسيتطلب أي اتفاق تقديم تنازلات صعبة من الجانبين. لكن اتفاقًا يضمن رقابة واسعة على المنشآت النووية المعلنة وغير المعلنة، ويحدّ من التخصيب مقابل رفع جزئي للعقوبات، يمكنه أن يعيد مزايا الاتفاق النووي السابق. وإذا جرت المفاوضات بشأن مثل هذا الاتفاق بعناية، وأُتيح له الوقت لإظهار نتائجه، فقد لا يساهم فقط في تعويض بعض الأضرار الناجمة عن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، بل قد يمنع أيضًا حدوث أزمة وشيكة ويؤسس لاستقرار مستقبلي في المنطقة".
عواقب الانسحاب
نيفيو، الذي كان عضوًا في فريق التفاوض الأميركي خلال إدارة باراك أوباما، استعرض في مقاله تفاصيل الاتفاق النووي لعام 2015، المعروف بـ"خطة العمل الشاملة المشتركة" (JCPOA)، وتطرّق إلى تداعيات انسحاب الولايات المتحدة منه.
وكتب قائلاً: "الاتفاق الذي أبرمته إدارة أوباما في صيف 2015 فرض قيودًا مهمة على البرنامج النووي الإيراني. فقد سمح لإيران بتخصيب اليورانيوم وممارسة أنشطة نووية أخرى، لكن تحت رقابة صارمة وضمن حدود دولية محددة. الهدف كان أن تظل إيران على بُعد عام كامل على الأقل من القدرة على إنتاج سلاح نووي، حتى أفق يمكن التنبؤ به. ومع أن بعض بنود الاتفاق كانت محددة زمنياً، فإن إيران كانت ستتجاوز معظم هذه القيود بحلول عام 2030، مع الحفاظ على هيكل شبيه ببرنامجها النووي عام 2015".
وأشار نيفيو إلى أن الاتفاق منذ البداية واجه معارضة شديدة، خصوصًا من المحافظين داخل الحزب الجمهوري، الذين رأوا أن استمرار البرنامج النووي الإيراني، حتى بمستويات منخفضة، يعني أن طهران ستواصل طريقها نحو السلاح النووي بصبر ومهارة.
ويتابع: "جادل المعارضون بأنه من الأفضل أن تواجه الولايات المتحدة هذه الأزمة مبكرًا، بينما الاقتصاد الإيراني لا يزال يرزح تحت العقوبات، بدلاً من الانتظار حتى تجني إيران مكاسب اقتصادية من رفعها. وقد تبنّى ترامب هذه الرؤية، وقرر في مايو (أيار) 2018 الانسحاب من الاتفاق، ما دفع إيران اعتبارًا من مايو 2019 إلى استئناف تطوير أبحاث أجهزة الطرد المركزي وتوسيع أنشطة التخصيب".
ويضيف: "طوال فترة حكمه، حاول بايدن إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق، لكن المسؤولين الإيرانيين الذين خافوا من عودة ترامب، فقدوا الثقة في استدامة أي اتفاق جديد. وبعد توقف المحادثات، فضّلت إدارة بايدن عدم التصعيد، مما أدى إلى فشل مزدوج في إحياء الاتفاق أو صياغة بديل، بينما باتت إيران اليوم قريبة جدًا من إنتاج مواد كافية لسلاح نووي، إذا قررت ذلك".
العودة إلى الشفافية
يكتب نيفيو: "لحسن الحظ، لا تزال بعض عناصر اتفاق 2015 صالحة لتكون جزءًا من اتفاق جديد يحظى بدعم الحزبين في الولايات المتحدة. أهم هذه العناصر هي أدوات الشفافية. فرغم تركيز معظم النقاشات الدبلوماسية على مستقبل تخصيب اليورانيوم في إيران، إلا أن الرقابة الدولية باستخدام أحدث الوسائل هي الأساس لأي اتفاق ذي معنى".
ويؤكد: "ينبغي أن تسمح إيران للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتحقق مما إذا كان برنامجها النووي سلميًا أو يتجه نحو الاستخدام العسكري. ودون عمليات تفتيش متقدمة وشفافية كاملة، لن يصمد أي اتفاق، حتى لو شمل تفكيكًا كاملاً لبرنامج إيران النووي".
ويشدد: "على الولايات المتحدة أن تضغط لقبول إيران أكثر نظام رقابة صرامة ممكنًا، في المواقع المعلنة وغير المعلنة. وإذا رفضت طهران تطبيق كامل لاتفاقية الضمانات التابعة للوكالة، والبروتوكول الإضافي الذي صيغ عام 1994 بعد اكتشاف البرنامج النووي السري للعراق، فعلى واشنطن الانسحاب من المفاوضات".
ويضيف: "كما يجب أن تصر الولايات المتحدة على إعادة آليات الشفافية الخاصة بأجهزة الطرد المركزي والمخزونات، والتي توفر بيانات دقيقة عن مواقع وعدد ومكونات أجهزة الطرد المركزي، وكميات اليورانيوم المخصب".
وحذّر قائلاً: "في غياب هذه الشفافية، يمكن لإيران أن تواصل التقدم نحو تصنيع قنبلة نووية في السر، مع ادعائها أن برنامجها سلمي. منذ عام 2018، طورت إيران أجهزة طرد مركزي متقدمة قلصت وقت "الفرار النووي"، وأصبحت قادرة على إنشاء منشآت غنية تحت الأرض ومموهة، يصعب اكتشافها أو تدميرها".
كما أشار إلى أنه بعد هجمات 2021 على منشآت التخصيب الإيرانية، توقفت طهران عن تقديم معلومات للوكالة بشأن أماكن تخزين مكونات أجهزة الطرد المركزي، ما يجعل حتى الاتفاقات التي تُزيل المنشآت المعلنة، عديمة الجدوى دون تفتيش صارم لسلسلة الإنتاج.
معالجة أوجه القصور السابقة
يقول نيفيو: "يجب أن يعالج الاتفاق الجديد أوجه القصور التي كانت في مجال التفتيش ضمن الاتفاق السابق، لا سيما البند "T" في الاتفاق النووي، الذي تناول بشكل غير مكتمل موضوع التسليح. هذا البند نصّ على التزام إيران بعدم الانخراط في أنشطة مرتبطة بتصنيع السلاح النووي، لكنه لم يُلزمها بالإعلان عن المعدات أو السماح بتفتيشها".
ويتابع: "منذ عام 2018، وبُعيد كشف إسرائيل عن الأرشيف النووي الإيراني، اكتشفت الوكالة مواقع كان يُعتقد أن إيران أجرت فيها أنشطة تسليحية. وتشير تقارير أميركية حديثة إلى أن إيران لا تزال نشطة في مجالات ذات استخدام مزدوج. لذا، على الاتفاق الجديد أن يُلزم طهران بالكشف عن جميع المعدات والمواد التي تعتبرها "مجموعة مورّدي المواد النووية" ذات استخدام عسكري محتمل، وأن يسمح بتفتيشها، حتى في المواقع العسكرية".
التفاوض حول قدرة التخصيب
حول قضية تخصيب اليورانيوم، كتب نيفيو: "بالإضافة إلى الشفافية، فإن أحد أكبر التحديات لأي اتفاق جديد مع إيران هو تحديد السقف المسموح به للتخصيب داخل البلاد. ففي اتفاق 2015، قبلت واشنطن استمرار تخصيب محدود في إيران، لأن إلغاء كامل لقدرات التخصيب لم يكن ممكنًا سياسيًا أو فنيًا".
ويتابع: "الاتفاق خفّض قدرة التخصيب لفترة محددة، على أمل أن يمنح ذلك وقتًا للدبلوماسية وبناء الثقة وربما تغيير سلوك طهران. لكن تلك الآمال لم تتحقق، وتجربة انسحاب ترامب أضعفت الحجة التي تقول إن اتفاقًا مؤقتًا يمكن أن يؤدي إلى حل دائم".
ويؤكد: "لذا، يجب أن تضع الولايات المتحدة شروطًا صارمة بشأن حجم ونوع التخصيب المسموح به. أبسط خيار هو خفض مستوى التخصيب إلى أقل من 5%، وتحديد سقف لمخزونات اليورانيوم، وهو ما يزيد وقت "الفرار النووي". لكن بسبب تطور إيران في تصميم أجهزة الطرد المركزي، حتى التخصيب المنخفض قد يؤدي إلى إنتاج أسرع للمواد الانشطارية".
ويشدد على أن "الاتفاق يجب أن يتضمن حظرًا على إنتاج أو تركيب أجهزة طرد مركزي من الجيل الجديد، وإلزام إيران بتخزين جميع الأجهزة الزائدة بحضور الوكالة. كما ينبغي حظر بناء منشآت تخصيب جديدة، خاصة تلك المدفونة تحت الأرض والتي يصعب استهدافها. وإذا أرادت طهران الاحتفاظ بقدرة على إنتاج الوقود النووي لأغراض سلمية، فعليها القيام بذلك من خلال التعاون الدولي واستيراد الوقود، لا عبر توسيع قدراتها الذاتية".
ضمانات للالتزام المتبادل
يختم نيفيو بقوله: "أحد العوائق الجوهرية لأي اتفاق جديد هو انعدام الثقة لدى إيران في التزام أميركا. فالانسحاب الأحادي من الاتفاق عام 2018، مع أن إيران كانت ملتزمة به، أقنع كثيرين في طهران بأن واشنطن شريك غير موثوق".
ويتابع: "لكن في النظام السياسي الأميركي، لا يستطيع رئيس أن يُجبر من يخلفه على الالتزام باتفاق تنفيذي، ما لم يصدّق عليه مجلس الشيوخ – وهو أمر مستبعد في اتفاق مع إيران. لذا، يجب أن يكون الطرفان مبدعين في تقديم ضمانات. أحد الخيارات هو اعتماد جدول زمني لتنفيذ التعهدات على مراحل، بحيث يكون كل تنفيذ مرهونًا بالتزام الطرف الآخر. مثلًا، الإفراج عن الأموال المجمدة يمكن أن يكون تدريجيًا وبالتوازي مع تنفيذ الرقابة".
ويضيف: "من جهة أخرى، يجب أن تمتلك الولايات المتحدة أدوات لإعادة فرض العقوبات إذا خرقت إيران الاتفاق. آلية "الزناد" في الاتفاق النووي كانت تسمح بإعادة تفعيل العقوبات الدولية تلقائيًا في حال ارتكبت إيران مخالفة. استعادة هذه الآلية أو نسخة مماثلة أمر ضروري في أي اتفاق جديد".
هل الاتفاق الجيد ممكن فعلًا؟
وفي ختام مقاله، كتب نيفيو: "في النهاية، إن التوصل إلى اتفاق "جيد" بين الولايات المتحدة وإيران ممكن، لكنه يتطلب فهمًا دقيقًا للمصالح المتبادلة، والخطوط الحمراء، والاعتبارات السياسية الداخلية لدى الطرفين. لا يجب على أميركا أن ترضى باتفاق ضعيف فقط لتفادي التصعيد الفوري، كما لا ينبغي أن تطارد اتفاقًا مثاليًا لا وجود له إلا نظريًا".
وختم بالقول: "الاتفاق الواقعي يمكن أن يستند إلى خفض التخصيب الإيراني إلى مستويات منخفضة، وقبول رقابة صارمة وشفافية كاملة، مقابل رفع تدريجي للعقوبات. ربما لا يقضي هذا الاتفاق على البرنامج النووي الإيراني تمامًا، لكنه سيُبقيه محدودًا، شفافًا، وتحت الرقابة؛ وهو بحد ذاته خطوة كبيرة نحو تفادي الأزمة التالية في الشرق الأوسط. فغالبًا ما تكون السياسة الجيدة هي اختيار الأفضل بين خيارات سيئة، واتفاق محسوب مع إيران، وإن كان غير مثالي، يظل خيارًا أفضل من الحرب أو الاستسلام الكامل".

تولى أربعة من أبناء شقيقة الرئيس الإيراني الأسبق، محمد خاتمي، مناصب إدارية في حكومة مسعود بزشكيان؛ حيث عُيّن محمد رضا وعلي رضا ومهدي تابش، ومصطفى فيض أردكاني، خلال الأشهر الأخيرة رؤساء مجالس إدارة أو مديرين تنفيذيين لعدد من الشركات التابعة للحكومة.
وتظهر التقارير المنشورة حول هذه التعيينات أن محمد رضا تابش أصبح رئيس مجلس إدارة شركة "تشادرملو للصناعات التعدينية"، وعلي رضا تابش مديرًا تنفيذيًا لشركة "هغتا" (الشركة القابضة للسياحة التابعة للتأمينات الاجتماعية)، ومهدي تابش مديرًا تنفيذيًا لشركة "سيدكو" (الاستثمار وتطوير صناعات الأسمنت)، ومصطفى فيض أردكاني مديرًا تنفيذيًا لشركة "النحاس الوطنية الإيرانية".
وتُعد جميع هذه المؤسسات من كبرى الشركات والمؤسسات الاقتصادية-الإنتاجية في إيران حاليًا، وهي تابعة بشكل مباشر أو غير مباشر للحكومة أو المؤسسات الحكومية.
الشركات الاقتصادية الكبرى في أيدي الأقارب
تُعد شركة "النحاس الوطنية الإيرانية"، التي أُسندت إدارتها إلى فيض أردكاني، واحدة من كبرى الشركات التعدينية والصناعية في إيران، وتعمل في مجالات التنقيب، والاستخراج، والمعالجة، وإنتاج المنتجات النحاسية.
وكان فيض أردكاني سابقًا مديرًا لشركة بتروكيماويات كبرى.
أما "هغتا"، التي أُسندت إدارتها إلى علي رضا تابش، ابن خالة فيض أردكاني، فهي أكبر شركة تعمل بمجال الخدمات السياحية في إيران، وتخضع لملكية منظمة التأمينات الاجتماعية.
وتخضع مجموعة فنادق "هما"، وشركة "رجا للنقل السككي"، وشركة "إيران كردي وجهان كردي"، ومجمعات "أبادكران السياحية والترفيهية"، وشركة "قرية أنزلي الساحلية"، وشركة الخدمات السياحية والسفر الدولية التابعة للتأمينات، جميعها لإدارة هذه الشركة القابضة.
وبدأ علي رضا تابش نشاطه الإداري منذ سن الثامنة عشرة كخبير في مجلس الثقافة العامة بمحافظة يزد، وقضى فترة الخدمة العسكرية بالتزامن مع عمله في وزارة الثقافة والإرشاد.
وعمل خلال فترة حكومة الإصلاحات في أقسام مختلفة بوزارة الثقافة والإرشاد، ثم انتقل إلى منظمة الوثائق والمكتبة الوطنية كمدير لخدمات الأرشيف. ومع تولي حكومة روحاني، أُسندت إليه إدارة مؤسسة فارابي السينمائية.
أما إدارة شركة "تشادرملو للصناعات التعدينية"، وهي واحدة من أكبر منتجي خام الحديد والصلب في إيران، فقد أُسندت إلى محمد رضا تابش، الأخ الأكبر لعلي رضا.
ويرتبط المساهمون الرئيسون في "تشادرملو" بشكل مباشر أو غير مباشر بالحكومة؛ حيث إن نحو 39 في المائة من أسهم تلك الشركة مملوكة لشركة "إدارة الاستثمار أميد"، التابعة لبنك سباه، الذي تمتلك الحكومة جميع أسهمه.
وتولى محمد رضا تابش، فور بدء الفترة الأولى لرئاسة محمد خاتمي، منصب نائب رئيس مكتب رئيس الجمهورية، كما كان نائبًا عن أردكان في البرلمان من الدورة السادسة إلى العاشرة.
أما مهدي تابش، الذي أُسندت إليه إدارة شركة "سيدكو"، فلم يُبدِ اهتمامًا كبيرًا بالعمل المباشر مع الحكومة أو البرلمان، على عكس أخويه، وركز معظم أنشطته في الشركات والبنوك الاقتصادية، التي تبدو خاصة أو تابعة للحكومة.
وتُعد "سيدكو" واحدة من كبرى الشركات القابضة في صناعة الأسمنت في إيران، وتنتمي معظم أسهمها إلى شركة الاستثمار لمجموعة التنمية الوطنية. ولا تُعتبر هذه الشركة حكومية بشكل مباشر، لكن جزءًا كبيرًا من أسهمها مملوك لمؤسسات حكومية أو تابعة للحكومة مثل بنك ملي، وصندوق تقاعد موظفي البنوك، وشركة "إيران للتأمين، والتأمين المركزي".
وسبق لمهدي تابش أن تولى مناصب إدارية في شركات، مثل "أسمنت ساروج بوشهر"، و"دم آراي سبز إيرانيان"، المتخصصة في استيراد مستحضرات التجميل والنظافة، وشركة "نوآوران مديريت سبا"، المهتمة بتجارة الطاقة الكهربائية.
التعيينات العائلية في حكومة بزشكيان
مع بدء تولي الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، أثارت التعيينات العائلية في حكومته انتقادات واسعة.
فبعد نحو أربعة أشهر من بدء عمل الحكومة الرابعة عشرة، تم تعيين نجل الرئيس الإيراني، يوسف بزشكيان، مستشارًا ومساعدًا إعلاميًا لمدير مكتب رئيس الجمهورية.
كما يعمل وحيد مجيدي، شقيق زوجة بزشكيان، نائبًا لرئيس مكتب التفتيش الخاص برئيس الجمهورية، ويعمل حسن مجيدي، صهر بزشكيان، مساعدًا تنفيذيًا لمدير مكتب رئيس الجمهورية.
وفي اليوم التالي لتعيين ابنه في الحكومة، تحدث بزشكيان مع مجموعة من أعضاء المجتمع الطبي، قائلاً: "إن العديد من الذين حصلوا على المناصب ليسوا خبراء، وتم توظيفهم بناءً على توصيات، وعندما تُسند إليهم مشكلة، يؤدي عجزهم عن حلها إلى تفاقم الوضع".

مع وصول المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة إلى طريق مسدود وتراجع التفاؤل الأولي، أصبح احتمال فشل المحادثات بشكل كامل أكثر ترجيحًا من أي وقت مضى. وفي حال لم يتراجع الطرفان عن مواقفهما، فإن خطر نشوب حرب وهجوم مباشر من الولايات المتحدة وإسرائيل سيزداد.
يصرّ المرشد علي خامنئي على الإبقاء على برنامج تخصيب اليورانيوم، بينما أعلنت الولايات المتحدة بوضوح أنها لن تسمح بذلك.
تعتقد الولايات المتحدة أن أي مستوى من تخصيب اليورانيوم يقرب إيران خطوة إضافية نحو القدرة على تصنيع أسلحة نووية. لكن إذا أرادت طهران فعليًا إنتاج مثل هذا السلاح، فما هو المسار الذي ستتبعه؟ ما الإجراءات التي اتخذتها في الماضي، ومن هم الأشخاص الذين لعبوا وسيلعبون أدوارًا رئيسية في هذا المشروع؟
مشروع "آماد".. الجهود السرية لصنع سلاح نووي
مشروع "آماد" هو الاسم الرمزي لبرنامج إيران السري لصنع سلاح نووي، والذي، وفقًا لأجهزة الاستخبارات الأميركية، بدأ في عام 2003. وبعد الكشف عن هذا البرنامج والضغوط الدولية، توقف المشروع ظاهريًا، لكن الأدلة تشير إلى استمرار الأنشطة تحت هياكل جديدة.
كان محسن فخري زاده، القائد الكبير في الحرس الثوري، من بين الشخصيات التي اشتبه في قيادتها لهذا البرنامج منذ البداية.
ظهر اسم فخري زاده لأول مرة بعد وقوع جهاز كمبيوتر محمول يحتوي على معلومات سرية تابعة للنظام الإيراني في أيدي أجهزة الاستخبارات الغربية.
في عام 2010، أسس فخري زاده مؤسسة تُعرف باسم "منظمة الأبحاث الدفاعية الحديثة" (سبند) تحت إشراف وزارة الدفاع. ووفقًا لتقييمات غربية، كانت "سبند" مركزًا لتكامل العناصر المختلفة للبرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك تصميم الرؤوس الحربية وأنظمة النقل والتفجير.
في عام 2011، ذكرت وكالة "رويترز" أن محسن فخري زاده كان في قلب البرنامج النووي العسكري الإيراني. كما وصفته الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنه شخصية رئيسية في الجهود المتعلقة بتكنولوجيا الأسلحة النووية.
أدى هذا التقرير إلى ذكر اسم فخري زاده رسميًا في وثائق الوكالة لأول مرة.
في عام 2015، طلبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إجراء مقابلة مع فخري زاده وعباس شاه مرادي زواري، أستاذ جامعة شريف ومتعاون معه في المشاريع النووية، لكن خامنئي عارض شخصيًا إجراء هذه المقابلات، وأعرب عن رفضه لطلب الوكالة في خطاب ألقاه في جامعة الإمام الحسين.
سرقة الوثائق النووية
في شتاء 2017، أعلن جهاز الموساد الإسرائيلي أنه سرق أرشيف البرنامج النووي الإيراني من مستودع سري في جنوب طهران.
وقال يوسي كوهين، رئيس الموساد آنذاك، إن أيًا من العشرين عميلًا الذين نفذوا العملية لم يكونوا إسرائيليين. تم الاستيلاء على 50 ألف وثيقة ورقية، و55 ألف ملف رقمي، و183 قرصًا مضغوطًا.
وأكدت دراسة هذه الوثائق الدور الرئيسي لفخري زاده مرة أخرى. وقال بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحفي: "محسن فخري زاده كان رئيس مشروع آماد. تذكروا هذا الاسم".
الاغتيال الموجه
في عام 2020، تعرض محسن فخري زاده لعملية اغتيال معقدة في آبسرد دماوند، أدت إلى مقتله. تم تنفيذ العملية باستخدام مدفع رشاش أوتوماتيكي موجه بالأقمار الصناعية، انفجر ذاتيًا بعد إطلاق النار.
في البداية، أفادت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية بوقوع اشتباك مسلح، لكن تبين لاحقًا أنه لم يكن هناك أي مهاجم في مكان الحادث. أكدت عائلة فخري زاده أنه لم يُسمع حتى صوت إطلاق النار، وأن الرصاص أصاب فخري زاده فقط.
قال محمود علوي، وزير الاستخبارات آنذاك، إن منفذي العملية كانوا يتحركون قبل فرق الأمن الإيرانية بنحو نصف ساعة في كل مرحلة، ولم يتم القبض عليهم.
خليفة فخري زاده
بعد اغتيال فخري زاده، تم تعيين رضا مظفري نيا، وهو قائد آخر في الحرس الثوري، رئيسًا لـ"سبند".
كما أصدر البرلمان، بأمر من خامنئي، قرارًا بتسجيل "سبند" كمؤسسة مستقلة.
ووفقًا للقرار، أُعفيت هذه المؤسسة من رقابة ديوان المحاسبات وأصبحت تخضع فقط للقيادة العسكرية العليا (مع محورية خامنئي).
إلى جانب مظفري نيا، يُعد محمد إسلامي، الرئيس الحالي لمنظمة الطاقة الذرية، من الشخصيات الرئيسية في المشروع.
وقد تم الإبقاء على إسلامي في منصبه بعد حكومة رئيسي، وله تاريخ من التعاون مع محسن فخري زاده وعبد القادر خان، والد القنبلة النووية الباكستانية. يُقال إن إسلامي كان من أوائل الأشخاص الذين تواصلوا مع خان.
الشخص الثالث في هذه الدائرة هو سعيد برجي، الذي يعمل في مجال أجهزة التفجير.
وفقًا للوثائق التي سرقها الإسرائيليون، عمل برجي في موقع آبادة في شيراز بالتعاون مع باحثين روسيين على أجهزة التفجير النووية.
طلبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مرات عديدة من إيران توضيحات بشأن الأنشطة في موقعي آبادة وبارشين، لكنها لم تتلقَ ردًا واضحًا.
الوضع الحالي
حاليًا، يُعتبر محمد إسلامي، ورضا مظفري نيا، وسعيد برجي المسؤولين الرئيسيين عن برنامج تصنيع الأسلحة النووية المحتمل للنظام الإيراني.
يبدو أن مظفري نيا، كشخصية أقل شهرة ولكن بصلاحيات عسكرية واسعة، هو القائد الفعلي لهذا المشروع.
تشير الأدلة إلى أنه إذا قررت إيران صنع قنبلة نووية وتحملت تبعات ذلك، فإن القائد الرئيسي لهذا المشروع سيكون رضا مظفري نيا.
يعتقد محللون مثل ديفيد ألبرايت وأولي هاينون أن إيران قادرة على إعداد المواد اللازمة لصنع سلاح نووي بدائي خلال أسابيع قليلة، وإذا وُجدت الإرادة السياسية، يمكنها تصنيع أول سلاح نووي أولي خلال شهرين إلى ثلاثة أشهر.
قد يستغرق تحويل هذا السلاح إلى رأس حربي قابل للتثبيت على صواريخ باليستية ما يصل إلى 18 شهرًا، رغم أن هناك تقارير تشير إلى أن إيران تسعى لتقليص هذا الوقت.
هذه الهموم هي ما جعلت إسرائيل والولايات المتحدة تركزان على هذه المسألة.
وقال ترامب إن هذه القضية إما أن تُحل عبر اتفاق أو تُمنع عبر هجوم عسكري.