"واشنطن تايمز": حرائق وانفجارات مشبوهة تهز إيران

في أعقاب الهدنة التي أُعلنت بين إيران وإسرائيل، استهدفت موجة من الانفجارات المشبوهة والحرائق غير المبررة مناطق متعددة في إيران.

في أعقاب الهدنة التي أُعلنت بين إيران وإسرائيل، استهدفت موجة من الانفجارات المشبوهة والحرائق غير المبررة مناطق متعددة في إيران.
ووفقًا لتقرير صحيفة "واشنطن تايمز"، فإن السلطات الإيرانية تحاول تفسير هذه الحوادث بأنها ناجمة عن تسرب غاز أو أخطاء فنية، في حين لا تستبعد مصادر أمنية ومحللون احتمال أن تكون عمليات تخريب متعمّدة، وربما بمشاركة إسرائيل.
ومنذ بداية يوليو (تموز) 2025، تعرضت أربعة مجمعات سكنية على الأقل في مدن مختلفة من إيران لانفجارات. وقد أعلنت الحكومة أن جميع هذه الحوادث ناجمة عن تسربات غاز، على الرغم من أن بعض هذه المباني- بما فيها مجمع تابع للهيئة القضائية للقوات المسلحة في طهران– لم تكن متصلة أصلًا بشبكة الغاز.
في مدينة قم، أدى انفجار في الطابق الأول بأحد المباني إلى إصابة سبعة أشخاص. وقد أثار عنف الانفجار وحجم الدمار شكوكًا كبيرة حول التفسير الرسمي، حيث يعتقد بعض الخبراء أن كمية الغاز اللازمة لانفجار بهذه القوة كانت كافية لقتل جميع السكان.
وفي يوليو 2025، انتشرت صور دخان كثيف في مطار مشهد، وزعمت السلطات أن الأمر ناتج عن "حرق مسيطر عليه للأعشاب الجافة". غير أن سكان مشهد أبلغوا لاحقًا عن حرائق مشبوهة أخرى في الأيام التالية.
وبعد أربعة أيام، اندلع حريق كبير في مصفاة عبادان أدى إلى مقتل عامل. وقد تم إعلان أن السبب هو "تسرّب من مضخة كانت تخضع للصيانة".
ورغم التفسيرات الرسمية، تفاعل الرأي العام الإيراني مع هذه الروايات بسخرية وتشكك. وتداول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي صورًا أنشئت بواسطة الذكاء الاصطناعي لرئيس الوزراء الإسرائيلي وهو يرتدي زي موظفي شركة الغاز الإيرانية.
وقد نشر حساب الموساد بالفارسية على منصة "إكس" نشر في 12 يوليو 2025: "انفجار تلو انفجار. لا بد من التحقيق في ما يجري هناك. العديد من هذه الأحداث (العارضة) تبدو متكررة بشكل مريب".
صحيفة "نيويورك تايمز" نقلت عن ثلاثة مسؤولين إيرانيين– لم تُكشف أسماؤهم– قولهم إن جزءًا على الأقل من هذه الحوادث لم يكن عرضيًا أو طبيعيًا. كما نقلت الصحيفة عن مسؤول أوروبي مجهول الهوية اعتقاده بأن إسرائيل ضالعة في هذه الانفجارات.
ورغم أن أياً من هذه المصادر لم يقدم دليلًا مباشرًا، فإن إسرائيل أيضًا لم تعلن رسميًا مسؤوليتها عن هذه الحوادث حتى الآن.
وعلى خلفية هذه الأحداث، أطلقت إيران حملة أمنية موسّعة ضد من يُشتبه في تجسسهم لصالح إسرائيل. وبحسب وسائل الإعلام الرسمية، تم حتى الآن اعتقال أكثر من 700 شخص، وأُعدم ما لا يقل عن ستة بتهمة التعاون مع الموساد.
ومع ذلك، امتنعت طهران رسميًا عن اتهام إسرائيل بالوقوف خلف هذه الحوادث، لأن مثل هذا الاتهام قد يُعتبر خرقًا للهدنة ويؤدي إلى استئناف الحرب.
وقال جاناتان سايه، المحلل الإيراني في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات"، في مقابلة مع "واشنطن تايمز": "النظام الإيراني في مأزق مزدوج الخسارة. إن كانت هذه الانفجارات من عمل إسرائيل، فهو عاجز عن وقفها. وإن لم تكن كذلك، فذلك يعني أن البنية التحتية في البلاد متداعية وخطيرة لدرجة أنها تنفجر من تلقاء نفسها".
وأضاف أن هذا الوضع يعمّق أجواء الريبة داخل الحرس الثوري.. "الجميع يشك في الجميع. ربما تكون بعض الحوادث بالفعل ناجمة عن تسرب غاز، لكن إسرائيل لديها دافع واضح لمواصلة هذه الحرب غير المعلنة".
ومؤخرا صرح ديفيد برنياع، رئيس جهاز الموساد: "نحن ملتزمون بمواصلة عملياتنا الحاسمة لمواجهة التهديدات الإيرانية واستغلال كل الفرص الاستراتيجية المتاحة".
ورغم أن المسؤولين الإيرانيين يصفون هذه الانفجارات بأنها "طبيعية"، فإن احتمالية استمرار حرب الظل الاستخباراتية بين طهران وتل أبيب بعد الهدنة تزداد ترجيحًا يومًا بعد يوم.

في أعقاب تعطيل الدوائر الحكومية لإدارة أزمة المياه، وصف المواطنون من مختلف أنحاء إيران هذه الخطوة بأنها "غير مجدية، واستعراضية وخطيرة".
وتظهر الروايات المرسلة تصاعد الضغوط، وانقطاع واسع للمياه والكهرباء، واستياء من طريقة إدارة الأزمة من قبل النظام الإيراني.
كانت "إيران إنترناشيونال" قد طرحت يوم الأربعاء 23 يوليو (تموز)، سؤالًا للمواطنين: "برأيكم، هل كان التعطيل الشامل فعّالًا في إدارة أزمة المياه؟".
أجاب قسم كبير من المتابعين بأن تعطيل الإدارات لم يكن له أي أثر أو كان حتى ضارًا.
كتب أحد المواطنين: "لا، لم يكن له أي تأثير على الإطلاق". وأضاف آخر: "هذه الخطوة خاطئة جدًا".
وكتب متابع آخر: "أزمة مياه طهران أعمق من أن تُحل بيوم عطلة". وأكد مواطن آخر: "مسح المسألة لا يعني حلّها".
كما أرسل أحد المواطنين رسالة صوتية إلى "إيران إنترناشيونال" قال فيها: "لقد أُطلق السهم من القوس، وإيران على وشك السقوط. هذا النظام لا يمكنه فعل شيء لأزمة المياه والكهرباء".
واعتبر بعض المواطنين أن التعطيل الشامل مجرد خطوة "استعراضية" لخداع الرأي العام.
كتب أحد المتابعين: "كل هذه العطلات مؤامرة"، وقال آخر: "التعطيل ليس لإدارة المياه، بل للسيطرة على الشوارع".
وكتب مواطن آخر: "الحكومة تعطل حتى لا يخرج الناس إلى الشوارع ويذهبوا في رحلات". وأكد أحد المتابعين: "كل هذا لا فائدة منه، لن يُحل شيء، والمعاناة تبقى فقط للمواطن".
إغلاق 23 محافظة بسبب أزمة الطاقة
وأشار بعض المواطنين إلى التمييز في انقطاع المياه والكهرباء. وكتب شخص قال إنه يعيش في حي تابع للحرس الثوري غرب طهران: "حتى الآن لم تُقطع المياه ولو لمرة واحدة. دون مبالغة، لم تُقطع حتى مرة. الكهرباء تُقطع مرة في الأسبوع فقط، ولمدة ساعتين فقط. لا نعلم إن كان علينا أن نفرح بالامتياز أو نشعر بالذنب من انعدام العدالة".
في المقابل، تحدث عشرات الأشخاص من مناطق مختلفة مثل طهران، مشهد، عسلويه وبوشهر عن انقطاعات متكررة للمياه والكهرباء. وكتب أحد المواطنين: "في مشهد، قبل العطلات لم تكن المياه تُقطع، أما الآن فتُقطع عدة مرات يوميًا".
وانتقد بعض المواطنين الضغط الناتج عن تدفق مفاجئ للمسافرين إلى مناطق أخرى من البلاد.
كتب أحد المواطنين: "العطلة وغزو المسافرين دمّرتنا نحن سكان الشمال". وقال آخر: "أهل طهران يهاجمون الشمال، وهناك أيضًا تنقطع الكهرباء والمياه".
وأشارت رسائل كثيرة إلى الغضب الشعبي وانهيار الثقة بالنظام. كتب أحد المواطنين: "النظام لم يعد لديه أي ورقة لتحركها، وهذه تحركات شخص يغرق في مستنقع. يقترب من نهاية الشطرنج والمهزلة النهائية".
وكتب آخر: "هذه العطلات لا تأثير لها، كلها مسرحية. وهذه العطلة ليست لنا نحن العمال والفلاحين، بل للموظفين وأصحاب الرواتب. المنزل مهدوم من الأساس".
البعض كتب من منطلق يائس تمامًا، إذ كتب أحدهم: "أرجوكم، أنقذونا، لقد تعبنا. انهارنا. افعلوا أي شيء كي يرحلوا بأي ثمن". وكتب آخر: "الناس لم يعد لديهم أعصاب، وقد بلغوا حد الانفجار".
ويرى الكثير من المواطنين أن أزمة المياه تعود إلى فشل النظام الإيراني بشكل منهجي. كتب أحد المواطنين: "منذ 46 سنة، ونحن في قرية غنية بالمياه في أستارا، يُعطوننا مياه صرف صحي من الآبار. لهذا نضطر لجلب مياه الشرب من العيون. وكلما شكونا، لا يستجيبون. في نهاية هذا النظام لم نعد ننتظر شيئًا، لأننا لم نر منهم أي استجابة".
وكتب آخر: "هذه العطلات لا فائدة منها. إيران دولة غنية جدًا، ولا أحد يعلم ماذا يفعلون بالماء والكهرباء".
بينما يحاول النظام الإيراني السيطرة على الأزمة عبر إجراءات مؤقتة كالعطلات الشاملة، تشير ردود الناس إلى أن هذه السياسات لم تفشل فقط، بل زادت من الغضب واليأس وانعدام الثقة العامة.
وتُظهر روايات المواطنين أن أزمة المياه والكهرباء هي مجرد جزء صغير من أزمة الثقة العميقة بالنظام، الذي لم يعد قادرا على تلبية أبسط احتياجات الناس، ولجأ فقط إلى أدوات مثل التعطيل، الخداع، والقمع.

أعلنت منظمة الفضاء الإيرانية عن إجراء اختبار شبه مداري لصاروخ حامل الأقمار الصناعية "قاصد"، وحددت هدفه بتقييم بعض التقنيات الجديدة التي يتم تطويرها في صناعة الفضاء.
حاول فريق التحقق في "إيران إنترناشيونال" في هذا التقرير الإجابة على بعض الأسئلة حول أبعاد هذا الإطلاق شبه المداري.
وكان إجراء مثل هذا الاختبار في الأيام التالية للحرب التي استمرت 12 يومًا بين إسرائيل وإيران، وقبل بدء جولة جديدة من المحادثات بين طهران والغرب، زاد من أهمية الأبعاد الفنية والسياسية والعسكرية والأمنية لهذا الاختبار.
أعلن إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية في النظام الإيراني، يوم 21 يوليو (تموز) أن المفاوضات النووية مع الدول الثلاث بريطانيا وفرنسا وألمانيا ستُستأنف يوم الجمعة 25 يوليو (تموز) في إسطنبول على مستوى نواب وزراء الخارجية.
نشرت منظمة الفضاء الإيرانية خبر اختبار صاروخ "قاصد" شبه المداري، بينما نعلم أن هذه المنظمة تعتمد حتى الآن على أنظمة وزارة الدفاع لإجراء عمليات الإطلاق التجريبية والمدارية.
صاروخ "قاصد"، الذي أُطلق إلى الفضاء في الذكرى السنوية لتأسيس الحرس الثوري في 22 أبريل (نيسان) 2020، هو من إنتاج القوة الجوفضائية للحرس الثوري، التي بدأت أنشطتها الفضائية بشكل مستقل منذ عام 2016.
يُعد "قاصد" أول صاروخ حامل أقمار صناعية إيراني يُطلق من خارج قاعدة الإمام الخميني الفضائية.
صُمم هذا الصاروخ الحامل للأقمار الصناعية ليتم إطلاقه من منصات متحركة، وهي خاصية تجعله بارزًا من الناحية العسكرية، لأنها تتيح الإطلاق من مواقع غير ثابتة ومموهة.
لم يُعلن عن موقع هذا الإطلاق، لكن القوة الجوفضائية للحرس الثوري عادةً ما تجري عمليات إطلاقها من قاعدة في جنوب شرق شاهرود، وهي منطقة تم الإبلاغ عن استهدافها خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا.
كما تجري وزارة الدفاع عمليات الإطلاق المتعلقة بمنظمة الفضاء الإيرانية من موقع الخميني الصاروخي بمحافظة سمنان.
ما هو الاختبار شبه المداري؟
الاختبار شبه المداري هو إطلاق يرتفع فيه صاروخ أو حامل أقمار صناعية إلى ارتفاع معين دون الوصول إلى السرعة الكافية لدخول المدار، ثم يسقط بعد فترة.
في البرامج الفضائية، يُعتبر الاختبار شبه المداري مرحلة منطقية وأقل تكلفة مقارنة بالإطلاق المداري الكامل.
تشمل الأهداف المحتملة لهذه الاختبارات اختبار محركات جديدة، خاصة محركات الوقود الصلب أو المراحل المحسنة، ودراسة سلوك الصاروخ في مراحل الطيران المختلفة (مثل فصل المراحل)، واختبار أنظمة الملاحة أو الاتصالات أو الإلكترونيات الجديدة.
وقد أفادت وكالة "أسوشيتد برس" في 26 أبريل (نيسان)، نقلاً عن شركة "أمبري" للأمن البحري، أن الانفجارات في ميناء رجائي في بندر عباس نجمت عن سوء التعامل مع شحنة من الوقود الصلب المستخدم في الصواريخ الباليستية.
ماذا نعرف عن حامل الأقمار الصناعية "قاصد"؟
حتى اليوم، تم تسجيل ثلاث عمليات إطلاق مدارية ناجحة لهذا الصاروخ الحامل، حيث وضعت أقمار "نور 1" و"نور 2" و"نور 3" في مدارات على ارتفاعات 425 و500 و450 كيلومترًا عن الأرض على التوالي.
صُمم "قاصد" بتصميم مركب ثلاثي المراحل، ويستخدم الصاروخ الباليستي "قدر" كأساس لمرحلته الأولى. استخدم النظام الإيراني النسخة "قدر إتش" (H) من هذا الصاروخ في الأيام الأخيرة من الحرب التي استمرت 12 يومًا.
المرحلة الأولى تحتوي على محرك يعمل بالوقود السائل بارتفاع حوالي 13 مترًا. أما المرحلة الثانية فتستخدم محركًا يعمل بالوقود الصلب يُعرف بـ"سلمان"، مزوّد بنظام توجيه يمكنه تعديل مسار الطيران.
أما المرحلة الثالثة فهي محرك يعمل بالوقود السائل يقوم بإدخال الحمولة النهائية إلى المدار.
ومع ذلك، فإن "قاصد" محدود للغاية من حيث قدرة الحمولة. تم الإبلاغ عن أن سعته تصل إلى حوالي 45 إلى 50 كيلوغرامًا للمدارات المنخفضة للأرض، وهو مصمم لإطلاق أقمار صناعية صغيرة.
عادةً، يجب أن تكون سعة حمولة الصواريخ المصممة لنقل رؤوس نووية بين 150 و500 كيلوغرام.
لم يتمكن النظام الإيراني حتى الآن من إرسال حزم أقمار صناعية تتجاوز 50 كيلوغرامًا إلى مدار الأرض، ولهذا السبب استفاد من صاروخ "سويوز" الروسي لوضع بعض أقماره الصناعية.
ركز تصميم "قاصد" قبل اختبار 21 يوليو (تموز) على مهام الاستطلاع والقياس والاتصالات بحمولات صغيرة، ولم يُسجل حتى الآن أي دليل على تحويله مباشرة إلى صاروخ هجومي، على الرغم من أن هذا التحويل ممكن من الناحية الفنية.
في السيناريوهات العسكرية الافتراضية، إذا تمت إزالة المرحلة الثالثة واستبدالها برأس حربي، يمكن تحويل "قاصد" إلى صاروخ باليستي بمدى يتراوح بين بضع مئات إلى ألف وخمسمائة كيلومتر، قادر على حمل رأس حربي تقليدي أو رأس نووي صغير؛ في حال توفره.
على مستوى استراتيجي أكثر، يمكن أن يكون تطوير وتكرار إطلاقات "قاصد" جزءًا من مشروع طويل الأمد لبناء أنظمة أقمار صناعية عسكرية.
يمكن للنظام الإيراني، باستخدام عشرات الأقمار الصناعية الصغيرة التي يتم إطلاقها عبر "قاصد" إلى مدارات منخفضة، إنشاء شبكة اتصالات أو استطلاع عسكرية دائمة في المدار، مما يقلل من اعتماده على الأنظمة الفضائية الأجنبية.
على الرغم من أن صاروخ "قاصد" حقق مهامًا ناجحة سابقًا، فإن إجراء اختبار شبه مداري بنفس المنصة قد يكون له أسباب فنية وعملياتية وحتى سياسية.
من الناحية الفنية، قد يكون الاختبار شبه المداري جزءًا من عملية تحديث أو تحسين أحد مكونات صاروخ "قاصد".
بالنظر إلى أن "قاصد" يجمع بين محركات الوقود السائل والصلب، فإن التغيير في إحدى هذه المراحل، مثل تحسين محرك المرحلة الثانية أو تعديل نظام التوجيه والتحكم، يتطلب إطلاقًا تجريبيًا.
في مثل هذه الحالات، يتم اختبار أداء مرحلة أو مرحلتين فقط في رحلة شبه مدارية لتقليل مخاطر الإطلاق المداري.
كانت مكونات القوة الجوفضائية للحرس الثوري، من القادة إلى ورش تصنيع قطع الصواريخ، من بين الأهداف الرئيسية للهجمات الإسرائيلية خلال الحرب التي استمرت 12 يومًا بين إسرائيل وإيران. لذا، من الناحية العملياتية واللوجستية، قد تكون أهداف هذا الإطلاق تتعلق بتقييم جاهزية أنظمة الدعم، والمنصات المتحركة، والبنية التحتية الفضائية والصاروخية المتضررة.
من الناحية السياسية والأمنية، تثير الإطلاقات المدارية عادةً حساسيات واهتمامًا دوليًا أكبر، لأن دخول جسم إلى مدار الأرض يتم تسجيله على المستوى العالمي ويثير ردود فعل دولية.
لكن اختبارات النظام الإيراني شبه المدارية تُعتبر من وجهة نظر بعض الدول، خاصة الولايات المتحدة، ذات أهمية تتجاوز الجانب الفني.
القلق الرئيسي للغرب هو أن التقنيات المستخدمة في هذه الاختبارات- خاصة الوقود الصلب، والمراحل المتعددة، والتوجيه الدقيق، والمنصات المتحركة- مماثلة تمامًا لتقنيات الصواريخ الباليستية، حتى لو كان الهدف ظاهريًا فضائيًا.
من الناحية القانونية الدولية، الاختبار شبه المداري بحد ذاته ليس مخالفًا للقوانين الدولية. لا توجد معاهدة تحظر الإطلاق شبه المداري.
لكن قرار مجلس الأمن رقم 2231 (الصادر بعد الاتفاق النووي)، "يحض" إيران على الامتناع عن تطوير صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية.
هذا التعبير ليس ملزمًا، لكن الدول الغربية، خاصة الولايات المتحدة، تعتبر أي إطلاق بتقنيات الصواريخ الباليستية- حتى لو لم يصل إلى المدار- انتهاكًا لروح القرار.
في مثل هذه الظروف، إذا أجريت هذه الاختبارات من قبل القوة الجوفضائية للحرس الثوري، فإن الحساسية السياسية ستتضاعف، لأن أي نشاط صاروخي أو فضائي لهذه المؤسسة يُعتبر جزءًا من برنامجها الصاروخي، وليس مجرد برنامج فضائي.
هل "قاصد" صاروخ عابر للقارات؟
لا، حامل الأقمار الصناعية "قاصد" ليس صاروخًا عابرًا للقارات (ICBM). صُمم هذا الصاروخ لإطلاق أقمار صناعية خفيفة إلى مدارات منخفضة للأرض، وكما ذُكر، يمكنه نقل ما يصل إلى حوالي 50 كيلوغرامًا من الحمولة إلى المدار.
مداه العملياتي، في حال تحويله إلى صاروخ عسكري، من المحتمل ألا يتجاوز ألفًا أو ألفًا وخمسمائة كيلومتر، بينما يجب أن تكون الصواريخ العابرة للقارات قادرة على قطع مسافات تزيد عن خمسة آلاف و500 كيلومتر وأن تكون قادرة على حمل حمولات تزن بضع مئات من الكيلوغرامات.

تواجه توجيهات حكومية جديدة قد تمنح مجموعات معينة امتيازات في الوصول إلى الإنترنت، ردود فعل غاضبة من الإيرانيين، الذين يرون فيها خطوة لترسيخ امتيازات لفئات مرتبطة بالنظام وتعزيز الرقابة على الجميع.
بدأت هذه الضجة بعد نشر قرار مبهم الصياغة من المجلس الأعلى للفضاء السيبراني، يدعو إلى تشكيل لجنة لحماية الأعمال التجارية على الإنترنت من "التدخلات غير القانونية أو التعسفية".
وقد فسّر العديد من الإيرانيين هذا القرار على أنه تمهيد لمنح إنترنت أسرع وأقل خضوعًا للفلاتر لمجموعات مفضّلة، خصوصًا تلك المرتبطة بالحكومة أو القطاع التجاري.
وكتب الأستاذ البارز في تكنولوجيا المعلومات علي شريفي زارجي على منصة "X": "الإنترنت الطبقي بغض النظر عن الاسم المخادع الذي يتخفى خلفه؛ هو ظلم واضح ضد الشعب الإيراني".
تأتي هذه الانتقادات على خلفية سنوات من القمع الرقمي المتصاعد؛ إذ تحتل إيران مراتب متدنية عالميًا في حرية الإنترنت، ويوجد فعليًا نظام طبقي غير معلن، حيث يتمتع المسؤولون والجهات المرتبطة بالدولة بوصول كامل إلى منصات مثل "X" (تويتر سابقًا)، وهي محظورة رسميًا على عامة الشعب.
وقال المعلّم والناشط الرقمي المعروف أمير عماد ميرمراني (المعروف باسم "جادي"): "قبول الإنترنت الطبقي يعني القبول بإنترنت أسوأ لـ"الآخرين"، يعني أنه سيأتي يوم يُقال لك: أنت تعمل في تلك الوسيلة الإعلامية؟ إذًا لا تستحق الوصول. أو كنتَ تتبنى ذلك الموقف؟ إذًا أنت مستبعَد".
"الأفعال لا الأقوال"
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الذي كان قد تعهد خلال حملته الانتخابية بتوسيع الوصول إلى الإنترنت، حاول تهدئة الغضب العام.
وكتب على منصة "X" في 16 يوليو (تموز): "الوصول إلى المعلومات الحرة حق لكل المواطنين، وليس امتيازًا لفئة محددة. الحكومة ملتزمة بتوفير إنترنت عالي الجودة، وشامل".
لكن تصريحه- الذي نُشر عبر اتصال غير خاضع للفلاتر كما يُفترض- قُوبل بتشكيك واسع.
وعلّق "جادي" بسخرية في منشور آخر: "الرئيس ومتحدثه الرسمي يستخدمان "إكس" المفتوح للمسؤولين كي يقولوا إنهم ضد الإنترنت الطبقي".
أما الأستاذة الجامعية شيوه آرشته فكانت أكثر وضوحًا: "لا يمكنك أن تعارض الامتيازات، ثم توقّع على قرار يمنح امتيازات لفئات معينة. هناك فجوة بين أقوالك وأفعالك".
الجهة التي أصدرت هذا القرار المثير للجدل، المجلس الأعلى للفضاء السيبراني، يترأسه شكليًا الرئيس، لكن السيطرة الفعلية فيه بيد شخصيات يُعيّنها المرشد الإيراني علي خامنئي، ومسؤولين من مؤسسات محافظة، بما في ذلك الحرس الثوري ومنظمة الدعاية الإسلامية.
وبالتالي، فإن تأثير الرئيس وحكومته في رسم سياسات الإنترنت محدود، رغم أنه يرأس المجلس اسميًا.
المخاطر على الأعمال والمجتمع المدني
رواد أعمال ومعلمون يحذّرون من تداعيات أعمق. فقد قال رجل الأعمال علي رضا قنادان: "بقاء أي مشروع تجاري يعتمد على الوصول إلى الزبائن، وجزء كبير من أنشطتنا التسويقية وحركة المرور تتم على منصات خاضعة للفلاتر أو المحظورة".
ويؤكد نشطاء المجتمع المدني وخبراء التكنولوجيا أن البنية التحتية للتمييز في الوصول موجودة بالفعل.
فخلال انقطاعات الإنترنت التي فرضتها الدولة في مرات سابقة، تمكّنت الوكالات الحكومية ووسائل الإعلام الرسمية والمستخدمون المرتبطون بها من الحفاظ على وصولهم إلى منصات مثل "واتساب" و"إنستغرام" و"غوغل"، بينما انقطع الاتصال بالكامل عن عامة السكان.

شهدت إيران موجةً من انقطاعات الكهرباء الواسعة تسببت في اضطرابات شديدة في الحياة اليومية والأنشطة الاقتصادية، ما أثار إحباطًا شديدًا لدى المواطنين وأدى إلى شلل في الأعمال التجارية، وفقًا لمقاطع الفيديو والرسائل الصوتية التي وصلت إلى "إيران إنترناشيونال".
وفي تعبير غاضب عن الاحتجاج، أقدم مزارع دواجن على إلقاء دجاجٍ نافق أمام مركز إدارة توزيع الكهرباء في محافظة كهكيلويه وبوير أحمد، محمّلًا انقطاع التيار الكهربائي مسؤولية موت الدواجن.
وقال المزارع: "منذ هذا الصباح، لا توجد كهرباء. على الأقل أعلمونا مسبقًا كي نستخدم المولدات".
كما نشر خبّاز مقطع فيديو يظهر فيه عجين خبزٍ فاسد، موضحًا أن ثلاث حالات انقطاع للكهرباء في يومٍ واحد تسببت في تلف العجين، ما اضطره إلى التخلص منه بالكامل.
وشارك عامل بناء تسجيلًا يُظهر أكياس الإسمنت معلقة في الهواء على رافعة متوقفة، مشيرًا إلى أن انقطاع الكهرباء أوقف عملهم تمامًا.
وقال في الفيديو: "لم يمضِ على بدئنا أكثر من ساعة، وها نحن عاجزون عن المتابعة. لا يمكننا الوصول إلى الإسمنت، وتوقفت العملية بالكامل، ليس لنا فقط، بل للآخرين أيضًا".
لقد أرهقت العقوبات، وتقادم المنظومة، وسوء إدارتها، البنية التحتية للطاقة في إيران، حيث تواجه البلاد منذ سنوات انقطاعات كهربائية، لا سيما في أشهر الصيف التي يشهد فيها الطلب على الماء والكهرباء ارتفاعًا حادًا.
إلا أن الوضع يبدو قد ازداد سوءًا بعد الحرب التي دامت 12 يومًا مع إسرائيل، حيث أفاد الإيرانيون بزيادة تواتر وشدة انقطاع الكهرباء.
وتعاني المصانع والخدمات أيضًا؛ فقد ظهر أحد العمال في تسجيل وهو يقف أمام خط إنتاج متوقف قائلًا: "لا يمكننا القيام بأي شيء، لا توجد كهرباء".
وفي تسجيل آخر، ظهر متجر في سوق تبريز يعمل بمولد كهربائي خلال أحد الانقطاعات.
لم تؤثر الانقطاعات على الأعمال فحسب، بل طالت الحياة الاجتماعية والمنزلية أيضًا.
فقد صوّرت طالبة نفسها وهي تستخدم غلاية مياه تُسخَّن على موقد غاز لكيّ وشاحها، قائلةً: "لا توجد كهرباء، لكن طالما لدينا غاز، فنحن نبتكر طرقًا للتدبّر".
وأضافت بأسى: "إنه عام 2025، بينما تتمتع معظم الدول بكهرباء مستقرة، أستخدم غلايةً حرارية لكيّ وشاحي قبل الذهاب إلى الجامعة".
وفي تسجيل من مدينة الأهواز، وقف رجل في حرارة بلغت 122 درجة فهرنهايت (أي نحو 50 درجة مئوية)، يشتكي من انقطاع الكهرباء، ثم فتح صنبور ماء ليُظهر عدم وجود مياه جارية.
وحذر عضو في لجنة سوق الكهرباء وتبادل الطاقة في إيران من أن البلاد ستواجه انقطاعات كهرباء منظمة لمدة أربع سنوات أخرى على الأقل إذا استمرت الاتجاهات الحالية في العرض والطلب.
وقال علي شاه محمدي لصحيفة "شرق" في يونيو (حزيران): "القدرة الاسمية الإجمالية لشبكة الكهرباء الوطنية تبلغ 94,500 ميغاواط، لكن الإنتاج الفعلي لا يتجاوز 63,400 ميغاواط".
وأضاف: "على مدى السنوات الخمس الماضية، نما الطلب على الكهرباء بنسبة 5.5%، بينما لم تزد القدرة الإنتاجية سوى بنسبة 2.2% حتى عام 2024، وهو رقم يُبرز خطورة الأزمة".
حتى التنقّل اليومي من وإلى المنازل أو أماكن العمل المتأثرة لم يعد يمثل ملاذًا من الانقطاعات، إذ أظهر فيديو من مدينة مشهد ازدحامًا مروريًا كثيفًا ناجمًا عن تعطّل إشارات المرور الكهربائية.

أعادت الزيارة الأخيرة لعلي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني، إلى روسيا ولقائه بالرئيس فلاديمير بوتين، تسليط الضوء على دوره الخفي في الجهاز الأمني والسياسة الخارجية للنظام الإيراني.
إسماعيل بقائي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، وصف يوم الاثنين 21 يوليو (تموز) لاريجاني بأنه المبعوث الخاص لرئيس الجمهورية، وحامل رسالة ومواقف إيران الاستراتيجية إلى بوتين.
وردًا على انتقادات بعض التيارات السياسية، قال بقائي إن زيارة لاريجاني إلى موسكو كانت إجراءً معتادًا، وإن وزارة الخارجية كانت على علم بها.
كانت صحيفة" التايمز" قد وصفت لاريجاني في يناير (كانون الثاني) الماضي بأنه "ممثل علي خامنئي"، وأفادت بأنه في الأشهر الأخيرة (قبل يناير)، سافر عدة مرات إلى روسيا في رحلات سرّية.
ويُظهر تتبّع مواقف وتحركات لاريجاني في الأشهر الماضية أنه، رغم رفض مجلس صيانة الدستور ترشحه مرتين للرئاسة منذ عام 2021، يسعى بهدوء لترسيخ دور جديد لنفسه داخل هيكل السلطة.
ويبدو أن إقصاء أبرز الوجوه العسكرية للنظام الإيراني، الذين كانوا يتمتعون بحضور واسع في الإعلام، أسهم أيضًا في بروز الحضور السياسي المتزايد للاريجاني.
وفي 17 يوليو (تموز)، شارك لاريجاني في هيئة دينية في خطوة نادرة وبمظهر مختلف عن المعتاد، وأعلن أنه "لا عجلة في التفاوض"، وأن "التفاوض مجرد تكتيك" يجب أن يتم بناءً على قرار المرشد الإيراني.
وفي مناسبات عدة مؤخرًا، دافع لاريجاني عن قدرات "قوى المقاومة في المنطقة"، وشنّ هجمات لفظية على أميركا وإسرائيل والأمم المتحدة.
وفي 29 يونيو (حزيران)، قال لاريجاني إن إسرائيل كانت تعتزم في بداية الحرب مهاجمة جلسة المجلس الأعلى للأمن القومي.
كما تحدث عن تلقيه رسالة تهديد واحتمال التفاوض مع دونالد ترامب، لكنه شدد على أنه بعد الحرب "لم يعد هناك أي ثقة بأميركا".
وخلال الحرب التي استمرت 12 يومًا بين إسرائيل وإيران، اتخذ لاريجاني مواقف حادة ضد أميركا وإسرائيل والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأكد مرارًا أن رافائيل غروسي، المدير العام للوكالة، يجب أن يُحاسب.
وفي الأسابيع الأخيرة، أطلق لاريجاني مرارًا تهديدات بالانتقام والمواجهة مع أميركا وإسرائيل خلال تصريحاته الإعلامية.
وقبل اندلاع الحرب، كان حضور لاريجاني في الساحة الرسمية والعامة محدودًا نسبيًا.
ففي 13 مايو (أيار)، وأثناء مفاوضات إيران مع أميركا، قال إن إيران ليست القضية الوحيدة التي تشغل الغرب، وإن الضغوط تزداد بسبب قضايا إقليمية مثل الصين وفلسطين.
وأضاف أن الغربيين يستغلّون الوضع الاقتصادي في إيران لتقويض "رأس المال الاجتماعي" ويسعون إلى "تصفية حسابات" سياسية.
ويُعد لاريجاني أحد أبرز الشخصيات الرسمية في النظام الإيراني التي حذّرت علنًا في أبريل (نيسان) الماضي من أن إيران قد تتجه لصنع قنبلة نووية إذا هاجمت أميركا أو إسرائيل منشآتها النووية.
وجاءت هذه التصريحات بعد أن أفادت صحيفة "شرق" بأن لاريجاني كان أحد ثلاثة مرشحين من مكتب المرشد لقيادة مفاوضات مباشرة مع أميركا. وهو تقرير قوبل لاحقًا بردّ فعل من مراكز النفوذ في إيران، ما اضطر صحيفة "شرق" إلى نشر اعتذار رسمي.
كما نشرت صحيفة "فرهيختكان" تقريرًا أفاد بأن لاريجاني بدأ عودته إلى الساحة السياسية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي من خلال زيارة إلى بيروت، نقل فيها رسالة من المرشد الإيراني، ومنذ ذلك الحين أصبح حضوره في المحافل الرسمية واللقاءات الدبلوماسية أكثر بروزًا.