حملة "ثلاثاء لا للإعدام": نظام طهران يستخدم الإعدام أداة لنشر الرعب وليس لتحقيق العدالة

تواصلت حملة "ثلاثاء لا للإعدام" في أسبوعها الثامن والسبعين، عبر إضراب جماعي عن الطعام نفذه سجناء في 48 سجنًا بأنحاء إيران.

تواصلت حملة "ثلاثاء لا للإعدام" في أسبوعها الثامن والسبعين، عبر إضراب جماعي عن الطعام نفذه سجناء في 48 سجنًا بأنحاء إيران.
وأكدت الحملة، في بيان لها يوم الثلاثاء 22 يوليو (تموز)، أنها تدين الموجة المتصاعدة من الإعدامات وقمع السجناء، مشددة على أن الإعدام ليس دليلًا على تحقيق العدالة، بل وسيلة لبث الخوف وقمع المجتمع.
وجاء في البيان أن "نظام الإعدامات أطلق مرة أخرى موجة من القمع والعنف ضد المجتمع، وخصوصًا ضد السجناء السياسيين".
وأشارت الحملة إلى أن ما لا يقل عن 71 شخصًا أُعدموا خلال شهر يوليو (تموز) في مختلف أنحاء إيران، مؤكدة أن هذه الإعدامات "نُفذت دون مراعاة لمعايير المحاكمة العادلة" و"استنادًا إلى اعترافات انتُزعت بالإكراه".
وأضاف البيان: "إلى جانب الموجة المتصاعدة من الإعدامات، تصاعدت الضغوط الأمنية على السجناء السياسيين والمشاركين في هذه الحملة".
وأوضح أن النظام "يحاول من خلال التهديد والتعذيب والنفي والاعتقال، وكذلك عبر استدعاء ومضايقة عائلات أعضاء الحملة، إسكات صوت المحتجين وحرمانهم من حقوقهم الإنسانية الأساسية".
وأكد المشاركون في الحملة أن الإعدام "ليس علامة عدالة، بل أداة لترهيب المجتمع"، وقالوا: "لا ينبغي لأي حكومة أن تنزع حياة إنسان، خصوصًا في ظل غياب محاكمات عادلة والانتهاك العلني والمنهجي لحقوق المتهمين الأساسية".
وفي فقرة أخرى من البيان، أشار السجناء المشاركون في الحملة إلى عنف النظام المباشر ضد الشعب، واعتبروا إطلاق النار المباشر على الطفلة رُها شيخي ذات الأربع سنوات مثالًا على جرائم هذا النظام.
ووفقًا للبيان، فإن هذه الأفعال "تكشف الوجه الحقيقي للنظام ومعاداته للشعب".
وأكدت الحملة أن الهدف الأساسي للنظام الإيراني من هذا العنف المتواصل هو بث الرعب وإسكات صوت الشعب، الذي لا يزال، رغم كل الضغوط، متمسكًا بمطالبه في العدالة والحرية والكرامة الإنسانية.
وكانت الطفلة رُها شيخي، إلى جانب ثلاثة مواطنين آخرين من بينهم والدتها محبوبه شيخي، قد قُتلوا مساء يوم 17 يوليو (تموز) برصاص قوات الأمن والعسكر في مدينة خمِين.
وبدأ الإضراب عن الطعام الذي ينفذه سجناء مشاركون في حملة "ثلاثاء لا للإعدام" منذ 29 يناير (كانون الثاني) 2024، بهدف وقف إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام. وفي الأسبوع الثامن والسبعين للحملة، شارك السجناء في 48 سجنًا داخل إيران في هذا الإضراب.
وتحولت هذه الحملة في الأشهر الأخيرة إلى واحدة من أبرز حركات الاحتجاج داخل السجون الإيرانية، حيث يتجدد أسبوعيًا صوت الاعتراض على أحكام الإعدام والإجراءات القضائية غير العادلة، من خلال الإضراب عن الطعام والاعتصام داخل السجون.
وفي ختام بيانهم لهذا الأسبوع، شدد السجناء المشاركون في الحملة على أن "صوتنا سيعلو كل يوم ثلاثاء، حتى يأتي اليوم الذي تُلغى فيه الإعدامات إلى الأبد في إيران".

أرسلَت الحكومة الإيرانية مشروع قانون إلى البرلمان من أجل المصادقة عليه، تمّ إعداده بناءً على اقتراح من السلطة القضائية، ويهدف إلى تشديد العقوبات والقيود على محتوى شبكات التواصل الاجتماعي تحت عنوان مواجهة "الأخبار الكاذبة والمضللة".
ويتضمن هذا المشروع فرض عقوبات تشمل السجن، والمنع من الحقوق، والغرامات المالية على مستخدمي الفضاء السيبراني.
ومن بين الظروف المشدّدة في هذا المشروع، أن يكون ناشر المحتوى من "ذوي الشهرة، أو المهارة، أو المنصب، أو النفوذ"، أو من موظفي الحكومة ومسؤوليها.
كما ينصّ المشروع على أن "نشر المحتوى الكاذب باستخدام حساب مزيف أو من خلال روبوتات وأنظمة آلية"، إضافة إلى "تكرار المخالفة أو النشر في ظروف الأزمة أو الحرب أو تهديد الأمن القومي" كلها تُعدّ عوامل مشدّدة للعقوبة.
بموجب هذا المشروع، تُلزم وزارة الإرشاد بإنشاء منصة وطنية لتلقي البلاغات بشأن الأنشطة العامة في الفضاء السيبراني، وإرسال التنبيهات، وتحويل تقاريرها عن نشاط المستخدمين على شبكات التواصل إلى السلطة القضائية.
ويُشير المشروع إلى أن مؤثري الشبكات (الإنفلونسرز) الذين ينشرون محتوى "كاذبًا"، ستُطبّق عليهم عقوبات أشدّ بدرجة واحدة من العقوبات المنصوص عليها في المواد الأخرى، مثل المادة 12 التي تنصّ على السجن من الدرجة السادسة، وغرامة مالية من الدرجة الرابعة، والمنع من النشاط الإعلامي.
فعلى سبيل المثال، إذا نشر مؤثّر محتوى يُعتبر "إثارة للرأي العام"، فقد يُحكم عليه- بحسب درجة الجرم والظروف- بالسجن من الدرجة الخامسة (من سنتين إلى خمس سنوات) بدلًا من الدرجة السادسة (حتى سنتين).
تصعيد القمع بعد الحرب مع إسرائيل
يأتي تقديم هذا المشروع إلى البرلمان في ظل تصعيد النظام الإيراني للقمع بعد إعلان وقف إطلاق النار مع إسرائيل.
فقد اعتقلت الأجهزة الأمنية للنظام الإيراني خلال الأسابيع الماضية ما لا يقل عن ثمانية من أفراد عائلات ضحايا احتجاجات عام 2022.
ويُعدّ هذا جزءًا من حملة قمع أوسع تستهدف النشطاء الاجتماعيين، والأقليات الدينية والقومية، ومواطنين آخرين، بعد وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل.
في 4 يوليو (تموز)، أعربت مجموعة من خبراء الأمم المتحدة المستقلين في بيان عن قلقهم الشديد إزاء موجة جديدة من القمع وعمليات الإعدام في إيران بعد اندلاع المواجهات العسكرية بين النظام الإيراني وإسرائيل وإعلان وقف إطلاق النار.
وقد حذروا من أن الظروف التي تلت الحرب لا ينبغي أن تُستغل كذريعة لقمع المعارضين.
وفي 17 يوليو (تموز)، حذّرت عشرات المنظمات والنشطاء المدنيين في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة وكبار مسؤولي حقوق الإنسان في المنظمة، من أن النظام الإيراني يستغل أجواء الحرب لتصعيد القمع الداخلي بشكل غير مسبوق، وأن تجاهل المجتمع الدولي لهذه التحذيرات يُمهد الطريق لمزيد من الجرائم.
وفي الرسالة التي وجهها الرئيس مسعود بزشكيان إلى محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان الإيراني، ورد أن "مشروع قانون مواجهة نشر المحتوى الإخباري الكاذب في الفضاء السيبراني" قد تمّت الموافقة عليه في الحكومة بناءً على اقتراح وزارة العدل وبصفة "ذات أولوية قصوى" (عاجل جدًا).
وتُشبه هذه الخطوة التي يقوم بها النظام الإيراني ما فعلته روسيا بعد بدء غزوها لأوكرانيا.
ففي مارس (آذار) 2022، أقرّ البرلمان الروسي قانونًا يقضي بأن نشر "الأخبار الكاذبة العسكرية" يمكن أن يؤدي إلى عقوبة السجن لمدة تصل إلى 15 عامًا.
وتعتبر السلطات الروسية استخدام تعبير "غزو" أو "هجوم" لوصف دخولها إلى أوكرانيا جزءًا من هذا التجريم.
ويزعم النظام الإيراني أنه خرج منتصرًا من المواجهة الأخيرة مع إسرائيل، وقد أكّد علي خامنئي في ثالث رسالة له بشأن الحرب على ضرورة "زوال" إسرائيل.
تصعيد الضغط على الأقليات الدينية
في هذه الأثناء، تصاعد الضغط خلال الشهر الماضي على الأقليات الدينية، خصوصًا اليهود والبهائيين.
ووفقًا لمصادر حقوقية، اعتُقل ما لا يقل عن 21 تحولوا للمسيحية في أواخر شهر يونيو (حزيران) في ست مدن إيرانية.
كما أفاد موقع "هرانا" الحقوقي أن قوات الأمن استدعت وحققت مع ما لا يقل عن 35 مواطنًا يهوديًا في طهران وشيراز بسبب تواصلهم مع أقارب لهم في إسرائيل.
وقد قال أحد كبار أعضاء الطائفة اليهودية في طهران لهذه الجهة الحقوقية إن هذه التحقيقات كانت "غير مسبوقة" وأوجدت مناخًا من الرعب لم يسبق له مثيل.
وقبل تقديم هذا المشروع، كان البرلمان الإيراني قد أعدّ وأقرّ مشروع قانون بعنوان "تشديد عقوبة التجسس والتعاون مع الدول المعادية".
ويُستخدم هذا المشروع لتوسيع رقعة القمع تحت غطاء "تشديد عقوبات التجسس والتعاون مع إسرائيل".

أعلن وزير الاتصالات الإيراني ستار هاشمي، عن تقرير يتناول الأضرار التي لحقت بالاقتصاد الرقمي والبنية التحتية السيبرانية في إيران خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا، من بينها انخفاض بنسبة 30 في المائة في فرص العمل، وأرجع ذلك إلى "القيود المفروضة على الإنترنت".
وقال هاشمي، يوم الثلاثاء 22 يوليو (تموز)، خلال جلسة علنية في البرلمان الإيراني، إن نحو 10 ملايين مواطن في إيران يعتمدون بشكل مباشر أو غير مباشر على "الاقتصاد الرقمي" لكسب معيشتهم، وقد انخفض هذا النشاط بنسبة 30 في المائة خلال الحرب.
وبحسب تصريحاته، فإن الاقتصاد الرقمي تكبد خلال الحرب خسائر بقيمة ألف مليار تومان كل يومين، أي ما يعادل نحو 15 ألف مليار تومان في الشهر، وهو رقم يعادل الميزانية السنوية لبعض الوزارات.
وأرجع وزير الاتصالات هذه الخسائر الكبيرة إلى الانقطاعات الواسعة والتعطيل المتعمد في شبكة الإنترنت.
مع ذلك، تنصل من مسؤولية فرض "القيود على الوصول إلى الإنترنت"، وألقى باللوم على "الجهات المختصة والأجهزة الأمنية والاستخباراتية".
وخلال الحرب التي استمرت 12 يومًا، تم قطع الاتصالات الهاتفية والإنترنت في إيران بشكل واسع، وهو إجراء نفذته أجهزة النظام الأمنية بذريعة "الحفاظ على الأمن القومي".
وقبل نحو أسبوع، قالت فاطمة مهاجراني، المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، إن أهداف إسرائيل في الحرب الأخيرة "كانت تُدار من خلال الإنترنت، وبالطبع كان لا بد من الانتقال إلى الإنترنت الوطني لحماية الأمن".
وتأتي هذه التصريحات في وقت كان مشروع "الإنترنت الوطني" مدرجًا منذ مدة طويلة على جدول أعمال النظام الإيراني.
كما أعلنت وزارة الاتصالات خلال ذروة الحرب عن تقديم شكوى ضد شركة "ستارلينك" التابعة لإيلون ماسك، بدعوى "نشاط غير قانوني داخل الأراضي السيادية الإيرانية".
وحتى يناير (كانون الثاني) الماضي، أظهرت التقارير أن عدد مستخدمي "ستارلينك" في إيران تجاوز 100 ألف مستخدم.
كانت منظمة "بيت الحرية" قد صنفت إيران في نهاية العام الميلادي الماضي كثالث أكثر دولة في العالم من حيث "فرض قيود على الإنترنت".
وخلال الأيام الماضية، أُعيد طرح موضوع "الإنترنت الطبقي"، أي التمييز في الوصول إلى الإنترنت بناءً على المهنة أو المنصب الاجتماعي أو جهة العمل.
وفي جلسة 22 يوليو (تموز) البرلمانية، طالب النائب سلمان إسحاقي، ممثل مدينة قائنات، بتوضيح الموقف أمام الشعب، ودعا إلى نشر أسماء الأشخاص الذين يستخدمون الإنترنت الطبقي.
أكثر من 20 ألف هجوم سيبراني
وفي سياق الإشارة إلى الأضرار التي سببها قطع الإنترنت للاقتصاد، قال وزير الاتصالات: "بهدف تعويض جزء من هذه الخسائر، سعينا إلى توفير موارد تعادل 2000 مليار تومان، ويجري الآن العمل على تخصيص هذه الموارد بالتعاون مع وزارة الاقتصاد ونائب الرئيس لشؤون العلوم والتكنولوجيا".
وأضاف أن استخدام برامج فك الحجب المجانية في السنوات الماضية "أدى إلى تلويث الشبكة الوطنية".
وفي 21 يوليو، كشف موقع "Hacker News" عن برامج تجسس تعمل على أجهزة أندرويد، من المحتمل أن تكون مرتبطة بوزارة الاستخبارات الإيرانية.
ووفقًا للتقرير، تم توزيع هذه البرمجيات التجسسية من خلال تطبيقات وهمية لخدمات "VPN" وخدمة الإنترنت الفضائي "Starlink" التابعة لشركة "سبيس إكس".
وفي جزء آخر من كلمته، كشف هاشمي عن وقوع أكثر من 20 ألف هجوم سيبراني على البلاد خلال الحرب، وقال: "تمكنا من السيطرة على معظمها".
وتابع: "جاءت هذه الهجمات بالتزامن مع التحركات الميدانية للعدو، وكان هدفها الرئيسي هو تعطيل الخدمات الإلكترونية في البلاد وعرقلة تقديم الخدمات للمواطنين".
وفي الجلسة نفسها، تساءل سلمان ذاكر، النائب عن مدينة أرومية: "هل كانت المنصات المحلية تتمتع بأمان كافٍ؟ وإذا كانت كذلك، فلماذا تعرضت البنوك لهذا القدر من الهشاشة خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا؟".
ومنذ 22 يونيو (حزيران)، وخلال فترة الحرب، واجه النظام المصرفي الإيراني اضطرابات واسعة. حيث خرجت خدمات الإنترنت البنكي والتطبيقات البنكية لبنك "سبه" عن الخدمة، وهو البنك الذي يتولى صرف رواتب الموظفين في القطاعات العسكرية.
وأعلنت مجموعة هكرية تُدعى "كنجشك درنده" (العصفور المفترس) عن تنفيذ هجوم إلكتروني على بنك "سبه".
كما تم الإبلاغ في الوقت ذاته عن اضطرابات في بنك "باساركاد"، المنسوب إلى "هيئة تنفيذ أوامر الإمام".
وتحدثت تقارير عن اختلالات كبيرة في بنك "ملی" أيضًا، لكن وسائل الإعلام الرسمية نفت ذلك.
وفي 24 يونيو (حزيران)، أعلنت مجموعة "تبندكان" السيبرانية عن اختراق بنك "ملت"، وكشفت عن معلومات تتعلق بأكثر من 32 مليون حساب مصرفي.
وفي أحدث واقعة، واجهت أجهزة نقاط البيع (أجهزة الدفع الإلكتروني) في إيران خللًا شاملاً في 19 يوليو (تموز).

ذكرت صحيفة "هم میهن" الإيرانية، نقلًا عن عائلات الضحايا، أن الشحنة التي تسببت في الانفجار بميناء رجائي جنوب إيران تعود إلى جهة عسكرية، وذلك بعد مرور ثلاثة أشهر على الحادث الذي أودى بحياة عشرات العمال.
وقال مصطفى نوري زاده، زوج حكيمه بختو- وهي إحدى العاملات اللواتي قُتلن في الانفجار- للصحيفة ذات التوجه الإصلاحي، إن الشحنة لم تكن تُدار من قبل الوسطاء الجمركيين الاعتياديين، ولا يمكن أن تكون قد نُقلت عبر شركة خاصة.
وأضاف، استنادًا إلى تحقيقات أجرتها عائلات الضحايا: "هذه الشحنة تعود إلى مؤسسة عسكرية".
وتابع: "من هنا تبدأ الأسئلة: ماذا دخل إلى الميناء؟ ولماذا كان موجودًا هناك؟ ولماذا لم يُخزن بطريقة آمنة؟"
وبحسب التقرير، فإن أيًا من المسؤولين لم يُقَل من منصبه أو يُحاسَب، كما أن الإجراءات القضائية متوقفة، وقد تم تصنيف ملفات القضية على أنها "سرية".
ورغم إعلان السلطة القضائية عن دفع تعويضات لعائلات الضحايا الـ58، قالت "هم میهن" إن بعض العائلات أفادت بعدم حصولها على أي دعم، فيما اضطر بعض العمال المصابين إلى دفع نفقات العلاج من جيوبهم.
ووفقًا لشركة "أمبري" البريطانية الخاصة بالأمن البحري، فإن الانفجار نجم، على ما يبدو، عن "سوء التعامل مع شحنة من الوقود الصلب المخصص للاستخدام في الصواريخ الباليستية الإيرانية".
ورغم مرور أشهر على الحادث، لم يصدر المسؤولون الإيرانيون أي تفسير علني مفصل حتى الآن.

رفض دبلوماسي إيراني رفيع الجهود الأوروبية الرامية إلى تفعيل إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، واصفاً إياها بأنها "لا أساس قانونيا لها"، ومؤكداً أن الاتفاق لم يعد ساريًا منذ سبع سنوات.
وقال كاظم غریب آبادي، مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية والدولية، في تصريحات لوكالة أنباء "إرنا" الرسمية من نيويورك يوم الثلاثاء 22 يوليو (تموز): "الاتفاق النووي لم يُنفذ منذ سبع سنوات، والدول الأوروبية أوقفت التزاماتها بعد انسحاب أميركا من الاتفاق... هل أوفوا هم أنفسهم بتعهداتهم بموجب الاتفاق حتى يتوقعوا الآن من إيران أن تفعل ذلك؟".
تصريحات غریب آبادي جاءت قبيل اجتماع مرتقب يوم الجمعة في إسطنبول بين مسؤولين إيرانيين وممثلي الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا، ألمانيا، المملكة المتحدة) لمناقشة التوترات الدبلوماسية الأخيرة والتصريحات الأوروبية بشأن تفعيل ما يُعرف بـ"آلية الزناد" (Snapback).
وتنص هذه الآلية على إعادة فرض العقوبات التي كانت قد رُفعت عن إيران بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)، وذلك بعد الانسحاب الأميركي الأحادي من الاتفاق عام 2018.
وقال غریب آبادي إن إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران سيجعل الوضع بشأن برنامجها النووي أكثر تعقيداً.
وأضاف: "أي تحرك لتفعيل آلية العودة التلقائية وإحياء قرارات مجلس الأمن السابقة لا يستند إلى أي أساس قانوني، ولن يؤدي إلا إلى تعقيد الوضع أكثر... المسؤولية في ذلك ستقع على عاتق الأطراف الغربية".
وبشأن اجتماع إسطنبول، قال غریب آبادي: "سنناقش الأمور الدبلوماسية وآلية العودة التلقائية. بطبيعة الحال، سنعرض مواقفنا. هدفنا هو استكشاف حلول مشتركة ممكنة لإدارة الوضع الراهن".
ووصف الجهود الأوروبية لإعادة فرض العقوبات بأنها "إجراء غير قانوني بالكامل" و"لا يستند إلى أي أساس قانوني".
وبحسب قول غریب آبادي، فإن ترتيب الاجتماع جاء بعد اتصالات من وزراء خارجية الدول الأوروبية الثلاث وممثلة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، كايا كالا، بوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي.
وفي سياق منفصل، خاطب غریب آبادي، يوم الاثنين في نيويورك، ممثلي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة خلال جلسة مغلقة، واتهم أميركا وإسرائيل بانتهاك سيادة إيران وتهديد الأمن والسلم العالميين.
وقال: "إيران تعرضت لاعتداءات من قِبل نظامين يمتلكان أسلحة نووية. ومع ذلك، فإن أميركا وحلفاءها منعوا صدور أي قرار يدين هذه الأفعال سواء في مجلس الأمن أو في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
وتابع متسائلاً: "إذا كان مجلس الأمن غير قادر على أداء مسؤولياته، فما الجهة التي تتحمل المسؤولية عن حفظ السلام والأمن الدوليين؟"
واختتم غریب آبادي مداخلته بتحذير بشأن مستقبل نظام عدم الانتشار النووي العالمي، قائلاً: "ألا يوصل هذا الصمت الخطير رسالة إلى دول مثل إيران مفادها: إن لم تكن طرفًا في معاهدة عدم الانتشار، فلن تُحاسب، بل قد تحظى أيضاً بالحصانة وامتيازات؟".
يُذكر أن الاتفاق النووي الموقع عام 2015 منح إيران تخفيفًا في العقوبات مقابل فرض قيود على برنامجها النووي. إلا أن انسحاب أميركا منه في عهد الرئيس دونالد ترامب عام 2018 أدى إلى تفككه تدريجياً، حيث بدأت إيران بالتراجع عن التزاماتها، في وقت فشلت فيه الأطراف الأوروبية في تقديم المنافع الاقتصادية الموعودة.

نشر موقع "هرانا" الحقوقي تقريرًا استنادًا إلى تحقيقاته الخاصة، أفاد فيه بأن هناك حاليًا ما لا يقل عن 56 سجينًا في السجون الإيرانية يواجهون حكم الإعدام بتهم سياسية أو أمنية. وتناول هذا التقرير أسماء هؤلاء السجناء، وأماكن احتجازهم، والتهم الموجهة إليهم، ووضعهم القانوني.
وجاء في تقرير "هرانا"، الصادر الاثنين 21 يوليو (تموز)، أن معظم هذه الأحكام صدرت عن محاكم الثورة في طهران، وأن الفرع 15 برئاسة أبو القاسم صلواتي، والفرع 26 برئاسة إيمان أفشاري، والفرع 28 برئاسة محمد رضا عموزاد، لعبت دورًا بارزًا في إصدار هذه الأحكام.
كما صدرت أيضًا أحكام إعدام متعددة بحق سجناء سياسيين وأمنيين في مدن أرومية، ومشهد، والأهواز، ورشت، وزاهدان، وماهشهر، وتُعد هذه الفروع من بين الجهات القضائية التي أصدرت أكثر من حكم إعدام بحق سجناء سياسيين.
التهم الرئيسية الموجهة إلى العديد من هؤلاء السجناء كانت "البغي" و"الحرابة"، وبعضهم أُعيدت محاكمته بعد نقض الحكم في المحكمة العليا، وصدر بحقهم مرة أخرى حكم الإعدام من قبل فروع موازية لمحاكم الثورة.
وأكدت "هرانا"- استنادًا إلى أقوال محامي بعض هؤلاء السجناء- أن العديد منهم حُرموا من الحق في محاكمة عادلة، ولم يُمنحوا حق الوصول إلى محامٍ مستقل، وكانت الإجراءات القضائية بحقهم تفتقر إلى الشفافية.
من بين 56 سجينًا سياسيًا محكومًا بالإعدام، تحتجز وریشه مرادی وبخشان عزیزي في سجن قرتشك ورامین، ويُحتجز ستة آخرون، وهم: أكبر دانشوركار، وسید محمد تقوي سنكدهی، وبابك علي بور، وبویا قبادي بیستونی، ووحید بني عامریان، وأمیر حسین مقصودلو (أمير تتلو) في سجن طهران الكبرى.
وفي سجن "قزل حصار" كرج يُحتجز ما لا يقل عن 14 سجينًا سياسيًا محكومين بالإعدام، وهم: سید أبو الحسن منتظر، وعیدو شه بخش، وعبد الغني شه بخش، وعبد الرحيم وقنبرزهی كركیج، وسليمان شه بخش، ومیلاد آرمون، وعلي رضا کفایی، وأمیر محمد خوش إقبال، ونوید نجاران، وحسین نعمتی، وعلي رضا برمرز بور ناک، وبهروز إحسانی، ومهدي حسني، وسامان محمدي خیاره.
أما حاتم أوزدمیر، ومحراب عبد الله زاده، ورزكار بیك زاده بابا میری، وبجمان سلطاني، وعلي قاسمي، وكاوه صالحي، وتيفور سليمي بابامیری، فهم في سجن "أرومية"، ويوسف أحمدي يُحتجز في سجن "سنندج".
وفي سجن "زاهدان" يُحتجز فرشيد حسن زهی، ومحمد زين الديني، وأدهم نارويي، وفي سجن وكيل آباد مشهد يُحتجز محمد جواد وفايي ثاني، وعيسى عيد محمدي، ومحمد مهدي سليماني.
أما عباس دريس وعلي عبيداوي، فيُحتجزان في سجن "ماهشهر"، وعلي مجدم، ومحمد رضا مقدم، ومعين خنفري، وعدنان غبيشاوي يُحتجزون في سجن "سبيدار" الأهواز، بينما يُحتجز سالم موسوي، ومالك داورشناس (موسوي)، وحبيب دريس، ومسعود جامعي، وعلي رضا مرداسي، وفرشاد اعتمادي فر في سجن شيبان الأهواز.
وفي سجن لاكان رشت، يُحتجز ثلاثة سجناء سياسيين، وهم: منوجهر فلاح، وبيمان فرحآور، وشريفة محمدي.
وكتبت "هرانا" في تقريرها أن أحمد رضا جلالي، وأمير رحيم بور، وروزبه وادي، وشاهين بسامي، وأفشين قرباني ميشائي يُحتجزون في أماكن اعتقال غير معلومة.
وكانت "إيران إنترناشيونال" قد أفادت سابقًا، في مطلع يوليو (تموز)، أن أحمد رضا جلالي، الطبيب والباحث الإيراني-السويدي المحكوم بالإعدام، لم يكن له أي تواصل مع عائلته.
وأشارت "هرانا" إلى أن الوضع العام لعقوبة الإعدام في إيران يُعدّ أزمة، وذكرت أنه خلال عام 2024 تم إعدام ما لا يقل عن 930 شخصًا في إيران، ما يمثل زيادة بنسبة 25 بالمائة مقارنة بالعام السابق.
وحذّرت "هرانا" في نهاية تقريرها من الأبعاد الواسعة لانتهاكات حقوق الإنسان والاستغلال السياسي لعقوبة الإعدام، ودعت إلى وقف فوري لأحكام الإعدام، لا سيما في القضايا السياسية.
وأكدت "هرانا": "من الضروري أن يقوم المجتمع الدولي، والمنظمات الحقوقية، والرأي العام، بمتابعة هذه القضايا بشكل نشط والضغط على الحكومة الإيرانية لمنع تنفيذ هذه الأحكام الجائرة".
وقد أثار تزايد إصدار وتأييد وتنفيذ أحكام الإعدام بحق السجناء خلال هذه الفترة احتجاجات واسعة داخل إيران وخارجها.